رواية عشق ليس ضمن التقاليد للكاتبة أسيل الباش

الفصل الثالث عشر..
لا تمل عيناك من سؤالي
عن موعد غفراني..
ولا تكل همساتك من التقصي
عن إستجابة حب من خفقاتي..
تتساءل دومًا يداك وهي تبعثر لي خصلاتي:
متى ستنتمين لي يا مولاتي؟
تتساءل كثيرًا وكثيرًا..
وكأنك لا تدري جوابي..
فقد اخبرتك مسبقًا ان جوابي نهائي..
لن يتغير بزلزال او بركان..
فما بالك بطرقات متوسلة على باب الوجدان؟
———————-
لم تستوعب ياقوت الكلمات التي نطقها ساري ولا تود ان تفعل ابدًا.. ولكنها أحسّت بجمرٍ يسلخ روحها دون رحمة.. المرأة التي بسببها تدمرت كل حياتها ستعود.. المرأة التي لا تعرف اذا تشفق عليها ام تحقد ستعيش معها منذ الغد تحت سقف واحد.. والآن المزيد من شد الأعصاب وهي لا تريد.. لا تطيق ان تراها.. لن تتحمل..دون ان تدري كانت ترتد الى الوراء وتهز رأسها بنفي.. عيناها توسعتا وومضتا بدموع جبّارة لن تنهمر.. هي ليست جاهزة للقاءها.. كيف تفعل وقد ظلمتا الإثنتين بأبشع الطرق؟!.. مجرد ضحايا لثأر لعين لا تعرف ما هو سببه..
أغمضت ياقوت عينيها بيأس ووهن قبل ان تشعر بجسدها يُطوَّق بذراعين قويتين فإستسلمت لهما وهي غائبة بدوامة من الأفكار القاتلة..
غمغم ساري وهو يربت على ظهرها بنعومة:
– لا يوجد اي سبب يستدعي قلقك وخوفك يا ياقوت.. انت زوجتي وانا لن أسمح لأي شخص ان يمسك بضرر.. وبالنسبة لغزالة فإطمئني إن قلبها طيب.إستجمعت ياقوت قواها قبل ان تبتعد عنه ببغضٍ فتركها ساري بإرادته وهو يتأمل تعابير وجهها المنكمش بشتى انواع المشاعر..
قالت ياقوت بقوة بعد ان رفعت عينين حادّتين كالخنجر:
– لا احتاج حمايتك ولا حماية غيرك.. ويجب ان تعرف انني لست خائفة كما انني لست قلقة.

ارتسمت شبه ابتسامة خفيفة على ثغره:
– لا يجب ان تخافي.. وانا لا اريدك ان تفعلي.
ثم إستأنف بجدية:
– هل ننزل الآن؟

كتمت ياقوت تنهيدتها وردت:
– لنفعل.. ولكن لا تتوقع ان اتفاعل مع اي فرد من عائلتك.. وخاصةً جدك وعمتك اذا كانت في الأسفل.

اومأ ساري برأسه ثم أمسك يدها ونزل الى الأسفل وسط مقاومتها له ليترك يدها.. لم تلقي ياقوت التحية وساري يُجلسها بجانبه.. تجاهلت كليًا تعليقاتهم المغتاظة من تصرفاتها وإكتفت بإبتسامة خفيفة وجهتها لهدية فهي الوحيدة التي تراها تستحق ودّها..

– كيف ستجلس غزالة في نفس المكان الذي يضم شقيقة من دمّرها؟
تساءلت العمة صبحية فلم تتوانى ياقوت بالرد عليها بإستهزاء:
– ببساطة كما انا اجلس وسط عائلة الشخص الذي دمّر حياتي.. ومع الشخص نفسه.. ستتأقلم فلا تقلقي عبثًا.

قال الجد فوّاز بغيظ:
– ساري لسان زوجتك طويل.. يجب ان تعلّمها ان لا ترد على كلام الكبار ولا تتدخل.

– لا احتاج لدروسكم التافهة.
هتفت ياقوت بكرهٍ شديد فمرّر ساري يده على وجهه بعصبية وهو يلعن نفسه بصمتٍ لأنه عارض بقاؤها في جناحهما..
– هذا ليس موضوعنا الآن.. المهم ان غزالة ستصل غدًا ويجب ان يتم إستقبالها كما تستحق.

إبتسمت ياقوت بتهكم ليحدجها ساري بنظرات غاضبة تلّقتها بتحدي وعنفوان.. لم تبالي بنظراتهم تجاهها بعد ان القى ساري كلماته التي تعني بوضوح ان لا يتحدثوا معها وهي هذا كلّ ما تريده.. ان يدعوها وشأنها..

*****************
تأففت خنساء وهي تنظر الى قسورة الذي يبدو شاردًا بطريقة غريبة.. بماذا يفكر يا ترى؟ تكاد تجن بسبب هذا الصمت الذي لا يُطاق.. تململت عدة مرات عسى ان ينتبه لها ولكن عبثًا.. ولتجذب انتباهه قررت ان تستفزه.. تريد ان تتشاجر معه بما ان هذا الشخص بارد المشاعر ولا يتغزل بها او يغدقها بعاطفة تتمناها.. آه لو يعطيها أحدٌ مطرقة تضرب رأسه بها عسى ان يعمل عقله قليلًا..
قالت خنساء بترفع وهي تعقد ذراعيها بطريقة إستفزازية:
– انا ارى ان يجب عليك الإعتذار لي يا قسورة.

رمقها قسورة بنظرة ساخرة..
– ولماذا عليّ ان اعتذر ان شاء الله يا سيدة خنساء؟

– بسبب طريقة تعاملك السيئة وتمزيقك لأوراقي بهمجية.
ردت خنساء بحدة فإبتسم قسورة ببرود:
– هذا اقل شيء كان يمكن ان افعله معك.. لا ارى انني بحاجة للإعتذار لك فها انتِ تجلسين امامي بكامل عظامك.

– ولكنني ارى ان هناك عدة اسباب لتعتذر فلا تنسى من انا يا قسورة.
هدرت خنساء بغضب ليعقد قسورة حاجبيه ويهتف:
– خنساء لا تثيري غضبي في هذه اللحظة لأن جنونك لا ينقصني.

– وهل تراني مجنونة؟
صاحت خنساء بعصبية فوقف قسورة وسار نحوها ليرفعها من مكانها بحركة سريعة وزمجر:
– صوتك لا يرتفع مرة اخرى با خنساء كي لا اقطع لك لسانك.. الجنون يبدو واضحًا بعينيك فلا تجعليني انا الآخر مجنونًا فجنوني لن يسرّك ابدًا.

بعد ان تأكدت خنساء انها حصلت على مبتغاها تطلعت اليه بمقلتين دامعتين وهمست وهي تضع رأسها على صدره بمكرٍ:
– الا تعرف ان المرأة الحامل مزاجية وتتأثر بأتفه الأسباب يا قسورة؟ يجب عليك ان تحتويني وتغدقني بدلالك بدلًا من ثورانك بهذه الطريقة التي قد ترعب طفلنا المسكين.

ترك قسورة ذراعها لتتشبث بسترته بيديها الإثنتين، محاولة بقدر الإمكان ان لا تخنقه وهي تسمع رده المثير للإستفزاز..
– خنساء انتِ تعرفين انني لا اطيق دلال النساء ولا تصرفاتهن الغبية فكفِّي عن ذلك لأنني اعرف ماذا تفعلين بالضبط.

إبتعدت خنساء عنه بحنق مكبوت ثم غمغمت بحزن:
– انت لا تتفهمني ابدًا يا قسورة.. انا في وضعي هذا احتاج الى حضن يدفئ قلبي.. انا وطفلي بحاجة الى صدر يضمنا والى بسمة تنعشنا.

– هل تلقين عليّ احد اشعارك يا خُناس؟
تساءل قسورة بسخرية فزمت خنساء شفتيها ثم هدرت بغضبٍ كشف كل العابها الماكرة..
– لا فائدة منك يا وحش.. طلّقني حالًا وأعدني الى منزل أهلي.. لقد إكتفيت منك.

ضحك قسورة ثم بتسلية بعثر خصلات شعرها وقال:
– لا بد ان هذا تأثير الحمل عليك كما قلتِ.. فلن اخذ كلماتك على محمل جدي وهيّا إذهبي حبيبتي ونامي.. لا بد انك متعبة.

– قسورة.. انا لا اريد البقاء معك.
هتفت خنساء بجنون فتجاهلها قسورة وهو ينحني قليلًا ليحملها ويتوجه نحو غرفتهما.. احاطت عنقه بذراعيها وصاحت:
– إنزلني.. إنزلني.. لا تلمسني مجددًا.

تشدق قسورة بإستهزاء وهو يضعها على السرير بينما لا تزال متشبثة بعنقه:
– انا ارى افعالك عكس كلماتك خنساء.. ما الذي تريدينه فعلًا يا لبؤة؟ حدِّدي.

قرّبته خنساء منها بذراعيها التي تحيط بعنقه ثم همست وهي تتطلع اليها بجرأة:
– أريدك انتَ يا قسور.. اريد حبك وغزلك.
ودون ان تبالي ببريق عينيه المتفاجئ كانت خنساء تقبّله بعاطفة جيّاشة خفق قلبه لها بطريقة مؤلمة..
لا تدري كم طالت قبلتهما ولكن كل ما يهمها الآن ان تغيّر معاملة قسورة لها الى معاملة في غاية الرومانسية كما كانت دومًا تحلم.. فقسورة يملك كل صفات فارس احلامها ما عدا الرومانسية..
فصلت خنساء قبلتهما بحاجة ملحة الى الهواء وأسندت جبينها على جبينه فغمغم قسورة وهو يشعر بأنفاسها اللاهثة تقابل أنفاسه:
– معك لا تنتهي العجائب يا خنساء.. لا اظن ان طاقتك الحيوية هذه قد تتوقف يومًا ما.

احاطت خسناء وجنته الخشنة براحة يدها الناعمة وردت:
– ليست هذه كلمات التي يجب ان تقولها.. ولكن لا بأس انا سأعلمك فنون الغزل والحب يا عمري.

وقبل ان يتمكن قسورة من الرد كانت خنساء تقبّله مرة اخرى بشغفٍ افقده صوابه ليغرق في بحرها الماكر وبكل رضى فهذه خنساء.. وما ادراكم ما خنساء!

*****************
يسير احمد بين الجبال بضيقٍ شديد.. عصاة طويلة في يده يضرب بها الأرض كل خطوتين.. التفكير يبدو على وجهه بكل وضوح.. مهموم ومغموم.. منذ ان أخذ عائشة الى قبيلتها وهو بهذا الحال.. أوصلها حتى باب منزل عائلتها وغادر فلن يقدر على الجلوس ابدًا في منزل عائلتها والتي تتواجد به ياقوت..

لم تفته نظرات رجال القبيلة المتأهبة والغير راضية تجاهه وهو يسير بين ممرات القبيلة.. ومنذ ذلك الوقت لم يعود الى قبيلته.. فقط يسير بتيه وضيق ليس له حدود.. لا يعرف ماذا يجب ان يفعل.. عائشة صارت زوجته قولًا وفعلًا ومهما حدث لن يتغير هذا الأمر.. وبالتأكيد لن يطلّقها فهو ليس معتصم الفهدي.. ليس قاسيًا ولئيمًا مثله ليدمر حياة امرأة بهذه الطريقة القبيحة.. آجل، هو اقترف العديد من الأخطاء.. تخلّى عن ياقوت بسبب افكار شرقية لعينة متأصلة به منذ ان ولد.. خطف عائشة من قبيلتها لينتقم من ساري العرّابي وقبيلته.. عاملها بقسوة بعض الأحيان وظلمها بزواجه منها.. كما واخذ حقوقه منها رغمًا عنها مع انها زوجته… ولكنه كان غاضبًا.. مقهورًا.. حياته إنقلبت رأسًا على عقبٍ.. من النعيم الى الجحيم..

لقد كانت ياقوت حلمه الوحيد.. أحبها وارادها منذ ان كانت صغيرة.. ثم اخيرًا تأتي الصاعقة الكبرى ويعرف انها خُطفت.. وفور وصوله الى قبيلتها ليعيدها يعرف انها تزوجت.. ومِمَن؟ من ساري العرّابي! احد اعداءهم.. والأدهى انه بنفسه سمع صراخها وطلبوا منهم ان يبقوا حتى يخرج ساري ومعه دليل عذريتها.. فكيف لرجل ان يتقبل كل ذلك بتعقل بحق الله؟

ربما هو لن يحب عائشة ابدًا في يوم من الأيام ولن ينسى ياقوت اطلاقًا ولكنه يعرف جيدًا انه يجب عليه ان يعاملها كأي زوج عادي.. يجب ان يمنحها كل حقوقها.. الإحترام.. الإحتواء.. الحماية.. يجب ان يفعل لا بد وهي لا سيما يجب ان تنسى او تتناسى قسوته معها.. فهو يبقى ارحم بكثير لها من يوسف الفهدي المعروف بحدّته وكرهه الشديد لكل افراد قبيلة الفهدي والذي لو تزوجته كانت ستعاني الويلات..

بعد ان إشتد الظلام قرّر أحمد ان يعود الى قبيلته وتحديدًا الى منزله فغدًا سيعيد عائشة الى منزله.. وسيتحمل مرة اخرى نظرات رجال قبيلة العرّابي ونظراتها التي تطعنه بقسوة اوجاعها الذي سببها هو..

*****************
صباح اليوم التالي في قبيلة العرّابي..
تقف ياقوت بجانب عائشة وهي تنظر الى الأسفل بجمود ولا مبالاة ظاهرية.. تمّ تزيين المنزل وإعداد عدة أصناف من الطعام المختلف وكأن عروسًا جديدة قادمة الى المنزل.. بالطبع سيفعلون ذلك فالإبنة الكبيرة لهذه العائلة لم تطأ قدماها أرض هذه القبيلة منذ عدة سنوات..

كانت ياقوت تجاهد على إخفاء توترها والإنقباض الغريب الذي تشعر به في قلبها.. هي لا تذكر مظهر غزالة كيف يبدو.. فهي لم تراها سوى مرة واحدة في يوم حفل زفافها من شقيقها معتصم وكان ذلك قبل عدة سنوات ولكنها تعرف انها جميلة جدًا..

اخيرًا سمعت ياقوت أصوات الزغاريد فرفعت عينيها لترى عربة الخيل التي تجلس بها غزالة ووالدها بينما ساري وبعض رجال القبيلة يسيرون خلفه على الخيل.. لحظات قليلة وسط كل ضجيج الزغاريد وبكاء أغلبية النساء المتأثرات حتى لو ظاهريًا فقط قبل ان تترجل غزالة من العربة..

كانت غزالة فعلًا آية من الجمال.. بعينين بلون أوراق اشجار الخريف.. مزيج ما بين الأخضر والأصفر.. وبشرة حنطية يشوبها الإحمرار الطبيعي.. طويلة القامة ونحيفة.. تتساءل حقًا كيف إستطاع قلب معتصم ان يتخلى عن كل هذا الجمال بأكثر الطرق قسوةً؟! كيف وهي حقًا من اجمل النساء التي قد رأتهن يومًا؟

لم تكن ياقوت تدري انها تعود الى الوراء وهي تتأمل غزالة بعينين شجيتين الا حينما شعرت بيد ساري تمسك يدها قبل ان يحيط ظهرها بذراعه دون اي خجل.. لا تعرف متى إقترب منها ولا يهمها فإحساسها بهذه اللحظة ليس له مثيل.. فقط تنظر الى غزالة التي تبكي في حضن والدتها المنهارة من شدة بهجتها بعودة إبنتها وبعد ان إبتعدا عن بعضهما بدأت النساء بالتوافد على غزالة ليسلّمن عليها..

شعرت بيد ساري تضغط على خصرها بخفة ليحثها على السير بجانبه كي ترّحب هي الأخرى بشقيقته التي كانت ذات مرة زوجة شقيقها الكبير.. إزدرمت ياقوت غصّتها الخانقة وهي تسير بجانب ساري بخنوع هي نفسها لا تعرف سببه..

– هذه هي زوجتي يا غزالة.. ياقوت شقيقة معتصم الفهدي والآن زوجتي انا!
قال ساري بنبرة قوية بعد ان وقفا امام غزالة فلم تدري ياقوت اذا قصد ساري ذلّها بهذه الكلمات والتفاخر بكونه إنتقم لها ام فقط يعرّفها عليها..

– اهلًا وسهلًا بها في قبيلة العرّابي.
غمغمت غزالة بهدوء فلم تنبس ياقوت ببنت شفّة.. لن تبادر ابدًا بالمصافحة او خوض الأحاديث.. سمعت بعض الهمسات والتمتمات فتجاهلتها تمامًا وهي تحارب ان تبقى صامدة.. فهي تشعر انها في حرب فكرية لا تُحتمل..

– هيّا لندخل.
هتفت ام ساري فبدأت النساء بالدخول وهمّت ياقوت ان تفعل المثل فلا تريد ان تبدو ضعيفة او خائفة ولكن يد ساري التي تحيط بجسدها لم تسمح لها فتطلعت اليه وهمست:
– دعني أدخل.

تطلع ساري حوله ووجد الرجال يتوجهون نحو المجلس..
– لا تتصرفي بحماقة او بوقاحة في الداخل.. وإذا لم تطيقي وجودك بينهن لا تترددي بالصعود الى جناحنا فرضى غزالة وسعادتها جدًا تهمني.

– لن افعل الا اذا جرّبت إحداهن المس بي.. فحقي لا اسكت عنه مهما حدث.
قالت ياقوت بقوة فعقد ساري حاجبيه بعدم رضى..
– لن تتجادلي مع اي احد اليوم يا ياقوت.. البارحة تغاضيت عن أجوبتك الوقحة ولكن اليوم لا.. غزالة تهمني أكثر مما تتخيلين.. وانا مستعد ان افعل المستحيل لتكون راضية وسعيدة فلا تجبريني على التصرف معكِ بقسوة.

دفعتهياقوت صدره بيديها ليتركها فضغط ساري على خصرها، مقرّبا اياها منه أكثر وأردف بتحذير:
– اتمنى ان تكوني قد فهمتِ ما قلته جيدًا.

– إبتعد عني.
هتفت ياقوت بغضبٍ فحرّر ساري جسدها وقال:
– هيّا ادخلي الآن.
رشقته ياقوت بسخط ثم أسرعت بخطواتها الى الداخل تلاحقها نظراته الغير مفهومة..

******************
وصل خبر عودة غزالة الى معظم القبائل وكان رد فعل معتصم على هذا الخبر هو السخرية الظاهرية بينما ضيق مبهم أحسّ به في صدره لم يظهره ولن يفعل.. في الواقع هو لم يتوقع عودتها في الوقت الحالي ابدًا ولكنها ها قد عادت صاحبة أجمل وجه قد رأه في حياته كلها.. ولكن الجمال كله لا يهمه فماذا ان كانت هذه المرأة من قبيلة العرّابي؟ كيف قد يبالي بها وبسحر حُسنها؟

لقد فهم نظرات جده المسلّطة عليه بعد سماعه الخبر.. يطلب منه بكلمات لم ينطقها ان يعيد غزالة الى عصمته ويتزوجها مجددًا ليعوّضها عن كل ما فات.. ولكنه لن يفعل ابدًا فهو متزوج ولديه اطفال الآن وبالإضافة الى ذلك غزالة لن توافق فمستحيل ان تنسى جريمته بحقها وايضًا زوجته لن تفعل..

بدأت الأقاويل مرة اخرى وسط النساء والرجال في معظم القبائل ووصل الخبر كذلك الى قاضي العشائر الذي فرح بعودتها بطريقة لم يفهمها احد وقرّر ان يزور قبيلة العرّابي مع شيوخ وزعماء القبائل ولكن ليس اليوم بل غدًا وسيأخذ زوجته السلطانة معه..

******************
بعد مغادرة جميع النساء إضطرت ياقوت ان تنهض وتساعد عائشة ودلال في التنظيف مكان الضيوف فالسيدة المليحة لا يجب ان تعمل فهي المدللة الآن.. وغير ذلك بعد قليل ستعود كل من عائشة ودلال الى قبيلة زوجها وحينها ستقوم لوحدها بكل اعمال التنظيف لأن هدية متشبثة بأبنتها وتقصّ عليها آخر الأخبار فبالتالي لن تساعدها..

تحمد الله ان كل شيء مرّ بهدوء وبساطة فلا احد القى على مسامعها كلمات سامّة ولا هي فعلت.. غزالة من الأساس لم تعر لوجودها اي أهمية وكأنها غير موجودة وفقط عائشة من كانت تتكلم معها وهي كانت ترد عليها ببرود اما دلال فهي منذ ان تزوجها ساري وهي تتجاهل وجودها وهذا يسعدها جدًا..

بعد ان إنتهت ثلاثتهن من التنظيف همست عائشة برجاء وهي تمسك يد ياقوت:
– دعينا نتحدث يا ياقوت قبل ان اغادر.. ارجوك!

أغمضت ياقوت عينيها بإختناق ثم اومأت موافقة:
– حسنًا.. لنصعد الى جناحي.

بعد ان صعدتا الإثنتان الى الجناح أغلقت ياقوت الباب جيدًا ثم اشارت لعائشة بيدها ان تجلس على الأريكة ففعلت وهي تنظر اليها ببؤس..
– لا بد انك تفاجأت بعودة غزالة.. وبالتأكيد تشعرين ببعض التوتر والتوجس.

قعدت ياقوت بجانبها وقالت بجفاء:
– لم اتفاجأ ابدًا فهذا منزلها ولا سيما ان تعود اليه ذات يوم.. فلا تقلقي بشأني لأن عودة شقيقتك غزالة لم تؤثر بي اطلاقًا.

همهمت عائشة بعدم إقتناع ثم سألتها بحزن:
– الا زلتِ غاضبة مني مع ان لا ذنب لي بكل ما حدث؟

زفرت ياقوت بضيق قبل ان ترد بهدوء مزيف:
– لستُ غاضبة منك ولكنني لا ارغب بالتواصل مع أي احد هذه الفترة.. كل ما ما تفكرين به لم يعد يهمني.. لا احد.. لا قبيلتي.. لا قبيلتك.. لا انتِ ولا شقيقك.. ولا.. ولا أحمد!

إرتجاف صوتها في آخر كلماتها أكّد انها كاذبة.. فأدركت عائشة كم تتألم ياقوت ولكن تحاول التغاضي عن الامها والأهم ان لا تظهرها امام اي احد.. فغير الجمود والحقد لا تظهر وربما لن تظهر.. تتمنى ان تكون معاملة ساري لها فد تغيرت فهي إرتشفت من الكأس نفسه ولكن بكمية اقل.. فما تعرضت له من ظلم لا يساوي مقدار ذرة مما تعرضت له ياقوت..

بتردد ضمت عائشة ياقوت الى صدرها وغمغمت بآسى:
– أعتذر منك على كل ما حدث.. اعرف ان زواجي من أحمد يقتلك ولكنني كنتُ مجبرة لا مخيّرة.. وأحمد لا يحبني وانا لا أحبه.. هو فقط يحب…

قاطعتها ياقوت وهي تبعدها عنها بشراسة:
– لا يهمني زوجك اللعين.. اذا مات او عاش لا تحضري لي سيرته.. فلا أريد ان اسمع اي شيء يخصه.. جبان نذل مثله لا أكّن له سوى الحقد والكره.. يا ليته يعرف فقط كم أكرهه الآن.. أخبريه انه لا يختلف ابدًا عن ساري العرّابي ولا اللعين الآخر معتصم الفهدي.. جميعهم يثيرون إشمئزازي.

– أحمد نادم جدًا ويتألم يا ياقوت اكثر مما تتخيلين.. انا لا أدافع عنه ولكنني اخبرك بحقيقة ما رأيته وما أراه.
قالت عائشة بصدق فرشقتها ياقوت بنظرات حادة وهدرت:
– لا تدافعي عنه امامي لأنه صار زوجك.. وإبتعدي عن هذا الموضوع كليًا يا عائشة لأنه يغضبني.. وانا لا اريد ان اتشاجر معك فعليًا.

تنهدت عائشة بترحٍ ولم تعقب فنهضت ياقوت بعصبية قلب مكلوم وتوجهت نحو النافذة لتنظر الى الأسفل ويا ليتها لم تفعل! لقد رأته في الأسفل يقف ويتحدث مع أحد الرجال.. أغمضت عينيها وهي تحسّ بلهيب يكوي روحها.. جاء ليأخذ زوجته.. لا تدري أتضحك أم تبكي.. تسخر وتتألم في نفس الوقت..

طرقات خفيفة على باب الجناح جعلتها تفتح عينيها بسرعة وتبتعد عن النافذة فربما يكون ساري وسيفقد عقله اذا رآها تقف بجانب النافذة وخاصةً لأن أحمد في الأسفل.. توجهت نحو الأريكة مرة اخرى في حين توجهت عائشة لتفتح الباب.. ولم تخطأ بتفكيرها فها هو ساري يدخل الى الجناح وينظر اليها بتمعن أربكها..
قال ساري اخيرًا:
– عائشة زوجك ينتظرك في الأسفل.. إنزلي اليه.

تطلعت عائشة الى ياقوت لوهلة ثم اومأت ونزلت الى الأسفل.. دنى ساري من ياقوت بعد ان اغلق الباب خلف أخته وتساءل:
– بماذا كنت تتحدثين مع عائشة؟

رمقته ياقوت ببرود واجابت بفظاظة:
– لا اعتقد ان هذا الأمر يخصك.. فلا تسأل مجددًا.

إبتسم ساري وهو يجذبها الى صدره بعد ان قعد على الأريكة.. فحاولت ياقوت ان تبتعد عنه الا إنه ثبّتها بذراعيه رغمًا عنها وهمس بجوار إذنها:
– هل تحدثتما عن إبن عمك الذي ينتظر عائشة في الأسفل؟ هل فعلتِ؟

زمجرت ياقوت بغضبٍ بسبب حصاره لها بجسده ثم ردت بإستفزاز وهي تبعد رأسها قليلًا لتنظر الى عينيه:
– آجل، تحدثنا عنه وعنك وعن معتصم.. ولكن عن أحمد تحدثنا أكثر.

إكفهرت ملامح وجهه بغضبٍ فإبتسمت ياقوت بإستهزاء ليهتف ساري بعد ان دفعها بعنفوان:
– اريد ان افهم فقط لماذا لا تحبين ان يتم معاملتك بطريقة جيدة؟ لماذا تصرّين على جعلي غاضبًا وانت تعرفين ان غضبي سيؤذيك ويجعلك تندمين؟ فلماذا؟

– لأنني احب ان اراك غاضب.. هدوءك لا اريده ولا ارغب به.
اجابت ياقوت بلا مبالاة فوقف ساري وهو يتنفس بعصبية ثم سرعان ما كان يرفعها عن الأريكة ويهدر:
– إيّاكِ يا ياقوت ان تحاولي العبث معي.. فرد فعلي لن يعجبك اطلاقًا.. وتحديدًا الآن في وجود غزالة.

تأججت عيناها كأمواج البحر تمامًا وهي تقول بحدة:
– لقد فهمت.. فكِّف عن إقحام أسم اختك في كل شيء.
– أتمنى ان تكوني فعلًا قد فهمتِ.

*******************
في المساء..
في المجلس الخاص بقبيلة الفهدي.. وتحديدًا في منزل الجد أيمن كان يجلس قسورة وصفوان و معتصم بسبب طلب أيمن منهم الحضور.. لم يعرف احد سبب طلب أيمن لأكبر أحفاده عمرًا الا قسورة الذي يفهم جده دون ان يحتاج ليتحدث..
تطلع ايمن الى كل واحد منهم بهدوء ثم قال:
– طلبتكم انتم لأنكم الأكبر سنًّا والأكثر وعيًا.. وما سأطلبه سيشارككم به يوسف وأيهم.

بان الإستغراب على وجه كل من صفوان ومعتصم الا قسورة فهو قد أدرك ان جده سيتحدث عن قبيلة العرّابي..
– ما هو طلبك يا كبير؟

رمق أيمن حفيده قسورة بفخرٍ.. لطالما كان يعتز به وبشخصيته وسيفعل حتى مماته..
– اريدكم ان تذهبوا غدًا الى قبيلة العرّابي مع خمس عجول وإثنين من الخيول العربية…
ثم وقف أيمن وسار نحو خزانة صغيرة موجودة في المجلس وأخرج منها سيفًا ثقيل جدًا وناوله لمعتصم وتابع:
– بالأضافة الى هذا السيف المزخرف بأسم ياقوت.. أريدكم ان تخبروهم ان العجول هدية من ياقوت الفهدي بمناسبة عودة غزالة العرّابي الى قبيلتها.. اما بالنسبة للخيول فهم هدية مني انا.

– وماذا عن السيف الذهبي؟
تساءل قسورة بجدية فإبتسم أيمن ثم ردّ:
– السيف الذهبي فقط لياقوت.. ستهدونه لها وتطلبون من زوجها ان تأخذوها لتزور عائلتها وقبيلتها.. وانتَ من ستطلب يا قسورة ومن ستتكلم بأسمي.. ومعتصم ويوسف سيعطيان السيف لياقوت..

– تم إن شاء الله جدي.
قال قسورة بهدوء فهزا معتصم وصفوان رأسهما دلالة على موافقتهما..
تنهد الجد ايمن براحة ثم أردف:
– هناك موضوع آخر اريد ان اتحدث عنه معكم قبل ان اعلنه للجميع.. لقد أخترت من سيتولى مكاني من بعدي ولا اريد ان يسبّب إختياري اي مشكلة للقبيلة.. انا أثق بكم جميعًا فلا تخذلوني.

– الوحيد الذي يستحق مكانك هو قسورة يا جدي والصغير قبل الكبير يعرف ذلك.
قال صفوان بهدوء فأيّده معتصم:
– لا احد لديه القدرة لتحمل هذه المسؤولية غيره.. حتى عمومتي.. فنحن نعرف إختيارك مسبقًا ولا تتردد ابدًا بإعلانه.

********************
إستغرب صفوان الحزن البادي على وجه زوجته بعد ان اخبرها طلب الجد الأيمن.. فقد إعتقد انها ستفرح لهذا الخبر لا ان تحزن وتترقرق الدموع بعينيها.. بلطفٍ شديد ضمها صفوان وتساءل بحيرة:
– لماذا الآن تبكين يا وهج؟

– مسكينة ياقوت تدمرت حياتها كلها وهي لا تزال مجرد طفلة صغيرة.. من الصعب جدًا ان تخسر الإنسان الذي تحبه بهذه الطريقة.
غمغمت وهج بشجن فأبعدها صفوان عنه قليلًا ثم قال بضيق:
– دعينا من هذا الموضوع وهج.. فحديثك عنه بهذه الحساسية والتأثر يجعلني أفكر انك خسرتِ إنسان تحبينه بسببي.

ردت وهج بصدق هي تحيط وجنته بيدها:
– إطمئن يا صفوان غيرك لم أحب ولن أفعل ابدًا.. انت رجلي الوحيد وأغلى ما املك في هذه الدنيا.

يا الله كم تسعده كلماتها.. كم تبهج قلبه رقتها وبراءتها.. كيف لها ان تجعله ينسى كل امرأة قد عرفها مسبقًا؟ كيف لها ان تجعله هي الأنثى الوحيدة التي يرى والتي يتمنى الى الابد؟ لن يعارض ابدًا لو مات غرقًا في سحرها المتوهج.. ولن يمل ابدًا من التعبد في محراب عشقها..

اعادها صفوان الى صدره بقوة وهمس بعد ان قبّل جبينها:
– أحس انني لم أعرف اي امرأة قبلك.. فأنت لستِ كأي احد.. انت وهج قلبي.

إبتسمت وهج بغنجٍ قبل ان ترفع رأسها وتقبّله بحبٍ:
– أحبك جدًا.

*******************
بعد ان إستيقظت ياقوت ووجدت نفسها بذات الوضعية التي اعتادت الإستيقاظ عليها حيث لا تدري متى وكيف يصبح رأسها راقدًا على صدر ساري رفعت جسدها بخفة لتبتعد عنه ثم وثبت عن السرير وتوجهت نحو الحمّام..

بعد دقائق خرجت ياقوت من الحمام ثم وضعت شالًا خفيفًا على شعرها ونزلت الى الأسفل لتساعد هدية بإعداد الإفطار.. وما ان همّت بالدخول الى المطبخ سمعت صوت غزالة وهدية في الداخل فأخذت نفسًا عميقًا ثم دخلت..
– صباح الخير.

ردتا تحية الصباح ثم تطلعت اليها غزالة وقالت:
– لا احد في المنزل غير زوجك فإبعدي هذا الوشاح عن شعرك.

لم تفهم ياقوت ماهية مشاعر غزالة تجاهها فلتتجنب اي مشاكل معها لأنها فقط مظلومة مثلها ردت بهدوء:
– لا ارتاح دونه.. شكرًا لإهتمامك.

همهمت غزالة بعدم رضى فقالت هدية بلطفٍ:
– تعالي حبيبتي وساعديني بتقطيع البصل.

اومأت ياقوت ثم نفذت طلب هدية لتغمغم غزالة:
– لا تبدين من قبيلة الفهدي.. اراكِ مختلفة.

– انتِ تربن اذًا بشكل خاطئ.. فأنا ياقوت الفهدي وللأسف شقيقة معتصم الذي كان في يومٍ ما زوجك.
هتفت ياقوت بحاجبين مرفوعين لتبتسم غزالة بسخرية قبل ان تتطلع الى والدتها بطريقة لم تفهمها ياقوت ودمدمت:
– صغيرة جدًا.

عبست ياقوت ثم إندفعت قائلة:
– انا اعرف انك لا تطيقينني لأنني شقيقة معتصم ولكن أريدك ان تعرفي فقط ان شقيقك العزيز انتقم واخذ بثأرك بما فيه الكفاية من عائلتي وخاصةً مني.

– ما فعله ساري لك لا يعني اي شيء.
قالت غزالة بهدوء فعقدت ياقوت حاجبيها بعدم فهم:
– ماذا تقصدين يا غزالة؟ أتقصدين ان تدمير شقيقك لحياتي لا يعني اي شيء؟!

– ما أقصده ان ما فعله ساري لم يغيّر اي شيء.. معتصم كان نذلًا والجريمة التي إقترفها بحقي وحق طفلي الذي مات لن يتم محو اثارها بما فعله ساري لك.. ربما في فترة ما اردت فعلًا تدميركم كلكم ولكنني أدركت ان كل ذلك لن يُبلسم جرحي ولن يخمد قهري.. والإنتقام منكِ انتِ ليس الا بمثابة المزيد من الضحايا والمزيد من الظلم.
ردت غزالة بآسى فسالت دموع ياقوت.. ربما بسبب البصل او بسبب إختناقها وتأثرها بما قالته غزالة.. لا تدري..
زفرت ياقوت بضيق يجثم فوق صدرها ثم غمغمت:
– لم أتوقع ردك هذا.

إبتسمت غزالة بحزن:
– ذات مرة كنت مثلك أفهم الأشياء فقط بطريقة سلبية.. سيتطلب الامر عدة سنوات لتعودي كما كنت ولكنكِ تبقين محظوظة يا ياقوت.. حقًا أحسدك فعلى الأقل لم تتعرضي الى كلام يجعلك ترغبين بالانتحار ولم تفقدي قطعة من روحك.. لم يتم اتهامك بشرفك من افراد قبيلتك.. آجل اعرف معاناتك والظلم الذي تعرضتِ له ولكنني ولدهشتك ربما كنت سأتمنى لو فعل بي شقيقك مثلما فعل ساري بك.. فصدّقي انه ارحم بكثير.

إنهمرت دموع هدية وهي تضم إبنتها الى صدرها بشوقٍ فبادلتها غزالة العناق وبقيت ياقوت تنظر لهما بصمت وهي تهمس لنفسها..
“الظلم الذي تعرضتُ له يختلف عن ظلمك يا غزالة ولكن ليس بأخف منه فعلى الأقل والدتك بجانبك وانتِ اهم لها من اي شيء آخر.. انت لا تشعرين بالغربة وسط عائلتك ولكنني أفعل لدرجة اني لا ارغب بزيارة قبيلتي مجددًا.. انت لم يتم طعنك من الرجل الذي اوهمك بعشقه لك منذ سنوات ثم كسرك وهو يتزوج شقيقة زوجك.. لم يتم تعنيفك ولا خطفك.. لم يتم إجبارك على الزواج.. كل واحدة ظُلمت بطريقة ما ولكن بنفس القهر والألم”

بعد فترة قصيرة وضعت كلتا من غزالة وياقوت الطعام على الطاولة ثم صعدت ياقوت الى جناحها لتوقظ ساري بناءًا على طلب والده الذي عاد لتوه من الخارج..
ربتت ياقوت بخفة على كتف ساري لتوقظه ففتح عينيه وإبتسم:
– صباح ياقوت.. لقد كنتُ أحلم بكِ.

– بماذا كنت تحلم بي؟
تمتمت ياقوت بلا مبالاة وهي تتطلع اليه فوثب ساري عن السرير وطوّق خصرها بيديه.. ولم تعارض هذه المرة.. ربما لأنها عقلها غير قادر على التفكير الا بما حدث في الأسفل..
– كنتِ خائفة جدًا في الحلم وانتِ تسيرين في جبلٍ ما لوحدك والدنيا مظلمة.. كنتِ تعتذرين مني همسًا وتتوسلين ان احميكِ.. ثم بعد ذلك دخلتِ الى كوخ صغير وجلستِ به وانتِ ترتجفين ولا ادري ماذا كنتُ افعل انا في هذا الكوخ.. ولكن فور رؤيتك لي إرتميتِ في ذراعي باكية ثم بعد لحظات قمت بتقبيلي بنفسك وانت تخبرينني عن مدى حبك وشوقك لي.

رفعت ياقوت حاجبها بتهكم:
– للأسف هذا مجرد حلم.. فإترك هذه الأحلام الآن وإنزل لتفطر.

إبتسم ساري وهو يقول بثقة:
– طبعًا هذا مجرد حلم فأنا لن أسمح لك ابدًا بالسير لوحدك في الجبال.. كما إنني لن أنتظر ابدًا توسلك مني لأحميك فأنا سأفعل دائمًا دون الحاجة لتطلبي.. انتِ زوجتي ولن أسمح لمخلوق ان يؤذيك قط.

 

error: