رواية عزلاء أمام سطوة ماله للكاتبة مريم غريب

( 22 )

_ قصر عائم ! _

تحت نهار شتوي ساطع … تخرج “سمر” من بيتها ، يداهمها خوف غريب من مواجهة الجمهور

تشعر أن كل من سينظر لها و هي تسير سيعرف بالحقيقة .. إلي أين هي ذاهبة ؟ ماذا فعلت ؟ و ماذا ستفعل ؟ .. الجميع سيدري بالجريمة التي إرتكبتها !!!

ضمت ياقتي ردائها الصوفي حول عنقها و هي تشعر بإرتجافة في جسدها بسبب التوتر لا البرد الذي يغلف الأجواء

و بينما هي تمر من أمام محل الجزارة ، سمعته ينادي بإسمها ..

-أنسة سمر !

إلتفتت “سمر” إلي الصوت المألوف ، لتجده “خميس” يبتسم و هو يهرول صوبها بسرعة ..

-إصباح الخير يا أنسة سمر .. قالها “خميس” بنيرة تزخر باللهفة و السرور

لترد “سمر” بصرامة ممزوجة بالجفاء :

-صباح الخير يا خميس . نعم عايز حاجة ؟؟

أجفل “خميس” و هو يجيبها بإرتباك واضح :

-آا لأ مـ مش عايز . أنا بس كنت حابب أتأسف علي إللي حصل بيني و بين الأستاذ فادي . أنا ماكنش قصدي أتعارك معاه و الله بـ آاا ..

-حصل خير يا خميس .. قاطعته “سمر” بجمود ، ثم قالت بإقتضاب :

-أنا لازم أمشي دلوقتي . عن إذنك.

خميس و هو يرمقها بحزن :

-إتفضلي !

مشت من أمامه مسرعة ، بينما وقف بمكانه يتابعها بعيناه في تخاذل حتي توارت تماما ..

-بردو مش هزهق يا سمر .. تمتم “خميس” لنفسه ، و أكمل بإصرار :

-أنا بحبك . طول عمري بحبك و محدش هيقدر ياخدك مني أبدا !

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• ••••••••

في قصر آل”بحيري” … يستيقظ “مراد” من نومه و ينزل للأسفل فلا يجد أحد من أهل البيت و مائدة الفطور فارغة بصورة غير إعتيادية

يهز كتفاه بعدم إكتراث ، ثم يتجه إلي غرفة “عثمان” و يدخل دون أذن كعادته

ليجده في غرفة الثياب خاصته يقوم بإعداد حقيبة صغيرة بعد أن إنتهي من إرتداء ملابس عصرية جدا مؤلفة من كـِـنزة صوفية بيضاء ، و سروال من الچينز القاتم ، و حذاء جلدي ذو رقبة أسود اللون من العلامة التجارية Geox ..

أطلق “مراد” صفيرا عاليا و هو يقترب منه و يقول بدعابة :

-إيه الشياكة إللي علي الصبح دي يا جدعان ! أكيد مش ممكن تكون رايح الشركة باللبس الشبابي ده يا چان عصرك . أومال فين البدلة يا عم ؟ و إيه الشنطة دي ؟!

حدجه “عثمان” بنظرة جانبية و هو يقول :

-من الذوق و الأدب إنك تستآذن قبل ما تدخل علي حد أوضته . يا قليل الأدب.

مراد بسخرية :

-يابني أنا الأدب ده معداش من جمبي أصلا ! .. ثم سأله بفضول :

-المهم قولي . رايح فين كده و واخد معاك شنطة هدومك ؟!

عثمان بفتور :

-و إنت مالك يا مراد ؟ إنت مالك أنا رايح فين ! .. ثم أبعده من أمامه بيده و توجه نحو ركن الزينة الخاص به

-لا ياخويا مانا زنان و مش هاسيبك إلا أما تقولي علي فين العزم كده ؟

تآفف “عثمان” بضجر و هو يختار نظارة من مجموعة نظاراته الشمسية الفاخرة ، ثم قال بضيق شديد :

-طيب يا زنان هقولك بس بمزاجي .. هغيب يومين كده و راجع تاني إن شاء الله.

-مسافر يعني ؟!

عثمان و هو ينتقل لقسم العطور الثمينة :

-لأ مش مسافر . و كفاية عليك كده . ماتسألش تاني خلاص.

مراد بشك :

-شكلك رايح تعمل مصيبة ما يعلم بيها إلا ربنا.

ضحك “عثمان” و هو يأخذ من درج العطور قنينة الـJimmy Choo ، ثم قال و هو يرش منها بغزارة :

-بذمتك يا شيخ . ده شكل واحد رايح يعمل مصيبة ؟

-ما هي بتبدأ كده.

-و بعدين !

-و بعدين بضلم بعيد عنك.

إنفجر “عثمان” في الضحك أكثر و قال :

-لأ ماتقلقش ياخويا . مش هضلم . مش هضلم خآاالص .. ثم سأله بجدية :

-صحيح إنت كنت جاي عايز إيه ؟ في حاجة ؟ مش عوايدك تصحي بدري !

مراد بجدية مماثلة :

-أبدا كنت جاي أشوفك عامل إيه ! مانا سايبك إمبارح و إنت في حالة مش حلوة خالص . كلام صالح يضايق أنا عارف . و أنا شخصيا إتفاجئت بيه زيك بالظبط.

تنهد “عثمان” ثم إستدار ليواجهه و هو يقول بعدم إهتمام :

-أنا مش زعلان منه . هو معذور بردو إللي حصله مش قليل . و عموما أنا عارف إنه مايقصدش و هي فترة صعبة عليه و هتمر و في الأخر هيوافق يتعالج.

ثم إتجه نحو حقيبته الصغيرة قبل أن يفتتح “مراد” حديثا أخر و يؤخره عن ميعاده ..

حملها علي كتفه ، ثم قال بإبتسامة مفعمة بالحماسة الملتهبة :

-أوووك يا صاحبي ! بــــــــاي بقي و إلي اللقآااااااء.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••

في المركز الطبي الخاص حيث تتلقي “ملك” العلاج هناك … تصل “سمر” و تمر علي مكتب الطبيب أولا

-أنا آسفة جدا علي التأخير .. قالتها “سمر” بإعتذار ، ثم سلمته مظروف ضخم و هي تكمل :

-إتفضل حضرتك . ده حساب الأيام إللي فاتت و معاه باقي حساب الأسبوع إللي فاضل.

الطبيب مبتسما بنفاق :

-أنا إللي آسف إذا تعبتك أو أزعجتك يا أنسة سمر . بس أكيد حضرتك عارفة دي حاجة غصب عني . الإمكانيات هنا مكلفة أووي و كل يوم ببعت أطلب من برا معدات جديدة و آدوية كمان.

سمر بإبتسامة مصطنعة :

-و لا يهمك يا دكتور . أنا فاهمة . و في الأخر ده حقك و لازم تاخده .. ثم إنتقلت للحديث عن أختها :

-و ملك عاملة إيه دلوقتي ؟ حالتها إزيها ؟!

-لا حضرتك الحمدلله . حالتها مستقرة أوي لحد دلوقتي و أحرزنا تقدم كبير معاها . بس أكيد علي أخر الإسبوع لما تنتهي جلسات العلاج هتتحسن أكتر و أكتر و يمكن تروح معاكي كمان.

تنهدت “سمر” براحة شديدة و قالت :

-الحمدلله . ربنا يكمل شفاها علي خير .. ثم أردفت بتساؤل :

-طيب أنا ممكن أشوفها ؟

الطبيب برحابة :

-أه طبعا ممكن . إتفضلي معايا .. و واكبها لغرفة الحضــَّانات المليئة بالعديد من الأطفال الذين يعانون مما تعاني منه “ملك”

دخلت “سمر” خلف الطبيب و راحت تبحث عن أختها

وجدتها أخيرا في المنتصف ، كانت راقدة في سريرها الصغير المغطي بغلاف زجاجي شفاف موصل ببعض الأنابيب البلاستيكية ..

-هي نايمة علطول ؟ .. تساءلت “سمر” و الدموع تترقرق بعينيها ، ليجيب الطبيب بنبرته الهادئة :

-لأ طبعا . بتصحي و بتاكل و بتشرب عادي جدا . بس الممرضة لسا مأكلاها و منضفاها عشان كده نامت.

نظرت “سمر” إلي وجه شقيقتها المستدير ، و تأملت بفرحة خديها البارزين المخضبين بالحمرة ..

و كم أرادت أن تحملها في هذه اللحظة و تضمها بقوة إلي صدرها ثم تبكي بعد ذلك ، و لكنها تماسكت و طردت شعور الوهن قبل أن يطغي عليها كليا و يجعلها تنهار

ليأتي صوت الطبيب في اللحظة المناسبة تماما :

-علي فكرة طلعلها سنتين من فوق . تعبتنا أوي الأيام إللي فاتت و ماكنتش بتنيم حد خااالص.

نظرت “سمر” له و هي تقول بإبتسامة حزينة :

-بجد ؟ .. أكيد نفسي أشوفهم . حبيبتي وحشتني أووي !

و هنا دق هاتفهها ..

لتتجهم فجأة و كأنه ناقوس الموت هو الذي يدق معلنا عن حلول موعد إعدامها ، أو بالأحري موعد إعدام براءتها ، شرفها ، مبادئها ، أخلاقها !!!

-ألو ! .. هكذا ردت “سمر” بصلابة شديدة ، ليأتيها صوته الكريه فورا :

-إيه يا بيبي ! فينك ؟ أنا واقف مستنيكي في المكان إللي إتفقنا عليه . إتأخرتي ليه ؟؟؟

سمر بإقتضاب :

-أنا جاية.

الأخير بضيق :

-قدامك أد إيه ؟

-عشر دقايق و هكون عندك.

-أوك . مستنيكي !

أغلقت “سمر” الخط و هي تشعر بالحريق ينشب في كل إنش من جسدها ..

ألقت نظرة أخيرة علي “ملك” و تمتمت بصوت منخفض للغاية لا يسمعه إلا هي :

-أنا بعمل كل ده عشانك . إنتي بالنسبة لي أهم حاجة في الدنيا . و مستعدة أفديكي بروحي يا حبيبتي !

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

بعد بضعة دقائق تجاوزت العشرة التي وعدته بهم … كانت تستقل سيارة آجرة ، سارت بها في شوارع الإسكندرية الحية المضيئة

حتي توقفت عند إحدي الميادين الشهيرة بحسب تعليماتها ..

نظر إليها السائق من خلال المرآة الأمامية و هو يقول بصوته الخشن :

-وصلنا يا آنسة !

زمت “سمر” شفتيها بشئ من العصبية ، ثم فتحت حقيبتها و أخرجت الآجرة و أعطتها له

نزلت من السيارة و هي تتلفت حولها باحثة عنه ..

كانت تريد أن تعثر عليه بسرعة لتقي نفسها من نظرات المارة ، إذ خيل إليها أن الجميع يترصدها جيدا في إنتظار اللحظة الموعودة ليتم ضبطتها و هي ترتكب الجُرم المشهود !!!

و أخيرا لمحته ..

كان يجلس بسيارته المصفوفة علي جانب الطريق ، ما أن تأكد أنها رأته أخذ يلـوَّح لها بيده و هو يبتسم تلك الإبتسامة الشيطانية

مشت ناحيته و هي تقدم ساق و تؤخر الأخري … جاهدت لتحظي ببعض الثقة ، و لكنها معدومة ..

الثقة معدومة في هذا الموقف الذي وضعت نفسها به ، لا يحق لها التصرف بكبرياء ، لا يحق لها إدعاء العفة أو الشرف ، لا يحق لها التمنع ، حتي لا يحق لها التراجع

لقد سارت بدرب لا عودة منه ..

مسار واحد فقط ، محفوف بالأشواك و الألغام .. إنها الآن تمشي علي الجمر و تدوس في الوحل بنفس الوقت

اليوم ستموت “سمر” البريئة العفيفة ، و ستولد أخري آثمة مهما فعلت ، لن تستطع محو خطاياها ..

-أخيرا وصلتي ! .. قالها “عثمان” عندما إستقلت “سمر” بجانبه في السيارة المكشوفة التي لا تتسع سوي لفردين

-إيه العربية إللي جايبها دي ؟ .. غمغمت “سمر” بحنق شديد و أكملت :

-فين عربيتك ؟ إزاي تيجي بعربية زي دي ؟ إنت متعمد تعمل كده يعني ؟!

عثمان بدهشة :

-إيه إيه إيه ! إهدي شوية . مالك بس ؟ إيه إللي مش عاجبك في العربية ؟؟؟

سمر بغضب :

-مكشوفة حضرتك . مكشوفة . إفرض حد شافني معاك ؟ هقول إيه ساعتها ؟!

إبتسم “عثمان” بخفة ، لتظهر أسنانه البيضاء ، ثم قال بعذوبة :

-سمر يا حبيبتي . Take it easy . ماتخافيش . أولا المكان ده بعيد جدا عن بيتك و عن منطقتك كلها . ثانيا دي مش أول مرة تركبي معايا في عربيتي . و فرضا لو صادف و حد من معارفك شافنا تقدري ساعتها تطلعي مليون حجة مش حكاية هي يعني . و يا ستي لو مضايقك أوي موضوع إنها مكشوفة و لا يهمك . هقفلهالك دلوقتي حاضر.

وضغط علي أحد الآزرار باللوحة المثبتة علي يمين عجلة القيادة ، لينطلق سقف السيارة تدريجيا و يحجب عنهما ضوء النهار ..

رمقته “سمر” ببغض شديد ، ثم أشاحت عنه بسرعة ، بينما إبتسم بإتساع أكبر و هو يشعر بالمرح حيال الوضع برمته

تنهد “عثمان” تنهيدة مطولة ، ثم شغل محرك السيارة و إنطلق عبر الحشود الكثيفة ..

إلي أن بدأ عدد السيارات و الناس يقل ، و بدا أنهما يقتربا من الحافة الغربية للمدينة بإتجاه البحر

أوقف “عثمان” السيارة عند مرسى المراكب و إلتفت إليها قائلا بأمر :

-إنزلي.

إنصاعت له دون أن تفه بحرف ، لينزل هو الأخر و يمشي ناحيتها

قبض علي معصمها برفق ، ثم سار بها علي إمتداد صف طويل من اليخوت البيضاء الراسية في ماء البحر الذي جعله النهار أزرق شفاف كالجواهر المشعشعة ..

توقف “عثمان” عند يخت معين ، بدا أكبر و أكثر جلالا من البقية ..

تركها جانبا و تقدم بضعة خطوات بعيدا عنها

نزع نظارته الشمسية و أخذ ينادي علي سائس اليخت ، ليظهر شاب هزيل في اللحظة التالية ، إبتسم تلقائيا حينما رأي “عثمان” و نزل من اليخت بسرعة و قفز أمامه برشاقة ..

ليصافحه “عثمان” بود قائلا :

-إزيك يا ناجي ؟ أخبارك إيه ؟

ناجي بإبتسامة واسعة :

-تمام يا عثمان باشا . أنا بخير بفضل سيادتك عليا .. ثم قال مفتخرا بنفسه :

-أنا جهزت كل حاجة و عملت كل إللي حضرتك أمرتني بيه إن شاء الله هتتبسط مني.

ربت “عثمان” علي كتفه بلطف و هو يقول :

-متشكر يا ناجي . أنا علطول مبسوط منك .. ثم أخرج بعض النقود من چزدانه و طواهم بيد “ناجي” مكملا :

-خد دول و مع السلامة إنت بقي . لما أرجع هبقي أكلمك تيجي تستلم مني.

إبتسم “ناجي” و هو يضع النقود بجيبه و يقول :

-ماشي يا باشا . أنا تحت أمرك في أي وقت.

و غادر ..

لينظر “عثمان” نحو “سمر” و يشير لها برأسه لتأتي

تقدمت صوبه ، فأمسك بيدها و ساعدها علي صعود درجات اليخت ، ثم ذهب ليحل عقدة الحبل الضخم عن رصيف المرسى و لحق بها بسرعة ..

يتكون اليخت من أربعة طوابق هرمية الشكل … أول طابق به مصعد للتنقل و ثلاث حجرات للضيوف و حمام و قاعة داخلية تتضمن بنشات و مقاعد طولية مصنوعة من خشب السنديان المصقول

الطابق الثاني به حوض سباحة و صالة رياضية و غرفة بخار و بار كبير مزود بكافة و أفخر أنواع الخمور

و الطابق الثالث به جناح المالك مجهز بالكامل ، و غرفة للجلوس و قاعة خارجية تحتوي علي مشمسة كبيرة و شاشة تلفاز بلازما ، و يتميز هذا الطابق بنظام صوتي بصري يتحكم بالإضاءة و الستائر و المكيفات

أما الطابق الرابع فيتضمن المقصورة و غرف طاقم اليخت ..

صعدا معا إلي الطابق الرابع ، ليتركها “عثمان” و يتجه إلي غرفة التحكم

كانت تراقبه صامته فيما كان يجهز اليخت من أجل الرحيل ، لم تكن تري منه إلا ظهره العريض من خلال الشرفة المفتوحة ..

ليستدير إليها بعد قليل و يقول بإبتسامته الجذابة :

-يلا يا سمر . قاعدة عندك كده ليه ؟ إنزلي الدور إللي تحت ده علطول هتلاقي أوضة و كل إللي إنتي عايزاه . إتصرفي علي راحتك خالص و أنا هظبط شوية حاجات هنا وجايلك.

إبتلعت ريقها بصعوبة ، و غام كل شيء من حولها بسبب عنف صوت نبضات قلبها في أذنيها ، و لكنها و بشئ من الخوف و التردد إستمعت له و هبطت إلي الطابق الثالث ..

لم تكن مأخوذة أو مبهورة بجمال هذا المكان المذهل ، لو لم تكن في وضع كهذا حتما كانت ستسعد برؤية هكذا مناظر ..

و لكن لا .. هي مرتعبة ، فقط مرتعبة ، عقلها لا يعمل

الخوف وحده هو الشئ الوحيد الذي عرفته خلال تلك اللحظات … و أخيرا وجدت صعوبة في التحرك من مكانها ، فظلت واقفة بلا حراك ، حتي آتي هو ..

-إيه ده إنتي لسا واقفة عندك ؟ .. قالها “عثمان” بدهشة كبيرة و هو يتجه نحوها

بينما ثبتت علي وضعها متحاشية النظر إليه ..

-إيه مالك ؟ .. تساءل بغرابة ، لترد بإرتباك :

-مـ مافيش . بس .. بتفرج علي المكان.

إبتسم عثمان و هو يقول بتفاخر :

-المكان فعلا عظيم . المهم يكون عجبك !

سمر بنفس الإرتباك :

-عجبني.

-ماعندكيش فكرة أنا عرفت أشتري اليخت ده إزاي . كنت في إطاليا السنة إللي فاتت و شفت صورته في كتالوج هناك كان غالي أوي بس عجبني و قررت لازم أشتريه . دفعت كتير جدا عشان أشحنه لحد هنا كمان . بس هو يستاهل بصراحة.

أومأت بشئ من العصبية لتجاري حديثه الكريه مثله تماما ، بينما تنهد و قال و هو يشير بسبابته إلي غرفة النوم :

-أوضة النوم إللي هناك دي يا سمر . إدخلي غيري هدوك إعملي أي حاجة عشان نلحق نتغدا سوا قبل ما الشمس تغيب . لسا في حاجات كتير هنعملها سوا.

عقدت حاجبيها و هي تقول بتوتر :

-هدوم إيه إللي هغيرها ؟ أنا ماجبتش معايا هدوم.

عثمان بضيق شديد :

-إنتي بتقولي إيه بس يا سمر ؟ إزاي ماتجبيش معاكي هدوم ؟ يعني هتفضلي كده طول اليوم ؟ إزااي ؟؟؟!!

-زي الناس ! .. قالتها “سمر” بإستهجان ، ليرفع حاجبه بدهشة

بينما تململت بضيق و هي تحاول أن تصوغ عبارتها الفائتة :

-مش مشكلة . أنا مش هكون مضايقة .. عادي.

صمت قصير .. ثم قال “عثمان” بغموض :

-طيب .. إذا كده بقي أنا إللي هغير هدومي . و خليكي إنتي هنا لحد ما أرجعلك . و لا تحبي تيجي معايا ؟

سمر بنفي قاطع :

-لأ ماحبش . إتفضل إنت . أنا هستناك هنا.

أومأ “عثمان” دون أن يتكلم ، ثم أخذ حقيبته متوجها صوب غرفة النوم ..

لكنه غافلها أثناء مروره البارد بمحاذاتها ، و إستدار فجأة قابضا علي خصرها

و بحركة سريعة من يده الماهرة ، حل عقدة حچابها عن رأسها

ليتحرر شعرها الحريري من عقاله ، و ينسدل كشلال أسود حول وجهها و علي طول ظهرها ..

-واااو ! ده شعرك بجد ؟ .. قالها “عثمان” بإنبهار شديد و هو يعبث بخصلاتها و يشبكهم بين أصابعه

لتصرخ “سمر” بقوة حين شدد قبضته علي شعرها من فرط حماسته ، بينما ضحك بقذارة ، ثم قال :

-أحب أوي العمليات الإستكشافية دي .. يا تري الدور علي إيه بعد كده ؟ هستكشف فيكي إيه تاني الليلة دي يا بيبي !

رمقته بتقزز و في نفس الوقت إنكمشت خائفة من إلتماع البريق الشيطاني بعينيه !!!

error: