رواية عزلاء أمام سطوة ماله للكاتبة مريم غريب
_ أمل ! _
لم يكن الطارق سوي السيدة “نعيمة” … والدة “خميس”
وقفت مواجهة لـ”زينب” و قد كانت تشتعل غضبا و يديها ترتجفان من شدة الإنفعال ..
-أم خميس ! .. تمتمت “زينب” بإستغراب ، لكنها إستطردت بإبتسامة مرحبة :
-أهلا يا أم خميس . إتفضلي يا حبيبتي إدخلي .. و أفسحت لها مجالا للدخول
نعيمة بغلظة :
-أنا مش جاية أضايف ياست زينب .. و أكملت و هي تصوب نظرها نحو “سمر” :
-أنا جاية أقول كلمتين للمحروسة إللي قاعدة هناك دي و ماشية علطول.
أحست “سمر” بإرتجاف الهواء فوق شفتيها و هي تحدق في السيدة بريبة ، بينما ولجت الأخيرة و مضت ناحيتها ..
-إسمعي يا شاطرة ! .. قالتها “نعيمة” بخشونة و هي تقف علي مقربة منها ، و تابعت :
-أنا سبق و قولتلك تبعدي عن إبني خميس و إنتي سلمتي و قولتي أمين . بس إللي أنا شايفاه دلوقتي غير كده . ماتحاوليش تجريه لسكتك يا سمر عشان أنا مش هسمحلك مش بعد ما ربيته و تعبت فيه لحد ما بقي راجل تيجي بسلامتك و تاخديه علي الجاهز . لأاا . ده مش ممكن يحصل و لا يكون أبدا.
تقلصت ملامح “سمر” بألم ، لكنها حاولت إستعادة تعابيرها الطبيعية متجاهلة الدموع المنهمرة من عيناها ..
-إنتي لتاني مرة فاهمة غلط يا طنط نعيمة ! .. قالتها “سمر” بصوت مخنوق ، و أكملت :
-أنا عمري ما فكرت في خميس و مش هفكر فيه إطمني خميس زيه زي فادي أخويا بالظبط و نظرتي له كأخ مش هتتغير أبدا.
نعيمة بتهكم :
-كلامك موزون و منقياه كويس عشان تنيميني بيه و تلفي علي الواد من ورايا . بس أنا بقي صاحيالك ياختي و مش هسيبلك الفرصة دي . بعينك تتجوزي إبني أنا إستحالة أقبل أجوزه واحدة إتجوزت من قبله جوازة شفوي !
جحظت عينا “سمر” في لحظة من الصدمة … كيف علمت السيدة “نعيمة” بهذا الأمر السري ؟؟؟ .. إنها لكارثة حتمية ..
تتدخل “زينب” عند هذا الحد صائحة و قد طبع الحنق كل ملامح وجهها :
-إيه إللي إنتي بتقوليه ده ياست إنتي ؟ ما تحسبي كلامك و أعرفي إنتي بتقولي إيه ؟ هي حصلت تيجي لحد بيتها و ترمي عليها تهمة زي دي ؟ ما تفوقي يا حبيبتي و بوصيلها كويس . دي سمر يا حبة عيني إللي كل الحتة بتحلف و تتحالف بأخلاقها و تربيتها.
ضحكت “نعيمة” بسخرية و قالت :
-لأ و هي متربية أووي يا زينب . لما تروح تتجوز البيه صاحب الشركة عرفي تبقي متربية و بنت أصول محدش يقدر يقول عليها نص كلمة.
زينب بصدمة :
-إنتي مين إللي قالك الكلام ده ؟؟؟
إبتسمت “نعيمة” بإلتواء و قالت :
-يعني صح يا زينب !
زينب بإنفعال :
-لأ طبعا مش صح ده كله كلام فارغ . سمر ماتعملش حاجة بطالة أبدا قوليلي مين إللي قالك كده و أنا أكدبه قدامك و أحط صوابعي العشرة في عنيه.
نعيمة بإبتسامة مستفزة :
-أنا مش جاية أحقق في إللي جرا يا زينب . كل حي يعمل إللي يعجبه . أنا بس جاية أحذر قطتك الحلوة . لو ماسمعتش الكلام و بعدت عن إبني أنا هخلي إللي ما يشتري يتفرج عليها.
زينب بزمجرة :
-تهديد ده يا نعيمة ؟!
نعيمة ببرود :
-لو إنتي شايفة كده يبقي أه . إنتي طبعا عارفة يا زينب إن بكلمة مني ممكن أقيد النار في بيتك كله و هيجي الخراب علي دماغك بسببها . فلميها أحسن و عقليها . قوليلها تبعد عن إبني بدل ما فضيحتها تبقي بجلاجل في الحتة كلها ثم شملت “سمر” بنظرة إزدراء أخيرة و قالت :
-فوتكوا بعافية !
و ذهبت صافقة باب الشقة من خلفها … كانت “سمر” و “زينب” متجمدتين في هذه اللحظة ، و كأنهما تمثالين من الشمع ..
توقف الباب عن الإرتجاج ، عنذ لك فقط إنتفضت “زينب” و إنطلقت إلي خارج الشقة ..
-شـهـيــــــــــــــــــــــــــرة ! .. صاحت “زينب” بصوت يزخر بالغضب الشديد
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••
في قصر آل”بحيري” … يشعر “عثمان” بالحيرة و التردد حيال الفكرة التي جاءته
لم يكن متأكدا إذا كانت فكرة صائبة أم خاطئة ؟ .. لكنه لأول مرة شعر بالحاجة لإفشاء ما بداخله ، و هي أنسب من خطرت علي باله !!!
يتوجه “عثمان” نحو غرفة شقيقته و هو يقدم ساق و يؤخر الأخري .. يدق بابها ، ثم يدخل حابسا أنفاسه بتوتر ..
كانت تجلس في شرفتها عندما ظهر أخيها من خلف باب الغرفة … صاحت بإبتسامة شاحبة :
-عثمان ! تعالي يا حبيبي.
مضي “عثمان” إليها بتباطؤ ، و جلس في كرسي قبالتها ..
-إزيك يا صافي ؟ .. قالها “عثمان” بلهجة مقتضبة
صفية و هي تهز كتفاها بخفة :
-كويسة . الحمدلله .. إنت إيه أخبارك ؟؟
-تمام . لأ .. في الحقيقة مش تمام خآالص ! .. كان صوته يائسا بشكل ملحوظ
صفية بإهتمام :
-مالك يا عثمان ؟ .. عندك مشكلة و لا إيه ؟؟؟
تنفس “عثمان” بعمق و أجابها :
-عندي مشكلة كبيرة يا صافي.
صفية و هي تتململ بقلق :
-خير يا حبيبي . مالك يا عثمان ؟ إحكيلي بلاش تقلقني أكتر من كده بليز !
عثمان بلطف :
-ماتقلقيش يا حبيبتي . It’s okay . المشكلة مش خطيرة لدرجة القلق يعني.
صفية بحيرة :
-طيب فهمني . ماتسبنيش حيرانة كده هفضل قلقانة عليك.
نظر لها “عثمان” بتفكير ، ثم قال بجدية :
-قبل ما أقولك أي حاجة إوعديني إن كل كلمة هتبقي سر بينا . ماينفعش مخلوق يعرف أي حاجة و لا حتي صالح.
إبتسمت “صفية” بسخرية حين آتي علي ذكر “صالح” و قالت :
-إطمن يا عثمان . لو علي صالح مش هيعرف أي حاجة.
عثمان بلهجة حادة :
-صالح أو غيره.
صفية بنفاذ صبر :
-يا أخي حد قالك عليا فتانة ؟ ما تتكلم بقي يا عثمان إخلص !
يأخذ “عثمان” نفسا عميقا .. ثم يبدأ بسرد القصة عليها ، و من البداية …
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••
في شقة الجارة “شهيرة” …
تقف “زينب” في منتصف الصالة ، تهدر بأعلي صوتها و عيناها تقدحان شرارات غاضبة :
-هي دي الأمانة إللي آمنتك عليها يا شهيرة ؟ هو ده السر إللي قولتيلي في بير ؟ عملتي كده ليه ؟ قوليلي لـيـــــه ؟ ليه فضحتي البت ؟ ده ربنا كان سترها تيجي إنتي تفضحيها ؟ بس العيب فعلا مش عليكي . العيب عليا أنا إني وثقت فيكي و حكتلك . أنا إللي أستاهل.
شهيرة بدموع :
-أبلة زينب . سامحيني . أنا غلطانة و الله !
زينب بإستنكار :
-أسامحك ؟ هو إنتي كسرتيلي كوباية و لا طبق ؟ إنتي خونتي الثقة يا شهيرة . خونتي الأمانة . خونتي عشرة العمر و العيش و الملح.
شهيرة بصوت كالأنين :
-ونبي كفاية يا أبلة . ونبي تسامحيني . أنا ماكنش في نيتي حاجة وحشة و الله.
زينب بعدم تصديق :
-أنا مش عارفة إزاي لساني فلت مني و حكتلك ؟ و مش مصدقة إنك سمعتي مني و جريتي تنشري الأخبار في كل حتة . إزاي أنا كنت غبية كده ؟ إزاي حكتلك سر خطير زي ده إزآااااي ؟؟؟
شهيرة بنبرة معذبة :
-يا أبلة زينب كفآاية الله يخليكي . يا ريتك ماكنتي حكيتيلي فعلا . يا ريتك.
زينب بحدة :
-قولتي لمين تاني يا شهيرة ؟ إنطقي قوليلي مين تاني في الحتة لسا ماعرفش بفضيحة سمر ؟؟
شهيرة بإنفعال صادق :
-و الله ما قلت لحد تاني . أقسم بالله و حياة ولادي ما قلت لحد تاني !
زينب بإبتسامة ساخرة :
-حتي لو ما قولتيش . نعيمة مش هتسكت . هتخلي سيرة البت علي كل لسان . السر مابقاش سر خلآاص و البت إتفضحت و إللي كان كان.
أطرقت “شهيرة” رأسها باكية بحرقة ، بينما نظرت لها “زينب” بإحتقار و لم تتأثر البتة بحرارة نشيجها ..
-من بكره تلمي عزالك و تشوفيلك مطرح تاني تقعدي فيه .. قالتها “زينب” بصرامة ، و أكملت :
-ماعادش ليكي مكان في بيتي يا شهيرة.
رفعت “شهيرة” وجهها بسرعة ، و شعرت بإن جدران البيت تهتز .. لكنها لم تكن هزة أرضية كما ظنت لبرهة ، إنما إرتجافها هي ..
-بتقولي إيه يا أبلة ؟! .. تمتمت “شهيرة” بصدمة
زينب بقسوة :
-إللي سمعتيه . قدامك من هنا لأخر الإسبوع . تكون الشقة فاضية و المفتاح في إيدي.
ثم تركتها و عادت إلي شقتها
وجدت “سمر” جالسة كالصنم لا تتحرك إطلاقا ، بالكاد كتفاها يصعدان و يهبطان نتيجة معدل أنفاسها … مضت “زينب” إليها ركضا و جلست بجوارها علي حافة الآريكة :
-مالك يا سمر ؟ مالك يا حبيبتي ؟ إنتي كويسة ؟؟؟
و فجأة لمحت هاتفهها ملقي في حجر “سمر” و لا زالت الشاشة مضاءة تشير لإنهاء إحدي المكالمات ..
-هو في حد إتصل بيا و لا إيه ؟ .. قالتها “زينب” بصوت تساوره الشكوك ، لترد “سمر” بصوت هامس بالكاد كان مسموعا :
-فادي . فادي لسا قافل معايا . راجع بكره يا ماما زينب !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••
عند “عثمان” و “صفية” …
بعد أن فرغ “عثمان” من سرد قصته :
-يا نهــــــــــار إسوود ! .. صاحت “صفية” بذهول
-متجوز عرفي يا عثمان ؟؟؟
عثمان بحدة :
-ششسشش وطي صوتك . ماشفهومش و هما بيسرقوا شافوهم و هما بيتحاسبوا !!
صفية بغضب :
-و ليك نفس تهزر ؟ إيه إللي يخليك تتجوز عرفي يا عثمان ؟ ليـــه ؟ ده أنت راجل و إبن ناس و مش أي ناس و تقدر تتجوز في نور و قصاد الدنيا كلها.
عثمان بضيق :
-ماكنتش واخد الموضوع بجد . كنت حاطط في دماغي إنها فترة و هنسيب بعض . بس فجأة لاقيت نفسي إتنيلت علي عيني و حبتها . أول مرة أحب يا صافي !
صفية بإستنكار :
-يعني لو ماكنتش حبتها كنت هتخلا بيها ؟ كنت هتسيبها متورطة لوحدها في مصيبة زي دي ؟ .. أنا بجد مصدومة و خاب أملي فيك يا عثمان.
عثمان بعصبية :
-هو أنا جايلك عشان تلوميني بالكلام ؟ أنا غلطان إني جيت أحكيلك أصلا .. و كاد يقوم من مكانه ، لتوقفه بإسراع :
-أقعد يا عثمان ! .. كانت لهجتها صارمة و حانقة في آن
عثمان بإنزعاج :
-أقعد عشان تسمعيني كلام مالهوش لازمة ؟!
صفية بإمتعاض :
-لأ . تقعد عشان نشوف حل .. إنت ناوي علي إيه دلوقتي طيب ؟
عثمان بثقة عمياء :
-ناوي أتجوزها طبعا . بقولك بحبها . و ماتنسيش أنها حامل في إبني أو بنتي لازم الجواز يتم في أسرع وقت.
صفية بسخرية :
-أيوه بس إنت قولتلي إنها مش طايقاك و عايزة تنزل البيبي !
تنهد “عثمان” بسأم و قال :
-ما أنا عشان كده لجأتلك يا صافي.
صفية بإستغراب :
-مش فاهمة قصدك إيه ؟!
نظر “عثمان” لها … و قال بعد صمت طويل :
-أنا محتاجلك . إنتي ممكن تساعديني و تأثري عليها .. كان أمل كبير يملأ صوته … !!!!!!
بارت بكره في ميعاده إن شاء الله ❤
يتبـــــــــــــع …