رواية عزلاء أمام سطوة ماله للكاتبة مريم غريب

( 43 )

_ تمرد ! _

تفتح “سمر” عيناها بتثاقل علي ضوء أبيض ساطع … كانت في مكان لا تعرفه ، تبينت شئيا فشئ أنها غرفة

غرفة بيضاء كئيبة ، و لكنها حديثة جدا ، و فوق رأسها كانت هناك إضاءة شديدة تعمي البصر .. السرير الذي ترقد فوقه كان مسطح غير مريح

تأوهت بصوت غير مسموع عندما شعرت بوخز علي ظاهر يدها اليسري ، بعثت نظرة إليها لتجد الأنابيب الشفافة تحيط بها ..

و هنا أدركت “سمر” كل شئ … فهمت أنها بالمشفي ، و في لمحة عادت إليها أخر أحداث عاشتها قبل أن تفقد وعيها ، أو كما كانت تعتقد قبل أن تفارق الحياة

لم يكن هناك متسع من الوقت ، لم يكن هناك وقت للتفكير في شئ أخر ، إنتابها الذعر و سيطر عليها كليا ، لابد أنها غابت مدة طويلة في هذه الغيبوبة و مؤكد أن الجارة “زينب” قد بدأت بالفعل تبحث عنها ..

حاولت “سمر” القيام من مكانها ، حاولت رفع ذراعها ، تحريك ساقها ، و لكن ثمة آلم جسيم يلف عظامها و يحبط كل محاولاتها

واصلت الكفاح بإصرار و قد بدأت الدموع تتدفق من عيناها شلالات تحرق خديها الشاحبين … نجحت “سمر” نوعا ما

حيث إستطاعت تحريك ذراعها الأيمن .. إهتاجت أنفاسها و هي تستند علي مرفقيها ثم تنتقل للخطوة التالية بسرعة و ترتفع بجذعها و هي تشق الصمت المخيم علي الغرفة بصرخة حادة

حضرت الممرضة في الحال علي صوت صرختهتا و قامت بسندها بحذر و لطف بالغين ، إعتقدت أنها واجهت مشكلة أو أنها كادت تسقط من فوق الفراش ..

-علي مهلك يا مدام . بالراحة ! .. قالتها الممرضة بنبرة ودية خافتة و هي تحيط بكتفي “سمر”

سمر بعصبية ممزوجة بالتوتر :

-إوعي إنتي سيبيني . أنا عايزة أمشي من هنا . سيبيني إوعــــــــــي.

الممرضة بلهجة هادئة مهذبة :

-ماينفعش حضرتك . إنتي لازم تستريحي . لسا مش هتقدري تتحركي كويس دلوقتي !

سمر بإنفعال :

-بقولك إوعي سيبيني . إوعي همشي يعني همشي سيبيــــــــني.

إحتارت الممرضة ماذا تفعل معها و هي في هذه الحالة العصبية ، ظلت ممسكة بها و هي تهتف بصوت عال :

-يا منيــــــر . منيــــــــــر . منيــــــــــــــر !

جاء المدعو “منير” مهرولا ..

-في إيه سهام ؟

الممرضة بشئ من الإضطراب :

-روح نادي دكتور محمد بسرعة . قوله جناح 203 المريضة جاتلها حالة عصبية و مش عارفين نهديها يلا بسرعة.

منير و هو يلقي نظرة قلقة نحو “سمر” :

-حاضر حاضر !

و ذهب مسرعا ، بينما تجاهد الممرضة سدى محاولة تهدئة “سمر” …

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••

في قصر آل”بحيري” … تحديدا بغرفة “رفعت البحيري”

مازال يتحدث في الهاتف منذ الصباح ، منذ ضبطته إبنة أخيه في غرفة والدتها .. مازال يجري ترتيبات السفر ليرحل من هنا بأقصي سرعة ..

-لو سمحتي كنت عايز أحجز تذكرة First Class ! قالها “رفعت” بصوت ثابت النبرات

العاملة :

-علي فين يافندم ؟

رفعت بإسراع :

-Cairo / Paris و يا ريت تبلغيني بمواعيد الرحلات من فضلك ما بين بكرة و بعده.

العاملة :

-حالا يافندم !

و هنا إنتبه “رفعت” لمداخلة هاتفية أخري ، فأعتذر من عاملة الإستعلامات :

-آا معلش يا أنسة معايا مكالمة تانية . ينفع أرد عليها و أرجعلك تاني ؟!

