رواية غزلًا يوقده الرجال

الفصل الرابع عشر..
تبسّم لي
تلك الابتسامة النادرة
التي توقد جمر فؤادي
وتفيض من شعاع أشعاري..
تبسّم لي
واترك الحان جسدي تُرنَّم
بعشق نابع من أغوار
روحي وجمّ احساسي..
تبسّم لي
لأحسُّ انني فوق الغيوم
وأرفرف بجناحي كالطيور
بجناحين يتحركان بأمر
من القلب المفتون..
تبسّم لي
دون قيود ودون حدود
ودعني أعشقك واعشقك
وأخرّ خاضعة لسحر بسمتك..
——————–
بعد كلمات عمر لحمزة خافت قدر حقًا.. واقتراب ريس المخيف منها لم يسعف قلبها المرعوب ابدًا.. وبتوتر كانت قدر تقف امام حمزة لتهرب من وجه ريس الشرس وهي تقول بسذاجة:
– حمزة صديق سند يا عمر! فلماذا تكلمه بهذه الطريقة؟

ابتسم حمزة ببرود مستفز بينما ينظر الى الرجلين الغاضبين وان اختلفت اسبابهما! فبذكاء وخبث ادرك ان الرجل الاخر (ريس) الذي يرمق قدر بنظرات مشتعلة غاضبة غار عليها لانها واقفة معه!

– ريس خذ قدر من هنا الآن حتى اشتم واضرب براحتي!
زمجر عمر بعصبية فضحك حمزة وهو يشوّح بيده لقدر التي شحب وجهها في حين قبض ريس على يدها ناويًا أخذها ليس فقط من المشفى بل من المدينة كلها!

– ريس أتركني!
تمتمت قدر وهي تحاول أن تحرر معصمها من قبضة ريس القوية ولكنه أبى أن يفعل فلا زال يؤلمه ما حدث البارحة بعد مغادرتهم منزل جده أوس وذهابهم الى منزل جده ريس..
لقد تم اهانته البارحة حتى انه قضى الليل نائمٌ في منزل عمه ليث بعد ان سحبه عمر قسرًا الى منزله ثم الى منزل عمته رين..

بعد مغادرتهم منزل جده البارحة تشاجر والده مع والدته التي أخذت تلومه على صغر عقله وقد نسيت تمامًا بغمرة تعلّقها بعائلتها انها تلوم زوجها الذي تحسدها عليه النساء كلها.. وقد كان غيث غاضبًا يرى العالم كله عدوه وغضبه من ابنه كلما كان يتفاقم اكثر فما ان وصلوا الى منزل جده ريس آتى دوره ليتشاجر مع والده.. وتعالت الأصوات لتصل الى ريس ولين، وليث وسيلا لينزلوا جميعهم الى الأسفل فيأمرهم ريس الجد بخشونة ان يدخلوا الى الداخل بدلًا من التسبب لهم بفضيحة هنا..

وفي نهاية الامر انتهى الشجار بلوم غيث لأبنه انه السبب بكل ما يحدث بجنونه وعدم رزانته.. وبالفعل كان ريس السبب الرئيسي في ما يحدث.. وكاد ليث ان يدافع عن ريس الا ان والده ريس طلب منه ان لا يتدخل واستجاب ليث لطلب والده واكتفى بمراقبة رد فعل كلا من غيث وابنه ريس الذي أصرّ وقال انه سيتزوج قدر ورغمًا عن أنف الجميع.. فطرده غيث بعصبية شديدة ليأخذه عمر برفقته ويغادرا الى منزل آسر الذي رحّب بهما وهو يرمق ريس بنظرات لوم اقرب الى الاستمتاع فريس باصراره على الزواج من قدر يذّكره بما فعله ليتزوج من حبيبة قلبه رين! وان كان هناك اختلافًا بين الشخصيات..

قضى ريس ساعات طويلة في منزل خاله آسر الذي أخذ يسخر منه وهو يعطيه بعض النصائح التي اثارت تعجب ابنه ياسين وعمر وريس المغتاظ! فآسر اخبرهم انه قام باختطاف رين ليجبرها ويهدّدها على الزواج به وكأنه يوغل هذه الفكرة بعقل ريس..

كان آسر مستمتعًا بنظرات الشباب الصدومة بما فعله في شبابه حتى ان ابنه ياسين ثار عليه وهو يهتف “كيف تتجرأ وتخطف والدتي؟”
بينما علّق عمر بتجهم “وكيف سمح لك والدي واين كان؟”
اما ريس فقد سأله بابتسامة ماكرة “وكيف وافقت على الزواج بك؟ وهل كانت حينها عمتي رين تحبك؟”

لم يغفل اي من منهم على الوميض العاشق الذي برق بعيني آسر وهو يخبرهم ان زوجته رين لم تكن الا مغرورة تأبى الاعتراف بعشقها لها ولكنه تمكن من اخضاع قلبها وترويض غرورها وجعلها تعشقه بجنون كما يعشقها وأكثر ولكن بأساليبه الخاصة..
وقصد آسر ان يوجه نظراته الى ريس وهو يقول “فقط كل ما تحتاجه الأنثى حبّ واضح حتى تلين لا كبرياء عظيم وغرور لا يُطاق”
وتابع بنبرة صريحة
“وانتَ ادرى بمشاعر قدر يا ريس ولكن ان لم تعترف بنبرة صريحة وتقرّ لها بعشقك فلا تتوقع ان تستسلم قدر لك كما استسلمت لي حبيبة روحي وقلبي”
ثم أضاف بمشاكسة وعبث
“كن مجنونًا وتصرف بتهور فهذا جيلك ولكن بحدود يا ابن الجايد كي لا تدمر نفسك وتخرج فارغ اليدين.. واياكَ ان تخجل او تتردد باظهار مشاعرك وخاصةً للفتاة التي تريدها لك”
وابتسم آسر وهو ينظر الى ابنه العابس وعمر المتجهم
“ولا بأس ان تستغل وجود خطيبتك المؤقتة حتى تثير غيرتها ولكن خذ حذرك فهي أيضًا مخطوبة وقد تحترق دون ان تدري اذا تصرفتَ بتهور اكثر مما يجب”
وتنهد آسر وهو يسلّط انظاره على ابنه ياسين
“وعسى ان ارى من سيرث اصرار وعزيمة آسر الهيب في نيل ما يريده”
ثم تطلع الى عمر وابتسم
“او على الاقل شراسة ليث الجايد في دفاعه عن من يحب دون ان يأبه بأي مخلوق”

وقد أدرى آسر بدهاء عابث ان ابن شقيق زوجته سينفذ الجنون الذي قاله والفكرة التي زرعها في رأسه وبالفعل ترسخت الفكرة بعقله فها هو ريس قد حكم به جنونه وجنون زوج عمته ليعزم على تنفيذ نفس الفكرة التي قام به آسر الهيب.. فكرة مجنونة ولكنها ستفيده كثيرًا..

رمق قدر خلسةً بنظرات تشع تحدي واصرار وهو يسترسل بقيادته بينما هي ترجوه ان يعيدها الى المستشفى.. ولكنه آبى فمن المستحيل ان يعيدها قبل ان يحقق مراده.. واراد ان يتصرف بلؤم.. ان يدعها تشعر بالغيرة التي تفتك بروحه فهو ليس غبيًا كي يصدّق انها لا تحبه! وربما تناسى ريس ان قدر عانت كثيرًا من هذه الغيرة وتعذبت بسببها وتجرّعت علقمها..

احمرّ وجه قدر وانقبض فؤادها حينما جذب ريس حقيبتها من حضنها ليضعها تحت كرسيه بينما يخرج هاتفه ويتصل برغد! التي ربما تكون هذه ثالث مرة يتصل بها فقط! ولم يتأخر رد رغد الملهوف فابتسم ريس وهو ينظر الى قدر:
– كيف حالك رغد؟

– بخير.. لماذا لا تتصل بي يا ريس؟ هل تعرف كم انا مشتاقة اليك؟
قالت رغد بحنق ليهمس ريس بنبرة اضرمت نارها في قلب قدر:
– وانا مشتاق اليك.. سألتقي بكِ قريبًا لأخبرك شيئًا هامًا.

لم تصدق رغد فرحتها فصاحت بلهفة وصلت الى مسامع قدر:
– حبيبي يا ريس! سأنتظرك بشوق وشغف.

“ليتك تنتظرينه على نار تحرق جسدك انتِ وهو”
تمتمت قدر بهذه الكلمات بعقلها وهي تكاد تهجم على ريس بسبب ما يفعله بها فهي ايضًا ليست حمقاء كي لا تفهم قصده من هذه المكالمة..

انتظرته قدر ان ينهي المكالمة اللعينة هذه ثم هتفت باحتدام:
– الى اين تأخذني؟ اعدني حالًا يا ريس والا…

– والا ماذا؟ ستخبرين جدي أم أبي أم والدك وسند؟
علّق ريس باستهزاء فعضت قدر شفتها السفلى بغيظ ثم هدرت:
– لا.. سأتصل بالشرطة وأتهمك بمحاولة اختطافي!

انفجر ريس ضاحكًا بعدم تصديق لترشقه بنظرات مستهجنة:
– لستِ بقليلة يا قدر! الشرطة مرة واحدة!

– اجل.
تمتمت بامتعاض فابتسم ريس ونظر لها بنظرة عجزت عن فهمها بينما يسترسل هو بقيادته دون ان ينبس بحرف..

تفشى التوتر في اوبئة جسدها ليستوطن كيانها فهي برفقة هذا الرجل المتهور والتي لا تعرف الى اين سيأخذها وهو بهذا البرود والاستمتاع.. تنهدت قدر وهي تنظر الى الطريق بضيق شديد على الرغم من ثقتها العارمة ان ريس لن يؤذيها البتة.. فهذه ليست اول مرة تخرج برفقته ولكن ما يؤرقها ان يعرف سامر بأمر خروجها مع ريس..

توقفت السيارة اخيرًا بعد ان نامت دون ان تدري بجانب بناية تطلّ على البحر.. لا يفصل بينها وبين شاطئ البحر الا شارع لمرور السيارات.. لم يوقظ ريس قدر بل تركها نائمة واستدار الى الجهة الاخرى من السيارة ليحملها ويصعد بها الى الطابق الخامس الذي يقبع به بيته الصغير والذي اشتراه حديثًا فقط..

مدّد ريس قدر على الأريكة السوداء القائمة في الصالة ثم توجه ليغلق الباب وجذب المفتاح ليضعه بجيبه.. وبعد ذلك دخل الى الغرفة الوحيدة الموجودة في هذه الشقة ليحضر دثار يغطيها به.. فهو لا يريدها اطلاقًا ان تستيقظ الان بما ان عليه بعض الأمور التي يستوجب عليه حلّها..

دثر قدر جيدًا ووضع وسادة صغيرة تحت رأسها ثم أخرج هاتفه وبعث برسالة الى هاتف عمر يطالبه بها ان لا يخبر أي شخص بوجود قدر معه..

***************
اغتاظ عمر بشدة وحمزة يرمقه بهذه النظرات الباردة المستفزة فهدر بصوت غاضب، غير مكترث لكونهما في المستشفى:
– تفضل وغادر بهدوء كي لا ادعك تغادر رغمًا عنك وبطريقة مهينة جدًا.

ابتسم حمزة بخبث:
– ألن تدعني على الأقل اطمئن على ممرضة أمي السابقة؟ انت لا تعرف كم أختك غالية على قلوبنا.

– إخرس!
زمجر عمر وهو يمسكه من ياقة قميصه فحرّك حمزة رأسه ليصدر صوت فرقعة عظام رقبته ثم ابتسم وقال:
– يسرّني ان أسبّب لك مشكلة اخرى في عملك.

دفعه عمر بعصبية وهتف بنبرة محتدمة:
– اخرج من هنا يا حمزة.. فلا احد متفرغ لك الآن ولا تدعني أنشغل بك بينما انا لا اطيق نفسي وصدّقني اذا وضعتك برأسي ستخسر أشد خسارة.

– اوه!
أطلق حمزة صفيرًا ساخرًا:
– ارتعدت اوصالي خوفًا منك يا عمر او…
غمز له مشاكسًا وتابع:
– يا عموري!

تجهم وجه عمر فربت حمزة بنعومة على يديه ليدفعه عمر بعيدًا عنه ويقول:
– حقير.. لعين.. غادر قبل أن ابتلي بك حقًا.. وابتعد عن قدر واياك ان تلهو بذيلك مع بنات عائلتي.

قهقه حمزة ثم قال قبل ان يغادر:
– سأخذ نصيحتك بعين الاعتبار ولكن اوصل سلامي لجوجو وسند.. وداعًا عموري.

***************
لا يصدّق كيف نسي ان يتصل بها بغمرة المشاكل والمصائب التي توالت على رأس العائلة.. الآن فقط تذكرها.. بعد ان رآها جالسة قبالة باب مكتبه..
تنحنح ياسين بحنق من نفسه فرفعت نرمين عينيها لتطالعه ثم انتصبت واقفة وقالت:
– أعتقد انك سحبت عرضك ولم تعد ترغب ان نعمل معًا ولهذا السبب لا ترد على اتصالاتي.. اليس كذلك؟

– ليس صحيحًا.
هتف ياسين بجدية وهو يقترب ليقف امامها فيقابله رأسها الشامخ..
– في الواقع حدثت بعض الامور التي منعتني من الاتصال بك.. بامكانك القول مشاكل عائلية.

هزت نرمين رأسها بتفهم ثم تساءلت:
– هل هذا يعني ان الاتفاق بيننا لا زال مستمرًا؟

– بالتأكيد يا نرمين.. انا لستُ رجلًا ينكث بوعوده.
قال ياسين بنبرة حادة جعلتها ترفع حاجبيها بغيظ وتتمتم:
– حسنً.. لماذا تصرّخ؟

– لم أصرخ.
رد ياسين بذهول فعبست نرمين وغمغمت:
– تحدثت معي بنبرة حادة.

– لم أقصد.
برّر ياسين بغيظ شديد فقالت:
– حسنًا.. متى سنبدأ العمل؟

– سأحاول ان نبدأ الأسبوع القادم.
أجاب بهدوء ثم تابع:
– انا مضطر ان اغادر بعد قليل لأصطحب قريبتي حتى نزور بنت خالي التي في المشفى.

– هل لأن بنت خالك في المستشفى لم ترد علي؟
سألته نرمين بهدوء فهز ياسين رأسه:
– اجل.

– شفاها الله وعفاها.
– امين.. تعالي لأوصلك بطريقي.
قال ياسين بلطف فردت نرمين بجمود:
– استطيع ان اتدبر أمري لوحدي.

– كما تريدين.
همس بضيق لتستدير وتغادر بعد ان القت تحية السلام ببرود تام..

بعد ساعة..
ركن ياسين سيارته بجانب منزل أمير وحياة التي طلبت منه ان يصطحب مها بطريقه الى المستشفى.. ثم اتصل بها لتخبر مها ان تنزل فهو ينتظرها في الأسفل وعلى عجلة من امره.. وبالفعل لم تتأخر مها فسرعان ما كانت تنزل بملامح متجهمة غاضبة..
ابتسم ياسين بسخرية بعد ان دخلت الى السيارة دون ان تنبس ببنت شفة..

– على الأقل قولي مرحبا.
هتف ياسين باستهزاء فحدجته مها بنظرة كارهة وقالت:
– لا ارغب.. اساسًا لا ارغب بالقدوم معك ولكنني مجبرة بسبب والدتي.

– وكأنني ميّتُ عليكِ!
تشدق ياسين ثم قال بصرامة:
– ضعي حزام الامن .

فعلت ما قاله وهي تكاد تجن حرفيًا.. لا تعرف لماذا أمها تأبى ان تفهم انها مستحيل ان تحب احدًا غير هيرمان.. لا زالت حياة تحلم بارتباط يجمعها هي وياسين ببعضهما وقد قالت لها بصراحة بعد ان رفضت العريس الذي تقدم لطلب يدها انها لا تهتم له فهي تتمنى ان تكون لياسين.. ولكن ذلك مستحيل فهي اذا لم تتزوج هيرمان لن تتزوج رجلًا آخرًا..

يا الله لا تزال تذكر رد فعل هيرمان بعد ان عرف.. كيف ثار وانفعل ولكنها طمئنته انهم لن يجبروها على الزواج.. وبالفعل رفضت طلب الشاب باحترام لتعود والدتها الى حكايتها القديمة وتخبرها انهم لن يوافقوا ابدًا على هيرمان فمن الافضل ان تزيله من رأسها وتفكر بأحد غيره والذي بالتأكيد هو ياسين!

تأففت بصوت واضح ليسألها ياسين بتهكم:
– ما خطبها الأميرة الألمانية تتأفف؟

– لا يخصك فلا تتدخل.
هدرت بعصبية فقال ياسين بحدة:
– اعرفي كيف تتحدثين معي.. سيكون من الأفضل لك.

تجاهلته مها ولم ترد.. فالمصائب العالقة بين تلابيبها تكفيها.. وليست لها القدرة ابدًا لتفكر بياسين وسماجته..

***************
بعد ساعتين تقريبًا أحسّت قدر بيد تتحسس وجنتها بنعومة ففتحت عينيها بفزع ليقابلها وجه ريس العابث.. شهقت بسرعة وهي تعتدل بجلستها بينما تهتف بتوتر:
– اين انا يا ريس؟ الى اين احضرتني؟

– في شقتي انتِ يا قدر.. خارج المدينة.
رد ريس بهدوء اقرب للبرود فانتفضت قدر محاولة ان تنهض الا انه اعادها رغمًا عنها الى مكانها لتصرخ بخوف:
– ابتعد.. سأغادر.. اتركني يا متهور.. يا اناني!

– شش..
همس ريس بخفوت فغمغمت قدر برجاء:
– ريس أعدني أرجوك.. ابي اذا عرف سيفقد عقله والعائلة ليست بوضع جيد لتهتم بي وبك وبمشكلتنا.. وسامر…

– اصمتي!
قاطعها ريس بنبرة حادة وهو يتذكر قبلة سامر لخدّها الذي لا يجب ان تطئه شفتا رجل غيره.. ثم جهر بعنفوان:
– كيف تسمحين له ان يقبّل خدّك؟ هل انت مجنونة؟!

– هذا لا يخصك.. سامر خطيبي.
ردت قدر بانفعال فأمسك ريس مرفقها وهزّها بينما يقول:
– لن يبقى سامر خطيبك يا قدر.. ستنفصلين عنه والآن!

عقدت قدر حاجبيها باستنكار وهتفت:
– ولماذا سأنفصل عنه؟ وبأي حق تتحدث معي بهذه الطريقة؟ بل بأي حق تحضرني الى هنا يا ريس؟

قال ريس بجمود:
– بحق انك ستكونين زوجتي انا فقط.. وبحق ان قلبك ملكي!

– يا واثق!
تمتمت قدر بتهكم تواري به ارتعاد اوتار فؤادها فابتسم ريس بثقة مفرطة وهو يرفع يده ليضعها على قلبها حيث مكان خفقاتها الهادرة بجنون فارتعبت قدر من هذا القرب الذي يُبعثر كيانها ويفاقم من صخب دقاتها العاشقة لهذا الكائن البارد والواثق الذي يتأملها بنظرات عميقة!

وبوجنتين مخضبتين وقدمين كعيدان المعكرونة المسلوقة تهددانها بالسقوط رجعت قدر خطوتين الى الوراء لتهرب من أسره الا انه لفّ ذراعه بسرعة حول ظهرها وبحركة عنيفة قرّبها منه ليرتطم صدرها بصدره.. وفي اللحظة التي قررت قدر ان ترفع بها رأسها لتبعده عنها كان ريس يقبلها!

لم يعطيها ريس المجال لتستوعب ما يحدث وهو يقبّلها بهذا الاصرار والشغف حتى ان قدميها لم تعد تلامس الأرض.. أحست الدنيا كلها تدور وتدور بينما ريس يكبل ذراعيها على صدره فلا تقدر حتى على مقاومته!.. ولكن كل هذا الجنون لم يدوم طويلًا فقدر بدأت تستوعب رويدًا رويدًا كونها بين ذراعيه يقبّلها وهي لا تحق له! لا تحق له ابدًا!

تخبطت بعصبية لتتحرر منه وتركها هو وبارادته التامة لترفع يدها وتهوي بها بصفعة عنيفة على خدّه بينما تصيح به ببكاء هستيري:
– كيف تتجرأ يا ريس؟ هل تراني رخيصة الى هذا الحدّ لتقبّلني هكذا؟ انت فقط تريد ان تهينني وتتخذ من حبي السابق حجّة لك لتهينني أكثر.. انا اكرهك وأكره عجرفتك!

أغمض ريس عينيه وصدره يعلو ويهبط بانفعال شديد.. لقد صفعته! وهو قبّلها! إحساسه في هذه اللحظة قد يحرقها فهو غاضب حد الجحيم ونادم حد اليأس لأنه قبّلها بهذه الطريقة وهي لا تحلّ له أيضًا! ورغم كل اضطراباته لم يتسطع سوى ان يهتف بلذاعة:
– وماذا عنه؟ كيف تسمحين له أن يقبلك دون ان تفكري بالرخص التي تتكلمين عنه؟ أحلال عليه يا قدر ان يقبّلك؟

فغرت شفتيها بصدمة ثم صاحت باهتياج:
– سامر لم يتجاوز حدوده معي ابدًا.. وبالنسبة لقبلة المستشفى فأنا من الاساس لم اكن واعية لما يحدث وفكري كله كان مع جهاد وسند.
وتابعت بعد ان صمتت لثوانٍ:
– ومن انت لتحقق معي؟ انت مجرد شخص مغرور لا يعرف ما تريده نفسه ويعتقد ان الدنيا تسير بمزاجه هو.. ولكن لا يا ريس! لا! لا! فزمن الذل والضعف انتهى.. وانا لم اعد تلك الفتاة الساذجة التي تحرّكها كما تشاء.

– اخبري سامر انك تريدين الانفصال عنه.
قال ريس بجمود فشدّت قدر شعرها بعصبيبة وزمجرت:
– لماذا انفصل عنه؟ اخبرني لماذا؟

– لأنني اريدك لي!
رد ريس ببرود وكم تمنى ان يرد بجواب اخر ولكنه لم يقدر البتة.. لا يستطيع ان يعبّر عن كل مكنونات مشاعره لهذه الانسانة..
أحسّ فجأة بصدره يرتد الى الوراء بعد ان دفعته قدر وهي تصرخ:
– وانا لا اريدك.. لا اريدك! ويجب ان تعرف انك اذا كنت تريدني فهذا لا يعني ان افعل كل ما تريده.. اعرف ماذا تقول وكف عن انانيتك وتملكك هذا فأنا لا اريدك ولا احبك!

توقفت قدر تلهث انفاسها بجنون.. الدموع التي تهرع للتجمهر في مقلتيها توشك ان تنهمر.. وهي لا تريد ان تبكي.. لا تريد ان تضعف أكثر.. قلبها يؤلمها بحق وروحها تئن وجعًا وحسرةً..
تحس انها بالغت بقساوة كلماتها.. بالغت كثيرًا ولكنها غاضبة مقهورة مقيدة.. والدها وسامر من جهة وهو من جهة اخرى.. وهي تحبه ولكن بالمقابل لا تستطيع ان تخذل والدها ولا ان تتلاعب بسامر بالاضافة الى كونه لم يعترف الى الآن بكلمات صريحة لها غير مبهمة انه يحبها..

خنقتها الحيرة فداهم هذا السؤال عقلها “لماذا مكتوب لها ان تعاني بالحب وكأن قلبها ملعون؟”
طمست آهة تود الانبثاق من أعماقها وهي تتطلع الى وجه ريس الخالي من التعابير.. هل صدمته بكلماتها؟ بالتأكيد صدمته فهو لم يتلقى سوى الحب وما يهوى طيلة حياته.. وربما هي الاولى التي ترفضه بهذه القسوة ولكنها أكثر أنثى تحبه..

لا تعرف لكم من الوقت دام الصمت الا انها وعت على ذاتها برنين هاتفه الذي تعالى فحاولت قدر الامكان ان لا تهتز او تنفعل وهي تسمعه يرد على عدوتها “رغد”..
كان باردًا كالثلج وهو يرد عليها بينما عيناه تتأملها بطريقة اثارت ريبتها.. حاولت جاهدة ان تركز بما يقوله ولكنها لم تقدر فنظراته المسلّطة عليها سلبت كل حواسها وتفكيرها..

وما ان انهى ريس مكالمته دنى منها وهمس بتهكم يخفي به غضبه وقهره:
– كنتِ قطة وأصبحتِ نمرة يا قدر!
ثم ابتسم واسترسل:
– ولكن لا بأس فالشرارة التي تشتعل بعينيك باتت تسعدني.
وقرّب وجهه أكثر منها بينما هي تقف صامتة صامدة أمام هذا التيار الجارف لمشاعرها:
– خاصةً وانتِ تحاولين ان تقاومي عشقك لي فلا تقدرين!

– انتَ تتوهم.. فكِّف عن هذا الغرور الذي تكاد تضعه تاجًا فوق رأسك.
هتفت قدر بقوة وتحدي ثم شعت عيناها بالغضب وهي تهدر:
– وايّاك يا ريس ان تقترب مني مرة أخرى فأنا لستُ رخيصة ولستُ من الفتيات الذي تعرفهن واللواتي لا يخفن الله.

– اين حجابك؟
سألها ريس باستهزاء واستفزاز لتقضم شفتها السفلى بغيظ شديد ثم ردت بعجرفة لا تناسبها البتة:
– وانت اين اخلاقك لتقبّلني وانا لا احلّ لك؟

ضحك ريس ملئ شدقيه وقال وهو يسير خارجًا:
– تغادرني حينما اكون معك ولذلك سأغادر واتركك لوحدك قليلًا ثم سأعود اليكِ لنتفاهم.

– ألن تعدني يا مجنون؟
تساءلت قدر بذعر واضح فأجاب ببرود وهو يستدير ليواجهها:
– بالتأكيد سأعيدك ولكن غدًا صباحًا.. بعد ان يعرف عمي ادهم بعدم رغبتك بالزواج من سامر.. وانتِ التي ستخبرينه!

– ماذا قلت؟!
صاحت قدر بصدمة وهي تركض تجاه الباب الا انه سبقها وهو يخرج من المنزل ويغلقه خلفه بينما هي تضرب بقبضتها الباب غير قادرة على استيعاب كمية جنون وتهور هذا الرجل!

***************
خرج عمر مسرعًا من المستشفى بعد ان اتصلت به لونا تبكي دون توقف وتخبره بكلمات غير مفهومة انها تحتاج لرؤيته بشكل فوري..
الأفكار السيئة تعصف براسه عصفًا.. قد تكون تعرضت للضرب او للسرقة او لحادث ما.. يفكر دون توقف وأعصابه تكاد تنفلت من شدة خوفه عليها..

كان يقود سيارته كالمجنون ليصل اليها.. الى الحديقة التي تبعد قليلًا عن مقر عمله حيث تنتظره كما اخبرته.. يتخيل الأسوأ والأسوأ.. كل ما يحتاج اليه ان يتأكد من كونها سليمة..
بعد ربع ساعة.. كان ينزل من سيارته بسرعة بعد ان ركنها بجانب الحديقة.. تطلع حوله ليلمحها جالسة على أرجوحة وتتأرجح بهدوء..

اقترب منها مسرعًا وهتف بأسمها لتنهض وتقف أمامه صامتة ببينما عمر يتفحصها بعينيه ليتأكد من كونها سليمة وبعد ان اطمئن سألها بلهفة:
– هل انتِ بخير؟ ما الذي حدث معك؟

انهمرت دموع لونا وهي تمسكه من مرفقه بينما تغمغم:
– لقد تقدم ا!ن الجيران وطلب يدي للزواج به واهلي موافقين.

– ماذا؟
صاح عمر بصدمة ثم تابع بجنون:
– هل سيجبرونك على الزواج به؟

– آجل.
ردت لونا ببكاء فهز عمر رأسه بعصبية وقال:
– مستحيل.. والله أكسر له عنقه!

– ماذا أفعل يا عمر؟ انا لا احبه ولا اريده.
غمغمت لونا وهي تضغط على ذراعه أكثر فهتف عمر بوعيد:
– اخبريني اسمه فقط لأدعه يسحب طلبه ويفكر مرة اخرى بالزواج بك.

– لا اريدك ان تتدخل.
همست لونا وهي تجفف دموعها فقال عمر بغيظ:
– اذًا لماذا تبكين لي؟
واستطرد بصرامة:
– هيا اخبريني أسمه يا لونا ولا تفقديني صوابي.

عقدت لونا ذراعيها بغضب وهي تسأله بصوت مبحوح:
– بصفتك من ستتدخل؟

– زوجك المستقبلي!
أجاب عمر دون تفكير فانفجرت لونا ضاحكة وهي تسأله بمرح صدمه:
– هل تحبني عموري وتريد الزواج بي؟!

– لماذا تضحكين؟
سألها عمر بغضب وذهول من تغيرها المفاجئ فأبعدت لونا يدها عنه وغمزت له بجرأة بينما تقول ضاحكة:
– في الواقع انا كذبت عليك لأنني رغبت ان اعرف كيف سيكون رد فعلك ولأعرف ما هي مشاعرك تجاهي!

– هل كل هذا كان كذبًا؟
هدر عمر بانفعال اخافها قليلًا فهزت رأسها بارتباك وهمست:
– ليس كله.. فحقًا طلب يدي ابن الجيران للزواج ولكنني رفضت.

رشقها عمر بنظرات غاضبة ساخطة وزمجر:
– هل تعرفين كم ارغب بضربك الآن؟ هل تجيدين نفسك منطقية حتى تدعيني اترك كل شيء وآتي لأتعامل مع جنونك؟! انتِ حقًا مجنونة متهورة رأسها يحتاج للكسر!

أحست باحراج شديد يأكل روحها فتجمهرت الدموع بعينيها وغمغمت باختناق:
– انا آسفة.. لم اتوقع ان تغضب الى هذا الحد.. فقط اردت لن اخرجك عن حزنك ولكنك غاضب.

– اخرسي لونا.. اخرسي!
صاح عمر بصوت أجفلها فانزلقت دموعها على خدّيها بندم وهمست بضيق:
– اخبرتك انني آسفة فلماذا تصرّخ؟

مرّر عمر يده على وجهه محاولًا ان يهدأ ثم قال بنبرة تشتعل حنقًا وغضبًا:
– لونا.. في هذه الحظة نفسي لا أطيقها فاغربي عن وجهي حالًا.

– انا غبية لأنني ظننت انك ستضحك لا ان تغضب وتصرخ كحيوانات الغابة!
تمتمت لونا ببكاء فرمقها عمر بنظرة غاضبة وزمجر:
– غادري قبل ان اتصرف حقًا كحيوانات الغابة وأمزق شعرك الأحمر هذا!

وضعت لونا يدها على شعرها تلقائيًا ثم هتفت بغضب قبل ان تغادر باكية:
– غبي وهمجي.. ولا تحلم ان تكون زوجي المستقبلي لانني لا اريد ان اراك بعد الآن.

***************
في المساء..
تحرك ادهم ذهابًا وايابًا وهو يكاد ان يفقد عقله فابنته لا ترد على اتصالاتهم.. ولا احد يعرف اين هي كما انهم لا يعرفون اين ريس الآن وهو يشك انها معه.. سامر وسند يبحثان عنها في الخارج بينما سيلين تبكي بخوف وقلق على طفلها..

دخل آسر برفقة زوجته الى منزل والده أوس الذي قال:
– من الجيد انك اتيت.. هل رأيت ريس اليوم؟

– لا.. لماذا؟
اجاب آسر بهدوء وهو يجلس بجانب رين فقال أوس:
– قدر مختفية وريس مختفي ايضًا.

– حقًا؟
تمتم آسر وهو يتحكم بابتسامته بصعوبة..
“يسمع النصائح جيدًا هذا الشاب”
فكّر آسر بمكر ثم ابتسم ببراءة الى رين التي نظرت اليه بشك وهمست بصوت منخفض:
– لماذا اشعر انك تخفي شيئًا ما؟

– الا تشعرين انك تشكّين بي كثيرًا يا أم ياسين؟
أنّبها آسر بضيق مصطنع فردت رين بذات الهمس:
– ودائمًا شكوكي تكون صحيحة.. ماذا اخبرت ابن اخي البارحة؟

نهض آسر فجأة وأوقف رين معه ليتطلعوا جميعهم اليهما فقال بهدوء:
– رين متعبة بسبب الحمل.. سأصعد بها الى احدى الغرف لترتاح.

صعد آسر الى غرفته القديمة وذراعه تحيط بظهر رين العابسة وما ان دخلا الغرفة وأوصد الباب هتفت
رين بحاجبين مرفوعين:
– هيّا اخبرني ماذا قلتَ لأبن شقيقي البارحة ليختفي اليوم هو وقدر؟

– لم اقل له شيئًا!
تمتم آسر ببراءة مزيفة وهو يقترب منها فوضعت رين يدها على خصرها بينما تتمعن النظر به..
– والله أشعر انك السبب وراء اختفاءه هو ورين.. انا أكثر من يعرفك يا آسر.

ضحك آسر باستمتاع ورد بغرور:
– صحيح انا السبب وراء اختفاءهما.

شهقت رين ثم سألته بحزم:
– ماذا قلت له يا حبيبي؟

– اخبرته هو وابنك ياسين وابن شقيقك الآخر عمر انني خطفتك لانك رفضتِ حبي لك والزواج بي.
اجاب آسر مبتسمًا بفخر أغاظها لتصيح رين بصدمة:
– يا الهي! يا لفضيحتي وانا بهذا العمر امامهم.. ماذا فعلت بصورتي امامهم يا آسر؟!

ضحك آسر بعبث:
– وما بك؟ انتِ لا زلتِ شابة صغيرة.. وايضًا حامل!
ثم ومضت عيناه بخبث محبب وهو يضيف:
– حامل بابني انا! لستِ اي امرأة شابة انتِ يا رين وانا لستُ رجلًا عاديًا.

– وقح.. عديم تربية!
زجرته رين ضاحكة ثم هزت رأسها تنفض تأثيره عليها وقالت بينما تسير تجاه باب الغرفة:
– انا سأنزل لأخبرهم بجنونك.. فالمسكينة سيلين ستنهار خوفًا على ابنتها بسببك.

منعها آسر وهو يمسكها بحركة سريعة بينما يهتف بذهول:
– هل تودين ان تفضحيني امامهم يا رين؟

– اجل.. الم ترى الوضع في الأسفل؟
غمغمت رين بجدية فقرّبها آسر منه وغمغم:
– رين لا تتدخلي بجنون ابن شقيقك.. ريس لن يؤذي قدر فهو يحبها.. دعينا نكتفي فقط بالمشاهدة ونرى ما الذي سيفعله هذا العاشق المتهور.

ابتسمت رين بتفكير فانحنى آسر يقبّل ارنبة انفها وهمس:
– لا تفكري يا روحي.. ودعيني انا ايضًا أدلّل زوجتي الحبيبة سيدة قلبي.

– حسنًا.. لن أفعل يا ثوري واخبرهم بجنون زوجي!
غمغمت رين بخنوع فقهقه ريس بتعجب:
– ثوري! منذ فترة طويلة لم تقوليها لي يا قلب وروح ثورك.. هيا دعينا نعود الى المنزل فثورك يحتاجك حقًا.

ضحكت رين بمرح ثم قالت بشقاوة:
– كف عن غزلك هذا والا ستضطر ان تحملني الى السيارة.

– تدللي يا احلى غزل كما تريدين.
غمغم آسر بنبرة عاشقة قبل ان يجرفها بقبلة تعبر عن حبه الجنون لها..

***************
ابتسم ريس باستمتاع وهو ينظر الى قدر التي تدور حولها نفسها بجنون.. أسند رأسه على ظهر الأريكة وهو يتأملها بعينين عابثتين مرحتين.. فقالت قدر بقلق وخوف بعد ان انتبهت الى نظراته:
– لقد تأخر الوقت يا ريس وأهلي سوف يقلقون.

– لقد اخبرتك اننا لن نعود اليوم يا قدر.
غمغم ريس بابتسامة باردة لتهدر بعصبية:
– ماذا تعني ان لا نعود؟
ثم صمتت تلتقط انفاسها واستأنفت برجاء:
– ارجوك اعدني يا ريس.. بالتأكيد يبحثون عني الآن وانا لا اريد ان اخيفهم علي.

حكّ ريس طرف أنفه بينما يتأملها بنظرات أربكتها ثم قال:
– بالفعل الوقت قد تأخر ولذلك سنقضي هذه الليلة هنا وغدًا سأعيدك.

اقتربت قدر منه بعصبية بينما تجهر بانفعال:
– ماذا تقول؟ هل تريدني ان انام هنا؟ معك يا مجنون!

ابتسم ريس بشقاوة وهو ينهض ثم غمغم بنعومة:
– انا سأنام هنا في الصالة وانتِ في الغرفة.

– لا بد انك قد فقدت عقلك.
تمتمت قدر بعدم استيعاب ثم صمتت قليلًا تحاول ان تهدأ لتقنعه ان يعودا:
– ريس أرجوك لنعود.. اختفاءنا سوف يسبب مشاكل كثيرة.

– انفصلي عن سامر وسأعيدك.
قال ريس ببرود باغتها فعقدت قدر ذراعيها امام صدرها وهتفت بحدة:
ولماذا انفصل عنه بحق الجحيم؟

– انتِ ستنفصلين عنه وانا سأنفصل عن رغد.
غمغم ريس بجدية فقالت قدر بغضب:
– اذا انفصلت عن سامر فهذا لا يعني انني سأكون لك.

– في النهاية ستكونين لي انا فقط.
تمتم ريس بثقة مفرطة فقضمت قدر شفتها السفلى بحنق شديد ليقهقه ريس:
– تبدين جميلة بمنظرك الشرس هذا!
وبعينين تشعان مكرًا اخرج ريس هاتف قدر من جيبه وسألها:
– اخبريني ما هو الرمز السري حتى اعيدك الان؟

– حائرة!
ردت بتجهم فضحك ريس باعجاب ثم دوّن الكلمة التي قالتها لتباغته قدر على حين غرة وتجذب الهاتف من يده ثم تفرّ هاربة الى الغرفة الوحيدة الموجودة في الشقة ليركض ريس وراءها وقبل ان تتمكن من اغلاق الباب كان ريس يمنعها وهو يدفع الباب بقوة..

تراجعت قدر الى الخلف بتوتر بينما ريس يتقدم منها.. وقبل ان تحاول الفرار مرة اخرى كان ريس يصرخ بصوت أفزع:
– قدر انتبهي وراءك!

وبلمحة خاطفة كان الهاتف بيد ريس وهو يقول بابتسامة نصر بينما يعبث بالهاتف:
– والآن لنتخلص من هذا الاحمق سامر.

قفزت قدر على قدميها محاولة الوصول الى الهاتف لتأخذه من يده فتحرك ريس يمينًا ويسارًا ليمنعها بينما ينطق بالكلمات التي يكتبها على الهاتف باستمتاع:
– اسمعي ماذا أكتب.. سامر.. اريد ان اعتذر منك فأنا لا استطيع ان استمر بعلاقتي معك.. انا احب ريس ولا استطيع ان اتزوج من رجل غيره.. واذا كنتَ قد عرفت باختفائي المفاجئ فاريدك ان تعرف انني الآن برفقة ريس.. ورجاءًا اخبر والدي برسالتي واتمنى منك ان تتفهم مشاعري ولا تغضب.. انا آسفة مرة اخرى وشكرًا على كل شيء.

فغرت قدر فاهها برعب حقيقي ثم قفزت بانفعال اكبر وهي تصرخ:
– لا ترسلها يا ريس.. والله سأنفصل عنه كما تشاء ولكن اعطني هاتفي ولا ترسلها.

– ارسلتها قدري.
غمغم ريس بابتسامة واسعة فضربته قدر بقبضتيها على صدره بينما تهتف بذعر:
– لعنك الله يا ريس.. لعنك الله.. سنموت معًا بعد ان نعود يا غبي.. يا مجنون.

ضحك ريس بفكاهة لا تتناسب مع حالة قدر اطلاقًا:
– لا تقلقي.. سأحميك انا ولن تموتي!

– انتَ مجنون.. كيف سنعود الآن؟
تمتمت قدر بانهيار ليبتسم ريس ويجلس على السرير بهدوء وكأنه لم يتسبب بكارثة عظيمة لهما وللعائلة:
– سنعود غدًا صباحًا.. الأهم انني تخلصت من هؤلاء الحشرات.. وذكّريني ان أتخلص من رغد غدًا ايضًا فهذه الحشرة تضايقني فعلًا.

—————–
يتبع..

 

error: