رواية ” أنت مكافأتي”

الفصل 4

الفصل الرابع!!

السمج ده جاي عندنا ليه.. ؟

اعتراض أطلقته أروى فور علمها بزيارة بهاء!

الحاجة عائشة : عيب كده يا أروى ، ده ابن عمتك!
أروى : أنا مابحبوش يا ماما ولا برتاحلوا ، كفاية معاملته الوحشة لعمتي شمس!  ده المفروض يتسمى ابتلاء مش بهاء!

بيسان متدخلة : بصراحة يا ماما أروى عندها حق .. بهاء ابن عمتي تصرفاته ما تشرفش وأنا كمان بضايق منه بسبب معاملته السيئة لأمه ..
الحاجة عائشة : مالناش دعوة بكده، أهو في الاخر ابنها ولو انتي عاملتيه وحش عمتك شمس نفسها هتزعل منك.. ده ضيف هياخد واجبه ويمشي ، كتر خيره جاي يطمن عليا اما عرف إني تعبت ..!

أروى وهي تتعلق بعنق والدتها بدلال وحب :
طب سيبك من كل ده وطمنيني عليكي يا شوشو، بجد  بقيتي كويسه دلوقتي؟

قالت بابتسامة حنونة :
متخافيش ياحبيبتي انا بقيت زي الفل، شوية تعب وراحوا لحالهم  ..
اروي بصدق:  ارجوكي يا ماما ، اوعي تهملي علاجك تاني ، انا كنت هتجنن عليكي!
ثم احتصنت والدتها بشدة قائلة :
انتي اغلى انسانة عندي في العالم، ومش عايزة اشوفك تعبانه تاني ، انا بخاف عليكي اوي يا ماما ..

ربتت على ظهرها برفق : يا حبيبة ماما كل الناس بتتعب، متخافيش يا أروى، ربنا يمد في عمري لحد ما اطمن عليكي أنتي واختك  ..


_ وأخيرا خلصنا أخر وش نقاشة للمحل .. وبقى جاهز نرص فيه البضاعة!
بلال : الحمد لله يامعتصم ….أحنا وفرنا تمن النقاشة وعملنا بأدينا أحلى شغل ولا اجدع نقاش فيكي يا بلد!
معتصم : بس حيلنا اتهد ياعم ، احنا مطبقين 3ليالي عشان نخلي المحل ده ينفع لبضاعتنا..

بلال وهو يجلس على أحد المقاعد :
مش مهم ، نتعب دلوقت، عشان نرتاح بعدين، مافيش حاجة بتيجي بالساهل ياصاحبي!

معتصم وهو يجلس بتهالك :
بس يارب يجي بفايدة ، احنا حطينا كل قرش معانا وعملنا جمعيات لسة ماخلصتش ، ده غير إيجار المحل ده نفسه..
بلال : وبعدين يامعتصم ، أنت هتشيل هم من دلوقتي ..  كله هيبقي تمام، احنا قاصدين الحلال وهنتعب، وربنا اكيد هيجازينا خير ويفتح أبواب  رزقه لينا ، بس انت قول  يارب!
معتصم : يارب..
………………………..

“نورتي الدنيا يا حاجة شمس انتي وبهاء”

الحاجة شمس :
ده نورك يا حبيبتي ، طمنيني ازيك دلوقتي..
الحاجة عائشة :
الحمد لله بخير ، ازمة وعدت نحمده على كل حال ..
بهاء : الف سلامة عليكي يا مرات خالي..
قالت بود : تسلم وتعيش يا ابني، والله فرحتي بيك وبزيارتك كبيرة انهاردة!
أم بهاء بسعادة من مبادرة أبنها الطيبة :
اه والله يا عائشة، ده هو اللي قالي ، لازم نزور مرات خالي ونطمن عليها!
أجابتها بمزاح :
يعني لولا بهاء قال أجي يا شمس ، ماكنتش شوفتك!
اخص عليكي ، بهاء فيه الخير عنك ..

هتفت ضاحكة : انتي مصدقتي تركبيني الغلط!!
طبعا كنت هاجي.. وأنا اقدر أتاخر عنك!
وبتلك اللحظة دخلت أروى حاملة صينية فضية لامعة  مرصوصٍ فوقها عدة كاسات مزخرفة بنقوش ذهبية مملوءة  بعصير مانجو طبيعي ..

ام. بهاء : حبيبة قلب عمتها جت
أروي بابتسامة ترحيب صادقة :
حبيبتي ياعمتو ، نورتينا انهاردة ، ووحشتيني جدا
ثم مالت بجسدها لتعانقها واثناء ذلك وقع بصرها على بهاء وهو يطالعها باهتمام من خلف ظهر عمتها، فعبست بوجهها متعمدة!

الحاجة شمس : مش هتسلمي على ابن عمتك..

ولأنها كرهت مصافحته ، أسرعت بالتقاط احدى كاسات العصير قائلة :  أهلا بيك يا ابن عمتي..

فطن  بهاء لفعلتها، وانتابه الضيق، لما كل هذا النفور منه ، ألم تنسى بعد عداوتهم منذ أن كانوا صغار؟!

هي الآن تجذبه بشدة، ويشعر بتأجج رغبته فيها منذ رآها، ولكن كيف يقترب وهي تنفره بهذا الشكل!
فعزم على إيجاد وسيلة للحديث معها بمفردهم ، وباي طريقه، لابد أن يحدثها ، ويوضح لها انجذابه لها، فربما تكون أروى سبباً لتغيره مستقبلاً ، ولما لا، هو يعلم أن. سلوكه سيئ خاصًا مع والدته، ومؤكد هي تعلم ولهذا تنفره، ولكن يجب أن ياخذ فرصة ،هو ليس بهذا السوء.. هكذا يظن بنفسه..!

……………………….

_ اتفضلي ياستي، كتبتلك  الدروس اللي اخدناها اليومين اللي فاتوكي .. بس ماتاخديش على كده!

اروى : شكراً يا ست رغد لتعبك، ربنا يسهل واركز عشان اعوض كل اللي فاتني، اما غبت و ماما تعبانه!

رغد:  ماتقلقيش أنتي اي حاجة تقف معاكي أسالي الأساتذة..  صحيح هتروحي معايا درس الرياضة بعد المدرسة؟
اروي: أه طبعا، عرفت ماما، ماهي الحمد لله اتحسنت، واختي بيسان كمان هترجع البيت بدري..
…………………….

“وفين مكان درس الرياضة ده يا مرات خالي؟..”

الحاجة عائشة : هو قريب من مدرستها يابني.. هي مش هتتاخر، تعالى حتى تونسني ونشرب شاي على ماتيجي هي وبيسان ونتعشا كلنا سوا..

بهاء محاولا إيجاد سبب مقنع لمعرفه مكان أروى، والذهاب إليها والحديث معها كما يخطط:

انا بقول الأحسن اروح لأروى واجي معاها على الأقل هيكون الليل دخل والأضمن اوصلها من هناك!

قالت باقتناع : والله يا بني فكرة ، عندك حق أنا ببقى خايفه عليها اما بتيجي بالليل من الدروس..
هقولك بالظبط عنوان المدرس وتجيبها وتيجي!

…………………… ..

يا الله كم أشتاق لحبيبتي أروى!

انشغلت عنها لأسبوع كامل في توضيب محلي الصغير أنا ومعتصم ، محل متواضع .. لبيع الهدايا ومستلزمات البيت ،والأغراض المنزليه التي لا تستغنى عنها سيدات البيوت ..وكان لابد لي من المتابعة مع صديقي كل شيء من تشطيبات نهائية و الاتفاق على البضائع وجلبها وترتيبها كما يجيب!

وما أن حانت الفرصة ، حتى أتيت لرؤيتها!
فلا تتعجبون!  أنا أعلم عنها كل شيء ، أماكن الدروس التي تتلقاها ، وعنوان كل مكان تذهب إليه!
حتى أصبحت لا أجهل شيء يخصها!

وكل يوم أتعلق بها أكثر، هي غايتي الوحيدة، هي أمنية طفل قصير القامة، كبُرَ واستطال عوده.. حتى صار شاب طويل بجسد ممشوق!

فلن أُخفي عليكم عقدتي القديمة ..”قصر قامتي!”

حين كنت صغيرًا وأنا أتخيل أني عندما أكبر ، وألتقيها أكون أمامها بهذا الجسد الهزيل، كلما حفزني هذا على تغير نفسي .. فداومت بشكل مكثف بصالات الجيم المتاحة ، ومارست التمارين العضليه المختلفة ، التي ساهمت بتكوين شكل جسدي وتقسيمه .. وخدمني في هذا صغر سني عندما بدأت بتلك  التمارين ، وأن جسدي مازال بمرحلة البناء ويمكن تقويته وتغيره ، وهذا ما أخبرني به مدربي حينها!
وبالفعل أصبحت أطول وأقوى ، وكم افتخر بتلك النتيجة ..فذاك الطفل الصغير قصير القامة، كبر واستقوى لأجلك أنتِ فقط حبيبتي!!
………………………

طال وقت انتظارها ،وبدا يسيطر على بلال الضيق، فدخولها لمنزل أحدهم  ، حتى بصحبة آخرين مثلها ..
كان يؤرقه .. يخاف عليها بشدة .. لو الأمر بيده لأحاطها بحمايته وحبه طوال الوقت .. كم يطوق للإعلان عن نفسه أمامها ، ولكن لن يتعجل ، فحبيبته مازالت صغيرة .. لا يريد اقتحام حياتها إلا بتوقيت مناسب، فيجب ان تكمل دراستها الثانوية اولا ثم تلتحق بالجامعة، ولحينها يكون هو أستطاع تدبير مبلغاً لا بأس به يدعم وضعه امام عائلتها حين تحين لحظة ظهوره لها  وإعلان رغبته في الإرتباط بها!
………………………
لم يكن يدري بلال عن ذاك الشخص الذي يقف على مقربة منه وينتظر نفس فتاته!
بهاء الذي أتى للحديث معها، وليس فقط مراقبتها..!
ولكن تُرى .. ماذا تحمل تلك الدقائق القادمة لثلاثتهم

بلال…… .بهاء……  أروى!!!


انتهت حصة الرياضيات .،واستعد الجميع  للذهاب..إلا هي، ظلت لتستوضح من أستاذها  بعض النقاط الهامة  بينما أخبرت رغد أروى ، أنها ستسبق لأبتياع بعض الأغرض البسيطة ،لحين فراغها مما تفعل!

بعد برهة ، ترجلت أروى الدرج لتغادر تلك البناية وتبحث عن صديقتها، ويعودا سوياً..وما أن اقتربت من مغادرة البناية حتى قطع طريقها أحدهم!
ولم يكن سوى ببهاء!! الذي فوجئت بوجوده!
فوقفت متعجبة، كيف أتى إلى هنا ولماذا ؟!

بهاء : معلش يا أروى أنا كنت محتاج اتكلم معاكي ضروري وبعيد عن البيت ، ومش هعطلك كتير

قالت بعد أن استوعبت وجوده:

أسفه ، مش بكلم حد بعيد عن عيون  ماما واختي..
وهمت بالذهاب، فسد الطريق بجسده قائلا:

أنا مش غريب، أنا ابن عمتك، و نفسي اعرف ليه بتكلميني كده؟  ليه بتكرهيني يا أروى؟

أجابته بحدة : بقولك ايه يابهاء ، أنا ولا بكره ولا بحب، ولا تفرق معايا أصلا، ولوسمحت وسع من سكتي خليني امشي ،وبعدين أنت ازاي…… ………

كانت تتحدث.. وهو لا يسمع!..صار گغائب عن الوعي!  غارق بعالم أخر.. فرؤيتها عن قرب كانت قصة أخرى!

عيناه تتأمل كل إنشٍ بصفحة وجهها الفاتن، عيناها الصافية التي تشبه عين القطة ، وأهدابها الطويلة، ولمعة بشرتها الناعمة، كم يتمني الآن أن يملسها بأصابعه ، ترى كيف سيكون شعوره إن فعل؟!!
خفض عيناه يترقب شفتيها الوردية البراقة وهي تحدثه، تبا..!  .. ماذا يحدث له، تجذبه بشدة ويشعر بأنه يفقد سيطرته على نفسه..!

هل يتوارى بها جبرًا ويحتجزها أسفل الدرج المظلم؟!

هل تلاشت المسافة الفاصلة بينهما وهو يقترب دون سيطرة؟!! هل تقاومه وهو يحاول تقبيلها عنوة..!؟

صار وكأنه مغيب ،مخدر!!  صدقًا هو لا يعي ما يفعل!!
ولم يفق من غفوة عقله ونشوته تلك، إلا عند شعوره بألم شديد أسفل معدته!!
القطة الشرسة قاومته بأظافرها ، ودافعت عن نفسها بضربتها المباغتة!
أبتعد ليتحدث بعد ما فاق واستوعب فعلته المخزيه، فلم يجد ما يقوله ، سوى كلمات لائمة منه لذاته لم تتجاوز حلقه!

_ماذا فعل بابنة الخال؟! كيف تجرأ عليها هكذا ؟!!

صفعته أروى بكل قوتها ، ثم بصقت بوجهه، وغادرت المكان باكمله!!


للنفس شهوات .. ربما نضعُف أحيانا أمامها گ بشر، ونسقط في بئرها المظلم.. ولكن حين نستشعر مراقبة الله لنا بكل فعل يصدر منا.. ونتسلح بالإيمان والعبادة ضد كل ضعف يمكن أن يسيطر على أنفسنا الضعيفة
هنا فقط تكون النجاة من هذا الإنحدار المهلك!!

لم يكن يدري بهاء،  أن بفعلته تلك قد سقط في بئرٍ غائر لن ينجده أحد من ظلمته .. لأعوام قادمة..!

هو عاق لوالديه.. عاصي لربه .. غافل عن ذكره!

وبتلك الصفات ، سيعبر بوابة شقاء لن يخرج منها إلا بتوبة صادقة وندم حق على ما فعل!!
ولكن متى سيشعر حقًا بالندم، وماهو الثمن؟!!

سنترقب نحن ما ستتمخض عنه الأيام القادمة .. فربما وجدنا في القادم عبرة حقيقية لنا أيضًا..

لما لا!  .. وهل بيننا معصوم من الخطايا؟!

error: