رواية مدثر للكاتب محمد حافظ
حاولت أن لا تتغير ملامحي برسالة مريم وأنا أسير بجوار وليد ليأشر بإصبعه “تعالى من هنا يا كريم” لأجد لافتة طويلة مكتوب عليها ‘صالون حسني للرجال’، دخلنا وقد كان خاويا تماما لم نجد سوى شخص واحدا جالسا، يحملق في احد المجلات وحين رائنا قفز من مكانه متهلل الوجه قائلا “اهلًا يا استاذ وليد”، ثم نظر إلي ليكمل “ازيك يا باشمهندس…”، نبادله التحية ثم ابتعد قليلا، نظرة في المرآة و وضعت يدي على شعري الأسود الطويل الناعم لأودعه قائلا في سري وقد كنت اشعر ببعض الضيق أتتركني أنت أيضا وتذهب مثل الآخرين، لانتبه لصوت وليد وهو يقول “اسمع يا اسطي حسني كريم عاوز يقص شعره شويه”، لأقاطعه قائلا في صرامة وأنا مازلت انظر في المرآة وكأني لم أرى نفسي منذ سنين وليس من يومين فقط “هحلقه خالص عَل الزيرو”، يندهش الاسطي حسني ويقول “حرام عليك يا اخي شعرك حلو احنا ممكن نظبطه شويه”، يضع وليد يده على كتف اسطي حسني ويقول له “سيبه براحته واعمله اللي هو عاوزه”، بيداء في وضع غطاء اعتقد أن لونه كان احمر ولكنه ذبل من كثره الاستعمال، ثم يخرج مكينة كهربائية انتهى عمرها الافتراضي وبدأ في جز شعري وكأنه فلاح يقوم بحرث أرضه، حينها بدأ شعرت ببعض الآلام في قلبي وكأنه يقوم بحصد ذاكرتي من رأسي كان وليد ينظر إلي في حسرة و كأنه شعره قبل أن ينصرف قائلا “كريم عشر دقايق ورجعلك خالي بالك منه يا اسطي حسني متمشيش قبل ما اجي”، أعطاني التعليمات ثم غاب عن وجهي حاول حسني فتح حوار معي وكنت دائم الصمت في إشارة مني على عدم رغبتي في الحديث، فقد كان كل تركيزي على شعري المقطوع وأنا أراه يلون الغطاء بلون الأسود ليعطيه جمالا، ولكني انتبهت له حين قال “على كده يا باشمهندس انت متابع موضوع مدثر الحسيني …”************************
منزل الشيخ حسن
يدخل وليد المنزل بعد أن فتح بمفتاحه الخاص وكانت العائلة تستعد للذهاب لزيارة الست فتحيه جارتهم المريضة باغت وقتها الشيخ حسن وليد بسؤال ينتابه بعض الغضب قائلا “فين كريم يا وليد انا مش قولتلك خلي بالك منه”، ينظر وليد إلى والده في ضيق وهو يعيد المفاتيح إلى جيبه ويقول “قصدك مدثر مش كريم يا شيخ اول مره تكدب عليا يا بابا”، تندهش حبيبه ولم تفهم شيء ثم نظر الشيخ في توتر الي أم وليد قبل أن يتحرك في اتجاه ابنه وقد وقف أمامه مباشره وقد اتخذ قراره بالكلام وهو يحرك سبحته قائلا “في حاجات يا بني مش لازم يا بني كل حاجه تتحكي دي اسرار ناس بقت امانه عندنا عاوزني ازاي اخون الامانه وانا في السن ده الراجل ده وأمه خيرهم علينا انت كنت صغير متعرفش حاجه امك في يوم تعبت كنت انت وأختك صغيرين وقتها قالوا ان عندها ورم في صدرها ومحتاجه عمليه وكنت علي باب الله مفيش حد وقف جنبنا غير ام الراجل ده بفلوس واكل وشرب وقبل ده كله بالكلمة الطيبه اللي هي اعلي صدقه الله يرحمها عارف يا وليد معني الجمله اللي بتقول ربنا ما بينساش حد دي معناها ايه”، ينظر له وليد وقد شعر ببعض الخجل مما قاله فعجز عن الكلام وهز رأسه بالنفي ليكمل والده الحديث وقد ابتعد عنه قليلا ليقول “يعني ربنا بيسخر لك حد من عباده يقف جنبك في محنتك ويبعتلك اللي يرضيك”، بدأ ينفعل على غير عادته وأخذ صوته يرتفع قليلا ثم أكمل “عاوزني اجي اقولك ايه انت وأختك دايما كنت بتسالني عن الصوره اللي جواه دي كنت بقولك دي صوره واحده جارتنا من ايّام الحلميه ومكنتش بقول اكتر من كده الست اللي في الصوره دي تبقي ام مدثر عاوزني بقي أتخلي عن ابنها بعد كل اللي عملته ده انتم كملتوا تعلمكم، ربنا جعلها سبب لذالك ومدثر كمل وفضل يبعتلنا فلوس لحد الشهر اللي فاتمن غير ما يعرفنا انت محامي المفروض تفهم الاول”، ليسكت الجميع قبل أن تنطق حبيبه لتقول “يعني ده مدثر الحسيني اللي اخباره ماليه الدنيا”.
************************
صالون حسني من جديد
“ماله سي زفت مدثر الحسيني يا اسطي حسني”، يضحك حسني وهو يقول “شوفت الواد ابن الحراميه سرق كام وهرب يا كريم اما حته عيل شيطان.”، انظر إليه في المرآة وهو كذالك
لأقول في غيظ “وأنت شفته وهو بيسرق ومال امه بالموضوع انت تعرفها”، يرتبك حسني ويقول “الدنيا كلها بتتكلم..”، اسمع صوت وليد وهو يدخل من جديد قائلا “أن بعض الظن إثم صدق الله العظيم”، “سمعت وليد قالك ايه”، قولتها وأنا انهض من تحت يده، احمر وجه حسني خجلا ولكنه كان عند رائيه ليقول بأسلوب مستفز وهو ينفض المقعد الجلدي الممتلئ بشعري المنزوع “لما تثبت برائته ثم لو كلامكم صح يبقي هرب ليه ده واحد حس ان شركاته ومصانعه بيدمره عمل نصبايه وخلع..”، أهز رأسي واضع يدي في جيبي وأقول “مفيش فايده في الشعب ده”، يضع وليد يده مسرعا هو الأخر ليخرج ورقه من فئة العشرون جنيها يضعها في جيب الوزرة البيضاء التي يرتديها اسطي حسني ثم ينظر إلي ويقول “قالها سعد زغلول قبلك من ميت سنه فعلا مفيش فايده”، لنلقي التحية ونخرج من نشرة أخبار الحلاقين. كان وليد عند رجوعه من جديد يحمل شنطه بلاستيكية أعطاها إلي عند خروجنا لأسأله في تعجب “فيها ايه الشنطه دي..؟”، ليقول “دي فيها كام غيار علي بيجامه شكلك كده ممعكش حاجه طلعت جبتهوملك من عندي”، انظر إليه مبتسما وأقول “متشكر جداا يا وليد فعلا انا مش معايا هدوم انا جيت من البلد كده على غفله ” كنّا قد اقتربنا من منزلي لأسمع صوت شريف قائلا “نننعيمما يا ككريمم اززيكك ياا ووليدد أأنا هقففل الممححل وههروحح اججيب عششا وااططلعك ااقععد ممعاك ششويه ززي مما اتففاقنا مما تتيجي تتعششي مععانا ياا ووليد”،يضحك وليد ويقول “لو كريم عزمني هطلع، انت بتعزمني بصفتك ايه يا ششريف”، “صصحبي يا ججدع”، ثم نظر إلي ليكمل “ععاوز ححاجه اججبهالك مععايا..”، امد يدي في جيبي وأقول “يبقي كتر خيرك انا عاوز سجاير ممكن تجبلي علبتين معاك” أكملتها وأنا اقترب منه بالمائتين جنيها في يدي ليقول وهو يغلق المحل “ععيب والله مما أأنا اخد ححاجه أأنت بتششتمني..”، يبتسم وليد وكان قد اقترب هو الاخر لينظر إلي شريف قائلا “شكلك كده مهكرلك جاهزين تلاته النهارده والباليه لعبه معاك “،لم يرد شريف فقد اكتفي بالنظر إليه في غضب لينصرف وأكمل الخطوات المتبقية مع وليد الذي رأيت كلاما في عينيه ولكنه يخاف أن يبوح به لأقول له ضاحكا “يابني اتكلم دي تاني مره احس انك عاوز تقولي حاجه..”، يرتبك وهو ينظر في الأرض ويقول “بصراحه بقي انا عارفك..”، انظر إليه وكأني لم افهم ما يرمي إليه وأقول “مش فاهم قصدك ايه يا وليد”،لم أتفاجئ حين قال “انا عارف انك مدثر الحسيني”، ثم روى لي ما حدث مع عائلته، نظرت وقتها إلى السماء وكان صوت الحارة قد هدأ قليلا من الضجيج لأقول “تفتكر يا وليد النجوم دي ليها اسامي وتعرف بعض”، ينظر في دهشة هو الأخر للسماء ثم يقول “ايه السؤال الغريب ده”، ابتسم وأنا أقول “كان نفسي ابعد اووي عن الدنيا زي النجوم دي لحد يعرفني ولا يعرف اسمي، بقولك ايه الجو برد ما تيجي تسهر معانا ونكمل كلامنا فوق”، يضع يده على كتفي ويقول “موافق طبعا بس كان نفسي اتكلم معاك وافهم قصتك وشريف شويه وهيطب علينا”، لأقول وقد بدائنا في الصعود “متخفش شريف عارف كل حاجه”، يرفع حاجبه دون أن يتكلم
************************
منزل الحج طه
“نور يا نور”،
“ايوووه يا بابي..”،
“خلصتي مذاكره يا حبيبتي”،
“ايوه عمتو فريده كانت بتذاكر لي”،
“شاطره يلا بقي خالي عمتو تحضرلك العشا علشان تنامي”،
“حاضر يا بابي”،
“فين بقي حضن بابي”، لترتمي الطفلة التي لم تكمل عامها الثامن في حضن أبيها قبل أن تنظر هو “انت هتفضل كده مش ناوي تتجوز يا ياسر فيها ايه لما تجرب حظك تاني لانت اول ولا اخر واحد يطلق مراته” قالها الحج طه بعد انتهاء ياسر من كلامه مع ابنته نور
ليقول ياسر وهو يسحب ريموت التليفزيون “انت زهقت مننا يا حج ولا ايه”، “مش القصد يا بني انا نفسي اشوفك مرتاح”، “اهو يا بابا شكله عجباه القعده معانا سيبه براحته”، قالتها مريم وهي تستعد لمشاركتهم الحديث “ان شاء لله يقعد ميت سنه اهو بيته بردوا ونور كمان منوراني ربنا ينتقم من امها” قالها الحج طه وهو غاضب، يتأفف ياسر ثم ينظر الى مريم محاولا تغير الحديث قائلا “وانتي اخبارك ايه يا دكتوره اظن الوضع ملبش في المستشفي عندك”، تتوتر مريم وكانت تعبث بهاتفها لتقول “عادي يعني هي مروه وهايدي بس معدش بيظهروا زي الاول”، يكمل ياسر “طبعا معاهم حق مكسوفين من بلاوي أخوهم الحرامي
ينظر طه لكليهما وهو لا يفهم الحديث ليقول هو فيه ايه انا مش فاهم حاجه ينظر له ياسر مبتسما ليقول انت متعرفش ان مريم بنتك شغاله في مستشفي هايدي ومروه اخوات مدثر الحسيني ينظر له الحج طه في تعجب ليقول “مين مدثر الحسيني ده..؟”، “واحد من الحرميه الكبار” قالها ياسر وهو يكتف يديه موجها نظره إلى التليفزيون، تتابعه مريم قائلة “بس في ناس كتير بتقول انه مظلوم لكن الغريب ازاي يخسر المجموعه بتاعته في غمضه عين انت مش شايف ان الحكايه دي صعبه”، “ظالم بقي ولا مظلوم الداخليه مقلوبه عليه انا بقالي يومين مروحتش بسببه” قالها ياسر في غيظ من مدثر، يدخل الحج طه في الموضوع قائلا “ليه هو عمل ايه لكل ده يا ياسر يا بني”، “ابدا يا حجً اخد خمسين مليون
دولار من البنك قرض وهرب” قالها ياسر وهو يضحك بينما مريم لم يعجبها حديثه ليقول الحج طه “ابن الكلب ودوّل يطلعوا كام بالمصري دول يعدوا النص مليار”، “بالظبط كده يا حج براڤو عليك” قالها ياسر وهو ينظر الى مريم ومازلت تعبث في هاتفها لتسمع صوت فريدة من الداخل قائله “مريم يا مريم تعالي عاوزاكي”، تذهب مريم علي استعجال تاركه هاتفها على مقعدها لتدخل غرفه فريدة.
************************
حجره مدثر من جديد
“بس قعدتك هنا خطر عليك يا مدثر” تكلم وليد وفِي عينيه بعض الخوف الحقيقي على مدثر ثم أكمل “بس ايه اللي وصلك لكده في يوم وليله”، كنت ابحث عن مفتاح الغرفة ولكني وجدته أخيرا في جيب الجاكيت الداخلي لأنظر الى وليد قائلا “دي حكايه طويله ” افتح الباب سريعا ثم ادخل الغرفة كي اهرب من البرد وأنا اعلم أن الغرفة أشد برودة من الخارج، يدخل وليد وهو يدور في الغرفة في اندهاش ليقول “هو انت عايش هنا ازاي..”،
اخلع الجاكيت واقول له “النصيب بقي هستاذنك اخد دش بسرعه وارجعلك وكويس انك جبتلي معاك هدوم نظيفه لحسن مش طايق نفسي”، ثم احمل أغراضي واذهب الى الحمام،
وبعد مرور عشر دقائق اسمع صوت الباب كان شريف فقد سمعت صوته رغم ضوضاء المياه، دخل شريف ليضع الطعام على المنضدة الصغيرة فسأل عني ليقول له وليد “مدثر بياخد دش”، صمت شريف ثم أكمل وليد قائلا “انا عرفت وعارف كمان انك اول ما شفته اتعرفت عليه هو حكالي علي كل حاجه” عقد شريف حاجبيه ثم قال لوليد “أأنا ححاسس اننه ببريء”، اخرج في تلك اللحظة وأنا مرتديا بيجامه وليد وقد سمعت الحوار لاقول “وايه اللي مخليك متاكد اني بريء”، “احسساسي بيقولي ككده”، “سيب احساسك علي جنب دلوقتي، جبتلي السجائر”، “اااه ططبععا اتتفضل”، بدائنا نسمع صوت عربه إسعاف تدخل الحارة خرج وليد وشريف مسرعين لرؤية ماذا يحدث لم أتحمل وذهبت خلفهم كان باستطاعتنا رؤية منزل الحج حسن من أعلى وقد توقفت السيارة أمامه لينتاب وليد الذعر ويقول “انا نازل اشوف في ايه “، أحاول أن أهدئ من روعه قائلا “مش يمكن العربيه دي جايه تاخد الست اللي قلبها تعبان الشيخ حسن وامك قالولي ان فيه واحده جارتكم تعبانه”، يهدأ قليلا لكلامي المنطقي ثم يخرج هاتفه ليتأكد مما قلت وقد كانت وجهة نظري صحيحة، ثم دخلنا من جديد ليقول شريف “اححكيلي بقي بقيه القصصه بتاععتك” لأقول له وقد بدأ في فرد الطعام هو “احنا وقفنا فين امبارح”، ليقول” اننكك ككنت بتتخخاف الدنيا تتمططر وانتت راييح الككليه..”، “ااه صح برافو عليك.” قولتها وانا أساعدهم في فتح أكياس الطعام لكن وليد كان له رأيي أخر حين قال “انا عاوز اسمع الحكايه من الاول علشان افهم انا كمان”، ضحكت ثم حكيت لوليد الجزء الذي يعرفه شريف جيدا ثم أكملت ونحن نأكل “المهم فضلت كده لحد ما اتخرجت من الكليه ونجحت بامتياز من قسم ميكانيكا السيارات وطلعت بعثه ايطاليا قعدت فيها ست شهور وبعد كده اتفاجات انهم عايزني اكمل معاهم في ايطاليا وده كان طلب شركه من اكبر شركات تصنيع السيارات هناك وكان مرتب عمري ما حلمت بيه طول الفتره دي عمري ما نسيت امي ولا اخواتي كنت بكلمهم علي طول وببعتلهم اي حاجه محتاجنها وكنت في قمه السعاده وانا بعمل كده وقتها عمر اخويا اتخرج من كليه حقوق وبقي وكيل نيابه ومروه وهايدي دخلوا طب مع بعض اما صافيه اتخطبت ومردتش تتجوز الا لما انزل مصر..”،
كان وليد وشريف يسمعون بمنتهي التركيز، يتوقفون عن الطعام أحيانا لاندهاشهم الشديد بما أقول كنت اسمع رسائل قادمة لم أعيرها انتباه كالعادة ثم أكملت حديثي، “وبعد السنتين دول قدرت اقنع مدير الشركه انه يفتح توكيل في مصر وكمان نصنع اجزاء هنا علشان تكلفه العماله في ايطاليا عاليه وافق لكن بشرط اني ابقي المسئول عن المصانع وان التوكيل يبقي باسمي ساعتها فرحت جدا مدير الشركه ده اسمه ماركو وكان عنده بنت زي القمر اسمه فرانشيسكا كنّا بنخرج كتير مع بعض وبقينا اصحاب لحد في مره لقيتها بتقولي بحبك وقتها مكنتش بفكر لا في جواز ولا حاجه كان كل همي اني انزل مصر وابدأ شغل لكن فضلنا اصدقاء واحترمت رغبتي ونزلت مصر وحضرت فرح صافيه وبدأ اسمي يتعرف لقيت وقتها اصحابي بيكلموني وقريبي اللي كانوا مقطعنا من ساعه موت ابويا امي وقتها قالتلي عفا الله عما سلف خليك انت احسن وفعلا سمعت كلامها وبدائت كمان أساعدهم واشغلهم معايا لقيت اني مجرد ما اسمي يتقال الأبواب المقفوله تتفتح لحد في مره كنت في مكتب مسؤل كبير وهناك شفت ‘مَلَك’ كانت زي القمر بتشتغل سكرتيره أعجبت بيها جدا واتجوزتها”، ثم اسكت فجأة وأمسك هاتفي وقد فهم كلاهما أني اشعر ببعض الاختناق، و أنا أمسك هاتفي وافتح الرسائل الغير مرئية لأرى خمس رسائل من مريم جديدة تسال عن حالي *وانت فين..*،
*اتغديت ولا لسه*،
*انت مش بترد عليا ليه*
*انا كده قلقانه عليك*
*لأرسل رساله نصيه كان محتواها*
*انا كويس الحمدلله*
**************************
منزل الحج طه من جديد
وصلت الرسالة الى مريم ليسمع ياسر صوت هاتفها المتروك على الكرسي التفت إليه ثم عاود مشاهدة التلفزيون ولكن قتله فضوله ليمسك الهاتف وبقراء جميع الرسائل بيني وبين مريم يحمر وجهه وهو يقول “يابن …ورحمه امي ما هرحمك..”، ثم يجري نحو غرفته ليحمل سلاحه فانتبه أبوه، يجري خلفه قائلا “فيه ايه يا بني”، ليرفع ياسر صوته “وقع في ايدي وايه كمان اختي بتستغفلني يا حج”، تخرج مريم وفريدة من غرفتهم فزعتين من صوت أخيهم لا يعرفون ماذا يجري لتقول مريم في برائة “هو فيه ايه يا ياسر”، وكانت خلفها فريدة يمسك ياسر ذراع مريم في غضب وكانت تصرخ من الألم ليقول “بقي كده يا مريم يعني انتي عارفه انه مدثر الحسيني وبتستغفليني يا دكتوره”، تنظر فريدة الى أخيها محاوله إبعاد يده عن أختها قائلة “هو فيه ايه بالظبط سيبها يا ياسر وفهمنا ايه الحكايه” ليقول طه “سيب اختك يا بني يثور ياسر ويقول في عصبيه مفرطة “بنتك يا حج اختك يا فريده عارفه ان اللي فوق السطح ده يبقي مدثر الحسيني مش كريم”، تقول فريدة في اندهاش وكأنها لم تفهم “قصدك ان اللي ساكن من امبارح ده يبقي مدثر الحسيني طب ازااي وايه اللي يجيبه هنا” يتكلم الحج طه في ثقه ويقول ا”نا عمر احساسي ما ينزل الارض انا من ساعه لما شوفته وانا مش مرتاحله الله يسمحك يا شيخ حسن كده تضحك عليا”، ينظر ياسر لأبيه ولَم يهتم بدموع مريم ليقول وهو يلهث “خلاص يا حج انا هريحك منه”، يجري إلى باب منزله متوعدا مدثر
************************
غرفه مدثر من جديد
“واتجوزت ملك وجبنا ولد وبنت سُميت الولد ادم والبنت عائشه علي اسم امي الله يرحمها..”، وما هي إلا ثواني وانقطع الحديث بضربة ياسر للباب بقدمه فكسره، حاملا في يده مسدسه لننهض من أماكننا ننظر له وقد ملئنا الخوف أخد يقترب إلى أن وضع المسدس فوق رأسي ليقول “مدثر الحسيني وجاي تستخبي عند رئيس المباحث يابن اللعيبه” يخرج وليد عن صمته ليقول “نزل سلاحك يا ياسر الموضوع فيه سوء تفاهم”، “اسكت انت يا وليد”، ثم ينظر لشريف ويقول في سخريه وأهانه “حتي انت يا ابو نص لسان عارف وبتشتغلني حسابي معاك بعدين”، تكلمت وقتها قلت “حاول تفهم انا معرفش ان الحج طه عنده ابن ظابط”، قاطعني “وأديك عرفت، قدامي بقي من سكات”، “سسييبه ييا يياسسر بقولك ممدثثر ممش ههايمششي منن هننا واانا مشش ببنصص لسسان” تكلم شريف دون خوف، ليوجه ياسر نظره له في غضب قائلا “ده انا هطلع ….امك يا شريف بس اصبر عليه عاملي فيها راجل يلا”، سكت شريف هذه المرة و وليد أيضا وكان دوري في الكلام كان ياسر يضع سلاحه فوق راسي حاولت أن اكسب بعض الدقائق لا اعلم لماذا فقد اقتربت نهايتي لأقول “انت عاوز ايه دلوقتي يا حضره الظابط”، فأجابني في سخرية “وانا هعوز منك ايه هسحبك عَل القسم وبعد كده تاخد الطريحه بتاعتك وانا هترقي شفت الحكايه بسيطه خالص”،
“كل احلامك دي مش هتحقق وهتاخد بعضك وتنزل دلوقتي حالا وهتنسي الموضوع وهتنسي مدثر خالص وكل اللي حصل ده، نزل سلاحك يا ياسر”.
قالها الكبير عبد الحميد وهو يدخل الغرفة
*تـــــــــــــــــــــــا
بقلم محمد محسن حافظ