رواية غزلًا يوقده الرجال

الفصل الرابع وعشرون
اذا بكت عيناك، سأجعل أصابعي
منديلًا كالريش يجفف لك الدموع..
وسأجعل ثغري بالقبلات
يُبلسم آهات شهقات الندوب..
واذا خاف قلبك واحتدت وثباته،
ستجدين حضني ملاذًا يُبتر اوجاعه،
أما قلبي الخافق يسرق سببًا خفقانه..
أقسم يا قدري أن لا خوف كخوفي..
ولا جبن كجبني.. ولا عشق كعشقي..
فأنا طفل يرى الكون بوالدته..
وانتِ لستِ والدتي فقط..
انتِ الكل في روح الجسد..

———————–
توجست عدن من انقلاب تعابير وجه حفيدها وهو يتطلع بتركيز الى هاتف قدر.. وفي ذات اللحظة التي خرجت بها قدر اليهم تساءل أوس بجدية:
– ماذا حدث معك يا ريس؟ لماذا تغيرت ملامح وجهك وانقلب حالك؟

وضعت قدر صينية القهوة على الطاولة ثم عقدت حاجبيها وهي ترى هاتفها اسير يد ريس فإقتربت منه بضيق لعبثه بهاتفها وسألته:
– ما الامر يا ريس؟.. اعطني هاتفي.

حذف ريس الرسالة بسرعة قبل أن تراها قدر حتى لا تقلق ثم ناولها هاتفها وغمغم بغيظ اختلف سببه:
– من هذا الذي أرسل لك إضافة؟ احظريه حالًا.

وضعت قدر يدها على جبينها بحنق وتمتمت:
– لا حول ولا قوة الا بالله.. من اين لي ان ادري؟

زفرت عدن بارتياح ثم قالت بمشاكسة:
– هذه الغيرة يا قدر.. فقط أفراد عائلتنا تعرفها وتفهم بها.

لم ينبس أوس ببنت شفة بل اخذ يتأمل تعابير وجه حفيده التي لم تطمئنه أبدًا.. هناك شيء آخر رآه ريس على هاتف قدر ولكنه لا يود أن يتحدث عنه.. ليس صعبًا عليه أن يستنبط افكار حفيده وتعابيره.. اطلاقًا..
لم يبالي بضحكاتهم كما اهتم بابتسامة ريس المزيفة وعينيه الشرستين الوامضتين كجمر يكاد يلتهم كل ما هو أمامه..

تطلع أوس بتركيز الى وجه ريس حينما فتحت قدر الهاتف وبدأت تستخدمه.. انعقاد حاجبيه واسنانه التي تكاد تصطك ببعضها البعض لا تُبشر بالخير أبدًا.. ثم أخيرًا قول ريس المتوتر اثبت له صحة تفكيره..
– هيا يا قدر.. لنغادر.

اعترض أوس بجدية:
– اجلس يا ريس.. ما هذه العجلة المفاجئة؟ حتى قهوة لم تشرب بعد!

– لقد نسيت يا جدي أننا يجب أن نذهب لنرى فستان الخطوبة لقدر.. اتفاقي كان مع قمر اليوم ولكنني نسيت.
قال ريس بهدوء فعلّقت قدر بجدية:
– نحن لن نذهب باكرًا.. اتفاقنا كان أن نذهب بعد اذان العصر.

– سنذهب الان.
هتف ريس بحزم فوثب أوس من مكانه وقال:
– اتبعني يا ريس.. سأناولك شيئًا ما.

زمت قدر شفتيها وهي ترى ريس يسير وراء خالها.. تفقدت هاتفها مرة أخرى لتحاول أن تعرف سبب انقلاب حال ريس بعد أن حصل على مبتغاه! لقد قبّلها الأبله ولكنه واجم وعابس! كيف ذلك بحق الله؟ أليست هي من يجب أن تجعل حياته سوداء؟ ولكن ريس.. ريس… ريس.. لا يفهمه غير جدته.. لا يفهم ريس الا لين.. ليس الحفيد فقط بل الجد أيضًا..

بعد أن دخل أوس الى مكتبه اغلق الباب خلفه وسأل ريس بحزم:
– ما الذي رأيته في هاتف قدر وجعلك بهذا المزاج.. لم ولن أصدق ما قلته.. إما أن تخبرني الحقيقة وإما أن تخبرني الحقيقة.. لا يوجد خيار آخر.

زفر ريس بضيق:
– لا اريدك ان تقلق يا جدي.. لا شيء مهم للذكر.

– ريس!
حذّره أوس بنبرة جادة فلم يكن أمام ريس اي حل إلا أن يسرد له ما دار بينه وبين سامر قبل عدة أيام.. ثم أخيرًا عن الرسالة التي وصلت قدر.. ولكن ما تعجب منه حقًا هو رد فعل جده أوس البارد.. لو ان جده ريس من يحقق معه وعرف عن رسالة سامر لكان سيكون سامر في عداد الموتى ربما..
ببرود شديد غمغم أوس:
– هذا فقط يا ريس! توقعت شيئًا اكبر من ذلك.

– انا لا أبالي بهذا الحقير أو بتهديده.. كل ما في الأمر انني اريده أن يبتعد نهائيًا عن قدر.. لا رسائل ولا غيره.. لا اريد ان يجعل قدر تقلق بسببه.
هتف ريس بغيظ فدنى أوس بخطوات بطيئة من الاريكة السوداء وقعد عليها ببرود بينما يرد على كلام حفيده برزانة:
– لا بأس.. ولا داعي للقلق.. ابن عمك عمر ضابط بإمكانه أن يخبره أن أي شيء سيحدث لاي احد من العائلة سيكون هو السبب بدليل من الرسالة التي وصلت هاتف قدر.. واي اضرار ستنجم هو سيكون سببها لا شك.. غير ذلك.. انا اعتقد أن عليك القيام بمهمة ما.. هل تعرف كيف بدأت تتحمل والد وشقيق خطيبتك وتجاملهما؟ كذلك تمامًا ستتوجه الى والد سامر وتخبره انك كنت تحب قدر وان ما فعلته ليس لتؤذي سامر بل لتنقذه من حياة زوجية تعيسة وفاشلة فقدر تحبك انت كما تقول وكما اصدعت لي رأسي.. وليس ذلك فقط.. قل له أن عروس ابنه جاهزة.. فقط دعه يتحدث معي.

– اي عروس هذه؟
تساءل ريس بضيق ليرد أوس بابتسامة:
– ابن صديق لي يود أن يزوّج ابنته واخبرني انني اذا
كنت اعرف رجلًا محترم يريد أن يتزوج اخبره عن ابنته.

****************
لقد حسم ياسين أمره وقرر أن يتحدث مع والده عن نرمين وعن رغبته بالزواج بها.. فلا شيء الان قد يقف في طريقه الا نرمين وكوابيس قلبها المغلق.. ولا يعتقد أن عائلتها سترفضه أبدًا فعائلته معروفة والجميع يتمنى نسبهم..
بخطوات عازمة دنى ياسين من غرفة والديه ليسمع بكاء شقيقته الصغيرة.. وكم رقّ قلبه لنعومة بكائها وتلهفت يداه لاحتواء نعومة بشرتها.. فطرق الباب بخفة ليفتح له آسر حتى يدخل ويتمتم بحنق:
– ادخل لتحمل شقيقتك وتقوم بتهدئتها.. على ما يبدو لي أن هذه الصغيرة ستكون حور الثانية.. عمتها تمامًا.

هتفت رين يغيظ:
– لا سمح الله.. ابنتي فقط ستكون مثلي.. عمتها قال!

ضحك ياسين وهو يتناول شقيقته حور من يدي والدته ليقبلها ثم غمغم بعبث:
– انظري إليها يا امي.. حتى عينيها الزرقاوين لعمتي حور وليس لك او لأبي.

قبّلها ياسين عدة قبلات ثم استطرد بجدية وهو يتطلع إلى والديه:
– على اي حل.. هناك ما اريد الحديث عنه معكما.. انا اريد ان اخطب.

قعد آسر بجانب رين التي هتفت ببهجة:
– من؟ لا تقل لي أن تلك الفتاة القاسية التي تعمل معك؟

ضحك ياسين ملئ شدقيه بينما تمتم آسر بغيظ:
– من هذه القاسية؟ منذ متى تخفين عني الاسرار يا رين؟

تجاهلت رين الرد عليه بينما تسأل ياسين:
– هل تعتقد أنها ستوافق؟

– لا ادري.. ولكنني أعتقد أنها ستفعل.
رد ياسين بتنهيدة وهو يربت بنعومة على ظهر شقيقته التي أخذت تبكي مرة اخرى.. فزفر آسر وهتف:
– أعتقد أنك يجب أن تخبرها اولا عن رغبتك بالزواج منها كي لا نذهب عبثًا وترفضك.

– سأتكلم مع والدها لا معها.. واذا رفضت الان ستوافق لاحقًا.. انا اعرف جيدًا كيف اتعامل معها.
غمغم ياسين بجدية واصرار اثار اعجاب والدته فقالت بنبرة ماكرة:
– انت تعرف انها اذا وافقت لا يجب أن تتصرف كما كنت تفعل مسبقًا.. لا نظرات عابثة ووقحة للفتيات ولا كلام معهن والا… وداعًا لك في هذه الحياة يا بني.

ابتسم ياسين بينما ينظر الى حور التي تتطلع إليه بعينين واسعتين:
– لا تقلقي يا ام ياسين.. فقط انتبهي الى عيني زوجك.. وخاصةً نظراته.. فهو معلمي الاول.

قبل أن يرد ياسين كانت رين تهتف بغرور:
– والدك لا ينظر لغيري.. لن يجرؤ طيلة حياته فهو مكبل بعشقه لي.

اطلق ياسين صفيرًا وعلّق بإعجاب عابث:
– لستِ قليلة يا بنت الجايد.

التزم آسر الصمت إلى أن يخرج ابنه فقط من الغرفة ثم سيتعامل هو مع لسان زوجته بطريقة جيدة تليق بها.. وبقصدٍ خرج ياسين من الغرفة بعد أن ابتسمت والدته بذات الغرور ليتركها مع والده.. فالان حان وقت التحقيقات الزوجية بين آسر ورين..

*******************
إزدردت قمر ريقها حالما وصلتها رسالة من حمزة على هاتفها.. من اين بحق الله اخذ رقم هاتفها؟ الم يقل أنه سيتركهم وشأنهم؟ قرأت الرسالة وقلبها يخفق بطريقة غريبة.. في الواقع هي تخاف اي شيء يمت له بأي صلة..
“قمر.. اريد ان اراك.. تعالي الى مقر عملي”

لن تذهب.. لن تفعل.. لماذا يطلب أن يراها بينما لا شيء بينهما؟.. اذا عرف أحد عن استجابتها لطلبه خاصةً بعد أن رفضت عرضه للزواج بها ربما سيفعلون الويل بها.. عضت شفتيها بخوف وهي تفكر بما سيفعله اذا تجاهلت رسالته.. ولكنها بكل الأحوال لن تذهب إليه أبدًا.. لن ترتكب هذا الجنون.. اساسًا حمزة كله خطر..

حذفت قمر الرسالة وحظرت رقم هاتفه ثم بتوتر تطلعت إلى ريس وقدر المنشغلان بإختيار فستان الخطوبة.. وقبل أن تغلق قمر هاتفها عقدت حاجبيها حينما وصلتها رسالة أخرى.. ولكن من احد لم تتوقع أن يرسل لها رسالة في يوم من الايام.. من خطيب قدر السابق.. سامر!

يا الله هل هذا يوم الصدمات لها ام ماذا؟ بتوتر اكبر قرأت قمر رسالة سامر..
“ارسلي لي رقم هاتف شقيقك.. انا خطيب قدر السابق”
لماذا يطلبه منها بحق الخالق ومن اين هذا اللعين حصل على رقم هاتفها؟ هل رقم هاتفها معروض بمكان ما ام ماذا؟

تجاهلت قمر الرد على اي من الرسائل وبوهن الخوف والقلق الذي تفشى في خلاياها أغلقت هاتفها نهائيًا.. لا تدري اي رسالة ستصلها بعد ومن اي مخلوق؟
رأت قمر ريس وقدر يتجادلان على فستان نال على اعجاب قدر ولكنه على ما يبدو لم يعجب شقيقها.. ابتسمت قمر تحاول أن تتناسى ما الذي يجري معها من أحداث غريبة وقالت:
– قدر.. الفستان جميل.. اذهبي وجرّبيه قبل أن تتجادلي مع ريس.

برفض عنيف هتف ريس:
– أقسم بالله أمزقه حالًا.. لن تضعه على جسدها ولو كانت تود فقط تجربته.

تبرطمت قدر بحنق وهتفت:
– لا تبالغ يا ريس.. الفستان جميل.. دعني على الأقل اقوم بتجربته.

– لا.. هذا ردي النهائي.. لا ينقصني الا ان تخلعي كل ثيابك في حفل خطوبتنا.
علق ريس بعصبية فضحكت قمر على تعابير وجه قدر.. في الواقع ريس محق بإعتراضه بهذا العنفوان فالفستان الذي تصر قدر على تجربته مفتوحًا وعاريًا اكثر مما يجب.. ظهره مفتوح ودون أكمام بالإضافة إلى فتحة ساق واسعة جدًا.. لن يصلح إلا له لوحده.. ولكن بالتأكيد ليس لترتديه في حفل خطوبة..

أدارت قدر وجهها بضيق بسبب رد ريس بهذا العنفوان.. فعلّق ريس بتهكم:
– هل هناك واحدة متحجبة تود شراء قطعة كهذه؟ اخبريني يا قمر اذا رأيتِ واحدة مثل هذه الفتاة المصون.

– والله لم ارى غيرها.. ولكن اللوم عليك انت.. كان يجب أن تجعلها ترى العين الحمراء منذ البداية حتى لا تفكر بارتداء هذه الاشياء.. لو انك تعلمت من جدي ريس كيف تجعل زوجتك تخشى أن تخالف اوامرك لما كانت قدر ستفكر حتى بالنظر إلى هذا الفستان!
غمغمت قمر بشقاوة فحدجتها قدر بسخط وقالت:
– والله انا لم أجبر شقيقك أن يأتي ويتزوجني.. انا تم ارغامي على هذا الزواج!

اطلق ريس قهقهة ساخرة:
– من هذه التي تم ارغامها على هذا الزواج؟ كرري لأنني لم اسمع جيدًا.

تطلعت قدر بخجل حولها ثم زجرتهما بسخط:
– كفا انتما الاثنان عما تفعلانه لي والا سأختفي قبل الزفاف وأسبب لكما فضيحة لا تُنسى.

دون أي خجل دنى ريس منها ومال بوجهه نحوها وغمغم بينما يتأملها بنظرات عابثة وقحة جعلت حمرة الخجل تتفشى في سائر أنحاء وجهها:
– من هذه التي ستهرب يا روح والدك؟ اخبريني الان لأستخدم طرقي الخاصة كي امنعك.

تعمد ريس أن ينظر إلى شفتيها بينما يتحدث فوضعت قدر إبهامها بين شفتيها تقضمه بإرتباك ممتع لكلا من ريس وقمر ثم همست بخجل وهي تتذكر جنون قبلاته في منزل خالها أوس.. الوقح! قليل الأدب!
– انت وقح.. انا لا اريدك!

ضحكت قمر وعلّقت باستمتاع:
– لم يعد هناك الكثير من الوقت حتى يغلق المتجر.. قم باختيار لها الفستان ثم عاقبها يا ريس ودعها تعرف كيف تكون حقًا وقاحة عائلة الجايد.

غمز ريس لقمر:
– حاضر يا قمري.. سأفعل ولكن بعد عقد القرآن كي لا يتم قتلي قبل أن افرح.

*****************
ابتسمت مها حينما اتصل بها هيرمان واخبرها أنه تحدث مع والدها للقيام بحفلين زفاف وليس واحدًا فقط.. واحدًا سيقام في المانيا والآخر هنا في فلسطين.. بالطبع هي سعيدة بذلك ولكن الن يكن كل ذلك كثيرًا على هيرمان؟ هنا ستحتفل مع عائلتها وأصدقاء عائلتها وهناك في المانيا ايضا لهم اصدقاء وعائلة هيرمان.. ولكن ذلك كثير..

غدًا حفل خطوبتهما سيكون.. لن يكون كبيرًا بل سيكون مثل حفل خطوبة ريس وقدر الذي سيكون قريبًا مثلما تعرف.. العائلة فقط.. وحفل زفافهما سيكون بعد شهرين..
تنهدت مها بارتياح فحمدًا لله الأمور تسير كما تتمنى.. عمها لم يعد يعترض أو يحاول تحريض والدها ضدها وكأنه رضخ بوضعه تحت امر الواقع..
انتبهت مها لدموع شقيقتها التي انهمرت على وجنتيها بطريقة افزعتها فوثبت سريعًا عن سريرها وتساءلت بقلق:
– ماذا هناك ليليان؟ لماذا تبكين؟

– رواد!
ردت ليليان ببكاء فعقدت مها حاجبيها وتساءلت بتوجس:
– ما خطبه رواد؟

– يود أن يسافر الى خارج البلاد ليدرس بعد زفاف عمر ولونا.. سيتركني ويسافر بعد أن أصبحت احبه.
غمغمت ليليان وهي تشهق كطفلة صغيرة فنظرت إليها مها بصدمة.. رواد وليليان يحبان بعضهما البعض!
وقبل أن تسأل عن أي شيء كانت ليليان تسترسل:
– لقد أخبرني أنه سيدرس هنا ولذلك سجلت بهذه الجامعة ولم أصر على والدي أن اسافر للدراسة في المانيا.

بهدوء تساءلت مها:
– الى اين سيسافر وماذا يود أن يتعلم؟

– هندسة سيارات في المانيا.. هل هذا منطقي أن أعود انا من المانيا ويمنعني من السفر للدراسة هناك ومن ثم يقرر هو السفر للدراسة في المانيا؟
هتفت ليليان بقهر فتنهدت مها:
– منذ متى يا ليليان وانتما تتواعدان؟

– منذ فترة طويلة بعض الشيء.. الان اخبريني ماذا أفعل مع هذا الحقير.
تمتمت ليليان بضيق شديد فقالت مها بجدية:
– دعيه يسافر إذ كان هذا حلمه ويرغب بتحقيقه.

– وماذا عني؟
غمغمت ليليان بحنق بينما دموعها تُبلل وجنتيها فأحاطت مها ظهرها بذراعيها برفق لتقرّبها الى صدرها وغمغمت:
– ليليان حبيبتي.. انت تقريبًا لا زلت مراهقة.. رواد شاب وسيم لا ينقصه اي شيء.. ولكن إذا كان يريد أن يتعلم في الخارج لا تمنعيه.. وتحدثي معه واخبريه انك تريدين أيضًا أن تدرسي في الخارج.. ووفقًا لرده قرري اذا تستمرين بعلاقتك به ام لا.

– انا لا اريده.. سأجد شابًا اخر يحبني ولا يتركني.. رواد لو كان فعلًا يحبني لم يكن سيسافر ويتركني لوحدي والادهى يرفض سفري للدراسة في المانيا.. ربما يريد أن يستمتع مع بنات المانيا دون أن اعيقه.
هتفت ليليان بعصبية قبل أن تمسح خديها وتتابع:
– انا سأتركه.. هذا قراري.. وليذهب ويواعد الف فتاة من المانيا لا يهمني.. ربما كان فقط يستمتع معي لا شيء آخر.. حقير كالكثير غيره من الرجال.

– ليليان لا تكوني عنيفة وقاسية هكذا برد فعلك.
قالت مها بجدية فإبتعدت ليليان عنها وهمست بنبرة مثيرة للاستفزاز:
– هذه هي انا.. سأنفصل عنه.

******************
ومضت عينا حمزة بنظرات مبهمة بينما يرى قمر تسير وبجانبها فتاتين وشاب وسيم بعض الشيء..
كانت في طريقها إلى موقف السيارات التابع لجامعتها وهو بالضبط ركن سيارته في موقف السيارات حتى يراها حينما تخرج..
لقد كان مغتاظًا حقًا طيلة الأيام السابقة وهو يرسل لها الرسائل وهي تتجاهله وتحظره من كل مواقع التواصل الاجتماعية إلى أن قرر أخيرًا أن يذهب ويراها بنفسه وفي جامعتها.
ترجل حمزة من سيارته ثم بصوت عال هتف:
– مرحبا قمر.

أغمضت قمر عينيها بيأس وتوجس قبل أن تستدير نحو مصدر الصوت وترى حمزة متكئًا على باب سيارته باهظة الثمن.. لا يا الله.. ليس هنا على الأقل..
إزدردت قمر ريقها بينما تسمع رفيقتها تسألها:
– من هذا يا قمر؟

بصوتٍ جاهدت قمر على إخراجه ثابثًا ماكنًا ردت:
– هذا قريبي.. غادروا انتم.

اخذت قمر نفسًا عميقًا ثم سارت نحو حمزة الذي أخذ يتأملها من رأسها حتى أخمص قدميها بنظرات عجزت عن فهمها.. هل هو معجب بها ام ماذا؟ الا يحب جهاد كما يقول فلماذا يلاحقها هي اذًا؟ ما الذي يريده منها حتى يفكر بالقدوم الى جامعتها؟
وقفت أمامه بينما عيناها تحكي عن رغبتها بطرده بعيدًا من حياتها.. كيف تدعه تفهم انها لا تود ان تراه اطلاقًا..
ابتسم حمزة وقال:
– كيف حالك يا قمر؟

– لا أعتقد أن سبب حضورك الى جامعتي فقط لتسألني عن حالي.. ماذا تريد مني؟
ردت قمر بجمود فرفع حمزة حاجبه وهتف:
– لماذا لا تردين على رسائلي؟ الم اطلب منك أن نتقابل؟

– ليس هناك أي سبب يجعلك تريد أن تقابلني.. لا يوجد اي رابط بيننا.. ولو سمحت من الأفضل أن تبقى بعيد عني فلا اريد اي مشاكل.
هتفت قمر بجدية تامة قبل أن ترتد سريعًا إلى الوراء بسبب اقتراب حمزة المفاجئ منها..
– تعلمي يا قمر أن تسمعي كلمتي دائمًا.. انا لست طفلًا صغيرًا يود اللهو معك.. انا اذا كنت اطلب أن اقابلك فلا بد أن هناك سبب لذلك.. ومن الأفضل أن لا تدعيني اقوم بتغيير أفكاري عنك فأنا كما رأيتك المرة السابقة قطة ولكن ناعمة الي ابعد حد.. الستِ كذلك يا قمر؟

تطلعت إليه قمر بعينين خائفتين متوترتين وغمغمت:
– ما الذي تريده مني يا حمزة؟

ابتسم حمزة بغموض قبل أن يقول:
– اريد ان التقي بجهاد.. ساعديني على فعل ذلك.

– مستحيل.
ردت قمر برفض قاطع فهتف حمزة بهدوء:
– لا يوجد شيء في قاموسي اسمه مستحيل يا قمر.. اريد أن اخبرها فقط بعض الاشياء.

– أخبرني وانا سأوصل إليها كل شيء تريده.
قالت قمر بجدية فإبتسم حمزة ومال بوجهه قائلًا نحوها، قائلًا بعبث:
– لا زلتِ صغيرة يا قمر على هذه الأمور.. عندما تكبرين قليلًا سأعلمك بنفسي مواضيع الكبار!

احمرّ وجهها بينما تؤنبه بضيق:
– لو سمحت احترم نفسك لأحترمك.. انا لا اريدك ان تتسبب بحدوث المشاكل بين سند وجهاد.

– لن افعل.. انا حاليًا اعمل على تخطي مرحلة جهاد في حياتي.. الان هناك فتاة أخرى عقلي مشغول بها.
رد حمزة بنبرة جعلت قلب قمر ينقبض.. لا تريده أن يقصدها بكلامه.. هي تخاف الاقتراب منه.. لا تريد التورط مع انسان مثله.. حمزة ليس بشخص هين وليس سهلًا ابدًا التعامل معه.. الاقتراب منه خطر كبير عليها من كل النواحي.. يجب بأي طريقة سريعة أن تفر من لعنته الماكرة.. يجب ان تفعل ولا بد أن تنجو بجناحيها منه..

error: