أحببتُ العاصيِ الفصل الثامن والعشرون

أحببتُ العاصيِ الفصل الثامن والعشرون

اسم القصة : أحببتُ العاصيِ

بقلمي : آية ناصر (Aya Nasr)

الحلقة : 28

وفي تلك الاثناء كان مسطح علي فراشة في تلك الغرفة التي تحجبه عن كل شيء ها هو مصطفي مهران في كهفه البعيد لا حول له ولا قوة المال الآن لا يفيد صاحبه فهل أفاده الآن وهل استطاع المال فيما قبل أن يدفع الموت عن سالم غنيم كل شيء فآن ، وأمنيه وحيده فقط يريد أن يحققها قبل الرحيل يريد أن يجمعهم مرّة أخري يريد أن يرحل وهم يد واحد لكي يقابل صديقة هُناك برأس شامخة ويرقد بسلام ولكن يجب عليه قبل الرحيل أن يعترف بذلك السر ليقابل الله تعالى وهو راضي يدعى الله ان يقبل توبته و كل شيء سيتلخص في ذلك ( السر) الذي دُفن في تراب القبر مع صديق كل ذلك مازال يقبع في الماضي و لكن يشعر أنه سيفارقهم عما قريب ويجب أن يخبرهم بعدوهم الحقيقي قبل الرحيل يجب أن يخبر الجميع وبعدها يرقد بسلام و تعود أحداث الماضي أمامه من جديد أحداث مرّ عليه أكثر من نصف قرن محمله بتلك الأوجاع يا الله كم من أناس رحلوا وكم من أناس ولدوا وهو مازال يرها كأنها أحداث يوم أمس
( في تلك البلدة كانت المنشأة مصطفي مهران وسالم غنيم كلاً منهم يعرف صاحبه منذُ الصغر فهم أولاد تلك القرية الصغيرة التي بات الفقر يعشش في كل شبر من أركانه الحياة صعبه و العمل شاق ولا أحد ينظر لتلك القرية لأنها بعيدة عن العمار صغيران يلعبان معاً في أرض القرية و شابان يرحلان معاً ليبحثانا عن العمل الذي يغير مجري الحياة و كل منهم بقلبه أمنيه وأحلام يريد أن تتحقق و لكن جزء من تلك الأحلام علي أرض القرية ، و بمجرد الوصول لتلك المدينة الكبيرة التمعت الأعين بتلك الأضواء المنبعثة و الشوارع الواسعة و السيارات الفاخرة نظراً كل منهما للأخر وبدأت من هنا رحلت البحث عن التغير وتحقيق الهدف والعمل في كل شيء و اكتساب المال ولم تمضي سنه واحدة بعد كل تلك الأعمال و الادخار إلا وبدأ حلم واحداً منهم يتحقق أمام عينه حين قرأ مصطفي مهران في الجريدة ذات يوم ذلك الإعلان لقد أعلنت الدول عن بيع بعض الأراضي الصحراوية فجري مصطفي مهران إلي صديقه وهو يهتف بحماس :
– وأخيراً يا سالم أخيراً حملنا ها يتحقق
نظر إليه بعدم فهم ثم قال بابتسامة ومرح :
– إيه لقيت كنز عليّ بابا ولا لقيت المصبح
قرب ما بين حاجبيه بغضب وقال :
– لا يا خفيف لقيت ده
أتسعت عين الأخر وهو بقول :
– جرنان لقيت جرنان
– لأ يا خفيف لقيت ده بص كده
قال بسخط وهو يعطي له تلك الجريدة فأخذ سالم يقرأ ثم نظر إلي صديقة ورسمت معالم الجديدة على صفحات وجهه ثم قال :
– لو بتفكر تشتري أرض دي صحراء يا مصطفي هنضيع تعب السنين في صحراء وبعدين اللي معانه مش هيكفي
– وإيه يعني يا سالم الأرض دي هتبقي أول مشورنا نتعب فيها وبعدين نشتري على قد فلوسنا
يتكلم بجدية تامه و لقد عقد العزم ولا مجال لمجادلة يا صديقي فنطر إليه سالم وقال بتفكير :
– إحنا حلمنا نرجع بلدنا ونشتري هُناك مش في الصحراء وبعدين ما سمعتش أن في بدو بيبقوا وخدين الأرض دي خلينا بعيد عن المواضيع دي يا مصطفي
ولكن لا حياة لمن ينادي بجانبه وما هي إلا أيام من إصرار وعزيمة من مصطفي مهران حتى بدا الأمر ينتقل لصاحبة و بتلك العزيمة تم شراء تلك الأرض ، كانت فرحتهم كبيرة جداً وكل منهم ينظر لأخر بحماس كبير وأخيراً أول قطعة أرد لهم معا ولكن ضاعت تلك الفرحة سريعاً عندما توجهان لتلك الأرض في الصحراء الفسيحة ولكن الصدمة أن الأرض كانت مزروعة ويوجد عليها حراسة مشددة من بدو و غيرهم نظر كل منهما إلى الأخر ولم يفهم منهما شيء في ذلك الحين وما هي إلا دقائق وتقدم سالم غنيم إلي الأرض و أخذ ينظر إلي هؤلاء الرجال فتقدم أحدهم منه وهو يضرب بعض الطلقات النارية في الهواء و الأخر لم يتحرك من مكانه بل تقدم صديقة ليقف هو الأخرى بجانب صاحبه فهتف الرجل وهو يقول :
– أنتم مين وإيه اللي جيبكم هنا
و بحزم وقوة هتف سالم غنيم بخشونة :
– أنتم اللي مين الأرض دي أرضنا أنتم اللي وقفين عليه
وشجار عنيف أوصلهم إلي ذلك الرجل الذي يجلس أمامهم أنه كبير البدو في تلك المنطق فقال الرجل بشدة :
– أنتم مين وازاي الأرض اللي بزرعها ونرعيها من سنين ملككم
أخد مصطفي مهران ينظر إلي سالم بخوف وكأنه يقول بنظراته لتعتذر من هذا الرجل ولنرحل بهدوء ولكن قال لأخر بصوت مرتفع قوي لا يخاف شيء :
– أسمع يا شيخ العمر واحد والرب واحد الأرض أرضي ودي ورق الملكية وعمري ما هفرت فيها لأنه جيه بتعب سنين وصبر عمر مش هفرط فيها .
ثم قص عليه كل شيء بعد أن أمرهما الشيخ الكبير بالجلوس فجلسان أمامه أستمع الشيخ لهم بإنصات ثم نظر إلي ذلك الشاب الذي يتكلم بجديه لا يخاف ولا يهاب الموت الآخر الذي ينظر إلي صاحبه بخوف خوف نابع من القلب اتجاه صديقة فتكلم الرجل بعقلانية :
– اسمع يا ولدي إحنا بنزرع الأرض دي من سنين وملناش صالح بالحكومة ثم نظر قليل فاشتعلت عين سالم غنيم من أمامه فأكمل الرجل بس الرجال معادن يا ولدي وأنا شايف رجال قدامي ومعدنه طيب لو عوزين الأرض ليا شرطين وليكم الأرض إذا وفقتم
نظر مصطفي إلي سالم سريعاً ثم قال بسرعة :
– إيه هما يا شيخ
نظر الرجل إلي الشابان أمامه ثم قال بحزم وهو يرفع يديه ويحركها أمامهم في الهواء :
– الأول هو النسب يا لدي تتجوز من الجبيلة
نظر سالم هذه المرّة إلي مصطفي ثم فرأي بعض علامات الرضى فأكمل الرجل :
– والثاني إحنا لا يهمنا الأرض أحنا أهم حاجه الزرع و انتم ملكم صالح بالأرض ولا الزرع إحنا هنزرع ونراعي وليكم نصيبكم من الزرع وده اللي عندي لآن مقدر تعبكم في المال بس لو طلبتم الأرض في يوم هيكون ده خلاف للكلمة وتتحملوا الخلاف
وسار الأمر كما حكم العجوز وبعد أن كانوا اثنان عادوا أربعة أفرد كل وحدا منهم وبيده زوجته التي لم يرها إلي تلك اللحظة وفي شقتهم الصغيرة تعرف كل واحد منهم علي، زوجته فكان نصيب سالم زوجه بجمال لم يري مثله من قبل بدأيه من سلسل شعرها الطويل إلي عينيه التي لم يري لها مثيل ذات لون مميز من الخضار و الجسد الممشوق و الروح المحببة المرحة ، أما مصطفي مهران فنصيبه كان بفتاة ذات قوارير العسل بتلك العينين ذات العسل الصافي و الشعر الكرستيان والجسد الممتلئ والقلب الطيب، ولكن ما هي إلا أيام وقد فهم كل منهم سبب تلك الأموال الكثيرة التي ترسل لهم فكانت أموال تستطيع أن تشتري كثير من الأراضي و عرفي أن الأرض تزرع تلك النبتة ( البانجو) كانت الصدمة باديه عليهم و لكن وصل إليهم التهديد من الشيخ الكبير أذا خلافا الكلم فهو سيأخذ بناته وأحفاده و الأرض له بالأصل و العهد شريعة المتعاقدين ولأسف لا يستطيعان المخالفة لزوجة أحدهما وضعت طفلاً منذُ وقت قصير والأخر تحمل الأخر ومن هنا بدا الاستسلام والخضوع وتحقيق الأحلام، والحلم الأول شراء تلك الأراضي التي تصل بين القرية والمعمار ثم عمل مزرعة كبيرة ثم ذلك المصطنع ثم الشركات ثم تلك الإمبراطورية
و تقسيم الأعمال فسالم استلم الأرض المزرعة ومصطفي الشركات والمصانع كل شيء في يكبر أمام أعينهم و لكن ذات يوم أكتشف سالم غنيم أن هُناك أحد الفلاحين يسرق الأغلال ويبيعها لصالحه فسار جدا واستدعي ذلك الشخص وما كان إلا ( سعيد غالب) شاب من عمر أولادهم يعمل كا مزراع بسيط يعمل بالمزرعة هو وزوجته ولكن الطعم يغير النفوس و عندما وقف أماما سالم غنيم أنكر كل شيء :
– مش أنا يا حاج سالم أنا راجل في حالي وعمري ما أخد حاجه حرام
والسماح تلك المرّة كان أمراً مطلوب لعدم وجود دليل و لكن تكرر تلك الأعمال كان كفيلا للفت الأنظار إليه و سرقة الماشية والدواب كان أمراً خطيراً وهناك شاهدا على كل هذا شاهدا عورض عليه المشاركة في أموال المسروقات ولكن رفض وما كان إلا (صالح عاشور ) ذلك الرجل الذي كان يحب الحاج سالم كثيراً ويخاف الله عندما علم سالم غنيم بالأمر طلب الشرطة وبعد ثبوت التهمه سجن (سعيد غالب ) وبدأت المزرعة والقرية كلها تنهض وتزدهر بسبب أهمام مصطفي وسالم بها وسنه وراء سنه والزمن يسير وأولادهم أمام أعينهم يكبرون و سنين كُثر و يجلبون لهم الأحفاد و لكن في يوم وليلة يعود سعيد غالب و الجميع يعرف أنه خرج من السجن مُنذ زمن ولقد فقد زوجته وهو داخل جدران السجن فقد اصيبت بمرض خطير و تركت له ذلك الصغير ولكن الأمر المدهش أن سعيد غالب أشتري مجموعه من الأراضي الزراعية وبني عليها مزرعة كبيرة ولم يهتم سالم غنيم بالأمر في بداية الأمر ولكن بعد تلك الحوادث كان لابد أن يهتم للأمر وأولها هو حريق في محصول القمح و بنفس تلك الليلة كان مقتل( صالح عاشور ) أحد العمال بالمزرعة أمام أعين أبنته الصغيرة التي فقدت النطق نتيجة الصدمة و الشكوك كلها كانت تدور حول واحداً بعينه سعيد غالب ومن غيرة كان مصطفي مهران بعيد في تلك الفترة عن المزرعة يباشر العمل بالمصانع والشركات بالقاهرة هو وولدة كامل و كانت هُناك بعض الأوراق المهم التي يجب أن يطلع عليها مصطفي ولأسف من كثرت العمل أستدعي مصطفي صديقة إلي القاهرة وعندما حضر أخبره بتلك الحوادث وأنه يشك في سعيد غالب و سيعمل علي كشفه وسجنه مرّة أخرة ولكن كل شيء ضاع هباءً برحيل سالم غنيم وابنه منصور في طريقة للعودة إلي المزرعة ، الحزن خيم علي الجميع و الصاعقة كانت عن الاستدعاء الذي جاء إلي مصطفي مهران من النيابة وهناك علم ان :
– يا سيد مصطفي الحادث ده في شوبها جنائية مفتعل لأن الفرامل بتاع العربية اللي كان فيها الضحايا منزوعة
بفعل فاعل مفتعلة والتحقيق في الأمر أخذ وقتاً كبير والأقاويل تتكاثر و البعض يتهم مصطفي مهران بقتل صديقه من أجل المال و بين ذلك وذلك هو يعي تماماً من هو القاتل وفي بضع دقائق كان بمزرعة سعيد غالب ينظر له بشراسة و الأخر ينظر له بسخريه ولكن من المؤكد أنها هي حرب واندلعت و القول كان قوله و :
– أقسم بالله لندمك على اليوم اللي انولدت فيه
والأخر لم يصمت أو يتجنب الهتافات فقال والسخرية بصوته :
– مش فاهم يا مصطفي بيه حضرتك بتكلم عن أيه
– لأ فاهم كويس أنا بتكلم عن إيه وصدقني أنا اللي هحسبك علي كل حاجه
قاله بشراسه تتطاير من عينيه و الغضب يتمكن من صوته المرتفع حين ضحك الأخر بصوت عالي و قال :
– مصطفي مهران وسالم غنيم أصدقاء من وهما عيال و عدايل متجوزين أخوات ولاد شيخ قبيلة…… اللي بيتعملوا معه في زرعة المخدرات لحد ما كبروا وبقوا أصحاب شركات و اراضي وجاي الباشا يهددني مش عيب ترموا الناس بالباطل .
صعق الآخر بشدة ولكن حاول رسم البرود فهو يجب أن يتمهل ضيق ما بين عينيه وقال وهو يضحك بسخرية لاذعة :
– أوعى تفكر أن الكلام اللي بتقوله يحشني عنك غلطان يبقي ما تعرفش لسه مين مصطفي مهران
– لأ عارف كويس أوي و صدقيني يا بيه ذي أنت ما ليك ناسك أنا بردك ليا ناسي .
وحين خرج مصطفي مهران مع مساعدة عليّ قال له بغضب عارم :
– عوز أعرف كل حاجه عن سعيد غالب كل حاجه
تلك الحرائق المندلعة و القتل و النزاعات التي نشبت كانت أيام لياليها كاحله رجال ونساء و صرخات وعويل و لكن اصبح الأمر لمصطفي مهران واضح كالشمس الساطعة سعيد غالب يتاجر بالسلاح وبعض الاعمال الغير مشروعة إذا أنه التعادل و لكن ما أرجع مصطفي مهران عن كل مخططاته هي تلك الحادث إطلاق النيران و علي من علي أطفال في السابعة عز الدين مهران وآدم غنيم مصطفي مهران بكل كيانه خائف أن يفقد الاطفال وعلي تلك الأرض وقف سعيد غالب ينتظر مصطفي مهران حين وقف أمامه و قال بتحدي وبنيرة قاسيه :
– اسمع أحمد ربك أنك لسه عايش يا سعيد وصدقني أنا هسيبك عايش عشان ابنك بس و اللي عندك كلام مالوش أثبات أما اللي عندي أدله توصلك للمشنقة
وتركة ورحل ولأسف لا وجود لدليل ولكن كل شيء أصبح في حالة رقود الجميع يعمل بصمت قاتم ولكن الكراهية تعشش في القلوب و سعيد غالب يعود بعد كل تلك الأيام يكشف الحقائق أمام الصغار ولكنها بعيده كل البعد عن الحقيقة و كأن أمام أمران أن يصارح الجميع بالحقائق و ستجلب الدم والخراب أو يصمت و ينتظر حتى تظهر الأيام ولكن يشعر باقتراب موعد الرحيل ويجب أن يعرف الجميع كل شيء كان ونهيدة قوية من صدرا صلب تحمل مرار الأيام ودعاء يتردد :
– يا رب مدّ في عمري عشان أكمل الرسالة
………………………………………………………
ابنتها وردة البيت المتفتحة ابنة قبلها وروحها قبل رحمها ، تشتاق لها منذُ زمن طويل لم تقر عينيها برؤيتها ، و القرار كان من الطاغية المستبد لكي يحكم على ابنه أن يتزوجها كان الشرط عدم رؤيتها و وافقة ، لجأت إلي الجد ليساعدها ولكن يكفيه ما يحمله على عاتقه وهي وزوجها أدري الناس به ولكن هي تشتاق و ستذهب إليه ولتراي من منهم يستطيع أن يمنعها سارت و لحظات كانت في ذلك البيت تنظر إلي المرأة التي تقف أمامها و :
– بقولك إيه يا أم محمد أوعي من طريقي عوزه أشوف بنتي
ولكنها مازالت تقف أمامها تمنعها وهي تقول بخفوت :
– يا حنان دي أوامر الحاج الكبير تردي عيشي ينقطع
– لا ما ارضهاش بس دي بنتي وأنا عوزه أشوفها
ولم تتحرك الآخر وهي تنظر لتلك المرأة بقلة حيله ولكن ذلك الصوت الساخر الذي انتقل إلي مسامعها جعلها تشتعل غضب أكثر وأكثر :
– إيه اللي جابك هنا يا حنان
– جايه أشوف بنتِ ولا خلاص أنت افتكرت أن اهلها ماتوا يا سعيد
وبضحكة منتصرة تكلم ليظهر عن أنيابه :
– لا عارف أنها ليها أهل بس كان في أتفاق ما تجيش حالاً تخلفي
– وأنت تعرف الاتفاق يا سعيد بقولك إيه لو كنت فاكر انت كده بتنتقم من جوزي و مني لا فوق كده زمان أنت اللي مدية أيدك الحرام وكان لازم تأخذ جزائك كنت عوزنه نعمل إيه نقف جنبك وانت
– اخرسي واطلعي من بيتِ مالكيش بنات هنا
وبصوت مرتفع جعل جميع من بالقصر يتجه إلي مصدره :
– اخرس أنت وخلي الطابق مستور بدل ورحمة الغالين ما هتكلم وافضح الدنيا، بنتِ عندك وهشوفها ووريني هتعمل إيه وسعي يا ست انتِ من قدامي
وأسرعه إلي الطابق العلوي والانظار تتبعها، وهو يقف مكانه يشد علي عصاه ولا يستطيع أن يتكلم ، وفي الطابق العلوي توجهت إلي تلك الغرفة التي تعرفها جيدا بخطوات مسرعة تكاد تكون تجري إليها و حين سمعت ذلك الانين الضعيف يسمح إليها بالدخول فتحت الباب و يا ليتها لم تفعل فالفجيعة كانت كبيرة وهي تراها بذلك الوضع شهقت هي الأخرى واقتربت منها ببطء فرفعت الأخري أنظارها إلي من يقف أمامها وهنا انقطعت الأنفاس حين احتضنتها بشوق وحب و حنان كانت تفقد وعويل …. عويل تبكي من أجله الصخور :
– أه……. أه يا أمي مش قادرة نفسي أموت وارتاح
والأخرى كانت تبكي من رجل وردتها التي تنزف أمامها تنزف وجعاً تنزف ألماً فنزيف الدماء أهون بكثير
– قلب أمك عملوا فيك إيه…….. يا روح أمك
والصمت …الصمت الموجع كم جارح هو حين شهقت و هي تقول :
– ذبحني…. وبيذبحني …… بس ده اللي كنت أنتِ عوزه تداري العار اللي ماليش ذنب فيه صح…. أنا كويسة كل وجع وكل ألم وكل دمعه بتغسل العار ببقي كويسة
نظرت إليها الأم والدموع تتساقط من عينيها وتقول :
– مش بأيدي مش بأيدي كان لازم الناس ماكنتش هتسبنا في حالنا
نظرت لها ثم أغمت عينيها بألم بقوة قد فارقتها يا ويله جسد منهك من أين له بالقوة ربه الرحمة رحمة يا الله و ما هي إلّا لحظات و كانت ترقد داخل أحضان أمها وكلما خارت قواه وذهبت في نوم عميق استيقظت تنظر إلي صغيرها فترتب الأخرى عل ظهرها تطمئنها وهي تبكي بحزن :
– كان مكتوبلك ده فين يا بنتِ يا رب
………………………………………………..

كثير من الأيام تنتهي بلا شيء فراغ وحدة سكنية وتأتي غيرها مذبذبه غير مستقرة وتلك السكينة يتعقبها زلزالاً قوياً يغير معالم الحياة، نظر إلي أخيه ينظر له فقط ينظر لمعالمه وكأن مصطفي مهران يجلس أمامه كأنه عاد بالعمر لتلك الأيام التي يريد أن يعود إليها ، أخيه يطالبه بالعودة ولكن أي عودة بحق الله و أفاق من شروده علي أخيه الذي تنهد بعمق وقال :
– مش أنت الكبير ليه رامي كل حاجه عليا أنا مابقتش قادر أحل كل الأمور، الشغل والعيلة وجدك أرجع شيل معايه حاجه أرجع يمكن تعرف ترجع حاجه من اللي، ضاعت منك
عقد حاجبيه ثم هتف باتزان :
– ماجد أنا حياتي هنا مليش حاجه هنا ولأسف مش هعرف أرجع حاجه أنت هنا وأنا واثق أنك قدها وقدود
وبغضب غضب سنين وبمرار مرار الايام هتف بصوت مرتفع:
– يا أخي أنت طول عمرك أناني كده ما بتفكرش إلا في نفسك فوق بقولك جدك بيموت وعوزنه كلنا حوليه، وأنا محتجلك تبقي جنبي الأخوة مش بالكلام، بس أنت أهم حاجه نفسك عز الدين هو …. هو عزالدين من أربع سنين هو عز الدين اللي من عشر سنين أنت إيه ما بترجعش نفسك خالص عارف لو كنت رجعت نفسك لو لحظه…. ما كنتش على الاقل خنت مراتك ودمرت حياتك
وبتلك الكلمات فاض به من كل شيء حوله وبسرعه تقدم إليه وبغضب عارم من هذا الحديث فقبض علي مقدمة ملابسة و قال بصوت مسموع :
– ما لكش دعوة بحياتي، والأخر مرة هقول أنا ما خنتش حد بس لو عوزين تطلعني خائن عادي بس أنا مش هارجع
وبعنف أبعده عن طريقة و أتجهه إلي غرفته….. يسير غاضباً ثم جلس على فراشة مستنداً على حافته و الدمع متحجر في عينيه والقلب ينبض بعنف وتعود تلك الذكريات أمام عينه ، تزوجها وأصبحت زوجتهُ قلبه يدق لمجرد قربها أصبح عبيرها هو ادمانه الذي لم يشفي منه إلي الآن عينيها هي وطنه الذي يشعر بالانتماء إليه وسلاسل الحرير المنسدلة بسواد ليل كاحل كانت مقوي لأنفاسه عاصي ابنة وحبيبة قلبه يقسم أنه أحبها بل عشقها ولكن لم يقدر على التأقلم مع طباعها هي تريد البساطة بل أقل منها تريد أن تفعل كل شيء وأي شيء من أجل الناس من حولها عاصي يعرف أنه تحبه بل تعدت تلك الكلمة بمراحل ولكن لم تفعل ما يثبت إيه هذا الحب وهو رجل يريدي أن يري الحب من أمراته ولكن عاصي جعلته كالأخرين بأحضانه وتفكر بأخيها واختها بين يديه وتفكر في عملها وهو في أخر اهتماماتها هي المخطئة الأولي عندما ظنت أنها بالزواج أنتها كل شيء أنتها اهتمامها بنفسه و به هو تذكر عندما كانت تريد في صباح يوم عرسهما أن تذهب إلي آدم وبعدها تمرّ علي المزرعة لتباشر العمل وهو من أوقفها ورفض أن تذهب ومن بعدة خططت إلي رحلة شهر العسل ولم يكن بتوقع أن يري سلوي الشافعي تلك الفتاة التي جاءت من ماضية الذي بدأ يكره وبشدة جاءت لتخرب حاضر كان ومستقبل سيكون ولم يستطيع عدم التفكير بها وبنظراتها له عندما راها علي الشاطئ مما أغضبه من نفسة وأغضبه من تلك التي ترتدي أي شيء تقع عليه عينيها لا تفكر يليق أم لا يليق و عندما أرض أن ينبهها شعرت أنه يبغضها وحزنت ولا تعلم أنه بحزها تحزن الدنيا من حوله
ولم يستطيع أبداً إلي الآن أن ينسي تلك النظر عندما رأته هو وسلوي يقسم أنه لو يتسامح نفسه على تلك اللمسة هو لم يكن يرغب ويتذكر ما الذي حدث وقتها عندما كان مُتجهاً إلي سطح اليخت ليكشف عن تلك المفاجأة التي كان يجهزها لكي يعتذر لعاصي علي ما فعل في الصباح فسمع صوت صرخات تأتي من داخل تلك المدينة وعندما دلف إلي الداخل كان هناك أحدهم يحاول أن يتعدى على سلوي وعندما أبعده عنها واخذ يتشاجر معه حتى هرب من أمامه وما هي إلا دقيقه وكانت سلوي بين أحضانه لم يعرف ماذا يفعل والفتاة تبكي ولحظات آخر و استمع إلي صوتها الضعيف وهي تقول :
– عز أنا خائفة ومش عارفه أعمل إيه خليك جنبي عشان خطري
ولحظات أخري من التقرب ووجدها تقترب كالأفعى ثم قبلته فأخذ يبعدها بقوه ولكن يا اسفه وجد عاصي امامه تنظر له بنظرات يقسم أنها قتلته و خرجت بصمت يقسم بانه ظن أنه لم تكن و لكن بلحظة كان خلفها هي تنظر إلي البحر الشاسع أمامها وهو ينظر له يريدها أن تتكلم تصرخ ولكن وجدها تقول :
– ممكن تروحني
– عاصي
– روحني
و ما أن وصل بها إلي الفندق حتى وقفت أمامه تقول بهدوء :
– أنا عوزه أروح المزرعة مش هنا
نظر لها و دقق النظر بعينيها التي يعشقهما ويقسم أنه يري تلك الدموع دموع حبيسه تريد التحرر ولكن صحبتها لا تريد وتكلم بحكم مختلفه عن طابعه :
– عاصي لازم تسمعيني قبل ما تحكمي عليا
– أحكم…. أحكم علي إيه أنا شيفاك بعنيه وانت ب…
نظر لها ثم قال بغضب عارم :
– عاصي مش هنتكلم هنا اتفضلي علي فوق ونتكلم الناس بيتفرجوا علينا
– وأنا بقولك أنا عوزه أروح بلدي عوزه
ظفر بقوة ثم نظر لها فوجد الدمع تتجمع بعينيها وبلحظه أنحني وحملها فأخذت تركل بقدميها وتصيح به ولم يحررها إلا داخل غرفتهم بالفندق ولم يتركها بل أحاط كتفيها بيده وقال بصوت مرتفع :
– اللي أنت شفتيه ده أقسملك بالله أن البنت دي هي اللي
عقدت ما بين حاجبيها وقالت بصوت غاضب :
– هي اللي إيه ما تقول إيه ولا الفعل عادي عندك والنطق صعب
– عاصي أسمعيني هحكيلك كل حاجه بس عشان خطري تسمعيني وتصدقي وحياتك يا حبيبتي وغلوتك عندي هقولك الحقيقة وقص كل ما حصل في تلك اللحظات البسيطة فنظرت له هي تعرفه عينيه تلتمعان بلمعه خاصه حين يصدق وطال الصمت وهو ينظر له وكأنه متهم بنتظر القرار فقامت علي الفور أتجهت إلي علبه المناديل الموضوعه علي المنضدة وأخذت منها أحداهما واقتربت منه وأخذت تنظر له ثم رفعت يدها وأخدت تمسح شفتيه بعنف وتبكي فاحتضنها بشدة فاستكنت بين أحضانه وحين رفعت رأسها إليه وهي تشهق ثم تابعة ما كانت تفعل وهي بقوه وهي تتمتم بغضب فقال هو :

– يا بنتي هتعوريني تعالي وأنا أقولك دي بتتمسح أزاي
وعمزة من عينيه كفيلة لتخبرها ما ينوي عليه وأغرقها بعد في القبلات ليخرجها معه من هذا العالم إلي عالمه هو وحده
وابتسم علي تلك الذكريات التي تتحسد أمامه تكوي روحه من جديد و تعذبه بلآلام ، و حين أسودت معالم وجه بذكري آخري فبعد عودتهما تغير كل شيء أنشغلت عنه في العمل وأخوتها وكانه هو صفر علي شمال العدد معها وليس معها وحين يريد روئيها يذهب إليها ويبحث عنه داخل الأرض الفسيحة ليسرق معها الدقائق و الثواني المعدوده علي ظهر مطر أو يجلسان بين الأشجار وحين طلب منه أن يرحلان إلي القاهرة لكي يستطيع أن تبقي معه أكبر وقت ممكن كان ردها :
– لأ يا عز مش هسافر على أي مكان
نظر لها ثم قال بعقلانية غير معهوده :
– عاصي أحنا هنسافر القاهرة أما هتعملي إيه لما نسافر فرنسا
اتسعت عينيه وصدمة بشدة ثُمَّ قالت بسرعة :
-إيه فرنسا
– أيون فرنسا
– مين قال أن هسافر فرنسا
– أنا اللي قولت
وارد كان

error: