رواية مدثر للكاتب محمد حافظ

مدثر# الجزء الثامن و العشرين

“ازيك دلوقتي يا مريم”
قلتها وانا اقف امامها تنظر لي بمنتهي الحزن وتقول “الحمدلله” اقترب و اجلس بجوارها وانا انظر إلى الارض واقول وانا اشعر بالحزن لحالتها “ياسر قالي انك عاوز تشوفيني” اسمع تنهيد صدرها وصوتها المبحوح قائلة “اه عاوزه اشوفك علشان عاوزه أنفذ وصية فريده الله يرحمها وعاوزه اربي ابني في حضني واشوف وشه وكأنها عايشه بالظبط” تدمع عيني واضع يدي على وجهي واقول وانا ارفع رأسي ومازالت دموعي تنهمر “عارفه يا مريم امي الله يرحمها ماتت وانا كان عندي اسبوع وأختها كانت بتحبها اووي فوق مما تتخيلي اللي برضوا هي امي امينه عملت نفس اللي انتي قولتيه بالظبط مع ان صافيه كانت اكبر مني وصوره طبق الاصل من عائشه امي لكن اتعلقت بيا اووي وكبرت في حضنها وحبتني اكتر من ولدها وهو ده اللي كان نفسي اشوفه من اخواتي اللي حبتهم اكتر من نفسي لكن للاسف كل واحد منهم دور على مصلحته وبعده عني زي ما اكون عدوهم صافيه علشان غلطه عملتها زمان بدل ما تيجي وتترمي في حضني خافت تعمل كده مع اني أول ما عرفت ريحت قلبها وخلصتها من خوفها تنظر لي” مريم وتقول “وهي عملت ايه علشان تخاف منك اوي كده مع انها عارفه انك اول واحد هيساعدها” ابتسم رغما عني واقول وانا أريح ظهري “الشيطان بقي مع اننا مش ملايكه وبنغلط هي حبت واحد قبل ما تتجوز رمزي وكان بني ادم قذر هددها لما اتجوزت انه هيفضحها بالصور اللي معاه مع ان مفيهاش حاجه وحشه ومكالمات كان بيسجلها الوقت ده انا كنت في ايطاليا ملكتش وقتها غير عمر اخوها اللي دفع مبلغ كبير علشان خايف على سمعته وبدل ما يحرق الحاجات دي بقي هو اللي بيهددها بيها وخلاها تلعب عليا” تقاطعني مريم وتقول “طب وانت وصلت للحاجات دي ازاي” اضحك واقول “عز ابن عمي هو اللي جبهالي في مقابل مبلغش عنه وانه متورط في شروع قتل الكبير راح سرق عمر مش بقولك كل واحد بيدور على مصلحته بس انا صورته وهو بيسرقهم ومتسألش ازاي علشان هتجيب مليون سؤال” تبتسم مريم وهي تقول “ضحكتني يا مدثر هو مفيش حاجه صعبه عليك” ثم تهدأ ملامحها من جديد وتقول “المهم هتنفذ وصية فريده” انهض من مكاني واقبل رأسها وانصرف قائلا “طبعا هنفذها سلام يا مريم” ادخل حجرة اخري ليست بعيدة عن حجرة مريم تراني امامها فتدير وجهها اقتربت منها لاقبلها في خدها ولكنها تأففت قائلة “ابعد عني مش عاوزه اشوفك” كانت هذه مروه نفذت رغبتها بمنتهي الاحترام وضعت يدي في جيبي وانا أدور في الغرفة الصغيرة ثم توقفت فجأة واقول “عاوز اعرف ليه بتكرهيني كده انا عملتلك ايه” تنتبه لما قلت فتدير وجهها نحوي وترفع صوتها قائلة “عاوز تعرف ليه انا هقولك علشان انت حرامي اخدت مننا اعز حاجه كنت اناني اوي يا مدثر” لم افهم حقيقة ما قالت لاقترب منها وانا اضع يدي على صدري واقول “انا سرقت منكم ايه يا مروه” تقول بملامحها المتجهمة “سرقت امي” ثم اخذت في البكاء بشده ثم اكملت “مش عارفه ازااي كانت بتحبك اكتر مننا كنت عندها كل حاجه من واحنا صغيرين كنّا بنشوفها بتحضنك واحنا قاعدين كان عمر بيبوصلي والوجع هيموته كنت باخده في حضني بدلها مع اني كنت صغيره وياريت كده وبس لاء ده اي حاجه نعملها كانت بتهددنا انها هتقولك وكنت لما ترجع من الشغل بتاعك بعد لما تخلص كليتك تدخلك الاكل الاوضه وتقفل الباب عليكم وتقعدوا تتكلموا بالساعات كنّا بنفضل نقول هي بتعمل كده ليه مع انك مش ابنها اديتك حبها وقلبها واحنا ولا حاجه ولا حاجه يا مدثر علشان كده بنكرهك حتى لما بقيت غني كان همنا ناخد حق حب امنا ليك علشان هي السبب في اللي انت كنت فيه بس عدل ربنا انك ترجع فقير علشان تستاهل عامل فيها طيب وانت شيطان تقدر تقولي ازاي يجيلك قلب تعمل فينا كده واحد وراه التاني ادام عاوز تاخد مننا حاجه جبتهلنا ادتهلنا ليه في الاول” كنت أنصت لما قالت في منتهي التركيز وانا أشد لحيتي التي ملئت وجهي واخذت افكر فيما تقول إلى ان انتهت من كلام حملته سنين فوق قلبها اقترب منها بشدة وانظر في عينيها وهي ترمقني بنظرة مليئة بالكره والغل اضع يدي على كتفها الصغير واجلس بجوارها وانا انظر إلى يدها المربوطة وامسكها رغما عنها واقول “عارفه يا مروه انا اول مره افكر في كلامك وطول عمري ومكنتش اعرف انك بتكرهيني اوي كده بس اوعي تظلمي امك الله يرحمها اللي ربت طفل يتيم اختها وصتها عليه وعملت بالوصية وعمري ما حسّيت اني مش ابنها عارفه قبل ما تموت هي كمان وصتني عليكم وقالتلي خالي بالك من اخواتك وعملت كده برغم كل اللي عملتوه فيه بس نسيتي حاجه مهمه يا مروه نسيتي انا عملت ايه علشانكم واني كنت بستخسر في نفسي اي حاجه علشان اجبلكم اي حاجه نفسكوا فيها فاكره يا مروه لما كنتي انتي وهايدي واقفين تتفرجوا على لعب قدام ڤترينه ازاز وانا قربت منكم وشفت قد ايه نفسكم في اللعب اللي في المحل” انهمرت الدموع من عيونها وقالت وهي تقبض على يدي “طبعا فاكره كويس انك دخلتنا المحل وقولتلنا تعالوا انا هجبلكم اللي انتوا عاوزينه ولما دخلت طلعت كل الفلوس اللي في جيبك ومكنتش مكفيه فقلت لصاحب المحل خمس دقايق وهجبلك الباقي وطلعت تجري تعرف اني لحد دلوقتي معرفش انت روحت فين بس فاكره كويس لما رجعت واديته بقيت الفلوس واخدنا اللعب بتاعتنا مع اننا مكناش صغيرين اووي بس كنّا فرحنين” تدمع عيني واقول “مفيش شيطان بيعمل كده يا مروه وهيجي وقت تعرفي انا عملت ايه علشان اجبلكم اللعب دي” انهض من مكاني واقبلها من خدها ثم انظر في عينيها هتنهمر دموعها ايضا ثم ابتعد عنها خطوتين وانا اعطيها ظهري لأسمعها تقول “مدثر” اقف و أتحول بنظري فاتجاهها لأراها تفتح يديها أسرع نحوها واحضنها بقوة فتصرخ في صدري قائلة:
“سامحني يا اخويا”
لأشعر بكلمة “أخويا” من مروه لاول مرة في حياتي.
*******************************

“اسمعي يا ياسمين انا هسمحك بس بشرط عاوز اعرف كل حاجه قولتيها وعملتيها مع مدثر الفتره اللي فاتت وليه عملتي كده”
قالها عاصم وهو ينظر إلى ياسمين تصمت ياسمين قليلا وكأنها تفكر ثم تقول “هو قالي انك سرقته ووعدني لو رجعتله حقه منك هيديني مبلغ كبير بصراحه صعب عليا عملتله ايه بقي سربت معلومات الشركه واخبارك اول بأول وكل الصفقات اللي انت عملتها” ينظر لها عاصم في غل ويقول “عارفه لو كنتي قولتيلي من الاول كنت اديتك اللي انتي عاوزاه ادام همك الفلوس بس انا محتاج كل البيانات اللي ادتهاله” تضحك ياسمين وتقول “موافقه بس بشرط تجبهولي متكتف قدامي علشان اخد حقي منه بعد لما عملتله كل حاجه وف الاخر يبعني كده”
ينهض عاصم ويقول وهو يقترب منها
“وانا موافق”
***************************
“انا فشلت مقدرش اكمل مدثر كل ما بيزيد ضعف مخه بيشتغل اكتر”
قالها عمر وهو ينظر إلى عمه الذي امتلاء صدره بكره مدثر ليقول “يعني ايه مفيش فايده يا عمر”،
“مخي وقف خلاص يا عمي انا كنت هخسر مستقبلي انا وابنك في لحظه احمد ربنا ان احنا مدخلناش السجن”،
“بس انا مش هسكت يا عمر وهاخد حقي منه وأبعده انتم عن الموضوع ده خالص”،
ينظر له عمر في يائس ويقول:
“بس انت كده بترمي نفسك في النار”.
*************************

“ايه يا بني ما تتكلم اومال قاعد تقولي عاوزه اشوفك ضروري انا قلت فيه مصيبه”
قالتها هايدي وهي تنظر إلى وليد الذي ارتسمت على وجهه علمات التوتر والقلق لكنه اخذ القرار بالكلام اخيرا ليقول “هايدي انا بصراحه معجب بيكي جددا انا عارف طبعا انك حاجه كبيره اووي بس كان لازم اقولك مهما كان قرارك” تضع هايدي يدها على خدها وقد تجهمت ملامحها فجأة وتقول “بقي ده الموضوع المهم اللي عاوزني فيه يا استاذ” يرتبك وليد ويقول “انا اسف يظهر اني اتسرعت اوعدك مش هضيقك تاني” تبتسم هايدي وتقول “ايه كنت فكراك اقوي من كده مش تقولي اتسرعت والكلام الفاضي ده” تتغير ملامح وليد ويقول “يعني موافقه يا هايدي” تضحك هايدي وتقول:
“اه موافقه بس بشرط”،
“شرط ايه” قالها وليد في اهتمام لتضع هايدي قدما على الاخري وتقول “تبقي مدثر”.
يندهش وليد ولَم ينطق بكلمة
**************************
اللعبة الكبري

“خلاص نويت يا مدثر”قالها جاسر
لاضحك واقول “اه كفايه اووي كده تعبت يا جاسر ومحتاج ارتاح” يضحك هو الاخر ويقول “فاكر لما فرانشيسكا قالت لياسمين ان مكانك مش على الارض وان مكانك على قمم الجبال يوميها فهمت الرساله وروحت قبلت ماركو على قمة جبل المقطم” اضحك واقول “طبعا فاكر ما وقتها بعتلك رساله كنت قبليها مروقني على التلفزيون” يضحك هو الاخر ويقول “انا عملت كل اللي انت قولتلي عليه بالحرف الواحد بس كنت واثق من نجاحك وانا شايفك بتلف الف حبل حوالين رقبتك” اتنهد واهز رأسي واقول “عارف يا جاسر مين اكتر انسان اتعلمت منه في المحنه دي” ينظر لي ويقول “انت قبلت ناس كتير بس ممكن أتوقع” أقاطعه واقول “ياسمين يا جاسر هي دي اللي اتعلمت منها مش محتاج انك تتوقع” يضع جاسر يده على عنقي ويقول “المهم عندي هتعزمني على النهايه” ابتسم واقول “طبعا انت من اول المدعوين” يعقد حاجبه ويقول:
“هتبقي امتي عاوز احضر العرض من أوله”
ابتسم واقول
“بكره ان شاء الله العرض”
*****************************

ابعث برسالة إلى حازم صديقي موظف البنك لم اذكره طول القصة، هو شخص ملتزم دائما يبتعد عن القيل والقال يرعي أسرته المكونه من طفلين وزوجته احتجت اليه بشده في باديء الامر وكنت اعلم انه سيوافق على ما اقوله كان نص رسالتي كالاتي:
*حازم اللعبه اخرها النهارده معدش فيه وقت انا عند كلمتي معاك وانت معزوم بكره*
يبعث ايموشن مبتسم ويقول:
*على خيره الله ناوي تعزم عاصم طبعا عاوز اشوف منظره*
أبادله الضحك واقول:
*طبعا هبعتله رساله حالا هو فاكر اني معرفش الي هو عمله وانا عارف من اول يوم*
يكتب هو الاخر ويقول
*يستاهل هو فيه حد يلعب مع الاونر انا هستني بكره على احر من الجمر سلام *.

*انتظروني غدا لتتعلموا الدرس جيدا فلقد اقترب القطار من الوصول الكل مدعو لمشاهده العرض المبهر، أتوقع رد الفعل من الان فأنا لست فقيرا أيها الساده كل ما فعلته مجرد لعبه كامله الأركان لأري وجوه تنافق وقلوب سوداء وكرهه ملاء القلوب ولكن في المقابل شعرت بالحب والامان، لم اخسر شيء بل العكس صحيح فقد كسبت الكثير وتضاعفت ثروتي دون ان اتحرك لن تنتهي القصه غدا بل ستبدأ، تسأل نفسك وتقول هذا جنون وليس عقل فأنا جاهز لما يدور في اذهانكم جميعا* كانت هذه الدعوة موجهة للجميع.
فليبدأ العرض
*************^*^***********
١٦ ديسمبر ٢٠١٧
أرتدي بدلة جديدة ويعانق معصمي سوار من الروليكس ثم فتحت علبة قديمة بها حذاء مر عليه اكثر من عشرون عاما كم أودّ ان أضعه في قدمي الان لكني لم اقوى على ذلك أغلقها و اعيدها الى مكانها كانت بجواري مريم في تلك اللحظه اعتلى وجهها الدهشة وهي تحمل عمر وبالقرب منها ادم وعائشه كانت تستوعب الموقف في دهشة فمنذ سنة مضت كانت اول ليلة لي في حجرة فوق سطح منزلهم اما الان في غرفة داخل قصر ضخم املكه يمتلئ البهو ألان بكثير من الناس معظمهم يتسألون أين نحن وماذا نفعل هنا فهناك اخواتي وأهل الحارة وعمي واولاده وأصدقائي وماركو وابنته وزوجتي السابقة ملك
انزل على درجات السلم وفِي يدي ابنائي وبجواري مريم فيقف الجميع ينظرون الى بعضهم البعض تقترب مني ياسمين ودعاء وتقول الاولى:
“فلنبدأ العرض الاونر مدثر الحسيني”
ضحك الكبير وقال:
“بس انا الوحيد اللي عارف قصه الفيلم ده انا والمرحومه فريده”
ثم نظر الى بكر أخيه ليقول:
“بس انا عاوز اشوفه بيتمثل قدامي افتح الستارة يا مدثر يا ولدي”.
*تـــــابعونــــي*

error: