رواية أحببتُ العاصيِ
رواية أحببتُ العاصيِ
جميع الحقوق محفوظة للكاتبة آية ناصر
ما تطلبه المرأة الآن ليس فارساً كما نعتقد نحن، ولا رجلاً يوّفر لها كل شيء، كما يقول شكسبير ولا جداراً تتكئ عليه كما تقول أمثالنا هي قادرة على كل شيء بنفسها بلا فارس، وبلا رجل لكنّها غير قادرة على أن تحب وحدها، الحب قانون يربطها مع هذا الرجل، فارساً كان أو طفلاً غذاء المرأة هو الحب وليس المال، ولا الفرسان ولا الرجال، هذا ما تريده المرأة، لا أكثر و ما دام الفراق هو الوجه الآخر للحب، والخيبة هي الوجه الآخر للعشق، لماذا لا يكون هناك عيد للنسيان ، و للحياة دمعتان، دمعة لقاء ودمعة فراق، فإن لم تجمعنا الأيام، فسوف تجمعنا الأحلام، فإن لم تجمعنا الأحلام، فسوف تجمعنا الذكريات، وروعتها بالأمل واللقاء، فإذا رست سفينتك على شاطئ الذكريات فاجعلني أحد ركابها وعذراً لم أعد أحتمل البقاء.
================
الحلقه : 1
المطر يأتي دائماً بالخير ذهب يهبط من السماء مُحمل برسالة فرحة لجميع المخلوقات ويستقبله الجميع باشتياق ويكون المشهد كالآتي تعانق مُحمل بالقبلات بين حبات المطر وفتات الحصي ويتراقص النبات و من بين كل هذا نري فرحة العاصي نعم هي عاصي تضحك وتتراقص وتستقبل المطر بضحكات عالية لا تستطيع أن تفرق بينها و بين غزير المطر و كأنه لحن مُتكامل والجميع في هذا المكان يعلم فرحة العاصي بالمطر فرحة لا يستطيع أحد تخيلها ولا تتعجب من هذا فإنها العاصي واليوم هي تودع فصل المطر لتستقبل فصل آخر فرحة اخرى من فرحة العاصي!! الأرض منها وإليها نعود ، خلقنا جميعاً من طين ، وإلي الطين سنعود يوماً ، والعلاقة بين الإنسان والأرض علاقة ولاء، حنينه إليها، تُشبه علاقة حنين الابن إلى أمه ، فإنه منها قد خُلق ومن خيرها يأكل ويشرب وفي أحضانها يُدفن ، و الأرض عند عاصي لها مَفهوم آخر الأرض عندها تعني عرضها الأرض عندها تعني شغفها الأرض عندها تعني حياة . وفي وسط الدلتا حيث البيئة الزراعية وجمال الطبيعة وسحرها كانت تدور تلك الفتاة بفرحة وتتراقص تحت حبات المطر تبتسم وهي تُغني بصوتها العذب الذي يعشقه الجميع في هذا المكان، وعلي بعد أمتار تشعر بالاضطراب كلما تتقدم إلي ذلك القصر الكبير ولكنه قديم تشعر وكأنك تري متحف آثري فتصميم القصر كان ساحر وكيف لا وهو قصر آل مهران وعندم تخطوا قدميك إلي الداخل أول خطوة تستنبط أن القصر بلا حياة أو هجره سكانه كل شيئاً ساكن بمكانة بلا روح فالقصر مُغلق منذ زمن بعيد واليوم يهرول الجميع حتي يقوموا بتنظيفه فالجد سيعود! مصطفي مهران سيعود إلي بلدته و مزرعته بعد غياب دام كثيراً لقد ذهب الجد إلي خارج البلاد ليجري جراحة خطيرة بالقلب و أخيراً سيعود بعد طول غياب عن أرضه، لقد توقف المطر بعد مدة قصيرة ومع توقفه أسرعَ الجميع لاستكمال عملهم بعد أن استمعوا إلي صوتها العذب الذي يشبه صوت الطيور، فهي رقيقة تحت المطر كالفراشة ولكن قاسية كالحجر في العمل ، طفلة تلعب مع الأطفال في وقت فراغها ، أما في وقت توترها وحزنها لها عادة غريبة بات الجميع يعرفها تسلق الأشجار نعم تتسلق الأشجار وتجلس علي أغصانها حتي تهدأ، تلك هي العاصي وردة مُتفتحة نَبتت داخل أرض مصطفي مهران نعم نَبتة قد نَبتتْ في أرض ليست ملكها و من هي العاصي يا تُري !؟ عاصي و رُبما ستتوقف أمام اسمها تارة مُتعجباً وتارة ساخراً كيف أن يكون هذا اسم فتاة ! ولكن هذا من وجهة نظري أنا و أنتم و لكن اسمها يعني لها الكثير والكثير فهو من اختيار أمها أرادت أن يكون لاسم ابنتها خارج عن المألوف فأسمتها عاصي فيما معنه المخالف للأمور، الفصيل إذا لم يُتْبع أمَّه، العرق الذي لا يُقطع دمه. لتكون فتاتها مُختلفة عن الأخرين وقد صدقت، عاصي هي الابنة الثانية للمرحوم ” منصور سالم غنيم ” يكبرها أخ يدعي آدم ،يكبرها بخمس سنوات ويعمل طبيب جراح بعد أنْ أكمل دراسته بمستشفى العاصمة حتي يكون قريب من أختيه و لديها أخت تدعي هند وهي أصغرهما تدرس في كلية الطب البيطري، أما عن عاصي فهي مهندسة زراعية تخرجت من كلية الزراعة حديثاً و ها هي تعمل في نفس المكان التي كانت تعمل فيه عبر مراحل دراستها ، فهي تحب العمل بالأرض حيث الطبيعة و الجمال كما أنها تهتم بكل شيء في هذا المكان لعلها توفَّى للجد مصطفي حقه فهو من رباها هي وأخويها بعد موت أهلها فالجد مصطفي كان صديق مقرب لجد عاصي كما كانت تجمعهم شراكة أيضاً فقد كانت بدايتهما معاً في التجارة وبعد فترة من الزمن أصبح لديهم تلك المزرعة الكبيرة و بعض الشركات والمصانع في العاصمة تولي العمل بالمزرعة سالم غنيم وولده منصور وتولي العمل في المصانع والشركات مصطفي مهران وولده كامل إلي أنْ أخذ الله أمانته فقد توفي سالم وولده في حادث ، كان الخبر مُحزنا للجميع و لقد فقد مصطفي أحب الناس إلي قلبة و أخذ عهد أمام الله أن يرعي أحفاد صديقة وزوجة ابنة الراحل و لكن توفت زوجة ابنه هي الأخرى أثناء وضعها لطفلتها الصغرى هند وتركت الأطفال الثلاثة بدون رعاية ولكن وفر لهم مصطفي كل شيء ليعيشوا حياة هنيئة ودائماً كان يراعيهم إلي أن ترك العمل في العاصمة و جاء إلي المزرعة ليسكن بها تاركاً أعماله لولده كامل وليرعي هو الصغار اليتامى وعاصي هي التي تربعت علي قلب مصطفي مهران و علي الرغم ان لديه أحفادا من صلبه ولكن تبقي للعاصي مكانة مخصصة داخل قلبة فهي مزيج مشترك بين طيبة قلب سالم غنيم وذكاء عقلية مصطفي مهران وهكذا هي العاصي حقاً . وعلي بعد أمتار من قصر مصطفي مهران يوجد قصر أخر بنفس تصميم قصر مهران ولكن ذلك القصر مختلف يوجد به ضحكات وهتافات و أصوات توجد به حياة وفتاتان تجلسنا في صالة المنزل الواسعة حيث في المنتصف منضدة دائرية الشكل و علي الجانب أنتريه مدهب كلاسيكي و في الطرف الأخر صالون كلاسيكي بجانب الحائط شاشة عَرض كبيرة وفي أخر الصالة سلم مُتفرع إلي اتجاهين ، تجلس الفتاتان تتابعان أحد المسلسلات التركية علي اللاب توب ويضحكان بشدة وعندما ننظر إليهم نجد أنهما يشبهان الأطفال الصغار فكانت أحداهما ترتدي منامة قطنية باللون الوردي وعليها رُسومات كرتونية مُضحكة و جمعت شعرها إلي أعلي بطريقة مُضحكة أيضا و ترتدي نظارة طبية علي عينيها العسلية أما عن بشرتها فهي شديدة البياض و تلك هي هند و الأخرى ترتدي منامة بلون كحلي و خالية من أي رسوم و شعرها منسدل علي ظهرها و بعض خصلاته تهبط علي جانب وجهها انها ذات العين البنية و البشر الخمرية إنها عائشة ، أخت في الرضاعة فلقد توفت والدة هند أثناء ولادتها فأحضر الجد مصطفي الخالة حنان والدة عائشة لترضع الصغيرة و تسكن مع الأطفال لترعاهم فحنان وزوجها العم (علي) يعملان في المزرعة منذ زمن وهما من قاموا بتربية اليتامى بمساعدة الجد مصطفي و يقال ما من بذرة صالحة تنبت في أرض صالح إلا وكان طرحها صالح ولقد صدقوا فالخير لا يُجازى إلا بالخير و عائشة بهيام : هو البطل ده حقيقي ولا هزار
هند بتسبيل : ما قدامك آه حقيقي وبعدين تركي عوزه يعمل إيه عائشة بتنهيده : هما الفرعنة ليه بس ما أنتجوش النوعية دي
هند بنظرات حالمة : يا ريت علي الأقل كانت نسبة الطلاق والعنوسة تخف وتبقي الحياة كلها تفاؤل علي الآخر
وعلي بعد خطوتان كان كانت تقف تلك السيدة التي من مظهرها نعرف أنها سيدة في العقد الخامس من عمرها ترتدي جلباب فضفاض من اللون الأسود و تضع علي رأسها وشاحاً يغطي نصف جسدها و أما عن ملامحها فهي ذات ملامح محببة بداية من عينية الكحيلة شديدة السواد و بشرتها القمحية و أنفها الصغير المدبب إنها السيدة حنان من قامت بتربية الصغار منذ وفاة والدتهم ، كانت حنان تنظرت إلي الفتاتان بنظرات مُحتقنه ثم تقدمت ووقفت أمامهم مباشرتاً فانتبهت عائشة لوالدتها فنظرت إلي هند
عائشة بذعر : أأ أنا بقول يله نقوم نذاكر يا هند
هند بمرح ومازالت تنظر لشاشة الحاسوب : نذاكر مين والناس نائمين لما نخلص المسلسل عائشة بترقب و أخذت تحرك هند بعشوائية : لا لا نذاكر عشان الامتحانات علي الأبواب
هند وهي تهتف ثم توقفت عندما وجدت حنان تنظر لها بغضب : امتحانات إيه و…… ، ماما حنان منورة يا غالية خليكٍ شاهدة من الصبح بقولها يله يا عائشة نذاكر مش راضيه
عائشة وهي تفتح ثغرها متفاجئة : أنا والله أبداً يا ماما دي هي اللي قعدة تقولي بصي البطل ده بصي الموز ده بصي
صاحت حنان بِهما بغضب : قدامي علي المطبخ بدام مفيش مذاكرة تتعلموا حاجة تنفعكم عشان لما يجي البطل اللي بجد تشرفونا قدامه و بلاها مضيعةٌ للوقت
هند بخفوت : مضيعةٌ وقت إيه ده حب للإيجار هو ده في مضيعةٌ وقت ثم رفعت من نبرة صوتها و طيب سماح المرة دي يا ماما حنان
عائشة بتوسل : آه يا ماما سماح المرة دي
حنان بتصميم : قدامي منك ليها
وقاطع حديثهم دخول فتاة آخر من باب القصر ولكن الشيء الغريب أن ملابسها وحجابها يتساقط منهما الماء كأنها كانت تسبح أو ما شابة نظرت السيدة حنان لها بتدقيق ومن ثم الفتاتان و
حنان بغضب : ربي يصبرني عليكم اجده يا عاصي مش ناوية تغيري عادتك دي إلا لما تمرضي صح
هند بمرح : أنتِ بتكلمي عاصي يا حنون يعني ولا حياة لمن تنادي
عائشة بضحكة عالية : عاصي و عادتها في مُوسم المطر
عاصي وهي تنظر لهم بتحذير ثم نظرت إلي السيدة حنان التي
أسرعت إليها بالمنشفة : خلاص يا خالة أنا هغير هدومي علي طول مش هيحصل حاجة
حنان بنبرة هادئة: طيب يله غيري هدومك علي ما أعملك حاجة سخنة تشربيها
عاصي برفض : لاء مش هينفع أنا هغير وأروح أشوف البنات خلصوا تنظيف القصر ولا لاء عشان جدي هيوصل بكرة و أنا سبتلك موضوع الأكل يا خالة عاوز كل حاجة بيحبها جدي وآدم ، ثم نظرت إلي عائشة و هتفت بطريقة عملية عملتوا إيه يا عائشة وزعتي المُبيدات علي الأنفار عشان يبدأٌ برشة بكره
عائشة بموافقة : كله تمام يا عاصي
عاصي بتأكيد : الكميات أهم حاجه عشان مش عوزه مشاكل بعد كدة ثم نظرت أختها التي تبتسم علي بلاهة عائشة أمام عاصي و هتفت ، وأنتِ يا أنسة هند عملتي اللي قولتلك علية للخيل ولا لاء
هند باضطراب : أحم أحم بصي بأمانة أنا قولت لعم حسن كل حاجه وهو يظبط أصل بخاف أدخل الإسطبل
عاصي وهي ترفع أحد حاجبيها : أول مره أشوف دكتورة بيطرية وبتخف من الحيوانات بيعلموكم إيه في الكلية دي هند بمرح : لا دي شهادة هاكل بها عيش بس
عاصي بحزم : والله ! لازم يا أنسة تتغلبي علي خوفك وده أحسن ليكي يا هند.
حنان بعطف : يا بنتي ارحمي نفسك يا عاصي وارتاحي شوية عشان خطري
عاصي بعزم : هخلص اللي ورايا وأرتاح بعدها
وكيف لا وهي عاصي سعادتها في عملها و تفوقها فبفضل تعبها في تلك المزرعة التي أصبحت من أشهر مزارع المحافظة في إنتاجها وجودته والجميع يعلم من هي المهندسة عاصي منصور سالم غنيم فيكفي ذكرها في سوق الفاكهة والخضروات أو في سوق المواشي بين أكبر التجار وأكثر وأكثر والجدير بالذكر الكل يخاف دهاء وذكاء تلك الفتاة وخاصة في مجالها و مصطفي مهران يفتخر بها كأنها حفيدة لهُ ومن صُلبةٌ ، فتاة في العقد الثاني من عمرها و عمرها بالضبط هو أربعة وعشرون عاماً تخرجت حديثاً كما ذكرت من كلية الزراعة و أكملت عملها بداخل تلك المزرعةٌ التي تعرف كل مكان بها أما عن جمالها فالعاصي ذات جمال هدأ فجسدها عامر بقليل من الوزن أما عن عينيها فهي أخذت من لون أوراق الشجر نصيب كبير خضار عينيها ليس بالخضار المعتاد لا فهو أخذ منحدراً أخر أنه خضار شديد تستعجب لقدرة الله علي الأرض عندما تراها وبشرتها بيضاء ولكن يكسو وجهها طبقة أخري من اللون البني لاستمرار وقفها تحت أشعة الشمس ترتدي حجاباً لكي يتوج وجهها وتضع عليه دائماً وشاحاً أخر تلفه علي رأسها كعمامة ليحميها من أشعة الشمس ولبسها دائما مندرج صيحته تحت أشهر المصممين و لكن من وجهة نظرها هي أي الخالة سعاد التي تجلب لها ما تريد دون أن تخرج من باب المزرعة وملابسها دائماً عبارة عن قطعة طويلة من الثياب تصل إلي ركبتيها و من تحتهما بنطالاً فضفاض ليسهل حركتها ويختلف ألون ردائها دائماً وهكذا هو التغير من وجهة نظر العاصي
( ومن وضع الجمال في خانة ملامح أو ملابس أو وزن زائد والعكس صحيح ومن وضع في معتقداتكم أن المرأة لا تكون إلا بثياب تكشف أكثر مما تستر وإذا كان الجمال هو الرداء !! فكيف يكون رداء العفة في أذهانكم ؟ و لو تمثل الجمال في ملامح فتاة تنظر هنا وهناك لتظهر ملامحها للجميع ، بالله عليكم تقولون لي، كيف تكون ملامح الخجل والاستحياء في أذهانكم ؟ وإذا كان الجمال بالوزن كثُر أم قل، هل تقولون لي كيف تقاس الروح في أذهانكم؟ فلا تضعوا الجمال حبيساً في خانة محددة فهو له صور كثير تتضح أمام المبصر لهُ)
- وعلي بعد كيلومترات سفر يستغرق ساعاتٍ وفي العاصمةٌ ” القاهرة ” تحديداً في ڤيلا كامل مصطفي مهران فيلا ذات تصميم عصري من هيئتها بالطبع ستكون هكذا فالسيدة ” إيمان ” زوجة السيد كامل تهتم بالمظاهر كثيراً وتحب أن تكون الأولي والمبهرة في كل شيء حتي في تصميم ڤيلتها التي صممها أحد أشهر مصممين فرنسا فأبهرت الجميع بتصميمها وأثاثها ، كانت تجلس علي رأس مائدة كبيرة الحجم و أمامها عددت أصناف من الطعام وخلفا كان يقف أحد الرجال الذي يرتدي بدلة سوداء ويفرغ لها من بعض
الأصناف أمامها وسيدة مُسنة تقف بجانبها من الجهة الأخرى ، أما عن السيدة ” السيدة إيمان ” ومن هيئتها يتبين أنها سيدة في أول العقد السادس و من مظهرها تعتقد انها مازالت في العقد الرابع محجبة جسدها ممشوق و لون عينيها أسود شديد السواد وبشرة خمرية تكاد تقول أن ملامحها جامدة بعض الشيء و ترتدي درلاً واسعاً بلوناً بنيً ذات أكمام ، فهكذا كانت السيدة و هتفت بجمود أجش إيمان : سلمي فين يا أم السعد
أم السعد بفتور : الست سلمي إسمله عليها نزلة حالاً كانت بتذاكر إيمان بغضب : ازاي تتأخر عن معاد العشاء؟
سلمي من بعيد بمرح : جيت آه يا أمي كل الحكاية خمس دقائق
والفكرة هنا أن كلمات سلمي قد أثارت غضبها وبشدة كيف تكون سلمي مهران أبنة إيمان المرشدي بهذا الإهمال فصاحت بسخط - إيمان غاضبة : أنتِ ازاي مُستهترة كده ، أنا مش عارفة ألحقها منك ولا من أبوك ولا من إخوتك أنا خلاص تعبت
وهذه هي عادة السيدة إيمان وكما يقال في مُجتمعاتنا شكاية وباكيه دائماً تنقد من حولها وأما عن سلمي تلك الفتاة التي سنعرفها عن قرب عما قريب ولكن دعوني أنقل لكم نبذة مختصرة عن تلك الفتاة سلمي كامل مهران فتاة مرحة تحب الجميع مُتواضعة إلي حد كبير تختلف دائماً مع أمها ف سلمي وجه مختلف كلياً عن إيمان المرشدي وهذا ما يزيد من سخط إيمان ف أولادها يتسللون من بين يديها فكل واحد منهم يسير في طريق مختلف عن الأخر ، وهنا أرادت سلمي أن تمتص غضب إيمان ف
سلمي باهتمام : لية بس يا ست الكل إحنا عملنا إيه عشان تزعلي كدة
إيمان ومازالت غاضبة : مش عارفة عملتم إيه، أنتِ وعيشة في وادي لوحدك وأخوك الكبير إلي مش عاوز يرجع من الغُربة و لا الأستاذ التأني إلي بشوفة بالصدفة ولا أبوك أعرف أنه راجع بكرة مع جدك بالصدفة والله تعبت منكم
سلمي بتعجب : ليه هو جدي راجع بكرة والنبي صحيح يا ماما
إيمان بغل : أنتِ لا تطاقي
ثم رحلت بخطوات متسرعة تاركة ابنتها تُهلل من الفرحة لعودة جدها الحبيب سالماً ، غير عابئة بغضب أمها الذي اعتادت عليه سلمي بفرحة : بقول إيه يا داده عوزه عصير لمون
وفي باريس عاصمة فرنسا وفي أحد الأبراج العالية حيث منزل الحفيد الأكبر لمصطفي مهران وعندما نذكر الحفيد الأكبر نذكر كابتن طيار عز الدين الكامل الذي يستضيف في هذا الوقت جده مصطفي مهران و أبوه و آدم دبة عصا الجد مصطفي علي الأرض الصلبة هاتفاً بحزم
مصطفي بصوت حازم : كفاية كلام في الموضوع ده أنت تعاود معانه و مش هسيبك في البلد دي ولا لحظة بعد كده
عز الدين بعضب : يا جدي الكلام ده مش هينفع أنا مش صغير وهنا حياتي وشغلي
مصطفي : حياتك في أرضك وبلدك يا ولدي والبلد دي أنت فيها نَبتة من غير جزر ومسيرك هتعاود فالوقت أحسن من بعدين
كامل بصوت صلب : اسمع كلام جدك يا عز ، ولا أنت عاوز تفضل صايع هنا وإحنا ما نعرفش عنك حاجه
عز الدين بحنق وهو يجز علي أسنانه بغضب : بابا أنا مش صغير و لا أنا صايع أنا ناضج وكبير بما فيه الكفاية عشان أحدد مُستقبلي ومش هسمح لحد يفرض عليا رأيه
كامل بغضب : ولد أنت اتهبلت ولا إيه أنت مهما كبرت مش هتكبر علينا أنت فاهم وأعقل أحسن لك بدل والله يا عز ما أعقلك بطرقتي
كان آدم يراقب الوضع لا يريد أن يتدخل فعلي الرغم أنه هو وعز الدين أصدقاء منذ زمن إلا أنه كان رافضاً لأسلوبه مع أبيه وجده فيجب علي عز الدين أن يكون عقلانياً أكثر من ذلك ولكن مع انحدار الحديث علي النحو التالي فما كان علية إلا أن يتدخل ف
آدم بنظرة راجية رغم توتره : إهداء يا عمي ، و أنت يا عز الدين تعالى معايا عوزك ، بعد إذنك يا جدي أنت وعمي نظر مصطفي إلي آدم بتقدير إلي ذلك الشاب المتفهم علي عكس حفيده المتهور و هز رأسه بالموافقة في حين ظل عز ينقل نظرات الغضب بينهم ثم أنسحب مع أدم إلي غرفتهم دلف كل من آدم وعز الدين إلي الغرفة، كان عز الدين غاضباً جداً فهو ليس بالشخص الذي يخضع إلي ما يقوله الآخرون هو شخص يفعل ما يريد وقتما يريد ولا يحب تدخل أحد بقرارتهٌ، كان آدم يعلم هذا جيداً وأراد أن يتحدث مع عز الدين بهدوء ويبتعد كلياً عن أسلوب الأمر والنهي الذي اتبعه جد مصطفي والعم كامل فجلس علي أحد الكراسي التي تتوسط الغرفة بينما جلس عز الدين علي فراشه ، مُستندا برأسه علي ظهر الفراش الخشبي فكانت الغرفة متوسطة المساحة حيث تحتوي علي غرفة نوم كاملة علي الطراز الحديث من اللون الأسود وتحتوي أيضاً علي كرسيين و أريكة باللون الأسود أيضاً في وسط الغرفة، و علي أحد الجوانب مكتب صغير محمل بكثير من الكتب و الخرائط و مجسم لطائرة كبيرة و لاب توب أما طلاء الغرفة فكان باللون الأبيض كانت الغرفة مميزه حقاً ونافذتها تطل علي برج إيفيل الذي كان أيضاً أحد أضخم لوحات غرفة عز الدين ، نظر آدم إلي عز الدين نظرة مُطولة ثم هتف
آدم بنبرة هادئة : ها يا عز هنفضل ساكتين كده ولا إيه
عز الدين بغضب : و أنت عاوز أقول إيه يا آدم
آدم بمرح : أه احكي أي حاجه أنا عاوز أسمع
عز الدين في ضيق : آدم من الأخر أنا مش راجع مصر وعرفهم الكلام ده
آدم برزانة : عز أسلوبك معهم غلط ومينفعش دول أهلك مش غرب عنك و ممكن بأسلوب أحسن من ده توصل لهم رأيك
عز الدين بجدية : وهما يقبلوا ده ببساطة كدة ، ثم ضحك ساخراً دول أهلي يا آدم وأنا أعرفهم أكتر من أي حد نظر آدم إلي عز الدين هو يعلم أنه عنيد جداً ويعلم أنه لا يستمع إلا لصوت عقله فقط ف
آدم بهدوء : عز الدين جدك لسه تعبان وخارج من عملية صعبة و مش ينفع يتعرض لأي ضغط ولا توتر ولا عصبية يا ريت يا عز تقدر ده وتحاول تفكر علي أساسه نظر عز الدين إلي آدم بتفهم وأخذ يفكر في حل لهذا الموقف الصعب الذي وضعَ فيه
- في القاهرة في مصنع لحوم آل مهران وفي مكتب رئيس مجلس الإدارة كان يجلس يتوسط مِنضدة الإجتماعات وحوله بعض الموظفين بالمصنع يستمعون له بإنصات في حين اخذ هو يعطي لهم أوامره
ماجد بجدية : الصفقة دي مهم جداً للمصنع لازم تبقي لينا بأي طريقة أنتم فهمين
أحد الموظفين : أكيد يا فندم بس في مشكلة وحده هتقبلنا
ماجد بغضب : مشكلة إيه بقي أن شاء الله
الموظف بخوف : يا باشا مش القصد بس أنا موظف التوريدات والمسؤول عن المواشي اللي بتدخل المصنع و لأسف المهندسة عاصي مش بترضي تود لينا الكميات الكبيرة ، وعمرها ما ترضى علي الكمية دي وخصوصاً من البتلوا وهتحصل مشاكل كتير
ماجد وهو يرفع أحد حاجبيه بغضب : عاصي دي إيه دي كمان اللي تضيع علينا صفقة زي دي أحنا لازم نأخذ الصفقة أما بخصوص عاصي بتعتك تقولها دي أوامر ماجد باشا
الوظف بخفوت : ماجد باشا ربنا يستر ، حاضر يا باشا أنا هبعت فاكس للمزرعة أنهارده -
كانت تقف بين العمال و تصيح بيهم وهم يعملون في سرعة حتي يتحاشوا غضبها و
عاصي : الحوض ده يا عم علي تكتر ليه المبيدات أنا حسه أن هو أكتر حوض متأثر بالندوة
علي : حاضر يا بنتي
عاصي : لو الجو سعدنا يبقي فضل من الله عشان نخلص شغلنا
علي : يا رب أه نلحق نخلص الحوض ده علي الأقل
عاصي : فكرني يا عم علي بعد ما نخلص أعدي علي العمل في مزارع الفاكهة الناس بتشكي من التأخير و مدير المصنع بردك بيشتكي إحنا مش بنلعب هنا
علي : حاضر يا بنتي بس أنتٍ لازم ترتاحي حرام عليكٍ نفسك
عاصي : معلش يا عم علي لما يخلص الشغل هرتاح
علي : ربنا يقويكٍ يا بنتي -
جلس مصطفي مهران بصحبة ابنه كامل يتكلمان في مواضيع عدة حين دلف عز الدين ووقف أمام جده وتنحنح قائل بحزم عز الدين : أنا موافق يا جدي إن أرجع مصر
الجد مصطفي بفرحة : ربنا يريح قلبك يا ولدي
عز الدين : بس عندي شرط يا جدي …….؟
جميع الحلقات
- أحببتُ العاصيِ الفصل الثانية
- أحببتُ العاصيِ الفصل الثالثة
- أحببتُ العاصيِ الفصل الرابع
- أحببتُ العاصيِ الفصل الخامس
- أحببتُ العاصيِ الفصل السادس
- أحببتُ العاصيِ الفصل السابع
- أحببتُ العاصيِ الفصل الثامن
- أحببتُ العاصيِ الفصل التاسع
- أحببتُ العاصيِ الفصل العاشر
- أحببتُ العاصيِ الفصل الحادي عشر
- أحببتُ العاصيِ الفصل الثاني عشر
- أحببتُ العاصيِ الفصل الثالث عشر
- أحببتُ العاصيِ الفصل الرابع عشر
- أحببتُ العاصيِ الفصل الخامس عشر
- أحببتُ العاصيِ الفصل السادس عشر
- أحببتُ العاصيِ الفصل السابع عشر
- أحببتُ العاصيِ الفصل الثامن عشر
- أحببتُ العاصيِ الفصل التاسع عشر
- أحببتُ العاصيِ الفصل العشرون
- أحببتُ العاصيِ الفصل الواحد والعشرون
- أحببتُ العاصيِ الفصل الثاني والعشرون
- أحببتُ العاصيِ الفصل الثالث والعشرون
- أحببتُ العاصيِ الفصل الرابع والعشرون
- أحببتُ العاصيِ الفصل الخامس والعشرون
- أحببتُ العاصيِ الفصل السادس والعشرون
- أحببتُ العاصيِ الفصل السابع والعشرون
- أحببتُ العاصيِ الفصل الثامن والعشرون
- أحببتُ العاصيِ الفصل التاسع والعشرون
- أحببتُ العاصيِ الفصل الثلاثون
- أحببتُ العاصيِ الفصل الواحد والثلاثون
- أحببتُ العاصيِ الفصل الثاني والثلاثون
- أحببتُ العاصيِ الفصل الثالث والثلاثون
- أحببتُ العاصيِ الفصل الرابع والثلاثون
- أحببتُ العاصيِ الفصل الخامس والثلاثون
- أحببتُ العاصيِ الفصل 36
- أحببتُ العاصيِ الفصل 37
- أحببتُ العاصيِ الفصل 38
- أحببتُ العاصيِ الفصل 39
- أحببتُ العاصيِ الفصل 40
- أحببتُ العاصيِ الفصل 41
- أحببتُ العاصيِ الفصل 42
- أحببتُ العاصيِ الفصل 43
- أحببتُ العاصيِ الفصل 44
- أحببتُ العاصيِ الفصل 45
- أحببتُ العاصيِ الفصل 46