رواية غزلًا يوقده الرجال
الفصل الثالث وعشرون (الجزء الاول)
دعني اتغزل بك بما يهوى ثغري..
دعني اشرب من كأس جمالك حتى أثمل..
دعني اتأمل روحك حتى قلبي يرضى..
كن لي الكون وما يكون..
فانت تعرف كم احبك وكم اعشقك..
وانني غيرك لا اتمنى ولا اهوى..
كن لي النجوم حينما تضيء
والشمس حينما تنير
والمطر حينما يفيض..
كن لي بما تمثله لي
وسأكون لك الروح والصدر
يا امبراطور خفقات القلب..
———————–
لم يرغب سند بالانصياع الى طلب جهاد ولكن إصرارها وحالتها النفسية التي تدهورت تجبره على الامتثال لطلبها.. شهقاتها مزقت نياط قلبه.. ودموعها التي تنهمر على وجنتيها الناعمتين تلهب عينيه التي تنظر إليها ببؤس وشفقة.. لم يكن أمامه اي حل رغم ثقته الكبيرة بها إلا مساعدتها على ارتداء ثيابها قبل أن يحملها ويسير الى خارج المنزل ليضعها على مقعد السيارة الأمامي..
طيلة الطريق وهي تبكي بطريقة حقًا ازعجته.. لا شيء يدعو لكل هذا البكاء في حين هو يثق بها كل الثقة! يثق بها كالأعمى.. خاصةً حينما يتعلق الأمر بمسألة الشرف والطهارة.. لا يشك أبدًا بكونها اطهر من الطهارة.. وبعد ما حدث بينه وبينها بسبب حمزة لا يجرؤ من الاساس على الشك بها.. ولكن جهاد حاليًا وكأن غمامة غلفت عقلها.. الحادث أثّر كثيرًا على نفسيتها كما أثّر على جسدها.. وهو يجاهد فعلًا لاخراجها من هذه الزوبعة المقيتة وكان في طريقه الى النجاح لو أن فقط لم يحدث ما حدث بعد أن استسلمت بكل حصونها له..
وضعت جهاد راحة يدها على فمها تكتم شهقاتها.. تدري انه لا يفهمها وتعرف أنه يراها تبالغ برد فعلها خاصةً بعد أن تقبّل هو ما حدث بعقل منفتح وبثقة تتمناها اي انثى في رجلها.. ولكنها لا تقدر أن تتصرف بطريقة عادية.. لو أن نتائج الحادث لا تؤلمها ولا تؤثر على نفسيتها لما كانت ستنهار وتصرّ أن تثبت له عن كونها حقًا عذراء.. ولكن احساس النقص التي تشعر به من كل النواحي يكاد يهلك أوصالها.. يكاد يُبدد أنفاسها.. يكاد يحرق حتى بقاياها..
– جهاد انا ارى أن ليست هناك حاجة للذهاب الى المستشفى.
قال سند بجدية فمسحت دموعها وهتفت بجمود:
– بل هناك حاجة.. لا اريد ان تشك بي لاحقًا لأننا لم نذهب الى المستشفى وتتأكد من كوني عذراء!
أمسك سند يدها بينما يقود وهمس بصدق:
– لن اشك بك يومًا.
اشاحت جهاد وجهها وهي تتشدق بسخرية مريرة:
– لقد فعلت مسبقًا اذا كنت قد نسيت.
زفر سند بضيق:
– لم انسى يا جهاد.. ولا زلت اتعذب وأعاقب نفسي على حماقتي.. ويجب ان تعرفي أن هذا الموضوع يختلف عن الموضوع السابق.. الا بطهارتك لا أشك.
صمتت جهاد ولم تعقب بسبب وصولهما الى المستشفى التي كانت تعمل به قبل ان تترك العمل بسبب الحادث.. كان الأمر حقًا مخجلًا وهي تطلب من واحدة من طبيبات النساء أن تجري لها فحص التأكد من العذرية بينما سند يقف بجانبها والخزي ترسمه عيناه.. سيقولون عنه جاهلًا وهو المثقف! سيقولون عنه لا يثق بزوجته فلماذا تزوجها بينما هو يثق بها اشد الثقة ولكن في الواقع العكس تمامًا..
رمقت الطبيبة سند بنظرات خذلان واستحقار وكأنها تستنكر كيف تتزوج ممرضة محترفة بعملها مثل جهاد برجل متخلف لا يفهم بالثقافة أبدًا ولا يثق بزوجته المعروفة هي وعائلتها برقيهم وايمانهم وشرفهم! طأطأ سند باحراج وهو يتمنى أن يضرب جهاد على هذا الموقف التي وضعته فيه..
اختفت جهاد بمساعدة الطبيبة من أمامه بينما اسند سند ظهره على الجدار الابيض وهو يزفر بينما يستغفر الله على كل ما يحدث..
بعد فترة طالت بعض الشيء لم يدري سند ما دار خلالها بين الطبيبة وجهاد خرجت الطبيبة إليه وقالت ببرود:
– تفضل سيد سند الى الداخل.
استجاب سند لندائها لتسرد له ما توقعه وما كان متأكدًا منه بعد أن جلس بجانب جهاد التي انقشع الجمود بعيدًا عن ملامح وجهها الفاتنة..
– السيدة جهاد لديها غشاء بكارة مطاطي وهو غشاء تكون فتحته كبيرة ومتسعة لدرجة أن يكون الغشاء على هيئة حلقة صغيرة على جوانب فتحة المهبل، حيث لا يتم فض الغشاء بسهولة عند الاتصال الجنسي وإيلاج العضو الذكري.. ولذلك يا زوج الممرضة جهاد زوجتك عذراء وأعتقد أن زوجتك الان بإمكانها أن تفسر لك البقية لفض الغشاء المطاطي.
(ملاحظة مني “الكاتبة”: اعتذر على التحدث بعمق قليلًا عن هذا الموضوع ولكن هذه المعلومات مهمة ويجب أن يعرفها كل شخص رغم حساسيتها)
فهم سند قصد الطبيبة الساخر من وهبه اللقب التي قصدت بها السخرية منه.. “زوج الممرضة جهاد”! ورغم غيظه منها تجاهلها كليًا وتطلع الى جهاد وهمس:
– هل نذهب الان يا جهاد؟
اومأت جهاد بابتسامة قبل أن تنظر الى الطبيبة بهدوء وتقول:
– انا هي التي أصرت على القدوم الى المستشفى طبيبة مارلين وليس زوجي.. سند يثق بي ولكنني لم اكن سأرتاح نفسيًا اذا لم اتأكد من كوني بخير كأي امرأة أخرى.. سند رفض وحاول اكثر من مرة منعي.
ابتسمت الطبيبة مارلين وعلّقت وهي تنظر الى سند:
– اذا الأمر كذلك.. انا استغربت من الأساس أن يكون زوجك غير مثقف وخاصةً بعد أن رأيته الان!
امسكت جهاد يد سند بغيرة من نظرات الطبيبة المركزة على زوجها ورسمت ابتسامة ثقة على شفتيها وهي تقول:
– اجل.. زوجي سند لا يوجد احد مثله.. انا محظوظة به.
*******************
كادت أن تقفز مها كالأطفال على قدميها من شدة سعادتها بعد أن اخبرها هيرمان عن موعد قدومه هو وعائلته الى منزلها ليطلبوا يدها للزواج كما اشترط والدها.. سيزورهم هيرمان وعائلته مساء اليوم.. الليلة سيتم وضع حدّ لقلقها وخوفها من عدم ارتباطهما.. تتمنى فقط أن يتفاهما والداها مع والديه.. فوالديه غير موافقان ووالديها غير موافقان كليًا حتى الآن..
استطاعت مها أن تستنبط الامتعاض في وجه والدتها فور أن اخبرتها عما قاله هيرمان لها.. على ما يبدو أن والدتها لا زالت تحلم بما هو مستحيل.. يستحيل أن تكون هي وياسين لبعضهما البعض.. هما لا يطيقان بعضهما.. لا تستطيع أن تتعامل معه.. تنفر منه وتبغضه.. فكيف بحق الله تفكر والدتها بإمكانية تخليها عن الرجل الذي تحب وتتزوج الرجل الذي تبغض!
انتظرت مها مجيء هيرمان بشوق ولهفة.. لقد اشتاقت له فعلًا.. تريد ان تراه.. أن تتوسم جماله بشغف.. أن تسمع خشونة صوته حينما يتغزل بها.. تريد أن تروي ظمأها برؤيته.. اخيرًا سمعت رنين جرس المنزل فخفق قلبها بعنف وشوق وهي تتوجه الى باب المنزل الرئيسي تتبعها والدتها..
ابتسمت مها لهيرمان بحب فور أن رأت وجهه ثم ابتعد قليلًا عن الباب وهي ترحب بوالديه برسمية باللغة الألمانية بينما تمد يدها لتصافحهما:
– اهلا وسهلًا.
نهض والدها ليرحب بهم هو الآخر بينما اكتفت حياة برشق والدة هيرمان بنظراتها الحارقة.. والدة هيرمان صدقًا جميلة وجذابة وما أضاف الى جمالها جمالًا وسحرًا هو ثيابها الكلاسيكية ونظارتها الشمسية التي تضعها على مقدمة قميصها بالإضافة إلى قوامها الرشيق..
بعد أن جلسوا قال والد هيرمان الذي يُدعى ألبرت:
– اخبرنا هيرمان انه يريد الزواج من ابنتكم مها.. وشرطكم كان هو قدومي انا وزوجتي أديما لتوافقوا.
– هذا أحد الشروط فقط.. هناك المزيد من الشروط.
هتف امير بجدية فقضمت مها شفتها السفلى بتوجس وتوتر بينما عقد ألبرت حاجبيه وعلّق بسخرية:
– الا يكفيكم أنه اعتنق دين الإسلام لأجلها فقط؟
قبل أن يرد أمير ردًا حاد كان هيرمان يقول بابتسامة هادئة ردًا على كلام والده:
– أبي لقد سبق واخبرتك أن اعتناقي لدين الإسلام احد اسبابه فقط هو مها.. السبب الرئيسي هو انت وامي والجميع يعرفه فقد قلته لكم مسبقًا.
زمت أديما شفتيها بضيق بسبب حب ابنها لهذه العربية المسلمة التي قدرت على اللف حوله وجعلته يعشقها ولا يتمنى سواها.. ثم تساءلت بحاجب مرفوع بينما ترى ليليان تقوم بوضع بعض الواجب على الطاولة أمامهم:
– ما هي شروطك الآخرى يا سيد امير؟
بجدية تامة أجاب امير:
– انا قررت الاستقرار هنا.. في وطني ولن أعود إلى العيش في ألمانيا.. وشرطي هو أن تعيش ابنتي بجانبي.. ففي حال إتمام الزواج هيرمان ومها سيقطنان في هذه البلدة.
بذات الجدية قال البرت:
– هذا الموضوع لا يهمنا ولا يجب أن يهمكم أيضًا.. هما الاثنان سيختاران المكان الذي سيعيشان به.. لو قررا حتى العيش في تايلند لن اتدخل.. فأنا أرى أن هذا الموضوع لا يخصنا نحن بل يخص هيرمان ومها فقط.
تنهدت مها وهي تتطلع إلى هيرمان الذي ابتسم لها ثم غمغم بعربية مكسرة وقال بالحرف الواحد ما علمته إياه مها:
– نحن اتينا لنطلب يد ابنتكم مها لابننا على سنة الله ورسوله.
تعالت صوت ضحكاتهم بينما يقول امير:
– هذا الكلام يجب أن يقوله والدك لا انت.. ربما مها لم تخبرك بهذا الشيء.. اي ابن لديك تريد أن تجعل مها تتزوجه!
احمرّ وجه هيرمان باحراج لتتسع ابتسامة مها العاشقة وهي تتأمله بعينيها اللتين تنطقان بعشقها له.. بهيامها به.. اشاحت مها ببصرها عنه فور أن شعرت بيد والدتها توكزها بينما تؤنبها، قائلة:
– اخجلي يا بنت! لا حياء ولا خجل! الله يرحم تلك الأيام التي كنت اخجل خلالها النظر إلى والدك فقط!
سمع امير ما قالته حياة فإبتسم بخبث قبل أن يقول:
– نحن سنوافق اذا باتمام أهم شرط وهو أن لا يغير هيرمان ديانته وان لا يعترض في يوم من الايام على حجاب ابنتي.
– لن افعل ابدًا.
علّق هيرمان بثقة قبل أن يضيف بما اسعد امير ومها:
– لنقرأ الان سورة الفاتحة.
ضحكت ليليان باستمتاع وهي ترى تعابير وجه السيد والسيدة فريدريش.. كانا مذبهلان تمامًا بما يحدث وخاصة بطريقة نطق ابنهما بعض الكلمات العربية..
قال أمير بعد أن قرأوا الفاتحة، موجهًا حديثه لهيرمان ومها:
– أن شاء الله سنحدد حفل الخطوبة قريبًا.. بامكانكما الان الجلوس لوحدكما قليلًا في ساحة المنزل.
********************
وافقت قدر بعد أن أخذ ريس الاذن من والدها على الذهاب معه لتقدم استقالتها لمدير المدرسة وتحضر اغراضها.. ألقت نظرة أخيرة على نفسها في المرآة برضى ثم خرجت لتجد ريس ينتظرها في داخل سيارته ولكنه بطريقة ما فور أن رآها خرج مسرعًا من السيارة وهو يصفر بإعجاب جعلها تحمرّ خجلًا..
وقفت قدر أمامه بابتسامة خجول فعلّق ريس بحب:
– ما هذا الجمال يا امرأة!.. حينما ترتدين الأسود فقط اكاد افقد عقلي فكيف لا انهار الان بربك وانت تمزجين بين الأسود والأحمر؟ مبارك لك الحجاب يا روح ريس.
ابتسمت قدر وهي تسأله بلهفة:
– هل ابدو جميلة؟
بهيام أجاب ريس:
– جميلة الى درجة انني اريد ان اقبلك على الفور.. فما رأيك، هل توافقين؟
ضحكت قدر بخجل وحنق قبل أن تفتح باب السيارة وتقول:
– اوافق أن اضربك أيها الوقح فقط.. قليل ادب!
قهقه ريس بشقاوة:
– لم تري شيئًا بعد قدري.. انا لا زلت ادربك حتى الآن.. لا شيء وراءنا حتى اسرع بقلة ادبي.
أغلقت قدر باب السيارة بعد أن دخلت إليها و غمغمت باحراج:
– كفاك عبثّا يا ريس ولنغادر الان.
– حاضر يا اجمل قدر.
غمغم ريس بإبتسامة قبل أن ينطلق بسيارته..
ابتسمت قدر بعدم فائدة وهي تسمع ريس يقول بجدية:
– يجب أن ننقل اغراضك الى منزلي بدلا من نقلهم إلى منزل والديك.. لنختصر المتاعب.
– انا احب التعب.
هتفت قدر بابتسامة مستفزة فغمز لها ريس بعبث:
– من الجيد انك قلتِ لي.. سأتعبك كثيرًا اذا منذ الآن وخاصةً بعد الزواج.
تمتمت قدر بغيظ:
– مجنون ووقح وعديم فائدة.. على ما يبدو انني سأتزوجك لأقوم بتربيتك ايها الوقح.
ضحك ريس باستنكار ثم التقط يدها ليغلغل أصابعه الخشنة بين ثنايا أصابعها الناعمة وغمغم:
– لنتزوج الاسبوع القادم واعدك أن نقوم بتربية بعضنا البعض.
– في احلامك الاسبوع القادم.. اريدك ان اجهز نفسي كأي عروس.
هتفت قدر بحنق فرمقها ريس بنظرة عابثة وقال:
– ليست هناك حاجة لأي تجهيزات.. انا سأجهزك بنفسي.. اريدك كما انت فقط بهذا الحجاب الأحمر الساحر وفستانك الأسود الذي يكاد أن يدمر قلبي.
تخضبت وجنتاها وهي تغمغم بحنق:
– ركّز يا ريس بالطريق أمامك فقط واترك عبثك هذا لوقتٍ لاحق.
رد ريس ضاحكًا:
– سأحاول.
******************
ابتلعت صابرينا ريقها وهي تجلس امام حمزة في مقر عمله.. رافقتها قمر وهي تشتعل غضبًا بسبب هذا الشخص الوقح الذي يلاحق فتاة تصغره بأعوام برسائله المستفزة حتى يصل إلى مبتغاه الذي لا يعرفه احد غيره وغير الله..
ابتسم حمزة بتعجرف حينما رأى قمر وعلّق:
– اهلًا بالعروس التي رفضتني مسبقًا.
بحاجبين معقودين ونبرة صوت حادة هتفت قمر:
– لا مرحبا ولا اهلًا.. فقط ابتعد يا حمزة عن صابرينا من الأفضل لك.. اترك جهاد وسند يعيشان حياتهما وابحث لك عن امرأة أخرى تقضي بقية حياتك العابثة معها.
أرخى حمزة جسده على ظهر المقعد وهو يرد بنبرة مستفزة:
– لماذا ابحث وانتما تجلسان امامي؟ أنتِ يا قمر تختصرين علي الطريق وهذا ما صار يعجبني بك وبابنة عمك أو خالك أو خالتك.. لا ادري عن تفاصيل عائلتك المعقدة لأنها لا تهمني.
– احترم نفسك.
زمجرت صابرينا بغيظ شديد فضحك حمزة ملئ شدقيه وتمتم باستهزاء:
– الوقحة نفسها هي من تطلب مني أن احترم.. لو أن قمر هي من هتفت بهذه الجملة كنت سأنصاع لها ولكن انت.. صابرينا ذات اللسان الطويل تطلب مني وتتوقعين أن اوافق.. مستحيل يا صابو! لا اقدر!
بهدوء قالت قمر بينما ترى وجه صابرينا المتقد بحمرة قانية من شدة غضبها:
– حمزة لنعقد اتفاقًا.. ليست هناك حاجة لتضخيم الأمور وافتعال المشاكل بينما نقدر على حل هذه المواضيع بالتفاهم والنقاش.
عقد حمزة ذراعيه على صدره بينما يسمعها تسترسل:
– احذف يا سند الصور التي التقطها لصابرينا فهي لا زالت مراهقة كما تعرف وعلاقتها بالرجل الذي رأيته ليست إلا مجرد علاقة صداقة.
– لا تبرري له.
هدرت صابرينا باعتراض فتجاهلها حمزة بطريقة مستفزة وهو يصغي إلى بقية كلمات قمر التي تقولها:
– وكما تعرف جهاد الان امرأة متزوجة وانت يجب أن تنساها إذ كنت تحبها أو تفكر بها بأي شكل كان.. انت رجل بإمكانك أن تتزوج اي امرأة فلا ينقصك اي شيء.. رجاءًا اترك صابرينا وجهاد تعيشان بقية حياتهما بسلام.
وضع سند كفيه على سطح مكتبه وهو يتطلع إلى قمر بينما يقول بنبرة وتّرتها وأثارت توجسها:
– وانت من ضمن هؤلاء النساء اللواتي استطيع الزواج بهن يا قمر الجايد.
ردت صابرينا برفض قاطع:
– بالتأكيد لا.. لا تحلم بقمر ايها الأرعن!
رشق حمزة صابرينا بنظرات مغتاظة:
– انت مطرودة! صغيرة ووقحة! لو انك شقيقتي فقط لجعلتك تسيرين على المسطرة يا قليلة الادب.
– لن اخرج الا برفقة جهاد.. وحمدًا لله انني لست شقيقتك.
ردت صابرينا بعناد فابتسمت قمر على لسان صابرينا السليط بينما تمتم حمزة بغلظة:
– عديمة تربية! اجلسي دون ان تنطقي حتى حرف واحد.
– ها ماذا قررت يا حمزة؟ هل ستحذف الصور ام لا وهل ستدع جهاد وشأنها أم لا؟
تساءلت قمر بجدية فأجاب حمزة بابتسامة غريبة:
– سأفعل مع أن جهاد تهمني اكثر مما تتخيلين.. ولكن هل يرى أحد القمر أمامه ولا يستجيب لأوامره وطلباته؟!
احمر وجه قمر واضطربت خفقاتها بعدم راحة بينما هدرت صابرينا بعصبية:
– لا تتغزل بها يا وقح.
– قليلة ادب.. لا تحترم الكبار!
زجرها حمزة بغيظ فاستشاطت قمر غضبًا وزمجرت:
– وقح.. عينه زائغة يتغزل بكل النساء! الهي يبعث لك امرأة تريك الويل والمرارة والحرارة يا حمزة!
أطلقت قمر رنين ضحكاتها الصاخبة بينما ببرود قال حمزة:
– الهي انا وانت معًا.. هيا الى الخارج ودعيني اراك مرة أخرى تقفين مع شاب احمق مثلك لأبلغ كل عائلتك ليكسروا لك قدميك!
اخرجت صابرينا لسانها له باستفزاز:
– لا تتكلم كثيرًا واحذف الصور حالًا فيجب أن نذهب بعد قليل انا وقمر لأن لدينا موعد مع حبيبي يا جاهل!
– هل اقوم واصفعك على فمك البذيء؟!
تساءل حمزة بعصبية فقالت قمر سريعًا:
– هي تمزح فقط يا حمزة.. مجرد طفلة مراهقة!
********************
اخر ما قد توقعته قدر هو أن ترى سامر في المدرسة التي تعمل فيها.. خافت وتوترت أن ينتبه له ريس فيفقد صوابه.. مرت قدر من جانبه وهي تخفض رأسها كي لا يراها ولكنه انتبه لها ولمحاولتها اخفاء وجهها فقال بعتبٍ:
– اتتهربين مني يا قدر؟
أحست قدر باحراج وخجل فظيع وهي تستدير لتواجهه:
– اوه سامر.. اسفة لم انتبه لك فقد كنت شاردة بأفكاري.. ماذا تفعل هنا؟
اقترب سامر منها وغمغم بحسرة بدت واضحة في نبرة صوته:
– سأبدأ العمل في هذه المدرسة في ذات اليوم الذي قدمتِ به استقالتك.. كنت سأفرح حقًا لو اننا تمكنا من العمل معًا.
ابتسمت قدر بتوتر:
– لا يوجد بيننا نصيب لنعمل معًا.
– كما لا يوجد بيننا نصيب لنتزوج بسبب قريبك.
علّق سامر بقهر فإزدرمت قدر ريقها وهي تحس بخطر قريب..
– لننسى يا سامر ما حدث سابقًا.. انت اي امرأة تتمناك.
بابتسامة قهر رد سامر:
– وانت لستِ ضمنهن.
بشجاعة وثبات قالت قدر:
– انا احب ريس.. ونحن ستتزوج قريبًا.. وانا لا أرى نفسي مع رجل غيره.. هو كل حياتي الان.
– دعينا نراه لنلقي التحية عليه.. بالتأكيد يكون ينتظرك كظلك في الخارج.
هتف سامر بغيرة واضحة فغمغمت قدر برفض وتوجس:
– مرة أخرى إن شاء الله.. نحن على عجلة من امرنا.
– مجرد تحية على خطيبك الحالي لن تؤثر أبدًا.
قال سامر بجدية فاضطرت قدر أن ترضح وتوافق.. سارت قدر بجانبه بتوتر وهي تدعو الله أن لا تحدث الان معركة بسبب غيرة ريس..
كان ريس يقف كالعادة بجانب الحارس وفور أن رأى سامر بجانب قدر عقد حاجبيه بغضب اشوس بينما شعت عيناه نظرات قاتلة بأسيدها.. وقبل أن ينفعل اكثر امسكت قدر يده وهمست:
– حبيبي سامر سيبدأ العمل هنا في هذه المدرسة وقد رأيته صدفةً.. هو طلب مني أن يلقي التحية عليك ويبارك لنا وانا وافقت.
بصوت حاد مغرور قال ريس:
– اه ليفعل إذًا ويعود إلى عمله فلا احب أن يقترب أحد من امرأتي.
– مبارك لكما.
هتف سامر بمرارة فابتسمت له قدر بارتباك بسبب نظرات ريس له وغمغمت:
– شكرًا لك سامر.. عُقبالك يا رب.
بحسرة وحقد أفقد ريس صوابه رد سامر:
– لم يعد ينفع.. من كنت اريدها سرقها شخص نذل مني وهما سيتزوجان قريبًا!