رواية ” أنت مكافأتي”

الفصل 31
********أنا مش مصدق اللي بسمعه يا بهاء .. عيد اللي قولته تاني، بجد مذهول! .. لقيت سجدة في بيت والدتك؟ وكمان طلع عندك ولد وبنت على أسم أبوك وأمك ؟!!!
_ صدقني يا سيف أنا لحد دلوقت خايف يكون حلم .. أنت ماتعرفش أنا حاسس بأيه! أنا طول الوقت ببصلهم وأنا مش مستوعب إن دول ولادي من سجدة .. وإن سجدة نفسها سامحتني وكمان بتدعمني أكمل اللي بدأته عشان ضميري يرتاح .. وأنا مش هتكمل راحة بالي إلا اما اعتذر لناس تانية، واتمنى تحصل معجزة تانية ويسامحوني!

صمت سيف برهة، وهتف:

أسمعني كويس يابهاء في اللي هقوله!
يجوز اللي هتطلب منهم السماح يسامحوك! ويجوز كمان لأ .. بس اللي متأكد منه إنهم هيحترموك حتى لو استوعبوا ده بعد فترة، لأن أكيد في الأول هيكون في صدام ورفض!! لكن صورتك هتتشكل من تاني في عينهم بعد ما تهدى ثورتهم عليك، الدنيا هتتغير للافضل.. أحنا كلنا لينا أخطاء.. بس مش كلنا عندنا شجاعة الاعتذار والرغبة في تصحيح اخطائنا..!

وأنت بعد المواجهة دي صدقني هتحس بالراحة مهما كانت النتيجة.. وهتقدر تعيش مع عيلتك اللي ربنا كرمك بيها! .. مكافأتك بعد التوبة والندم الصادق!
أتكل على ربك وكمل مشوار توبتك ، وأنا وزوجتك وعمتك والعم راضي وكلنا حواليك بندعمك ، أنت مش لوحدك! أوعى تنسي ده لحظة واحدة!!!

عجز بهاء عن كلمات توفي داك الصديق ما يستحقه
فتمتم متأثرًا:

_ صدقني يا سيف .. أنا بقيت متأكد دلوقت إن ربنا ممكن يكون قبل توبتي، لأنه رزقني بصديق زيك
أنَ كمان مكافأة ليا يا سيف!!
شكرا على كل حاجة..وشكرا على وجودك في حياتي!

*******************

ألحقيني يا ماما “وعد” حرارتها مرتفعة جدا، طول الليل حرارتها عالية ومش بتنزل،مع إني عطيتها خافض حرارة قوى!
تلمست الحاجة عائشة جبين وعد ، فتأكدت أن بيسان لا تبالغ، فهتفت :
فعلا حرارتها عالية جدا يابنتي ، معقول كل الأدوية ماجبتش نتيجة
بيسان وهي تلوم ذاتها : لا يا ماما .. الحق عليا أنا ، لو صممت أنها ما تاكلش أيس كريم كتير امبارح ، ما كانتش تعبت كده!

الأم بشفقه : يابنتي كل الأطفال بيتعبوا من أي حاجة، ماتقلقيش هتبقى كويسة وزي الفل!

بيسان : أنا أتصلت بدكتورة أطفال أعرفها .. ولما شرحتلها الحالة والعلاج اللي أخدته وماجبش نتيجة كتبتلي على حقن عضل قوية ، وأنا هنزل أجيبها حالًا

الأم : الفجر آذن تفتكري هتلاقي حد فاتح دلوقت؟

بيسان : أكيد يا أمي .. في صيدليات بتفتح 24 ساعة ارجوكي يا ماما خليكي معاها لحد ما أجي!

الأم : من غير ما تقولي ، مش هسيبها لحد ما ترجعي!

لم يمضي دقائق إلا وكانت بيسان تتوجه لأقرب صيدلية متاحة ..وقبل أن تمضي بطريقها مسريعة،
أوقفها معاذ الذي كان عائدا لتوه من صلاة الفجر

هتف بقلق : رايحة فين دلوقت بدري كده طمنيني!
بيسان بحزن واضح : رايحة أشوف صيدلية أجيب منها علاج لوعد ، حرارتها عالية أوي يا معاذ ومش راضية تنزل!

معاذ : طب تعالي أنا عندي حقن قوية لخفض الحرارة في العيادة ..
بيسان : بجد !؟ ياريت أنا خلاص هموت من الخوف عليها..!
أشفق عليها فقال مطمئننا: متخافيش يا بيسان هتبقي بخير وفي خلال نص ساعة هتبتدي حرارتها تنخفض!
……………..………

_ الحمد لله يا نعاذ، الحرارة ابتديت تنخفض فعلا
_ مش قلتلك هتبقى بخير!
_ عندك حق ، وشكرا على كل حال ، تعبناك معانا

أمسك معاذ كف الصغيرة ثم قبلها متمتما وعينه تحتضن تفاصيل وجهها الملائكي بحنان :

فاكرة يا بيسان يوم ولادتها .. وطلب والدتها الله يرحمها أني اردد الآذان ليها واكون أول صوت تسمعه ! .. لسة فاكر إحساسي بيها بعد ما شيلتها بين أيدي والرعشة اللي حسيتها بقلبي!

تجلت الذكرى لعين خيالها وهي تتذكر ما يقول ، ثم تمتمت بعين شاخصة شاردة بذكراهما الغالية :
وفاكرة لما الله يرحمها صممت أني أختار أسمها..!

رفع وجهه إليها مستطردًا : وأنتي سمتيها الأسم اللي حلمت أسميه لبنتنا لو كنا جبنا ولاد!!
تفتكري كل دي صدف يا بيسان؟ ولا ترتيب إلهي لينا سوا إننا في يوم نلاقي حاجة تجمعنا مرة تانيه !!!

التفتت تنظر له بتمعن وهي تحلل مغزى كلماته الجديدة على مسامعها من شخص مثله!!!!

ترك بتلك اللحظة كف الصغيرة ثم جثى معاذ على ركبتيه أمامها بفعلٍ أدهشها، وهو يواصل حديثه بنظرة تخترق وتهد كل حصونها التي تحاول صده بها:

فاكرة يا بيسان أما كنتي بتطالبيني أكون أناني في حبك!! وإن اللي شوفته حرمان وظلم ليكي .. كان منتهى العدل بالنسبالك لأنك كنتي راضية؟!

اغرورقت عيناها وهي تستعيد معه تلك اللحظات التي أرهقت قلبها وروحها وهي تستجدي عودته لها وهو يضن عليها بالوصال ، معتقدا أنه يمنحها السعادة

فقالت وغصة بحلقها : فاكرة .. زي ما فاكرة خذلانك ليا في كل مرة أمدلك ايدي ، وتخليك عني واستسلامك لفراقنا اللي أنت فرضته علينا لوحدك!

التقط كفها بين راحتيه وهو يستجدي عشقها الذي يراه ساطعا بمقلتيها كسطوع الشمس :

أنا دلوقت اللي بمسك أيدك وبقولك ارجعيلي يا بيسان .. وأسف على كل لحظة ضيعتها بمثاليتي الزيادة .. أسف لأني ماكنتش أناني في حبك وسبتك تتعذبي مع إن كان كل هدفي سعادتك .. أسف إني خذلتك مرة ورى مرة باستسلامي وبُعدي .. وبعاهدك عهد مش هخلفه غير بموتي، إني مش هفارقك ابدا وهعوضك كل لحظة اتوجعتي فيها بعيد عني..
بس سامحيني وارجعيلي .. لان مبقاش ينفع اعيش من غيرك أنتي و”وعد ” أنتوا حياتي اللي مش هتحلى أيامها تاني غير بيكم!

ثم قام وجذب كفها معه لتقف أمامه ويواصل هو حديثه النابع من عمق قلبه :

أنا طلبت أيدك من والدتك من قبل ما اخد العيادة ، وهي وافقت ، بس طلبت منها ما تقولكيش.. وأنا دلوقتي بعيد طلبي وبقولك شاركيني حياتي ورجعي روحي فيا يا بيسان!
موافقة ترجعيلي.. ولا هتخدليني وتكسري قلبي؟

كم خططت لعقابه وأن تجعله يرتشف على يدها كأس العذاب والصد كما أذاقها .. كم أعدت نفسها لكلمة الرفض حين يطلب الوصال معها وهي تتشفى بحبيب طعن قلبها بسهام بعده ورحيله عنها..!

ولكن كيف تفعل وقلبها الثائر الآن ينتفض بين ضلوعها ويتمرد عليها ، ويطالبها الرجوع عن عقابه ، والخضوع لرغبتها قبل رغبته !؟

هل قالت يوما ستعاقبه؟!! ..كلا ، لا تتذكر!!
ولن تتذكر شيء سوى أن حبيبها أمامها الآن حقيقة ملموسة ، يمسك يدها ويطلب عودتهما مرة أخرى .. ستعيش معه من جديد ، ستنغمس بين أحضانه وتحتمي بذراعيه وتستنشق عبقه ليعود لها الأمان الذي فقدته بغيابه ..

سترضخ لرغبتها وتعود لجنته .. هي تحبه.. وتريده.. وكفى !!!

*********************
_ وماله جواز الصالونات يابنتي، ده ياما بيوت عمرانة ومتهنية من وراه .. ريحي قلب أمك وقابلي العريس يمكن يعجبك ونفرح بيكي!!

_ حاضر يا ماما موافقة اقابله.. بس بشرط ، لو ما حسيتش براحة محدش فيكم يغصبني !”
_ ماشي يا رغد ، وربنا يابنتي يجعله خير ليكي ..
********************

_يعني أنت ممكن تتجوز بشكل تقليدي يا سيف ؟
_ وأيه المشكلة يا بهاء .. أنا محدش هيجبرني والقرار النهائي هيكون ليا ، يمكن تكون بنت حلال زي ما أمي بتشكر فيها!
_ ربنا يكتبلك الخير يا سيف ونفرح بيك قريب
_ باذن الله .. المهم أيه خطوتك الجاية ؟
_ أتواصلت مع شخص مهم جدا يكون موجود معايا ، لان الموضوع مش هيكون بسيط ، خصوصا إن في طرف تاني بدين له باعتذار مع بنت خالي.. !
أنت بس أدعيلي يا سيف ، ومهما كانت النتيجة أنا مستعد ليها ومتقبلها ..!

**********************
_ مين ده اللي عايز يقابلني أنا وأروى يا دكتور ؟!
_ هتعرفه لما نجيلك بكرة يا بلال ..
_ تمام يا دكتور ، تنور أنت وضيفك .. في أنتظاركم.
……………………....

أحيانا نخطو بطريقٍ وقلوبنا ترتجف، تهابُ إعصارًا قادم ، فنتسائل مترقبين إجابة تُثلج الصدور المجهدة .. هل سيتقبلنا الأخر ويمنحنا صكَ الغفران.. أم سيزيدُ على كاهلنا عبء ذنوبٍ اقترفناها ولن تنمحي!!

كان هذا شعور بهاء ، وهو بتلك اللحظة، يجاور معاذ أمام بيت بلال ، ربما يدري ما ينتظره خلف هذا الباب المغلق ، ولن يهاب شيئًا .. سيتلقى كل ما ستجود به المواجهة!!
……………………
_ أهلا يا دكتور معاذ شرفتنا أتفضل ..
معاذ وهو يقف صامتًا يتأمل بلال ويخاف رد فعله ، ولكن لا مفر مما جاء بشأنه .. تنحى جانبًا ليظهر من خلفه بهاء! واقفًا يطالع بلال منتظرا رد فعله الذي لا يستهان به .. وما أن وقعت عين الأخير عليه حتى أندفع ناحيته كالإعصار الذي ينتوي رفعه من أرضه واجتثاث عنقه من فوق جسده وزهق أنفاسه!
وكاد أن يصل إليه، لولا أن عاق طريقه جسدًا صلب بأقصى قوة أستطاعها..!! ونجح معاذ بالفعل بتأيد حركة ذراعي بلال مرددًا :

خلينا ندخل الأول ونتفاهم جوه .. الناس هتتفرج علينا أنت أعقل من كده !
بلال بثورة مخيفة : هو فين العقل وأنا شايف القذر ده قصاد عيني .. إزاي تجيبه بيتي يا دكتور إزاي !!!

سمعوا جميعهم شهقة قوية أتت من خلفهم ، حيث وقفت أروى ترمق بهاء بنظرات تملأها الدهشة، وهي تشاهده يطأ بقدميه محيط مسكنها .. فهاجمت الذكرى عقلها، حين قاومته أسفل درج البناية المظلم .. فأتت الذكرى بعبقها الكريه لأنفاسه لحظتها..! فشعرت بالغثيان يزحف بحلقها..!

************************

معاذ : أنا مش بقولكم خدوه بالحضن ورحبوا بيه، وسامحوه فورًا.. أنا بقول بس أسمعوه ، ومهما كان قراركم مش مهم ، لكن أعطوه فرصه يعتذر ويشرح ويدافع .. خليكم الأكرم والأحسن .. ده بردوا في بيتكم، ولو كان ليا أي معزة عندكم أسمعوه!

لم يتفوه كلاهما .. أروى التي تتجنب النظر إليه ، وتتشبث بذراع بلال وكأنها تحتمي به .. والأخير الذي يكاد يحرقه حرقًا بعيناه التي تقدح شرارًا..!

بدء بهاء استرساله، نتجنبًا النظر إليهم:

أنا الولد العاق الفاسد الفاشل!
دي كانت صورتي في عين الكل ، وعين نفسي قبل الجميع ، ليه كنت كده معرفش ، محاولتش ابدا اصلح نفسي واقومها ، عمري ما قربت من أمي ولا سألت ليه أنا جاحد وعاصي ليها ، كنت دايما أبرر لنفسي إن السبب قسوتها عليا وأنا صغير .. وأقول ما بتحبنيش ، بابا بس اللي حبني .. كنت فرحان باصحابي لانهم كانو بيحسسوني إني بني آدم له لازمة، مع أني كنت عارف أنهم منافقين بس ده كان راضي غروري وقتها..!
وواصل بتردد: يوم ما روحت أكلم أروى كنت…………

بتر جملته وكاد يختنق وقبضة بلال تحيط عنقه ، وبمجهود جبار أبعده معاذ متوسلا له أن يتركه ، وكانت معجزة أن يتركه ويعطيه، وابتعد ليعطيه ظهره حتى لا يقتله فعليا إذا بصره مرة أخرى .. فعاد بهاء لاسترساله :

ماكنتش اقصد أبدا ، والله ماحسيت بنفسي كأني كنت شخص تاني ، اقسم بالله عمري مافكرت في أذيتها، وعمري ما احتقرت نفسي وكرهتها إلا في الوقت ده ، محدش كان هيصدقني لو قلت كده .. أنا في نظركم شيطان مغضوب عليه .. لو تعرفوا قد أيه اتعذبت وانا مستني عقاب ربنا فيا طول الوقت نومي كوابيس وصحياني ألم وندم ووجع وخوف وحزن ويأس وكآبة .. كنت بموت كل لحظة ، وأنا بسمع لعنات أمي ليا قبل موتها.. ونظرتها اللي عمري ما نسيتها ولا هنساها.. أستغفرت كتير اوي وتوبت عن اخطائي وذنوبي.. ولحد دلوقتي معرفش اتقبلت توبتي ولا لأ .. بس أنا هفضل لحد ما اموت بندم وادعي ربنا يسامحني .. وبطلب منكم تسامحوني دلوقتي أو بعدين .. المهم في الأخر تسامحوني .. !

وصمت بهاء بعد أن فاض بكل مشاعره، والقى ما بداخله على مسامعهم.. وكم أشعره ما قاله براحه عجيبة وكأنه أزاح جبلًا عملاقًا من على صدره!
صدق سيف عندما أخبره، أن بعد المواجهة سينال الراحة.. الآن فقط يشعر أنه يغتسل من خطاياه..!

ولن يكون ساذجًا ويتوقع عفو الآن من ذاك الثائر، ولكن يكفيه تلك السكينة بصدره، أن رب الكون يطالعه الآن بعين الرحمة والرضا.. هو لم يتكبر أو يخاف اعتذار وطلب ومسامحة منهم..!

تقبلوا او لم يتقبلوا..! ستتكفل الأيام. بذلك..!

غادرهم بهاء!
غادر بروحٍ أكثر تفائلًا!
أكثر حبًا للحياة.. وسيبدأ من جديد مع عائلتة الصغيرة.. ومكافأته الكبرى!!!!

##################

_ الحمد لله إن ربنا مد في عمري وشوفتك تاني سعيدة يا بيسان .. مين. يصدق إنك خلاص راجعة لمعاذ وهتعيشوا سوا مع “وعد” وتكونوا ليها الأب والأم ليها، ربنا عوضكم بيها يا بنتي.. زي ما عوضها بيكم .. هي هتكون سبب إنكم تنولوا نعيم الدنيا وجنة الآخرة، حافظي على عيلتك الصغيرة يا بيسان .. وعيشي يابنتي كل اللي فاتك الدنيا خلاص ضحكتلك بعد ما بكيتك ايام وليالي!!

دمعت بيسان تأثرًا بحديث عزيزة قلبها وشعرت بامتنان وحب شديد لتلك الأم العظيمة التي ساندتها بكل ما مر عليها..فأمسكت كفها تقبله بحنان مرددة :

شكرا يا ماما لأنك أعظم أم .. ساندتيني في وجعي قبل فرحي ، مابخلتيش عليا بحنان أو نصيحة أو دعاء .. حتى وعد .. ماحاولتيش لحظة تعترضي على مسئوليتي ناحيتها وتفرقيني عنها.. بالعكس دعمتيني وعاملتيها زي حفيدتك اللي من دمك ولحمك .. وساعدتيني أحافظ على أمانة صحبتي زينة!

قبلت الأم عائشة رأسها هاتفة:
_ ومين قال إن وعد مش حفيدتي!! .. زينة كانت بنتي التالتة ، ومعاملتي لوعد ماكانتش هتختلف وهي عايشة .. ربنا يرحمها ويقدرنا نصون أمانتها للأخر!!

ودلوقتي قومي أستعدي .. معاذ في الطريق ليكي
ربنا يسعدكم ويهنيكم .. ويعوض صبركم خير !

************************

شتان بين حلم يقظة يُسعد صاحبه ويخدعه بنيل ما يتمناه سرًا، كقطرهِ دواء ربما لا تُشفي عليل، ولكن توهمه أنه في سبيله للشفاء مما يؤلمه، فيمثل الصبر على الألم!!!
وبين حقيقة ملموسة، مرئية .. لا جدال في صحتها!
………… ..

معاذ بعد أن أغلق بابهما غير مصدق إختلائه بها:

_أخيرًا يا بيسان رجع يتقفل علينا بابا تاني!

هتفت بنفس نظرتها العاتبه :

_ وانت أخيرًا فهمت .. إن فراقنا كان حماقة ومالوش لازمة من الأساس، ضيعت سنين على الفاضي وعذبتني معاك!

_ كنت غبي لما ضيعتك.. بس يشفعلي عندك خوفي عليكي من الحرمان!

_ مافيش حاجة تشفعلك، أنا لسه مقهورة منك!

قال مقتربًا : هعوضك!

أبتعدت مرددة : لسه زعلانة!

هتف مستمرًا باقتراب يهد حصونها: هصالحك!

أجابت بعناد تعرف عدم جدواه: متقربليش!

زاد أقترابه: ماتطلبيش المستحيل!

فأصرت : أنا مابقيتش أحبك!

ابتسم بغرور : كدابة!

هتفت ومازالت تتراجع بقدميها : بقولك مش بحبك!

قال بعاطفة جياشة : وأنا بحبك!

فردت بمقاوامة واهنة : مش بحبك!

فزاد بصوته اللهفة : بحبك!

فسلمت لخسارتها بذات الشوق، وكفت قدميها عن التراجع، ألا يكفيهما بعاد؟! ..
وما أن وصل إليها حتى عانقته بعين دامعة هاتفة :

وأنا عمري ماحبيت حد قدك، ولا اتمنيت ارتاح على كتف حد غيرك.. أوعى تسبني تاني يا معاذ!!
أوعدني ما نكررش التجربة دي مرة تانية!!

أجابها بوعد.. فاق كل الكلمات! وكل العهود المكتوبة
أجابها بعشق أذاب كل مرارة الأيام القاسية ولم يبقى الآن سوى حلاوة الوصال.. وما أحلاه من مذاق!

error: