رواية ” أنت مكافأتي”

الفصل 36
********
هتفضلي زعلانة مني لحد أمتى يا خالتي خديحة؟!تطالع الخالة حفيدتها شمس التي تميل ملامحها لنفس تقاطيع أخيها حسن رحمه الله!!
وتمتمت بهدوء دون أن ترفع عيناها لسجدة الجاثية على ركبتيها، تنتظر حديثها بترقب:

_ ماتشغليش بالك يابنتي بزعل ولا لوم.. لو كان لينا قيمة واحترام عندك كنتي حملتي هم زعلنا من زمان!
كنتي دورتي على الكبار وشاركتيهم مشكلتك!
وأنا وعمك راضي كنا وقتها هنفهمك كل حاجة وأيه سبب تصرف بهاء، وكنا هنجيبلك حقك ومش هنظلمك.. بس انتي اختارتي تبعدي وتغيبي وتسيبي قلوبنا مقهورة وموجوعة!!

تمسكت سجدة بكفها وقبلته هاتفة من بين بكائها:

غصب عني والله، بهاء كان خاذلني وظالمني!
كل اما افكر ارجع، افتكر اللي حصل ورفضه لولاده وانه حاول يسقطني في لحظة جنون خوفني منه، ولولا رحمة ربنا ونجاة ولادي، أنا ماكنتش هعيش في الدنيا لحظة!
وإذا عشت ماكنتش عمري هقدر اسامح وأنسى!!

صمتت تقبل رأسها، ثم منحتها نظرة أكثر رجاء:
عشان خاطري سامحيني، لو بتعتبريني زي بنتك فعلا سامحي، أنا وبهاء مالناش غيرك انتي والعم راضي، باركيني برضاكي عشان ارتاح أنتي ماتعرفيش أيه غلاوتك عندي!!

كيف تقاوم وقلبها يشتاق لضمتها قبل ذراعيها..!
فتلك الجاثية تترجعى وصالها، هي سجدة حفيدة الغالية فجر، وزوجة بهاء وأم أحفادها وامتداد نسل أخيها الراحل حسن!!

تلقفتها بعناق أمومي صادق، تآوهت منه سجدة التي لا تصدق أنها نالت أخيرًا مسامحة العمة، وتنعم الآن بعناقها الحاني!!

************************

بعد مرور أربعة أشهر!!

_نام أنت يا بلال حرام عندك شغل وبتوقف على رجلك طول اليوم.. أنا طبيعي مش عارفة أنام بشكل مريح بسبب قرب الولادة حبيبي!

_ مش هاين عليا أنام واسيبك تعبانة يا أروتي، هقعد اسليكي شوية يمكن تنامي!
_ ربنا مايحرمني منك يا بلال .. تعرف بتمنى أيه؟
_ أيه يا حياتي؟
_ إن أما ربنا يرزقني بولد، يكون واخد نفس حنيتك ورجولتك ورفقك بيا وتفهمك في التعامل معايا.. وقتها هيكون أبن مميز وفيما بعد زوج مثالي!

بلال بسعادة طاغية من وصفها له:
وانا بتمنى رؤى بنتنا اللي قربت تشرف بأذن الله، تاخد منك كل حاجة حبيتها فيكي!

_ طب أيه أول وأكتر حاجة حبيتها فيا؟

_ حنانك.. أنتي أول حد يطبطب عليا في حياتي كلها يا أروى.. رغم إنها ماكانتش مقصودة منك، أنتي يمكن مابصتيش في وشي حتى، أنا كنت في اللحظة دي اتعس طفل.. يمكن لو كنت انا طفل طبيعي بظروف أسرية سليمة ومش محروم من حاجة.. كان بقى أصطدامك بيا مالوش أي أثر ولا معني جوايا.. وعادي حد خبطني واعتذر وجري وتعدي على كده..
بس اللحظة نفسها وشعوري بالوحدة.. هما اللي حسسوني بلمستك أنها مختلفة وإن صوتك بيقولي أنت مش لوحدك .. صدقيني يا أروى، أنا متأكد إن ربنا بعتك. ليا عشان أحس اللي حسيته ده بدون أي مبالغة!!!..

عانقت بأصابعها أصابع كفه وقبلتها هاتفة بمشاعر لا تستطيع وصفها: أنا كان ليا فارس أحلام كل صفاته لقيتها فيك أنت .. وبشكر ربنا أني كنت في حياتك النسمة اللي هونت عليك حرمانك.. وربنا يقدرني أسعدك واعوضك بعيلة جميلة وكبيرة تعيش معاها كل اللي اتحرمت منه حبيبي!!
ثم غاصت بين ضلوعه لتؤكد حبها لرجل عشقها منذ طفولتها!

ولم تمضي دقائق إلا وأعلنت صغيرتهما مشاركة أبويها لحظتهما الخاصة .. فهاجم أروى فجأة وجعًا سلب أنفاسها ..وصدح صوت صراخها المستغيث من آلام مخاضها!.. أستعدادًا لاستقبال طفلتهما الأولى ..

“رؤى”
…………………… .

لا يعرف بلال كيف يصف شعوره بتلك اللحظة ويداه تحمل قطعة من روحه، كم تمناها وترجاها.. يتشمم عبق صغيرته وكأنه مسك خاص بها وحدها.. يا الله كم جميلة في عينيه .. هل آتته من الجنة؟

وهل يبكي الآن؟ .. تبا لدموعٍ تحجب رؤيتها.. قطعة روحه تبكي ربما لفراغ معدتها الصغيرة .. أو ربما تشتاق رائحة والدتها لتطمئن! .. ويجوز تبكي لقطرةِ دمعٍ سقطت منه على وجهها الملائكي.. سامحيني صغيرتي، هي دموع فرحة أبيكي بلال..

ولكن أهكذا يكون التعارف الأول؟
أنتي تبكي جوعًا.. وأنا أبكي فرحًا؟؟!!!

***********************************
عاد بهاء من عمله في الأرض مرهقًا جسديًا، فأخذ حمامٍ دافيء يساعده على غفوة قصيرة قبل موعد الغداء مع عائلته، عبر داخل غرفة نومه ومازال يجفف رأسه المبتل بمنشفة قطنية صغيرة ولم يرى سجدة الجالسة بإحدى الزوايا تطالعه بنظرات غريبة!
وكأنها تريد قول شيء وتخاف البوح به!!

لمحها بهاء، فاقترب منها مبتسمًا بحنان هاتفًا:
مالك ياحبيبتي في حاجة مضايقاكي؟
هزت رأسها بصمت! فواصل استفساره:
طب الولاد تعبوكي انهاردة، او عمتي زعلتك في جاجة؟؟؟؟؟

هزت رأسها ثانيًا بنفي!
فتحير بتفسير صمتها ونظرتها الخائفة!
فضمها إليه برفق مرددًا: طب ممكن تتكلمي معايا وتقوليلي في أيه؟ وبلاش تهزي راسك كده!

فوجد سيل دموع يزحف ببطء من مقلتيها، وشفتيها المرتعشة تجاهد لقول ما تريد بلعثمة طفلٍ يحاول نسج كلمة مفهومة:

أأأ… نا… أنا… حا… ..حامل!

وبرد فعلٍ تلقائي منها، أحاطت جنينها بيديها، وگأنها تحميه من مجهول تخافه! والذكرى الأولى تلوح بعقلها بكل قساوتها وصخبها واستغاثتها ووهنها الذي اسقطها أمامه بجسد ينزف،ٍ وروح متألمة!!

أما هو فلم تبرح عيناه موضع حنينهما التي تحميه منه بكفيها.. الآن فهم نظرتها وأدرك خوفها..!
سجدة لم تنسي بعد قساوة الذكرى ومازالت تهاب بطشه القديم!

لم ينجح بعد في تحقيق الأمان الكامل لحبيبته! مازالت تتأرجح بين الماضي والحاضر، عالقة بعهدِ تهوره اللعين وثورة أخرى تفقدها نطفتها الحلال منه، بعد أن التحمت روحيهما ثانيًا بعد فراق وبعد سنوات!!

فك برفق شديد انعقاد كفيها حول بطنها، ورفع ذراعيها وشبكهما حول عنقه بهدوء، وعيناه ترسل لعينيها الخائفة، سيل مشاعر صامتة من حبه وحنانه وعشقه لها، ثم انحنى ليحملها گ طفلة صغيرة، وهو يدور بها ببطء وشفتيه تقبل بين عينيها، وگأنه يرفرف على وجهها الباكي وينقش بقبلاته الحانية على جدران عقلها سطورٍ لذكرى أخرى، تمحي كل أثرٍ سيء لذكراهما الأولى، من عمق ضميرها وقلبها..!

الآن أكتملت بشرى غفرانه!
الآن جنى ثمار ندمه الصادق وعادت له الروح بتلك النطفة التي سيستقبل حاملتها بما يليق بها..!

الآن سيروي لحبيبته قصةُ عاشقٍ جديد.. وإنسان جاهد وسعى ليُكفر عن خطاياه!
ولن يمل بهاء استغفارًا مابقي له من عمر معها، حتى يبارك له ربه بصغيريه اللذانا سيشاركهما الحياة، أخٍ صغير بعد أشهر قليلة!

************************************
بيسان وهي تحمل الصغيرة رؤى بفرحة غامرة :

يا ربي على جمالها الله أكبر.. شايفة ياماما رؤى إزاي جميلة وتخطف القلب! .. أنا هبقي مش بس خالتها .. دي هتبقي بنتي حبيبتي اللي هدلعها وألاعبها طول الوقت..

غفلت دون قصد عن سماع ” وعد” لها.. والتي انزوت بعيدًا تراقب وتسمع ما يقال .. فالفرحة أنست بيسان كل شيء حولها!

أما الأم عائشة ، كانت بعالم أخر، تنظر لحفيدتها بعين مترقرقة فرحًا بقدومها .. ومازالت لا تصدق أن أروى صغيرتها التي كانت تصنع لها جديلتها الطويلة منذ أعوام ليست بعيدة.. أصبحت أم!!

حمدًا لك يا الله .. عشت لهذا اليوم الذي تمنيته ورجوته منك ، فلم تبخل ياكريم ومنحتني ما تمنيته!

توجهت لأروى هاتفة بحنان طاغي:

مبروك يانور عين ماما .. ربنا يجعلها ذرية صالحة ليكي أنتي وبلال يا قلب أمك!
أحتضنتها أروى هاتفة وهي تقبل كفها:
الله يبارك فيكي يا أمي وربنا مايحرمني منك ويحفظك ليا أنا وبيسان ووعد ورؤى!

وما أن أتى ذكر “وعد” حتى أنتبهت لها بيسان تقف منزوية بعيدًا تشاهدهم دون حديث كعادتها!

فتوجهت إليها قائلة برفق شديد: مالك يا روح ماما واقفة بعيد ليه .. مش عايزة تشوفي أختك الصغيرة رؤى وتبوسيها؟!
نقلت ” وعد” عيناها بين بيسان والصغيرة وقالت:
خايفة أبوسها تعيط .. وعايزة أشيلها بس تيتة قالتلي هتقع مني عشان انا لسه صغيرة!

بيسان وهي تضم ” وعد” لصدرها وتقبل غرة شعرها القصيرة: أنا هشيلهل واخليكي تحطيها على رجلك وتبوسيها.. وكده تبقي شيلتيها أيه رأيك؟

هزت “وعد” رأسها ايجابا بسعادة!
وقبل أن تتحرك بيسان، تعلقت رغد بكفها متمتمة:

ماما.. أنتي بتحبيني زي رؤى! وهتلاعبيني معاها!

وكأن أحدهم مزق أوتار بقلبها، فأورثها ألمًا جمًا..! ونبرة ” وعد” الحزينة وسؤالها الذي نم عن غيرة وغربة ووحدة، تنغز ضميرها بوجع!

هل تشعر الصغيرة بالخوف من فقدان حبها واهتمامها؟!. هل تسببت لها بهذا دون وعي؟!
يا الله سامحني كيف لم أنتبه!
والله ما أستحق حياتي إن شعرت صغيرتي وأمانتي الغالية هذا الشعور وأنا على قيد الحياة اتنفس!

أخذتها بيسان وإحاطتها بحضنٍ شديد الدفء وهي تملس علي رأسها وتقبله مرددة:
أنتي نور عيني وبنتي الأولى وحبيبة قلبي.. دايما هحبك وهدلعك واعملك كل حاجة نفسك فيها..

ثم قبلتها ثانيًا بحنان طاغي مواصلة:

مش أنتي كان نفسك يبقي عندك أخت تلعبي معاها؟!.. هزت وعد رأسها بنعم.. فواصلت بيسان:
أهي رؤى دي أختك الصغيرة اللي أما تكبر شوية هتلعبي معاها وهتحبيها أوي لأنكم هتكونوا أصحاب ومش هتفترقوا ابدا.. مش كده يا قلب ماما؟!
أبتسمت وعد بفرحة واطمئنان أنها لم تفقد بعد أهميتها كما تخيل عقلها الصغير..

تابعت أروى ووالدتها هذا الحوار بين بيسان ووعد.. وهما بقمة التأثر، وهتفت أروى بحنان صادق:

فين الحضن بتاع خالتوا رورو حبيبتك؟!

اندفعت ” وعد” إليها، فتلقفتها أروى بحرص لعدم تمام عافيتها بعد.. وراحت تقبلها وتغدق عليها بحنان جارف.. فكم ألتاع قلبها حين سمعت ما قالت .. يعلم الله أنها تحبها كأبنة لشقيقتها بيسان بالفعل، حتى أنها تناست تماما أنها أبنة زينة جارتهم رحمها الله وأحسن مثواها! .. ولم تكن الأم عائشة أقل منهن تأثرا وحبا لتلك اليتيمة، فأغدقت عليها هي الأخرى بحنان حقيقي.. فستظل ” وعد” فرحتهم الأولى وأمانتهم الثمينة!
……………………..……….

_مبروك يا صاحبي قدوم قطتنا الصغيرة “رؤى”

بلال وهو يبادل معتصم عناقه:
الله يبارك فيك ياحبيبي.. عقبالك أنت وندي عن قريب!
أجابه: بأذن الله ربنا يعطينا..!
ثم أخرج من هديته التي كانت عبارة عن خاتم ذهبي شديد الصغر، وأحاط به أصبعها الرقيق وقبل كفها الصغير متمتما بسعادة حقيقية:

ماشاء الله .. بنتك جميلة وتدخل القلب يا بلال! ربنا يحفظهالك!

بلال وهو يربت على كتفه: وهي بنتي لوحدي، ولا أنت بتتهرب من جهازها من دلوقت يامعلم!!

ضحك هاتفًا: عيب عليك، من دلوقتي النيش اللي مالوش أي تلاتين لازمة ده عليا???
……………………..………….

بعد شهرين

أقيم حفل زفاف رغد، بعد أن أتم سيف تجهيز شقتهما بالشرقية، وقضوا أسبوعًا كامل بإحدى المدن الساحلية، أحتفالًا بأيام زواجهما الأولى، وحان موعد ذهابهما إلى مسكنهما الخاص، ليعود سيف إلى عمله ويكون جوار الدته التي زينت لهما المسكن وجعلته بأبهى صورة، وأعدت ما لذ وطاب لتكون على أتم استعداد لاستقبال ولدها وزوجته رغد..!!

حان الآن لحظة وداع رغد لصديقتيها ” ندى وأروى”
الذين أتوا سويًا بصحبة أزواجهم!

واقفون يتبادلون كلمات الوداع الذي لم يخلو من البكاء والحزن لأبتعاد رغد عن مدينتهم، وحان وقت فراقهم، بعد أن جمعتهم صداقة غالية سنوات عمرهم الفائته وتشاركوا لحظات كثيرة ما بين سعادة وجنون وحب أخوي صادق!!!

وبينما هُنَ غارقين بمشاعر وداعهم الباكية!

ينتظر على مسافة منهن كلًا من سيف وبلال ومعتصم، الذي هتف بامتعاض: أنا مش عارف بيعيطوا كده ليه، هي داخلة الجيش؟؟

بلال وهو يطالعهم متعجبًا: نفسي اعرف موقف واحد مش بيعيطوا فيه، فرحوا ولا حزنوا بيعيطوا..!

هتف سيف الذي لم يختلف رأيه عنهما:
تحسوا إن عندهم شريان مائي في عنيهم لازم يتفرغ ع الفاضي والمليان!!

ثم نظر إليهما هاتفًا:
على فكرة لحد دلوقتي ما اتعرفناش بشكل مباشر!
وواصل وهو يمد يده بمودة لا يصطنعها:

_أنا سيف، دكتور بيطري.. زوج رغد!

ولأنه الأقرب له مده يده مصافحًا:
وأنا معتصم .. زوج ندى، خريج كلية تجارة وعامل أنا وصاحبي مشروع خاص بينا..!

ثم جاء دور بلال الذي مد يده، وقدم نفسه هاتفًا:

وأنا بلال أشرف الشهاوي.. زوج أروى، وشريك معتصم في مشروعه!!

رمقه سيف بنظره مطولة! محدثًا ذاته:

إذا هذا بلال الذي حكى عنه بهاء، وكيف كان لقائهما الأخير .. ورد فعله العنيف تجاهه.. وحزنه الشديد لعدم نيل سماحه هو وأروى حين زارهما بمسكنهما لتقديم اعتذاره..!!

عجبًا على تلك الصدفة القدرية التي جعلت من زوجاتهم.. أصدقاء!!
ولا مفر مستقبلًا من لقاء ولو عابر بينهم..( بهاء.. بلال).. ماذا سيكون الحال إن ظل ذاك الرفض بقلب بلال… ربما صدفة وجوده بتلك الدائرة لم تكن هباءً! هو تدبير إلهي، ولن يترك الفرصة التي أتت إليه!
سيعمل سيف على نيل صداقة بلال، فمن يدري ربما يكون لبذرة صداقتهما ثمارًا تفيد فيما بعد..!

******************************

سجدة: ألف مليون مبروك يارغد.. ربنا يسعدك أنتي ودكتور سيف! عايزاكي تعرفي إنك هنا مش لوحدك، اعتبريني أختك واتمني اتشرف بصداقتك!

رغد وقد فتح الله قلبها لتلك الجميلة والتي حدثتها عنها أروى مسبقًا أنها زوجة أبن عمتها
هتفت: أنا اللي يشرفني صداقتك يا سجدة وحقيقي دخلتي قلبي، وهتعوضيني عن فراق أهلي وأصدقاكي! ثم أشارت لبطنها المتكور قليلًا:
ومبروك شكل في ضيف جديد جاي!

نظرت سجدة لبطنها المنتفخ، وابتسمت بسعادة، فاضلها 3 شهور وتشرفنا، أصل أحنا عرفنا أنها بنوتة!
رغد بفرحة. حقيقية: ربنا يقومك بالسلامة، ويجعلها ذرية صالحة.. اختارتي أسمها ولا لسة؟
سجدة : بهاء اختاره.. هيسميها بشرى، هو بيعتبر حملي فيها بشرة خير عليه!
هتفت بمودة: أسم جميل ومعناه مبهج، ربنا بفرحكم بقدومها وتكون خلقة تامة إن شاء الله!

وانا دايما معاكي ومن اللحظة دي هنبقي دايما سوا.. وهعرفك على خالتي جديجة وعمي راضي هتحبيهم أوي، وكمان ولادي حسن وشمس، أستعدي بقى لشقاوتهم، لحد ما تجيبي زيهم ساعتها بس هخليهم يعتقوكي!

ضحكت رغد، وشعرت بالألفة الشديدة لسجدة، رغم حنان زوجها سيف وتفهمه وحبه الذي لم يبخل بإطهاره لها، إلا أنها كانت تفتقد الجميع، ولكن بوجود سجدة حتمًا سيتغير الوضع، فهناك من ستثرثر معها وتمازحها وتحادثها..!

الحمد لله الذي أعطاها من فضله الكثير مما تمنته!
*************************

بعد عام ونصف!!

_ ممكن بقى تهدي وتبطلى المناحة دي يا ندى؟!
هو كان أيه حصل بس يا حبيبتي لده كله!!

أجابت من بين بكائها:
يعني أنت مش عارف الدكتور قال أيه يا معتصم، ازاي قادر تبقى هادي كده!

جفف دموعها واحاط وجنتيها براحتيه هاتفًا برفق:

يا ندى الدكتور قال عندك مشاكل ليها حلول كتير دلوقتي، صحيح هتاخد وقت، بس المهم أنه أعطانا أمل وماقفلش السكك في وشنا وقال مافيش فايدة!
ليه واخدة الموضوع كأنه لا سمح الله قالك ماتحاوليش؟؟؟ بالعكس، ده هزر معاكي وقال حالات كتير زيك وجابوا تؤام كمان..! خليكي متفائلة واتعشمي في الله، هو بس اللي هيراضينا..!

صارحته بما يدور بعقلها ويؤرقها:

خايفة يا معتصم.. خايفة نتحرم من نعمة الذرية.. خايفة مامتك تكرهني.. خايفة انت تبعد عني.. خايفة وغصب عني والله!

فضمها أكثر ليمنحها الدعم والحب متمتمًا:

مافيش حاجة ولا سبب في الدنيا يخليني ابعد عنك يا ندى.. الدنيا كلها في كفة وانتي لوحدك في كفة تانية!
وأمي عمرها ما هتسيء معاملتك، وأنا مش هسمح بكده، وده مش معناه طبعا أني اغضب أمي، مستحيل رضاها عندي في المقام الأول، بس أنا كفيل احميكي من اي حد يأذي مشاعرك!

وصدقيني أنا واثق في ربنا ثقة مالهاش حدود، إن زي ما انتي مراتي وحبيبتي، هتكوني أم ولادي!
وهتجيبلي مزز حلوين زيك كده، وأنا بقي امشي اتخانق مع الرايح والجاي لو عاكسهم!

ضحكت رغم بقايا العبرات بمقلتيها، وانغمست بين ضلوعه واحتضنته بامتنان وحب وعشق لرجل هو بحد ذاته رزق يستحق الشكر عليه من خالقها..!

****************************

يصيبه الحزن لأجلها.. رغم دعمه النفسي لها وأنها أغلى ما لديه، وحقًا لا يتعجل رزق الله الذي يوقن أنه سيأتي بوقته المعلوم!
إلا أن حالتها النفسية متأثرة بعد الزيارة الأخيرة للطبيب، وان حملها يجد بعض الصعوبة في حدوثه ويحتاج صبرًا وعلاج دائم!!

ربما يحتاج منه الأمر لفعل شيء يسعدها وينسيها، وقد علم ما سيفعله.. وهو أكيد أنها ستبتهج من تلك المفاجأة التي يعدها لها..!
******************************

error: