رواية ” أنت مكافأتي”

الفصل26


_مش هتأخر عليكي يا ماما .. ساعة زمن هاخد وعد أجيبلها شوز الفرح.. وتاج لشعرها وحاجات بسيطة تاني.. مش عايزة أجيبلك حاجة معايا ؟

_ لا ياحبيبتي عايزة سلامتك ، وترجعوا بسرعة ..
………………
بالسنتر!

بيسان : خليكي واقفة هنا ياوعد ، هشوف حاجة هناك بسرعة وأجي ، أوعي تتحركي من هنا أحسن أزعل منك!
وعد بطاعة : حاضر يا مامتي!
………………

معاذ بالسنتر ويجرى مكالمة هاتفية:

سليم أنا في سنتر لقيته في طريقي وشوفت شوزات حلوة جدا للأطفال وسالوبتات تجنن لآدم.. ابعتلي ع الواتس مقاسات أخواته الكبار عشان عايز اشتري حاجات من هنا..!
سليم : ياحبيبي ماتتعبش نفسك عندهم كتير..
معاذ : مالكش دعوة أنت، ابعتلي بس اللي قلت عليه .. سلام !

مضت بضعة دقائق ومعاذ يتجول ويختار كل ما يروق له من ملابس تناسب أولاد صفا وأبن أخيه سليم، إلى أن وصل لقسم ( الأحذية ) .. فراح يدقق النظر حتى يأخذ المناسب منها ، ودون أن ينتبه تعثر بأحدٍ أمامه.. فوجدها طفلة صغيرة جدا وجميلة تنظر له من أسفل، وتعاتبه ببراءة:

_كده ياعمو كنت هتوقعني!!

جثي معاذ على ركبتيه قائلًا : أنا أسف ياحبيبتي ماشوفتكيش والله .. طب في حاجة وجعتك؟ وراح يفحصها بعيناه .. فقالت بصوت رقيق:

_لا ياعمو ماتخافش .. أنا قوية وباكل كويس عشان كده مش وقعت!

أبتسم معاذ ورفع حاجبيه بحنان :

ما شاء الله شطورة جدا.. فعلا اللي ياكل أكله كله لازم يبقى قوي، وأكيد ماما وبابا مبسوطين منك جدا .. قوليلي يا امورتي، أنتي أسمك أيه ؟

الطفلة : أسمي وعد .. وعلى فكرة ياعمو ، بابا فوق في السما ومش بيشوفني!
بس أنا باكل كويس ومش بتعب ماما.. وتيته قالتلي أنه عارف كل حاجة حلوة بعملها.. ولما بنام بيجي يبوسني في خدي من غير ما أشوفه!

أشفق عليها معاذ، تلك الملاك يتيمة الأب كما يبدو!

فقال: الله يرحمه يا وعد.. وفعلا تيتة كلامها صح .. بابا بيشوفك من غير ما تشوفيه.. وأما بتعملي أي حاحة بينبسط منك وهو في السما، بس هو مين معاكي هنا، ليه واقفة لوحدك؟

الصغيرة : ماما معايا ، بس قالتلي استناها هنا، وهي هتيجي تاخدني!

” وعد….. أنتي فين ياوعد ! ”

تصلب جسده وتوقفت أنفاسه وذاك الصوت الذي لا يمكن نسيانه يعبر بأُذنيه .. كما صاحب الصوت صورة بخياله لحبيبته بيسان!!

فانتصب واقفًا ثم أستدار ليتأكد، أنها هنا وليست حلم! أما هي فلم تكن أقل منه صدمة حين أستدار لها وتبينته بعد أن كان يقابلها ظهره فلم تعرف مع من تتحدث ابنتها..!

توقف بهما الزمن.. تلاشت معالم المكان .. لهثت الأنفاس.. وتسارعت دقات قلوبهما كأنها في سباق..!!
كلًا في محيط الأخر.. لا يصدق أنه يرى صاحبه، ونظراتهما تتبادل دون إرادة لهفةٍ مغموسة بشوق وحنين جارف!
لا يصدق أنه حقًا يراها الآن، ولم تجسدها خيالاته؟!!!

كما بدت هي مأخوذة بتلك الصدفة القدرية التي منحتها نعمة لقاؤه ثانيًا كهدية لم تتوقع أن تحصل عليها بهذا التوقيت!!

فأفاق كلًا منهما على صوت الصغيرة وهي تطالعهم ببراءة هاتفة:

_أنا هنا يا ماما .. كنت بكلم عمو!

خفض بصره تجاه الصغيرة، ولأول مرة ينتبه لأسمها ..” وعد “..!!

فقد كان في الماضي البعيد في عهد زواجهما، ينتوي إطلاق هذا الأسم لمودتهما الأولى!!

لما أسمت ابنتها بالإسم الذي تمناه هو؟!

_ يلا يا وعد .. عشان أتأخرنا على تيتة!

همت بالمغادرة فأوقفها قائلا: البقية في حياتك يا بيسان .. فهمت من وعد إن ” قاسم” أقصد والدها أتوفى!!

اتسعت عيناها بدهشة ، ثم نقلت بصرها بينه وبين صغيرتها ، ثم عادت لوجهه ترمقه بنظرات عاتبة لائمة كسابق عهدها معه، وأجابت كلمات عزائه برد أدهشه:
عن إذنك يادكتور!!

والتقطت كف الصغيرة، وذهبت لتختفي تمامًا من مجال رؤيته، وهو على نفس وقفته تتآكله الحيرة!

لما مازالت تقذفه بعتاب ولوم گما كانت؟!
لما أسمت ابنتها هي وقاسم بأسم يحبه هو!؟. ولما لم ترد تحية عزائه كما يجب!! يحوطها غموض لا يفهم سببه! .. ألم ترتوي بعد أمومتها بتلك الطفلة الجميلة؟! ..ألم تغفر له انسحابه السابق،بعد أن ذاقت هذا الإحساس الذي كانت تشتهيه بفطرتها؟!

صدح رنين هاتفه ، فأخرجه من دوامة أسئلته وحيرته التي غرق بها .. ليرد علي والدته التي تتسأل عن موعد عودته .. فأخبرها بأنه قريب وغادر هو الأخر .. ولكن لم تغادر الحيرة عقله!


_ فاضل 5 أيام علي فرح أروى، تفتكري هقدر 3 كيلو كمان؟

_ وحتى لو مالحقتيش يارغد، أنتي خسيتي 20 كيلو لحد دلوقت .. بجد برافو عليكي ، طلع عندك عزيمة من ورانا يا لئيمة !

_ عزيمة أيه بس يا حسرة .. ده أوامر الدكتور أما لقى بعد فحصي إن الكوليسترول ونسبة النقرس عاليين جدا، لدرجة رجلي مش قادرة امشي من ألمها .. وخدي التقيلة بقى.. قالي إن أنا فاضلي حاجة بسيطة ويجيلي مرض السكر .. بصراحة خوفت على نفسي، أنا لسه صغيرة ومادخلتش دنيا ولا عشت حياتي!

_ يااااه كل ده .. لا ياحبيبتي بعد الشر عنك .. كويس جدا إنك عملتي كده .. أولا عشان صحتك.. وثانيا عشان تعيشي سنك وتلبسي اللي يعجبك بدون تأيد!!

_ عندك حق يا نودي .. وعلى ذكر اللبس، هنلبس أيه في الفرح ؟!
_ندى دون أكتراث : أي حاجة!
_رغد متعجبة : أي حاجة ؟! غريبة! ده أنتي كنتي مابتصدقي تحضري فرح عشان تشخلعي نفسك سوريهات وحركات!!

ابتسمت ندى بتهكم: كنت!

سبح خيالها بذلك اليوم البعيد ، وحديث معتصم المهين واحتفاره لها ..أصبحت تكره كل رداء سهرة مهما كان محتشم .. مجرد رؤيته بواجهة المحلات المختصة، صار يذكرها بصورتها القبيحة بعيناه!

رغد بقلق : أيه يا ندى حصل أيه.. هو انا كلامي ضايقك في حاجة ؟ ..

هزت رسالة رأسها بنفي : لا مافيش حاجة ، سرحت بس شوية .. عموما بكرة نتقابل واختارلك حاجة مناسبة .. ثم واصلت بمزاح ، ماهو أخيرًا تختوخة خست وهنلاقي فستان مقاسها ، وده حدث مش ممكن يفوتني !

رغد بيأس وتذمر : بردو مش هخلص من لقب تختوخا ؟؟!!
هو مش باين عليا اني خاسة 20 كيلو ولا أيه ؟؟!!!!!


قبل يومان من الزفاف!!

_ البدلة حكاية عليك يا بلال .. ناقص كرافتة مودرن وشيك.. وزراير بدلة محترمة ، وتكمل الأناقة لأحلى عريس في الدنيا!!

_ مش عارف من غيرك كنت هعمل أيه يا معتصم .. بجد لو عندي اخ مش هيتعب معايا أكتر منك!
_ هنرجع بقى للكلام الفاضي .. لو ليك أخ ؟ أمال أنا أيه ياجدع أنت ، مش أخوك واكتر؟!!!

ثم ربت علي ذراعه قائلا بود صادق:
ربنا يتمملك بخير ويسعدك يا بلال .. أنت تستحق كل سعادة ، شقيت وتعبت في حياتك واتحرمت من حاجات كتير ، ومع كده وقفت في وش الدنيا لوحدك وعافرت وصممت توصل لأهدافك واحد ورى التاني ، لحد ما حققت حلمك الأكبر .. ونولت حب حياتك ، ربنا يجعلها زوجة صالحة ليك ، تعينك على دنيتك وتكسبك أخرتك يا صاحبي ..
ثم أحتضنه بقوة بادله إياها بلال متأثرا بكلماته الصادقة .. فحقا ” ربما أخٍ لم تلده أمك ” !!


_ ناوي تعمل أيه في شغلك يا معاذ ؟!
_ هبدأ ادور علي مكان مناسب لعيادتي ويكون تمليك باذن الله.. لأن للاسف يا سليم، عيادتي القديمة أضطريت اسيبها لأن كانت إيجار ، وصاحب البيت أخد قرار بإزالتها !
_ ولا يهمك أنا هدورلك على شقة مناسبة تنفع عيادة
_ وأنا كمان هدور ، ودكتور صديقي وعدني يسألي علي شقة في العمارة اللي فيها عيادته .. وإن شاء الله نلاقي حاجة مناسبة ماديا ..


من قال أيامنا تتشابه! قطعا تختلف بتفاصيلها وأحداثها المتقلبة ما بين حزنٍ وفرح!!

اليوم هو المميز بحياة بلال وأروى.. اليوم زفافهما!
تحقيق حلم طفولته .. أن يقترن ذات يوم بصاحبة الربته الحانيه التي أهدتها له الحياة من عهد بعيد!
مكافأته التي حصل عليها بعد عناء صبر طويل!!
……………………...

تعج القاعة بالأهل والأحبة والاصدقاء.. الجميع يهنئ ويتمنى التوفيق لكلاهما..!

هاهي تقترب بصحبة والدتها وشقيقتها.. يستطيع أن يلمح لمعة عيناها المترقرقة .. هو يعلم ما يحزنها
دائما ما قصت له أمنيتها بان يسلمها له والدها .. ولكن ما باليد حيلة..!!

الآن حبيبتي سأكون لكِ كل شيء!
زوجك المحب .. وأخيكِ الذي سيرعاكِ .. وأبيكِ الحنون.. وصديقك الأمين .. لن أبخل عليكِ بكل مشاعري .. أنتى أرضي التي سأستوطن بها حتى أخر العمر.. ونجمتي التي سأبثها أشواقي كل ليلة
وأخيرًا .. ستكوني طفلتى التي سأدللها كثيرًا.. ولن تنحل چديلتها إلا على كتفي ..وحينها ستنغمس بثنايا صدري وتسمعين حديث قلبي المتيم بكِ!!


_ مش قادرة أصدق إننا رجعنا البيت من غير أروى!!
هتوحشني والبيت من غيرها هيكون مالوش طعم!

_ ربنا يسعدها مع بلال يا أمي .. دي سنه الحياة وهناك بقى مكانها الطبيعي .. ربي يتمملهم على خير!


واقفة جواره تنتظره ليفتح باب شقتهما بعد أنتهاء حفل زفافهما منذ قليل .. مثلها كمثل أي عروس .. يأكلها الخوف والقلق وترقب المجهول بالساعات القادمة .. لا تستوعب كيف ستتعود على بيت غير ما نشأت به .. وسرير غير سريرها .. وعالم سيشاركها به بلال الذي التفت لها متمتما بسعادة لا تخطئها عين :

_ نورتي بيتك يا قلب بلال!

ثم حملها بين ذراعيه ليعبر بها لمملكتهما الخاصة!
ولكن ما أن أنزلها ولمست قدميها الأرض .. حتى فاجأته بهرولتها من أمامه بلمح البصر .. وأختبئت بغرفتهما ، مغلقة بابها بإحكام .. لا يصدق فعلتها
الماكرة! الصغيرة تنوي اللعب معه گ القطة والفأر.!!
…………………

_ أفتحي الباب يا أروى بلاش جنان ، مايصحش كده!

_ لأ مش هفتح !

_ يعني أيه ؟ أنا صارف ده كله عشان في الأخر أنام في الانتريه ؟!… افتحي يا أروى أحسلك بدال ما أكسر الباب!

_ لٱ مش فاتحه .. واعمل اللي تعمله!

ظل يفكر بكيفيه تصرفه مع تلك البلهاء زوجته، التي تعبث بحلم عمره وليلة زفافه المنتظرة ..إلى أن أهتدى لخدعة ما..!

_ طب خلاص ياحبيبتي خليكي على راحتك .. أنا عارف أنك مكسوفة مني .. مافيش مشكلة أنا هسيبك تنامي لوحدك هنا ، وأنا هروح لأوضتي القديمة في السطوح.. أصلي أتعودت عليها، ومش هعرف إنام إلا هناك.. سلام ياحبعمري!

_ لا يا بلال أوعى تمشي وتسيبني لوحدي أنا بخاف!!
بلال ؟؟؟…… بلال رد عليا أنت مشيت بجد؟!!!!

كررت ندائها له من خلف بابها المغلق، فلم يجيبها ، ثم سمعت صوت أنغلاق باب شقتهما..!!
هل فعلها الأحمق وتركها وحيدة..!! أسرعت تفتح بابها فزعة من فكرة وحدتها هنا .. بحثت عنه وهي تنادي أسمه وقد بدأ صوتها ينهار رغبةً في البكاء!

وقبل أن تصل لباب منزلها، باحثةً عنه.. شعرت به يطوقها من خصرها ويرفعها بذراعيه ويهمس بصوت ماكر قرب أُذنيها :
شوفتي ازاي عرفت أضحك عليكي وأطلعك من أوضتك!!

نظرت له بدهشة ، وما أن استوعبت خدعته ، حتى ثارت عليه وراحت قبضتيها تدفعه بصدره متمتمة بغيظ : أنت إنسان بارد افتكرتك مشيت وسبتني لوحدي ، خلتني أموت من الخوف .. نزلني وسيبني أنا مش هكلمك تاني .. نزلني يا بلال .. بقولك نزلني!!!

لم يستجيب سوى لرغبته هو! وأسكنها في أحضانه برفق ، محيطا لها بكلتا ذراعيه، مريحًا رأسه على كتفيها متمتمًا بخفوت:

_ تعرفي كام مرة حلمت أخدك في حضني كده؟

سكنت ثورتها بعد ضمه لها وصوته الحاني يداعب اذنيها ونبرته بدت مختلفة عن زي قبل!

أما هو فأغمض عيناه وراح يدور بها على إيقاع دقات قلبه الصاخبة وموسيقى انفاسه الدافئة وهو يتحسس بشرة عنقها بوجهه ويغمغم بصوت يكاد لا يُسمع من خفوته:

_كل مرة كانت مرات ابويا تنيمني زعلان أو ابويا يزيد اهماله فيا .. كنت بغمض عيوني واتخيلك وانتي بتواسيني!
ساعات كنت بسمع صوتك بتكلميني!
وأيديكي بتملس على شعري عشان انام! وفعلا كنت بنام! حاجة جوايا كانت بتقولي إنك حبيبتي وإني لما هكبر هتكوني ليا.. وإن مش صدفة إنك تظهري في اللحظة دي بالذات، كنت وقتها أتعس طفل، ببكي جوايا من غير ماتنزل دموعي، كان شوقي لأمي لحظتها هيقتلني، وانا بتمناها تكون موجودة تطبطب على كتفي وتحسسني بحنانها وبالأمان!

جاهدت داخلها الخجل لتبادله أول عناق! وهي التي لم تختبر من قبل هيبة عناقه وتستشعر رجفته الغريبةتلك! ُفطوقته بذراعيها مستنشقة عبقه..
وضمته بحب شديد لم تقدر على دثره ولن تفعل بعد الآن.. ستعوض حبيبها وزوجها وطفلها الكبير! كل ما حُرم منه وافتقده!

ظل يُسرد أوجاعه وهي تسمع وعيناها تذرف العبرات على كتفه تأثرًا بما يُسرده! وكأنه عاد طفلًا يشكوا لها كم تألم، وكم عانى، وكم ينتظر منها الدعم ..وقسمًا لن تخذله يومًا منذ اللحظة!

يتمتم ومازال يحتويها بين ذراعيه ويدور بها ويراقصها على موسيقى قلبه النابض:

أوعي في يوم تهملي الطفل اللي جوايا يا أروى!
أوعي يوم تنسيه! دايما هكون محتاجك مش بس زوجة! هحتاجك تكوني أمي! أنا عايزك كل حاجة في حياتي! كل حاجة اتحرمت منها..!

نضبت الكمات من عقلها..! لا تجد حرفًا يترجم ما تشعر به سوى الصمت والعناق..!
وكأن عناقه أصبح لغتها الجديدة التي تتعلم ابجديتها على يديه! ستخط بعشقها على جدار قلبه كل الوعود .. وكل ما تمناه بها يومًا..!

الليلة ستقص له أولى حكايات شهر زاد لملكها الأوحد! وتتعهد له أن حكاويها لن تنضب ولن تنتهي أو تخفُت إثارتها.. ستجعله يشتاق حروف عشقها، فيطلب المزيد! وستكون سخية بعطائها.. والأيام ستثبت!!


بصباحهما الأول وبلال غارقًا بنوم عميق.. بدأت تفيق أروى وفتحت عيناها لتنظر حولها متوقعة أنها مازالت بغرفتها وبيت والدتها وبيسان.. فوجدت معالم الغرفة تختلف عن ما اعتادت.. وبلال جوارها فصرخت بهلع فانتفض بلال من نومته فزعًا هاتفًا:

_أييييييه في أييييه البيت بيقع?

أروى وهي تطالعه بدهشة:
_أنت جيت هنا أزاي؟ ومين جابني هنا؟؟؟؟

بلال وهو يجز على أسنانه: حسبي الله ونعم الوكيل هتقطعي خلفي يابعيدة..!! أنتي بتصحي من النوم تايهه؟! أنا جوزك وأحنا في بيتنا..!!

أروى واصابعها تفرك رأسها وتتذكر ما يقول:

أه فعلا ده أمبارح كان فرحنا..! عادت تنظر لبلال هاتفة: معلش يابلال? أصلي بصحى فاقدة الذاكرة شوية.. ومش متعودة أكون بعيد عن ماما وبيسان!!

أبتسم علي تلك الحمقاء واخذها بحضنه متمتما:
حاولي تبطلي العادة المؤذية دي يا روحي.. انتي خضتيني حتة خضة!!! لو اتكررت تاني ماتنتظريش مني عيال يا حبعمري!!

فقالت: حاضر هحاول ابقى افتكر!!
فضحك مرددا: ياشيخة؟!.. ده انتي كده عايزة تتعالجي!
ثم احاط وجهها بكفيه هاتفا بخبث:
طب ممكن تصلحي الموقف وتضيعي أثر الخضة اللي خضتيها لحبيبك دي وتصبحي عليه!

أجابت ببراءة: صباح الخير ياحبيبي?
بلال : بس كده؟؟؟؟ لا ده انتي شكلك عايزة كورس تعليمي كامل.. ثم اقترب وهو يهتف: وأنا اللي هعلمك ياروح قلبي!


_ ازيك يامعاذ .. إيه الأخبار ، لقيت عيادة؟
_ لا والله يا حسام، اللي لقيته غالي جدا عليا للاسف!
_ طب عدي عليا أنهاردة بالعيادة ، هوريك حاجة شوفتها بالصدفة إمبارح بالليل.. يمكن تناسب طلبك!
_ ياريت ياحسام .. عموما بعد المغرب هكون عندك!

بالوقت المتفق عليه بين حسام و معاذ ،، كان الأخير جالسا بإحدى المقاعد داخل العيادة التي كانت خالية بهذا الوقت، ولم يعد سوى كشف أخير، جلس ينتظره

حسام هو طبيب أطفال ماهر .. وكثيرا ما بعث له معاذ حالات من مرضاه حين كانوا يسألونه عن طبيب جيد للاطفال !!

وأخيرا أنفتح باب غرفة الكشف ، معلنًا عن إنتهاء الكشف الأخير ، وقف معاذ بتلقائية أمام الباب أستعداد للدلوف إلى صديقه حسام ..

وإذا به يتسمر بأرضه بعين جاحظة من شدة الدهشة لمن رآه أمام عينه .. ولا يصدق رؤيته !!
فرك عيناه ربما يتوهم .. ولكن تأكد حين طالعه ثانيًا

فلم يكن الذي يطالعه بذهول!

سوى قاسم ، وتتعلق بذراعه إمراءة!
وبذراعه الأخر يضم طفل صغير لصدره!!!!

error: