خارج أسوار القلب
الفصل التاسع
*********
عاد (أدهم) للمنزل من عمله مرهقا للغاية فهو لم ينم طوال الليل ويعمل منذ الصباح الباكر وضغوط العمل كأنما تعمدت أن تزداد اليوم، كان الوقت متأخرا خاصة أنه سهر في الشركة عدة ساعات بعد انصراف الموظفين والساعة تخطت منتصف الليل، لم يتوقع أن يجد والدته مستيقظة تشاهد التلفاز الكبير في استقبال الفيلا وكأنها تنتظره، شعر بالدهشة وتوجس خيفة، لابد أنها تنتظره بالتحديد، شعر بالقلق من الأمر الذي تنتظره بسببه وتمنى من الله ألا يسبب بينهما مشكلة من أي نوع، أغلق الباب خلفه فالتفتت والدته ناحيته، ابتسم ابتسامة واسعة وأقبل نحوها وملامح وجهه تنطق بالإرهاق، رأته والدته بهذا الشكل وعلمت أنها اختارت الوقت المناسب لتحادثه بخصوص عمل (دينا) في الشركة، فهو مجهد يشتاق للراحة ولن تلح كثيرا قبل أن يستسلم حتى ينال قسطا من الراحة، وطالما أخذت منه وعدا حتى وإن لم يرده فسوف يفي به، بادلته الابتسامة ومدت يدها إليه قائلة :
– أدهم تعالى ياحبيبي، شكلك مرهق.
اتجه إليها وأمسك بيدها وجلس إلى جوارها على الأريكة المريحة وغاص فيها محاولا الاسترخاء، أسند رأسه لمسند الأريكة وأغمض عينيه في تعب وهو يرد :
– جدا يا أمي، الشغل النهاردة كان صعب خاصة إني مانمتش بالليل.
مسحت على شعره برفق ولم ترد معلقة على سبب عدم نومه فهي لا تريد استثارته وتعلم مكانة أخيه عنده لذلك تجاهلت الأمر وقالت بحنان :
– معلش ياحبيبي ربنا يعينك، بكرة آدم ييجي يشتغل معاك ويساعدك.
فتح عينيه وتطلع إليها في دهشة، منذ متى تتحدث أمه عن أخيه برفق وهدوء هكذا، لكنها استطردت لتنهي دهشته :
– حبيبي عاوزة منك طلب.
تخطى دهشته وعلم أن السبب في سهرها سيظهر الآن، فاعتدل في مجلسه وأعطاها انتباهه متسائلا :
– خير ياحبيبتي محتاجة حاجة ؟
صمتت لحظة ثم حاولت اختيار كلماتها حتى لا تغضبه :
– أيوة ياحبيبي محتاجة منك خدمة عشان عمو مصطفى.
اندهش مرة أخرى، أما هي فكانت تعلم أن اقتران طلبها برجل يحترمه (أدهم) سيقلل من حدته فأكلمت :
– دينا بنت عمو مصطفى، باباها تعب معاها نفسه تتعلم الشغل عملي وتنزل معاه الشركة بس بتنزل يومين وترجع تتدلع وماتروحش الشغل، إنت عارف إن شركة باباها مصيرها لها بعد عمر طويل وباباها نفسه يبقى عندها الكفاءة والخبرة الكافية اللي تخليها تمشي الشركة بعده صح، المشكلة إنها دلوعة وهو كمان مدلعها ومش بيرفض لها طلب ولو قالت تعبت أو مش عاوزة بيسيبها.
ظلت الدهشة محفورة على وجهه وهو يتساءل :
– طيب وايه المطلوب مني يا أمي ؟
(فريدة) ببطء :
– المطلوب منك ياحبيبي شدة ودن وشوية حزم تخليها تتعلم الالتزام.
(أدهم) باستغراب :
– أنا اللي هاشد ودنها ؟ مش فاهم يا أمي وضحي من فضلك .
(فريدة) :
– أيوة يا أدهم، عاوزين نشغلها في شركتنا في أي حاجة مناسبة لتعليمها، بحيث تتعلم الالتزام وإن المكان ده مش هتتدلع فيه زي شركة باباها، ولو غلطت أو قصرت هتتحاسب، وأنا متأكدة إنها هتلتزم عندنا لأنها بتحترمك وبتقدرك.
(أدهم) وقد غلى غضبا لكنه لم يظهره :
– مستحيل يا أمي، أنا آسف، دينا مش بتاعة شغل أصلا، وحتى شكلها وطريقة لبسها مش مناسب لشركتنا، ولو اشتغلت عندنا هيحصل مشاكل بينا وبين عمو مصطفى لأني هاعاملها زي أي موظف وبالتالي الآنسة دلوعة مش هتتقبل .
(فريدة) محاولة التحدث بهدوء :
– عشان خاطري ياحبيبي، طنط ناريمان نفسها البنت تتعلم حاجة تستفيد بيها ونفسها حد يسيطر عليها، باباها مدلعها بزيادة ومش بيحب يضغط عليها إنما إنت هيبقى معاك الحق في أي حاجة بتعملها معاها في الشغل لأنها بتشتغل عندك مش في شركتها.
(أدهم) بلهجة حازمة قاطعة :
– معلش يا أمي اعفيني من الموضوع ده، الشركات كتير أصحاب عمو مصطفى وبرده ممكن يشغلوها ويسيطروا عليها ويعلموها .
(فريدة) وقد بدأت العصبية تتسلل لصوتها :
– ايه يا أدهم دي أول مرة منك حاجة تخص الشغل، بتحرجني مع طنط ناريمان وكمان باباك مع عمو مصطفى .
(أدهم) منهيا الحوار :
– طيب إنت قلت بنفسك أهو، في الشغل، وشغلي مش باحب حد يتدخل فيه خصوصا يا أمي إنك عارفة إني مش باطيق دينا أصلا فعاوزاني اشغلها معايا وكمان احتك بيها واشد لها ودانها، لا آسف مش هأقدر.
ثم وقف وأمه تكاد تشتعل غضبا وهو يكمل :
– تصبحي على خير يا أمي.
وانطلق صاعدا لغرفته فاستوقفته أمه قائلة بعصبية :
– للدرجة دي يا أدهم طلبي سهل ترفضه، بأقولك الراجل اللي بتحترمه محتاج منك خدمة تقوم ترفض بسهولة كده وبرده عشان حاجة شخصية المفروض مالهاش علاقة بالشغل، لما بييجوا يزورونا بتعاملهم بطريقة مش ظريفة وقلت ماشي مشاعرك وإنت حر فيها، لكن ده يعتبر بيزنس مالوش علاقة بحاجة تانية، واحدة هتبقى موظفة عندك تعاملها زيها زي أي واحدة تانية وحتى لو غلطت تعاقبها زيها زي غيرها.
كان الأمر منتهيا بالنسبة لـ (أدهم) والنقاش فيه لن يغير من رأيه فلم يعلق كثيرا واكتفى بقول :
– تصبحي على خير يا أمي، وانسي الموضوع ده خالص.
انفعلت والدته أكثر وهتفت :
– أدهم لما أكون بأكلمك تقف وتكلمني وباحترام وذوق وعينك معايا.
شعر بالغضب فهاهي تستغل احترامه لها، التفت إليها في صمت ونظر إليها فاستطردت بعصبية :
– إنت فاكر عشان بتدير الشركة إنها بقت بتاعتك خلاص تتحكم وتؤمر فيها براحتك ؟ دي شركة باباك يا أدهم وشركتي أنا وأختك كمان ومن حقي أأمرك وتنفذ حتى في الشغل مادام يعتبر مالي ، فاهمني ولا لا ؟
صمت (أدهم) لثوان كأنما يهضم ماقالته ثم نطق أخيرا بهدوء :
– نسيتي إن آدم له في الشركة كمان، حاجة تاني يا أمي ؟
ذهلت السيدة من تجاهل ابنها التام للأمر وكادت تفقد أعصابها أكثر لولا بقايا من عقل منعتها طلبا للتهدئة حتى يرضخ في النهاية فحاولت الالتفاف حول الأمر :
– خلاص يا أدهم أنا هأكلم باباك وهو يشوف شغله معاك.
رفع (أدهم) حاجبه في استخفاف وهو يثق بقرار والده قائلا :
– طيب يا أمي وأوعدك لو بابا وافق دينا هتيجي تشتغل في الشركة من بكرة.
برقت عيناها في ظفر فهاهي حصلت على وعدها، وهي تعلم تماما أن والده موافق منذ البداية فأشاحت بوجهها قائلة :
– خلاص يا أدهم هأكلم بابا ونبقى نشوف.
ثم التفتت إليه منبهة :
– وماتنساش وعدك لأن أنا عارفة إن بابا مش هيتأخر وهيساعد مصطفى.
عقد حاجبيه في ضيق، فهو لم يضع في حسبانه تلك النقطة لكنه قال :
– طيب يا أمي مش هأنسى، بعد إذنك.
لم ترد وتركته يصعد لغرفته وهو يشتعل غضبا ويكاد يسقط من التعب .
********
في اليوم التالي علم (أدهم) كم كان مخطئا عندما أخبره والده أنه يرغب في عمل (دينا) في الشركة كخدمة بسيطة لصديقه العزيز والدها، وللمرة الثانية يضطر لأن يقبل بعمل أحدهم بدون استحقاق كامل من وجهة نظره على الأقل، لكنه في النهاية رضخ لرغبة والده متجاهلا علامات الانتصار التي انطبعت على وجه والدته وكأنها تغيظه بها، وفي نفس الأسبوع حصلت (دينا) بالفعل على عمل مناسب لها في الشركة حرص فيه والده أن يكون أقرب مايمكن من ابنه ليحدث الاحتكاك بينهما بشكل مباشر في أغلب الأوقات، وطبعا كانت (دينا) تكاد تطير فرحا بحدوث مارغبت به ومنذ اليوم الأول وهي تحاول نصب الشباك حوله مستخدمة شتى الطرق التي تعتقد أنها يمكن أن توصلها لقلبه وبالتالي ثروته على الرغم من جموده وصده الدائم لها، أحيانا بطريقة فظة للغاية لكنها دوما أكثر تجمدا وبرودة من ثلوج القطب الشمالي وكل مايهمها هو الوصول لبغيتها في النهاية .
وعلى الجهة الأخرى وبعد محاولات إقناع عديدة بين (أدهم) وأخاه (آدم) لقبول الشقة من صديق والدهما ومن والدهما استسلم (آدم) للأمر وقبلها كهدية من والده الذي أخبره أنها ليست هدية بل هي من حقه ومن ماله كذلك، استقر به وبصغيره الحال وسجله في مدرسة قريبة من شقته ومقر الشركة أيضا واستقرت الأمور، وكان اليوم هو أول يوم يعود فيه (آدم) للشركة ولمكتبه الذي تركه فيها منذ سنوات طوال، كان (أدهم) أكثر سعادة ربما من والده وأخاه لعودة (آدم) للشركة والعمل معه ومر بنفسه عليه يومها صباحا ليصطحبه تاركا سيارته وهو يخبره أنه سيوصله بنفسه ذهابا وعودة ، كان (آدم) يتطلع إليه في صمت وحب وذهب معه سعيدا للعمل، انتهى اليوم وقد استقر كل في المركز المناسب له وعاد (آدم) مديرا لحسابات الشركة والمسئول الأول عن دراسات الجدوى والمناقصات بها وعضوا في مجلس إدارتها، أما (جمانة) فأنهت عملها الذي كان شاقا في ذلك اليوم وتوجهت مسرعة للنزول ، ذكرى ميلاد صغيرتها اليوم وهي تريده يوما استثنائيا، ربما لن تقيم لها حفلا لكن سيخرجون سويا ويقضون يوما ممتعا في إحدى مدن الملاهي الشهيرة بصحبة (نورا) وطفلها، لذلك ما إن انتهت مواعيد العمل الرسمية حتى اتجهت للمصعد وضغطت زر استدعائه وهي تبحث عن الهاتف ومفاتيح السيارة في حقيبتها حتى وجدتهما، ضغطت أزرار الهاتف بسرعة حين وصل المصعد وفتح بابه فاندفعت داخله وهي ترفع الهاتف إلى أذنها لكنها اصطدمت بشخص داخله وسقط هاتفها أرضا مفككا، نظرت للهاتف بحسرة ثم رفعت عينيها لترى الشخص الذي اصطدم بها وكسر هاتفها ولم يعتذر فارتطمت عيناها بالعينين البنيتين الساخرتين والشفتين اللتين انحنى أحد طرفيهما لأعلى في ابتسامة ساخرة صغيرة أصابتها بالحنق أعقبه التعليق الأكثر سخرية :
– مدام جمانة برده؟ مش تبصي قدامك .
صمتت للحظة ثم ردت في حنق :
– باشمهندس أدهم، معلش ماخدتش بالي كنت مستعجلة.
وحاولت الانحناء لتجميع الهاتف المفكك لكنه سبقها وجمعه وركبه وفتحه وأعاده إليها مستمرا في سخريته وهو يستطرد :
– اتفضلي جت سليمة المرة دي
التقطته ثم هزت رأسها في غضب، استدارت تنظر للجهة الأخرى عندما سمعت صوتا يقول في دهشة :
– جمانة ؟؟ معقولة ؟
التفتت مرة أخرى في استغراب لتنظر للرجل الآخر الواقف بجوار (أدهم) والذي لم تلحظه في البداية لغيظها ثم رفعت حاجبيها في دهشة وهي تهتف في نوع من السعادة :
– دكتور آدم مش ممكن ؟ إزي حضرتك ؟
وصل المصعد لجراج الشركة وفتح بابه فخرجت منه (جمانة) يتبعها (أدهم) ثم (آدم) الذي بدت سعادة حقيقة على وجهه تعادلها دهشة كبيرة على وجه أخيه حين قال :
– أنا الحمد لله إنت عاملة ايه وأخبارك ايه في الدنيا ؟؟
(جمانة) بسعادة من استعاد ذكرى جميلة :
– الحمد لله يادكتور وحضرتك عامل ايه؟ ماسمعناش عن حضرتك من ساعة ماسافرت وسبت الكلية.
(آدم) بترحيب :
– الحمد لله تمام أهو الحال ماشي سافرت كندا وكنت هناك طول الفترة اللي فاتت ويادوب لسه راجع من حوالي أسبوعين.
ثم علا وجهه قليل من الدهشة وهو يستطرد متسائلا :
– إنت بتشتغلي هنا ؟؟ ماكنتش أعرف إن حسام ممكن يخليكي تشتغلي في يوم من الأيام .
قالها وابتسم في حين ظهرت نظرة حزن عميقة في عينيها وهي تجيب :
– حسام الله يرحمه يادكتور.
(آدم) بارتباك حزين :
– لا حول ولاقوة إلا بالله، الله يرحمه، وإنت عاملة ايه دلوقتي؟
(جمانة) بهدوء لا يعبر عما يعتمل بداخلها :
– الموضوع بقى له أكتر من 3 سنين ومعايا ملك نسخة من باباها.
(آدم) برقة :
– ماشاء الله ربنا يخليهالك.
إلى هنا وغيظ (أدهم) كان قد وصل لأوجه فقاطع حديثهما قائلا بنبرة شبه غاضبة :
– إنتو تعرفوا بعض منين يا آدم ؟
التفت إليه (آدم) وهو يجيب بابتسامة :
– جمانة كانت طالبة عندي في الكلية يا أدهم وكانت نابغة فعلا، بتساعدني كتير في شغلي وعلى الرغم من إنها كانت تخصص محاسبة إلا انها درست اقتصاد وإدارة، بتعشق حاجة اسمها تجارة بجميع تخصصاتها وساعدتني كتير في الماجستير بتاعي أيامها .
ارتسمت ابتسامة رقيقة على وجه (جمانة) وهي تقول في خجل :
– ربنا يخليك يا دكتور كل اللي اتعملته كان من حضرتك، حضرتك شجعتني كتير وكنت السبب في إني أوصل لمرحلة متقدمة في دراستي.
استمع (أدهم) لوصلة المديح تلك بغيظ واغتاظ أكثر عندما وجد أخاه يخاطبها باسمها مجردا غير مصحوب بأي لقب، وتملكه الغضب عندما ضبط نفسه وللمرة الثانية يفكر بهذا الشكل، ودعتهما (جمانة) واتجهت لسيارتها الصغيرة، لم تحاول معرفة الصلة بينهما أو سبب وجود (آدم) في مقر عملها مع مديرها، في حين أنهما اتجها لسيارة (أدهم) وبداخلها أدار (أدهم) محركها وقال متسائلا محاولا عدم إظهار فضوله :
– ماكنتش أعرف إنك بتكلم الطلبة بتوعك كده يا آدوم، ولا ناس وناس !
ثم ضحك مداريا مشاعره، أما (آدم) فقابل تساؤله ببساطة وهدوء وهو يرد بابتسامة :
– لا طبعا ناس وناس، جمانة كانت من الناس المتفوقة اللي بتحب دراستها وتشجع اللي حواليها عليها، شعلة نشاط في الجامعة والكل كان يعرفها ويعرف شغلها وكمان مرشحة تبقى في الاصطاف بس حسام خطيبها أيامها الله يرحمه كان رافض مبدأ الشغل تماما.
(أدهم) بتساؤل :
– غريبة إنها تشتغل بعد وفاته، لأن باين عليها كانت بتحبه.
(آدم) وهو يستعيد ذكرى :
– كانوا بيحبوا بعض جدا وقابلهم عقبات كتير في فترة خطوبتهم لحد ماربنا وفقهم واتجوزوا … ثم التفت لأخيه مكملا :
– طبيعي جدا تشتغل عشان ع الاقل تلاقي حاجة تشغل وقتها بيها مش هتفضل عايشة على ذكراه للأبد وتحرم نفسها من كل حاجة خصوصا إنها صغيرة في السن.
نظر إليه (أدهم) نظرة ذات مغزى محاولا من خلالها استشفاف مايدور بخلد أخيه لكنه لم يستطع فاكتفى بأن انطلق بالسيارة خارجا للطريق حين سأله (آدم) :
– هي بتشتغل في الشركة من إمتى ؟ وبتشتغل فين بالظبط ؟
(أدهم) أجاب باقتضاب :
– في الحسابات مع أستاذ محفوظ، بقى لها حوالي 3 شهور.
ابتسم (آدم) وقال :
– طيب تمام يعني معايا، هتنفعني جدا في شغلي ، تلاقيك مش عارف تستغل طاقاتها كويس.
رمقه (أدهم) بنظرة غيظ جانبية واكتفى بالصمت وهو يوصله لمنزله حيث ينتظره (يوسف) مع مربيته.
********
انتظم (آدم) في عمله، عاد لمكتبه القديم المجاور لمكتب والده والذي هو حاليا مكتب أخيه (أدهم)، كانت سعادته جمة بعودته بين أهله ثانية خصوصا (أدهم) والذي مازال ينظر إليه كمثل يُحتذى به، استقرت الأمور بشكل عام حتى أتى يوم تلقت (جمانة) اتصالا هاتفيا من دكتور (حسام) الذي يدير صيدلية زوجها الراحل يخبرها أنه بحاجة للقائها لأمر هام حينها تساءلت (جمانة) :
– خير يادكتور حسام في إيه ؟ قلقتني ؟
أجاب (حسام) بسرعة :
– معلش يامدام جمانة الكلام مش هينفع في التليفون لازم أشوفك ضروري ومش هينفع أستنى لحد الميعاد الشهري.
ردت (جمانة) وقلقها يزداد :
– طيب يادكتور هاعدي على حضرتك في الصيدلية بعد مااخلص شغلي بإذن الله.
هتف :
– لا مش هينفع في الصيدلية، ممكن مكان تاني؟
أجابت في حزم :
– للأسف مش هينفع أقابل حضرتك في مكان خلاف مكان الشغل يادكتور، طيب ممكن أجي صيدليتك بس يكون الموضوع باختصار من فضلك.
تردد قليلا ثم حسم أمره :
– برده مش هينفع، زميلي في الصيدلية حاليا متواجد باستمرار بسبب انشغالي بصيدليتك ومش هينفع أتكلم قدامه، ممكن طيب أي مكان وتكون والدتك معاكي لأن الموضوع مهم جدا ومايحتملش تأجيل؟
ترددت هي الأخرى وفكرت قليلا ثم ردت :
– طيب يادكتور حسام، هأكلم ماما وأرد على حضرتك.
وتم كان اللقاء في أحد المقاهي على النيل، بعد السلام وقليل من اللعب مع الصغيرة (ملك) قال (حسام) :
– معلش يامدام جمانة إني قلقتك بس فعلا الموضوع لازم يتحسم فورا.
نظرت إليه بتساؤل صاحبه صوت والدتها قائلا :
– خير ياحسام يابني قلقتنا ؟.
سحب نفسا عميقا ثم أجاب :
– دكتور هشام، بصراحة ومن غير لف ودوران تقدري تقولي …. بيسرقك.
قال كلمته الأخيرة في شيء من التردد في حيت تطلعت المرأتان إليه فيما يشبه الصدمة، هتفت الأم :
– قلبي كان حاسس إنه مش مظبوط بس كنت بأكذب نفسي وأقول إن بعض الظن إثم.
أما (جمانة) ففكرت لثوان ثم تساءلت بحزم :
– طيب يادكتور إيه الدليل على كده ؟ وإزاي أقدر أواجهه بسرقته أو حتى أبلغ البوليس وآخد حقي منه ؟ حضرتك معاك دليل ؟
أجاب (حسام) بسرعة وكأنه حضر ماكان سيفعله ويقوله مسبقا :
– طبعا في دليل يامدام جمانة.
ثم ناولها الحقيبة التي كان يحملها وهو يكمل :
– هنا هتلاقي كل الأوراق اللي تثبت لك كده، دكتور هشام بيتعامل مع شركات أدوية معينة وبياخد منهم نسبة عشان التسويق وعينات مجانية بكميات كبيرة وفي النهاية بيبعها في السوق السودا، الورق هنا هتلاقي المفروض العقود والاوراق الرسمية الخاصة بتعاملات الصيدلية وشيكات باسمه لقيتها بالصدفة في ملف نسيه جوا درج المكتب باسمه من شركة أدوية مشهورة مع أوراق تثبت حصوله على عينات ضخمة زي ماقلت لك ..
ثم تردد مرة أخرى فحثته (جمانة) أن يكمل :
– في حاجة تانية يادكتور حسام ؟
قال في خجل وتردد :
– شوفي أنا مش عاوز أخوض في حاجة زي دي بس للأسف ده مكان شغل وملكك واللي بيحصل فيه من وراكي من حقك تعرفيه، كله حرام في حرام، دكتور هشام بيعمل خلطات خاصة وبيبيعها الخلطات دي عبارة عن حاجة تأثيرها شبيه بالمخدرات، غير سمعة الصيدلية اللي بقت زي الزفت في المنطقة بسبب … علاقاته النسائية واللي أحيانا بتكون في الصيدلية نفسها .
رفعت (جمانة) حاجبيها وتراجعت للخلف في صدمة في حين حوقلت الأم وهي تشهق ثم قالت :
– حسبي الله ونعم الوكيل، يعني احنا استأمناه عليها يقوم يعمل كده ! يسرق ويسوء سمعة المكان ويتاجر في الحرام كمان، هو في بني آدمين كده؟
ثم التفتت لـ (حسام) قائلة بامتنان :
– ربنا يكرمك يابني ويجازيك خير إنك نبهتنا.
أما (جمانة) فقد كانت صدمتها كبيرة، لم تكن تعلم ببرائتها وعالمها المنغلق أن هناك نوعية من البشر بهذا الشكل، وأيضا أسوأ، تلقت الصدمات واحدة تلو الأخرى وما أحزنها أكثر من أن يسرقها هو استغلال المكان في المحرمات ، تطلعت وقتها لـ (حسام) بامتنان هي الأخرى وقالت بلهجة حازمة قدر الإمكان لكن خرجت على الرغم منها مرتبكة :
– شكرا يا دكتور حسام، الحقيقة مش عارفة أقولك إيه ولا أشكرك إزاي، كل اللي أقدر أقوله جزاك الله خيرا، أنا بإذن الله هاراجع الاوراق دي وكمان هأعرضها على أختي المحامية وأكيد هأبلغك هنعمل ايه لأني هاحتاج مساعدتك طبعا.
رمقها (حسام) بنظرة حنون لم تلحظها و رد :
– أكيد يا مدام جمانة، أنا معاكي في أي تصرف هتعمليه وهاساندك طبعا ماتقلقيش.
شكرته مرة أخرى وافترقوا على موعد للاتفاق على التصرف حيال هذه المشكلة، عندما عادت (جمانة) ووالدتها للمنزل عكفت على مراجعة الأوراق التي أعطاها إياها (حسام)، ساءها كثيرا أن وجدتها جميعا صحيحة ، شعرت بنوع من الغباء أن سلمت أمرها لشخص غير موثوق به سرقها وارتكب الحرام وأساء لسمعة صيدلية زوجها الراحل وبكل صفاقة، في نفس اليوم التقت شقيقتها وأبلغتها بالأمر وأطلعتها على الأوراق فأكدت لها صحتها من الناحية القانونية وأكدت عليها أنها ستدعمها في مواجهة ذلك السارق.
قررت (جمانة) أن تواجهه بدون أن تبلغ الشرطة حتى لا تسوء سمعة المكان أكثر وأن تطرده من الصيدلية شر طردة وهذا ماقامت به بالفعل بعدها بيومين، اتجهت للصيدلية بصحبة شقيقتها بعدما اتفقت مع (حسام) أن يتواجد في ذلك الوقت ثم دلفت للمكان متلفتة حولها حتى وقع بصرها علي (هشام) الذي ما إن رآها حتى قام من مكانه كالمعتاد واتجه إليها بسرعة مرحبا بلهجة ناعمة خبيثة :
– مدام جمانة، أهلا بحضرتك، مش عادتك تزورينا بس أكيد زيارتك غالية عندنا.
لم يمد يده ليصافحها كما اعتاد بعدما أحرجته أول مرة حاول فيها ذلك لكنه مدها لشقيقتها والتي لم يكن يعرفها فتطلعت إليها في صمت ثم رفعت عينيها إليه بنظرة ملؤها الغضب شعر به هو فسحب يده قائلا في حرج مصطنع :
– أأأأ أنا آسف حضرتك برده مش بتسلمي؟
أجابت (لمياء) في صرامة :
– أنا الأستاذة لمياء أبو الفتوح المحامية أخت مدام جمانة.
علت ابتسامة صفراء شفتيه في صمت حين دلف (حسام) للمكان في خطوات سريعة وتطلع للجميع، رحبت به (جمانة) في هدوء بعد أن ألقى السلام وعرفته بشقيقتها ثم قالت :
– دكتور هشام من فضلك كنا عاوزين حضرتك في موضوع مهم.
شعر (هشام) بالقلق، ونظر لـ (حسام) بغل وحقد إلا أن الأخير أدار وجهه الناحية الأخرى في نوع من القرف، تساءل :
– خير يا مدام جمانة في حاجة مزعلاك في الشغل هنا ؟.
ردت بحزم :
– أيوة في يادكتور هشام.
ثم أخرجت الأوراق التي أعطاها لها (حسام) من قبل وقذفت بها له متسائلة بصرامة شديدة مخالفة لشخصيتها :
– ممكن تفهمني ايه ده ؟؟ وايه اللي بيحصل في الصيدلية من ورايا وايه اللي الناس بتقوله ع المكان هنا بسبب حضرتك ؟
تراجع (هشام) للخلف في وجل وهو يتطلع إلى الأوراق التي ألقت بها أمامه على المكتب في توجس، نقل بصره بينهم والذي استقر على (حسام) في كره ثم قال بلهجة هجومية بها بعض التوتر :
– انا مااعرفش ايه ده ومااعرفش الدكتور قالك ايه او شوه صورتي عندك إزاي بس ربنا عالم أنا باعمل ايه عشان الصيدلية دي تفضل مفتوحة وشغالة باسم حسام الله يرحمه وربنا عالم إني ….
قاطعته (جمانة) بصرامة مختلطة بالاشمئزاز :
– بس ماتجيبش سيرة ربنا، الأوراق اللي قدامك دي حسابات الصيدلية اللي كنت مخبيها وهي سليمة أنا راجعتها بنفسي والأستاذة لميا راجعتها يعني ماحدش بيحاول يلبسك تهمة، قبل ماآجي هنا مشيت في الشارع وسألت على صيدليات قريبة ماحدش من اللي سألتهم قاللي على الصيدلية هنا وكلهم دلوني على واحدة تانية في آخر الشارع، ده معناه ايه ؟ والمصيبة الكبيرة آخر واحدة سألتها ست كبيرة ولقيتها بتقوللي في هنا اتنين بس روحي الصيدلية اللي في آخر الشارع بلاش اللي هناك دي وشاورت على هنا، عارف ليه يادكتور ؟
ابتلع ريقه الذي جف بصعوبة بالغة وهو يحدق فيها بصمت فأكملت :
– عشان الدكتور اللي هنا مصاحب البلطجية وبيديهم مخدرات وبيجيب فيها ستات ؟ وبقى له سنين ع الحال ده وأنا نايمة على وداني يا …. دكتور !
ثم أخذت نفسا عميقا تبرد بها غضبها قليلا قبل أن تستطرد في حزم :
– للأسف يادكتور هشام خيبت ظني فيك وخليتني أندم على الثقة اللي اديتهالك، لكن الحمد لله ملحوقة والغلط ممكن يتصلح بإذن الله، دكتور حسام هيعمل جرد للصيدلية وحضرتك هتكون موجود، وبكرة آخر يوم ليك فيها، ولا بارك الله لك في اللي سرقته منها وأسأت لسمعة المكان اللي استأمنتك عليه بسببه.
ثم قامت من مكانها وهي تشير لشقيقتها التي قالت بلهجة شديدة :
– دكتور هشام مفيش داعي أقول لك إن ببساطة كان ممكن تكون بايت في القسم النهاردة وأنا عارفة أنا بأتكلم عن ايه كويس، لكن جمانة رفضت وشايفة إن ده بيسيئ للمكان أكتر فنزلت على رغبتها، إنما أي محاولة منك لعمل أي مشكلة سواء للصيدلية أو لدكتور حسام كل الأوراق دي هتكون في القسم بعدها مباشرة وسهل جدا نجيب شهود على عمايلك السودا، الجرد هيتم النهاردة وينتهي النهاردة وياريت مانسمعش عنك تاني لا خير ولا شر.
ثم قامت بدورها وهو يتطلع لكليهما بصمت متوتر ثم زم شفتيه في غضب وهو يهتف :
– قولوا لي كده بقى ، شغلت الصيدلية وخليت لها اسم في السوق وجايين أنتو والبيه تألشوني منها، ايه البيه عجبه الحال وعاوز يستفرد بيها وبيك ياهانم وإنت عاجبك مش كده بس أنا مش هأسكت على ………..
ولم يتم جملته، لقد شعر (حسام) بالغضب الشديد من تلميحه المهين فأمسك بياقة قميصه جاذبا إياه من كرسيه ثم دفعه للحائط خلفه وهم بأن يلكمه في فكه، لولا أن صرخت (جمانة) بخوف وهتفت (لمياء) فيه :
– دكتور حسام أرجوك، مفيش داعي تلوث ايدك مع البني آدم ده.
ظل (حسام) ممسكا بياقته ويده مرفوعة كأنه سيهوي بها على وجهه في أي لحظة و (هشام) يتطلع إليه في خوف واضح، ثم مالبث أن مد (حسام) يده الأخرى ليمسك ياقته بكلتا يديه ليهزه بعنف وهو يصيح به في غضب :
– والله العظيم لولا وجودهم كنت عرفتك شغلك ياجبان، بص لنفسك عشان تعرف حجمك قد إيه يا … يادكتور.
ثم دفعه ناحية الجدار بعنف فاصطدم به وهو يتأوه، التفت للسيدتين خلفه معتذرا برفق :
– أنا آسف بس فعلا لازم يتربى .
ثم التفت يرمقه بنظرة صارمة توتر لها بدن (هشام) وهو يكمل :
– مش هأدي فرصة لواحد زبالة يحس إنه انتصر بكلمتين هايفين زيه.
ظلت (جمانة) تطلع إليه في وجوم وقلق امتزج بشعور غريب بالأمان، أما (لمياء) فقد شكرته وأثنت على أخلاقه واتفقت معه على ماسيقوم به، ظلت (جمانة) صامتة بعدها حتى حان وقت ذهابها وشقيقتها، فشكرت (حسام) على صنيعه ووقوفه بجانبها بخفوت واتجهت مع شقيقتها لسيارتها.
وصلتا لمنزل (جمانة) فأصرت أن تصعد شقيقتها معها قليلا، وبالمنزل كانت الصغيرة قد نامت والأم بالانتظار في قلق، قصتا على والدتهما ما حدث وما إن أنهتا حديثهما حتى قالت الأم بابتسامة :
– والله دكتور حسام ده الله يبارك له، راجل ذوق وشهم وأخلاقه عالية، كفاية موافقته على إنه يشتغل في الصيدلية مع إنه عنده واحدة وغير كده يكشف المصايب اللي كانت بتحصل فيها ويساعد في حلها.
صدقت (لمياء) على كلامها قائلة :
– فعلا يا ماما، ربنا يجازيه خير، انسان مهذب.
أما (جمانة) فصمتت للحظة ثم عقبت :
– بس شفتي يا لومي لما كان هيضرب دكتور هشام ؟ أنا اترعبت ساعتها، قلت هيتخانقوا ويضربوا بعض وتبقى مصيبة.
ابتسمت (لمياء) وهي تتذكر موقف (جمانة) و ردت :
– أيوة لاحظت خوفك، ياجوجو ياحبيبتي امسكي نفسك شوية، إنت دلوقتي بتشتغلي وهيبقى في احتكاك أكبر بالناس لازم تكوني أجمد من كده، وبعدين دكتور حسام لما شافك خفتي كده وأنا قلت له بلاش مسك نفسه الحمد لله، مع إني كان نفسي يدي لهشام ده بوكس يكسر له سنانه بعد الكلام الزبالة اللي قاله.
فكرت (جمانة) للحظة في كلام شقيقتها ثم ابتسمت قائلة :
– معاك حق والله يالومي، بس أعمل ايه مش متعودة على الحاجات دي، بس عارفة لو كان اداله بوكس كان ممكن يغمى علي.
قالتها وضحكت فبادلهتها والدتها وشقيقته الضحكة ثم قالت لها والدتها :
– جوجو معلش ياحبيبتي هاتعبك وأنت راجعة مرهقة، ممكن تعملي لنا شاي وتجيبي الكيك اللي عملتها النهاردة.
ثم وجهت كلامها لـ (لمياء) :
– هتعجبك يالولو بالشيكولاتة.
ضحكت (لمياء) و هتفت :
– لا خلاص أنا كنت هأقوم بقى أروح بس مادام فيها شيكولاتة يبقى خلاص، يلا ياجوجو.
ابتسمت وقامت متجهة للمطبخ مداعبة :
– ماشي عشان خاطر الضيفة المبجلة اللي بنشوفها في الأعياد بس.
بعد ذهابها التفت (لمياء) لوالدتها متسائلة بخبث :
– ايه ياست الكل، بتوزعي جوجو ليه؟
ابتسمت الأم في حنان وهي تجيب :
– أبدا يالولو، كنت عاوزة أعرف رأيك في دكتور حسام ؟
اندهشت (لمياء) لجواب والدتها فردت بتساؤل :
– رأيي فيه إزاي ياماما ؟
قالت الأم محاولة إظهار عدم الاهتمام :
– يعني ، أصلي حسيت إنه مهتم بجمانة وإنت شايفة بيساعدنا وواقف جنبنا إزاي .. بصراحة حاسة إنه معجب بيها .
تطلعت إليها ابنتها في دهشة، ثم ضحكت في خفوت وهي تقول :
– غالبا كده يا ماما، نظراته بتقول وتصرفاته، كفاية إنه كان هيضرب هشام لمجرد إنه لمح بالكلام بطريقة مقرفة على علاقة بينه وبين جمانة ولما لقاها خافت هدي وسكت.
ارتسمت السعادة على وجه الأم وقالت :
– أنا كنت حاسة، دكتور حسام بني آدم كويس وأخلاقه عالية، شهم وخدوم، وحسيت إنه معجب بيها، ربنا يهديكي يابنتي ويرزقك باللي فيه الخير ويسعدك.
رددت (لمياء) :
– اللهم آمين.
ثم فكرت لثوان وهي تكمل :
– بس يا ماما مااعتقدش إن جوجو ممكن تفكر في حد غير حسام الله يرحمه، ع الأقل دلوقتي، بتتعامل معاه عادي جدا كأن في كل مرة أول مرة تشوفه.
ردت الأم :
– مش مهم دلوقتي أو بسرعة يالولو، كل حاجة في وقتها، المهم إني مبسوطة إنه معجب بيها، ماحدش عارف بكرة ممكن يحصل ايه !.
وافقتها (لمياء) بإيماءة من رأسها حين عادت (جمانة) تحميل صينية ضخمة عليها أكواب الشاي وأطباق الكيك وهي تقول ضاحكة في مرح :
– اتفضلي يامولاتي التشوكليت كيك اللي جنابك بتحبيها.
بادلتها (لمياء) الضحك، وجلسن يتسامرن لفترة، لم تشعر أيا منهن بالسعادة منذ مدة طويلة كما شعرت بها الآن .