رواية ” أنت مكافأتي”
********ينظر لهما وعيناه تفيض عشقًا وحنان..!
وقلبه يخفق فرخًا.. وأذنيه تُطرب بصوت ضحكاتهما وهو يملأ الهواء حوله وبيسان تدفع البالونات الملونة تجاه “وعد” بطفولة أسرته، وابتسم وهو يراهما يترنحان على متن قارب كبير يسبح في البحر ويتعرج على وجهها المائي..!
تذكر معاذ كيف نظم هاتفيًا مع أحد أصدقائه هنا لتلك الرحلة والذي تولى هو ترتيب كل شيء من حجز غرف الفندق، والاتفاق مع أحد المسؤولين عن تلك القوارب .. وتم تجهيز هذا القارب وتزينه بالورود والبالونات المبهجة التي ستعشقها ” وعد” كما أوصي بتجهيز كعكة صغيرة مزينة بصورتها وأربع شمعات حتي يكتمل الأحتفال بمولد الصغيرة “وعد”!
منذ أن علم بقرب عيد ميلادها، وإفصاح بيسان قبلًا عن رغبتها بقضاء عطلة بإحدى المصايف
وهو لم يتباطأ بتحقيق امنيتها، كما أراد أن يكون الأحتفال، ذكرى غنية بالمفاجأت للصغيرة. وتكون صفحة مميزة بصفحات ذكرياتها التي يتعهد أن تكون جميلة..!
بوغت أثناء شروده بفعل أذهله، عندما قفزت إليه “وعد” ليتلقفها بذراعيه سريعًا، وهي تهتف ببراءة:
_ أنا فرحانة قد البحر كله.. شكرا يا بابا..!
ارتعش قلبه وترقرقت عيناه غير مصدق مناداة الصغيرة له بذاك اللقب الذي أشتهى سماعه منها، وتمنى أن ينبع من قلبها يومًا فتقوله بإرادة كاملة!!
وليتأكد من ظن داهمه، مال على أذن بيسان موشوشًا: أنتي اللي قولتلها تقول بابا؟؟؟؟
فهزت رأيها بالنفي هاتفة بصوتٍ باكي:
لا والله ياحبيبي.. أنت رفضت أني اطلب منها تقولك كده وإنك عايزها تيجي منها يوم ما تحسها..
“وعد” قالتها من قلبها يا معاذ! هو ده إحساسها بيك ياحبيبي .. الطفل قلبه النقي بيقدر يستشعر الحب الصادق والأهتمام اللي من القلب.. وأنت عرفت توصل لقلبها الصغير، قالتهالك عشان حست إنك بتعمل اللي كان بابا الله يرحمه هيعمله لو كان عايش! صدقني حبيبي أنت تستاهل كل حاجة حلوة وجميلة في الدنيا..!
عاد ينظر لصغيرته ولا يصدق أنه يحيا هذا الشعور!!
ولم يكن يدري أن لتلك الكلمة ذاك المذاق الساحر على نفسه!! “بابا” ..أحقًا صار هناك من ينادية ويخاطبه بتلك الكلمة التي حرم منها بقضاء من الله!!
شدد باحتضان الصغيرة، وداخله يشكر ويحمد الله على تعويضه الكبير!!
الآن فقط أكتملت مكافأة الله لمعاذ.. لقد حظى أخيرًا ببنوة تلك الطفلة التي اعتبرته أبيها دون أن يوجهها أحد..!! وهو لن يخذلها يومًا .. سيكون لها خير أبٍ تستحقه!!!
…………… .…………… .
أنتهت رحلتهم بالقارب وعادوا للشاطيء ثم توجه بهما معاذ إلى شالية صغير أستأجره مسبقًا.. لينالو بعض الراحة قبل أن يكمل لهما مفاجأته!!
فمازالت في جعبته ما سيبهرهما..!
………………………
مضى وقتًا قد نالوا فيه غفوة قصيرة وافاق معاذ على صوت هاتفه.. وما أن انتهت مكالمته.. حتى شرع بإيقاظ بيسان التي تحتضن وعد الغافية هي الأخرى!!
……………………………… .
شهقت وعد بدهشة وسعادة وهي تطالع أحدهم! ”
فالتفت بيسان تتبين ماتنظر له صغيرتها، فشهقت هي الأخرى وهي تطالع والدتها وشقيقتها أروى بصحبة بلال!!
هرولت إليهم بسعادة جلية.. كما أسرعت وعد تجاه بلال هاتفة : عمو بلال حبيبي ورور حبيبتي!
فالتقطها بلال وهو يستقبلها قفزتها بفعلٍ يعلم أنها تعشقه حين يدور بها في الهواء ويدغدغ رقبتها التي تجعلها تقهقه بشدة..
هاتفًا لها: وحشتيني أمزتي!!
وراح يقبلها بشوق.. فوعد بالنسبة له حقًا گ ابنته التي حملها صغيرة بعد وفاة والدتها.. وحين كانت تمرض كان يأخذها مع بيسان واروى للطبيب.. وكل عيد كان يصر أن لا يحضر كسوة عيدها سواه..!
دائمًا مايشعر أن ظروف تلك الصغيرة تشبهه!
ولدت يتيمة وحيدة مثله! يود منحها الكثير من حبه الخالص ويتعهد بينه وبين ربه أن يدعمها مابقي له من عمر! حتى وإن رزق هو وزوجته بأطفالٍ
ستظل وعد محتفظة بنفس المكانة بقلبه!
أفاق على صوت الصغيرة تهتف بسعادة :
هتلعب معايا في البحر ياعمو!!
فأجاب بمزاح: طبعا يامزتي هنلعب في البحر، بس الصبح، وانا وانتي هنضحك على خالتوا أروى ونغرقها في المية!!
فنكزته أروى هاتفة بغيظ: سامعاك يا أصيل..!
أجتمع الحميع حاول طاولة واحدة يتبادلون أحاديث شتي والضحكات تعلو والسعادة ترتسم علي محيا الجميع.. تراقبهم عين محبة ” الأم عائشة” التي كانت تطالعهم وبقلبها تكاد تبكي فرحًا من كرم لله عليها.!
أخيرًا عرفت السعادة طريق أبنتها الحبيبة بيسان، وعادت لزوجها وأصبح لديها عائلة أكتملت بوجود الصغيرة ” وعد”..لتشبع رغبتهما بمثلها..!
أما صغيرتها أروى.. فقد حظيت بزوج رائع محب حنون گ بلال! ذاك الشاب التي أصبح في معزة ابن تمنته يومًا ولهذا طلبت منه أن يدعوها أمي إن كان يشعر تجاهها بهذا الشعور.. فلم يخذلها بلال ولم يعد يناديها سوى بعذا اللقب الذي حرمته منه الحياة..!
كما جاد الله عليها بمزيد من السعادة حين علمت بحمل أروى، وما أن علمت حتى سجدت شكر لله ودعت لها بتمام حملها وأن ترزق بذرية صالحة وخلقة تامة من رب العالمين!!
**************
بعد أن تبادل بلال وأروى مع الجميع الترحيب لقدومهما ومشاركتهم بتلك الرحلة التي نظمها معاذ ليفاجيء بها زوجته بيسان ووعد!
أستأذن لوضع حقائبهم بالغرفة المخصصة له هو وزوجته!
هتف وهو يرتب معها أغراض الحقائب في أماكنها:
_ رورو عايزك عاقلة كده بلاش تنطيط! الحمل لسه في أوله.. لولا إنك زعلتي أما كنت هرفض اقتراح دكتور معاذ إننا نيجي الغردقة كنت مش هوافق تسافري وحملك ببدايته!
أجابته بدلال: ماتكبرش الموضوع يا لولي، هو كل واحده تحمل هتتحبس وتتحرم من الحركة؟
وبعدين هو أنت أصلا وافقت إلا أما صممت تشارك في نفقات الرحلة! مع إن آبيه معاذ قالك أنها هديته لينا عشان خبر الحمل!
أجابها: والله أنا ماتعودتش حد يصرف عليا.. وأكيد مش هقبل ده عليكي.. أنتي متجوزة راجل مش دكر بط!!
هتفت بمكر لأستفزازه:
ماشي يا عم الراجل.. بس يكون في علمك، أنا هلعب مع آبيه معاذ في المية!!
أومأ بلال رأسه بهدوء شديد: لا إن كان كده خدي راحتك.. واذا لقيتي شباب في الميه وحبوا يشاركوا في اللعب العبي وهيصي وماتخليش في نفسك حاجة خالص!!
وأنا عن نفسي گ كيس جوافة! هستناكي جمب الحاجة برة لحد ماتخلصي!!!
أنفجرت ضاحكة بشدة حتي أمسكت أسفل بطنها هاتفة من بين الضحكات: يخربيت جنانك يا لولي
ثم تعلقت برقبته بدلال وهي تداعب أنفه:
بموت في غيرتك عليا.. وأحب أجننك وأطلعك عن شعورك .. بحب خوفك عليا يا بلال.. ربنا مايحرمني منك ابدا ويجعلني زوجة صالحة ليك!
أحاطها برفق هاتفًا بخبث: ده أحنا بقينا أشقية أوي! فين أما كان وشك يحمر من كلمة وتتكسفي تبصي في عيني!!
أجابت: البركة فيك ياوقح!
فقال ببراءة مصطنعة:
لا ياختي أنتي واخداني مؤدب، وأنتي اللي فتحتي عنيا..! أنا كنت قطة مغمضة!!!
أنفجرت بالضحك ثانيًا هاتفة:
حرام عليك والله بطني وجعتني من الضحك.. تعالي بقى نطلع نكمل السهرة معاهم!!!
ذهب معها بعد أن أوصاها للمرة التي لا تذكر عددها، بأن تتحرك بحذر ولا تنسى وضعها الحرج بأول شهور للحمل!!
************************
علم سيف قبل مجيئه أن الفتاة التي رشحتها له والدته ..هي نفس الفتاة التي قابلها سابقًا بخطبة رقية أبنة عمه.. رغد البدينة، هكذا أطلق عليها، لا سخرية حاشى لله! ولكن هي بالفعل كانت كذلك.. إلى أن شاهدها الآن تطل عليهم بقوام أختلف كل الأختلاف وهي تحمل كاسات العصير، وتمشي بثقة راقته كثيرًا!
هتفت والدته وقد أعجبها مظهر رغد: بسم الله ما شاء الله على عروستنا الحلوة!
ابتسمت رغد بتهذيب دون التفوه بشيء، وهي تواصل توزيع كاساتها على الجميع، ومن ضمنهم كان أخيه بدر الذي أعطاها ابتسامة ودودة شاكرًا لها على ما تقدمه ،ثم جاء دور عريسها المزعوم،وما أن طالعته حتى صدمت قائلة بدهشة حقيقية : أخينا !؟ ..
ابتسم مرددا بمزاح: اقسم بالله دكتور!
شعرت بالحرج أمام الجميع المتطلع بهما، فقال سيف:
في معرفة بسيطة مسبقة، لأني قابلت الأنسة في فرح رقية بنت عمي!
فهتفت والدته: غريبة ماشوفتهاش ليه ما انا حضرت الفرح زيك!
قالت رغد بتهكم : ما أنا كنت كائن تاني حضرتك!!
فهم سيف ما تقصد، بالفعل أصبحت فتاة أخرى بعد خسارة وزنها الملحوظة لعيناه، فقاوم ابتسامته، وتعجب لسخريتها التي لا تسلم هي نفسها منها!!
_ أصلك ماتعرفيش يافاطنة دي كانت………
سمع بتلك اللحظة تدخل زوجة عمه في الحديث لتضع بصمتها الفظة، التي حتمًا ستؤذي مسامع رغد!
فقال مقاطعا باقي استرسالها بالحديث:
_طيب يا عمي ممكن حضرتك أتكلم أنا وأنسة رغد كلمتين على إنفراد؟
ولأن هذا ما كان ينتويه والدها بالفعل ليعطيهما فرصة التعارف، قال:
_ وماله يا بني حقكم.. هناخد الوالدة والاستاذ بدر ونشرب قهوة على ما تتكلموا مع بعض شوية!
………… ..
جلست على مسافة مناسبة منه، صامته، ومنتظرة مبادرته للحديث كما المعتاد، فلم يخذل ظنها هاتفًا:
كنتي تعرفي أني أنا اللي جاي؟_
فهزت رأسها نفيا: لأ .. ثم ردت سؤاله بأخر، وأنت؟
فاجأها برده: كنت عارف!
رمقته متعجبة: غريبة، افتكرت إنك لو عرفت أنه أنا ماكنتش هتمشي الخطوة دي!
سيف عاقدا حاجبيه مستفسرًا: ليه يعني؟
رغد بهدوء: معتقدش المرتين الي اتقابلنا فيهم، كان فيهم أي تفصيلة توصل لنتيجة مقابلة من النوع ده!
سيف : يمكن عندك حق.. اول مرة ما اتكلمناش أصلا ومايعتبرش تعارف، أنتي قلتي أتشرفنا يا أخينا ومشيتي، واستخسرتي فيا كلمة دكتور حتى!
أبتسمت لتلك الذكرى القصيرة، وتذكرت خجلها حين أكتشفت وجوده وسماعه ثرثرتها ومزاحها مع عائلة عمه.. فألقت جملتها سريعا وغاردتهم!
قاطع شرودها سيف مواصلًا:
والمرة التانية، زعلتك بدون قصد مني، كان هدفي انصحك والله بس الحوار مشي بشكل ما اقصدتوش خالص .. يعني أنا مدين ليكي بعتذار!
تهذيب حديثه أجبرها على التفوه قائلة:
خلاص يا دكتور سيف، كان سوء تفاهم بسيط مايستحقش اعتذارك.. أنا نسيته!
ابتسم مازحًا: أخيرًا اقتنعتي أني دكتور مش أخينا!
أبتسمت هي الأخرى هاتفة: ماهو بصراحة في حاجة نفسي اقولها من وقتها.. ممكن؟! ..
هز رأسه بمواصلة ماتريد.. فقالت بعفوية:
يعني تعبت نفسك وجبت مجموع ودخلت كلية الطب .. مش قادر تكمل جميلك وتبقى طبيب بشري بدال بيطري؟!!!
صمت لحظات يستوعب ما قالت ثم انفحر ضاحكا رغما عنه! ..فامتعضت بشفتيها هاتفة: أنا قلت نكتة!
هتف من بين ضحكاته: حاجة زي كده!
ثم هدأ ضحكه تدريجيا، مواصلا بجدية نوعا ما:
شوفي يارغد، واضح إنك بتستهيني بمهنة الطب البيطري ومش مستوعبة دورها في مجتمعك، على المستوى الإنساني والغذائي والاقتصادي حتى!
رغد بحرج حقيقي: أنا أسفة والله مش قصدي بس
صمتت لشعورها بالغباء، كيف تتفوه بهذا الهراء!
فأعفاها من الحرج متفهما:
أنا فاهمك وعارف إن مش قاصدك، ومع كدة هوضحلك اللي غايب عنك..بس عايز اذكرلك آية
هتدعم اللي هقوله .. قول سبحانه وتعالى
( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت إيدينا أنعاماً فهم لها مالكون . و ذللناها لهم فمنها ركوبهم و منها يأكلون . ولهم فيها منافع و مشارب أفلا يشكرون ) . [سورة يس: 71 ، 72 ، 73 ] .
فرددت رغد معه : صدق الله العظيم ..
فواصل سيف :
الإنسان والحيوان والغذاء كلهم في دايرة واحدة!
صحة الإنسان مش بتبتدي من الطبيب البشري زي ما كتير معتقد!.. بالعكس، بتبدأ من الطبيب البيطري اللي بيكون أول درع حماية للإنسان من الأمراض الخطيرة اللي ممكن توصل لجسمه من لحوم الحيوان ومنتاجاته الغذائية لو مافيش فحص كفاية.. يعني لو الطبيب البيطري أدى مهنته على أكمل وجه، كل حيوان أتراعى بشكل كافي لسلامته، ساعتها هيتجنب الإنسان مئات الأمراض اللي ممكن تصيبه، لأن أي مرض اساسه عذاء فاسد بدون شك!!
أما من الناحية الغذائية، فهنرجع تاني لنفس الدايرة، سلامة الحيوان تعني سلامة الغذاء وبالتالي سلامة الإنسان .. واقتصاد غذائي ناجح في أخر الأمر!
وأخر اللي عايز اوضحهولك يا رغد .. إن الإنسان يقدر يعبر عن ألمه.. إنما للأسف الحيوان مابيقدرش يعمل كده .. وده جزء تاني شديد الإنسانية بيخص الطبيب البيطري ويميزه عن غيره ، إني أحس بكائن ضعيف مايقدرش يحدد فين ألمه! .. ده بيخليني أحس فعلا بالفخر والنعمة اللي ربنا رزقني بيه!
مندهشة من براعته في تغير كل مفاهيمها الخاطئة عن الطب البيطري.. نسف بكلماته وحُجته القوية كل استيهان منها بتلك المهنة العظيمة.. حقا شعرت بعظمتها بعد حديثه الممتع لها ..وكم ازداد إعجبها بثقته بنفسه وحبه لمهنته، وتهذيبه الجم وهو يراجعها بأفكارها.. كم راقي هذا الشخص الذي أتى ليطلب الأقتران بها .. ربما تكون من المحظوظين!
قاطع صمتها سيف هاتفا: ياترى قدرت اغير فكرتك؟
انتصبت علي قدتيها فجأة ورفعت بيدها عن رأسها شيئا وهمي مردد بحماس مختلط ببعض المرح :
أرفعلك القبعة يا دكتور سيف! مش بس غيرت فكرتي أنت ابهرتني باسلوبك .. ويعيش يعيش الطب البيطري!
ضحك سيف على خفة ظلها ، وشعر بالرضا عن نفسه لتغير نظرتها لمهنته گ طبيب بيطري!
فقال لتغير مسار حديثهما ولم يفوت عن عيناه جمال ورشاقة قوامها حين وقفت أمامه تقول مزحتها: وأنا مبهور بعزيمتك في التخلص من وزنك الزائد.. تستحقي أنتي كمان رفع القبعة!
أحمر وجهها خجلًا بعد أن انتبهت أخيرًا لمسار نظرته، فتمتمت: الحمد لله .. بصراحة مش عزيمة قد ما كان خوف من المرض .. وزني سببلي مشاكل جسمانية، ولو ماكنتش خفضت وزني كان ممكن يجيلي السكر
هتف سيف بصدق: بعد الشر عليكي!
صمتت ولا تعرف لما أصابها الخجل اللعين الآن .. هل شعرت بشيء يشبه الخوف الصادق بعينيه ونبرته صوته وهو يتمنى لها السلامة؟ .. لا .. ربما تتوهم!
فأكمل حديثه : عموما مهما كانت الأسباب فأنتي نجحتي تحققي هدفك.. مش أي حد بيقدر يخفض وزنه بالصورة دي حتى لو هدد صحته المرض!
هاجمها سؤال للتو فطرحته قائلة: ممكن سؤال؟
فأجاب بثقة : عارف سؤالك!
رمقته بتعجب وطالبت عيناها باستفسارًا، ترجمته عين سيف ببساطة مردفا: سؤالك..لو كنت لقيتك لسه على وزنك الزائد كنت هطلب منك تعملي حمية غذائية ولا هتقبلك زي ما انتي؟ مش ده سؤال ولا أنا غلطان ؟
هزت رأسها مندهشة من استطاعته قرءة أفكارها!
فقال: أولا أنا جاي بالفعل وعارف جاي لمين وشكلها أيه، مجرد ماعرفت عنوانك وأسمك من أمي عرفت أنه أنتي .. يعني مبدئيا في رضا!
ثانيا لو كنت لقيتك بنفس الوزن ماكنتش هضايق بس كنت هقترح ليكي أساعدك بحمية غذائية.. وده مش لأني هكون نافر من وزنك لا سمح الله.. بس لأن ده لمصلحتك وعشانك أنتي نفسك بالدرجة الأولي!
ثم صمت متسائلا بعض برهة قصيرة: ياترى مصدقة كلامي.. ولا شايفاه مجرد مجاملة؟
منحته نظرة ثاقبة، فلم تستشعر سوى صدقه فيما قال، فهتفت بثقة وأمتنان : مصدقاك يا دكتور سيف وبشكرك على دعمك ونيتك الطيبة في المساعدة في حالة لو كنت لقيتني فعلا محتاجاها!
تصديقها له ترك أثرا طيبا داخله، واعجابه بما أصبحت عليه شكلًا عزز وقوى هذا الأثر ..
وازداد إعجابا على إعجاب، حين استمر حديثهما بضع دقائق أخرى ، استشف منها كم هي خفيفة الظل ، محتشمة بردائها، مرحه جدا وربما تثرثر كثيرا إذا واتتها الفرصة ، ولكن أحب ثرثرتها.. هي مختلفة متنوعة غير مملة على الإطلاق..شعر أن حياتهما معا لن تخلو من المشاكسات والدعبات والمفاجأت!
وبهذا الانطباع غادرهم، بعد أن أعطى إشارة رضا وراحة بعيناه لم تخطئها والدته وكذلك أخيه.. !!
فاتفقت الأم هي وأخيه بدر مع والدها على مهلة بضعة ايام للرد .. أنتطارًا لمشاورة أبنته رغد!
***********