رواية ” أنت مكافأتي”

الفصل19

_يا ابني اهدي شوية ، بلاش التوتر ده!!

بلال بحاجبين معقودين ضيقا :

_ نفسي اتكلم معاها يا معتصم واسمع صوتها.. كام يوم من وقت زيارتنا ، بحاول اطمن عليها لأني مشيت وماكلمتهاش، بكتبلها على الواتس وبتشوف رسايلي لكن مش بترد عليا..!
طب الأول عشان دكتور معاذ قالها ده غلط وابعدي!
انما دلوقتي خلاص وضحت موقفي وروحت طلبت ايدها ومستني الرد.. يعني عملت اللي يطمنها من ناحيتي .. ليه مصرة تبعد عني تاني؟!

_ يا بلال مش معنى أنگ اتقدمت ليها ، انها خلاص تتجاوب معاگ بسهولة .. أنت لسة ماوصلكش رد على طلبگ ، واكيد بيسألو عنك عشان يشكلوا رأيي يحدد قرارهم .. يعنى مافيش حاجة رسمى تخليها تكلمگ .. ولعلمگ انا معجب بموقفها وتربيتها جدا .. لأنها بتتصرف بالأصول والأخلاق!

_ يمكن كلامگ صح .. بس أنا مشتاق أوي اكلمها ، الأول وأنا بعيد كنت قادر اصبر ، إنما دلوقتي مش قادر ، عايز أقربها مني ، واطمنها من ناحيتي .. أنا حاسسها مخضوضة أما شافتني المرة اللي فاتت .. أكيد افتكرتني!

_ وحتى لو افتكرتگ .. دي حاجة في صفگ أنت كنت بتدافع عنها ، واتحبست 3 أيام عشانها..!
ثم تمتم معتصم بنبرة مازحة :
_ يعني المفروض تكون في عنيها فارس مغوار!!
_ هزر يا اخويا ، بكرة اشوفگ في نفس الموقف ، وانت مدلوق لشوشتگ في الغرام!

لا يعرف معتصم لما تجسدت بعين ياله، صورة تلگ الفتاة الجميلة ، التى أتت منذ فترة ، صديقة أروى !
ولا ينكر أنه انتظرها أن تأتي مرة أخرى ، بعد أن تحداها أن تجد سلعته بمكان أخر..!
يعلم أنها ستجد مثلها بأماكن شتى، ولكن أراد لها أن تعود وكأنها منتصرة .. فيمثل هو خسارته!
وبحقيقة الأمر سيكون هو المنتصر برؤيتها ثانيًا..!
ولكنها لم تأتي..!

_ هييييي… أيه ياعم أنت سرحت في أيه ، بكلمگ!
_ مافيش ، افتكرت حاجة بس..
_ بلال بغمزة عين مشاكسة :
أوعى يا واد تكون افتكرت اللي في بالي!!

_ طب خلينا بقا سايبين شغلنا وعمالين نستظرف !
روح شوف الزباين اللي جت دي ، واطلع من دماغي يا عريس الغفلة..!


مؤلم أن تفتح عيناگ ذات صباح، بيومٍ تظنه جميل .. فتأتيك الفاجعة بفقد عزيز رحل عنك بصمت!! فتجد جسده باردًا، بأطراف متيبسه، وقد سكت فيه نبض الحياة..!!

رحلت الجدة فجر..!!
ارتقت روحها إلى السماء، واستقبلت سجدة صدمتها بصمت! لم تبكي .. لم تصرخ .. لم تقول لها وداعا..!!!

كما لم اتصور أنا قط .. أن يؤلمني حزنها الى هذا الحد..!! ..فمتى يا سجدة أصبحتي وجعي ؟
وهل كان ينقصني أوجاع؟!!!

منزويًا بهاء بركن ما بالغرفة يترقبها بصمت وحزن.. ولا يعرف كيف ينتشلها من تلك القوقعة التى تكاد تبتلعها.. تبدو وكأنها ترفض تصديق ما حدث!..

هل تعتقد أنها تحيا كابوس مفزع .. وتنتظر أن تفيق على صوت جدتها يناديها؟! إذا ستنتظر العمر بأكمله!

فمتى عادوا لنا الراحلون عنا ؟!!
……………
اقترب من جلستها وأحاط كتفيها بذراعه ، متمتمًا بنبرة حانية :

_بعدين معاكي ياسجدة .. هتفضلي لحد أمتى عازلة نفسك ومابتتكلميش، ولا راضية تاكلي أو تشربي..!

لم تجيبه بحرف.. مصوبة عينيها أمامها بشرود وكأنها لا تراه..! فمنذ وفاة الجدة قبل أيام قليلة ، وهي تلتزم الصمت ، لم تبكي ، حتى أنها لم تتفاعل مع من جائوا لتعزيتها، جلست بينهم صامتة بجسدٍ ساكن گالموتى .. والجميع يغادرها ، صافقًا كفيه تصعبًا على حالتها!

لم يخبر بهاء عمته بهذا الخبر ، مشفقا عليها ، هو يعلم كم كانت تحب تلك العجوز الطيبة، فضل أن ينتظر عودتها، حتى إذا علمت يستطيع هو التخفيف عنها بقدر ما يستطيع ..

أما تلگ المسكينة ، ينفطر قلبه لأجلها .. ومن غيره سيفهم مرارة فقدان عزيز..!

فشلت كل محاولاته كي يجعلها تُخرج ما بصدرها، حتى ولو كان صراخًا وضرباتٍ يتلقاها على صدره بكل صبر و تفهم .. هي فضلت الهروب من أزمتها!

وهو لن يتركها لحزنها يفتك بها بتلگ القسوة..!

فقال: على فكرة اللي بتعمليه ده قلة إيمان وضعف!
هو مين في الدنيا دي ما فقدش حد بيحبه.. بس دي سنة الحياة ولازم تكوني أقوى من كده!!!

ظلت على سكونها المميت ، فهزها بعنف لتستجيب :

أتكلمي! اصرخي! بس بلاش سكوتگ ده يا سجدة..!

لم يتحرگ بها سوى خصلات شعرها المبعثرة بفعل هزته العنيفة لجسدها..!
وتسرب من مقلتيها خيط دموع شفافة ، زحف ببطء على وجنتيها الشاحبة..!
فمد أصابعه ليجفف دموعها .. تم انحنى مقبلا وجنتيها برفق ، فسمع أنينها الخافت ، الذي تدرج حتى صار بكاء ثم انقلب صراخًا هيستيري.. جعله يحتويها بين ذراعيه بقوة ، مستقبلا شظايا تلگ القنبلة الموقوته على صدره ليشاركها ذاك الألم ، مخبئًا رأسها بتجويف عنقه حتى تفرغ كل أوجاعها على باب قلبه..!


_قلبي مقبوض معرفش ليه يا حاج..!

العم راضي باهتمام : ليه بتقولي كده ياخديجة ؟!
العمة خديجة :
_ إحساس جوايا بقالو كام يوم.. وكل أما أتصل ببهاء احس صوته متغير، واما اسأله في حاجة ؟! ينكر !! واما اطلب اكلم سجدة ، يتهرب مني، مرة في شغلها، ومرة في المطبخ وهتكلمك بعدين ، او يقولي نايمة وهتتصل لما تصحى.. أسبوع ومش عارفة اكلمها
وقلبي حاسس إن في حاجة وحشة حصلت!!

_ هيكون أيه بس حصل ، أنتي بس عقلك صورلك كده عشان انتي قلقانة إن علاقتهم ماتكملش ..

_ يمكن كلامك صح !
عندي أمل كبير في ربنا يجمع قلوبهم ويكونوا كيان واحد .. بهاء محتاج واحدة بصلابة وعناد وقوة وحنان سجدة .. هي دي التركيبة اللي هتحرك قلبه وتسعده ، وواثقة ان هي كمان هتلاقي في بهاء اللي بتتمناه..!!


_ممكن تطمنيني عليكي يا أروى
_ عشان خاطري كلميني! يعني ماستاهلش أنك تكتبيلي حرف يطمني عليكي!!

_ عارف إنك متلخبطة ومحتاجة تستوعبي بس كلام كتير نفسي اقوله واحس إنك بتشاركيني فيه.. أنا دلوقتي واحد دخل من بابك ومستني ردك وعارف أنه هيكون في صالحي.. مش غرور، لكن ثقة إن ربنا مش هيحرمني منك ابدًا..!

_ يعني بردو يا أروى مش عايزة تكتبيلي حاجة؟؟؟؟

_ طب شوفتي “الكوتش” اللي كنت لابسه ?

لم تستطيع المقاومة! ضحكت لمزحته الغير متوقعة..!!

عجبًا له!! گساحر يلقي بكلماته البسيطة تعويذة تجعلها تهيم به أكثر وتقترب روحها منه..!
أصبحت تدرك مشاعرها جيدًا دون تشكك.. لقد تملك قلبها وعقلها.. هي تحب هذا الرجل الذي تسلل عرش قلبها بسلالسة عجيبة.. دون أن يتخطى حدوده معها بكلمة واحدة .. حقًا لديه أخلاق الفرسان!!

خاصًا عندما ايقنت أنه هو الذي دافع عنها بالماضي وثآر لها من بهاء! وهو من كان يراقبها ويهتم بها دون أن تشعر .. وهو من اهداها ذاك الدب الذي تمنت الحصول عليه گ هدية!!
وكم يدغدغها هذا الشعور.. تبتسم دون ارادة كلما تذكرت حين وقعت عيناها على ملامحه للمرة الأولى
نعم أخذت منها الصدمة النصيب الأكبر!
ولكن لم يفوت عليها وسامته الطاغيه.. ولهفة عينيه وهو يطالعها وابتسامته الحنونة التي منحها إياها فور أن طالعته.. وكأنه كان ينتظر نظرتها ليتلقف عيناها ويبثها شوقه!!

ولكن رغم ذلك لا تريد محادثته!!

نعم! تخجل منه بشكل كبير حتى لو كان حديثها مجرد حروف منقوشة بهاتفها.. كما أنها تريد الأنتظار حتى يحصل على موافقة والدتها وشقيقتها الكبرى..
وحينها ستتغير الأمور!!

أضاءت شاشتها مرة أخري برسالته:
_ ممكن لو كنتي ضحكتي تبعتيلي ايموشن يابخيلة!!

ضحكت ثانيًا لكلماته .. وحدثت ذاتها:

لا تكوني حقًا بخيلة!! هو يستحق أن يحظى بذاك الدب الضاحك ليعرف أن صدى مزحته أتت بثمارها وضحكتي يا حمقاء!

فبعثت له ذاك الإيموشن الضاحك!
فأنهال عليها بقلوب كثيرة .. تبعها بكلمة اذابتها..!

_ بحبك!!


أخيرًا أستطاع إخراجها من صمتها، والتخفيف عنها
ربما أهمل رعاية أرضه، وأرض عمته وزوجها .. ولكنه اعتمد على الفلاحين الذين ساندوه بكل حب .. مراعين ظروف زوحته، وضرورة وجوده معها باستمرار.. فجعله هذا المكوث جانبها أن يتقترب منها اكثر، صار يتلطف بالحديث معها ويعاملها برفق شديد
هي تحتاج حنانه ورعايته بتلگ الفترة .. وهو لن يبخل عليها بذلك، حتى تتعافى تماما من حزنها على جدتها..!

هتف بهاء بمزاح وهو يحمل صحن كبير:
_عملتلگ شوربة خضار .. استغفر الله ماتتشربش!

ابتسمت سجدة رغما عنها لدعابته ، مغمغمه بصوت متحشرج ومجهد : تسلم ايدك !
فقال بحنان : طب يلا استعدي وخدي أول معلقة!

فاعترضت خجلًا: أنا هاكل لوحدي يابهاء ..
فأصر قائلا:
لأ ، هتاكلي من ايدي يلا دوقي وقولي رأيك .
التهمت الطعام من يده ، ومضغته ببطء ، ثم تمتمت برضا : بجد تسلم إيدگ .. حلوة فعلا ..

_ ابتسم بسعادة لتفاعلها الجيد، الذي كان يعد مستحيلا منذ أيام قليلة .. ولكنها الأن تتحدث وتبتسم وتأكل، حتى انهما صارا يتشاركان مكانه المفضل الذي يختلي به في العادة كل مساء!
يحدثها عن اشياء حدثت معه، وعن اصدقاء ندم انه اقترب منهم يوم .. ولكن لم يحدثها قط عن والدته وهي لم تسأله عنها، تستمع له باهتمام ، ولا تتحدث ولكن يكفيه انها صارت تتقبل موت جدتها ، بإيمان وصبر أكثر، تخونها عيناها وتبكي بصمت أحيانا ، ولكنه سريعا ما يجذبها بأحاديثه الكثيرة، حتى تلتهي عن بكائها بثرثرته التي لم تكن من صفاته يومًا..!

_ هو انا ممكن اطلب منگ حاجة ؟!

سجدة بإيماءة رأسها : أكيد ..
تمتم بعد أن تأملها قليلا : عايز طبق ” ام علي ” !!
……………………………

بعد وقت قصير!!

_ أنتي بتعمليه أزاي حلو كده ؟!!

أجابته سجدة ببسمة مازالت لم تفقد حزنها:

_ ده سر يابهاء وأكيد مش هتعرف سر ” أم على ” بتاعتي!!

صمت برهة منشغلا بتناول حلواه ، ثم همس لها:

وسر سجدة… ينفع اعرفه؟؟؟
من يوم ماشوفتك، وعنيكي فيها حزن، أيه سببه؟

ظلت على صمتها الشارد ، تطارد بعيناها حركة أوراق الشجر أمامها بفعل الرياح!

أعتقد أنها لن تجيب .. فاحترم صمتها وعزوفها عن الحديث ولم يكرر سؤاله وصمت.. لكنه بوغت بها تغمغم بعين شاخصة شاردة، كأنها تحدث ذاتها!

_ رغم إن جدتي حاولت تعوضني عن رحيل أمي بعد ولادتي بأيام ، وتسد فراغ والدي في حياتي رغم انه حي يُرزق .. بس اتجوز وعاش بعيد في العالم بتاعه ونسي أصلا أنه عنده بنت أسمها سجدة !
دايما كان جوايا فجوة ، مافيش حد قدر يملاها..!

لما تحس أنك ناقص ، وعاجز تكمل نقصك لأنه الأمر خارج عن إرادتك ..
يمكن خالي قاسي ومحاولش يكون الأب اللي اتمنيته، بس عمري ما لومته.. إذا كان ابويا نفسه رماني، هستنى الأمان والرعاية من غيره أزاي!

صمتت تتجرع ريقها ، ثم تمتمت :

_ لما وصلت 17 سنة ، وابتدا يتقدم عرسان عشاني
ساعتها شوفت خالد، طليقي..!
قالي انه بيحبني وعايز يتجوزني وكنت وقتها بنت صغيرة أثر كلامه المعسول عليا وفرحت بيه .. وقتها جدتي اعترضت عليه لأن هعيش مع والدته بنفس الشقة
بس خالي ما اقتنعش بالسبب ، وانه مش هنطلب منه يرمي والدته في الشارع يعني ، وأنا كنت شارية خالد ، ووافقت وقلت والدته هتكون أمي، حتى لو كانت شديدة معايا، انا هخليها تحبني!

واتجوزت، واتفاجئت بشخصية خالد دايما كان يظهر قسوته معايا قصاد والدته!! وفي علاقتنا الخاصة كان أناني اوي وقاسي ومايهموش غير انه يرضي نفسه مهما كانت الطريقة،
مع الوقت بقيت أكره معاشرته، مابقيتش احس انه بيحبني!

ومواقف كتير كان ينصف أمه عليا رغم انها كانت بتظلمني .. كنت بقول معلش ما هي والدته لازم ينصفها، بس كنت بحس جوايا بقهر منه بيزيد كل يوم، وكرهي لحياتي معاه في ازدياد كل ساعة..!

عدي 6 شهور مقدرش اوصفهم غير أني مريت بأشد أيامي تعاسة وعذب وإهانة معاه!!

ضم بهاء قبضة يدي بقوة.. ليتحكم بنوبة الغضب والضيق وهي تصف حالها معه!..

فاستطردت هاتفة:

بعدها خالد جالوا فرصة شغل كويسة في بلد عربية ،وقرر يسافر .. بعد سفره .. فضلت والدته تسألني ليه ما حصلش حمل، قلتلها وأنا بأيدي أيه ، ده نصيب، ولسه العمر قدامنا .. بس هي ما سكتتش وصممت تاخدني لدكتور في القاهرة
وفعلا روحنا .. و………………

صمتت رامقة بهاء بتمعن!
وانتظرها هو لتكمل حديثها.. فاستمر صمتها !
فلم يستطع كبح فضوله بتلك النقطة بالذات وتسائل:

_ يعني النتيجة كانت أنك…………

اشاحت بوجهها عنه، والتزمت الصمت!
ووخذها ضميرها لإخفاء بعض الحقيقة عنه!

فحالتها غير بائسة كما أوهمته .. بمتابعة طبية واهتمام ، يمكن لها الإنجاب .. وليست عاقر كمان ظن. بهاء.. ولكنها لن تستطيع إعطائه الأمان .. فليظل ظنه بعُقرِها ويتقبلها بعلتها التي يتوهمها ..
فلن تعيش تجربة الرفض والنبذ مرة أخرى!!
ربما يكملان الطريق سويا .. وربما أيضًا يفترقا..!
لا تدري ! هو تزوجها إجبارًا.. وليس راغبًا !!

الأفضل أن تُعد نفسها لتلك اللحظة التي سيلفظها فيها خارج حياته، كي تخف قساوتها على نفسها وكرامتها..!!

قاطع صمتها الطويل بقوله :
_ طب وطليقك ، عمل أيه لما عرف بحالتك ؟

_ قالي انه هيتجوز واحدة تانية ، وأني لازم أقبل بكده .. بس أنا رفضت طبعا وطلبت الطلاق!
والدته ساعتها كان كل همها أني اخرج من الموضوع من غير ما يدفع ابنها أي حقوق مادية ليا، بما إن طلب الطلاق جه مني .. وانا اصلا كان اخر همي فلوسه .. خلاص زهدت فيه ، عشان كدة اطلقت من غير ما اخد مليم واحد واتنازلت عن كل حقوقي !!

مش هقولك كنت قوية، وعدت التجربة من غير ما تعلم فيا وجوايا بوجع وحزن!! .. بس اتعلمت إني اعرف ازاي اعتمد على نفسي، محدش يكونه له فضل عليا، ولا اكون ابدا حمل تقيل على حد..

بهاء بتساؤل:
_ عشان كده رفضتي تسيبي شغلك او تاخدي مني فلوس ؟! للدرجة دي مش حاسة بالأمان معايا أنا كمان ؟!

فأجابت:
_ طب قولي ازاي هطمن لواحد اتجوزني إنقاذ للموقف وشفقة! دلوقتي أو بعدين هتسيبني .. وأنا هكمل حياتي لوحدي! صح كلامي ولا غلط يا بهاء؟!

رغم تماسكها ظاهريا.. ورسم اللامبالة بوجهها ومنتهى الثبات والقوة .. إلا أن بأعماق روحها كانت تتمني ان يتمسك بها، ويطمئنها انه سيظل معها ، رفيق لها، هي لا ترسم شكل معين لعلاقتهما، ولكنها لأول مرة ، تتمنى الأمان من أحدهم!!

أحبت اهتمامه بها، وحنانه عليها، ورعايته لها بالفترة التي تلت وفاة جدتها..!
رغم فقدانها للوعي والتركيز بأغلب الأحيان ، لكنها كانت تشعر باحتوائه لها بين ذراعيه كلما فاقت من نومها فزعة وباكية.. كانت تشعر بشفتيه وهي تقبل وجنتها برفق كلما بكت كمواساه منه لها!
كما لم تغفل عن أصابعه وهي تجفف دموعها ثم تعبث بخصلات شعرها بحنان حتي تغفو !

يظنها لم تدري بما كان يفعل .. ولكنها كانت تدري وتغفو كل ليلة مطمئنة لأنه جوارها، وأنها ليست وحيدة!!!

طال صمته.. فعلمت جوابه! وأيقنت أن أمانيها حلم سخيف! فسخرت من سذاجتها بذاتها، ماذا كانت تظن؟!!

_أنا هقوم انام ، تصبح على خير يا بهاء..!

ألقت عليه جملتها وغادرته بهدوء!
…………………………

راقب اثر إختفائها من جواره بحزن وشرود
رغبة شديدة داخله كانت تدفعه لطمئنتها انه لن يتركها.. وانه يريد اكمال الباقي من عمره بقربها ،
ولكن حاجز داخله منع إنطلاق الكلمات على لسانه !

يعرف أنه خذلها وجرحها.. هو رفضها بصمته، وعلمت إجابته .. ربما هي بحالة سيئة بسببه تلك اللحظة !

حدث ذاته بلوم
تبًا لك يا بهاء .. لما لا تحطم جبال خوفك، وتعيش حاضرك دون التفكير بعقاب تترقبه بكل لحظة!

“إن الله غفور رحيم” .. أتشك برحمته التي وسعت كل شيء؟!! .. جميع خطايانا تمحوها مغفرته!

شعر بضيق صدره ، فتنهد رافعا بصره إلى السماء
ولسان حاله يقول:

اللهم طهر قلبي ونقي روحي ويسر لي الخير ..
………………

error: