رواية عزلاء أمام سطوة ماله للكاتبة مريم غريب

( 3 )

_ حادث مدبر ! _ :

صباح يوم جديد ..

إستيقظت “سمر” من نومها عندما شعرت بشعاع حار يضرب في وجهها و يلسع جلدها الرقيق لسعات متواصلة بلا توقف ، فتحت عيناها بتثاقل و إنزعاج ، لتكتشف إنها الشمس تسللت خيوطها الذهبية عبر شباك غرفتها الموارب لتوقظها ، و عندما لم تستجيب لسعتها بآشعتها الحارقة لتعاقبها ..

تثاءبت “سمر” بكسل و هي تتحرك في الفراش بعيدا عن آشعة الشمس ، و عقدت حاجبيها فجأة بإستغراب ، لقد نبهت “فادي” البارحة أن يأتي و يوقظها في المساء لكي تعطي “ملك” بنفسها جرعة دوائها .. لماذا لم يفعل ؟ لماذا تركها نائمة كل هذا الوقت ؟ لا يمكن أن يكون قد نسي !!

قامت “سمر” من فراشها ، و إتجهت للخارج بخطوات غير متزنة نسبيا

وجدت “فادي” بالصالة ، يقف هناك حاملا “ملك” التي كانت تبكي و تصرخ بشدة ، و يحاول أن يجعلها تهدأ ..

-في إيه يا فادي ؟ .. قالتها “سمر” بتساؤل و هي تمد ذراعيها لتأخذ منه “ملك” ..

أجاب “فادي” حائرا و هو يناولها الطفلة :

-مش عارف مالها ، أنا صحيت من شوية علي عياطها قلت جعانة فأكلتها ، دلوقتي بقي لاقيتها عيطت تاني ، شكلها لسا جعانة .. ثم أكمل بغضب :

-بس أكلها خلص.

سمر بإستغراب :

-إنت مش بتقول أكلتها ؟ يعني شبعت !

فادي بضيق :

-لأ .. علبة اللبن بتاعتها ماكنش فيها كتير.

زمت شفتيها بتفهم ، ثم قالت :

-طب إستني.

و ذهبت بالصغيرة نحو غرفتها ، لتعود بعد لحظات و هي تمد يدها له ببعض النقود قائلة :

-خد ، إنزل هاتلها علبتين لبن و شوف لو الدوا بتاعها ناقص هاتلها غيره و كمان لو مافيش بامبرز هات.

نظر “فادي” إلي النقود ، ثم لأخته و هو يقول بدهشة :

-جبتي الفلوس دي منين يا سمر ؟ .. و أردف بإبتسامة واسعة :

-معقول صرفولك فلوس بابا إمبارح ؟؟

سمر بفتور :

-لأ طبعا.

فادي بتعجب :

-أومال إيه دول كلهم ؟ جبتيهم منين ؟!

سمر بكدر :

-ما أنا قلتلك إمبارح إبقي صحيني بليل عشان أحكيلك علي إللي حصل إنت إللي سيبتني لحد دلوقتي.

-علي فكرة جيت أصحيكي مرتين إمبارح ، مرة عشان تدي ملك الدوا زي ما قولتيلي و مرة عشان نتعشي سوا ، بس إنتي إللي مارضتيش تقومي ، قلت جايز تعبانة فسبيتك تنامي براحتك و خدت ملك تنام معايا .. ثم سألها بإهتمام :

-قوليلي بقي إيه إللي حصل ؟؟؟

تنفست “سمر” بعمق ، ثم حكت له ما حدث بإيجاز شديد ..

-إيه ده ؟ إزاي يعني ؟ .. قال “فادي” بعدم فهم ، و تابع :

-يعني المدير و لا صاحب الشركة إللي قابلتيه ده قالك مالكوش عندنا حاجة و بعدين قالك هشغلك عندي سكرتيرة ؟!!

سمر شارحة له :

-لأ يابني ما قالش مالكوش عندنا حاجة ، قال إن بابا كان عامل مش موظف و عامل بالآجرة كمان ، أه كان بيعمل صيانة علي المصاعد كل شهر و كان بياخد مرتب بس إسمه مش في سجلات التوظيف يعني مالوش أولويات الموظفيين الفعليين إللي بيشتغلوا هناك ، فهمت ؟

عبس “فادي” قائلا :

-فهمت .. و إنتي ناوية تقبلي الشغلانة دي يعني ؟؟

سمر بتأكيد :

-أيوه طبعا ، إحنا محتاجين فلوس عشان نعرف نعيش أنا و إنت و ملك ، و الراجل كتر خيره حب يساعدني بطريقة كويسة جدا ، هشتغل و أجيب فلوس بجهدي ، إيه إللي يخليني أرفض مساعدته بقي ؟ .. ثم صاحت بإستذكار :

-و أه كنت هنسي أقولك .. إحنا مش هنسيب البيت ، أنا إمبارح عديت علي الست زينب مرات عم صابر و أشتكتلها منه ، و هي قالتلي هتتصرف معاه و مش هتخليه يجي يضايقنا تاني.

صمت “فادي” قليلا ، ثم قال بعدم إرتياح :

-أنا مش مطمن يا سمر .. مش عارف ، في حاجة مش مريحاني في حكاية شغلك دي !

سمر بإبتسامة مطمئنة و هي تربت علي كتفه :

-ماتقلقش يا فادي .. و اطمن ، كل حاجة هتبقي كويسة بإذن الله.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••

في قصر آل “بحيري” .. داخل حجرة الطعام الفاخرة

يجلس “يحيى البحيري” علي رأس المائدة ، تجاوره “فريال” من جهة اليمين ، أما في الجهة الأخري ، جلس جنبا إلي جنب كلا من “صالح” و “صفية”

تناولوا فطورهم جميعا من دون شهية و في إقتضاب شديد جدا ، و “صالح” الذي يأس من مراضاة “صفية” ترك الطعام نهائيا و سكب لنفسه قدحا من القهوة راح يحتسيه و هو يهز قدمه الغير مرئية في عصبية مفرطة ..

لاحظت “فريال” توقف زوجها عن تناول الطعام ، فسألته بقلق :

-إيه يا يحيى مالك ؟ بطلت تاكل ليه ؟؟

يحيى بضيق :

-ماليش نفس يا فريال.

فريال بحزن :

-ليه بس ؟ طب تحب أعملك بإيدي أي حاجة تانية ؟؟

-لأ مش عايز.

فريال بإنزعاج :

-في إيه بس يا يحيى ؟ كل حاجة بقيت تقول عليها لأ مش عايز !!

يحيى بإنفعال و هو يضرب بيده علي المائدة :

-هو إبنك خلاني عايز أي حاجة ؟ عمل كل إللي في نفسه و مش عايز يوريني وشه لحد دلوقتي ، البيه كأنه بيقولي مالكش لازمةربالنسبة لي.

فريال بلهجة هادئة وهي تهز رأسها سلبا :

-مايقدرش يا يحيى ، إنت أبوه ، عثمان بيحترمك و الله ، هو بس آا ..

يحيى مقاطعا بإزدراء لاذع :

-بلا بيحترمني بلا نيلة بقي ، أنا ماعرفتش أربيه أصلا ، طالع سافل و قليل الأدب محدش بيهمه .. ثم أكمل بوعيد :

-بس و الله لأفرجه ، يرجع البيت بس و هتشوفي هعملك فيه إيه !

-علي فكرة يا عمي عثمان هنا من إمبارح .. قالها “صالح” ببرود و هو يرفع فنجان قهوته إلي فمه

ليلتفت له “يحيى” متسائلا بصوته الخشن :

-عرفت إزاي ؟ إنت شوفته و هو راجع ؟

-أنا كنت سهران معاه إمبارح و رجعنا سوا بليل متأخر.

حدجه “يحيى” بغضب و عضلات فمه ترتجف بقوة و كأنه يحاول مقاومة شرا مؤذيا ، لكنه فشل في ضبط نفسه ، فوثب من مجلسه ، و مشي بخطوات واسعة في إتجاه غرفة إبنه ..

لحقت به “فريال” بسرعة ، بينما قالت “صفية” و هي ترمق “صالح” بنظرات محتقنة :

-إيه إللي إنت عملته ده ؟؟؟

صالح ببراءة مصطنعة :

-عملت إيه ؟!

°°°°°°°°°°°°°°°°°

في الطابق الثالث من القصر ، و الذي تقع به غرفة “عثمان” حيث إختارها بعيدا عن أنظار و آذان الجميع هنا ..

تركض “فريال” وراء “يحيى” و تترجاه بصوت خائف :

-عشان خاطري يا يحيى ، بالراحة عليه ، إنت عارف إنه ماعملش حاجة غلط ، أي راجل مكانه كان هيعمل أكتر من كده.

توقف “يحيى” بمنتصف الردهة الطويلة ، و إستدار لزوجته ، و صاح بها :

-إمشي يا فريال ، إنزلي تحت دلوقتي.

“فريال” برفض :

-لأ .. مش هسيبكوا مع بعض و إنت في الحالة دي.

“يحيى” بعصبية :

-يعني هعمل فيه إيه ؟ هضربه بالنار ؟ ماتقلقيش عليه يا حبيبتي و بعدين هو للأسف إبني أنا كمان .. ثم زفر بحنق ، و قال بشيء من الهدوء :

-إطمني يا ستي ، مش هعمله حاجة .. مابقاش عيّل صغير عشان أعاقبه يعني ، أنا هتكلم معاه بس.

نظرت إليه في تردد ، لكنها أذعنت لرغبته في الأخير ، و ولت تاركة إياه يذهب لغرفة “عثمان” بمفرده ..

فتح “يحيى” باب غرفة إبنه ، ليجدها غارقة في الظلام

إبتسم بسخرية ، ثم إتجه نحو الشرفة العريضة ، و أزاح الستائر عنها ، ليخترق ضوء النهار الزجاج المغلق ، و يزعج “عثمان” المستلقي علي وجهه فوق سريره الضخم ..

تململ “عثمان” مطقطقا عضلات ظهره العاري ، ثم فتح عيناه بروية كي يتمكن من رؤية الشخص الذي إقتحم عليه غرفته دون إستئذان

فوجد والده يقف أمام السرير أحمر الوجه غاضبا

تآفف “عثمان” بضجر و هو يقوم ليجلس نصف جلسة ، سقط الغطاء حتي وسطه عندما إستوي جالسا ، فظهرت عضلات بطنه السداسية الصلبة ..

-صباح الخير يا بابا .. قالها “عثمان” بلهجة ناعسة و هو يفرك وجهه بكفيه

ليرد “يحيى” بغلظة :

-صباح الزفت علي دماغك.

عثمان بإبتسامة هادئة و هو يومئ برأسه :

-ماشي يا بابا .. إتفضل حضرتك قول دلوقتي كل إللي إنت عايزه ، أنا جاهز لكلامك.

يحيى ببغض :

-يا بجاحتك يا أخي .. نفسي أعرف جايب البرود ده كله منين ؟!

عثمان بسخرية :

-و عايزني أتكدر ليه ؟ أنا عامل حاجة لا سمح الله ؟!

يحيى بلهجة حانقة :

-بعد كل إللي عملته ده و بتسأل ؟ أنا يا غبي مش إتفقت معاك و قلتلك كفاية تمضيها علي التنازل بس و بعدين تبقي تطلقها بعد فترة صغيرة ؟ إيه إللي خلاك تتصرف من دماغك ؟؟

عثمان و قد إنتابه الغضب :

-كنت عايزني أبقي —- ؟ كنت عايزني ماخدش حقي و أرد كرامتي ؟ مش أنا إللي تيجي بت —– زي دي و تعلم عليا ، أحمد ربنا إني إلتزمت بنص إتفاقنا و ماشربتش من دمها ، و الله لولا جيتلي إنت قبل ما أخدها و إمشي بعد الفرح و نبهت عليا لكنت دبحتها بإيدي و ماكنتش هاخد فيها يوم.

-و تضيع و توسخ إيدك ليه أصلا ؟ ماتستهلش.

عثمان و هو ينتفض بعصبية :

-لأ تستاهل .. لما تبقي مخطوبة لعثمان البحيري و تفتكر إنها إستغفلته و تروح تتـ—- علي كيفها تبقي تستاهل الدبح و الحرق كمان.

صمت “يحيى” بعد إفراغ “عثمان” شحنة غضبه الحبيسة ، و قد إلتمس له العذر الآن فقط ، إذ أدرك أن إبنه مجروح في صميم كرامته و كبريائه ، فلم يعد ليجادله مجددا ..

يحيى بهدوء :

-طيب يا عثمان .. و أديك خلاص عملت إللي إنت عايزه و إرتحت ، يا ريت بقي ماتتهورش تاني و كفاية كده.

عثمان و هو يلوي ثغره بسخرية :

-أنا عايزك تعرف بس إنها و لا حاجة بالنسبة لي ، أنا وافقت علي الجوازة بس عشانك إنت ، قولتلي نفوذ أبوها و بتاع ، و أهو دلوقتي أبوها بقي لا عنده نفوذ و لا نيلة بعد الفضيحة .. يعني مابقناش محتاجينه.

أومأ له “يحيى” ثم قال :

-ماشي .. قوم بقي خدلك حمام و ألبس هدومك و إنزل عشان نفطر سوا ، أنا لسا مافطرتش.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••

في منزل “رشاد الحداد” .. يجلس أمامه في المكتب هذا الشاب المذعور ، الذي يرتجف خوفا بين الحين و الأخر

يشمله “رشاد” بنظره تقييم مشمئزة ، ثم ينطق بصوت غليظ :

-إنت غلطت غلطة عمرك لما فكرت تقرب من بنتي.

إزدرد الشاب ريقه بتوتر ، و قال بإرتباك و هو يتردد في النظر إلي عينيه الحادتين :

-و الله يا رشاد باشا أنا .. آا أنا بـ بحب چيچي ، بحبها بجد و عمري ما فكرت آذيها و آ ..

-إخرس .. قاطعه “رشاد” بغضب ، و أردف بحدة :

-إسمع ياض .. إنت هتتجوزها.

أومأ الشاب بسرعة :

-أتجوزها يا باشا.

رشاد بتهكم مرير :

-لحسن حظك إني عايز ألم الموضوع و أغطي عالفضيحة .. إنما في أي حالة تانية إنت ماكنتش هتبقي بالنسبة لي أكتر من كلب أقل واحد من إللي شاغلين عندي يضربك برصاصة واحدة في قلبك.

أقشعر بدن الأخير ، ببنما أكمل “رشاد” بلهجة أمر :

-تجيلي بكره الساعة 8 بالظبط عشان نتمم الموضوع و نعمل خطوبة.

-أنا تحت أمرك يا باشا.

رشاد بتوعد :

-عارف لو ماجتش !

الشاب و هو يقسم بإضطراب :

-هـ هاجي و رحمة أمي هاجي.

-إوعي يعني عقلك يوزك تخلع أو تهرب .. هتلاقيني جايبك من قفاك حتي لو طلعت سابع سما ، بس ساعتها بقي يا ويلك مني.

الشاب مؤكدا :

-ماتقلقش يا باشا ، أنا هاجي بكره في الميعاد.

رشاد بصرامة :

-أنا مش قلقان يا حبيبي .. إنت إللي لازم تقلق.

و هنا سمع طرق علي باب مكتبه ، فآذن بالدخول

ليدخل رجل ضخم الجثة يرتدي حلة سوداء ، و تبدو علي وجهه ملامح الإجرام ..

أصرف “رشاد” الشاب زوج إبنته المستقبلي و حبيبها السابق الذي تسبب في طلاقها ليلة زفافها ..

-اهلا عباس .. ها طمني ! عملت إيه ؟

عباس بصوته العميق :

-كله تمام يا باشا .. زي ما قلت لسيادتك كل حاجة بتمشي بالفلوس.

-يعني عملتها بنفسك ؟؟

-عملتها بإيديا الأتنين ، ماتقلقش.

رشاد بإبتسامة واسعة :

-يعني إنهاردة هسمع أخبار كويسة ؟!

-إن شاء الله .. إطمن حضرتك.

تنهد “رشاد” تنهيدة طويلة و هو يسترخي فوق مقعده و يتمتم لنفسه : ” إن شاالله أجي أعزيك بنفسي بكره يا يحيى ، أومال إيه ؟ مش كنا نسايب ! ”

و رفع رأسه مطلقا ضحكة مجلجلة ..

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••

في غرفة “صالح” .. كان يخاطب والده عبر الهاتف ، عندما تلقي إنذار بمكالمة جديدة ..

أبعد الهاتف عن أذنه ، و وضعه أمام عينيه ، ليري أسمها يضيء الشاشة

إنتفض من الفرحة ، و أستأذن من والده و أغلق معه سريعا ، ثم أجاب إتصالها ..

صالح بسعادة :

-صافي ! مش مصدق نفسي و الله ، هتشل من الفرحة ، إنتي بتكلميني فعلا ؟

صفية بفتور :

-صالح ..

-عيون صالح .. قالها بغزل ، لترد بحدة :

-هتتكلم عدل و لا أقفل في وشك ؟

قال بسرعة :

-لا لا لا خلاص خلاص ده أنا ما صدقت .. ثم سألها بإستغراب :

-بس إنتي بتكلميني بالموبايل ليه ؟ ما إحنا في نفس البيت يا حبيبتي ما تيجي ، و لا أجيلك أنا.

قال أخر كلماته بخبث حاول إخفاؤه ، لتقول هي :

-لأ ياخويا لا تجيلي و لا أجيلك ، أنا بس كنت عايزة منك خدمة هتعملها شكرا مش هتعملها بردو شكرا.

صالح بإهتمام :

-خدمة إيه يا صافي ؟ أنا أعملك كل إللي إنتي عايزاه طبعا ، قوليلي عايزه إيه ؟؟

-كنت عايزاك تروح المستشفي تجيبلي عنتر من هناك ، خلاص هو خلص تطعيم و المفروض يرجع بس أنا حاسة إني داخلة علي دور برد و مش قادرة أتحرك من السرير ، فـ Please تروح إنت ؟

صالح و قد تقهقر عن موقفه الشهم :

-عنتر ؟ .. عايزاني أنا أروح أجيبلك عنتر ؟ ماتقوليها أسهل يا صافي ، قولي إنك عايزه تخلصي مني ، أخرتها هتخلي حتة شبل يستفرض بيا و أكون العشا بتاع جنابه الليلة دي !

-ما تسترجل شوية يا صالح ، أديك قولتها بنفسك ، حتة شبل هيعملك إيه ؟ ده لسا بيبي أولا ، ثانيا هما في المستشفي هيسلموهلك بالقفص بتاعه يعني ماتقلقش مش هيتعشي بيك الليلة دي.

صالح بتردد :

-مش عارف .. مش مطمنلك يا صافي !

صفية بتآفف :

-أنت جبان أووي يا صالح.

أثارته بنعتها له بـ” الجبان” فقال :

-جبان ؟ .. طيـــب ، أنا هوريكي الجبان ده ، هاتي العنوان.

أخذ منها عنوان المشفي ، ثم إندفع للخارج قاصدا غرفة “عثمان”

إلا إنه قابله أعلي الدرج ، كان “عثمان” سينزل عندما إستوقفه صوت “صالح”
إلتفت له ، فقال الأخير و هو يقترب منه :

-عثمان .. إديني مفتاح عربيتك ؟

عثمان بإستغراب :

-مفتاح عربيتي ! إشمعنا ؟

-إنت ناسي إننا جينا مع بعض إمبارح بعربيتك.

-طيب .. أيه يعني !!

-هو إيه إللي يعني ؟ عربيتي سايبها هناك من إمبارح.

عثمان و هو يهز كتفاه بعدم إكتراث :

-أعملك إيه يعني ؟!

صالح بصبر :

-محتاج عربيتك نص ساعة ، هروح بيها مشوار و هرجع علطول.

-طب ما تروح بتاكسي يابني !

-يرضيك يعني صالح البحيري يركب تاكسي.

-أه و فيها إيه عادي ، بتحصل في أحسن العائلات.

صالح بضحكة صفراء :

-خفة .. إنجز يا عثمان ، بقولك عندي مشوار مهم.

عثمان بجدية :

-ماينفعش يا صالح أنا خارج دلوقتي.

صالح بفضول :

-رايح فين ؟؟

-مالكش دعوة.

-طب هات المفتاح بقي ، خليك جدع ، مش هتأخر و الله هي نص ساعة.

تنهد “عثمان” ثم قال بضيق :

-نص ساعة ، عارف لو إتأخرت ؟

-يا سيدي ماتخافش هي نص ساعة.

أعطاه “عثمان” مفتاح سيارته و هو يسأله :

-هتروح فين بقي ؟؟

صالح مستعملا نفس جملته السابقة :

-مالكش دعوة.

و هبط الدرج مسرعا ، بينما صاح “عثمان” بإبتسامة فاترة :

-مااااشي .. ليك يوم يابن عمي.

°°°°°°°°°°°°°°°°°

ينزل “صالح” إلي الكراچ ، و يعثر علي سيارة “عثمان” بسهولة ..

إذ تعد سيارته من أحدث و أغلي السيارات التي تم إنتاجها لهذا العام ، و هي لامبورچيني بسرعة 350 ميل/س ، و هي أيضا بمثابة طلقة نارية تشق الأجواء لدي الإنطلاق بها ..

إستقل “صالح” في كرسي القيادة ، شغل السيارة ، ثم تحرك بها بروية حتي خرج من الكراچ

أطلق بوقا تلو الأخر لتنفتح له بوابة القصر الضخمة التي تعمل إلكترونيا

و في الطريق ، مشي علي الوصفة التي أعطته إياها “صفية” إلا أنه نسي نصف العنوان تقريبا

فقلل من سرعة السيارة ريثما يخرج هاتفهه و يحدثها ، و لكن السيارة لم تستجب له ، بل إزادت من سرعتها

حاول “صالح” مرة ثانية ، و ثالثة ، و رابعة .. دون جدوي ..

لتصدر الإطارات صريخ إحتكاكها بالأسفلت ، عندما إنحرف “صالح” يمينا ليتفادي سيارة أخري ، بينما يدخل هو في الإتجاه المعاكس ، و بصورة سريعة يحدث الإصطدام بينه و بين تلك السيارة التي ظهرت أمامه فجأه !!!!!

يتبـــع … —

error: