رواية ” أنت مكافأتي”

الفصل الثاني

يا الله!.. أعرف لن يكف  هذا الأحمق عن الطرق بتلك الحدة حتى افتح باب غرفتي!  فأنا أعلم الطارق جيدًا.. هو معتصم صديقي الوحيد، فلا أحدًا لي غيره حيث لا عائلة لدي!!!

مهلًا لدي اقتراح!!  لما لا نتعارف أولا، ونترك هذا المزعج ينتظر قليلا .. فأنا أرغب صراحتًا في معاقبته، وستعلمون لماذا..!

أسمي بلال، 22عام حصلت حديثا على بكالوريوس التجارة ، وأقطن بغرفة صغيرة فوق سطح بناية قديمة في منطقة شعبية ..ليست لدي عائلة كما سبق وعلمتُم.. لا لا لستُ لقيطًا كما ظننتم!
انا يتم الأبوين.. حيث توفت أمي وكنت بعمر السابعة فتزوج أبي بعدها بفترة ليست كبيرة، وبالطبع لم تكن زوجته گ أمي ابدا ،الحقيقه هي لم تحاول أن تكون لي أمًا قط.. كما لم أنتظر أنا منها هذا الدور الذي لا يليق بغير والدتي الراحلة ..
كان لديها ولدين من زوجها السابق ، كل الحنان والدلال والأولوية المطلقة لهما ، كنت صغيرًا، ولكني كنت أعي جيداً أين موقعي .. لم أنتظر من أحد اهتمام أو دلال، حتى أبي رحمه الله وسامحه ، لم يهتم بي او بأحتياجاتي، لا أذكر يوما أنه حدثني كأب حنون وأبنه، ولكن كي أكون منصفًا له، لم يقصر بحقي بأن أتعلم، وأكمل دراستي، وأنا لم أهدر تلك المنحة الوحيدة من أبي، فكنت طالب مجتهد بكل مراحلي .. إلي أن توفى وأنا بعمر الخامسة عشر ، وقتها اخذت قراراً أظنه صائب بترك البيت، والاستقلال بعيداً عن زوجة ابي وأبنائها ، فقطعًا لن يستقيم لنا حال سوياً ..

كنت أعمل بمهن كثيرة لأتدبر أمري وأعول نفسي، لم أعتمد على أحد ، أكملت دراستي وحاولت ادخار كل قرش  أحصل عليه ، كي أستطيع بداية أي مشروع صغير مناصفاً بيني وبين صديقي معتصم ..
فأنا إن كنتم. لا تعلمون شديد الطموح، وأثق أني سأنول الكثير مما أتمنى!

ربما تنتظرون مني أن أصف لكم ماهو لون عيناي ومقاس أكتافي، وهل أُطلق بوجهي لحية أم حليق الذقن؟ وأتحلى بشعر لونه أصفر أم بني؟! أو ربما أكون مثلًا أصلع!!!

عذرا سامحوني، سأخالف تلك القاعدة، وأترك خيالكم يُشكلني كما يحلو له من خلال شخصيتي التي ستبرز بمواقفي القادمة..  ولكن راعوا وأنتم تشكلون صورتي بعقولكم، أني لستُ تركي!  .. واعتقد فهمتوني!

( يابني افتح الباب ده .. أقسم بالله اكسرهولك..! ..)

عذرا، نسيت الوحش، الذي أوشك على تحطيم بابي من كثرة الطرق عليه!

الباقي من قصتي ستعرفونه حتمًا ، بالسطور القادمة!

عبر معتصم داخل غرفة بلال حاملا معه صينية كبيرة مغطاه بقطعة قماش بيضاء نظيفة..
وقال بغضب :
يعني لازم جنابك كل مرة تلطعني على الباب كدة كأني البواب بتاع سيادتك ؟! مابتفتحش الباب بسرعة ليه ياجدع..!!
بلال ببرود وهو يعود جالسًا على أريكة متهالكة بزاوية الغرفة : عشان تحرم كل شوية تيجي جايبلي أكل، قلت ميت مرة مش عايز حاجة!

معتصم : تصدق أنت إنسان بارد ، وأنا مش هرد عليك.. أنا هخلي أمي تتصل تسمعك كلمتين و ترد على هبلك ده..!

بلال بجدية:

يا معتصم أنا مش بهزر ..و أخر همي الأكل ، أنا شايل هم نفسي من طفولتي، وبعرف ادبر أموري كويس ومش عايز حد يشيل همي..

معتصم بعد أن وضع ما يحمل من طعام على طاولة صغيرة بمكان جانبي بغرفة بلال ..
_انت ليه  بتعمل بنا فرق وتكبر المواضيع ، هو أنا لسة هقولك أنت بالنسبالي أيه، ولا أمي بتعتبرك أيه؟!..

أنت اخويا يا جدع ، ده ساعات البت هند أختي المفعوصة تضايق أمي ،تقولها هقول لأخوكي بلال يربيكي! تقولش أنا هوا قصادها؟!! ..شفاف؟!! و كأني ضيف عندهم مش ابنها الكبير!

لم يستطيع بلال كتم ضحكته ، فانفجر مقهقهًا :
يابني الرك على الهيبة والكاريزما.. أيش أوصلك أنت ليا .. ثم أكمل بنبرة صادقة :

وأنا مش محتاج أقولك أنتم بالنسبالي أية ، انتو أهلي والدتك تبقي زي والدتي، واخواتك هند وتقى اخواتي وانا اللي هقف في فرحهم وأسلمهم لعرسانهم قبلك.. بس أنت عارف طبعي، أنا اتعودت اعتمد على نفسي بكل شيء ، وصدقني كدة مرتاح ومتأقلم مع حالي..
معتصم : طب سيبك بقي من الدراما دي ، وتعالى ناكل قبل ما الأكل مايبرد ، وبعدين أحكيلك اتفقت على أيه مع صاحب المحل اللي هنأجره ..

……………………………
رغد : هتروحي عيد ميلاد ندى يا أروى ؟
أروى : مش عارفة ، ممكن ماما ماتوافقش..
رغد : حاولي تقنعيها ، لأن لو انتي مش هتروحي ، مش هروح أنا كمان، وبعدين خلينا نغير جو شوية ، أنا تعبت من الكيمياء والفيزياء والرياضة وكل المنهج، عقلي فصل، عيد الميلاد فرصة نجدد نشاطنا شوية..

أروي : ومين سمعك أنا كمان عندي ملل فظيع ، وحاسة مش قادرة أستوعب ، عموما أوعدك أحاول..

……………………..

عشان خاطري يابيسان خلي ماما توافق أروح عيد الميلاد مع رغد..
بيسان : يابنتي انتي عارفة ماما بتخاف عليكي وأنا كمان هخاف ترجعي لوحدك بالليل والدنيا شتا..
أروي : ماهي رغد هتكون معايا وهنرجع سوا ..!
بيسان بسخرية : على أساس إن رغد مش عيلة زيك!
اروي : هنمشي بدري ، أوعدك ساعتين بالكتير ونرجع
الساعة 8 بالدقيقه هكون في البيت ، بس خلي أمي توافق.. !

بيسان وهي تملس  علي شعرها بحنان  :
حاضر يا أروى ، بس لو اتاخرتي عن الساعة 8 ، هتتعاقبي!

أروى وهي تتعلق بعنقها : شكرا يا أحلى بيسوا بالعااااالم كله ..
………………… .

بمكانٍ أخر ذو طبيعة ريفية، بقرية صغيرة في محافظة الشرقية ، بمنزل كبير من طابق واحد، يحوطه بعض الزراعات الخضراء والأشجار، تجلس سيدة تخطى عمرها ستون عام ، ومصحفٍ كبير أمامها على ذلك الحامل الخشبي المزخرف ، ترتل وردها الصباحي بشروق يوم جديد ..
فور انتهائها من قراءة الورد المخصص لكل يوم، ضمت صفحات الكتاب القرآني المقدس ، وتركته فوق الحامل، ثم قامت لتعد إفطار زوجها الحج راضي.. ومن ثم أستعدادها لزيارة القاهرة ، حيث أرملة اخيها شمس وابنها الوحيد بهاء.. فهما كل ما تبقي لها من. رائحة اخيها الراحل حسن الطوخي..

الحج راضي وهو يلتهم  لقيمة فطير مغموسة بالعسل: أمتى مسافرة ياحاجة خديخة؟
أجابته :بعد ما يستوي المعمر في الفرن ، بهاء طالبه مني مع المشلتت ، حبيب عمته بيستناهم مني كل زيارة ..
…………………

الحاجة شمس : يا ألف مرحب بالغالية وخطوة عزيزة يا ست الكل..

الحاجة خديجة :
يامرحب بيكي يا أم بهاء، ازيك يا مرات الغالي ، وازيه بهاء حبيبي ،ريحة اخويا الغالي حسن ..

أجابت بمسحة حزن : بخير ياخديجة.

نبرة صوت أرملة أخيها ، أنبأتها بما لا يسُر، فقالت:

أيه ياشمس، فيكي أيه ياختي؟ ، صوتك حزين ليه ، بهاء صابوا مكروه لا سمح الله ؟!

تمتمت : أبني حاله معوج ياخديجة، متغير معايا من وفاه حسن، قاسي ومابيسمعش كلمتي، ده غير انه ملموم على شلة عيال بيستغلوه عشان يصرف عليهم، كل ليلة ومقضي كل وقته معاهم!
ثم تنهدت بحزن :
نفسي يقعد معايا، ونتكلم في أي حاجة ، سايبني لوحدتي طول الوقت وكأني مخلفتش ، دايما بعيد عني ، مابيكلمنيش غير عشان يطلب مني فلوس وبس!! .. وأخرة ده كله ، بيقولي إني مابحبوش يا خديجة ، وبستخسر فيه فلوس أبوه..!

خديجة مربتة على يدها: صلي على النبي بس ياشمس، بهاء لسه طايش ، مش فاهم الدنيا، بكرة يعقل ويفهم اما يتجوز ويخلف ويجرب الضنا..
انا ياما كنت اقولك ماتقسيش عليه وهو صغير بزيادة، انا كنت بلاحظ قربه الشديد من حسن أكتر منك بكتير، وكنت بحذرك إنك تبعديه عنك ..

هتفت مدافعة: كنت عايزاني اعمل أيه ياخديجة بعد ما دلعنا فيه أنا وابوه فسده وخلى تصرفاته تخجلنا!!
شوية يضرب اصحابه ويبلطج عليهم، وشوية يهرب من مدرسته، عشان يقلد اللي معاه ..واما كبر شوية وبقى 13 سنة ، لقيت ام واحد من اصحابه بتخبط عليا وبتصدمني إن عيالنا اللي لسه ماطلعوش من البيضة، بيشربوا سجاير، وكمان سرقو شنطة صاحبهم واخدوا منها فلوس..

كنتي عايزاني استني اما يطلع بلطجي وحرامي رسمي، وهو ماشي ورى اصحابه ومتأثر بيهم؟!!
كان لازم أشد واقسى عليه واحرمه من اللي يطلبوا ، واعلمه إن الغلط بعده عقاب  ،عشان يفهم إن الدنيا مش سهلة ولا دلع وطبطبة، وإن أنا وابوه مش دايمين له.. ولازم عودوا ينشف ويقوى ،و لازم يشرفنا ويخلينا نفتخر بيه ، مش يجبلنا العار بتصرفاته.. كنت عايزاه أحسن الناس ، بس هو مافهمش كدة، وفاكرني عمري ماحبيته..!!

ثم نظرت لخديجة بعين مترقرقة وصوت تخنقه العبرات : في واحدة تكره ابنها ياخديجة؟! .. ده نور عيني ، وفرحتي في الدنيا!

خديجة مشفقة عليها: أستهدي بالله يا شمس ..والله بكرة ينصلح حاله وتفتخري بيه ، ويوطي على رجلك يبوسها و يقولك اسف يا امي ، بهاء مش وحش ياشمس، ده ابن حسن ، واخد طباعه، بس هو عقله الصغير مقدرش يفهم تصرفاتك إنها حب وخوف عليه ..
هو من أمتى عيالنا بيفهمونا ياشمس؟! عمرهم مابيحسوا ويفهموا تصرفاتنا، إلا اما بيكبروا ويخلفوا، ويعيشوا أحساسنا، ادعيله انتي بس وهو مش هيبقي حد زيه ويكون ابنك المطيع البار بيكي زي ما بتتمني واكتر..

أم بهاء بنظرة غائمة وشاردة: تفتكري بجد هايجي يوم وينصلح حاله ويكون بار بيه؟!
نفسي يقرب مني ويشوف ازاي بحبه وبخاف عليه ، نفسي أعمل لقمة ونقعد ناكلها سوا في قعدة دافية وأحسه مبسوط وراضي ..أنا كأني عايشة لوحدي، كل حاجة بعملها من غيره..  البيت بالنسباله لوكاندة بينام فيها..!
صمتت مطلقة من جوفها تنهيدة عبرت عن ما يجيش بصدرها، ومن قادم تجهله وتخافه :

خايفه ياخديجة أغضب عليه!! خايفة يفوق بعد فوات الآوان وينفذ صبري، والإعتذار وقتها مش هيكون له أي معنى!

…………………

وعندك أحلى طقم شاي للبرنس بهاء وأصحابه..

بهاء بعد أن وصل لتوه إلى تلك المقهي التي يتقابل بها مع رفاقه كل ليلة ، حيث يقضي معهم أمسيته مابين الأحاديث التافهه وتدخين مايضرهم ويسلب عقولهم وينهل من صحتهم الجسدية  ، فالأمر لا يقتصر على بضعة سجائر بريئة بل يتخطى ذلك ..

هم يتملقون له طمعا لا حبًا، لتحمله كل ليله تكاليف طلبات جلستهم التافهة!
ولا يَخفى عن بهاء طمعهم فيه وتوددهم نفاقًا له ، بل يتقبله بصدر رحب، فهم يغذون داخله احساس الزعامة والقوة التي لا يستمدها إلا بسخائه عليهم من نقوده!! وكم يُرضيه هذا الشعور ، ويُرضي غروره ويكمل نقصاً ما داخل نفسه!!
……………………
_ ايه ياعم مالك بتنفخ ليه كده؟!
بهاء : اتخنقت يا وليد، كل اما اجى أطلب فلوس من امي، تعملى تحقيق!

وليد: أنا مش عارف هي بضايقك ليه، هو في غيرك، ده مال أبوك وعزه، ومسيره ليك ، أنت ابنه الوحيد
مادام الخير كتير الحمد الله، بتمسك ايدها كده ليه!

بهاء : ما انت عارف بقي أسطوانة، أعمل حساب الزمن والأيام غدارة ، والكلام الكئيب ده!

وليد : مالهاش حق بصراحة، عموما سيبك ، أنا هروق مزاجك!!
ثم اخرج من جيب بنطاله لفافة قائلاً :

خد جرب الصنف الجديد ده وادعيلي، غالي بس يستاهل، هيخليك طاير في السما.. وهينسيك العكننة دي، وينسيك أمك ذات نفسها..!

بهاء :
ايوة كدة يا ليدو ، محدش بيعرف يروقني غيرك!

وليد : ولو تسمع كلامي في الباقي ، هخليك شهريار زمانك ، بس أنت اللي مقفل ومحبكها..

بهاء : وهفضل محبكها ، أنا أخري سيجارة متكلفة
إنما حريم وشقق مش تمام ، ماليش فيه يا وليد
وماتكلمنيش في الحوار ده تاني عشان ما أزعلكش!

وليد : خلاص ياعم أنا كنت قاصد اخدم،
ثم تنحنح بخجل مصطنع قائلا :
بس أنا كنت عايز منك طلب بس مكسوف منك..
بهاء : عيب يا وليد احنا اخوات ، قول عايز ايه؟
وليد : كنت محتاج منك قرشين سلف، وعارف إني لازم أسد الدين القديم الأول ، بس الظروف صعبة معايا ياصاحبي ، بس أوعدك ، اول ماتُفرج هسدلك كل ديوني

بهاء : ياجدع عيب عليك ، من أمتى بينا فلوس
قول عايز كام يا ليدو وأنا رقبتي سدادة..
وليد : تسلم يا ابن الأصول.. عايز ٢٠٠٠ج..!
بهاء : ولا يهمك ، بكرة هيكونوا عندك!
…………………..

الأم عائشة :مافيش تأخير بعد الساعة ٨ يا اروى مفهوم ..؟

أروى وهي تستعد لذهاب حفلة عيد ميلاد صديقتها ندى ، بمصاحبة رغد .. مهندمة خصلات شعرها المنساب بحرية على طول ظهرها گ لمسة أخيرة ، بعد ارتدائها قميصا ازرق قصير بنقوش براقة بسيطة، وبنطال جينز ثلجي اللون ..

حاضر يا ماما والله هاجي بسرعة ، ٨ بالدقيقة هكون هنا ورغد معايا متخافيش ..

استقلت أروى ورغد سيارة أجرة لتوصيلهم لمكان الحفل.. الذي كان فرصة حقيقة للمرح بين الصديقات   والتسرية عن أنفسهم بالمزاح والأحاديث المختلفة.. إلى أن حان وقت مغادرة الحفل كما وعدت أروى والدتها وشقيقتها بالرحيل مبكرًا..

فقالت رغد بطريق عودتهما: بس ندى كانت زي القمر وفستانها يجنن .. وبنت الأيه جسمها وشعرها عامل زي عرايس باربي..  هتخرب الدنيا أما تكبر من كتر العرسان!
ضحكت أروى : ياساتر هتحسدي البت من دلوقتي! ” بس بصراحة كانت مزة وفستانها كان تحفة ومشخلع أوي، هي أساسا أهم حاجة عندها أناقتها وشكلها .. تنفع تطلع عارضة ازياء بنت اللذينا..!
رغد:  تفتكري يا بت يارورو هايجي يوم واخس وابقي بجسمها كده!
أروى : وأيه المانع.. إن شاء الله أما ندخل الجامعة هنعمل نظام .. أنا كمان لو سبت نفسي هبقي في وزنك، من كتر أكل الشيكولاتة والشيبسي يوميا، يعني ربنا يستر!   ثم واصلت:

عموما الحمد لله عدت على خير ، روحنا وانبسطنا وغيرنا جو .. يلا نوقف تاكس ونطير على البيت  أحسن ماما كل شوية تتصل بيا!

…………… ..

وليد : أوبااااا ، شوفت الصاروخين دول يا بهاء!

أنتبه بهاء لجملة وليد ،والتفت بكلتيه من فوق مقعده حيث جلوسه في المقهي بهذا التوقيت..  فرآى الفتاتين، وما أن وقعت عيناه على احداهما، حتى عرفها على الفور ..والتي لم تكون سوى أروى.. ابنة خاله.. فهب واففاً وتاركًا من يديه الأرجيلة (تلك الأداه التي يستخدمها المدخنون بالمقاهي)

اقترب بهاء منهما ، ثم قال محدثاً أروى:

ازيك يا أروى ، أيه الصدفة الحلوة دي ..!

أروي وقد عكست صفحة وجهها عبوساً وضيقًا لم يخفى على رغد ، وكذلك لاحظه أبن العمه :
أهلا يا بهاء ،  عامل ايه ..

قال الأخير باهتمام : الحمد لله .. انما ايه جايبك هنا وبالوقت المتأخر ده ؟؟؟؟

أروى : كنت في عيد ميلاد صاحبتي ، وبعدين الوقت مش متأخر  ، احنا لسة الساعة ما حصلتش 8…  !

بهاء : طب يلا عشان أوصلكم..
أروى باعتراض : لا معلش ، أحنا هنرجع لوحدنا زي ما جينا ..

تجاهل بهاء ما قالت ، وأشار لإحدى سيارات الاجرة
ثم نظر لها وقال أمرًا: أركبي انتي وصاحبتك يلا .
………………… .

يختلس النظر اليها بين لحظٍة وأخرى في مرآة السيارة الأمامية حيث جلوسه بجانب السائق ، لا يصدق أن ابنة خاله أصبحت بتلك الفتنة الطاغيه والجاذبية الشديدة بقوامها المكتمل الأنوثة والذي تغيّر كثيرًا عن أخر مرة شاهدها فيها، كانت بأخر مرحلة الإعدادية، مجرد طفلة، وكانت تنفر منه وهما صغاراً ، ولكنه لم يهتم!! أما الآن كيف يتجاهل تلك الجميلة أبنة الخال!!

لاحظت أروى نظراته المختلسة لها بالمرآه ، ولكنها تجاهلته تماما، موجهة كل بصرها على الطريق عبر النافذة، وبجانبها رغد الصامته، فلا سبيل للحديث بينهما بحضور هذا السمج معهما، والذي فرض نفسه عليهما فرضًا..!

ترجلت رغد من السيارة التي وقفت بقرب منزلها والتفتت لتودع اروى .. ففوجئت رغد بأورى تغادر السيارة هي الاخرى..!

بهاء متعجبًا: إنتي نزلتي ليه بيتك مش هنا؟!!

اروى وهي تخطو للذهاب بالفعل :

بس قريب ومش محتاج تاكسي، سلام يابهاء ..!

وذهبت تاركه أياه مذهولاً ، يتملكه غيظ شديد من تصرفها، ولكنه عزم على تنفيذ شيئاً ما برق داخل رأسه ..!


error: