رواية ” أنت مكافأتي”

الفصل15

( البنات في الصين حلوين أوي )

جالسة بجوار والدتها وشقيقتها ، يشاهدون فيلما للسهرة .. فإذا برنين رسالة قادمة من تطبيق “الواتس آب” أمسكت هاتفها، وما أن قرأت الرسالة التي لم يكن مرسلها سوى بلال، حتى تجهم وجهها ضيقاً!

حاولت التركيز بما تشاهد، فاستحوذت جملته على عقلها، وبعد برهة قصيرة، أتت رسالة أخرى، فتجاهلتها، فتبعها بثانية، أهملتها گ سابقتها..
تشعر بالغضب منه، هل يقصد استفزازها!

أنزعجت والدتها من رنين هاتفها المتلاحق :
في أيه يا بنتي، ماتردي على اصحابك بدال الصداع ده، خلينا نركز في الفيلم !

أروى بغيظ : خليهم يرنوا يا ماما، مش هرد على حد!

مضت نصف الساعة، وانتهي فيلم سهرتهم، فغادراها للنوم، أما أروى فذهبت غرفتها هي الأخرى، ومازالت تتجاهل الهاتف!
فوجئت باتصاله المتقطع، ورنات قصيرة!
أخذت هاتفها لإيقاف صوته المزعج ، فوجدت رسائله المتلاحقة ثم رنة أخرى مصاحبة لظهور رقمه ..

تعجبت من جرأته، هل يظن أنها ستحادثه هاتفياً؟!!!
ألا يكفي لوم ذاتها، لإحتفاظها برقمه تحت مسمى الحرفين المنقوشين بسلساله!
تعاتب نفسها، وبذات الوقت تساورها رغبة خفيه بوصاله، ويغلفها شعور الأمان تجاهه ..يقترب بلال رويداً رويدا من حصون قلبها رغم بعد المسافات ..

أعدلت عن قرارها الغاضب بالتجاهل، وراحت بأناملها تفتح رسائله التي أهملتها، فتدفقت رسائله المتتابعة سريعا برنين يكاد يخبرها عن حزنه لتجاهلها القاسي :

( أنا أسف بهزر معاكي .. أنتي زعلتي من هزاري؟ .. طب أقرأي رسايلي عشان اعرف أنك مش زعلانة مني! ..كده يا أروى مش عايزة تشوفي رسايلي! طب حقك عليا وأسف.. طب هنام أزاي كده وانتِ زعلانه مني؟! أرجوكي اقبلي اعتذاري )

كانت تلتهم السطور بعيناها، متنقلة بين جملة وأخرى، بشوق وشغف ولهفة وفرحة، ألهذا الحد تعني هي له ؟!!!
أدمعت فرحا، فهناك من يهتم لأمرها ويخاف حزنها!

قاطعها برسالة مازحة، بعد أن اطمئن لمشاهدتها رسائله :

( أيوة كده اخيرًا طلت عيونك على حروفي واطمنت إنك شوفتي اعتذاري)

ثم بعث برسالة مازحة:

( وحياتك يا أروى البنات هنا كلهم شكل واحد!. .. اللي يخرج بمراته مشوار، ممكن يتلخبط ويرجع البيت بواحدة تانيه تشبهها، والراجل ولا واخد باله إن البضاعة اتبدلت ?)

لم تتمالك نفسها فضحكت رغما عنها من دعابته ..
وكممت فمها سريعا لأنفلات صوتها الضاحك لمزحته!

فعاجلها برسالة أخيرة :

( مادام الجميل ضحك ، يبقى هنام مطمن إنك ضحكتي وشوفتي أعتذاري، وعارف إن قلبك أبيض وقبلتيه.. تصبحي على كل سعادة الدنيا يا أروى )..

عجبا..!
كيف يستشعر حالتها بهذا اليقين وكأنه يراها..!!
علم بغضبها ثم درى بضحكتها..!!
هو دائما ما يبعث رسائله ، فتقرأها بصمت، لم تبادله حرفا، ولم يطالبها مرة واحدة بمشاركته المحادثة، يكتفي فقط بحديثه هو ، قص لها مواقف طريفة حدثت معه عند وصوله، كما أخبرها عن إبرامه لإتفاق مثمر مع العملاء بالصين، بجلب بضاعة بسعر جيد، وكيف هي سعادته بهذا الإنجاز، وبحلمه أن يتوسع مشروعه الصغير مع صديقه معتصم ، وأن مشروعه هو خطوته الهامة ليصل إليها ويكون جديرا بها حين يلقاها !

وضعت هاتفها جانباً ، ثم تنهدت وهي تستلقي على ظهرها ، ملتحفه بغطائها الثقيل.. تحيا شعور غريب عليها.. يحتل تفكيرها بقوة، متنقلاً بين جدران عقلها وحنايا قلبها ، يعزف بكلماته نغمات عشقه، يجذبها لمداره حتى أصبحت تدور بفلك فضاءه الشاسع دون إرادة ،ودائما ما يخبرها من بين الحروف أنها نجمته الاولى، والأخيرة !..وكم يروقها هذا الشعور ..!


  • مستحيل اوافق!
  • و أنا مش موافقة!!

هذا ما نطقا به كلاً من بهاء وسجدة تباعا، فور سماع اقتراح العمة، لخروج الأخيرة من أزمتها!

ولم تكن العجوز تتوقع أقل من رد فعلهما الرافض ،
إقناعهما، ليس بالأمر الهين ، لابد من حيلة ما وطلب مساعدة!
ولأن نيتها صافية ، جاء عون الله لها ردا على رجائها الخفي ، وآتت المساعدة أسرع من توقعها!

“أعتبروها صفقة يا ولاد، وهتطلعو منها كسبانين! ”

استدار ثلاثتهم ( بهاء، سجدة، العمة ) لصاحب الصوت، الذي لم يكن سوى العم راضي!

فأضاء وجه العمة فرحا بقدوم زوجها الحكيم
والذي يمتلك الكثير في قلب بهاء ويُكن له كل الأحترام ..أما الصغيرة سجدة، ستتكفل هي بها .. فمن يسعى بالخير، لن يخذله الخالق..

……………………………..

_أرجوك ياعمي ما تحاولش تقنعني بحاجة مستحيلة!

العم راضي بهدوء : وترضى يابني أذية بنت يتيمة مالهاش حد، غير جدة ضعيفة الحيلة، وخال مايهموش غير انه يرمي حملها على غيره ويستفيد من ورى المسكينة بقرشين..!

بهاء بثبات : أساعدها بأي شيء غير الجواز!

ولو خالها كل همه فلوس، مستعد أدفعله أكتر من مهرها اللي هياخده من أي حد ، ويسيبها تعيش مع جدتها..!

العم بنظرة ثاقبة: وأيه يخليك تضحي بمالك بدون مقابل؟؟؟

بهاء بارتباك طفيف أخفاه سريعا :
مجرد مساعدة لله، وبدون أي مقابل أو سبب ..

العم، ومازال يحوطة بتلك النظرة الثاقبة :
طب وافرض خالها رفض عرضك؟
ده بردو يعتبر عرض مهين لأي راجل، حتى لو كان مادي، مش لدرجة ياخد فلوس بدون أي مسمى مقبول من شخص غريب!

بهاء : هو ده اللي عندي يا عمي ، وغير كده مافيش في أيدي حل!
……………………… .

يعني اهرب من مصيبة، أوقع نفسي في كارثة أكبر!

العمة بعتاب : كتر خيرك يابنتي ..
سجدة بندم : سامحيني يا عمتي مش قصدي والله،
أنتِ عارفة أني مدب في الكلام، ومساعدتك على دماغي من فوق، بس مش هقدر.. مش عايزة اعيش تحت رحمة حد يتحكم فيا، أنا حرة وهفضل حرة!

العمة : طب وخالك اللي مابين لحظة والتانية هيلاقيكي، هتعملي معاه أيه يا سجدة؟

سجدة بعين دامعة: مش عارفة يا عمتي، صعبان عليا نفسي أوي، ياريتني ماكنت جيت للدنيا من أصله..

العمة متأذية : أستغفري ربك يا بنتي، ربك رحيم مش هيرميكي للهلاك
ثم أكملت : أعتبريها تجربة ، يمكن يكون من ورها الخير ليكم ..ولو ما ارتاحتيش، وعد مني هخرجك من الجوازة دي وقت ما تطلبي .. اهو يكون خالك بعد عنك وسابك لحالك!

صمتت سجدة غير راضية، عاجزة عن إيجاد مخرج..
محصورة ما بين زواج الغصب، ومابين زواج هذا البهاء الذي لا تتصور أن تصبح له زوجة .. ماذا هي فاعلة بأمرها حقا لا تدري!

فجأة لمع بعقلها فكرة ، ربما تكون أمانها للإقدام على تلك الخطوة! قالت بحماس مفاجيء، تعجبت منه العمة :
عندي شرطين عشان أقبل اتجوز أبن أخوكي ياعمتي

العمة بعتاب واضح : بتتشرطي عليا ياسجدة؟

سجدة برجاء : أرجوكي يا عمتي أفهميني ، انا عارفة كويس إن وضعي مايسمحش إني اتشرط، وإن ده سوء أدب مني ، بس مش سهل عليا أحط حياتي بين أيد غيري تاني، لازم أحس بالأمان، حتى لو الوضع مؤقت .. وعشان ده يتحقق ، عايزاكي تساعديني

العمة بتفهم : أيه يطمنك يا بنتي، وأنا في كل الأحوال واقفة جمبك ومش هسيبك ..

سجدة بامتنان:
بجد عمري ما هنسي أبدا وقفتك معايا ، واعتبريه طلب مش شرط يا عمتي، عشان بس أرتاح!

ملست على رأسها بود، وانتظرت قول سجدة ، التي تنحنحت قائلة : قولي لبهاء أني اطلقت عشان مش بخلف!
أضيقت حدقتاها تعجبًا : ليه كده يا بنتي بتفولي على نفسك؟ انتي بالعلاج تقدري ت………………

قاطعتها سجدة :
أنا مش هسيب نفسي للصدف، ولا هعرض نفسي لإحساس الرفض والإهانة من حد تاني؟… لا ياعمتي

رغم اني أصلا لو هتجوز بهاء هيكون شرطي التاني إنه يكون زواج صوري ومش حقيقي، لأني معرفوش ولا هاخده برضايا ولا حتى هو هياخدني برضاه، أنا بالنسباله تدبيسة أو موقف شهم .. أي مسمى غير إنه يكون زواج بجد!!

واهي ظروف وحكمت..!! هعمل أيه غير إني اقبل بس على الأقل ألاقي شط أمان أرسى عليه من غدر الزمن حققي طلبي يا عمتي خليني احس أني مرتاحة!!

ولو هو عنده أستعداد يساعدني على الوضع ده ، يبقى كتر خيره وهيكون معروف منه مش هنساه أبدا ..وهكون مطمنة للشخص اللي هرتبط بيه ولو مؤقتًا..!

تعجبت العمة داخلها من تدابير رب العالمين!

ألا تدري تلك الصغيرة أن بشروطها الآمنة تلك ستُحقق له نفس الأمان الذي ينشده هو الآخر؟!
نعم..  فمن غيرها يعلم مخاوفه واسرار نفسه وهاجس لعنته الأبدية..!!!!
هو لا يريد أطفالًا .. وهي لا تريد منه سوى الأمان!!
فلم تخطيء أذا عندما قالت أن لكلٍ منهما دواء لعلة صاحبه!!!!

تنفست بعمق وراحة..  فقد هُدم أمامها أول حائطٍ لصده وعزوفه عن زيجتها، وسيكون إقناعه بالامر اليسير عليها، فإن كانت كل مخاوفه تنحصر بزواجه و إنجابه .. فهاهي أزاحت دون إدراكها أكبر عقبةٍ كانت ستُعيق تقدمه إليها..!

وتبسم ثغرها بمكر ولسان حالها يقول :

فليظنا سويا أنه زواج صوري.. لكنها تعلم أن للقلوب أمرٍ نافذ!!  لا جدال فيه ولن يستطيعا الصمود!!!!


لا ينكر بهاء، أن بمعرفته ظروفها، أشفق كثيرا عليها .. صغيرة هي لتحيا تجربة بتلك القسوة!
وتلقى مصير النبذ من أحدهم!!  يتيمة الأم، وأبٍ مغترب لا يكترث لوجودها، مكتفي باطفالٍ لديه من أخرى!! وخال قاسي، وتجربة زواج مبكر لم يدم طويلا لسبب لا يعيبها ، بل هو قضاء الله وأمره!

رغم شراسة طبعاها وجفائها، لكنها حقا تستحق المساعدة..سيرضخ لرغبة عمته لإنقاذها، وكفيل هو فيما بعد ببناء حدوده الخاصه معها ..

لا بأس يا بهاء، كن ذاك الشهم الذي لم تكن إياه من قبل، قف برجولة أمام بطش الخال، وفيما بعد ، لكل حديثٍ مقال..!


( الحمد لله شقتي جاهزة ، وأي حاجة تطلبها بيسان أنا تحت أمرها )

هزت الحاجة عائشة رأسها برضا، وهي تستمع لقاسم ، خاطب أبنتها ، وداخلها تكاد تطير فرحا، أخيرا ستطمئن على بيسان وتنعم بحياة مستقرة هادئة، رغم علمها أن قلبها مازال معلقا بأحبال معاذ وعشقه، ولكن لا يعرف أحدا أين يكمن الخير، ربما بعد زواجها الثاني، وإنجابها أطفالا ، تكون فرحتها الكبري، وسعادتها الحقيقية ..

لكن ما أن تذكرت والدة قاسم التي تجاوره، وبصفحة وجهها، ارتسم رفضها لزيجة ولدها بمطلقة، حتى نهشها القلق ، هي تبدو مرغمة على القبول برغبته!!

لا تعرف ، هل هي خطوة صائبة لأبنتها؟ حقا لا تعلم!
ولكن ها هي الأمور تمشي بسلاسة غريبة ، الطبيب بحال ميسور، ويريد زواج قريب، وابنتها مستسلمة بشكل يفطر قلبها، ولكن لا حيلة لها، هي أم ولن يهدأ لها بال إلا بزواج بيسان ، العمر لا ينتظر ، وآن الآوان لاستقرارها تحت كنف رجلا يرعاها ..
حتى إذا جاء أمر الله واخذ أمانته، تكون مرتاحة النفس ..
…………………………

بيسان فرحها بعد شهر ؟!!

أجابت أروى صديقتها رغد باقتضاب : أيوة .
رغد : أيه يا بنتي مالك زعلانة كده ليه ؟!
أروى : كان نفسي بيسان ترجع لآبيه معاذ.. هما لسة بيحبو بعص .
رغد : لو في نصيب يا أروى كان ربك هيأ الظروف لرجوعهم، ومحدش بيعرف الخير فين، مش يمكن تكون سعادة اختك مع قاسم.. ومعاذ مع غيرها !

هزت أروى رأسها بضيق : لأ .. أنا عارفاهم كويس، هي بتتعذب وبتخبي، وهو لما عرف مني، حاول يداري حزنه، بس أنا عارفة إزاي اتوجع من الخبر ده !

رغد : لو لسة عايزها ليه بعد يا أروى ؟!
انا أصلا معرفش أطلقوا ليه !

اروى : ولا أنا عارفة، محدش فيهم قالي، وانا مقدرش أسأل حد فيهم، بيعاملوني إني صغيرة تخيلي!

رغد : طبيعي لأنك الصغيرة ، انا بقا أهلي بيحسسوني اني أبنهم الكبير… مش بنت أساسا !!

أنفجرت أروى ضاحكة، خفة ظل رغد، أنستها ضيقها من زواج بيسان بآخر ..
…………………………

_عاش من شافك يا سيف!

سيف مقبلا كف عمه : غصب عني يا عمي، شغل المزرعة واخد كل وقتي ..

_خلي البهايم تنفعك وتاخدك من أهلك يا ابن فاطنة!!

جلست زوجة العم التي أقتحمت مجلسهم لتوها، قائلة جملتها ببرود وفظاظة على مسامع سيف، الذي كظم غيظه أحتراما لعمه الذي سعل بدوره من شدة إحراجه من تصرف زوجته وكلامها اللازع ، ثم رمقها بغضب :

_ماتحسني ملافظك يا ولية، أبن أخويا محمد ( متأنيا بنطق اسم أخيه ) الله يرحمه، دكتور بيطري قد الدنيا
عايزاه يسيب شغله ويجي يتنطط هنا كل شوية!

ثم أكمل بتهكم : وبعدين هياخد أيه من البني آدمين ، ع الاقل البهايم بتفهم ومابتقولش كلام زي الدبش يا أم العيال!

زوجة العم بغيظ : جرى أيه يا شكري ، أنا قلت أيه لده كله يا اخويا، الحق عليا بعاتبه عشان مابيسألش علينا..!

تنحنح سيف بحرج من تلك الحدة بحديثهما:

_خلاص ياجماعة في أيه محصلش حاجة، أنا فاهم قصد مرات عمي ، وأديني جيت أول ما عرفت بخطوبة بنت عمي رقية ..

العم شكري : طبعا يا سيف يا ابني، حضورك أساسي دي اختك وانت اخوهم الكبير ، وعقبال ما احضر فرحك يا حبيبي ..
أم رقية بفخر : بس ربنا يرزقك بواحدة زي بنتي ، جمال وعلام وتربية مافيش بعد كدة ..
سيف : وهو في زي رقية وأدبها يا مرات عمي ..

لوت شفتيها امتعاضا قائلة بصوت غير مسموع : ولما هي مؤدبة ، سبتها تعدي من تحت أيدك ليه يا نضري!

سيف : أمال فين العروسة؟ والتؤام العفاريت أية وحازم ..
العم : رقية مع رغد بنت جارتنا بيستلموا فستان الفرح، والتؤام بيلعبوا مع ولاد الجيران شوية ..
ثم واصل متسائلا:  هي الحاجة فاطمة جت معاك من الشرقية؟
أجابه:  أيوة، هي عند أخويا بدر بتطمن عليه هو وولاده، وبأذن كلنا هنكون عندك من الصبح..

وقف سيف استعدادا للمغادرة : ودلوقتي هستأذنك ياعمي ، وبالليل هاجيلك تاني.

أجابه :  مش قبل ما تتغدا معانا الاول!
هم سيف بالإعتراض ، فلم يعطيه العم شكري فرصة ، وصمم على تناوله وجبة الغداء قبل ذهابه ..
……………………

_(بقولك أيه إنتي وبنتك .. أنسوني في كسوة الصيف! ..أنا رجلي مش حاسة بيها من كتر المشي!!  )

ما أن فتح سيف باب منزل عمه ليرى الطارق، حتى فوجيء بدلوف بفتاة تختفي بكاملها خلف فستان خطوبة مغطى بغلاف بلاستيكي شفاف ..
ولأنها لا ترى من فتح لها باب المنزل، فتحدثت بعبارتها ظناً منها أن زوجة العم من أستقبلتها!

ثم وجدها تتجه لغرفة جانبية ، فتسأل داخله تعجباً عن تلك المجنونة البدينة المتجولة بحرية بمنزل عمه؟!

ثواني قليلة وتبع دخولها ، أبنة عمه رقية حاملة بضعة حقائب بلاستيكية كبيرة وهي تلهث بإرهاق من حملهم ، فدنا منها وأمسك الحقائب قائلا : حمد لله على السلامة يا عروسة..

ما أن طالعته رقية، حتى تهلل وجهها فرحا بمجيء ابن العم ، الذي تعتبره شقيقها الأكبر ، فصفقت بطفولة قائلة بمرح:  ياااااااه ياعبصمد !! أخيرا عبرتنا يادكتور سيف !
سيف : أخيرا ياضفضعة انتي جيت، مبروك يا روكا وربنا بتمملك بخير.
رقية بسعادة:  الله يبارك فيك يادوك، عقبالك..
ثم أكملت بمزاح:  أيه أخبار استقبال الوالدة، أكيد أخدت جرعة حب وحنان مافيش منها!

سيف بنبرة خافتة: دي أستقبلتني استقبال، ولا القديرة ماري منيب! .. الله يكون في عون خطيبك والله يا روكا!
رقية بعتاب مصطنع : لاحظ أنك بتتكلم على  ماما يا دوك!..  يعني خف شوية!

قاطعت حديثهم أم رقية : جيتي أمتى يا قلب ماما، وفين البت رغد؟

رغد التى ظهرت علي باب غرفة رقية ومازال سيف بعيدًا عن مرمى بصرها محجوبا بإحدى قطع الأثاث!

أستندة على إطاره الباب بإرهاق :

البت رغد؟؟؟!.. ماشي ما هي دي أخرة المعروف.. سبع ساعات بلف على كعوب رجلي بسبب بنتك ولوازمها ، والكالو انتشر في صوابعي وفي الأخر مافيش تقدير ولا شكر يا أصيلة!

ام. رقية : ما تجمدي كدة يا بت، أهو حتى تخسي جام كيلو، ونبقى عملنا فيكي جميلة!!

رغد بذهول : ننننعم ! اخس ؟!
فوجهت بصرها تجاه رقية بحنق. غير مدركة بعد لوجود سيف المنزوي بعيد عن نظرها :

رقية .. سكتي أمك بدال ما أقتلها..!

العم شكري متدخلا بمزاح : معلش يا بنتي، هي ام العيال كدة لسانها زي الموس مش عاتق حد
ثم اكمل وهي يلاعب حاجبيه بمكر : إيش فهمها هي في الأنوثة الطاغية اللي بخيرها دي!

رغد محدثة رقية : أتفضلي يا ستي، أدي ابوكي كمان بيعاكسني و…………………………

بترت جملتها فور رؤيتها سيف ،كيف لم تلحظ وجوده قبلا ، متسائلة داخلها باندهاش من أين أتى!

فقالت رقية : نسيت أعرفك بأبن عمي، دكتور سيف!

شعرت رغد بخجل شديد وضيق لغفلتها عن وجود هذا الغريب، فلو لاحظته ، لغادرتهم على الفور ، دون التحدث أمامه بتلك الحرية والثرثرة!
فهتفت وهي تتوجه للمغادرة: فرصة سعيدة يا أخينا!

غادرتهم سريعا ..فنظر سيف على أثرها بتعجب :

أخينا؟!!!! هو أنا مش باين أني دكتور ولا أيه؟!!!!

error: