رواية عشق ليس ضمن التقاليد للكاتبة أسيل الباش
الفصل العشرون
كتبتُ أبجدية أُسمكَ على قلبي..
وجعلته شِعاري في دُنيتي وآخِرَتي..
قدَّستُ كل ما يخُصكَ في أشعاري..
وكتبتُ عنكَ إلى أن أفرغت حبر اقلامي..
تكلمتُ الى أن ملَّ الناس من حِواري وسِماعي..
ولكنني لم اكتفي بكلامي بل توسعتُ بِخيالي..
وجعلتُكَ جنتي في أحلامي وَمَنامي..
أيَا ترَى تستحقَ إهتمامي وثمانة أوقاتي؟!
تبرطمت خنساء بحنق وهي تحاول أن تسمع ما يدور بين زوجها قسورة وبين زوج ياقوت ساري.. تريد أن تعرف لماذا أتى ولكن قسورة قرر أن يجلس وإياه في مجلس الرجال على الرغم من كون لم يتم تصليحه بعد بالشكل الكامل..
خشيت أن تدنو من الباب فيفتح قسورة باب المجلس فجأة وتقرأ هي الفاتحة على روحها ولكن طابع الفضول الذي يجري في دمائها تبًا له.. حقًا تبًا له..
إقتربت خنساء من نافذة المجلس المغلقة بينما قلبها يطرق بعنف داخل صدرها.. هذه مجازفة في روحها فكيف لا تشعر بالخوف؟ لو انه ليس ساري العرابي لما كانت ستحاول استراق السمع.. ولكن يجب ان تفعل حتى تنقل اخر الاخبار هذه إلى ياقوت..
- هل تحدثت مع ابن عمك عزيز؟
تساءل ساري بهدوء فأجابه قسورة: - ليس بعد.
اومأ ساري قبل أن يقول:
– بالنسبة لوسيم.. سوف اتحدث معه وأحاول أن ادعه يساعدك بدلًا أن يقف ضدك.. على الأقل حتى تجد الشخص الذي تسبب بحريق منزلك واعتدى عليه.
ابتسم قسورة بتهكم:
– لا اعتقد انه سيساعد بأي شيء إلا إذا نفذت الجنون الذي نطق به.
بمكر سأله ساري:
– لماذا لا توافق على الزواج من شقيقته كما قال وتستميله لجانبك؟
ماذا؟ ماذا؟ ليعطي خنساء أحدٌ مطرقة بشكل فوري.. من يتزوج؟ قسورة؟! ستقضي عليه وعليها وعلى ساري ووسيم اللعين اذا فكّر قسورة بالموافقة.. إستشرست ملامح خنساء وبجنون نظرت الى اظافيرها لترى طولهم.. فالليلة ستضع بصمة جنونها الفورية إما على قسورة وإما على ساري الحقير الذي أتى إلى منزلها ليبث هذا الجنون على ما يبدو في عقل زوجها الاحمق..
قرّبت خنساء اذنها اكثر الى النافذة لتسمع رد قسورة.. فرده سيكون أو حياته أو موته..
- لست مجنونًا يا ساري لأنفذ الغباء الذي ينطق به وسيم.. هناك الكثير من الرجال في القبيلة غيري وغير عمران.. ليفكر في أحد غيرنا.
هتف قسورة بجدية فتنهد ساري: - ولكن لا احد سيوافق بالزواج من ابنة شقيقته.. لا تنسى يا قسورة انك وعمران السبب في تدهور حالتها.
بغيظ رد قسورة:
– لست مستعدًا أبدًا لأتزوج من امرأة أخرى.. امرأة واحدة تكفي.. بعض النساء عن مئة رجل.. لا احد يقدر عليهن.. والان تود مني أن افكر بالزواج من ابنة شقيقته والتي أيضًا ليست بكامل قواها العقلية! انا سأصبح مجنونًا اذا تزوجت من امرأتين.. امرأة وبالكاد وافقت أن اتزوج!
“بالكاد وافق أن يتزوجني! لا يرفض لأنه يحبني! الهمني الصبر يا رب.. لا اريد ان اموت قاتلة”
فكرت خنساء بحنق شديد وهي بالكاد تتحكم بنفسها كي لا تدخل كالثور وتهجم على ساري وقسورة.. وسرعان ما كانت تبتسم خنساء بشر وهي تسمع ساري يقول بخبث:
– فكّر يا قسورة وتزوجها.. وزوجتك ستعتني بغالية لا انت.. ومثلما قال لك وسيم تزوجها فقط حتى تتعافى وبعد ذلك طلّقها.
وضعت خنساء يدها على رأسها تتأكد اذا كانت تضع حجابها.. وبعد أن تأكدت، بجنون ودون تفكير اقتحمت مجلس الرجال وزمجرت بشراسة وهي ترشق قسورة وساري بصوان لهيب نظراتها:
– قسمًا بربي العظيم لا زواج لك سيتم من غيري.. ولتذهب انت يا ايها المتخلف حتى تتزوج من غالية التافهة التي تتحدث عنها.. وليموت وسيم بغيظه وتموت ابنة شقيقته بجنونها!
- خنساء!
صاح قسورة بعصبية وهو يقف بينما ابتسم ساري باستمتاع.. الحقير يستمتع بغيظها!.. على ما يبدو أنه لا يعرف أن اللهو مع الأسود لا ينفع..
وقبل أن تهم خنساء بالصراخ مرة أخرى كان قسورة يجذبها من مرفقها الى خارج المجلس ويدفعها بغضب أشوس لتقع على الأرض بينما يهدر: - ما هذا الجنون يا خنساء؟ كيف تدخلين الى مجلس الرجال وتهتفين بهذا الجنون؟ هل تريدين أن اكسر لك قدميك؟!
نهضت خنساء عن الأرض وصاحت بصوتٍ مرتفع:
– هل تريد مني أن اسكت بعد الجنون الذي سمعته؟ والتافه الذي في المجلس يعتقد انني سأعتني بغالية بدلًا أن اقتلها! أهذا هو الحب يا قسورة الذي تحبني؟
لم يكن هدف ساري أبدًا أن يفعل قسورة ما يقوله ولكن أراد أن يرى الى اي مدى تمكنت خنساء الفهدي من جعل قسورة يعشقها.. وقسورة لم يكن سيوافق ابدًا فهو حقًا يحب خنساء ولكن بالنسبة لطابع قسورة المتزمت صعبٌ عليه أن يقول إنه يجب خنساء ولذلك يرفض.. فإعترض بأسباب أخرى كالتي سمعتها خنساء وفقدت عقلها بسببها.. ولكن ما فعلته خنساء في التو لن يسكت قسورة عليه اطلاقًا فليست زوجته من تفعل هذه الأفعال وتجعله يشعر بخجل وإحراج كما حدث الان..
بصعوبة شديدة لجم قسورة انفعاله وهتف بهدوء مؤقت ولكن بصرامة.. فبعد الهدوء هذا انفجار حتمي سيزلزل المنزل:
– إصعدي حاليًا الى الغرفة وبعد أن يغادر ساري سنتحدث.
تشدقت خنساء بتهكم:
– ساري! منذ متى الحب و هذه الصداقة التي خرجت من العدم؟
وبعينين شرستين وبنبرة قوية استأنفت خنساء:
– اسمع يا قسورة.. ذلك الثعبان لا اريده في منزلي.. واذا اردت ان تقول إن هذا منزلك فلدي منزل اهلي سيكون منزلي.. التفاهة التي سمعتها ولو تم إعدامي لن تحدث.. ليست خنساء الفهدي من تُذل وتُهان كرامتها وتوافق على زواج زوجها من غيرها.
إقتربت منه بثقة وتحدي رغم نظراته التي تكاد تفتك بها وتخبرها عن انفلات أعصابه الوشيك في اي لحظة ولكن هذه خنساء.. تدافع عن نفسها بشراسة ولا تُخفض حتى رأسها لأسدها.. بل أسدها من يُخفض رأسه حبًّا وطاعةً لها..
– ولا تنسى يا قسورة انني لا زلت مجروحة.. وتغاضيت عن جرحي فقط بسبب حبك الذي اعترفت به.. فلا تجعلني يا قسورة انسى كل شيء واركز فقط بالاشياء السيئة.
ودون أن تبالي خنساء بكون قسورة صامتًا فقط بسبب وجود ساري في منزله صعدت إلى غرفتهما وهي تزبد وترغي وتتوعد لساري أن تجعل ياقوت لعنة في حياته.. رسميًا صارت ياقوت تلميذتها في الدهاء والمكر..
زفر قسورة انفاسًا محتدمة بنيران الغضب قبل أن يدخل الى مجلس الرجال ويقول:
– اعذرني يا ساري.. زوجتي تحبني فقط!
إبتسم ساري بمرحٍ غير واضح:
– أرى ذلك بوضوح.. سأتحدث مع وسيم وأحاول أن ادعه يجد حل بديل فلا يجب أن تدمر زواجك.
هز قسورة رأسه باحراج:
– مشكور يا ساري.
عقدت عائشة ذراعيها بضيق وهي تتطلع إلى أحمد الذي ينظر أمامه بتفكير.. منذ أن غادر ساري منزلهما بعد أن أتى ليطمئن عليها وهو تقريبًا يبدو عليه التفكير الشديد كما الان.. ما أزعجها حقًا انه لم يجلس حتى معه.. بل تركهما معًا وخرج من المنزل لما يقارب النصف ساعة.. كان يجب أن يجلس معه فعلى الرغم من كره ساري لاخوة ياقوت إلا أنه حينما يزورون ياقوت يجلس معهم ويبقى محاوطًا لياقوت..
- بماذا تفكر؟
سألته عاىشة بحنق واضح.. تكاد أن تنفجر بسبب الصمت هذا..
تطلع إليها احمد ورد بلا مبالاة: - لا شيء مهم للذكر.
-
انت بهذا الحال منذ أن غادر ساري.. يبدو لي أن زيارته لنا قد ازعجتك.
علّقت عائشة بجدية فهز احمد رأسه بنفي وقال: - ليس صحيحًا.. اذا اتى فهو يأتي إلى بيت شقيقته.. المشكلة انني لا احبه وهو لا يحبني.. وانا لا استطيع ان اجلس مع انسان اكرهه ولا اطيقه.
همهمت عائشة بعدم رضى قبل أن تستقيم واقفة وتغمغم:
– انا سأذهب الى النوم.. لا اريد ان افكر كثيرًا بماذا تفكر ولذلك سأدعك لوحدك حتى تهنأ بافكارك.
منعها أحمد بقوله الجاد:
– لا أقصدك يا عائشة بكلامي.. فإجلسي.
عادت عائشة الى مكانها وهي ترمق احمد بضيق شديد.. متيقنة أنه يفكر بياقوت وساري.. يفكر بوجودهما في منزل يوسف صديقه.. ربما يغار ويتألم ولكنه لا يود أن يظهر لها أي من ذلك.. كيف بحق الله تعيش مع انسان قلبه وروحه مع غيرها؟ مهما حاولت وفعلت أحمد سيبقى يعشق ياقوت.. هي تدري ذلك جيدًا.. لم تكن تريد حبه سابقًا ولكنها امرأة.. وكل امرأة تستحق الحب وتبحث عنه بين رفوف الحياة.. وهي فعلًا لا تستحق أن تقضي طيلة عمرها مع شخص لا يحبها ويرى شقيقها عدوه… ربما لو انه لا يحب غيرها سيكون أسهل عليها.. ولكنه يحب زوجة شقيقها!
لم تنبس عائشة ببنت شفة بعد أن جلست.. ماذا ينبغي أن تفعل؟ لا تعرف.. فقط تنتظر أن يتغير مسار الحياة الذي أمامها الى الافضل.. تنتظر فقط..
جفلت وهي تشعر بيد أحمد على كتفها وترتفع رويدًا رويدًا الى عنقها ثم وجهها لينتهى المطاف بشعرها..
– لا تفكري بأي شيء وانا معك.
ابتسمت عائشة بتهكم:
– فقط انت مسموح لك ان تفكر بكل ما هو غيري.. أليس كذلك؟
لثم احمد جبينها بحرارة وهمس قبل أن يقبل خديها وينتهي المطاف بجولته بالارتواء من رحيق ثغرها:
– ليس مسموخًا لي انا أيضًا.
حاولت أن تبتعد عنه عائشة بعد أن رفض قلبها قبلاته ولكن يده ثبّتتها مكانها برفقٍ.. فبالتالي تيبست بين ذراعيه ولم تنسجم بأي من قبلاته ولمساته.. ولكن بعد دقائق قليلة أدركت عائشة أن كل شيء في يدها في هذا الوقت.. إما أن تسمح لنفسها في مبادلته هذا الغرام المزيف حتى تجعله ينسى ياقوت واي انثى غيرها وتُقيّد قلبه فقط بسلاسل اسمها.. وإما أن تبتعد عنه بنفور وتبقى تتألم على الهامش كما اعتادت في الآونة الأخيرة..
أغمضت عائشة عينيها بينما ثغره يغزو بشرة عنقها بقبلاته ثم بعزيمة لإثبات نفسها ونسيان الذكرى الأولى لهما معًا رفعت عائشة يديها لتبادله هذه العاطفة المزيفة.. التي لا تشك ولو لثانية أن احمد يحاول أن ينسى بها ياقوت.. ولكن ليفعل ولتتحكم هي به..
الأمور التي عرفتها كانت كثيرة.. جزء منها بعثر افكارها.. لم تكن تتوقع سماع كل هذه القصة الطويلة التي امتدت ليصل بها الحال لأن تكون إحدى أبطالها.. قلبها مقبوض على جدها كريم وما عاشه من ظلمٍ ولكن الله عوّضه بزوجة طيبة القلب أخلصت له كما أحبها.. اما بالنسبة لفواز فهي تارةً تشعر بالشفقة تجاهه وتارةً أخرى تتمنى قتله بخنجر حقدها.. تشفق عليه لأنه فقط كان مخدوعًا بشقيقته الماكرة والتي ربما هي الأخرى كانت تعبث بعقله.. وتشفق عليه لأنه كان يتيمًا واختار صداقة السوء التي دمرت العديد والعديد.. أما تحقد عليه لأنه أحد الأسباب الرئيسية في وصولها إلى مملكة ساري العرابي كأسيرة تحت قناع الحب الذي يتفلسف به ساري.. وتكرهه لأنه تسبب العديد والعديد من المشاكل لقبيلتها..
لا تعرف ياقوت حاليًا ماذا ينبغي أن تفعل.. لا تستطيع أن تربط ما فعله ساري بما حدث سابقًا ولن تظهر لأحد انها تعرف سبب الثأر القديم الا حينما تحتاج.. الان فقط مهمتها ساري العرابي وبعد ذلك ستبدأ بالتوسع حتى تصل الأنحاء..
نهضت ياقوت حالما سمعت طرقات باب المنزل وخرجت من الغرفة التي ستنام بها هي وزوجها ساري..
رأت يوسف يتوجه ليفتح الباب فجلست هي على الفراش الأرضي بينما دخل ساري ويوسف.. أحدهما عابس والآخر مبتهج!
بحنق قال يوسف:
– توقعنا انك ستتأخر اكثر.. يا ليتك فعلت!
ابتسم ساري بإستفزاز وهو يقعد بجانب ياقوت:
– لا اقدر ان ابتعد عن زوجتي كثيرًا.
غمغم يوسف بخبث:
– ولكنك مضطر ان تفعل فزوجتك الغالية التي تكون اختي ستشاركني الليلة النوم في غرفتي حتى نتحدث طيلة الليل.
كتمت ياقوت ابتسامتها وهي تنظر الى تجهم ساري ولكن سرعان ما كانت تختفي ابتسامتها وساري يحيط ظهرها بذراعه، قائلًا بجدية حازمة لا تقبل النقاش:
– بالتأكيد ما تتفوه به لن يحدث اطلاقًا.. لقد قلت لك مسبقًا زوجتي لا تنام الا حيث انا انام.. على فراش واحد.
- ساري انا اريد ان انام بجانب يوسف الليلة.. ارجوك!
همست ياقوت بنعومة فنهض ساري وبسبب ذراعه التي تحيط ظهرها اضطرت أن تقف هي الأخرى.. - لا!.. لننام الان فيجب أن نغادر في الصباح الباكر.
حاولت ياقوت الاعتراض فقد اعتقدت أنها ستنجح باقناعه بما أنه بات يلّبي لها جميع طلباتها.. ولكن ياقوت لا تدري ان ساري قد يوافق على اي شيء تريده الا طلبها بالابتعاد عنه.. فقبل أن تهم بقول المزيد كان ساري يلقي تحية المساء على يرسل المغتاظ ويدخل برفقتها الى الغرفة التي سيقضيان هذه الليلة بها بينما تتطلع هي إلى يوسف بضيق..
ابتعدت ياقوت عنه بعد أن دخلا الغرفة وتمتمت بضيق:
– لقد اردت ان انام بجانب يوسف.. هو شقيقي.
جذبها ساري بخفة من معصمها الى صدره وهمس بهدوء:
– اعرف انه شقيقك.. ولكنني لا استطيع ان انام دونك.. وليست هذه المرة الأولى التي أخبرك بهذا الأمر.. يكفي اننا سننام في منزله لأجلك فقط يا ياقوت.
زمت ياقوت شفتيها بتفكير قبل أن تقول برضى:
– حسنٌ.. لقد رضيت.. انا موافقة.
ابتسم ساري وقبّل جبينها لتردف:
– ولكن غدًا قبل أن نغادر اريد ان ازور خنساء.
اومأ ساري باستمتاع:
– ستعطيك خنساء هدية غدًا لي.. ربما قنبلة وربما سيفًا لتقتليني بهما.
عقدت ياقوت حاجبيها بتوجس وسألته:
– لماذا؟ ما الذي فعلته لها؟
- غدًا ستخبرك اذا كانت بكامل سلامتها!
أجاب ساري بابتسامة لم تفهمها ياقوت فتطلعت إليه بقلق قبل أن تتتوسد السرير ويفعل ساري المثل.. وبتعبٍ أغمضت ياقوت عينيها وهي تشعر بذراعيه تجذبها الى صدره حتى تنام كما يرغب ويريد تمامًا..
هل بالغت برد فعلها؟ فكرت خنساء بقلقٍ وخوف.. الم يكن عليها على الأقل أن تصبر حتى يغادر ذلك الأرعن؟ لا بد أن قسورة ينفث حمم بركانية من انفه بسبب غضبه منها.. ولكنها مجنونة وهو يعرف! لا تستطيع أن تتريث حينما يتم ذكر اسم زوجها مع امرأة أخرى.. تغار وتحب.. ماذا تفعل؟
- تبًا لك يا ساري العرابي.
تمتمت خنساء بسخط قبل أن تشعر بباب غرفتهما يُفتح وقسورة يدلف بجسده الضخم.. فوقفت خنساء هي الأخرى بتحدي وهتفت بغيظ وكأنها ترش الملح على النار لتهب: - أخيرًا قررت أن تصعد لترى زوجتك.. لا اصدق انك تركت صديقك الغالي وأتيت لترى الى اين وصل الحال بزوجتك.
بعصبية شديدة أمسك قسورة ذراعها حتى أنها تأوهت من الألم..
– منذ متى يا ابنة الفهدي تدخلين على الرجال الغرباء؟ منذ متى؟
بتحدي رفعت خنساء رأسها وزمجرت:
– منذ أن يكون هناك اسم انثى يوشك أن يرتبط بك.
ضغط قسورة على ذراعها بقسوة اكبر وهدر بعنفوان:
– ليس قسورة الفهدي من تتسبب زوجته له بهذا الاحراج أمام أي شخص! تودين الكلام تنتنظرين أن يغادر اي لعين اجلس معه لا تقومين باقتحام المجلس بهذه الوقاحة!
- الدفاع عن ما هو ملكك ليس وقاحة!
صاحت خنساء بألم بسبب قبضته التي كادت أن تحطم يدها فدفعها قسورة لتقع على السرير بينما يهتف بصوت لاذع: - كفاكِ غباءًا.. حب.. عشق.. تفاهة.. لا تدعيني اندم يا خنساء!
-
تندم على ماذا؟ انك احببتني؟
سألته خنساء بنبرة شرسة فاقترب منها قسورة ورد بجمود: - أجل.. ومثلما اعترفت بهذا الغباء بإمكاني أن أدوس عليه وافعل ما لا تتخيلين.
ببكاء هدرت خنساء بعد أن وثبت عن السرير ووقفت أمامه:
– انت لم تعد تحبني.. حينما سمعت اسم امرأة أخرى فضلت أن تتزوجها وتجرب حياة زوجية مع غيري.. أليس كذلك؟
زفر قسورة بانفعال وزمجر وهو يكوّر وجنتيها بيديه بقوة:
– من اين سمعتِ هذه التفاهة؟ هل سمعت موافقتي على زواجي من احد غيرك؟ من اين تأتين بهذا الكلام المجنون؟
- من ابليس! انت قلت انك غير مستعد فقط لتدخل امرأة أخرى إلى حياتك فبالكاد وافقت على الزواج من امرأة واحدة.
دمدمت خنساء ببكاء وهي تدفعه عنها فوضع قسورة يده على رأسه وتمتم: - يا صبر ايوب! لا تفهمي الكلام كما ترغبين يا خنساء! انا لم اقل ذلك.
-
بل قلتَ!
قاطعته خنساء قبل أن تضيف ببربرية: - واردت أن أكون خادمة لغالية حتى تطلقها.. والله اضع لها السم في الاكل حتى تموت.. وألقي عليك لعنة لا تزول.. إياك أن تفكر باللهو معي!
بغيظ شديد هتف قسورة:
– يعني الا يكفيك انني لم اعاقبك بعد على سوء تصرفك؟ لماذا تجعلينني أفقد صوابي؟ رأسي سينفجر منك.. اخبرتك انني لن اتزوج من لعنة أخرى فلعنة واحدة تكفيني.
- انا لعنة.. أليس كذلك؟
علّقت خنساء باحتدام فهز قسورة رأسه بجنون وهدر: - ليتني اموت اذا سأجلس ساعة أخرى في هذا المنزل.. إما سأفقد عقلي منك وإما سأقتلك! هذا فقط ما سمعته اذنك.. انك لعنة!
ركضت خنساء خلفه قبل أن يتمكن من الخروج من المنزل لتعانقه من الخلف وتغمغم:
– قسورة لا تخرج.. لنتحدث بتفهم.
تنهد قسورة بضيق واستدار محذرًا:
– بتفهم لا بجنون.. لا زلت أمسك نفسي بصعوبة كي لا اؤذيك.
طمست خنساء ردها اللاذع ووضعت رأسها على صدره بينما تهمس:
– انت لن تؤذيني أبدًا قسور حبيبي.. انا فقط لا اتحمل أن يمر اسم امرأة من جانب اسمك ولو مرّ الكرام.. مثلما انت تغار انا اغار.. ويجب ان تكون ممتنًا لأنني لم افعل اكثر مما فعلت.
هدأ قسورة بعض الشيء..
– وماذا عن اقتحامك لمجلس الرجال دون أي خجل؟
ردت خنساء بخجل مصطنع:
– اسفة حبيبي.. ولكنني لم استطيع التحمل.. لقد سمعت بالصدفة ما قاله ساري العرابي وفقدت لبؤتك عقلها بسبب حبها لأسدها.
ثم رفعت رأسها وقبلت خدّه:
– قسور انت روحي ورجلي الوحيد وانا اريد ان اكون امرأتك الوحيدة طيلة الحياة.. اريد ان ننجب العديد من الأطفال.. وان اكون أنا امهم وانت والدهم.. يكفيني طفلي الذي مات حبيبي.. فلا تقهرني.
- لا بأس عليك.. لن اقهرك يا خنساء أبدًا.. لا تقلقي.
قال قسورة بهدوء فابتسمت خنساء بحب وهي ترفع جسدها لتقف على أصابع قدميها ثم بسحرٍ وضعت شفتيها على شفتيه لتقبله بينما تسبل اهدابها.. فلخنساء الفهدي عدة أنواع من لعناتها.. ولا احد يعرف كيف تغير الوانها..