رواية عزلاء أمام سطوة ماله للكاتبة مريم غريب
_ خروج ! _
يخرج “عثمان” من الغرفة و هو يغلي من الغضب و يلعن كل شئ أمامه …
تصطاده “صفية” و هي تصعد الدرج :
-عثمان عثمان ! .. قالتها و هي تهرول صوبه
توقف “عثمان” و هو يتأفف بضيق شديد ، لتأتي أخته بسرعة و تقول بإبتسامة :
-مساء الخير يا عثمان.
إلتفت “عثمان” لها و رد بإقتضاب :
-أهلا يا صافي.
صفية بإستغراب :
-مالك يا عثمان ؟ شكلك مضايق كده ليه ؟!
عثمان بإنفعال :
-إنتي مالك مضايق و لا مش مضايق . إنجزي إنتي و قولي عايزه مني إيه ؟؟؟
أجفلت “صفية” و قالت بشئ من الإرتباك :
-طيب خلاص من غير عصبية . أنا مش قصدي اتدخل فيك !
تنفس “عثمان” بعمق ، ثم قال بعد أن هدأ نفسه :
-و لا يهمك يا حبيبتي . أنا إللي آسف إني إتعصبت عليكي . قوليلي بقي كنتي عايزه إيه ؟
توردت “صفية” خجلا و أخفضت رأسها و هي تقول بتلعثم :
-كنت . كنت عايزه أكلمك في موضوع كده !
عثمان بترقب :
-موضوع إيه إتكلمي ؟؟
صفية بتوتر :
-صالح كان كلمني إنهاردة في موضوع جوازنا.
عثمان بعدم فهم :
-يعني إيه ؟ ماله موضوع جوازكوا ؟!
صفية بتردد :
-صالح عايز الجواز يتم خلال الشهر الجاي بالكتير !
عثمان بإستنكار ممزوج بالحدة :
-نعم ! جواز إيه إللي يتم خلال شهر ده ؟ هو بيستهبل ؟ بابا لسا مافتش علي شهرين و سيادته عايز يتجوز ؟؟؟
صفية ببراءة :
-و الله أنا قولتله كده و قولتله ماينفعش عشان مامي كمان
بس هو قالي إننا مش ضروري نعمل فرح كبير ممكن تبقي حفلة عائلية بس .. ثم تنهدت بحزن و قالت :
-و بعد ده كله قولتله عثمان هو إللي هيقرر حاجة زي دي . يا يوافق يا مايوافقش .. القرار ليك يا عثمان و أنا هرضي بيه أيا كان.
نظر لها “عثمان” مليا … ثم قال بعد تفكير :
-طيب يا صافي . أنا حاسس إنك ميالة للحل ده .. أنا موافق عشانك إنتي
بس لازم نسأل ماما الأول.
صفية بفرحة :
-يعني إنت موافق بجد يا عثمان ؟؟؟
عثمان بإبتسامة :
-أيوه يا حبيبتي . موافق . مبروك يا صافي.
ضحكت “صفية” بسرور شديد و قفزت عليه لتضمه بقوة و هي تهدل :
-الله يبارك فيك يا حبيبي . الله يبارك فيك . ربنا يخليك ليا يا عثمان يآااا رب.
ضحك عثمان بدوره و قال :
-ماشي يا ستي . و الله لو أعرف إن جوازك من صالح هيخليكي مبسوطة كده كنت جوزتك من زمان ده أنا كنت فاكرك مش مستلطفاه و كنت متوقع تفركشوا في أي لحظة !
إبتعدت “صفية” عنه و قالت بإستياء :
-نفركش إيه يا عثمان ؟ إحنا بنحب بعض.
-أوك . عموما مبروك بردو.
-الله يبارك فيك . بس مش هتقولي إنت بقي إيه إللي مضايقك ؟!
عاد “عثمان” للتجهم من جديد ..
صفية بقلق :
-يا عثمان بليز قولي إنت شكلك مش طبيعي خالص !
زفر “عثمان” بكدر و تمتم بخفوت :
-أنا ضربت سمر !
شهقت “صفية” و قالت بصدمة :
-يانهار إسود . إنت إتجننت يا عثمان ؟ دي حامل إزاي تمد إيدك عليها ؟؟!!
عثمان بضيق :
-أنا ماضربتهاش جامد . هو كان ألم بس
أعمل إيه إستفزتني !
صفية بحنق :
-حرام عليك يا عثمان . البنت رقيقة جدا و شكلها مؤدبة ليه تضربها ؟ ماتعرفش تتفاهم معاها بطريقة تانية ؟؟
عثمان بنفاذ صبر :
-خلاص بقي يا صفية أنا مش ناقصك.
لوت “صفية” ثغرها بعدم رضا ، لكنها قالت بصوت هادئ و حازم في آن :
-طيب خلاص . بس لازم تروح تصالحها دلوقتي.
تململ “عثمان” و هو يقول بتذمر :
-هي الغلطانة مش أنا.
صفية بصرامة :
-هتروح تصالحها دلوقتي يا عثمان . ماتنساش إنها حامل و نفسيتها أكيد وحشة بالذات في الشهور الأولي . ماينفعش تزعلها.
عثمان بإنزعاج :
-أوك خلاص . هروح أصالحها.
صفية بإبتسامة :
-أيوه كده.
في هذه اللحظة ، إنضما كلا من “هالة” و “مراد” لهما ..
عثمان بذهول :
-مرآااد ! مش معقوول !!
أقبل “مراد” علي صديقه و هو يمسك بيد “هالة” بقوة بينما الأخيرة تبتسم بغبطة شديدة ..
-صاحبي يا صاحبي صديق السوء رجعلك تاني .. قالها “مراد” مبتسما ، ثم إحتضن “عثمان” دون أن يترك يد “هالة”
عثمان بدهشة :
-إيه يابني إللي رجعك ؟ مش قلت خلاص هتستقر هناك ؟!
نظر “مراد” إلي “هالة” بحب و قال :
-بصراحة أنا ماكنتش قادر أمشي . و رجعت مخصوص عشان هالة.
عثمان بإستغراب :
-رجعت مخصوص عشان هالة ؟ أنا مش فاهم حاجة !
نقل “مراد” نظره إليه و أجابه بثقة :
-أنا و هالة بنحب بعض يا عثمان و أنا رجعت عشان أتجوزها و أخدها معايا و أنا مسافر.
نظر “عثمان” له و ضرب كفيه ببعضهما و هو يقول بتعجب :
-لا حول و لا قوة إلا بالله . إيه حكاية الجواز معاكوا إنهاردة أنا عايز أفهم ؟ كلوا دلوقتي بقي عايز يتجوز ؟!
ضحك “مراد” بخفة و قال :
-أعمل إيه حبيتها . لما سافرت إكتشفت إني مش قادر أعيش منغيرها . المهم دلوقتي قولي أنكل رفعت فين عشان أطلبها منه و نخلص الموضوع بسرعة أنا نازل إسبوع بس و ماينفعش أتأخر علي الشغل.
عثمان بإبتسامة :
-أنكل رفعت يا سيدي هتلاقيه دلوقتي في الشركة طير عليه بسرعة قبل ما يختفي في أي حتة و ماتقدرش توصله.
مراد بغمزة :
-لأ ماتقلقش . أنا مش هاسيبه إنهاردة قبل ما يوافق يجوزني هالة بكره بالكتير.
عثمان ضاحكا بمرح :
-ماشي ياسيدي . ربنا معاك .. ثم نظر إلي “هالة” و تابع بصدق :
-مبروك يا هالة.
هالة برقتها المعهودة :
-الله يبارك فيك يا عثمان . ميرسي.
و ذهبا الثنائي المرح ، لتقول “صفية” بتذكير :
-عثمان . مش هتروح تصالح سمر !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••
كانت تضع “ملك” النائمة في الفراش … عندما دخل عليها محمحما بشئ من التوتر
إستدارت “سمر” إليه و رمقته بإزدراء شديد ، ثم مشت صوب الحمام ..
ألمته هذه النظرة ، فأعترض طريقها بسرعة و أمسك بذراعها ..
-علي فكرة أنا ماكنتش ناوي أمد إيدي عليكي ! .. غمغم “عثمان” متحاشيا النظر في عيناها ، و أكمل :
-إنتي أستفزتيني يا سمر . رغم إني قولتلك قبل كده إن أمي أغلي حاجة في حياتي إتجاهلتي ده و إهانتيها قدامي . أمي أغلي عندي من نفسي يا سمر ربنا فوق و هي تحت
أنا عمري ما زعلتها و لا حتي أبويا زعلها لأن أصلا مافيش زيها في الدنيا دي كلها . هي ست كلها رقة و حنان . ملاك و كل الناس بيحبوها و هي كمان عمرها ما كرهت حد .. ماتستاهلش أبدا الكلام إللي قولتيه عليها يا سمر.
شدت “سمر” ذرعها من يده و قالت بجمود :
-أنا ما أهانتش أمك . ماقولتش عليها حاجة وحشة
يمكن قللت منها منغير قصد بس إنت إللي كان عندك إستعداد تتصرف معايا بالهمجية دي
ما ده مش جديد عليك . إنت عملت أكتر من كده و كسرتني . و رغم ده كله أنا ما سألتكش لحد دلوقتي إنت عملت كده ليه.
عثمان مقطبا بخزي :
-أنا بعترف إني غلط فيكي كتير . و آذيتك . بس أنا دلوقتي عايز أعوضك و إنتي مش مدياني فرصة !
سمر بسخرية :
-هتعوضني عن إيه ؟ هو إنت دوست علي رجلي و كلمة آسف هتغفرلك عندي ؟ لازم تعرف إنك إنت السبب في تدمير حياتي . إنت إللي ساومتني و أجبرتني علي الغلط . كنت عارف إني محتاجة فلوسك عشان أختي مش عشاني . كنت عارف و متأكد إني هركعلك و هوافق علي كل شروطك
و عشان تبعد الذنب عن نفسك كنت كل شوية بتفكرني إنك ماضربتنيش علي إيدي . ماغصبتنيش . صح إنت عندك حق . أنا عملت معاك كل حاجة برضايا . إنت ماغصبتش عليا أي حاجة . عشان كده أتوقع منك دلوقتي إنك ماتغصبنيش علي العيشة معاك . أرجوك طلقني !
و نطقت أخر كلمة بصعوبة شديدة ..
ليمسك كفاه الضخمتان بأعلي ذراعها فتطوقهما تماما .. هزها “عثمان” بيده قائلا بعصبية :
-مش هطلقك يا سمر . مش ممكن . إنتي مراتي و حامل في إبني أو بنتي . مستحيل أتخلي عنكوا.
سمر بنشيج مكتوم :
-أوعدك إني مش همس إبنك أو بنتك . هحافظ علي الحمل و لما أولد أنا مستعدة أتناز آا ..
-إسكتي ! .. قاطعها و هو يهزها من جديد ، و كانت كفاه ترتجفان و تبعثان ذلك الإرتجاف عميقا في عظامها
أكمل بصرامة :
-مش هطلقك يا سمر . إنتي و إللي في بطنك ملكي . ملكي أنا .. عمرك ما هتقدري تنكري ده أو تبعدي عني . أنا حقيقة و أمر واقع في حياتك . خليكي فاهمة كده كويس.
ثم تركها ، بل ترك لها الغرفة مجددا و خرج
أما هي ، فإنفجرت بالبكاء ثانيةً …
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••
بعد يومان ..
في الصباح .. ينزل “عثمان” من غرفته ليذهب إلي عمله ، فيقابل شقيقته و إبنة عمه في وسط الدرج
عثمان بإبتسامة :
-صباح الخير يا هوانم !
هالة / صفية :
-صبـاح النوور يا عثمان.
-إيه علي فين العزم بدري كده ؟
صفية بحماسة :
-أنا و هالة رايحين Deep Mole نجيب شوية حاجات ليا عشان فرحي و ليها عشان خطوبتها و فرحها إللي هيتعملوا في وقت واحد ماعرفش إزاي دي !
عثمان بتفهم :
-إممم . مفهوم ربنا معاكوا .. و جاءته فكرة ، ليطلب منهما :
-طيب ممكن تاخدوا سمر معاكوا ؟ هي من ساعة ما جت هنا ماخرجتش خالص و أنا مش فاضي اليومين دول و مش هآمن عليها إلا معاكوا !
هالة برحابة :
-Sure يا عثمان . هناخدها معانا طبعا و ماتقلقش هتتبسط و هنخرجها من مود الحمل و الإكتئاب إللي هي فيه.
صفية بإثارة شديدة :
-أحلي حاجة إن العيلة بتزيد و الروتين إللي إحنا عايشين بيتغير . الواحد كان زهق و الله و سمر هي و أختها عملوا جو لطيف أووي في البيت . إطمن يا عثمان مراتك في إيد أمينة.
عثمان بإمتنان :
-شكرا ليكوا . أنا متأكد إنكوا هتحافظوا عليها .. ثم أخرج چزدانه من جيب سترته و سحب إحدي الكروت
-خدي يا صافي . الـATM دي و معاها الباسوورد . خليها معاكي و هاتي لسمر كل إللي هي عايزاه مع إنها مش هتعوز حاجة . بس خليها معاكي يمكن تحتاج حاجة !
أخذت “صفية” بطاقة الائتمان منه و قالت بإعجاب :
-ربنا يخليك ليها يا عثمان . أنا بجد مبسوطة إنها قدرت تخليك تحب و تبقي الشخص الحنين إللي واقف قدامي ده.
و ذهبت الفتاتان عند “سمر” .. دقت “صفية” الباب و دخلت تتبعها “هالة”
وجدتا “سمر” تهتم بشقيقتها كالعادة ..
صفية بإبتسامة :
-صباح الخير يا سمسمة !
سمر بإبتسامة شاحبة :
-صباح النور يا صافي . إزيك يا هالة ؟
هالة بود و رقة :
-الحمدلله يا سمر كويسة . إنتي إيه إخبارك و لوكا القمر عاملة إيه ؟!
-أهو كويسين . إيه جايين بدري كده عايزين حاجة ؟ أخوكي و إبن عمك لسا نازل دلوقتي حالا لو كنتوا جاينله !
صفية مصححة :
-لأ يا سمسمة إحنا جاينلك إنتي.
سمر بإستغراب :
-جاينلي أنا ؟ خير ؟!
و عرضت عليها “صفية” مرافقتها هي و “هالة” إلي السوق التجاري و شرحت لها الأمر ..
-و أنا إستأذنت عثمان و هو وافق .. قالتها “صفية” بإبتسامة عريضة
هالة مكملة :
-بجد وجودك معانا هيبسطنا جدا و هنقدر نتعرف علي بعض أكتر.
صمتت “سمر” لثوان ، ثم قالت بتهذيب :
-أنا طبعا بشكركوا علي الدعوة . بس آسفة مش هقدر أجي معاكوا !
صفية بإحباط :
-ليـــــــــه يا سمر ؟
سمر بلطف :
-و مين ياخد باله من ملك ؟ و أنا مش هقدر أسيبها مع أي حد هنا بردو . لازم تبقي جمبي دايما.
صفية بسهولة :
-خلاص هناخد تانيا معانا تخلي بالها منها و تبقي جمبك زي ما إنتي عايزة.
هالة برجاء :
-يلا بقي يا سمر بليييز . إحنا محتاجينك معانا !
سمر بعد تفكير :
-خلاص . ماشي !
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°
ذهبن ثلاثتهن إلي أحد أضخم الأسواق التجارية بالمدينة كلها ..
إقترحت “صفية” في البادئ :
-إيه رأيكوا نبتدي بالـBeauty Center ؟ أنا محتاجة أعمل look جديد لشعري عشان الفرح . و بعدين لما نخلص نروح نتغدا و نكمل لف علي المحلات . بس سمر طبعا مش هتلف معانا عشان البيبي هنسيبها في الكاڤيتيريا و لحد ما نخلص و نرجعلها.
هالة بتبرم :
-لأ إحنا ناكل الأول . أنا مافطرتش يا صافي !
وبختها “صفية” :
-يا بت إنتي دايما الأكل علي راس القايمة عندك ! إهدي شوية هناكل ياختي بس إصبري .. يلا بينا.
و بالفعل توجهن إلي مركز التجميل ، فأجلستهن المسؤولة في قاعة الإنتظار ريثما تحضر لهن ثلاثة أماكن ..
بعد قليل دوي جرس الإشعار بهاتف “صفية” ففتحته لتجد رسالة من أخيها ..
عثمان :
إيه يا صافي إنتوا فين كده ؟
صفية :
إحنا وصلنا المول أهو في الكوافير يا عثمان.
عثمان :
سمر عاملة إيه ؟؟؟
صفية :
أهي قاعدة جمبي
كويسة.
و إنتظرت رده … لكنه صمت علي هذا ، فغادرت المحادثة ..
و إذا بالهاتف يعلن عن وصول رسالة جديدة
تنهدت “صفية” و فتحت رسالة أخري منه :
طيب صوريهالي منغير ما تاخد بالها
عايز أشوفها !
كتبت “صفية” بإستنكار :
و أنا هصورهالك منغير ما تاخد بالها إزاي يا عثمان ؟
دي قاعدة جمبي.
يرد “عثمان” بسرعة :
إخلصي يا صفية
دلوقتي.
تأففت “صفية” بضيق و نظرت من جانب عينها إلي “سمر” وجدتها شاردة بعمق ، هذه فرصتها إذن
رفعت هاتفهها ببطء حتي لا تلاحظها ، و عوجته بطريقة بلها ، و راحت تلتقط عدة صور ..
-بتعملي إيه يا صافي ؟! .. قالتها “هالة” بإستغراب ، لتلفت “صفية” لها و تغمغم بغضب :
-وطي صوتك يا غبية . مابعملش حاجة خليكي في إللي إنتي فيه .. و أشارت إلي مجلة الموضة الكامنة بين يديها
بعثت “صفية” بالصور إلي أخيها و هي تتمتم بتعجب :
-أخويا إتجنن و الله … !!!!!
يتبـــــع …