رواية مدثر للكاتب محمد حافظ

#مدثر# الجزء الحادي عشر
يظهر الفزع والخوف في عيون من حولي ليقول الكبير ادخل يا مدثر ياولدي الوكاله”، ويأمر رجاله بحمايتي وإخفائي عن العيون، وما كان مني إلا القبول وعند دخولي قام الرجال باللازم
************^^^^^**********
منزل الحج طه
يصعد هشام بسرعة إلى سطح العمارة حاملا سلاحه وخلفه قوه من المعاونين فوجد الغرفة خالية، لم ينزعج بذلك، ولكنه سأل عن منزل صاحب العمارة وكأنه لا يعلم، ليرد أمين الشرطة “بيت الحج طه في الدور التاني يا باشا”، ينزل بسرعة، يطرق الباب بقوة، ثم يفتح الحج طه في غضب ليجد هشام أمامه الذي باغته بسؤاله قائلا
“فين مدثر” وقتها أومأ الحج طه برأسه وكأنه لم يفهم ثم يقول “مدثر مين انا معرفش حد بالاسم ده”، ينظر له هشام قائلا وهو يرفع صوته “انت هتستعبط يا راجل انت” فيقوم آمين الشرطة بالاقتراب من أذنه منبها إياه قائلا “ده ابو ياسر باشا طه رئيس المباحث اللي كان قبل حضرتك”، ينظر هشام للامين متوعداً ثم قال “وايه المفروض اني اعمله اضربله تعظيم سلام مفيش حد فوق القانون يا سياده الأمين حسابه مش دلوقتي”، تخرج فريده عن صمتها وقد كانت قريبة من أبيها وهي تضع يدها فوق خصرها قائله “لا يا حضره الظابط متعملش تعظيم سلام ولا حاجه بس ده راجل كبير المفروض تحترمه وتكون تعرف تميز بين الناس”، ليقول في استهزأ “وانتي يا شاطره هتعلميني شغلي ولا ايه”، تضحك هي الأخرى في سخرية ثم تقول “لا ابدا بس مفيش حد هنا بالاسم ده منعرفش حد اسمه مدثر اتفضل خد اللي معاك وامشي من هنا”، يعجب الحج طه برد بنته و استشاط هشام غضبا وهو ينظر لفريده ليقول قبل أن يذهب من أمامهم “انا همشي بس إيّاك اعرف انه كان هنا سلام”، ينزل هشام في غضب و عجلة منه ليجد عنتر يتحدث إلى احد الأمناء وما إن رائي نزول هشام قام الأمين بضرب عنتر وهو يقول “يلا يااض من هنا بدل ما اخدك تحري”، هم عنتر بالابتعاد حتى استوقفه هشام قائلا “خد هنا انت اسمك ايه”، ليرد “اسمي عنتر اساعدت البااچا”، ينظر له هشام في غضب “وكنت عاوز ايه” ينظر عنتر إلى أمين الشرطة في خوف و ارتباك مما أثار شكوك هشام فجعل أمين الشرطة يرتعد ثم يضع هشام يده على كتف عنتر مطمئنا ليقول مبتسما و بلغة تهديد “ايه خايف منه ومش خايف مني يا عنتر اتكلم بدل معلقك في القسم وأعلّق امين الشرطه اللي انت خايف منه جنبك”، يرتعد عنتر ويقول على الفور “انا كنت بقوله ان الواد اللي انتم بتدوره عليه في وكاله الكبير لقيته بيضربني”، ينظر وقتها هشام للامين فسأله “الكبير ده هو عبد الحميد الراوي صح”، ليهز الأمين رأسه بالإيجاب في خوف دون أن يتكلم
**************************
في الوكالة من جديد
يسير هشام بمفرده إلى وكاله الكبير وقد وضع سلاحه جانبا
وأمر القوات بانتظاره، وحين اقترب وقف طارق واضعا يده في جيب ‘البالطو’ قائلا “اهلًا هشام بيه”، ثم يتقدم خطوتين ويقف أمامه في تحدي ويكمل “خير ايه اللي جابك من غير اذن”، يضع هشام يده في جيبه مخرجا سيجارة ويشعلها وهو ينظر إلى طارق، يسحب نفس منها ثم يقول “والمفروض استأذن من مين منك مثلا ولا من ابوك انا رئيس المباحث وبشوف شغلي”، ينظر له طارق ويقول “وانا النائب عن الدايره دي واحنا مش لسه هنعرف بعض واللي بِنَا كتير وميتنساش”، يرمي هشام سيجارته وكأنه مل منها ويقول “ولا انا عمري هنسي يا طارق” ثم يكمل “المهم انا دلوقتي عاوز مدثر الحسيني”، يضحك طارق ويقول “اهو جواه الوكاله” ثم يرفع صوته في تحدي قائلا “مدثر مدثر اطلع ما تخفش” لم افهم هل يمزح طارق آم يتكلم بجديه ولكن فهمت من نظرات الرجال المحيطين بي أن اطمأن واخرج، وبالفعل فعلت و وقفت أمام باب الوكالة، يضحك وقتها هشام بصوت مرتفع جدا ويقول “يابن الايه يا طارق”، ثم يكمل “انت بتغظني بقي علشان عارف اني مقدرش اقبض عليه الا بأذن من النائب العام علشان معاك حصانه وطبعا عقبال ما اجيب الاذن يكون اختفا”، “عفارم عليك يا حضره الظابط” لأول مرة يتكلم الكبير ليكمل “هو كده بالظبط واعلي ما في خيلك اركبه واتفضل من هنا من غير سلام”، شعر هشام وقتها بالإهانة أمام الجميع لدرجة انه أراد أن تبتلعه الأرض و يختفي في تلك اللحظة، و مع ذلك أبى أن يغادر في صمت ليرفع يده مودعا إياهم وهو يقول “الشاطر اللي هيضحك في الاخر وبكره نشوف
******************
منزل طه من جديد
“ينفع اللي عامله ياسر يا بابا يبلغ عن مدثر” قالتها فريده وهي تغلي من الداخل ليقول أباها “اخوكي ده من ساعه ما ساب مراته واحنا في عذاب اتغير كل تصرفاته بقت مش طبيعيه”، تخرج مريم من غرفتها وهي تسند على الحائط القريب منها لعله يساعدها في الوصول إليهم وتقول “كده ياسر بيتحدي عمي عبد الحميد وربنا يستر انا خايفه عليه اوووي”، وقتها يشعر الحج طه بالقلق على ابنه ليخرج هاتفه ويطلب رقم ياسر وحين أجاب قال طه في سرعة “ايه اللي انت عاملته ده يا بني فتحت علينا أبواب جهنم ليه بلغت عن مدثر” ثم حكى له ما حدث منذ قليل، فأقسم ياسر أن لا علاقة له بالموضوع و لكي يقنع والده قال “ازاي ابلغ عنه وهو مستخبي في البيت عندنا هو انا اتجننت مثلا واعمل كده بعد لما ضربت عليه نار هودي نفسي في داهيه..”، يسكت الحج طه وهو ينظر إلى فريده ومريم الجالستين أمامه و الفضول يقتلهم لمعرفة ماذا قال ياسر ثم يكمل حديثه لابنه قائلا “ريحت قلبي يا ياسر انا هنزل افهم الكبير زمانه حطك في دماغه دلوقتي”، ليغلق الخط بسعادة وهو يقول “الحمدلله مش ياسر اللي بلغ عن مدثر” تندهش فريده وتقول في صوت منخفض “اومال مين اللي يقدر يعمل كده اكيد حد مش من الحاره”
***************************
منزل صافيه أخت مدثر
“اخويا وحشني اوووي يا رمزي”،
“افتكرلنا حاجه عادله علي المسا يا صافيه”،
قالها رمزي وهو يلعب ‘كاندي كراش’ على هاتفه ولَم يبالي بما قالت زوجته صافيه، تنظر له وتقول في ندم “احنا قاسينه عليه اوي كله باعك وخانك يا مدثر حتي انا ده كل الخير اللي احنا عايشين فيه ده بسببه”، ينظر لها رمزي في اختناق وينهض من على مقعده قائلا “انا سيبلك البيت ونازل المعرض، خليكي انتي في ذكرياتك مع اخوكي الحرامي والنصاب”، تنفعل صافيه وتنهض هي الأخرى قائلة “اخويا لا حرامي ولا نصاب، حصلتله أزمه وقعته ودي حاجه ممكن تحصل لأي حد”، يضحك رمزي وهو يبدل ملابسه “ازمه ايه دي اللي تخلي واحد يخسر مليار جنيه في يوم وليله ده هو اصلا ثروته تعدي المبلغ ده”، تنظر له صافيه وتقول “في اول الازمه لو كنّا ساعدنا مكنش حصل ده كله” ليرد وهو يرتدي حذائه “ده لو كنّا طاوعناه كان زامنا بنشحت احنا كمان”،
“بس كان يبقي اسمنا عاملنا حاجه ” قالتها صافيه لزوجها المعدوم من الرحمة ليوشح بيده كأنه لا يكترث ويخرج من المنزل لتبقى صافيه وحيدة داخل منزلها، لم يذهب رمزي إلى المعرض كما قال لزوجته فقد اخرج هاتفه وهو يقود سيارته الجديدة ليطلب رقما ويقول “ايوووه يا موووزه حضري القاعده انا جايلك”
****^^^^^^^^^^************
الوكاله
“انت ملكش مكان هنا يا مدثر انت هتطلع على المجمع السكني الجديد هو تحت الإنشاء انا هظبطلك كل حاجه” قالها الكبير وهو يعلم انه سيدخل في معركة قريبا لأرد عليه “انا اسف يا كبير من ساعه لما جيت وانا عملك مشاكل”، وقتها ظهر الحج طه من بعيد ليقول شريف “ددده اييه اللي ججابه ددلوقتي” ليرد عليه وليد “اكيد جااي يعتذر عن اللي عمله ياسر ابنه لما بلغ عن مدثر” ثم يقف الحج طه أمامهم يلقى التحية ليرد الجميع ببرودة يطلب الإذن بالجلوس ثم يقول الكبير “هو من امتي بتستأذن يا حج” ليبدأ الحج طه مدافعا عن ياسر “مش ابني اللي بلغ يا كبير والله ما هو انا كلمته وفهمت منه” ليتكلم طارق لأول مرة “لو مش ابنك يبقي مين يا حج طه”، يقاطعه الكبير قائلا “انا كمان مقتنع ان ياسر مش هو اللي بلغ علي العموم يا خبر دلوقتي بفلوس بكره يبقي ببلاش” يقوم الكبير ويقول “بعد اذنكم يا جماعه عاوز مدثر وطارق في كلمتين خليكم مرتاحين” أنهض مع طارق خلف الكبير ليقول “اسمع يا طارق”، “اومرك يا كبير”، يضع الكبير يده على كتفي ويقول “مدثر امانه حافظ عليها انا بعت لمسعد رساله وهو عارف هيعمل ايه” ليقول طارق “انت هتقعد مدثر في المجمع السكني اللي تحت الإنشاء”، فيجيب الكبير “ايوه ده أأمن مكان لحد ما ادبر مكان يقعد فيه يلا اتكلوا علي الله مش هوصيك” ينظر لي الكبير ويقول” ما تخفش يا ولدي انا جنبك”، لأعانقه بقوة واسأل نفسي لماذا يفعل معي كل هذا ثم أودع الجميع، وطلبت من وليد أن القي التحية على الشيخ حسن ووالدته وحبيبه قبل أن أغادر
**************************
منزل الشيخ حسن
لم اعلم أن الشيخ حسن مريض إلا عندما دخلت منزله عانقتني أم وليد بقوة وتهلل وجه حبيبه وهي تقول “احنا شوفنا اللي حصل في الشارع وكنا خايفين عليك اووي بس الحمدلله ربنا ستر مجبناش سيره لبابا هو نايم تعبان جوه شويه”، استأذن للدخول في الاطمئنان عليه فيلحقوا بي جميعهم وحين ادخل “يضحك الشيخ حسن وهو يحاول أن يغادر سريره ولكني منعته، لأذهب إليه في عناق أخر ثم يقول وأنا بين ذراعيه “معلش يا مدثر يا بني مقصر معاك بس غصب عني” انظر إلى وليد وأقول “البركه في ابنك قايم معايا بالواجب كله” لتقول والدته “طبعا ده واجب عليه هو مش زي اخوك” لأتذكر عمر أخي وقتها وأقول “لا مش زي اخويا ” لتعلو الدهشة وجوههم جميعا قبل أن أكمل “ربنا عالم وليد عمل معايا اللي معملوش اخويا”، وقتها اشعر ببعض الألم في صدري ليس من جرحي الخارجي ولكن من ما فعله إخوتي، يضع الشيخ حسن يده على ركبتي ويقول “عمر الدم ما يبقي مايه يا بني دول في الاول والآخر اخواتك”، أحاول أن أغير الموضوع وأقول “المهم اني حبيت اطمن عليكم قبل ما امشي”، فتقول حبيبه في قلق “تمشي تروح فين يا مدثر”، أرد عليها “انا خلاص معدش ينفع اقعد هنا وشي بقي معروف للكل وفِي خطر عليا” ثم انظر إلى الشيخ حسن وأقول “عاوز منك طلب وياريت ما تكسفني انا عارف انه طلب غريب شويه بس انا بعتبر نفسي واحد منكم وربنا عالم بمعزتكم عندي” يضحك الشيخ ويقول “طبعا يا بني وانت كمان عندنا غالي اووي”، أتردد في بادئ الأمر ثم أقول “كنت عاوز اتكلم مع حبيبه كلمتين على انفراد هنقعد بره في الصاله”، يندهش الجميع من طلبي وتتوارى ابتسامة على وجهه حبيبه ولكنها لو عرفت الحقيقة لبكت،
يسكت الشيخ قليلا مما جعلني اشعر ببعض القلق ولكن سريعا ما ذهب حين قال الشيخ حسن “طبعا يا بني اتفضل”، ولكن ظلت علامات الاستفهام على وجه وليد وأمه، ذهبت إلى الخارج لا اعلم كيف ابدأ ولكني استجمعت قواي وتكلمت في النهاية كنت أرى السعادة على وجه حبيبه و هي لا تعلم أني أريد كسر قلبها نظرت إليها وأنا أتلعثم قائلا:
“حبيبه شريف بيحبك اووي اوعي تخسريه”،
وقتها تحول وجه حبيبه إلى وجه أخر ودمعت عينيها سريعا قبل أن تقول “بس انا مش بحبه هو انا انا”، لاقاطعها قائلا:
“عارف انك بتحبيني يا حبيبه وكنت عاوز اعرف السبب”
لترمي علي قنبلة لم أكن اتوقعها

error: