رواية مدثر للكاتب محمد حافظ

#مدثر#السادس والعشرون
جلس الكبير متكئا علي عصاه يراقب عقاب مدكور الذي ظل ينزف ورجاله يكيلون له اللكمات بلا رحمه فسالت دمائه من انفه وفمه ينتظر كلمه العفو والرحمه ظل الكبير ساكنا هاديء الي ابعد الحدود لم ينطق بحرف توقفت ملامحه جامده كالحجارة اما هشام فوضع يده حول خصره يشاهد مدكور في صمت قبل ان يقول موجها كلامه لي عارف يا مدثر الي المفروض يتعمل فيه كده اخوك عمر احنا كان ممكن حد يموت فينا النهارده بسببه
بس ملحوقة دوره جااي قريب ابتسم وانا اقترب منه واقول في ثقه مبالغ فيها ومين هيسمحلك تعمل كده يا هشام انا محدش يقدر يمس شعره من اخواتي ولو فيها موتي يزيح هشام يدي الذي نسيتها علي كتفه ويقول وقد تبدلت ملامحه للتحدي الواضح فينظر لي وقد قاربت عيناه كثيرا الي عيناي ليقول انا هقدر يا مدثر وابقي وريني هتعمل ليه اعطيه ظهري وابتعد قليلا واقول هعمل كتير اوي حتي لو فيها حياتي يقترب من عنقي فأشعر بأنفاسه المشتعله ليقول يبقي انت اللي اخترت يا صحبي
ينهض الكبير فجأه ويقف بيني انا وهشام يخطو بيننا ببطئ شديد لم يعلق علي حديثنا في باديء الامر وكأنه يفكر في رد مناسب ينقذ به الموقف كان ذالك قبل ان يقول بس عمر اخوك غلط يا مدثر والمفروض يتعاقب وياخد جزائه
حياه الناس مش لعبه يا مدثر ثم ده قاضي بيحكم بين الناس بالعدل وبالقانون وهو كده خرج عن الأصول مينفعش تساعده ولا توقف قدامنا واحنا معانا الحق ولو قدرت عليا انا وهشام مش هتقدر علي طارق ولو حتي قدرت يبقي انت كده بتساعد في الظلم يا ولدي
اقترب منه واقول في ضيق بس ده اخويا يا كبير وامي وصتني عليه قبل ما اموت عارف انه غلطان بس مش معني كده اني اسيب حد يأذيه مهما كان
********^*^******************
اخووووووياااااا هاتولي ياسر عاوزه اشوفه صرخت فريده بعد ان علمت بما حدث وان ياسر أصيب في ذراعه لم تهتم بآلامها الشديده اثناء الولاده حاول الجميع ان يطمأنها ولكنها ابت ان تفعل وظلت تصرخ مناديه بأسمه
دمعت العيون بصراخها ولكن سريعا ما تحولت الي ابتسامات عريضه من الجميع بعد ولادتها
تحمله هايدي وتقول ما شاء الله حبيب عمتو تداعبها مريم وتقول لا حبيب خالتو تسمعها فريده لتقول بس انتي مش خالته يا مريم انتي امه فهم الجميع ما ترمي اليه فريده ولَم ينطق احد
***************************
منزل عمر
قولتلك وقف كل حاجه مسمعتش الكلام قالها عمر لابن عمه عز الذي ظهرت عليه ملامح التوتر هو الاخر ليقول مش وقت الكلام ده يا عمر
لازم نشوف حل للمصيبه دي يقترب منه عمر ويسأله قائلا مدكور فين دلوقتي يتلجلج عز ويقول معرفش بتصل بيه مش بيرد عليا يغضب عمر وقد زاد خوفه ليقول تبقي مصيبه لو اتقبض عليه ويقول اللي احنا اللي وراه الموضوع ده مستقبلنا هيضيع يرتعد عز ويقول تبقي كارثه يا عمر
***************************
المستشفي
عامل ايه دلوقتي يا ياسر يا بني قالها الحج طه يتالم ياسر قليلا وهو يمسك ذراعه ويقول الحمدلله انا بقيت كويس وعاوز امشي يقترب طارق ويقول تمشي تروح فين مش لما الدكتور يطمنا ينظر الحج طه الي ياسر مبتسماويقول ياريت تقدر تخرج مريم اختك كلمتني وقالت ان فريده ولدت وجابت ولد بس عاوزه تشوف ينهض ياسر فجأه فيحاول طارق منعه لكن دون جدوي ليقول وانا كمان عاوز اشوف فريده واطمن عليها يستسلم طارق ويقول خلاص يا ياسر زي ما تحب يلا بينا
سند ياسر جسده علي طارق الذي لم يكل من ذالك ونسي كل منهم انه رفع سلاحه في وجه الاخر منذ ساعات
*****************************
مبروك يا مدثر قالها الجميع عند دخولي للاطمئنان علي فريده الي ان وقفت أمامها ولن أنكر اني كنت أشك في ذالك قبلتها في جبينها لتقول مش هتبوس مدثر اضحك وانا احمله واقول انتي مصممه مدثر حرام عليكي
تنظرلنا وتقول انا مش عاوزاه يسيب اي حاجه منك يبقي شبهك من جواه ومن براه حتي الاسم عاوزاه يبقي زيك في كل حاجه
اسمع صوت ياسر فاذهب لاطمئن عليه يقترب مني معانقا ويقول مبروك اعطيه الطفل ليحمله بيده السليمه ويقول مداعبا ده مدثر الصغير مرددا كلام فريده حين كانت تضع يدها بحنان اثناء
الحمل وتقول امتي تيجي بقي يا مدثر يدخل ياسر مبتسما ليري فريده والتي توردت وجنتها عند رؤيته فتحتضنه بقوه قائله الف سلامه عليك يا ياسر وحشتني يا اخويا دمعت عين ياسر وهو يعنقها ويقول حمدلله علي سلامتك انتي كمان وحشتيني اوي
اتذكر وقتها كلام فريده منذ شهور مضت عن ياسر وهو الاخ المتحكم الذي لا يفرق بين عمله وبيته يصرخ دائما وهو يطلب اي شيء ويعنفهم علي اقل الاشياء ولكن ما اراه امامي غير ذالك تماما يدخل ايضا الحج طه مع الكبير للاطمأنان علي فريده ليقول الكبير موجها حديثه لياسر سامحني يا ياسر لسه بعد العمر ده كله بغلط فعلا هنفضل نتعلم لاخر يوم في عمرنا ليرد ياسر حصل خير يا كبير جت سليمه يحمل الحج طه الطفل في حنان وقد دمعت عيناه حين رؤيته ثم يقول ده شبهك خالص يا مدثر سبحان الله اضحك واقول زي ما فريده عاوزه بس انا مش هسميه مدثر ده نازل وليه اسم تاني خالص ينظر لي الجميع وقد ألقيت علي وجوههم علمات الاستفهام
****************************
منزل عمر

يدق الباب فيفتح عمر ليجد هشام بكر وطارق الراوي امامه لم يجد كلمه يقولها الي ان طلب هشام الاذن بالدخول فلم يجد عمر منفذ للاعتذار ليقول بصوت يملئه الخوف اتفضلوا
ينهض عز مصافحا ولَم يعره اي منهم اهتمام
يجلس عمر وبجواره عز ابن عمه وأمامهم طارق وهشام
يتعرق عمر كثيرا بينما يفق عز رابطه عنقه قليلا وكانه ينتظر شيء اخر سوف يلف حول رقبته
نظر طارق اليهم في غضب ثم اخرج سلاحه قائلا هو فيه حد قبل كده يا هشام ضحك علي عيله الراوي او لعب معاها يضحك هشام ويخرج سلاحه هو الاخر ويقول بصراحه محصلتش قبل كده يابن عمي
يبتسم عمر وهو يبلع ريقه ويقول هو فيه ايه بالظبط
ينظر له طارق في غضب ويقول انت هتستعبط ما انت عارف عملت ايه كويس
ينظر عمر الي عز ويقول انا معملتش حاجه كل ما في الامر اني روحت للكبير اشيل الغشاوه من علي عينيه علشان مدثر ضحك عليه
يهز هشام رأسه ويقول عارف انك وسخ اوي يا عمر تعرف ان مدثر اخوك قالي ايه من شويه لا يمكن تتخيل يبتسم عمر رغم عنه ويقول وهو يهز رأسه معرفش بس اكيد شتمني او اتكلم عليا وحش خلاكم تيجوا هنا دلوقتي يضحك هشام ويقول عارف يا عمر انا لو ليا اخ زي اخوك ده ابوس ايده كل يوم تعرف وانا بقوله اني هاخد حقي منك رد عليا وقالي محدش يقدر يمس شعره من اخواتي ولو فيها موتي
يندهش عمر لما سمع فلم يكن يتوقع ذالك ليقول مدثر قالك كده
لم يقل هشام سوي كلمه واحده وهي تخيل
يخرج عز عن صمته ويقول وهو يرتعد علي العموم الغلط مش مقصود بيه حد منكم هما اخوات مع بعض ينظر له طارق وينهض من مكانه ويقترب من عز ويضربه بظهر المسدس فوق رأسه ثم يلكمه بيده الاخري في انفه ويقول انت بقي اللي اتفقت مع مدكور يقتل ابويا صح ومدثر يشلها لم يتحرك عمر وطل يراقب الموقف في خوف ولَم يستطيع الدفاع عن عز ولو بكلمه

هشام يوجه سلاحه ايضا وهو ينهض ويقول مش عيب تبقي قاضي وبلطجي انا مش عند ايدي عليك علشان خاطر اخوك بس بكره الصبح مدكور هيعترف بكل حاجه اه صح نسيت اقولك اني قبضت عليه
ينهض عمر وجسده يرتعش ويقترب من هشام قائلا انا ممكن اعملكم اي حاجه بس بلاش الموضوع ده مستقبلي هيضيع
يبتسم هشام ويقول وهو ده المطلوب طبعااا
*************************
بص يا مدثر انا خلاص عارفه اني هموت ومش زعلانه كان نفسي بعد الولاده اني اشوف ابني وانت واخويا وابويا والحمدلله ربنا حققلي كل اللي انا عاوزاه ومش محتاجه حاجه تانيه خالص انا حسه ان خلاص قربت
مدثر متنساش تعتذر لياسمين وتقولها تسامحني
تدمع عيني واحضنها في قوي واقول ملوش لزمه الكلام ده يا فريده هتبقي كويسه
تتسارع انفاسها وبدأ جسمها يتعرق بشده وبدأت تتحدث ببطئ قائله اتمنيت كمان اموت في حضنك يظهر باب السما كان مفتوح خالي بالك من ولادنا ادم وعائشه و …..مش عاوزه اعرف هاتسميه ايه انظر في عينيها واقول هسميه عمر يا فريده تبتسم من قلبها وتقول انا عمري ما شفت اطيب ولا احن منك ربنا يديك علي قد نيتك
لتكون اخر كلماتها
فريده …فريده ….ردي عليا طيب انا محتاجلك جنبي دمعت عيناي وانا انظر لها والي الطفل واقول
ليه اتمنيتي يبقي زي بالظبط اهو بقي يتيم وهو مكملش كام يوم
علشان يعيد الحكايه من اول وجديد
مع السلامه يا فريده
*****************************
أرتدت جميع النساء اللون الاسود
ودمعت اعين الجميع بينما دخلت مريم في حاله انهيار شديده مما استدعي الي نقلها المستشفي لتسكن بجوار مروه التي مازالت غائبه عن الوعي
ام الحج طه فقد كان في حاله ذهول حين أخبرته هو وياسر عن مرض فريده التي تحملته سنوات دون معرفه احد منهم
سادت حاله من الحزن والكآبة عند عودتنا من المقابر علي جميع اهل الحاره
حاولت ان ابتعد قليلا تحملني قدمي كما تشاء
لا اعلم أين اذهب فذهبت الي احد المساجد البعيده وقد شعرت بارتياح شديد لاجد رمزي صدفه جالس في احد الأركان وقد طالت لحيته مثلي تماما مع احتفاظه بشعره اقترب مني وكان لا يعلم ما حدث وحين سمع مني الحكايه اخذ في البكاء الشديد حاول ان يواسيني بقدر المستطاع وحاول ان يصطحبني الي منزله ولكنه رفضت وانصرفت وانا اشكره
ثم ذهبت اخر مكان كنت فيه مع فريده فوق كوبري قصر النيل انظر الي مياه النيل واتخيلها بجواري الي ان حلت مكانها اخري لم تتكلم لدقائق ثم اقتربت لتقول البقيه في حياتك يا مدثر
انظر لها ومازالت دموعي تظرف لاقول وحياتك البقيه ازيك يا ياسمين تضع يدها علي كتفي وتقول انا كويسه المهم انت عامل ايه
أهز رأسي في آسي شديد ثم أعاود النظر اليها واقول فريده قبل ما تموت قالتلي اعتذرلك تندهش ياسمين ثم ترفع حاجبها وتقول يبقي اكيد حكتلها عن كل حاجه
أهز راسي بالإيجاب ثم اقول مكنش ينفع تموت من غير ما تعرف الحقيقه
تبتسم ياسمين رغم عنها وتقول انت عملت الصح انا همشي دلوقتي حبيت بس اطمن عليك وكويس اني عملالك تتبع من الفون بتاعي بعرف خطواتك كلها
تنصرف لأقول كتر خيرك
اعلم يا ياسمين انك تفعلين من اجلي الكثير ولن أنكر فضلك ما حييت
لا اريد الذهاب الي المنزل ولا اي مكان لا يوجد به فريده دم أكن اعلم اني احبها كل هذا الحب مر احدي عشر شهر تقريبا منذ ان رائيتها حدث خلالها الكثير احببت جرائتها وضحكتها وطريقتها في الكلام اعطتني الكثير في وقت صعب اعطتني حب بدون مقابل هكذا نحن لا نشعر بقيمه الاشياء الا عندما نفقدها
سنين كتير مش شوفتك فيها يا مدثر ياااااه جاء صوت من خلفي أغمضت عيني عندما سمعته هل احلم ام انه حقيقي نظرت الي حذائي الذي لم ابدله طيله هذه الأشهر لم تكن حالته جيدا
اسمع الصوت من جديد ولكن هذه المره وضعت يدها علي كتفي قائله هو انا صوتي فكرك بالشوز بتاعك لم التفت لها ولكني قلت بنبره يعلوها الاسي لا يمكن انسي اجمل هديه جاتلي في حياتي
اقتربت من وجهي وقالت الدنيا بتلف يا مدثر لا اللي فوق بيفضل فوق ولا اللي تحت بيفضل تحت ياسمين قالتلي اني الانسانه الوحيده اللي ممكن تكون محتاجها دلوقتي وانا عمري ما هنسي انت عملت معايا ايه طول السنين اللي فاتت حتي من غير ما نتقابل انت غالي عندي اووي
ابتسم رغما عني واقول وانتي كمان يا صحبه روايه حذاء مدثر
ازيك يا دعاء
تابعوني

error: