رواية ” أنت مكافأتي”
الفصل 25
” أيوة يا عم .. فستانك ولا الأميرات يا ست رورو ”
أروى بتعجب : فستان. أيه يابيسان؟
_ فستان زفافك يابنتي .. بلال جابه دلوقتي هو وفستان وعد .. بجد إنسان كله ذوق و………… ..
أنتفضت أروى مهللة : هو بلال جه برة ؟!!””
وهرولت دون انتظار بيسان لتخبرها بعدم حضوره !
بحثت عنه ولم تجده ، فسمعت بيسان من خلفها :
يابنتي بلال ماجاش .. هو بعته مع واحد من اللي شغاليين معاه!!
أنطفأت فرحتها بعد علمها أنه لم يأتي ، فمنذ حديثها الفظ معه أمس .. ولم يحدثها قط، حتى ولو رسالة بتطبيق الواتس كما عودها قبل نومه ، تجنبها تماما
وما أحزنها أكثر الآن ، إبتياعه نفس الفستان الأخير الذي أختارته مع نسخة مصغرة منه لوعد ابنة بيسان! .. غلبها بحنانه واهتمامه حتى بخصامهما..!
كم تلوم نفسها على ما قالت له ، لا تشعر بأي سعادة وهو غاضب منها .. كيف تراضيه لا تدري!
بيسان بعد أن لاحظت شرودها : مالك يا أروى في حاجة مزعلاكي حبيبتي؟
_ أبدا مافيش حاجة !
_ على بيسو اختك بردو ؟ تعالي نقعد سوا ونتكلم
لم تستطيع أروى بعد إلحاح بيسان إلا أن تقص لها ما حدث بينهما بالأمس.. وكيف كانت فظة وقاسية معه ..فلامتها بيسان قائلة :
_أنتي غلطانة يا أروى، وله حق يزعل منك!
_ عارفة يا بيسان ، ومضايقة أوي من نفسي .. طب أصلح غلطتي إزاي ، أنا مخنوقة من خصامه ليا!
_ مادام حسيتي بغلطك يبقى الباقي سهل.. أسمعيني حبيبتي.. بلال بيحبك يا أروى .. أوعي تقللي من حبه أو تحسسيه لحظه إنك مش مقدرة قوة مشاعره ناحيتك.. لو ترجمتي اهتمامه وخوفه عليكي أنه حصار ، ساعتها هيبطل يهتم بيكي او يعبرلك عن حبه.. هيقول ماهي مش بتقدر أو تفهمني صح ..
لازم تفهمي إنك كل العالم بالنسبة له، وكل أهله .. طبيعي يهتم بكل تفاصيلك ويحوط عليكي لأنك غالية عنده .. بلال نعمة ماتتبطريش عليها بدلال زايد ممكن يخليكي تخسري رصيدك جوه قلبه !!
أرتمت أروى بحضن شقيقتها تبكي بعد أن فهمت حجم خطأها بحق حبيبها الأوحد .. !
_ لحد أمتى هتفضل على حالك ده يا بهاء؟!
_ ماله حالي ياعمتي .. ما أنا لسه عايش قدامك!
_ ودي عيشة يا ابني .. مموت نفسك في شغل الارض .. وبعدها بترجع تحبس نفسك وتفضل لوحدك حتى صاحبك سيف مابقيتش تقعد معاه وتتكلم ..
من يوم ما اختفت سجدة وأنت بالحالة دي .. طب دور عليها يا بهاء.. قلبي بيقولي أنها بخير صدقني!
_ أدور عليها؟!!!
وإذا دورت ولقيتها يا عمتي .. هقولها أيه ؟!
_ بس تلاقيها وكل حاجة بينكم هتتحل ، خلي عندك أمل وثقة بالله.. إستسلامك لضياعها مش حل .. يمكن لما تدور وربنا يجمعك بيها ساعتها هي تحس إنك مافرطش فيها للأخر!!
_ تفتكري لو لقيتها .. هقدر ابص في عينها بعد ما اتسببت في موت أبننا؟؟؟!!!
هطلب تديني فرصة تانية؟ .. طب أنا أصلا عندي حاجة أقدمهالها؟! .. أنا إنسان عاق مغضوب عليه وملعون وعمري ماهعيش مرتاح .. سيبيني ياعمتي وماتسألنيش عن حالي تاني .. !!
…………… .
لا يغيب عن ذهنه لحظة ذاك اليوم البعيد منذ ثلاث سنوات كاملة .. حين أغرقها بعاصفة غضبه بعد علمه بحملها ثم خدعتها له بأنها عاقر .. ثار وقسى عليها ، ثم تركها تهذي برفضه وجسدها يتهاوى بوهن .. ولم يكن حينها افضل حالًا منها .. فما أن فاق من غيبوبته التي نتجت عن جرح رأسه العميق، حتى هرول إليها يترجى سماحها وعفوها .. فعاد ولم يجدها
بل وجد قطرات من دمائها الطاهرة تشهد على جرمه بحقها وحق نطفته البريئة .. قتل روحها عندما قتل جنينهما..! ربما هي حية ترزق .. وهذا مايشعر به بيقين لا يعرف من أين أتاه.. ولكن هل يمكن أن تتقبله ؟ أو تغفر له أو تتفهم وجعه؟!
لا .. قطعًا لن تفعلها.. وهو بالأساس لا يستحقها
لا يستحق سعادة أو حب من أحد ..
هو ملعون بدعوة أم أحتضرت وهي تبثه لعنتها..!
رحماك يا الله ..
نفذت طاقة احتمالي .. وأنت وحدك العالم بما أعانيه!
_ أنا كمان هتجوز عمو بلال يا رورو.. ماليش دعوة!
_ ألحقي يا بيسو .. بنتك عايزة تبقى ضرتي!!
بيسان ضاحكة على ما تفوهت به الصغيرة .. وقالت داعمة لها:
بنتي مش غلطانة دي عروسة صغنونة وشهرين وهتتم اربع سنين .. بلال جاب ليها فستان فرح نسخة من فستانك .. وبيحبها أكتر منك.. فاضل أيه عشان تتجوزوا معاكي يا ست أروى ؟! والشرع بيقول
مثنى وثلاث ورباع?
الجدة عائشة وهي تحتضن الصغيرة وعد وتلاطفها بمرح :
طب بذمتك تطولي يبقى ليكي ضرة زي السكر كدة!
أروى بدلال : لا يا مامتي .. ماخدوش على ضرة أنا..!
قالت وهي تقبل كف حفيدتها بحب : خلاص أحنا نستنى أما يجي بلال بكرة ونسأله عن رأيه وهو يقرر!
أروى بلهفة : هو بلال جاي بكرة يا ماما؟
الأم : أيوة هو ماعرفكيش؟
أروى بتلعثم :
لا… قصدي ما اتكلمناش انهاردة ..
الأم بتفهم : فهمت .. عموما هو كلمني الصبح يطمن عليا ، واما عاتبته أنه مش بيجي ولا يسأل .. وعدني يجي قريب.. بس أنا صممت يجي بكرة أشوفه ويقعد معانا شوية ..
أروى بسعادة حقيقية : أنتي أحسن أم بالعالم كله!
الأم متعجبة لفرحة أبنتها على أمر كهذا:
عشان أيه ده كله .. هو أول مرة يجي عندنا؟!
أروى وهي تتعلق بعنق والدتها بدلال :
هو يعني ماينفعش أحبك كده من غير سبب يا شوشو .. ماتجيبي بوسة!
ضربت الحاجة عائشة كفًا على كف متمتمة :
الله يكون في عونك يا بلال..هتاخد بت مناخوليا.. !
_ أخيرًا افتكرت أمك يا معاذ .. حمد لله على السلامة يانور عيني
معاذ وهو يحتضنها بشوق :
وحشتيني يا أمي وعمري ما انساكي ابدًا ..
وراح يقبل كفها وجبينها ويعيد احتضانها بحنان
ويشرح لها ظروفه وكيف كانت أيامه بعيدا عنها
ثم استقبله أخيه سليم وهو يقدم له مولوده الأول آدم .. وما أن بصره معاذ حتى انجذب إليه وحمله برفق شديد وهو يُكبر ويحمد الله على تلك الخلقة التامة لأبن أخيه ..!
………………
سليم : فين هديتي ياكبير !
معاذ بمرح وهو يقبل آدم بحب : الهدايا كلها لآدم وأخواته يا أبو آدم .. أنت راحت عليك خلاص
سليم بمزاح : شايفة يا صفا .. السفروت الصغير هو واخواته أخدوا كل الاهتمام والهدايا ، واتركننا احنا على الرف!!
ضحكت صفا : ربنا يخليه لينا .. احنا مش عايزين غير وجوده وسطينا وكفاية غربة لحد كدة
معاذ محدثًا أخيه : شايف الناس اللي بتفهم
ضحكوا جميعا وقالت أم معاذ بسعادة بالغة :
يارب مايحرمنا اللمة الحلوة دي .. ويحفظك لينا يامعاذ ويصلح حالك يا ابني ويطمن قلبي عليك ..
_ حاسب يا حبيبي توقع أختك!!
ردد الطفل ذو العامين :
خافيش ماما ( متخافيش يا ماما)
_أبتسمت السيدة لكلماته قائلة :
برافو حبيبي.. وعشان أنت شاطر هشتري حاجة حلوة ليكم.
_ أكيد الولاد تعبوكي انهاردة !!
أستدارت لصاحبة الصوت التي أتت لتوها :
بالعكس ، ده هما اللي مهونين عليا حالي!
صمتت العجوز برهة ، ثم قالت :
مستعدة لمقابلة انهاردة؟
أومأت برأسها علامة الإيجاب .. ثم عادت بنظرها لذاك الطفل وأخته ، وظلت تراقبهما بعين غائمة وذهن شارد!!
_ بهاء لازم يعرف ياخديجة .. ماينفعش نسيبه ينهار بالشكل ده ونقف نتفرج!!
_ مين قالك أني ساكته وبتفرج يا راضي .. بس كله بآوانه.. الأصعب خلاص عدى ، هي خطوة أخيرة ولازم تيجي من بهاء نفسه ، وإلا يبقي معملناش حاجة .. هانت ولعله خير!!!
أتى حبيبها .. تسمع صوته وهو يداعب الصغيرة وعد ، كم أشتاقته .. واشتاقت حديثه الدافئ معها كل صباح ومساء، حتي غيرته أشتاقتها.. حمقاء هي لتظن عشقه حصار وقيد لها.. فإن كان كذلك ..
فأهلا بقيدك آبد الدهر يا بلال..!!
………………
عمو .. هتتجوزني زي رورو صح ؟
بلال وقد فوجيء بسؤال الصغيرة : مين قالك كده ياحبيبتي .. أنتي لسه صغيرة .. أما تكبري وتبقي بنوته كبيرة ، هتتجوزي حد قدك .
وعد وهي تدب الارض بقدميها : ماليش دعوة.. أنا عندي فستان فرح زي خالتو أروى.. يعني هبقي عروسة أنا كمان واتجوزك!
ضحك بلال وضمها إليه ثم أجلسها على قدميه
وقال بحنان : “وعد” هتكون أحلى عروسه في الدنيا .. وأما تكبري هتتجوزي واحد جميل زيك .. وهعملك أنا فرح كبيييير أوي .. أيه رأيك ؟
وعد مهللة ببراءة :
وهتجيبلي فستان تاني لما أكبر ياعمو ؟!
بلال وهو يقبل أحد خديها : ربنا يعطيني العمر وساعتها هاجيبلك كل اللي نفسك فيه يا حبيبة عمو!
أتت أروى بتلك اللحظة حاملة معها أطباق من الكعك يفضل بلال أن تصنعه له دائمًا ..
قالت : أزيك يا بلال .. فرد عليها تحيتها ببرود!!
فتجاهلت بروده قائلة :
أنا عملتلك كيك الفانيليا اللي بتحبه .. اتفضل طبقك ..
أخذ طبقه منها ثم وضعه على المنضدة مرة أخرى!!
بدا لها مازال بغضبه منها ولم يهدأ بعد .. فكرت كيف تصلح الأمور ثانيا .. لن تتركه قبل أن تراضيه ولكن ماذا تفعل!
وأثناء شرودها به، وقع فنجان الشاي الساخن على يدها فألهبت يدها..!
فانتفض بلال فزعًا وأمسك يدها وأخذها إلي حيث يوجد صنبور المياه ،وجعلها تتدفق فوق أحمرار يدها لتهدأ .. ثم قال بتأنيب لها :
مش تحاسبي يا أروى .. في حد يمسك شاي سخن وهو مش مركز كدة!! عجبك أيدك اللي اتحرقت دي!
لم تنطق .. فقط تستمتع بخوفه عليها وحنانه حتى بخاصمه لها.. رغم ألم يدها إلا أنها أحست بالخدر يسري بها.. وهو يحتوي كفها برفق تحت صنبور المياه الباردة .. كم أحبك يا بلال!!
قاطع شرودها قوله : هنزل أجيبلك علاج بسرعة!
وبالفعل غادرها، وأتت والدتها وبيسان مسرعين للأطمئنان عليها بعد أن اخبرتهم وعد بطريقتها ما حدث!
عاد بلال حاملا معه انبوب صغير خاص بالحروق ، فأخذته بيسان وراحت تملس على مكان إصابتها..! بينما بلال ينظر ليدها بحاجبين معقودين ضيقًا لأجلها ..
الأم عائشة وهي تربت على ظهرها:
_ سلامتك يا روح ماما .. ازاي اتحرقتي كدة يابنتي؟!
أجابتها:
_ بسيطة يا ماما ماتقلقيش ، غصب عني وقع الشاي على أيدي .. ثم نظرت لبلال قائلة : بس بلال بسرعة جابلي علاج ريحني!
_ بيسان وهي تقرأ أسم الأنبوب العلاجي ، كويس جدا المرهم ده بلال ، بأذن الله أيدها تخف بسرعة وبدون مايسب أي أثر عليها ..
ثم قبلت رأس شقيقتها قائلة : سلامتك يا رورو ..
بعد قليل أضطر بلال للاستأذان بالرحيل لأمر ما يجب متابعته .. فأطلقت أروى آنة ألم كذبًا فور رؤيته ينوي المغادرة : آآآه يا إيدي ، بتوجعني أوي!!
بلال بقلق : هي لسه بتوجعك ، مش قلتي الألم خف؟
أروى وهي تحتال عليه وتخبره بألم زائف :
لا يا بلال .. رجعت تاني توجعني أوي!!
لم يخفى على بيسان حيلة شقيقتها الماكرة ، حتى تُبقي بلال جوارها لتراضيه .. فقالت :
طب هروح أنا وماما نكمل الغدا يا بلال وأنت خد بالك من أروى.. أصل ياعيني ايدها هتفضل توجعها شويه على ما العلاج يعمل مفعول!!
………………
كانت وعد تجلس على قدم بلال .. في حين لم تجد أروى الفرصة لمحادثته .. فخطر ببالها فكرة للتواصل ومن ثَم اعتذارها له!!
فقالت : وعد حبيبتي .. روحي هاتي دفتر الرسم بتاعك عشان نفرج عمو بلال بشطارتنا ..
فهرولت الصغيرة بسعادة .. فقد راق لها فكرة خالتها!
راقب بلال ما يفعلون .. حيث أتت وعد بدفترها ، فجلست هي وأروى بجانبه ، وقالت الأخيرة :
وعد أرسمي لعمو الوردة اللي علمتهالك .. فاطاعتها الصغيرة بحماس ، فأكملت أروى قائلة : أكتبي تحت الوردة الكلمتين دول .. ثم وشوشت الصغيرة بهم، فقالت وعد : مش هعرف اكتبهم يا خالتو!
أروى: همليكي الحروف وتشبكيهم في بعض زي ما علمتك .. وبالفعل أملتها الحروف تباعا، والصغيرة تكتب وتشبك حروف كلمتيها.. حتى تكونت أمام بلال تلك الجملة الصغيرة
” أنا أسفة ” !!
قرٱ اعتذارها.. وفطن لاستغلالها الصغيرة كي تقدم اعتذارها ، وكم راقت له فكرتها وأسعدته، فأراد التسلية بها
فقال للصغيرة : أكتبي الكلمة دي يا وعد .. وراح يخبرها بحروف كلمته ، حتى تشكلت أمام أروى الكلمة التي قرأتها بعينيها .. ” زعلان ” !!
فرمقته بنظرة تستجدي عفوه وسماحه.. فرد لها نظرتها بعتاب صامت!!
فقالت للصغيرة : وعد روحي شوفي ماما بتعمل أيه وساعديها عشان عمو ينبسط منك!!
فذهبت الصغيرة على الفور .. فاقتربت أروى قليلا من بلال والتقطت القلم وراحت تخط أمام عينيه ما تريد!!
أنا أسفة .. ماتزعلش مني .. مش هزعلك تاني!!
ثم تركت القلم لتترقب رد فعله ، فأمسك نفس القلم وكتب أسفل كلماتها
” لازم تصالحيني بحاجة حلوة ”
هتفت أروى وقد فاض بها الصمت :
قولي عايز أيه يا بلال عشان تسامحني .. أنا مش قادرة على زعلك!
فقال بصوت خافت : قولي كلمة تسعدني!
فهمت ما يقصد ، فأمسكت القلم وخطت تلك الكلمة
” بحبك أوي ” !!
رقص قلبه عند قراءتها ، فقال بصوت خافت مقتربًا من إحدى أذنيها : عايز أسمعها .. مش اقراها..!
صمتت وتصبغت وجنتيها بحمره الخجل ، وازدادت دقات قلبها.. فنبرة صوته الحانيه ، قد أنبأتها بحصولها على غفران وعفو حبيبها .. !!
*********************