رواية ” أنت مكافأتي”
الفصل 27
قاسم؟؟!!!!
دقق قاسم النظر بمن يغمغم بأسمه بنبرة مسموعة لديه .. فإذا به يصطدم برؤية معاذ!!
فاقترب منه وهو مازال يضم بذراعيه طفله :
معقولة! دكتور معاذ قدامي؟! سبحان الله على الصدف .. ثم مد يده تلقائيًا لمصافحته ، منتظرا مبادلة معاذ له المصافحة!!
ولكنه تعجب لجمود معاذ، ونظرته القاسية له والتي تحولت لنظرة عدائية، أكدتها نبرة معاذ الغاضبة وهو يهدر بحدة واضحة:
يعني سبتها تربي بنتها لوحدها.. وروحت اتجوزت وخلفت وعيشت حياتك ولا كأنك سايب بنتك اللي مفكراك ميت… ياخسارة ياقاسم .. يا خسارة طلعت إنسان ندل!!
لم يكن ما قاله معاذ سوى نتاج تحليله السريع و المنطقي، بعد ربطه لكل الخيوط .. الآن فهم نظرة بيسان العاتبة له! ولما لم ترد تعزيته.. كيف تتقبل تعزية على من هو أمامه حيُ يُرزق!
تخلى عنها هي وابنتها “وعد ” ومؤكد اضطرت بيسان إخبارها كذبا أن والدها المدعو ” قاسم” توفى حتى تبرر غياب أبيها عنهما .. لهذا كانت ترمقه بعتاب وإتهام .. نعم هذا تفسير منطقي جدا لنظرتها إذًا ..
أما الواقف أمامه .. يهلل بفرحة زائفة لصدفة رؤيته، وكأنه لم يفعل بحبيبته شيئًا .. سحقًا لك يا قاسم .. وألف سحقًا لك!!
قاطع حديثه الخفي هذا مع ذاته ، تساؤل زوجة قاسم الحاد لزوجها وهي بحالة من الذهول :
أنت كنت متجوز ومخلف قبلي يا قاسم؟؟؟..
كدبت عليا، وخدعتني بأني أول حب في حياتك وعمرك ما اتجوزت قبلي؟!!
ثم انتزعت طفلها من بين يديه بعنف، وهي تهم بتركه، فأوقفها قاسم متوسلًا، بعد أن رمق معاذ بحنق شديد :
ياحبيبتي والله ما حصل ولا عمري كدبت عليكي!
معاذ مقاطعًا بثورة : وبيسان و “وعد” دول أيه؟؟؟
قاسم بصوت هادر : أخرص بقا هتخرب بيتي بكلامك!
فاض به الكيل! يحادثه بوقاحة وهو المذنب بحق الجميع!! ترك واحدة تعول ابنتها بمفردها، وخدع الأخرى بحب صادق ووهم زواجهما الأول!!
أمسكه معاذ من مقدمة قميصه قائلا بغضب لم يعد يستطيع السيطرة عليه : أنت كمان مش عاجبك وبتطول لسانك!! .. لما أنت في الأخر هتسيبها وتسيب بنتك ، اتجوزتها ليه، هي كانت ناقصة جرحك أنت كمان ؟!!!!!
افلت قاسم نفسه من قبضة معاذ ، ثم دفعه للخلف بعنف، هادرًا بثورة مماثلة :
يا ابني أفهم ..أنا اصلا أنا اتجوزتش أنا و بيسان!!
مفاجأة أخرى زلزلت معاذ، حتى أنه شعر أن روحه تترنح قبل جسده ، فلم يعد يدري ماذا يفعل وأين الحقيقة .. إذا لم تتزوج بيسان قاسم .. من تزوجت أذًا وانجبت وعد ؟؟؟؟؟؟
قاسم وهو يحاول ايضاح الأمر زوجته :
أنا فعلا يا رانيا من حوالي 3 سنين كنت خاطب واحدة أسمها بيسان ، بس اللي مايعرفوش معاذ ، إني سبتها يوم عقد القران ، يعني ما اتجوزتش غيرك انتي ولا عندي وأولاد غير أبننا عمر .. صدقيني يا رانيا هي دي الحقيقة ، معاذ سافر وقتها، عشان كده مايعرفش حاجة ..
قرأت سطور الصدق بعينه وهو يترجى تصديقها له ..
وهي أقدر من يفسر نطرات زوجها، وتقسم انه ليس بكاذب، نعم قاسم لا يقول سوى صدقًا..!!
أدارت وجهها تجاه ذاك الصامت بذهول سكن تقاسيم وجهه، فوجدته بحالة يرثى لها من الصدمة، حقًا أشفقت عليه ، وأيقنت أن هناك الكثير يجهله هذا الرجل!
فقالت بحكمة من أدركت الحقيقة كاملة:
ماشي يا قاسم .. أنا هرجع البيت أنا وعمر، وهستناك تيجي تحكيلي كل حاجة كنت مخبيها عن الموضوع ده!!
غادرتهما، فالتفت قاسم لمعاذ قائلا:
أظن أننا لازم نقعد في مكان ونتكلم .. لأن واضح إن في تفاصيل كتير غايبة عنك ، واعتقد من حقك تعرفها!
مستلقيه بفراشها، تجاور صغيرتها وهي تداعب خصلات شعرها القصير وتتأملها بحنان وذهن شارد متسألة، كيف كانت ستعيش بدونها؟!
كيف كانت ستتحمل حزنها، بعد أن تركها معاذ وسافر بعيدًا ، وقطع كل أمل داخلها بأن تتشابك كفوفهم مرة أخرى!!
أحتصنت صغيرتها لتستمد منها القوة، والذكرى تلوح بعقلها وكأنها حدثت بالأمس القريب، وليس من ثلاث سنوات كاملة!!
يوم عقد قرانها هي وقاسم!!
حين أتي لوداعها معاذ متمنيًا السعادة والراحة لهما..!
أي راحة بعد أن تركها تغرق بدوامة الضياع والندم والحزن.. ستظلم معها إنسان لم يقدم لها سوى مشاعر صادقة!
ماذا جنيت ياقاسم لتقترن بمثلى؟!
قلبي وروحي يسبحون بفلك غيرك دون إرادتي!
يعاندون عقلي بالعودة لزمام سيطرتي عليهم!
وكأنه سمع حديثها الخفي!!
اقترب ظله وغطى كل محيطها وصوته يطلق سهام العتاب، فتُرشق تباعًا بعمق ضميرها المعلول!
قاسم!!
لفظتها بعد أن تبينت أنه هو من يقف قبالتها، ويطالعها بنظرات تكاد تحرقها..!
_ ليه يابيسان؟؟؟
ذنبي أيه وسطيكم! ليه تظلميني وتظلمي نفسك قبلي!! أنا ما استاهلش كده! ما استاهلش واحدة قلبها وروحها مع غيري!!!!
بكت وازداد بكائها نحيب لعتابه التي تستحق قسوته، ولم تجد ما تقوله سوى:
سامحني.. أرجوك تسامحني ياقاسم!!
فأجابها بعد صمت قصير:
لو كنا اتجوزنا فعلا واكتشفت خداعك ده عمري ما كنت هسامحك ولا اغفرلك ظلمك يابيسان!!
انما دلوقت!! لسه في أمل للغفران والسماح!
ثم أخرج من جيبه علبه قطيفة حمراء متمتما بتهكم:
اشتريت لينا دبلتين.. بس مش مكتوب عليها أسامينا
كأني كنت حاسس إن في حاجة هتحصل وهنفترق، ده إذا افترضت إننا اصلا كنا سوا..!
طالعته برجاء تنتظر منه إطلاق صراحها، تترقب قوله وعيناها لا تكف عن نزيف ماء عيناها الدامية!!
فقال بعد أن قرأ رجائها بوضوح:
خلاص يابيسان.. مش محتاجة تسمعيها، طريقنا مش واحد يابنت الناس، هبعد واحاول انسى!!
بس نصيحة أخيرة قبل ما اسيبك، أوعي تضحي بنفسك وحياتك لأن الدنيا عمرها ما وقفت على حد
ومهما نعاند، مش هناخد إلا نصيبنا..!
……………
شاع خبر وعكة أصابت العروس!! وتم تأجيل عقد القران..! هكذا كانت كذبة والدتها للتخلص من ذلك المأزق الحرج لابنتها..!
مضى الوقت بها بعد هذا اليوم! ولم تهتم بيسان للعيون اللائمة، ولا الألسنة الثرثارة التي نسجت حول فشل عقد قرانها الافتراءات الكاذبة، والأقاويل الكثيرة ، وانصب كل جهدها لعملها وحسب!!
إلى أن وضع القدر بطريقها مهمة أخرى لم تكن تتوقعها..حيث مرضت زينة مرض شديد بعد أن أتاها خبر وفاة زوجها المغترب قاصي بحادث طريق تسبب له بنزيف حاد في المخ، أودى بحياته بعد بضعة ساعات .. ولم يرى طفلته “وعد” .. تلك المسكينة التي يُتِمت مبكرًا ولم تنعم بحنان ورعاية أبيها..!
ولأن زينة كانت تعشق زوجها عشق الجنون ذاته، حزنت لوفاته ومرضت ولازمت الفراش بوعي شبه غائب، جعلها عاجزة تمامًا عن رعاية طفلتها “وعد ”
وتولت بيسان كل شئون الصغيرة وتعلقت بها بشكل لم تتصوره .. إلي أن فاجأتها زينة يومًا برغبتها بالحديث منفردين.. وقد أستعادت القليل من عافيتها..!
وكانت المفاجأة هي وصية سجلتها زينة بالشهر العقاري بصحبة والدها، بأن تكون بيسان المسؤل الأول عن “وعد” في حالة وفاتها..!
واعطتها كل الأوراق الرسمية التي تخص ابنتها وكان قرارها هذا بموافقة أبيها الذي كان ينفطر على ابنته ، حقق رغبتها بعد رجاء وإلحاح كبير ليوافق ويدعمها بهذا القرار ..وكم كان قرار قاسي على نفس أبيها الذي لم يكن افضل حالًا من ابنته!!
هو أيضًا شعر بقرب الأجل، وأراد أن يترك حفيدته بيدٍ أمينة گ بيسان..!
خاصتًا أن زينه ليست لها سوى عمه واحدة وعجوز لن تقدر على رعاية طفلة رضيعة، وقاصي لم يكن له سواها، ووحيد أبويه المتوفان ، ولم يعرف له أهلا غيرهما!!
فمن سيرعى الصغيرة إن أخذ الله أمانته غير بيسان صديقتها الحنونة الأمينة!
ولم يمضي الشهر إلا ورحلت زينة عن دنياها..وتبعها العم جلال مريض القلب بعد أيام حزننًا على فقد ابنته الوحيدة، تاركين بين يديها تلك الطفلة اليتيمة
التي اطلقت عليها ذاك الأسم الذي تمناه معاذ لطفلته!! صدفة تعجبت لها كثيرًا..
هو من أذن لها الآذان بصوته، وهي من أسمتها بما يحبه، ليرتبط عبق ذكراه بعقلها كلما نظرت لوعد!!
ومن لحظتها لم تتركها أو تقصر بحقها.. هي طفلتها التي لم تلدها. ويعلم الله كم تشعر أنها ابنتها بحق .. حتى والدتها الحبيبة جازاها الله خيرًا، لم تكن باقل منها حب لتلك الطفلة التي اعتبرتها حفيدتها واغدقت عليها بحنانها الجارف، كما شاركاها أروى وبلال، بكل خطوة لرعاية شئون الصغيرة معها..!
“وعد ” أصبح لها عائلة تعشقها وترعاها بمشاعر صادقة من الجميع ..!!
سبحانك يا الله .. تحرمنا ثم تعطينا بسخاء..!
_وده كل اللي حصل يومها من 3 سنين بالظبط يامعاذ.. كان مستحيل اقبل اني أكون طرف في حكايتكم بعد ماسمعت وعرفت وفهمت سبب فراقكم! والصورة بقيت كاملة قصادي، والقرار ساعتها كان معروف طبيعته!
لكن حصل أيه مع بيسان بعد اليوم ده!!
أنا معنديش أي علم بيه، دي مهمتك أنت تدور وتعرف، ونصيحة ليك يا معاذ!!
لو لسه في سبيل للرجوع بينكم! أوعى تضيعها من ايدك تاني.. مادام لسه بتحبك وشارية وراضية!!
روح ورجع حقك فيها اللي انت فرطت فيه بأيدك!!
واسمحلي اقولك إنك اتصرفت بمثالية زيادة عن اللزوم لما سبتها تتعذب، مين قالك إن السعادة في الدنيا ولاد وبس، السعادة شاملة حاجات كتير اوي!
والذكي اللي يعرف يسعد نفسه بالنعم اللي منحها له ربنا..!
ونهض قاسم من جلسته هاتفًا بمزاح:
ودلوقتي بقا أسمحلي أمشي ،، يدوب اجيب الهدية اللي حضرتك دبستني فيها، عشان أصلح الموقف مع رانيا!
معاذ بخجل شديد من نفسه: أنا مش عارف اقولك أيه .. بجد أسف على اللي حصل ، لو عايزني أروح اعتذر لمدام رانيا و………… ..
قاسم مقاطعًا : لا ماتشيلش هم ، رانيا عاقلة واصلا فهمت الموقف، لكن مادام الموضوع اتفتح قصادها ، من حقها اوضحلها اكتر من كدة ، وبخصوص الهدية فمش هسيبك ، عيد ميلاد ابني قرب ، اتمني تحضره ، وساعتها هات الهدية اللي تعجبك!
_أظن حلو أوي عليك اسبوع عسل يا عم بلال !
_ يا ساتر عليك .. طب أما اشوف لما جنابك تتجوز هيكون ده رأيك نفسه ولا هيتغير! .. إن ما اتحبست شهر في بيتك مبقاش بلال!
_ ده مين ده اللي يحبس معتصم! .. ثم قال جملته المازحة .. ” أنا راجل في بيتي ” ?
ضحك بلال قائلا : ماشي يا عم الراجل، اما نشوف ..المهم قولي، فين والدتك والبنات، محدش جالي منهم لحد دلوقت ؟!
_ ماتقلقش جايين بكرة ، وأم معتصم بتحضرلك ما لذ وطاب، ما انت عارفها قسم التغذية عندها أساسي!
_ بلاش تتعب نفسها، كل حاجة موجودة والله ، أنا بس عايز أشوفها واتبارك بزيارتها..
_ جايين يا غالي وهتتبارك براحتك .. بس بالله عليك قولها تخف على اخوك حبة .. كل أما تشوفتي تجيبلي عروسة ، لما بقيت برجع بالليل بعد ما تنام ، عشان افلت من جو الخاطبة بتاع نيلي اللي متقمساه اليومين دول..
_ يا بني طبيعي عايزة تفرح بيك .. ده حقها !
ثم تابع بمكر : وبعدين أنا حاسس كده إن في حاجة كده حلوة وانت مخبيها !.. حاجة كده أسمها ندى !!
معتصم وهو يدعي الغباء: ندى مين ؟؟؟؟
بلال : يا راجل؟ أنت فقدت الذاكرة أمتي؟؟؟
عموما هعمل عبيط ومش فاهم لحد ماتيجي تحكي لاخوك براحتك!!
أنهى معتصم محادثته مع بلال ، تهربا من تلميحه عن ندى ، فعلى ما يبدو اصبحت مشاعره مكشوفة!!
ولكن كيف يخفي من عينه الوله والانبهار حين رآها بحفل الزفاف وكأنها أميرة بفستانها البسيط جدا، ربما لا يناسب حفل زفاف من كثرة بساطته ولكنه كان شديد الفتنة والجاذبية بنظره، ويختلف كل الأختلاف عن ما ارتده بخطبة بلال..!
كانت جميلة بحشمتها وهادئة! حاول الحديث معها ليعطيها أسوارتها الضائعة، ويكون سبب للحديث بينهما، ولكنها تجاهلته تماما ولم تعطيه أي فرصة لمحادثتها، وكأنها كانت تتعمد ألا تقف وحيدة ابدا أمامه، متنقلة گ العصفورة ما بين والديها ورغد العروس بالطبع!! ترفرف بزحام القاعة هنا وهناك، وتلاشت كل فرص الحديث معها..!!
ولكن لن يكون معتصم إن لم يخلق هو فرصته معها
يعلم أنها لم تنسى بعد كلماته القاسيه، يقرأ غضبها منه بمقلتيها..! ولكن كل شيء سيتغير! وإن أنكر أمام صديقه أنه لا يتذكر إسمها!
فلن ينكر الأن بينه وبين نفسه بتلك اللحظة .. أنه غارق حتى النخاع بعشقها.. وأن تلك الجميلة أصبحت هي وطنه الذي سيسعي لامتلاك أرضه وحقوله!
وقريبًا جدا .. سيحيط بخاتمه بنصر يدها..!
_أنتي ليه نازلة القاهرة تاني يا عمتي أنتي وعم راضي .. أنتوا لسه جايين؟
_ هنزور قبر أمك شمس الله يرحمها ، وفي أمور ضرورية لازم نعملها، ولينا أحباب هناك آن الآوان نطل عليهم يا ابني ..تحب تيجي معايا يا بهاء ؟ ..
_ لأ ياعمتي… روحوا أنتم!
من تزوجت؟! .. من هو والد “وعد” وكيف توفى؟!
أسئلة تكاد توقف عقله وتستنفذ كل طاقته وتفكيره، لابد أن يعلم عنها كل شيء منذ أن تركها..!
سأل والدته عنها، إن كانت تعلم شيء يخصها، فنفت أي معرفتها بأي معلومة تروي فضوله وتهديء اشتعال قلبه وعقله!!
حسنًا بيسان.. سأعرف بطريقتي كل ما أريد معرفته!
_ ألف مبروك يا بلال أنت وأروى!
_ الله يبارك فيك يا دكتور معاذ .. ونورت مصر كلها
_ ده نورك انت وست الستات ، أمال هي فين وحشتني أوي..
بلال ببعض الضيق الذي أخفاه سريعًا:
هتيجي دلوقتي يا دكتور..!
ما أن رأته أروى حتي هللت بسعادة طفولية :
آبيه معاذ!! مش قادرة أصدق إنك رجعت .. بجد وحشتني أوي أوي يا آبيه، وكنت هتجنن وأشوفك تاني! لعلمك مش هسيبك انهاردة هنتغدى ونتعشا سوا كمان وهنحكي كتير أوي مع بعض عشان أشبع منك بعد غيبتك الطويلة عني!
ثم التفتت لبلال مستطردة بحماس لم يشاركها إياه: مش كده يا بلال؟
بلال ببرود وضيق لم تلحظه أروى، ولكن أدركه معاذ :
_ طب خليه بس يشرب العصير الأول!
معاذ بابتسامة هادئة : الأيام جاية كتير ، بس حبيت أهنيكم واعتذر عن عدم حضوري الفرح .. والحقيقة جاي في طلب تاني مع بلال!!
………………….
بلال بعد أن أختلى هو ومعاذ بشرفة منزله بعيدا :
تحت أمرك يا دكتور معاذ، أيه الحاجة اللي عايز تسألني عنها؟
معاذ بعد أن تفحصه برهة :
قبل ما أسألك عن اللي محتاج اعرفه منك..
عايز افهمك حاجة يا بلال .. أورى بالنسبالي أختي الصغيرة .. كلامها معايا بعفوية ده نابع من معزتي وقيمتي المعنوية عندها گ أخ أكبر ليها، وأظن انت عارف ده كويس!
من حقك طبعًا تغير عليها بس ماينفعش تغير على بنت من أخوها الكبير !! .. لأن أنا عندها بالمكانة دي!
بلال وهو يفرك مؤخرة رأسه بحرج:
_أظاهر كده أني بحبها حب مرضي يا دكتور!!
أبتسم معاذ بتفهم : مش مرضي ولا حاجة، حبها .. حبها قد ما تقدر يا بلال ، بس أوعى تخلي حبك و غيرتك يخنقوها..!
على قد ما احنا بنحبهم وبنخاف عليهم وبنحاوطهم برعايتنا.. على قد ما هما ممكن يضايقوا من الحصار.. لأنهم بيحبوا يحسوا مننا بالحرية والثقة!
بلال بمرح حاول به تخفيف وإنهاء هذا الموقف :
طب أيه رأيك نمنتچ الحته دي من المشهد يا دكتور
ونبتدي من الأول .. واوعدك أحاول أسيطر على غيرتي أكتر في المستقبل!
معاذ وهو يربت علي كتفه بود : وأنا مقدر غيرتك بالعكس انا فخور بيك يا بلال .. لأنك راجل بجد والحمد لله إن ربنا رزق أروى بإنسان زيك!
ودلوقتي بقى ركز معايا في اللي عايز أعرفه منك!
بعد مرور أسبوع !
_ بيسان .. أنتي عرفتي إن معاذ رجع مصر؟
_ أيوة شوفته قبل فرح أروى صدفة في سنتر قريب
ليه بتسألي يا ماما ، وعرفتي منين أنه جه؟!
_ هو بنفسه أتصل يسلم عليا ويباركلي على جواز أروى وبلال!
بيسان ببرود ظاهري : طيب كتر خيره!
_ أنا بفكر اعزمه في يوم..!!
بيسان متعجبة : تعزمي مين يا ماما ؟؟؟؟ معاذ !!!
_ وفيها أيه يا بنتي ، ده في يوم من الأيام كان بينا عيش وملح وعشرة طيبة!!
_ أديكي قلتيها يا ماما .. كان .. ودلوقت خلاص مالناش علاقة بيه ، لو سمحتي يا أمي ماتحاوليش تتواصلي معاه ، أنا مش عايزة أشوفه في بيتنا!
وتركتها وهي ثائرة ، ولم تري ابتسامة الأم الماكرة ولسان حالها يهتف:
بس هتبقي مجبرة تشوفيه في مكان تاني!