رواية مدثر للكاتب محمد حافظ
#مدثر# الجزء السابع والعشرون
“انا سمعت كلامك يا عمي وعملت كل اللي قولتي عليه ومردتش امد ايدي على عمر علشان خطرك”
قالها هشام وهو يقف بين يدي الكبير الذي لم يكن كلام هشام بجديد عليه فكان يعلم انه سوف ينفذ ما طلبه احتراما. لم يقل الكبير أكثر من “يلا كله علشان خاطر مدثر” ليعود هشام من جديد قائلا وهو يهرش في رأسه “بس طارق افترى على الواد اللي اسمه عز ده مخلاش في وشه حته سليمه” نظر له الكبير وهو يهز رأسه ثم قال في ثبات وهو ينهض “كل واحد حر ياخد حقه بالطريقه اللي تعجبه فيه اللي عاوز ياخد حقه بايده وفِي اللي ميقدرش فيجيب ناس تاخدله حقه وكمان اللي زي مدثر بيعرف ياخد حقه بدماغه كويس من غير ما يأذي حد كل واحد بيختار الطريقه اللي تعجبه” ثم ابتسم وقد اقترب كثيرا من هشام ووضع يده على كتفه ليكمل قائلا “بس فيه ناس يا ولدي مش بيعرفوا يخدوا حقهم خالص ودوّل احنا بنفتكرهم ضعفه لكن بالعكس دول بيخدوا حقهم بحسبي الله ونعم الوكيل يعني بيوكل ربنا ياخد له حقه وما ادراك ايه هي دعوة المظلوم عاجل وأجل علشان كده مش بحب الظلم بس ساعات بنحكم بسرعه وبنرجع نندم” يبتسم هشام ويقول “كلنا بنتعلم منك يا كبير” يضحك الكبير ويقول “اللي تتعلمه بجد هو من مدثر مش انا”
**************************
جلس عمر في منزله ايّام طويلة دون أن يخرج فأصابه الاكتئاب، رفض مقابلة أي أحد ينتظر الحكم الذي لم يصدر بعد ينظر إلى هاتفه منتظرا قرار بإقالته كان يعلم ان هذا سوف يحدث عاجلا أم أجلا لكن هذه المرة وجد رسالة عبر الواتس كان محتواها: *افتح الباب يا عمر انا مدثر*
تردد كثيرا أن يفعل كان يعتقد أني سوف أتشفى فيه وقد ربحت المعركة ولكنه اراد أن يواجه وان خسر بعض الجولات فهناك الكثير تحرك ليفتح الباب دخلت لأرى فوق وجه تعب السنين لم أقل شيء الي أن جلست لأبدأ كلامي “ازيك يا عمر عامل في نفسك كده ليه” يبتسم رغم عنه ويقول “انت جاي تقولي ازيك هات من الاخر” انهض من مكاني واذهب لأجلس بجواره ملتصقا به واقول “مفيش اخر يا عمر لو انت هتأذيني انا مقدرش اعمل كده ولا اي مخلوق يقدر يقربلك لا انت ولا اخواتك مهما عملتوا فيا عارف ليه ياعمر” ينظر لي وعلى وجهه علامات الاستفهام ليقول “ليه يا مدثر” أخبط على ركبته واقول “علشان خاطر امك اللي ربتني لو انت مش شايفني اخوك فأنا بحافظ على الامانة اللي سبتهالي”، “اه يعني انت جاي تعمل الملاك اللي بجناحين وانا الشيطان على العموم متشكر اوي تقدر تتفضل تمشي دلوقت” قالها عمر بمنتهي القسوة ولَم يكن مني سوي اني جذبته من قميصه قائلا “انت جايب قسوه القلب دي منين انت لا يمكن تكون بني ادم بقي انا بدافع عنك وعملت المستحيل علشان محدش يأذيك وتفضل في شغلك ودلوقتي بتطردني” لم اشعر وقتها كيف رفعت يدي إلى اعلى لاهوي بها على وجهه بصفعة سالت على اثارها الدماء من وجهه لم اقوي بعدها على النظر اليه ولكنه لم يتحرك او يفعل شيء اتجهت إلى الباب ليمسك كتفي ويقول وهو يبكي “يعني مدكور مبلغش عني” الف جسدي وانا انظر اليه باستحقار قائلا “متخفش حتي مدكور اخد جزائه ضرب علشان لو هشام كان اخده القسم هيتعملوا قضيه شروع في قتل وهيبلغ عنك انت وابن عمك مكنش ينفع نعمل معاه حاجه علشان خطرك ربنا يهديك لنفسك بس عارف يا عمر في حاجه نفسي افهمها انت بتكرهني ليه اوي كده ده انا اخوك يا اخي” لم انتظر الرد ولكني خرجت مسرعا من المنزل اشعر باختناق يمليء صدري ودموع تمليء عيني
**************************
“بقي انتي ياروح امك شغاله مع مدثر وبتقليله اخباري مش كده”
قالها عاصم وأمامه ياسمين مكبلة اليدين والقدمين بعد ان خطفها واعتدى عليها بالضرب والسب تبكي امامه ولَم تجد الرحمة منه لتقول والدماء تمليء وجهها “اه شغاله معاه” يضحك عاصم وبجواره رأفت الذي وجد ضالته معه بعد ان باع رمزي ومنه مدثر فتقرب من عاصم بعد ان شاهد ياسمين تقف بجواري بعد موت فريده مما جعل عاصم يراقبها جيدا ويأخذ حذره منها سحب عاصم نفسا من سيجار ضخم بين يديه وألقي انفاسه على وجه ياسمين قائلا “لو مش عاوزه تموتي يبقي تحكيلي كل حاجه بالتفصيل الممل” يقترب رأفت ايضا ويجذب شعرها في قوة وهو يصرخ في وجهها قائلا “انطقي واوعي تكوني فاكره سبع البرومبه بتاعك هينجيكي من ايدينا” تضحك ياسمين بهيستريا وتقول “بتتشطر على واحده يا رأفت روح اتشطر على اللي ضربوك بالجزمه في وشك وسبع البرومبه ده هتشوف هيعمل فيكوا ايه يا ولاد ال…….” يلكمها رأفت عدة لكمات على وجهها تفقدها وعيها بعد ان جرحت كرامته المعدومة ينظر عاصم اليها في غضب ثم يهوي على رأسها بزجاجة مياه كانت بجواره تسارعت انفاس ياسمين ولكنها بدت قوية يسمع عاصم هاتف ياسمين فيخرجه من حقيبتها ليجد رسالة غريبة من مدثر محتواها:
*مش عاوز اشوف وشك تاني انتي فاهمه*
يضحك عاصم فيقترب منه رأفت ليري هو ايضا الرسالة تنظر لهم ياسمين بدهشة ليقول عاصم “ده اللي انتي بعتيني علشانه اهو بعتلك رساله بيقولك مش عاوز اشوف وشك تاني انتي فاهمه” تنظر له ياسمين وتقول “بعتني يا مدثر بعد كل اللي عملته علشانك انا هحكيلك على كل حاجه يا عاصم بس توعدني انك تخليني اخد حقي من مدثر” يقترب عاصم من ياسمين ويفك يدها قائلا:
“اهو كده تعجبيني وانا اوعدك تخدي طارك منه قريب”
**************************
“ازيك دلوقتي يا مروه”
قالتها هايدي وهي تقترب لتعانق اختها في قوة ثم اكملت “سامحيني يا مروه انا ظلمتك” تبتسم مروه وتقول “خلينا نفتح صفحه جديده بس الاول عاوزه ادفع تمن غلطتي وارجع لصاحب شركة الادويه فلوسه” تضحك هايدي وتقول “مفيش فلوس هتدفع انا رجعتله الشيك بتاعه ومفيش شرط جزائي” تندهش مروه من كلام هايدي وتقول “انا مش فاهمه حاجه قصدك ايه” لتقص عليها ما حدث منذ ان أنقذها مدثر إلى الان وفِي غرفة قريبة من غرفة مروه جلس ياسر بجوار اخته مريم ايضا وقد اخذ معه بنته نور التي تحبها مريم كثيرا حاول ان يواسيها قدر المستطاع وما كان منها الا السكوت وهي تضع يدها على شعر نور تدمع عينيها فقط تتذكر فريده بملامحها وكلامها ووصيتها والحمل الثقيل التي رمته فوق كتيفها ضمها ياسر إلى صدره وقد بدا عليه الحزن مما رأى مريم عليه ثم ينهض بعد ان تلقي رسالة قائلا “انا همشي دلوقتي يا مريم وهبقي ارجعلك تاني يلا يا نور” لم تتحرك نور خطوة واحدة ليعيدها عليها ياسر لكن دون جدوي ليلاحظ ان مريم تتشبث بها ولا تريدها ان تذهب ينظر لها ياسر قائلا “خلاص يا مريم خالي نور معاكي ولما اخلص شغل هرجع اخدها” ترفع مريم عينيها وتنظر إلى ياسر قائلة “عاوزه اشوف مدثر”
**************************
منزل الشيخ حسن
“والله مدثر ده ما يستاهل كده ابدا استحمل كتير”
قالها وليد ليرد عليه شريف قائلا “ممععاك ححق وككمان مموت ففريدده ققصصر فيه ججدا”، “الواد ده جبل بجد الله يكون في عونه” قالها الشيخ حسن وهو ينظر إلى وليد الذي قال “مع كل ده سامح اخواته ومش شايل منهم بس هايدي طيبه اووي مش عارف ايه اللي خلاها تمشي معاهم في السكه دي” تنظر له حبيبه وقد فهمت ما يرمي اليه اخيها لتقول مداعبة “اه هي طيبه ربنا يرزقها بابن الحلال” يرتبك وليد لما قالت حبيبه ويحاول ان يغير الموضوع قائلا “اومال انتم هتتجوزا امتي اظن كفايه كده فات على موت فريده فتره” يقاطعه الشيخ حسن قائلا “دي أصول يابني ودوّل مش جيران بس دول عيشره برضوا وأهل هنستني شويه مع ان مدثر والكبير قالولي كفايه كده وخليهم يتجوزوا” يبتسم شريف ويقول “اللي اانت ششايفه ييا شيخ ححسن” تنهض حبيبه وتقول “صح كل تأخيره وفيها خيره يمكن يبقوا فراحين مش كده يا وليد” ينظر لها وليد قائلا “قصدك ايه يا حبيبه” تضحك وتقول “يمكن انت كمان تتجوز معايا” يقاطعها والدها ويقول “مش لما يلاقي عروسه الاول” يبتسم شريف وقد فهم ما تقصده حبيبه ليقول:
“ووليد ببيححب ههايددي اخخت ممدثر”
*************************
“الدولار بقي نار”
بهذه الجملة بدأ جاسر حواره التلفزيوني ليكمل:
“كل حاجه اسعارها ولعت بسبب الارتفاع الجنوني للدولار بعد تعويم الجنيه المصري وقفز في خلال الفتره دي للضعف تقريبا يعني الحاجه اللي تمانها جنيه بقي اتنين وتلاته والموضوع زاد اوي في أسعار السيارات المستوردة من الخارج وخلا اصحاب الشركات يبقوا في ازمه حقيقيه من الوضع ده بعد لما كانوا ارتاحوا من مدثر الحسيني والسوق فضي ادامهم واخدوا راحتهم شويه معداش سنه وجتلهم المصيبه دي وهما اخدين قروض بملايين الدولارات بالسعر القديم دلوقتي هيضطروا يرجعوها بالسعر الجديد يعني مثلا اللي كان اخد عشره مليون دولار كانوا عاملين بالمصري تمانين مليون جنيه النهارده مطالبين يدفعوا ميه وستين مليون جنيه يعني هيتعرضوا لخساره فادحة جدااا الفتره اللي جايه..”
كنت أراقب جيدا ما يقوله جاسر واحمل في يدي قلم وبعض الأوراق أدوّن فيها بعض الملاحظات ابتسمت ووضعت الورقة في جيبي لاقول:
“ناس خسرت ملايين وناس تانيه كسبت مليارات، يعني اللي حول فلوسه لدولارات من سنه كسب الضعف دلوقتي حلو اووي كده”، أحدث نفسي من جديد واقول:
“هانت يا مدثر”..
*تـــــابعونـــــي*