رواية عزلاء أمام سطوة ماله للكاتبة مريم غريب
( 13 )
_ حالة عصبية ! _
أدار وجهه قليلا نحو صديقه ليجيب بنبرة خبيثة تشتعل حماسة :
-سمر.
مراد عاقدا حاجبيه في إستغراب :
-سمرا ! سمر مين ؟ .. قصدك سمر إللي بتشتغل عندك ؟!
أومأ “عثمان” دون أن يتكلم ، ليرمقه الأخير بدهشة قائلا :
-إنت بتهزر ! صح ؟؟؟
-بهزر إيه ياض إنت ؟ إنت تعرفني بهزر في حاجات زي دي ؟؟
-لا ما بصراحة أنا مش مصدقك يعني . فهمني لو سمحت عشان أنا توهت منك عالأخر .. إنت قصدك إيه بالظبط ؟؟؟!!
أشاح “عثمان” عنه و شرع بغسيل وجهه بقطرات المياه الدافئة
أغلق الصنبور بإحكام حالما إنتهي ، ثم تناول منشفة صغيرة من إحدي الرفوف الجانبية
أخذ يجفف وجهه بها و هو يمشي عائدا إلي غرفته متجاوزا “مراد” الذي لم يتوقف عن النظر إليه بذهول ..
-إنت يا عم إنت ! .. صاح “مراد” و هو يتبعه إلي الداخل
-إستني هنا . رد عليا مش بكلمك !!
عثمان بضيق :
-عايز إيه يا عم ؟
-فهمني قصدك إيه ؟!
تنهد “عثمان” و هو يلقي بالمنشفة علي كرسي محاذي لسريره ، ثم قال و هو يتجه صوب غرفة الملابس خاصته :
-قصدي كل خير يا مراد . البت غلبانة و أنا حابب أعطف عليها.
مراد بسخرية و هو يجلس علي طرف السرير في إنتظاره عودته :
-لا يا شيخ ! بقي حابب تعطف عليها بردو ؟؟!!
عثمان بضحك من الداخل و هو يرفع نبرة صوته قليلا :
-يابني و الله زي ما بقولك كده . هي محتاجة فلوس عشانها و عشان إخواتها . فأنا قلت واجب عليا أساعدها.
-إخواتها ؟ أنا فاكر إنك قولتلي عندها أخت صغيرة بس !
-لأ ما أنا نسيت أقولك بقي.
مراد بفضول :
-نسيت تقولي إيه ؟؟؟
عاد “عثمان” في هذه اللحظة و قد إرتدي فقط سروال منزلي مصنوع من القطن الكحلي ..
-فاكر الواد إللي جيت قولتلي عليه كانت نازلة في حب ؟ .. قالها “عثمان” بتساؤل و هو يقترب ليجلس بجانبه
ليجيب “مراد” بعد برهة :
-أه فاكر . ماله ده يعني ؟!
عثمان بإبتسامة مرحة :
-طلع لا خطيبها و لا حبيبها.
-يا راجل ؟ أومال طلع إيه خالتها !!
عثمان بضحكة صفراء :
-هيهيه ظريف أووي .. ثم أردف بإنزعاج :
-تصدق ياض ؟ فصلتني . مش حاكيلك حاجة !
مراد و هو يعتذر منه بسرعة :
-لا لا خلاص معلش حقك عليا . كنت بهزر يا أخي . يلا بقي إحكي عشان خاطري.
عثمان متآففا بضيق :
-و ربنا هقطع علاقتي بيك قريب . ما علينا .. و راح يحكي له كل ما حدث اليوم ، إجمالا و تفصيلا ، بدايةً من ذهابه مع “سمر” و أختها إلي المركز الطبي و حتي مجيئ أخيها و الحوار الحاد الذي دار بينهما
-لا بجد ؟ يعني طلع أخوها ؟! .. تساءل “مراد” بشئ من الدهشة ، ليرد “عثمان” ببساطة :
-أيوه يا سيدي . طلع أخوها.
-بس علي حسب كلامك شكله شديد و مقفل عليها . هتوقعها إزاي دي ؟؟؟
-قولتلك أمرها سهل . الفلوس أهم حاجة بالنسبة لها و أنا معايا فلوس . هتلين في إيدي بسرعة ماتقلقش.
مراد بوجوم :
-بس شكلها مش من النوع ده يا عثمان . أنا شوفتها !
عثمان بسخرية :
-هي مين دي يا حبيبي إللي مش النوع ده ؟ إوعي يكون غرك شكلها و قناع البراءة إللي هي لبساه ده . لو صدقتها تبقي عبيط . زيها زي أي واحدة من بنات جنسها . كلهم بيحبوا الفلوس و بيحلموا بيها . و بالذات الفقرا إللي زيها . الواحدة منهم تعيش طول عمرها بتتمني تقع علي الراجل إللي جيوبه مليانة و لو خلصت عليه تشوفلها واحد غيره.
مراد بجدية :
-يابني مش كلهم بردو . أنا حاسس إن دي غير.
-و لا غير و لا حاجة . إسمع مني بس و هتشوف.
رمقه “مراد” بعدم إقتناع
فزم “عثمان” شفتاه كاتما إنفعاله غضبه بداخله ، ثم قال بتحد :
-طيب تراهن ؟
-أراهن علي إيه ؟!
-خلال يومين بالكتير . سمر هتبقي ملكي.
مراد ضاحكا بخفة :
-يا جاااامد . واثق من نفسك أوووي يا صاحبي .. ثم قال قابلا التحد :
-أووك . أراهنك يا عثمان .. بس لو خسرت الرهان يا حلو ؟!
عثمان بإبتسامة مستخفة :
-عثمان البحيري عمره ما خسر . حط الرهان إللي إنت عايزه.
-ماااشي يا إبن البحيري . لو خسرت ليا عندك عربية أخت إللي صالح عمل بيها الحادثة بالظبط.
عثمان بدون تفكير :
-موافق .. ثم أكمل بإسلوبه الماكر :
-بس لو كسبت ! يبقي ليا عندك إنت إيه ؟!
-يا عم هي فزوره ؟ إنجز و قول إللي إنت عايزه.
عثمان بإبتسامة هادئة :
-مش عايز حاجة . أنا عندي كل حاجة يا مراد . سمر دي زي صفقة كده بالنسبة لي .. و لو فشلت معاها هدفعلك الشرط الجزائي . الـ Black Velvet Ferrari !
مراد بحماسة :
-Deal ?
عثمان بثقة :
-Deal !
و تصاحفا علي هذا الإتفاق
ليقول “مراد” بعدها مشاكسا إياه :
-بس ماتبقاش بقي ترجع في كلامك زي العيال الصغيرة لما تخسر.
ضحك “عثمان” ملء حنجرته ، ثم قال و هو يقوم من جانبه :
-هروح أشوف الخدامين جهزولك أوضتك و لا لسا !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• ••••••••
في الحي الإسكندراني العتيق … تمشي “سمر” مع أخيها في إتجاه المنزل
ليقفز أمامهما فجأة ذاك الذي يدعي “خميس” نجل أكبر تاجر لحوم بالمدينة كلها ..
-مسا الخير يا أستاذ فادي ! .. قالها “خميس” بنبرته الغير لبقة علي الإطلاق
بينما وقفا الشقيقان بصورة تلقائية ، ليرد “فادي” بإقتضاب ممزوج بالحدة الخفيفة :
-مساء النور يا معلم خميس . خير في حاجة ؟!
خميس و هو يشمل “سمر” بنظرة خاطفة :
-خير إن شاء الله . بس كنت عايزك خمسة كده في موضوع مهم.
فادي عابسا في ضيق :
-و الموضوع المهم ده ماينفعش يتأجل لبكره الصبح يا معلم خميس ؟
-يا أستاذنا ماتخفش مش هعطلك . هما خمس دقايق عبال ما تشرب الحاجة الساقعة أكون قولتلك إللي عندي.
تنهد “فادي” ثم نظر نحو أخته و قال بأمر :
-روحي إنتي عالبيت . شوية كده و هحصلك.
أطاعته “سمر” في صمت ، و توجهت بمفردها صوب المنزل
بينما إلتفت “فادي” إلي “خميس” متسائلا بفتور :
-خير يا معلم خميس ؟!
خميس بإبتسامة :
-خير يا أستاذ فادي . إتفضل معايا جوا في المحل عشان نبقي براحتنا . بدل ما نتكلم في موضوعنا علي الواقف كده !
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°
كانت قلقة جدا حيال الوضع برمته … و كم أرادت ألا تترك شقيقها وحده مع هذا الشخص الخطير
و لكنها أبت أن تزعجه ، فهي تعلم جيدا أنه يشعر بالغضب من قلقها الزائد عليه ، و يتهمها في كثير من الأحيان بتوجيه الإهانة له ما إذا قامت بتحذيره من أي شئ أو أي شخص
دائما يعتبر نصائحها الطيبة جرحا لكرامته و رجولته
لذا آثرت “سمر” الصمت و تركته ليفعل ما يشاء ..
طرقت “سمر” باب السيدة “زينب” قبل أن تصعد إلي شقتها ، لتفتح لها السيدة بعد لحظات ..
-سمــر ! .. صاحت “زينب” ما أن رأتها ، و تابعت :
-إتأخرتوا كده ليه يابنتي شغلتوني عليكوا . و فين ملك مش شايفاها معاكي ليه ؟؟؟!!
سمر بإبتسامة منهكة :
-ملك سبناها عند الدكتور يا ماما زينب.
زينب بقلق حقيقي :
-ليه يابنتي ؟ هي فيها حاجة كبيرة و لا إيه ؟!
-إلتهاب رئوي يا ماما زينب . عندها إلتهاب رئوي.
زينب بذعر و هي تضرب صدرها بكفها :
-يا لهوي ! عيلة في سنها تستحمل إزاي حاجة زي دي ؟؟
سمر بحزن :
-و الله يا ماما زينب الدكتور بيقول إنه مرض شائع بين الأطفال إللي في سنها . بس هي إللي حالتها ساءت أكتر من الإهمال .. ثم أكملت بسخرية مريرة :
-أنا أهملتها يا ماما زينب !
-لا يابنتي ماتقوليش كده . ده إنتي مش بس شايلة أختك جوا عنيكي . و أخوكي كمان . ماتجيش علي نفسك يا سمر إنتي قايمة معاهم بدور الأم و الأب . و مش كتير يقدروا يعملوا إللي بتعمليه.
سمر مبتسمة بخفة :
-ربنا يخليكي يا ماما زينب .. يلا بقي أسيبك . تصبحي علي خير . أنا قلت بس قبل ما أطلع أعدي أطمنك.
-و الله يا سمر كنت قاعدة علي أعصابي .. يلا ربنا ستار بردو.
-أيوه و الله عندك حق . إن شاء الله هفوت عليكي بكره الصبح و أنا نازلة.
-ماشي يا حبيبتي .. قالت “زينب” بإبتسامة ودودة ، ثم سألتها بسرعة قبل أن تذهب :
-هو فين فادي صحيح ؟ سبتيه بايت مع ملك عند الدكتور ؟؟
-لأ ده واقف تحت مع آاا … و ما كادت “سمر” تكمل جملتها ، إلا و سمعت صوت جلبة شديدة آتية من الخارج
-يا ساتر يا رب .. قالتها “زينب” بخوف ، و أردفت :
-إيه الأصوات دي ؟ خناقة دي و لا إيه ؟؟!!
سمر بتوجس :
-ماعرفش يا ماما زينب . تعالي نشوف !
و دخلتا معا إلي شقة ، ثم إلي الشرفة المطلة علي الشارع ..
خفق قلب “سمر” بقوة و جحظت عيناها برعب و هي تري من مكانها عراك مشتعل قد نشب بين أخيها و بين “خميس” أمام محل الجزارة ..
-و رحمة أمي و أبويا لأدفعك تمن كل كلمة قولتها يا زبالة يا إبن الـ— .. قالها “فادي” مزمجرا بشراسة و هو يشد “خميس” من تلابيبه القذرة الملوثة بالدماء
بينما رد “خميس” بغضب شديد و هو يحاول الفكاك منه :
-إنت بتمد أيدك عليا ياض ؟ وديني لأكون فاتح كرشك الليلة دي.
و هنا دوي صوت السيدة “زينب” بصراخ حاد :
-ولاآاا يا خمييييس . سيييبه يا وآاااااد . ما تلحقوا يا خلق حد يحوشهم عن بعض !
و أثناء صراخها ، كانت “سمر” قد إندفعت كالسهم خارج المنزل كله ..
وصلت إلي أرض العراك و أسرعت إلي “فادي”
أمسكت بكتفه و هي تصرخ به :
-بس يا فادي . كفاية سيبه . بقولك سيبه !
و أخيرا أفلته “فادي” لكنه إلتفت إلي “سمر” و هو يصيح بإنفعال :
-إنتي إيــه إللي نزلك ؟ إطلعي فووق.
سمر برفض قاطع :
-لأ مش طالعة . مش همشي من هنا إلا بيك فاهــم ؟!
فادي بغضب شديد :
-قلت إطلعي . إطلعي دلوقتي و إلا مش هيحصلك طيب.
-ده إنت إللي مش هيحصلك طيب يا روح أمك .. قالها “خميس” و هو يعود من داخل المحل بسكين ضخم حاد النصل
كانت ملامحه تنطق بالشر المطلق و هو يتجه نحو “فادي” مشهرا السلاح بوجهه ..
-إن ما خلصت عليك . مابقاش أنا خميس إبن المعلم رجب !
و هم بتسديد أول طعنة عنيفةً له ..
إلا أن “فادي” كان حاضر الذهن و لم يـُذل أمامه لثانية واحدة ، بل أنه تفادي طعنته بمهارة متناولا يده من الهواء ، ثم لوي معصمه في محاولة لدرأ الخطر بأقل خسائر ممكنة ..
و في وسط كل هذا أخذت “سمر” تصرخ بهلع و قد إنتابتها حالة عصبية قوية
بينما تحرك المشاهدين أخيرا و تدخل كبير المنطقة حائلا بين الشابين بحزم :
-بـــــــــس . بس يآاااض إنت و هو كفاياكوا بقي . إيه مش عاملين إحترام لحد ؟! .. ثم إلتفت إلي الحشد الغفير مكملا بحدة :
-و إنتوا ياللي واقفين بتتفرجوا يلا مع السلامة إنفضوا من هنا . كل واحد يروح لحاله يلااا.
إنفض التجمع شيئا فشئ ، ليلتفت الرجل المسن نحو “خميس” قائلا بصلابة :
-خلاص يا خميس . آسر الشر و رجع السكينة دي مكانها أحسن و الله هيبقالي كلام تاني مع أبوك .. ثم توجه إلي “فادي” أيضا :
-و إنت يا فادي . يلا خد أختك و إتكل علي الله من هنا . إنت يابني عمرك ما كنت بتاع مشاكل . هنعتبرها ساعة شيطان بس مش عايز حاجة زي دي تتكرر تاني و الكلام ليكوا إنتوا الإتنين.
ضغط “فادي” علي فكيه و هو يرمق “خميس” بنظرات عنيفة للغاية ، لكنه أشاح عنه بالنهاية و إستدار قابضا علي يد أخته ..
أخذها و دخلا إلي المنزل دون أن يلتفت ورائهكان في مزاج سيئ جدا ، حيث أنه تجاهل عمدا نداء السيدة “زينب” و تساؤلاتها و أكمل سيره بأخته حتي وصلا إلي الشقة ..
أغلق الباب بهدوء ، ثم إلتفت إليها ..
-إرتاحتي إنتي دلوقتي ؟ .. تساءل “فادي” بغضب دفين ، لترد “سمر” و هي لا زالت ترتجف من هول ما حدث بالأسفل :
-مش فاهمة ! .. قـ صدك إ يه ؟؟
تنهد “فادي” بإنهاك ، ثم قال ببغض متخليا عن عصبيته تماما :
-أنا خلاص هبطل أتكلم معاكي تاني في الموضوع ده . إنتي كبيرة كفاية و عارفة مصلحتك . بس خليكي عارفة إن سمعة أبوكي الله يرحمه لو بقت في الأرض بعد عمره ده كله إللي قضاه هنا هتبقي إنتي السبب يا سمر !
و حدجها بخبية أمل شديدة ، ثم إنصرف من أمامها و دخل إلي حجرته
بينما إرتمت “سمر” علي أقرب كرسي محاولة تهدئة أعصابها الثائرة متناسية حديث أخيها الفائت كله ..
لم تفكر حتي ما كان الذي يقصده بالضبط ، فقط واصلت العمل علي الإسترخاء التام
فما حدث منذ قليل لم يكن هينا بالنسبة لها أبدا …
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••
صباح يوم جديد … في قصر آل “بحيري”
ينزل “عثمان” من غرفته ، ليقابل أمه الجميلة أثناء هبوط الدرج ..
-فريال هانم ! .. قالها “عثمان” بلهجة مهذبة مفعمة إعجابا بجمال أمه المتزايد
فريال بإبتسامة رقيقة و هي تقترب منه :
-حبيبي . صباح الخير يا قلبي.
-صباح النور .. و تناول يدها بكفيه و إنحني ليقبلها
-إيه علي فين كده ؟
-علي الشركة جلالتك .. قالها بمرح هادئ و إنحني ثانيةً ليقبل يدها مرةً أخري
فريال ضاحكة بخفة :
-آه منك يا بكاش إنت . دايما واكل بعقلي حلاوة.
عثمان بإطراء :
-مافيش حلويات في البيت ده كله غيرك يا فريال هانم.
-و الله بكاش .. لكن ما علينا . إنت مبدر أوي كده ليه ؟ ده الساعة ستة و نص !
-ورايا شوية شغل كده و كام حاجة مهمة . هروح أخلصهم بدري.
-طيب مش تفطر الأول ؟؟؟
-هاخد أي حاجة في الشركة ماتقلقيش . يلا باي.
-باي يا حبيبي .. و طبع “عثمان” قبلة خفيفة علي وجنتها ، ثم أكمل هبوط الدرج
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°° °°°°
وصل “عثمان” إلي مقر شركته بسهولة هذا الصباح بسبب ذهابه في وقت مبكر علي غير العادة ..
لم يكن هناك سوي أفراد الأمن و موظفين الإستقبال و عمال الطوابق
و لم يخطر بباله أبدا أن يجدها تجلس علي مكتبها في هذا الوقت ..
-سمر ! .. تمتم “عثمان” بإستغراب
بينما لم تتحرك الأخيرة إنشا واحدا ، حيث ظلت عاكفة كما هي فوق دفاتر مكتبها و قد بدا عليها التعب بصورة واضحة
إقترب “عثمان” بحذر و هو يهتف بلهجة متوسطة :
-سمر .. سمــر !
إنتفضت “سمر” لسماع صوته و تطلعت إليه فورا ..
حملق “عثمان” بدهشة في وجهها الذابل المرهق و عيناها الحمراوان ، ثم سألها بلطف :
-مالك يا سمر ؟ في حاجة ؟ إنتي تعبانة ؟؟
إبتسمت “سمر” بجهد و أجابته :
-أنا كويسة يافندم . مافيش حاجة . شكرا علي سؤالك.
-إيه إللي جابك بدري كده ؟!
-أنا مانمتش طول الليل أصلا حضرتك . كنت مشغولة علي ملك فإستنيت أول ما الفجر طلع و روحت أطمنت عليها . و بعدين خدت بعضي و جيت علي هنا.
-أه . فهمت .. ثم قال بإبتسامة :
-أنا مش عايزك تقلقي عليها أوي كده . صدقيني قريب أوي هتبقي كويسة و هترجع أحسن من الأول.
أومأت “سمر” بهدوء ، ليتنفس “عثمان” بعمق ، ثم يقول :
-طيب .. بما إن الفراش لسا مجاش و البوفيه لسا قافل . ممكن تيجي علي مكتبي تعمليلي فنجان قهوة لو سمحتي ؟
سمر برحابة :
-طبعا ممكن.
رمقها بإبتسامة ، بينما قامت من خلف مكتبها و إتجهت إليه
أخذت من يده حقيبة العمل الصغيرة و تبعته إلي داخل المكتب ..