العاملة :

-مافيش مشكلة يافندم في إنتظار حضرتك .. يرد “رفعت” علي المكالمة الثانية :

-ألو !

المتصل بصوت خشن :

-رفعت البحيري ؟ معاك رشاد الحداد !

أجفل “رفعت” مجيبا :

-رشاد بيه . أهلا ! .. كان الإستغراب يملأ صوته

رشاد بغلظة :

-لا أهلا و لا سهلا . إسمعني كويس يا رفعت . أنا بتصل أحذرك و أحطك في الصورة بما إنك بقيت كبير عيلتك بعد أخوك الله يرحمه.

رفعت بدهشة :

-في إيه بس يا رشاد بيه ؟ إيه إللي حصل ؟؟!!

رشاد بغضب :

-في إن إبن أخوك مش جايبها لبر معايا و أنا لوحطيته في دماغي أقسم بالله مش هخلي الدبان الأزرق يعرف طريقه . همحيه من الوجود.

رفعت و قد غدت نبرته عدائية الآن :

-لأ لحد هنا و عندك بقي يا رشاد بيه . راقب كلامك كويس و أعرف إللي بتقوله . مبدئيا إنت ماتقدرش تمس شعرة من إبن أخويا إنت عارف كويس عيلتنا حجمها و نفوذها أد إيه و لو جربت تقرب منه هيبقي أخر يوم في عمرك.

رشاد بغضب أشد :

-إنت كمان بتهددني يا رفعت ؟ عاملين عليا عصابة مافيا إنت و إبن أخوك ؟؟

رفعت بحدة :

-أنا مش بهددك يا رشاد بيه . أنا برد علي كلامك . و بعدين إنت إللي كلامك من الأول كله تهديد و داخل عليا حامي أوي . كان أحسن تقولي بهدوء عثمان عملك إيه و أنا بقي أشوف هتصرف معاه إزاي !

رشاد بسخرية :

-يعني لو قولتلك هتعرف تتصرف يا رفعت ؟ هتقدر علي إبن أخوك ؟!

رفعت بجدية :

-أنا ماليش سلطة عليه . بس أسمع منك المشكلة و لو عثمان غلطان تأكد إني مش هقبل و لا هسمحله يستمر في الغلط.

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°

في غرفة “صالح” … يدق الباب و تدخل الخادمة مجددا

صالح بتلهف :

-ها يا وردة ؟ لاقتيها ؟!

وردة بإبتسامة :

-لاقيتها يا صالح بيه . صافي هانم موجودة في أوضتها.

-قولتلها إني عاوزها ؟؟؟

-أيوه قولتلها.

-و قالتلك إيه ؟؟؟

وردة برقة :

-قالتلي أشوف أنا طلبات حضرتك و هي هتبقي تجيلك الصبح عشان هي تعبانة و عايزة تنام دلوقتي.

عقد “صالح” حاجبيه بإستغراب ..

-تعبانة ؟! .. تمتم لتفسه بصوت خافت

-ده أنا ماشوفتهاش من الصبح !!

-تؤمرني بحاجة يا بيه ؟! .. يفيق “صالح” علي صوت الخادمة

-شكرا يا وردة .. قالها بإقتضاب

-روحي إنتي نامي.

وردة بإبتسامة :

-طيب لو حضرتك عوزت أي حاجة إطلبني و أنا هكون قدامك في ثواني.

صالح بصوت جاف :

-أوك . إتفضلي إنتي بقي.

ذهبت “وردة” … ليبقي “صالح” بمفرده يفكر في عذر “صفية” غير المقنع ، لا يعتقد أن تشعر بتوعك حقا كما تزعم ، لابد أن ثمة شئ حدث تسبب في عدم مجئيها إليه ..

و لكن ما هو ؟؟؟؟؟

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••

في شقة الجارة “زيـــنب” … تدق عقارب الساعة معلنة تمام الواحدة بعد منتصف الليل

بينما تجلس السيدة المنهارة في الصالة و قد أجلست الصغيرة “ملك” علي الآريكة بجانبها و نثرت حولها بعض الألعاب لتلتهي عنها بهم

كان القلق يعصف بها و بأفكارها علي نحو مرعب ، طوال اليوم و هي تتخيل مئات الأفكار السوداء

لو أنها لم تخشي الفضيحة لكانت أخبرت زوچها أين يمكن أن يجد “سمر” الآن ، و لكنها صمتت ..

صمتت حفاظا علي سمعة تلك الأسرة المسكينة ، و أملت أن تكون “سمر” بخير و أنها ستدق الباب في أي لحظة و تخمد نيران الترقب و القلق المستعرة في قلبها منذ مدة طويلة

يدق الباب في هذه اللحظة بالفعل ، فتقوم “زينب” و تهرع صوبه بسرعة لتفتح ..

-صابر ! .. قالتها بخيبة أمل عندما فتحت و وجدت زوجها

صابر بإمتعاض :

-أه صابر ياست الكل . صابر إللي إتمرمط في الشوارع و دخل أقسام و مستشفيات عشان خاطر الصنيورة بتاعتك.

زينب بصوت كالأنين :

-مالقتهاش ؟!

صابر و هو يبعدها عن طريقه ليدخل :

-مالقتهاش ياختي . عموما إطمني . طالما مالهاش أثر في الأقسام و المستشفيات تبقي كويسة . تلاقيها بس صايعة في حتة هنا و لا هنا . ما هي سايبة بقي و مالهاش كاسر يكسرها بعد ما أخوها سافر خدت راحتها.

تخرج “زينب” عن شعورها عند هذا الحد ، فتصرخ فيه بضراوة :

-كفـــآااية بقـــي . إخرس و حط لسانك في بؤك . ماتجيبش سيرتها علي لسانك دي أنضف من عشرة زيك . إنت إللي لسا محروق عشان ماطوعتكش عشان ماديتلكش ريق حلو و لا عبرتك . إوعي أسمعك تقول عليها نص كلمة تانية يا صابر أنا إستحملت قرفك بما فيه الكفاية بقآالي سنين و لو فاض بيا هقولك في ستين داهية ماتورنيش وشك تاني . أنا خلاص جبت أخري من العيشة معاك طول عمري مستحملاك و مستحملة بلاويك أقول بكره يتهد و يتعدل لكن مافيش فايدة . كرهتني فيك و في الدنيا أنا بندم ندم عمري إني إتجوزتك إمتي ربنا يرحيني منك بقــــــــي !

ظل “صابر” ينظر لزوجته بصدمة .. لم يتخيل أبدا أنها تكن له كل هذه المشاعر … لم يتخيل أنها تحملته و تحملت أفعاله المشينة بصمت و ضغطت علي أعصابها لئلا تنفجر مثلما فعلت الآن

لقد آذاها أكثر مما توقع ، آذاها لدرجة أنها كرهته و كرهت حياتها معه ، هذه السيدة العطوفة التي إنتشلته من حفرة فقره عندما كان مجرد شاب لا قيمة له يعمل لدي والدها في ورشته الصناعية

جاءت الجارة “شهيرة” علي صوت صياح “زينب” ..

شهيرة بقلق :

-في إيه يا أبلة زينب ؟ مالك صوتك عالي كده ليه ؟!

زينب بدموع :

-أنا خلاص زهقت من الراجل ده . مش طايقاه . ماعادش لينا مكان في حياة بعض . لازم يطلقني خلآااص كفاية أووي لحد كده.

شهيرة بلطف :

-طيب إستهدي بالله . إهدي بس يا أبلة الدنيا ليل و عيب الناس يسمعوا صوتنا . تعالي . تعالي باتي عندي إنهاردة لحد ما أعصابك تهدا و تروقي .. و شدتها برفق

زينب بصوت متحشرج :

-أنا قاعدة بالبت ملك !

شهيرة بإبتسامة :

-يسلام ! ناخد معانا ملك . ده إحنا عنينا للست ملك.

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••

قضي “عثمان” أهم ما أراد فعله اليوم … حصل علي شريط الصور من “چيچي” و قام بإتلافه ، لم تعد تشكل عليه أو علي حبيبته خطرا

بل في الحقيقة هي المتورطة الآن ، مصيرها و مصير عائلتها كلها في يده هو ..

يدق هاتفهه و هو يقود السيارة بإتجاه المشفي ، يخرجه من جيبه ، ثم يرد :

-ألو !

المتصل :

-ألو أستاذ عثمان ؟!

عثمان بفتور :

-أيوه أنا مين ؟

المتصل :

-أنا دكتور محمد المشرف علي علاج مدام حضرتك !

عثمان بذعر و قد تسارع وجيب قلبه بشدة :

-سمر حصلها حاجة ؟؟؟

الطبيب :

-لا يافندم إطمن المدام بخير . هي بس فاقت و فورا جاتلها حالة عصبية كلنا فشلنا معاها و مش عارفين نهديها و أنا مش هقد أخدرها تاني خوفا علي حملها كفاية نسبة التخدير إللي هتاخدها بكره الصبح في العمليات فياريت حضرتك تيجي دلوقتي حالا يمكن لما تشوفك تهدا شوية !

تنهد “عثمان” و قال :

-حاضر يا دكتور . أنا خلاص قربت أصلا من المستشفي دقيقتين و هكون عندك.

و وصل “عثمان” إلي المشفي في غضون دقيقتين فعلا … ولج إلي غرفة “سمر” ليجد طقم كامل من الممرضين و علي رأسهم الطبيب يقفون في حلقة حول “سمر” بدا أن جميعهم يسترضونها بشتي الطرق حتي تهدأ و لكن دون جدوي

إنتبه الطبيب لحضور “عثمان” فتحول تعبير التوتر في وجهه إلي تعبير بشوش مرحب ..

-أهلا يا أستاذ عثمان . إتفضل أرجوك .. قالها الطبيب و هو يمضي نحو “عثمان”

-إحنا قولنا حضرتك الوحيد إللي هتقدر تهدي المدام و الحمدلله أهيه فعلا إبتدت تهدا لما شافتك !

تركزت عينا “عثمان” علي “سمر” و إلتقت نظراتهما … ليقرأ في وجهها المشاعر التي تجيش بصدرها تجاهه : الصدمة ، الآلم ، الكره ، الخوف ..

أطرق “عثمان” رأسه شاعرا بالخجل منها ، لكنه تكلم و رفع صوته ليسمعه كل من بالغرفة ..

عثمان بصوته العميق :

-طيب يا دكتور من فضلك خد المساعدين بتوعك و سيبني مع مراتي شوية !

تطلب الأمر نصف دقيقة … و بقت “سمر” وحدها معه من جديد

-إزيك دلوقتي ! .. همس “عثمان” و هو لا يزال يحدق بالأرض ، و لكن عندما أطالت في صمتها رفع وجهه إليها مرة أخري

كانت نظراتها له لا تحتمل ، تقلص وجهه بآلم تحت وطأة هذه النظرات التي تعذبه ..

-أرجوكي ماتبوصليش كده ! .. قالها “عثمان” بتوسل

بينما قدحت عينا “سمر” بشرارات الكراهية و هي تحملق فيه ..

عثمان بصوت مجروح :

-أنا مش عارف ممكن أبرر إللي عملته إزاي ! بس أنا آسف . آسف بجد . أنا عمري ما أعتذرت لحد علي فكرة . عمري ما حسيت بشعور الغضب أو الغيرة أو .. الحب إلا معاكي إنتي يا سمر . أيوه . أنا حبيتك . إللي حصل . إللي عملته فيكي كان غلطة . غلطة أنا شخصيا مش هقدر أغفرها لنفسي . بس عندي أمل إنك تسامحيـ آا …

-هطلقني ! .. قاطعته “سمر” بصوت خال من أي تعبير

عثمان بإستنكار :

-إيه ؟ قولتي إيه ؟!

سمر بسخرية :

-صح . ليك حق تستغرب . ما جوازنا ماكنش جواز أصلا . كان حاجة قرف كلها حرام في حرام . بس معلش إدينا هنضلح كل حاجة دلوقتي .. و علي فكرة أنا بشكرك أوي . بجد . إنت خدمتني و إنت مش حاسس . بس بردو شكرا.

عقد “عثمان” حاحبيه بغرابة ، لتكمل “سمر” بإبتسامة هازئة :

-الضرب إللي ضربتهولي . كان جامد أوي . أنا حاسة منغير ما الدكتور يقولي إن جسمي إتكسر . إنت ساعدتني أتخلص من ذنوبي بالضرب ده كله . يمكن تكون طهرتني و أنت مش واخد بالك . شكرا .. ثم قالت بصرامة :

-و دلوقتي بقي بطلب منك تسيبني في حالي . هتقطع الورقة إللي معاك و هقطع الورقة إللي معايا و كل واحد مننا يروح لحاله.

عثمان بإستنكار مجددا :

-إيه إللي بتقوليه ده يا سمر ؟ أنا مش هسيبك طبعا إنتي مراتـ آا ..

-ماتقولش الكلمة دي تاني ! .. قاطعته “سمر” بغضب ، و تابعت :

-أنا مش مراتك . إنت لسا هتضحك عليا ؟ أنا فوقت . فوقت متأخر أه بس فوقت . و خلاص مش هغرق معاك في الوحل أكتر من كده.

يقترب “عثمان” منها فتوقفه صارخة :

-مكانك . إوعي تقرب مني.

عثمان بلطف :

-طيب إسمعيني !

سمر بحسم :

-لأ . مش هسمعك . خلاص إحنا إنتهينا لحد هنا.

عثمان برفض :

-لأ يا سمر . مافيش حاجة إنتهت . قولتلك أنا بحبك . و فعلا أنا و إنتي هنقطع الورق إللي معانا و هتجوزك رسمي . أول ما تخرجي من هنا هاخدك علي بيتي و هتجوزك . هعلن جوازنا و هتبقي مراتي بجد قدام ربنا و قدام الناس.

سمر بتهكم :

-لعبة جديدة دي صح ؟ عايز تتسلي بيا تاني ؟ ما أنا عارفاك . إنت بنفسك قولتلي إنك شخصية ملولة . بتمل من الحاجة بسرعة و بتحب التغيير . النكتة دي بقي هي الحاجة الجديدة إللي هتسليك ؟!

عثمان بصوت رقيق :

-سمر أنا بتكلم جد . صدقيني . أنا حبيتك بجد و مش هقدر أستغني عنك . مش هسمحلك تسيبيني . أساسا إنتي غصب عنك هتفضلي مرتبطة بيا.

سمر بغضب :

-أنا مش هعمل حاجة تاني غصب عني . إنت مش هتقدر تكسرني تاني . خلاص سمر الضعيفة ماتت إنت موتها بإيدك . دلوقتي مافيش حاجة تجبرني أسمع كلامك و أرجعلك.

عثمان بتحد :

-لأ في . إبني . إبني إللي في بطنك يا سمر !

فتحت فمها و حدقت فيه بذهول ..

عثمان بإبتسامة :

-أيوه . إنتي حامل يا سمر . جه في وقته . هو ده إللي هيقربك مني . هو ده إللي هيخليكي تفضلي جمبي علطول.

-لازم ينزل ! .. همست “سمر” بنفس الصدمة و الذهول

عثمان بحدة و قد تلاشت إبتسامته :

-بتقولي إيه ؟ إنتي إتجننتي ؟ مين ده إللي ينزل ؟؟؟

نظرت “سمر” له و قالت بحقد شديد :

-الملعون إللي في بطني ده . لازم ينزل . لازم يموت . ماينفعش يجي الدنيا . لازم ذنبي كله يتمحي . لازم ينزل . لازم يمووت.

عثمان بغضب :

-إسكتي . ماسمعكيش تقولي كده تاني سامعة ؟

سمر صارخة بإنفعال :

-لأ هقول . إللي في بطني ده إبن حرام . فاهم يعني إيه إبن حرام ؟ لازم ينزل لازم يموت . و إنت لازم تخرج من حيــآاتي !

قطع “عثمان” المسافة بينهما في لمحة و أمسك بوجهها ضاغطا بأصابعه الصلبة علي فكها ، ثم قال بصوت كالفحيح :

-إبني يا سمر .. مش هسمحلك تمسيه . إنتي غالية عندي أه . بس هو كمان غالي . جايز أنا ماكنتش عايزه و حذرتك تقعي في الغلطة دي . لكن بعد ما حصل و بقي موجود مش هسمحلك تآذيه . لتاني مرة هقولك . إبني . لو لمستيه أنا هنسي كل حاجة و هدوس علي قلبي . هفتكر بس إنك قتلتي حتة مني . شوفي إنتي إزاي كنتي مستعدة تضحي بحياتك عشان تنقذي أختك . شوفي إزاي قولتيلي مرة إنها أغلي حاجة في حياتك . أهو دلوقتي إبني إللي في بطنك بقي كده بالظبط بالنسبة لي.

نظرت له بمقت شديد ، ليكمل هو بنبرة تزخر بالحدة :

-لو إنتي مش عايزاني و شايفة إن حياتنا مش هتنفع مع بعض . خلاص . أنا مش هغصب عليكي . بس لازم الجواز يتم عشان إبني و صورته قدام الناس . بعدها لو حبيتي تطلقي هطلقك . بس دلوقتي إوعي تنسي كلمة من كلامي . خليكي دايما فاكرة إنك شايلة في بطنك إبن عثمان البحيري . لازم تفكري مليون مرة قبل ما تعملي أي حاجة ممكن تآذيه .. فاهمة ؟!

و بعث لها بعيناه أخر رسالة تحذيرية ، ثم تركها و مضي خارج الغرفة و هو يفتح قبضتاه و يضمهما في محاولة للسيطرة علي إرتعشات الغضب التي تسري بذراعاه و تجعل جسده ينتفض كله …

يتبــــــع …

error: