رواية ” أنت مكافأتي”
الفصل21
معقولة مش هتحضر خطوبتي يا آبيه معاذ!!
_ حبيبتي انتي عارفة أني بحضر لسفري وكثفت مواعيد العيادة عشان المرضى اللي عندي ما اسيبهمش فجأة!
أروى بدون اقتناع:
لا يا آبيه.. مش ده السبب حضرتك مش هتيجي لأنك مش هتقدر تشوف بيسان وهي………….
صمتت! فلم تحتاج لإفصاح أكثر!
فهل يقدر على مشاهدة مراسم موته؟؟؟؟
سيبتعد بقدر ما يستطيع.. ويتمنى لها السعادة ولنفسه الصبر والتهوين من رب العالمين!!
أروى بصوت يقطر حزن:
ليه؟؟؟.. قولي أيه مستاهل تكون دي النهاية؟!
بتحبو بعض وحبكم واضح للأعمى! ليه تسيبها لغيرك يا آبيه ليه؟ ماتستحقش تحارب عشان ترجعها؟؟؟؟
بيسان بتحبك ومن جواها رافضة تقترن بغيرك وحضرتك حبك مش محتاج دليل!!
يبقى ليه الفراق؟؟؟؟؟
طالعها بدهشة .. متى كبرت صغيرته لتحادثه وتعاتبه بهذا العقل؟!!
تنحنح ثم قال:
أروى، في أمور بنا ماتعرفيهاش أنتي! وأسباب كافية بالنسبالي أننا مانكملش سوا.. نصيب وأنا راضي بيه!
_ أيه سبب طلاقكم يا آبيه؟!
لحد دلوقتي معرفش ولا اتكلموا ابدا قدامي ولا بيسان جاوبتني أما سألتها..! جاوبني وقولي سبب يقنعني إن اللي بيحصل ده صح!!!
أحيانًا نحتاج للبوح والثرثرة ولا نجد من نستطيع تحميلة همومنا الثقيلة!!..
والآن ربما تمنحه الظروف فرصة للبوح قليلا عله يرتاح.. سيكون حديثه الأخير قبل أن يختفي من محيط الجميع!!
راقب السماء بعين شاردة ..وقال دون الالتفات لها:
أيه أكتر أمنية كانت عند بيسان ايام جوازنا؟
أجابت بتسرع عفوي:
إن يكون عندكم ط…………..
بترت جملتها دون إكمال، واتسعت عيناها ذهولًا بعد أن أدركت حقيقة لم تخطر لها على بال قط رغم أنها أكثر الأسباب منطقية لو حاولت قبل ذلك التفكير، لتعرف ما ظلت تجهله لتلك اللحظة!!
إذا تلك أسباب فراقهما..!
تسرب من عينيها خيط دموع حزنًا لما علمته.. ولكن لم تثنيها معرفتها عن إكمال الجدال قائلة:
وافرض يا آبيه! اللي شوفته إن بيسان اتمسكت بإصرار واكتفت بيك.. ليه صممت تفارق؟!
صدقني اختي بتتعذب وماشية طريق مجبورة عليه
مد ايدك وانقذها وارحم نفسك!!
ماتبعدش وقف ارتباطها بدكتور قاسم.. الوقت لسه في صالحك صدقني!!
عاد بنظره يطالعها بهدوء حزين:
ما انا عارف إن الوقت في صالحي وإني اقدر ارجعها..! بس تفتكري رجوعنا في صالحها هي؟؟؟
الحب مش كل حاحة يا أروى.. في حاجات تاني بنحتاجها .. بعد ما تعدي الأيام بينا ويهدى صوت القلب ويعلى صوت العقل! بيسان هتندم!!
كل أما تشوف طفل في حضن أمه هتشتاق وتتمنى! وهتقول بينها وبين نفسها إنها خسرت.. وعيونها هتفضحها وتتهمني من غير ماتحس. وأنا مش هقدر اتحمل ولا هقبل!!
_ يبقى لسه لحد دلوقت معرفتش بيسان!
ابتسم بسخرية هاتفًا: أنتي شايفة كده!!
ولأن روحه أرهقها ذاك الحديث أراد تغير دفته:
سيبك بقى من كل ده.. واوعديني تتواصلي معايا دايما وتعرفيني أخبارك باستمرار!!
ترقرقت عيناها بذكر سفره فهتفت:
يعني ضروري تسافر.. خليك هنا ارجوك.. طب مين هيقف جمبي لو صادفني مشكلة .. هلجأ لمين غيرك بعد ربنا .. عايز تسيب رورو أختك!!
قال بمزاح ليزيل عنها الحزن:
أنتي نسيتي إن دلوقتي بقى في بلال يا رورو!!
أجابت :
مافيش حد يحل محلك عندي ولا حتى قاسم ده!!
فقال بعتاب: عيب يا أروى! أولا قاسم أكبر منك ولازم تحترميه.. وكمان هو مش وحش وبكرة أما…
قاطعته: ده زعقلي يوم بلال ما جه عندنا..!
معاذ: بس اعتذرلك وقتها وحسيتي انه ندم.. مش ده كلامك؟!
اومأت برأسها ابحابًا فأكمل بمكر:
وبعدين حبيب القلب بلال ماسكتلوش؟ ولا نسيتي؟
سينفجر وجهها إحمرارا من الخجل ومعاذ يلوح لها بموقف بلال الذي أسعدها كثيرًا فيما بعد وهي تتذكره عشرات المرات!!
ضحك معاذ عاليًا لمنظر وجنتيها هاتفًا:
أيوة كده اقلبي قطة صغنونة.. بلاش دور الكبيرة العاقلة ده، كنت مستغربك بصراحة!!
وواصل:
الحمد لله أني هسافر مطمن عليكي.. صدقيني يا أروى ماكنتش هتمنالك شاب أحسن وارجل من بلال اللي بيحبك بجد وهيحافظ عليكي ويصونك.. وفي وجوده مش هتحتاجي لحد ابدًا .. هيغنيكي عن اي حد.. ووصيتي ليكي إنك أنتي كمان تكوني كل حاجة يتمناها .. بلال عاش محروم من حاجات كتير ومنتظر يلاقيها فيكي انتي وبس.. انتي لوحدك هتكوني العالم بالنسبالوا..!!
اكمل بعد صمت طفيف:
ربنا يسعدكم ويبارك في حياتكم يا أروى!!
مرت ساعات وهو يتجول بالطرقات ، مختبئًا بعتمة الليل ، يحاول تهدئة هذا البركان الذي اشعلته سجدة بحديثها .. الذي مزق داخله دون أن تدري ، شعر كأن جسده ممدا أرضا وهي تطعن فيه، مضمدة العينين .. ربما لو رأت تأثير ما قالت على ملامحه ، لرفقت به واشفقت عليه !!
واجهته بكل مخاوفه ، وكأنها تتنبأ له بعقابه القادم !
اختزل جرعة هواء كبيرة بصدره ، ثم زفرها بحزن ولوم لذاته .. ما ذنبها لتتلقى نوبة غضبه وهياجه .. ماذا اقترفت بحقه؟! .. هي تجهل مأساته ..
يكفيها ما يعذبها ..
أستاء من نفسه عندما تذكر ذعرها منه.. وألمها من كلماته الجارحة .. وهرولتها فزعة من أمامه مختبئة خلف جدار بيته !!
هو الذي حاول طوال الفترة الماضية ان يشعرها بالامان معه .. وتقريبها من عالمه .. كيف جعلها تخاف وتتأذى بهذا الشكل؟!!
مرر أصابعه بعنف بين خصلات شعره ، وأغمض عيناه وكتم أنفاسه .. يريد الهدوء ، يريد عودة السلام إلى روحه مرة أخرى .. يجب ان يعود لها ، ويطلب منها الصفح !!
عبر بوابة منزله ، وبحث عنها ، فلم يجدها !
وجد باب غرفتها مغلق ، فاقترب وطرقه مناديا أسمها بخفوت : سجدة .. انتي صاحيه ؟!
لم يحصل على جواب .. الوقت تأخر ، ربما غافيه .. هل ينتظر إلى الصباح ؟!
لا… لن يستطيع !! فليراضيها ،ثم يتركها بعد ذلك ..
طرق الباب ثانيا : سجدة لو سمحت عايز اكلمك ضروري .. ومش هسكت غير اما تسمعيني !
مازال لا يجد جوابا منها ، فقرر ان يقتحم غرفتها، وما أن فعل ، حتى صُدم بخلو الغرفة من وجودها
بحث بكل مكان بالمنزل ، حتى مكانه المفضل ، لا اثرٍ لها !! اين ذهبت بهذا الوقت ، جُن جنونه قلقا عليها
ذهب لقبر جدتها ، ربما وجدها هناگ، فلم يعثر عليها .. مشى بكل الطرقات القريبة باحثا عنها بخوف شديد عليها.. مر الوقت ، وبدأت أول خيوط الشمس البرتقالية تشق عتمة بالسماء .. نظر حوله بيأس ، واخذته قدماه لقرب مسكن جدتها المهجور منذ وفاتها .. فلمع الامل برأسه ، هي قطعًا هناك!
هرول حتى اقترب من المنزل ، وأطرق السمع على الباب فلم يجد صوتا..!
استدار حول البيت ووقف مقابل إحدى النوافذ، وضيق عيناه محاولا اختراق تلك الفتحة الصغيرة التي تكشف تفاصيل الغرفة من الداخل.. فبوغت برؤيتها جالسة على فراش جدتها ، تضم قدميها لصدرها ، وتحاوطها بذراعيها ، دافسه كل رأسها بين ذراعيها، وشعرها متناثر بعشوائية حول كتفيها وظهرها ..رغم لوعة قلبه على مظهرها الذي اوحى ببكاء شديد .. إلا انه تنفس الصعداء لعثوره عليها اخيرًا..!!
من حسن حظه أنه تذكر حصوله على مفاتيح بيت جدتها بعد الوفاة من خالها مصطفى ، فلم تكن واعية لشيء من حزنها بذاك الوقت ..التقط من جيبه ، سلسال مفاتيحه ،وبعد ثواني كان داخله!
لم تشعر سجدة بدلوفه لغرفتها ، فظلت متقوقعة تبكي بألم وحزن على حالها ..
فاقترب من فراشها بخفة حتى لا تفزع، ولمس كتفها ، فانتفضت مذعورة ، قبل أن تتسع عيناها اندهاشا من وجوده دون أن تدري .. ولكن سريعا ما تذكرت قسوة كلماته منذ وقت قليل، حتى تبدل ذهولها ببرود يخفي غضبٍ جم، هاتفة :
أيه دخلك هنا من غير استأذان ..؟!
تقبل بهاء رد فعلها وتوقع الأقسى منها، وتمتم :
_في حد بيستأذن عشان يدخل مكان فيه مراته ؟!!
_ طلقني يا بهاء!
انقبض قلبه بغصة لطلبها، رغم منطقيته.. هو جرحها وظلمها وأهانها بردة فعله ، وهي لم تفعل ما يؤذيه ..ولكن حتما لن ينصاع لرغبتها..!
فقال بهدوء وثبات : ممكن تسمعيني شوية؟!
سجدة بحزم : لأ…… طلقني ..وامشي!!
رفع ذراعه ليحتوي كتفيها ، فدفعت ذراعه بعنف قائلة بصوت هادر ، فقد كل بروده المصطنع :
_بقولك طلقني وامشي .. أنت مابتفهمش .. طلقني طلقني!!
صاحب صوتها العالي وهي تقذف كلماتها الثائرة ،
ضربات متتالية قويه من قبضتيها على صدره ..
فتلقى كل ثورتها وضرباتها على صدره المتصلب ، علها تفرغ ما بها وتهدأ ، ولكن ازداد انهيارها اكثر .. فلم يجد مفر من احتوائها بالقوة ، مقيدًا جسدها بين ذراعيه ، محاولًا السيطرة على نوبة هياجها الهستيري!
فظلت تقاوم لتتحرر من اعتقال صدره لها، وازداد هياجها وشراسة مقاومتها وهي تدفعه بقبضتيها ، حتى تألمت، فارتخت واستكان جسدها رغمًا عنها،وصدرها يعلو ويهبط بأنفاس لاهثة ، ثم استسلمت لنوبة بكاء شديدة على صدره!
فشدد ذراعيه عليها برفق ، مقبلا كل ما تطاله شفتيه من رأسها ووجهها.. مرددًا ومكررا بخفوت : أنا آسف!!
فرفعت وجهها الغارق بدموعها مغمغمة بصوت مرتعش من اثر بكائها :
_ سبني يا بهاء ! فارقني دلوقتي، احسن ماتفارق بعدين! يمكن دلوقتي عندي قدرة اتحمل، لكن بعدين مش هقدر .. صدقني مش هقدر!!
أحاط وجهها براحتيه:
بس أنا خلاص ماينفعش ابعد، ولا هقدر اسيبك.. ماتطلبيش المستحيل!!!
رمقته بحيره ومازالت العبرات تسيل على وجنتيها
فمرر أصابعه على بشرتها وجفف دموعها ، ومنحها نظرة حانية لم تراها بعينيه من قبل :
كنت فاكر نفسي هقدر اقاوم إحساسي بيكي من البداية، وامنعه يكبر جوايا ويملكني .. كنت فاكر إنك مش هتقدري تهزمي كل حصوني اللي بنيتها حوالين قلبي .. بس حنانك لوحده هزمني .. عقلي قاومك، وقلبي دافع عنك.. وفي النهاية قلبي كسب معركته مع عقلي!!
صمت متأملًا كل تفصيله من وجهها ، وقال بصوت خافت : بحبك يا سجدة! .. بحبك ومش هتخلى عنك ابدًا..!!
ودنى منها.. واقترب.. وازداد اقترابًا ..حتى صار الرجوع عنها .. ضرب من الخيال!!
_ شوفت رؤية حلوة أوي امبارح يا حج!
العم راضي مستفسرا : خير يا خديجة ، شوفتي أيه؟
ارتسمت الراحة علي وجه العمة خديجة وهي تقص رؤياها على زوجها :
_ خير .. اللهم أجعله خير ، جاتلي شمس في المنام
بوش ابيض زي البدر! اول ما شوفتها جريت عليها فرحانة وقلت ( فينك يا شمس ..بهاء هيتجنن عليكي .. نفسه يعرف انتي مسمحاه ولا غضبانة منه
سامحيه يا غالية .. بهاء اتغير ، لو شوفتيه دلوقت كان قلبك انشرح ، وكنتي افتخرتي بيه زي ما كنتي بتتمني )
فضلت تسمعني ووشها هادي ، وبعدين لقتها بتشاور بأيدها على يميني ، لقيت بهاء ومراته قاعدين وسط مكان كله خضار ، وهو بيقسم لقمة خبز أبيض وبيعطيها لسجدة!!
الحج راضي متمتما : ما شاء الله يا خديجة، رؤية حلوة ومفسرة نفسها، أكيد حصل كل خير بينهم، أنا حاسس أن بهاء هيلاقي راحته وسعادته مع سجدة..
لا يصدق إلى الآن أن أحدًا أستطاع أختراق حصون قلبه وعقله معًا وأذاب ثلوجه التي أحاط بها نفسه.. أصبحت سجدة زوجته وحبيبته وكل شيء، بعد أن استسلم لإحساسه الوليد بها ..وتناسى أوجاع روحه معها.. ويحاهد ليقنع نفسه أنه سيكون بخير واصتبغت الحياة أخيرًا بلونها الوردي! ولن يرى لونًا أخر بعد الآن!!
أصبحت الدنيا جميلة، وفكت أثره الكوابيس، وأطلق صراحه من براثنها وهو يحتويها بين ذراعيه كل ليله ويحتمي بها من كل شيء يؤلمه!!
هو شخص صالح!! .. سيقولها لنفسه كل يوم ويحفظها.. كطالب يستعد لاختبارًا، يريد أجتيازه بكلمة.. مبروك نجحت وانتقلت لمرحلة أخرى!
سينتقل معها لمرحلة جديدة.. ويكون بهاء أخر يليق بها.. هو لم ولن يمل استغفارا أو طلب المسامحه من خالقه.. ولكن وجودها صار له أمله الوحيد لينسي مؤقتا علة روحه التي لا تعرفها هي إلى الآن .. هي بعيدة عن ماضيه بكل تفاصيله وآلامه وخزيه، لكنها الأقرب لحاضره!
يتلهف الآن للعودة كى يراها ، ويستمتع بمشاكستها والمزاح معها.. كما يشتاق لرد فعلها حين ترى هديته لها.. فزيجتهم السريعة لم تتيح له فرصة لشراء شبكة ذهبية تليق بها.. وهي تستحق الماسات والجواهر!!
عادا إلى منزله، وعبر داخله وهو يبحث عنها، فوجدها تطرز قطعة قماش وغير منتبه له واقفًا علي باب الغرفة، فخطى ببطء إليها حتى صار خلفها ، وجلس ثم وضع كفه على عينيها محيطا خصرها بذراعه، فقالت بثقة مغموسة بفرحة عودته :
_ أخيرا جيت يا بهاء، ليه أتأخرت عليا كده؟
هتف لها وهو يقبل رأسها: عرفتي منين أنه أنا، مش يمكن حرامي عرف يدخل من غير ما تحسي!
_ عرفتك من ريحتك يا حبيبي!
كلما خاطبته بتلك الكلمة ” حبيبي ” تذيب قلبه وتشعله حبًا لها.. ما أجمل أثر تلك الكلمة على نفسه!
أدارها إليه ومازلت ذراعيه تضم خصرها إليه :
وحشتيني .. وحشتيني اوي..
قالت بدلال وهي تحيط عنقه: لو وحشتك كنت جيت بدري ومتأخرتش عليا كده!
هتف برفق: كنت بشتري هدية لحبيبتي..
ثم التقط من جيب بنطاله علبة حمراء أنيقة .. وفتح طرفيها، ليريها ما ابتاعه لأجلها!
تأملت هديته بتأثر شديد وفرحة لم تعرفها من قبل، لم تعتاد أن يهاديها أحد أو يتذكرها بشيء، رغم روعة هذا الخاتم الذهبي، والذي يبدوا باهظ الثمن، إلا أن لفتته تلك تساوي لديها الكثير!
فأخذت من يده العلبة الأنيقة ووضعتها جانبا، ثم عادت تعانقه بحب شديد: تصدق إن دي أول هدية حد يجبهالي!
أحاطها أكثر : ومش هتكون أخرهم طول ما انا عايش وقد ما ظروفي تسمح مش هخلي نفسك في حاجة يا سجدة!
_ بس أنا عمري ماكنت مادية ، ولا بشتهي دهب زي أي واحدة،ولا لبس غالي ولا أدوات زينة ماركات!.. ماكنتش بتمنى غير الأمان والاهتمام وعيلة جميلة تحبني.. وهو ده الي عايزاك توعدني بيه يا بهاء!
أوعدني تفضل بالنسبالي الأمان، أوعدني ماتحسسنيش بالخوف منك ابدًا ، وتكون كل أهلي!
أوعدني الاقي فيك حنان أمي ورعاية ودلال ابويا وحماية اخويا وحب الزوج وعشق الحبيب!
توعدني؟؟
ضمها أكثر مقبلًا جبينها:
_ دي مش طلبات، دي حقوقك عليا، وربنا يقدرني مافرطش في حقوقك ابدا، أنتي تستاهلي ملاك.. بس أنا بشر عندي أخطاء وعقد جوايا.. أوعديني أنتي كمان تتحمليني مهما حصل مني!
_ أوعدك احاول افهمك واستوعب كل تصرفاتك.. بس أنت دخلني جواك وشاركني أسرارك، ماتخبيش عني حاجة، أنا عارفة إن لسة في بينا مساحة مش عايزني اقتحمها أو اتخطاها..!
صمت .. وكم تمنى أن يتحلى بشجاعة كافية ليخبرها عن قبح صورته السابقة .. لكنه فضل السكوت.. وعليها فقط أحترام صمته، إلى أن يحين البوح!
_ياحظك الألوان يا رغد.. مافيش فستان حلو عليا?
ندى: عشان تبطلي تحشي كل شوية، وتظبطي جسمك اللي قرب ينفجر!
أروي بعتاب : عيب يا ندى ماتضايقهاش!
ثم التفتت لرغد:
لعلمك يارغد الفستان الأسود كان جميل ولامم جسمك والله، وده افضل اللي قيستيهم في نظري!
ندى بجدية:
أنا مش بضايقها يا أروى، أنا عايزة مصلحتها.. بجد لازم تخفض وزنها وتعيش سنها وتلبس اللي تحبه، كام مرة تعمل ريجيم وماتكملش، والله بتكلم عشانها
رغد بضيق:
طب نقطيني بسكاتك بقى يا عود القصب انتي، وبعدين تعالي هنا.. أيه الفستان المهبب اللي اشترتيه ده، أنتي مش هتعقلي إلا أما تحصلك مصيبة!!
أروى بتأكيد :
رغد عندها حق يا ندى، الفستان اللي اشترتيه ملفت جدا عليكي!
ندى بنفاذ صبر:
انتو ليه عاملين مشكلة، ده بلال لسه حتى مالبستيش دبلته وبيقولك تلبسي أيه وازاي .. إنما أنا دلوقتي حرة في نفسي ألبس على مزاجي.. قبل مايجي اللي يتحكم فيا ويحاسبني على انفاسي حتى!!
وانا شايفاه فستان سهرة زي اي فستان طبيعي يكون مجسم عليا، عمرك شوفتي سواريه واسع زي جلابية بيت، وهلبسه فين غير في مناسبة زي دي؟!
صمتا ولم يجادلاها أكثر، فرغم أن صديقتهما ندى ليست سيئة وتحجبت مثلهما فور دخلوهما الجامعة، إلا أن بعض افكارها خاطئة ، بأن مجرد مناسبة زفاف او خطوبة تبيح لها ارتداء ما تريد وكشف شعرها كما يحلو لها، ومن بعدها تعود كمان كانت ملتزمة محتشمة.. كيف يستقيم مسارين بهذا التناقض؟!
ربما تحتاج درسًا قاسيًا يجعلها تفهم أن تفكيرها خاطيء..!
تُرى، على يد من ستنال هذا الدرس.. دعونا نترقب!