رواية ” أنت مكافأتي”

الفصل 35
——–
يتأملها سيف بإعجاب شديد.. ثوب عرسها الوردي الرائع، وحجابها البراق المزين بتاج فضي صغير وجمال وجهها وهدوء أصباغه الغير مبالغ بها.. ولون عيناها المكحلة التي برز لونها العسلي، بذاك الكحل الأسود.. وكم يليق بعينيها سواده!
تعجب كثيرا من نفسه فلم يكن في باديء الأمر متحمس لرغبة والدته بتعجيل الأمور، وعندما أخبرته برغبتها بعقد القران بحفل خطبتهما، جادل بشدة، رغم ارتياحه لرغد وتألفه معها بزياراته التاليه لقراءة الفاتحة.. إلا أنه أراد التروي بالأمر، فمازلوا أغرابًا..!
وكان يود إعطاء الفرصة لنفسه والمجال لمعرفتها بشكل أعمق!..
إلا أنه الآن صار يمتن لولدته.. فلا يظن أنه سيقوى على الصبر كثيرًا ! .. ربما فترة تعارفهما هو ورغد بالفعل قصيرة وسريعة.. ولكن متى احتاجت القلوب إلى الوقت لتتألف؟!
أحيانا نظرة واحدة تكفي لزرع بذرة حب نقية،تنقسم حبتها بين قلبين، فتنبت حبًا تتأصل جذوره كلما مر بهما العمر!

الآن هو من لا يود الإنتطار، سيبدأ فورًا ببناء منزلهم الخاص فوق منزل والدته بالشرقية، حيث سكنتهم الدائمة!

أما رغد فكانت تتأمله خلسه هي الأخرى.. لا تصدق أن هذا الرجل الأنيق الجذاب .. الذي تشبه ملامحه ذلك الممثل المعروف ” إياد نصار”.. أضحى زوجها..!

تُرى كيف ستكون حياتها مع شخصية تناقضها تمامًا، فكما يبدو لها .. هاديء رصين. لا يتكلم كثيرًا، وإن تحدث يكون لكلماته أثر السحر عليها!!.. لبق مثقف مهذب!!!

أما هي ثرثارة سريعة الغضب تحب المزاح، تطلق أحيانا عبارات دون أن تمر بعقلها..!
هل رآى بسماتها تلك، ما أغراه للإرتباط بها؟!..لولا صراحته المباشرة حين أخبرها أنه يرتاح لها كثيرًا وصارت تحتل تفكيره .. لربما ظلت تتسأل، هل ينجذب لها حقًا!

أنتشلها من شرودها صدوح صوت موسيقى هادئة گ
إعلان لرقصتهما معًا.. قام سيف ثم التقط كفها برفق شديد بقلب راحته. فاقشعر جسدها للمسته الأولى بعد أن صار زوجها، وكأن بهذا العقد بينهما، كل شيء تغير وأصبح بنكهة مختلفة!!
أصبحوا بوسط ساحة الرقص بمفردهما، فأحاط خصرها بذراعيه، فارتجفت! تود الابتعاد، ولكن لا مفر!! ويبدو أنه استشعر رجفتها فهمس بأذنها:

مالك يارغد.. أنتي بردانة!!

ابتلعت ريقها بتوتر، لتخفي ما بها هاتفة بصوت يكاد يُسمع: لا أبدًا .. أنا كويسة!!
فقال مشاكسًا: طب مش بتبصي في عيني ليه؟!
صمتت وعيناها تنظر للجميع عداه!!
ووجهها يتكاد يتفجر من حمرته التي راقته فهمس لها ثانيًا : رغد.. هتسامحيني في اللي هعمله دلوقتي؟!!

هنا فقط رفعت وجهها إليه فالتقط وهج عيناها بحبه الوليد.. ثم برقت عيناه مكر قرأته هي بوضوح غير مدركة خطوته.. ثم شهقت فجأة بصوت مسموع بعد أن باغتها سيف برفعها بذراعيه من خصرها والدوران بها حتى أُجبرت تلقائيًا على إحاطة عنقه لتتوازن من صدمتها، وجسدها يطير في الهواء!!..وذيل فستانها يرفرف حولهما، في مشهد جعل جميع المدعوين يلهبون كفوفهم تصفيقًا وتشجيعًا بصافرات الشباب الحاضرة

فاختلطت بكائها بالضحكات!
لا تعرف كيف تعبر عن سعادتها تلك اللحظة، وحلم من أحلامها يتحقق الآن .. وهو أن يحملها زوجها ويدور بها بحفل زفافها.. فعندما كانت بجسد بدين وتشاهد تلك اللقطة البسطة بأي عُرس، كانت تحزن وتتحسر على حالها!! .. فمن سيحملها بكل هذا الوزن الثقيل!!

أما الآن هي بالفعل محمولة بذراعيه، يطير بها كما تمنت يومًا .. ومازاد خفقات قلبها وجعلها ستطير بالمعنى الحرفي للكلمة!!!

أنه مال على أذنها، وشفتيه تعزف بمسامعها لحن اعترافه الأول بحبه لها : ” بحبك ” ..!

فدفنت وجهها بعنقه تخبيء شلال عبراتها فسعادتها الآن لن يساعها ويحتويها سوى عناقه..!

******************

لا أصدق!! .. كيف أتي بهاء إلى هنا ولماذا!

بلال!! .. هي كارثة إن لمحه بلال الآن!
سينقلب الحفل ولن تكون العاقبةُ حميدة.. سأذهب في التو .. فلا يجوز الأنتظار!

وخطت أروى بأقدامها سريعًا وكأنها تعدو!
ولأنها فرصة لن تكرر معه أوقفها هاتفًا:
_بنت خالي!!

وقفت عاجزة عن الإتيان بأي فعل، لا هي استدارت له ولا هي أكملت طريق هروبها الذي نَوته قبل أن يأتي بلال!!

أما هو واقفًا يطوف بجدران ذاكرته عله يجد كلمة تصلح لاعتدار يرضيها فلم يجد سوي ذكرى لاحت بعقله گ دعم لما يود قوله!!

_ فاكرة يابنت خالي وأحنا صغيرين لما كنتِ بتلعبي على سلالم العمارة وبتجري عشان تاخدي الكورة بتاعتي عشان تغيظيني! أنا كمان جريت بس مش عشان اخد منك الكورة زي ما افتكرتي!

أنا كنت شايفك هتقعي على حرف السلالم الرخام!
وكانت هتبقى حادثة الله اعلم نتيجتها أيه!
انقذتك، بس استكبرت اظهر إني خوفت عليكي، وزعقتلك بحجة كورتي اللي جريتي عليها..!
وانتي عمر ما كان هيخطر في بالك إن هدفي كان انقاذك مش أي حاجة تانية!!!

 

error: