رواية ” أنت مكافأتي”

الفصل 28


ياااااه .. أخيرا عرفت ألاقيكي يا أمي!!
لو أعرف إني هشوفك هنا في بيت القاهرة.. كنت جيتلك من زمان!

حلو أوي العصفورين اللي معاكي .. دي أكيد عصافير من الجنة..!!
و راح يقترب ووالدته تبتسم بوجهٍ مضيء ، ثم أطلقت بعصفوريها تجاهه، فطاروا وأستكانو على كتفيه وكأنهم يعرفونه .. فضحك بهاء مرددا :

” دول عشاني يا أمي؟! يعني خلاص أنتي سامحتيني من قلبك؟ طب رجعيلي سجدة .. لو عفيتي عني ورضيتي عني، رجعيهالي! نفسي هي كمان تسامحني .. رجعيهالي يا أمي عشان أتأكد إنك سامحتيني .. رجعيلي سجدة .. رجعيلي سجدة ” ..!!

( الصلاة خيرُ من النوم .. الله أكبر الله أكبر .. لا إله إلا الله ) ..
أنتفض بهاء من نومته على صوت آذان الفجر المهيب ، وانتشله علو الصوت الرخيم من قلب رؤياه التي كان أثرها عليه كأثر الثلج الذي يذيب نارًا ويخمدها حتى تنطفيء .. راحه غريبة سيطرت على جوارحه گ السحر!!
قام من قلب فراشه ، ليتوضاء ويصلي ركعتي الفجر ، ويدعو ربه بالعفو والمغفرة وزوال همه وحزنه .. وأن يجمعه بحبيبته سجدة مرة أخرى ..!


_ماما هو في سكان جداد أجروا الشقة الفاضية اللي في الدور التاني ؟

_ أيوة يا بنتي .. في دكتور أجرها عشان يعملها عيادة، وكمان هيعيش فيها، أهو أحسن من قفلتها ، قلت استفيد منها!!
_ عندك حق يا ماما .. إن شاء الله تبقى وش الخير على الدكتور اللي هيسكنها ..
_ اللهم أمين .. ربنا يجعل دعايا من نصيبكم يا بنتي!!
_ بتقولي حاجة يا ماما ؟
_ لا ياروحي مابقولش !!


بعد أسبوعين!

_ أنا نازلة أجيب حاجات لوعد يا ماما .. هي نايمة دلوقت ، وانا مش هتأخر!
_ روحي يا حبيبتي، ماتقلقيش أنا أصلا هروح أنام جمبها شوية عشان صاحية بدري..!
_ نوم الهنا يا ست الكل!
……………… ..
ضغطت بيسان على زر “الأسانسير ” لسحبه حتى تهبط لأسفل البناية .. وبالفعل هبطت وأثناء مغادرتها لتعبر الشارع الرئيسي ، أوقفها سيدتين بسؤالهما :

لو سمحت حضرتك .. الدكتور ” معاذ عز الدين ” عيادته في العمارة دي الدور التاني؟!
بيسان بغير تركيز :
أيوة فعلا في دكتور في الدور التاني..!
السيدة : شكرًا حبيبتي ، أسفة عطلناكي!
بيسان : أبدا مافيش عطلة ، والف سلامة!

تركتهم بيسان وذهبت لتبتاع بعض الاغراض المتنوعة من أماكن قريبة لمسكنها ، وبعد أنتهاء جولتها، حان وقت عودتها ، وما أن دخلت حيز بنايتها حتى تسمرت قدميها بالأرض، وجحظت عيناها وهي تلاحظ لأول مرة تلك اللافتة الضخمة المخطوط عليها..!
( دكتور معاذ عز الدين .. أستشاري أمراض النساء والتوليد ) !!
اتسعت حدقتاها أكثر وهي تعيد قراءة اللافتة
ثم تذكرت أسم الطبيب الذي أتى ذكره على لسان السيدة التي أوقفتها..!
صعدت بسرعة البرق للطابق الثاني للبناية ، ووقفت تلهث أمام باب العيادة المفتوح تحاول الإستيعاب، معاذ لا غيره هو من استأجر شقتهم الفارغة؟!!!

عبرت للداخل فوجدت نفس السيدتين يغادران غرفة الكشف وقد لاحظت للتو ، أنتفاخ بطن إحداهن ، تبدو بمنتصف حملها..!
دلفت داخل غرفته دون أستئذان الفتاة التي تجلس خارجا وتنظم دخول المرضى لطبيبها..!

كان معاذ جالسًا يطالع بعض التحاليل بتركيز ، حتى أنه لم يشعر بدخول بيسان محيطه .. إلي أن سمع صوت الفتاة تنهر بيسان قائلة : مايصحش كدة يا مدام ، لازم تاخدي معاد وتدفعي تمن الكشف الأول مش تدخلي كده كأنها………… ..

أوقفها معاذ بإشارة من يده وعيناه لم ترمش عن وجه بيسان هاتفًا:
خلاص يا سندس ، روحي أنتي ، المدام واخدة معاد!!

لم تجد الفتاة بُدًا من الخروج بعد توضيح معاذ لها ، وغادتهما بالفعل ، فنهض معاذ ليقف أمامها عاقدا ذراعيه بهدوء : طبعا جاية تباركيلي على العيادة الجديدة .. مش كده ؟

بيسان قد أدركت وتحققت من وجوده ، وتلاشى داخلها كل ظن بأن يكون مجرد تشابه أسماء!!

_ مالقيتش مكان تفتح فيه عيادتك غير هنا؟!!!

_ وماله هنا ؟..موقع ممتاز ومناسب ماديا لظروفي!

رمقته بحدة : أنت أيه جابك هنا يا معاذ فهمني .. بتخطط لأيه؟!

أجابها ببرود:
_ تخطيط أيه يا بيسان .. أنا دكتور ودي العيادة اللي لقيتها مناسبة ليا .. أيه مشكلتك مش فاهمك؟!
ثم دنى منها قليلا متمتمًا بنبرة خبيثة :
ولا وجودي حواليكي هيلخبطك، وخايفة تضعفي وتبان حاجة عايزة تخبيها..!

بيسان بكبرياء : لا فوق وصحصح لروحك بدري يا دكتور! أنت مابقيتش تأثر فيا بأي شكل ، ولا فارق وجودك عندي، ولا لسه فاضل حاجة تخصك جوايا..!

أبتسم بمشاكسة: أنتي متأكده من كلامك؟!
طب ماشي مصدقك! ودلوقتي مش هتقوليلي مبروك على العيادة يا جارتي العزيزة!!

جزت على أسناتها غيظًا من بروده واستفزازه هاتفة: مبروك .. عن أذنك!!

وغادرته كالإعصار كما أتت .. فرمقها ظهرها بشوق وهي تغادر.. ثم أبتسم بحنان مطمئنا قلبه .. أنه سوف يعيدها لتسكن أحضانه مرة أخرى..!

قراره السابق بفراقها كان لأجل سعادتها.. أما الآن فقراره سيكون لأجل سعادته هو .. سيعيدها..!
سيكون أنانيا كما تمنت يومًا .. لن يتركها بعد الآن!

فإن تغيرت معطايات العقل .. تبدلت قرارات القلب!!


_بيسان هتتجن من بعد ما عرفت بتأجير آبيه معاذ الشقة الفاضية.. عمالة تتخانق مع ماما..!

_ ده رد فعل متوقع يا حبيبتي .. أكيد مش هتنسى كل حاجة بسرعة وترحب بظهوره المفاجيء! لأنها بردو اتعذبت بقراره وكانت رافضاه من البداية!

أروى بإيماءة: عندك حق.. وتفكير آبيه معاذ إنه يأجر الشقة بتاعتنا ويعملها عيادة ده اقتراح عبقري!
بلال بتأكيد:
_ فعلا.. أخيرًا ابتدى يمشي في الأتجاه المظبوط في علاقته هو وبيسان..!
ثم أستطرد:
لعلمك أنا ماكانش عاجبني موقف دكتور معاذ من الأول.. اختك كانت شارية وراضية بيه .. ماكانش له لازمة الفراق من أصله!!!

عانقته متمتمة وهي تترقب إجابته:
طب لو كنت مكانه كنت اتصرفت ازاي يا بلال؟ كنت هتسيبني؟؟

ضمها إليه بشدة هاتفا بقوة وكأنه يمهد لقوله:

على جثتي كنت أسيبك!! أنتي حبيبتي وحياتي كلها ومادام اتجوزنا وبنحب بعض بجد، يبقي قدرنا واحد وكل اختبار من ربنا لازم نخوضه سوا..!
مستحيل افرط فيكي بسهوله!!
ده غير إني كنت هكون أناني فوق ماتتصوري في حبك واتمسك بيكي بكل الطرق، ومش هسيب لعقلي مجال يبعدني عنك وهسيب السلطة الكاملة لقلبي انه يحبسك جواه.. ومايطلقش صراحك إلا في حالة واحدة بسسس… إنك انتي اللي تطلبي الفراق..!

صامته تتأمله بحب ، تحاول استجلاب كلمات توازي روعة إحساسه بها وعشقه لها فلم تجد!! لا توجد كلمات تنصف روعته بنظرها .. ولكن ستكافيئ هذا العاشق بطريقة لا تليق إلا به!!

ستلتحم روحها قبل جسدها بقلبه وبين ضلوعه ، لتجدد عهدها معه .. هي له وملكه إلى الأبد!


أتصالح مع نفسك يا بهاء .. واجه مخاوفك بشجاعة
آمن جواك أن العفو والسماح مش معجزة .. ربنا كريم وعادل ، يمكن يكون غفرلك وأنت لسه غرقان في دوامة ندمك .. زور قبر أمك وقولها اللي في قلبك هتحس بيك .. أوصل صلة الرحم من تاني يا ابني، واسترضي اللي زعلان منك واعمل اللي عليك!

صدقني لو عملت كل ده.. هتلاقى سجدة!!!
وهتشوف بشرى من ربك تداوي وجعك، تروي عطشك وتحيك من تاني يا بهاء!!

تجول بعقله كلمات العمة منذ عودتها من القاهرة
يشعر وكأن كلماتها لغز يحاول فك طلاسمه!!

ويتعجب ذاك الشعور الغريب الذي مازال يصاحبه وأثر رؤياه المبهجة بوالدته وهي تجلس بمسكنهما القديم وتطلق تجاهه عصفوريها.. شيء غريب يعبث باعماق نفسه ، وكأن خيرًا ما يلوح بالأفق..!

القاهرة!!

لما لا يعود لمسقط رأسه ؟! فلم يزور قبر والدته مرة واحدة منذ وفاتها ، أو يذهب لشقتهما ويحاول التواصل مع زوجة خاله أو السؤال عنها..!

ترى ! هل يمكن أن تنصلح أموره ويجد راحته حين يخطوا بشجاعة فوق أرض ماضيه المؤلم؟؟!!
قالها له سيف سابقًا..!

” روح اعتذر ورمم صورتك المكسورة في عينهم .. وأنا متأكد أنك هتلاقي بينهم مكان يضمك تاني ”

سيف .. ياخجلي منه ، عزفتُ عنه وسددت كل الطرق أمامه كي يحاكيني .. وربما سيكون أول من أرمم صورتي معه ، وأعيد وصل صداقتنا المبتورة!!

*******************************

واقفا يراقبه وهو يعالج إحدى البقرات المريضة ، كم أشتاق حديثه ومزاحه ومؤازته الدائمة .. كيف يخسر صديق گ سيف .. سيكون أول ما يستعيده ثانيًا..!

_ هتفضل واقف عندك كتير!!

فوجيء بهاء بملاحظة سيف له من البداية.. إذًا كان تلصصه مكشوف لديه ، كم هو أحمق .. اقترب على استحياء مغمغما : بما إنك دكتور بيطري .. لو فيه حمار مصاب بغباء مفرط .. في أمل أنه يتعالج؟!!

نظر له سيف ليستوعب ما قاله ، ثم انفجر ضاحكًا لطريقة بهاء المازحة في مصالحته .. ثم فتح له ذراعيه قائلا بمرح:

_علاجك عندي يا دونكي .. تعالى في حضن أخوك!

أندفع بهاء إليه واحتصنه بسعادة مخلوطة ببوادر بكاءه مغمغما من بين مشاعره الصادقة :
أنا أسف يا سيف ، عملت حدود بيني وبينك، وانت اكتر واحد كان بيدعمني ويتحمل حزني!

سيف مربتا على ظهره :
ماتعتذرش أنا مش زعلان منك قد ما كنت زعلان عليك .. ثم ابتعد عنه قليلا ليطالع وجهه :

خلاص أنسى .. هنبدأ صفحة جديدة سوا .. وأول قرار هدعمك فيه .. إني هكون معاك في القاهرة ،
رمقه بهاء متعجبا من علمه بأمر سفره للقاهرة،
فقال سيف :
ماتستغربش ، مش معنى اني كنت بعيد أني مبسألش واعرف أخبارك من عمتك!! .. عشان كده مش هسيبك لوحدك .. هكون في ضهرك، عشان وقت ما تحتاجني .. تلاقيني!!

لم يجد بهاء رد سوي أحتضانه بقوة .. فكم يحتاج بحياته لصديق كهذا .. ربما سيف هو أول بشائر المغفرة من ربه .. فلو كان سيء.. ما حظى بصديق مثله!!


_ يعني يرضيكي أمك تنزل بنفسها ، وأنتي عارفة رجلي وجعاني إزاي!!
_ يا ماما تضغطيش عليا ، وتنزلي ليه أصلا ؟
_ يابنتي الجدع شغال في عيادته ليل نهار، وبينام فيها بالليل ومقضيها أكل من برة ، فيها أيه لو عملتله لقمة نضيفة ، مسكين لوحده ومحدش بيراعيه!

_ خلاص يا ماما خلاص ، خلينا نخلص من الموال ده .. ولعلمك لولا أني نازلة أصلا أشتري أيس كريم لوعد ماكنتش هوصل لجنابه حاجة..!!

هللت وعد بفرحة : هييييه ، مامتي هتجيبلي آيس كريم، ثم تعلقت بيدها قائلة: أروح معاكي يا ماما ومش هتشاقى!
بيسان بحب: ماشي ياقلب ماما، هخدك معايا ، روحي يلا البسي الشوزة بتاعك ..


“مبروك عليك العيادة الجديدة يا دكتور ”

رفع معاذ وجهه عن مايطالعه ، ثم قام بحماس يرحب بزميله حسام في حبور شديد :
مش معقول، أيه المفاجأة، دي، نورت المكان كله!!

_ ما أنت غبت يا دوك ولا سألت ولا طمنتني عملت أيه، وبصراحة زعلان، بس قابلت بالصدفة سليم وطبعا سألته عنك وقالي على عيادتك فأخدت عنوانك وجيت!

معاذ بود حقيقي: حقك عليا يا حسام، بس والله انشغلت في توضيب العيادة ونقل الأجهزة الطبية وكل دي أمور اخدت وقت .. هعوضك والله في سهرة من بتوع زمان ..

حسام : وأهي السهرة جت إجباري ، أنا جاي اعزمك علي عقيقة أبني سامر ، ومش هتنازل عن باكت بامبرز وسالوبت للواد!!

أحتضنه معاذ بفرحة حقيقية : ألف مليون مبروك ياحسام ، ربنا يجعله ذرية صالحة ليكم، وطبعا جاي وفإيدي سالوبت محترم وأفخر نوع بامبرز للبرنس الصغير ..!

دخلت بتلك الأثناء بيسان حاملة بيدها طبق مغلف!
شعرت بالإحراج لدلوفها ورؤية أحدهم مع معاذ ، فلم تكن الفتاة المسئولة تجلس بمقعدها لتستأذن قبل الدخول ، فقالت بحرج واضح : أسفة دخلت بدون أذن لأني…………… ..
بترت جملتها وهي تنتبه للشخص الذي يقف مع معاذ وقالت : مش معقول!! دكتور حسام؟!

أجابها بدهشة هو الأخر : بيسان!! يااااه من أمتي ماشوفتكيش ، من ساعة ما سبتي شغلك من كام سنة ومعرفش اخبارك.. عاملة ايه أنتي ووالدتك؟

بيسان بابتسامة جذابة أطهرت نغزتيها:
الحمد لله بخير،أخبارك انت أيه وأخبار خطيبتك دكتورة علا!!

ضحك حسام ثم قال : خطيبتي أيه ده انتي فاتك كتير يا بنتي .. أنا جاي اعزم معاذ على عقيقة أبني!!
هللت بيسان ثم ضحكت قائلة : لا مش ممكن ، ده أحنا نايمين في الكهف بقى ولا داريانين!

فضحك ثانيًا : واديكم عرفتوا يا ستي ، وبما إنك عرفتي مش هتنازل عن زيارتك أنتي ومعاذ و…… .
وأخيرا أنتبه لتلك الصغيرة الواقفة بصمت تراقبهم
فاتجه لها جاثيا وهو يقول : مين الأمورة دي يا بيسان ؟
بيسان بحنان : دي بنتي ” وعد” .. ثم قالت لصغيرتها: يلا يا وعد .. سلمي على عمو حسام!

وعد برقة: ازيك يا عمو ، ومدت يدها الصغيرة ، فرفعها حسام ليحتضنها قائلا: مخبية علينا الحلويات دي كلها .. ثم وقف ومازال يحملها : أنا خلاص قررت أخدها لسامر أبني ، موافقة يا بيسان ولا هتكسري قلب أبو الواد؟!!!

ضحكت بيسان وقالت بمزاح دون الأنتباه لضيق معاذ:
طب خليني افكر يا دكتور .. بس من دلوقتي بقولك وعد مهرها غالي ، خلي عريسكم يستعد من دلوقت!
فضحك حسام فشاركته ضحكه بتلقائية!!

وقال حسام : خلاص وعد كمان معزومة ، عشان تلعب مع خطيبها، أهو أما يتقابلو قصاد عنينا ، أحسن ما يتقابلو من ورانا..!

قهقهت بيسان بشدة لخفة ظل حسام غير واعية لمن يكاد يحترق من غيرته عليها، وهتف محاولًا التحكم بغيرته على تلك البلهاء :
عندك حق ، عموما ألف مليون مبروك وربنا يحفظهولك ياحسام، وسلامي لدكتورة علا ، وإن شاء الله نحضر العقيقة!!

رحل حسام بعد أن أعاد دعوته لبيسان ومعاذ الذي ما أن غادرهم حتى أتجه ناحية بيسان بعين تقدح شرار:

_هو صاحبك عشان تناديله حسام بدون ألقاب ؟ ده أنتي شوية وكنتي هتدلعيه وهتقوليلوا يا “حُس”!!

وبعدين من أمتي بتضحكي وتتمسخري كده مع حد؟ عمالة تكركري ولا كأن في حد واقف مالي عينك وتعمليله حساب ، وبعدين مين قالك أني هسمحلك تروحي من أساسه؟!!!!

حدقت به متعجبة لتحكمه بها بغير حق!! ومن اخبره أنها ستنصاع لأوامره هذا الأحمق.. تعرف أنها أثارت غيرته وتعمدت ذلك .. فلن تكون بيسان إن لم تعاقبه وتسقيه من نفس الكأس حين كانت تترجى وصاله وخذلها وتركها تعاني مرارة بعده..

هتفت بعد أن أستقوت داخلها، فلن تظهر ضعفها ابدا:

أنا ماسمحلكش تقول بتمسخر أو أني بتباسط معاه ، انا كلمته عادي وضحكي كان مبرر، وأصلا بأي حق تقولي أروح أو لأ.. وأنت مالك بيا ، ليه تدخل في شئوني ، ولا هي الغربة علمتك تكون قليل الذوق ومتطفل على الناس؟!!!!

تقدم خطوة أخري وهو يرميها بنظرة غاضبة حانقة عليها، هو يعلم تعمدها إثارة غيرته وتتغابى عمدًا!!

ولكن فجأة برق برأسه فكرة ما، أخمدت ثورته وكست ملامحه بغتة بهدوء، أوجستها خيفة من تبدل حالته! وسمعته يقول :

خلاص تمام .. هنروح بكرة عقيقة سامر ، حضري نفسك أنتي ووعد!

بيسان وهي تضع يدها بخصرها معترضة:

هنروح ده أيه إن شاء الله؟؟؟ وأنت بتجمع ليه، أنا هروح لوحدي ماليش دعوة بيك!

معاذ بمزاح: يا ستي اعتبريني التاكس اللي هيوصلك ، وابقي كرمشي 50 ج في أيدي ، قلت أيه ؟

همت بالأعتراض، فعاجلها بنظرة راجية وهو يطالع “وعد”قائلًا بحنان جلي :

نفسي أقضي يوم من أوله مع وعد ..ممكن يا بيسان؟

كيف ترفض بعد ما مس شغاف قلبها برجائه.. حسنًا لن يضيرها شيئًا.. فليذهبا معًا!

أنتوت الموافقة وقبل أن تنطق حرفًا، لمحت ذاك الكيس البعيد على سطح مكتبه فتسائلت بفضول يحبه: هو أيه اللي هناك ده؟؟؟؟

التفت ليتبين كيس الحلوى والشيبس الذي أحضره خصيصًا لوعد، ولكن أتته فكرة شريرة للثأر منها لإشعال غيرته عليها مع حسام، فقال:

ده أنا جايبه لسندس، أصلها عزمتني امبارح على بسبوسة انما تحففففة، وعرفت انها بتحب الحاجات دي فقلت اردلها يعني، لأنها رفضت اعزمها برة!!

لما يشعر أن أذنيها برزت من تحت حجابها وتكاد تطلق دخانًا أسود.. ولا يستبعد أبدًا أن ينبثق من عينيها نارًا تحرقه حرقًا..! هل بيسان تتحول الآن؟!!!!

حسنًا هي تستحق تلك البلهاء، حتى لا تثير غيرتي مرة أخرى!!!

أما هي فكل تفكيرها يدور حول:
هل أحضرت له بسبوسه من صنع يديها واعجبته؟
والمثل يقول، الطريق لقلب الرجل معدته!!!
إذا لا يتبقى سوى أن تحضر له تشكيلة محاشي وتنال قلبه وربما تتزوجه قريبًا..!

ضيقت عينيها وضمت أسنانها وارتعشت شفتيها وأخذت أنفاسها بغلٍ واضح، فكاد يفلت منه ضحكه عالية على مظهرها ولكنه تماسك حتى لا يفسد جدية الموقف وينال منها

أما هي مازالت تسيطر على اعصابها بقوة جبارة، ثم التفتت آمرة لوعد:
وعد.. روحي هاتي الكيس اللي هناك ده ياحبيبتي عمو جايبهولك كله!!!

هللت الصغيرة وركضت تلتقط كيس الحلوى بالكامل!! أما بيسان، فاقتربت من معاذ هاتفة بنظرة عدوانية مضحكة:
لو عايز ترد العزومة للسنيورة، عندي طبق مكرونة بايت، هبقى انزله مع وعد!!
ثم رفعت أصبعها محذرة: أياك يامعاذ تاخد منها حاجة تاني! ثم واصلت بامتعاض: ناس تحب الرمرمة??

error: