رواية غزلًا يوقده الرجال

الفصل السابع (الجزء الثاني)
صباحكِ حبيبتي،
كصباح الفراشات والازهار..
صوت ناعم،
وجسد يتحرك بخفة تبهر الانفاس..
صباحكِ حبيبتي،
امرأة لا تعبث بي
ولكن تفعل الويل والويلات..
همسات تكون كحرائق الكون..
تبهجني.. توقدني.. وتسلب مني ما تبقى مني..
صباحكِ حبيبتي اشعارًا من الغزل
وكلمات تتدفق كسيل النهر..
قلب يهفو لغزو ساحتك
ليخوض المعارك مع بسمتك..
————————-
تقف قبالته بابتسامة متعجرفة تحتاج الى تحطيم اسنانها الصغيرة.. متخصرة وكأنها تنتظره ان يُستفز اكثر لتدري مدى سوء قساوة غضبه.. عيناها الخضراوان تنظر اليه بنظرات غرور لا يدري سببه.. الغبية التي لا تمل من اشهق رأسها حتى اخمص قدميها تشع تحدي وشقاوة..

وثب عمر عن مقعده وكان هذه المرة الدور له.. حدقتاه هو من كانت تطلق صوان التحدي والغضب الا انها لم تخاف بل كانت ابتسامتها تتوسع وتُمتّن صمودها امامه بعينين جميلتين عابثتين..
ولكن ما هي الا ثوانٍ معدودة كانت تئن حينما استولت يده على ذراعها وهمس بهسيس:
– اليس لديك عملًا غيري لتزعجيني طيلة الوقت؟ الا تعملين؟ لا زلت هادئًا بعض الشيء فلا تدعيني اتهور.

– هدئ اعصابك ايها الضابط.
غمغمت لونا بابتسامة مفعمة بالشقاوة اللذيذة فيدفعها عمر بغيظ ويهتف:
– اخرجي ولا اريد رؤية وجهك بعد الان.

– اعطيني الالف دولار واعدك ان ازعجك مرة واحدة في اليوم فقط.
اردفت وهي تربت بخفة على ذراعها.. على المكان الذي كان يمسكها منه.. فيهدر عمر بعصبية:
– سأعطيك الألف دولار التي بسببها رأسي يكاد ان ينفجر وفي المقابل لا اريد رؤية وجهك بعد الان.

– لا استطيع.
همست لونا بحزن مصطنع ليتشدق عمر بغيظ:
– ما الذي لا تستطيعين فعله؟

– ان ابتعد عنك وان لا ازعجك.. لا اتخيل يومي دون عصبيتك الهمجية.
فسّرت وهي ترشقه بنظرة بريئة تُحنن القلوب عليها! النظرة فقط لا كلماتها الماكرة!..
فدنى منها عمر وحدقتاه تطالعها بنظرات غريبة لم تستخلص مغزاها الا حينما غمغم:
– اذًا دعيني اريكِ عصبيتي الهمجية كيف تكون.

تراجعت لونا خطوتين الى الوراء، قائلة بتهديد:
– سأشكوك لجدي ريس.

ابتسم عمر باستهزاء ثم بلمحة امسكها من خصلات شعراء الحمراء لتصرخ لونا بوجع:
– اتركني يا عفريت.. اتركني.

– انا العفريت؟! انا ام انت؟
هدر عمر وهو يشدّ خصلات شعرها اكثر فترفع قدمها وتضغط بها على حذائه الأبيض النظيف فيتسخ ليدفعها بحدة ويهتف:
– هل جننتِ؟ ما زال الحذاء جديدًا.

– ولا زال شعري جديدًا.. اقصد انني صبغته حديثًا.
صاحت بانفعال وهي تمسد على شعرها الذي بعثره باصابعه فيأمرها بتجهم:
– الان ستنظفين الحذاء.

– حسنًا اخلعه.
ردّت بهدوء ليرفع حاجبه بشك فتبتسم بنعومة مزيفة وتقول:
– اخلعه عموري.. سأنظفه.

– عموري!
تمتم بذهول لتهمس بشقاوة:
– اجل عموري.. أدلّلك لأن لا احد يطيقك.
ثم قالت:
– اخلعه سأخذه معي الى منزلي.

– وبماذا سأبقى؟
سألها بسخرية فتهز كتفيها بلا مبالاة وتجيب:
– اطلب من شخص ما ان يشتري لك حذاءًا بسيطًا.

تأفف عمر بحنق ثم هتف بجهامة وهو يرمقها بنظراته الواجمة:
– سأخلع الحذاء وستنظفينه جيدًا ثم ستعيدينه الى منزلي وسأعطيك الألف دولار والمئة يورو.

– موافقة.
ردت برسمية وكأنها تعقد اتفاقًا هامًا فابتسم عمر رغمًا عنه ودمدم باستهزاء:
– على ما يبدو ان والدتك حينما كانت حامل بك كانت تتوحم على عفاريت!

– وانا سأخبرك على ماذا والدتك كانت تتوحم ولكن لاحقًا.. اعدك انني سأحضر لك بنفسي الشيء الذي كانت تتوحم عليه.
قالت لونا بابتسامة مستمعة قبل ان تردف بصوت جاد:
– هيا نفّذ ما اخبرتك به وسنلتقي مساء اليوم.

*****************
اومأت جهاد بابتسامة لوالدها الذي طلب منها ان ترافق سند الى الباب قبل ان تشير لسند برأسها ان ينهض ويتبعها..
تلبثا بجانب باب المنزل ليتكئ سند على الجدار بينما تقف هي امامه تتأمله بنظرات شقية.. ودّت ان تتكلم ولكن ريس ابن عمها غيث الذي فتح الباب دون ان يطرقه اجبرها على الصمت..

رمقهما ريس بنظرة خبيثة ثم قال وهو يضحك:
– لماذا تختبئان بجانب الباب؟ خذيه الى منزلك جهاد وابعدي وقاحة ورومانسية العشاق عن منزل جدي المحترم.

طأطأت بخدّين احمرين، تاركة مهمة الرد لسند:
– لو انني خرجت قبل ان تأتي.. رؤيتك تقلب معدتي.

ضحك ريس بصوتٍ عالٍ لتغمغم لين الجالسة في الصالة الداخلية مع زوجها وليث وسيلا:
– حبيب جده اتى.. سأنهض لأراه.

– ماذا تحب به لا ادري!
تمتم ليث ليهتف ريس بغرور:
– تحب اسمه فقط لأنه يذّكرها بي.

تجاهلت لين تعليقاتهم المستفزة وهي تسير الى الخارج فتزم شفتيها وهي تسمع سند يسأل ريس:
– هل اوصلتَ قدر الى المنزل؟ والى اين اخذتها؟

– اشتريت لشقيقتك فستانًا لعقد قرآنك.. الثمن ستدفعه انت ولكن حينما يحين الوقت.
ردّ ريس بتغطرس فتقهقه لين وهي تزلف منهم وتقول باعجاب:
– اشتريتَ فستانًا لها ولي لم تشتري.. ما هو لون الفستان؟

ابتسم ريس قبل ان يقبل جبين جدته ويهمس لها بصوت خافت:
– اسود.. لقد اتيت لأجلك.. دعيني اغيظ سند قليلًا ثم اجلس معك.

– جدتي.. انا سأوصل سند الى الخارج.
هتفت جهاد التي سمعت ما قاله ريس للين.. لا تود ان يتشاجر مع سند فهي تعرف ان كلمة اخرى من ريس المستفز ستغضب سند.. ولا تريده ان يغضب بعد هذا اليوم المترع باللحظات الاستثنائية ولكن لسند كان الرأي مختلفًا فهو على أهبّ استعداد للتشاجر مع ريس..

– سنتحدث لاحقًا ريس.
دمدم سند بنبرة ذات مغزى فتمسك جهاد يده لتحثه على الخروج..
اغلقت جهاد الباب خلفها ثم قالت بجدية:
– حبيبي لا تعلّق على كل كلمة يقولها ريس.. انت تعرف اسلوبه جيدًا.. دون ان يقصد يتفوه بهذه التراهات.

اكتفى سند بهزة بسيطة من رأسه دون ان يحاول حتى ادخال كلماتها الى اذنيه وفهمها! ثم غمغم:
– سأوصلك غدًا بنفسي الى منزل الحقير الاخر.

لا شعوريًا إحتشدت احاسيسها المتخبطة في مآقيها.. لا شعوريًا إنجلى الارتباك على تعابيرها.. عقد سند حاجبيه وهو يدرس انقلاب وجهها بحدقتين خبيرتين بمعالمها وتضاريسها واي حركة قد تصدر منها ثم سألها بشك:
– ما الذي حدث في منزله كي تظهر كل هذه التعابير على وجهك؟

– لا شيء.
ردت بتماسك كاذب.. هل ستكون مجنونة وتخبره بما فعله الحقير حمزة؟ اذا فعلت فهي تبصم انه سيدخل السجن.. واخر ما تتمناه ان يبتعد سند عنها..
كانت متيقظة لعينيه التي رمقتها بشك وعدم تصديق.. ولكنها مستحيل ان تخبره.. حتى اذا غضب وهاج وانفعل لن تفعل!
ابتلعت خفقةً مرتبكة تكاد ان تفضحها حالما هتف بنبرة صارمة:
– ماذا فعل لك جهاد؟ اخبريني حالًا.

– لم يفعل اي شيء.. فقط ينتعتني بحبة البطاطا وانا اغتاظ منه وافكر ان اترك العمل في منزله.
اردفت بهدوء ليرفع حاجبه بلا تصديق ويقول:
– هل تعتقدين انني سأصدق ما تفوهتِ به الان؟ بالتأكيد لن افعل واصدق انك ستتركين العمل عنده بسبب كلامه هذا! فاخبريني يا جهاد ماذا فعل كي لا اكتشف بنفسي وتكون ردة فعلي سيئة وقاسية.

ادركت ان لا فائدة من خوض هذا الجدال معه دون ان تعترف بحقيقة او نصف حقيقة ما فعله حمزة فغمغمت:
– حمزة يعرف والداي.

– هل تقصدين والداك اللذان انجباك؟
سألها بحيرة لتهز رأسها بموافقة وتهمس:
– لا ادري من اين يعرفهما.. ولكنه على ما يبدو يعرف الكثير ولذلك انا قلقة ولا اشعر بالراحة.

قرّبها سند اليه ثم حاوطها بذراعه وهتف:
– لا يوجد ما تخافين منه.. اذا جرّب ان يؤذيك سأخرج روحه من مكانها.. وبالنسبة لقرارك بترك العمل في منزله فانا اكثر من اؤيده.. انا اساسًا لا اريدك ان تعملي في منزله ابدًا ولكن اصرار الجميع وشفقتي على والدته بالاضافة الى كلام الخالة ريما هم من جعلوني اوافق.

تنهدت جهاد ثم رفعت رأسها وقالت:
– سأخبر والدي بقراري لأدعه يتفاهم هو مع العم جواد وزوجته ريما.

******************
بعد مرور ثلاثة ايام..
ابتسمت مها للابتسامات التي توافيها من كل صوب.. العائلة كلها تجمهرت في منزل جدها جواد للترحيب بهم واستقبالهم كما يجب.. شقيقتها ليليان تأقلمت معهم بسرعة وصارت تمزح وتضحك عكسها تمامًا.. ليست لها اي رغبة بمشاركتهم الحديث.. فكل تفكيرها كان منصبًا حول شخصٍ واحد قابع في روحها..

لا تزال تذكر لقاءها معه قبل سفرها.. كيف طلب منها ان لا تفكر الا بنفسها.. كيف اخبرها ان تصور له كل الاماكن التي تعجبها.. ان لا تهجر رسائله.. تذكر الكثير والكثير من كلماته التي تغلغلت وترسخت في مذّكرة عقلها.. اكثر ما اثّر بها هو عصبيته حينما بكت.. رباه كيف انفعل وصار يتمتم بكلمات غير مفهومة.. ويلاه كم تعشقه! تعشقه كأنثى وُلدت خرساء وهو الوحيد من يفهمها.. تعشقه بجنون..

انتبهت فجأة لصوت جدتها ريما التي سألتها بمزاح اوجع قلبها:
– الم تحضري معكِ رجلًا من المانيا لتعرّفينا عليه؟ الرجال في المانيا معروفين بوسامتهم.

– لا، أمي.. جهاد مستحيل ان تفكر برجل الماني.. ستتزوج فقط من رجل عربي.
هتفت حياة بابتسامة حازمة ليتشدق تيم:
– وكأنك لم ترمي نفسك على امير الألماني.

– امير ليس المانيًا.. واخبرني.. الن تكف عن الشجار مع اختك؟
زجره جواد ليضحك امير ويقول:
– حتى حينما يتحدثان على الهاتف يتشاجران.. يستحيل ان يتفقًا لساعة.

ابتسمت حياة ثم غمغمت وهي تنظر الى رين المستندة على كتف آسر:
– ولله لا زلت مصدومة بحمل رين.. ولكن فعلًا انتما تستحقان الجائزة الكبرى على هذه المفاجأة الصادمة للجميع.. لا يجب ان نستخف بكم.

– كنت اظن انني الوحيد صاحب المفاجآت الصادمة.
هتف ليث بسخرية ثم تابع:
– ولكن ما شاء الله عدوي سبقني.

– انت كل العالم عدوك!
علّقت سيلا بغيظ ليقول ريس بمكر:
– خالتي سيلا سمعت ان عمي ليث كان يركض كثيرًا وراءك وتزوجك رغمًا عنك.

– ريس..
زجرته لين بحنق ليهتف ريس الكبير:
– زوجتي صارت تفضح الكل.. لا احد يخبرها سرّه بعد الان.

– لم يتزوجني رغمًا عني.. انا كنت احبه.
ردّت سيلا على ريس ليغمغم غيث:
– سيلا ما رأيك ان تأخذي ريس وتعطيني سيف.. ريس بالخطأ وُلد ابني.

– وانا اشهد.
هتفت لين لتضحك ناي وتقول:
– انا لا اتخلى عن ابني.
ثم نظرت الى أوس وسألته:
– ابي الن تأتي سيلين؟

– لا، سيلين مشغولة قليلًا مع سند وقدر.
اجاب أوس بهدوء لتسأله حياة:
– عمي أوس، هل قدر مخطوبة؟

– لا، يتقدم لها العديد ولكنها ترفض.
قال أوس ليعلّق امير:
– لو كان لي ابنًا لكنت زوجتها له.. الفتاة ما شاء الله لا ينقصها اي شيء.

نهضت مها فجأة ثم غمغمت بارتباك بسبب العيون التي توجهت اليها:
– اريد ان ادخل الى الحمام.

– ستأخذك قمر.
هتف غيث لتغمغم مها بتوتر:
– ليس هناك داعٍ لترافقني.. فانا اعرف اين الحمام.

لم تنتظر ردهم وهي تجبر قدميها على السير لتصل الى الحمام وترد على اتصال هيرمان الذي اشتاقت له من اول يوم لها في فلسطين..
اوصدت الباب خلفها جيدًا ثم ردّت على اتصاله بشوق يهرق قلبها له دموعًا موجوعة:
– اشتقت لك.

– وانا ايضًا.. كيف حالك؟
همس هيرمان بلهفة لتغمغم بنبرة شجية:
– لا ادري.. مشاعري مبعثرة.. اشعر بالخوف والحزن.. اشتقت لك هيرمان!

زفر هيرمان بضنك ثم قال بثبات قدر امكانه:
– لا تدعي افكارك السلبية تتحكم بك وتحتل روحك فتخرج ابتسامتك باهتة لا مشرقة تبهج لي فؤادي وان كان يفصل بيني وبينك اميالًا.

– سأحاول.. واريدك ان تعدني بانك ستهتم بنفسك الى ان اعود.
همست مها ودمعة بائسة تتسلل من بين دموع كثيرة وتنزلق على خدّها لتفاقم من حرارة جمر شوقها له فيقول بابتسامة عذبة:
– اعدك.. والان اغلقي واتصلي بي حينما تكونين لوحدك لنتحدث جميلتي.. واهم شيء لا تنسي ان تبتسمي لأطمئن قلبي عليك.

– سأفعل.. اهتم بنفسك.
غمغمت بابتسامة هائمة ثم اغلقت الخط وهي تحرّر تنهيدة عاشق مهموم، غير واعية ان هناك اذانٍ سمعت المكالمة ولكنها لم تفهم منها اي شيء سوى انها استنتجت انها تكلّم رجلًا وهذا لن يمرّ مر الكرام..

*****************
تحسُّ باستغراب عجيب يتلّقم ذرات تعقلها.. منذ عدة ايام لم يتشاجرا.. ريس يعاملها بهدوء ولكنها لا تثق بهدوءه.. تخشى ان يكون وراء معاملته الطيبة الامًا لقلبها.. رغما بهجتها بتصرفاته واهتمامه الا انها متوجسة من كل ما يفعله..
رآت صديقتها ميرال التي عرفت منها ان شقيقها معجب بها وردّت عليها كما تفعل مع كل من يتقدم لها..

تبادلتا السلام ولم يهون عليها حزنها فعانقتها وغمغمت برقة:
– لا تحزني مني حبيبتي.. صدّقي اني لا افكر بالزواج حاليًا وشقيقك الف انثى تتمناه.

– اعرف.. لا بأس.
دمدمت ميرال بهدوء لتبتسم قدر وتقول:
– لنذهب اذًا لناكل شيئًا خفيفًا.

– ليس لدي اي شهية حبيبتي.. دعي علي يرافقك.
همست لتومئ قدر بتفهم وهي ترى علي يدنو منهما.. القى السلام عليهما ثم وجّه حديثه لقدر:
– رسلان هنا ويريد ان يقابلك.

– ماذا؟
تمتمت قدر بصدمة لتسألها ميرال بفضول:
– من هذا رسلان؟

– لا يهم من.
اجابها علي لتقول بغيظ:
– لم اسألك لتجاوب.

لم يكترث لها بل غمغم لقدر:
– هيا قدر.

اومأت له قدر لتسألها ميرال بحنق:
– الى اين انت ذاهبة؟

– سأخبرك لاحقًا.
همست قدر بهدوء وهي تسير بجانب علي بتردد.. من ناحية لا تريد ان تحرج رسلان اكثر فتجرحه ومن ناحية اخرى لا تريد ان تحدث مشكلة اذ ورآها احد ما وخاصةً ريس الذي لم تراه ابدًا اليوم..

– لا تشفقي عليه.
هتف علي فجأة لتطالعه بعدم فهم وتغمغم:
– تقصد رسلان؟ لماذا؟ ما مشكلتك معه؟

توقف رسلان في منتصف الطريق واعترف بجدية حازمة:
– قدر انا احبك! الجميع لاحظ شعوري تجاهك عداك انت.

حدجته قدر بنظرات تشي عن مدى صدمتها وتفاجؤها ليزلف علي اكثر منها ويسترسل، متغاضيًا عن صدمتها الواضحة:
– قدر انا كنت اريد ان اعترف لك قبل ان يطلب يدك رسلان للزواج ولكن كان يمنعني دائمًا ريس بوجوده.. والان حان الوقت لتعرفي بمشاعري.

– انا.. انا..
تمتمت قدر بارتباك فيغمض علي عينيه لثانية قبل ان يقول بحزن:
– انتِ لا تحبينني.. اعرف.

– اين رسلان؟
تساءلت لتردعه عن الاعتراف بالمزيد من الاحاسيس التي لا تقدر ان ترد عليها وقلبها محجوز بأسم واحد فقط.. اشار لها برأسه ان تتبعه ففعلت بأعصاب مشدودة وسمفونية قلب متخبطة..

– ها هو.
تمتم علي ليسمعه رسلان ويقترب منهما، مغمغمًا:
– الحمد لله انك اتيتِ.

– ماذا تريد؟
دمدمت قدر بجمود فيبتسم بصدق ويرد:
– اريد ان اكون صديقك.

“لماذا كلهم يريدون ان يكونوا اصدقاؤها؟”
تمتمت بين زوبعة افكارها قبل ان تسمع رسلان يتابع:
– لا اريد ان اخسرك يا قدر.. فوافقي.

هزت رأسها ببساطة ثم همت ان تستدير لتغادر فيلجمها عن ما تنتويه صوت علي:
– فكري بما اخبرتك به قدر.

– قدر؟ ما هذا؟
هدر ريس الذي ركن سيارته قبل دقائق معدودة لتتسارع خفقاتها فتثير اضطرابات مخيفة في وجدانها..
تطلعت اليه لتعقد حاجبيها وهي ترشق الفتاة التي معه بغيرة محتدمة بينما يرد رسلان بفظاظة:
– لا تتدخل اكثر مما يجب.

– لا زلت لم اتكلم معك فلا تدعني اتكلم بقبضتي.
زمجر ريس بغضب قبل ان يلقي نظرة حادة على قدر ويهتف بوعيد:
– غادري وسأتفاهم معك حينما انهي عملي مع هذا الوغد.

– تعالي قدر معي.
غمغمت ليليان لتنظر اليها قدر بتعجب ثم سرعان ما تذكرتها لتزم شفتيها وتهز رأسها برفض فيقول علي وهو يجذب قدر من معصمها بنوع من الوقاحة:
– انا وقدر سنغادر.. وداعًا.

تأوهت قدر بوجع وهي تتراجع عدة خطوات الى الوراء بسبب القبضة الفولاذية التي سحبتها اليها..
رفعت رأسها اليه فيصدمها ريس بملامح قاسية كالصوان تمامًا لتحرّر نفسها منه وتهمس:
– لا تتشاجروا.

كاد ان يرد عليها برد قاس ولكن اللكمة التي اتته من حيث لا يدري جعلته قسرًا يصمت ويرفع مقلتين مشتعلتين ستحرق الأخضر واليابس فتشهق قدر بذعر وتحاول عبثًا ان تفك انامله التي تلتف حول معصمها بخشونة شرسة.. ثم تحتد مقاومتها له اكثررعندما تسمع علي يهتف:
– هذه اللكمة لأرد لك الثأر الذي اكمنه منذ فترة.

———————-
يتبع..

 

error: