رواية غزلًا يوقده الرجال

الفصل الخامس وعشرون
انتظر طائرتي ان تقلع
لنعقد عقدنا الذي يجعلك
تنتمين اليّ وحدي..
انتظر أن أرى المعنى الحقيقي
للإتحاد والانسجام والانتماء..
ان اشعر بجسدك بين يداي..
بهمساتك في ليلي ونهاري..
انتظر أن تغدقيني بكلمات العشق
في صحوتي ومنامي..
انتظر اقتران اسمي بأسمك
في عقد لن يفسخه الا الموت..

————————-
لقد توقع أن ترفضه.. كان يتوقع من امرأة مثلها اي شيء فهي المرأة النادرة.. العجيبة الغريبة.. ولكن أن يسمع بنفسه رفضها له وأمام الجميع كان حقًا قاسيًا بحقه وبحق قلبه الملعون الذي قرر أن يحب فتاة تعاني من كراهية غريبة تجاه لرجال.. بكل جبروت وبكل صلافة هدرت بصوت حاد لاذع لا يرحم انها غير موافقة أبدًا على عرضه للزواج منها.. والاقسى انها اهانته مباشرة.. اهانة مهذبة!
فكر ياسين بسخرية وكلماتها لا زال يرن صداها في أذنيه.. كلحن كمان مع اوتار معظمها مقطوعة..
“انا غير موافقة على طلبك يا سيد ياسين الهيب.. ولو سمحت تفضل الى الخارج اذا كنت قد اتيت الى منزلي فقط لتتحدث حول هذه التفاهة!”

آه كم تمنى أن يصفعها على شفتيها حتى يحطم لها أحد أسنانها الأمامية ويقتل غرورها الجميل.. آه كم تمنى أن يجذبها من شعرها ويمزقه لها امام كل الحاضرين.. ولكنه لم يفعل.. ليس ووالده يطلب منه بنظرات غير واضحة أن يغادرا.. ليس ووالدها يكاد ينفث من عينيه صواريخ نووية تهدد بقتلها.. ليس وشقيقها الاقرب إليها ينكس رأسه بعدم فائدة بينما هي تواجهه وكأن الف رجل لا يقدر أن يتحداها.. ولكن مهما حاولت الإنكار تبقى هذه الفتاة القوية ضعيفة.. وهو أكثر من يعرف..

غادر حينها.. بعد طردها الشبه مهذب له ورفضها الحاد لعرضه غادر وهو يتوعدها بانتقام لم يخطر في بالها.. ولكن ليس الان.. بعد زواجه منها سيعلمها معنى الرفض.. سيعلمها عدة دروس واهمها الانصياع والخضوع للحب..
ينتظر فقط ان تأتي إلى العمل ليتفاهم معها وها هي قد اتت ومعها جنونها العاصف لتقف أمامه بقوة امرأة حارة كالجمر المتقد بنار لا تنطفئ بينما شفتيها المغريتين حد الجحيم تهدر بشراسة لذيذة:
– انا اريد ان نفسخ شراكتنا بالعمل معًا.. لا اتحمل العمل معك ولا اطيق النظر إلى وجهك!

ابتسم ياسين بلؤمٍ ورغمًا عنه تثور كرامته رفضًا لغرورها الجلف فيقول بقسوة:
– وانا صوتك حتى لم اعد اطيق سماعه.

شمخت نرمين بذقنها وهي تحدق به بغيظ مكتوم بينما ترد باستخفاف قاسي:
– آجل، ذلك صحيح.. يجب أن تكون كذلك بما أنني رفضت عرضك للزواج بي سيد ياسين.

خلال لحظات سريعة كان ياسين ينهض عن مقعده ويقف قبالتها محاوطًا اياها بهالته التي دبت التوتر في اوصالها..
– غبية يا نرمين.. غبية وضعيفة اكثر مما تتصورت.

ابتلعت ريقها بإرتباك مضاعف بينما تقول بحنق:
– لست ضعيفة.. انا اقوى واشد من الف رجل.

لم تغادر الابتسامة اللئيمة شفتي ياسين اللئيمتين وهو يهمس بقسوة:
– ولو كنت حقًا كذلك لما كنت تعاني من عقدة نفسية تجعلك ترفضين اي رجل يريد الارتباط بك!

وكأنه لكمها بمطرقة حديدية على معدتها لتشعر بالم رهيب يدوي في اعماق قلبها! لماذا هذا اللعين يؤثر بها وتهمها نظرته لها مع انها تكره كل أصناف الرجال.. وهي متأكدة أنه لا يختلف عنهم بشيء.. الخيانة.. قهر النساء.. الغطرسة..
بثبات تُحسد عليه قالت نرمين:
– لا يهمني رأيك.. انا اتيت فقط لأخبرك أن شراكتنا قد انتهت ومنذ الان لن نعمل مجددا مع بعضنا البعض.

كوّر ياسين قبضتيه بعنف وهو يواجه نظراتها القوية وان كانت مكسورة في أعماقها.. سيحاول للمرة الأخيرة معها قبل أن يذهب كل واحد منهما في طريقه ويقرر أن ينساها وكأنها لم تكن قط في حياته أو في قلبه!..
للحظات فقط بقي يتأمل ملامحها الجميلة وكأنه يتحسسها ثم بيدين قويتين أمسك كتفيها وهمس بينما يدنو بوجهه من وجهها إلى حد مهلك له ولها:
– لماذا لا تفتحين لي قلبك يا نرمين؟.. انا لن اخذلك.. ليس كل الرجال متشابهين.. اصابع يدك ليست كلها مثل بعضها البعض يا نرمين.

إزدردت نرمين ريقها بتأثر واضح:
– اعرف.. ولكن لن استطيع.

اقترب ياسين منها اكثر حتى كاد أن يغلغلها في صدره بينما يهمس:
– يجب أن تعطي نفسك فرصة.. لا أن تتصرفي هكذا.. دون أي تفكير عقلاني!

ضغطت يداه بخفة على كتفيها قبل أن يضمها دون أن يقدر على التماسك اكثر.. وشعر بها تنتفض بين ذراعيه بتفاجؤ أو ربما بتأثر!.. للحظات كانت مصدومة بينما يقرّبها منه وكأنه يود أن يحفرها بداخل صدره.. ثم سرعان ما غاب سحر عناقه لتدفعه بعنف وهي تهدر بقسوة صدمته:
– لا تلمسني.. اياك أن تفعل مجددًا.. الا تفهم؟ أخبرك انني لا اريدك كما لا اريد غيرك.. فقط دعني وشأني!

ازدرد غصّة مريرة في حلقه.. كانت هذه النهاية! اذا كانت لا تريده حقًا فسيتخلى عنها.. لقد اهانت كرامته اكثر مما يجب.. وهذا اكثر بكثير مما يقدر على تحمله..
بنبرة باردة، جامدة لا حياة فيها قال ياسين:
– حسنٌ اذًا.. منذ الآن انتهت حتى التحية بيننا.. انت في طريق وانا في طريق.. وسأعمل حقًا على حذف حتى اسمك من ذاكرتي.. لأن لم يعد هذا الأسم يشرفني أن اتذكره! لو رأيتك حتى صدفة سأتصرف وكأنني ارى سراب! غادري.. لم يعد لك مكان في اي شيء ينتمي إلي!

بهت لون وجهها وهي تحاول أن تستوعب كلماته.. ما الذي تفعله بنفسها؟ هي معجبة به وربما تحبه.. اذًا لماذا لسانها اللعين يتفوه بهذه الحماقات؟!
عضت شفتها السفلى بقسوة حتى جرحتها وهي تستدير لتغادر ثم أخيرًا وقفت وهي تمسك مقبض الباب وغمغمت باختناق:
– كما تشاء.

غبية.. حمقاء.. لعينة..
فكّر ياسين بغضب أشوس وهو يشاهد وقوفها بجانب الباب.. ثم فاجأته مرة أخرى وهي تستدير لتواجهه قائلة بعينين دامعتين اوجعتا قلبه الاحمق:
– انا آسفة! امنحني فقط فترة قصيرة وسأتصل بك!

أراد أن يفهم ماذا تقصد بكلامها ولكنها غادرت بسرعة بعد أن انهت ما قاله.. هل يفهم انها تطلب منه بطريقة ما أن ينتظرها فربما تغير رأيها.. ماذا يفهم من كلام هذه القاسية بحق الخالق!

*******************
هي تعترف الان أنه مجنون.. ريس لا بد أنه مجنون! هل يعقل بحق الله أن يتم حفل خطوبتهما قبل الزفاف بيومين فقط؟ كل ذلك بسبب هذا المتهور الذي لا يطيق صبرًا البعد بينهما.. تتساءل دوما هل ستدوم هذه اللهفة بعد الزواج ام لا؟ ريس يصعب تكهن أفعاله وتصرفاته.. هي تحبه.. آجل هي تعترف دائمًا بذلك.. ولا تنكر مهما حاولت.. ولكن هو هل سيبقى يعشقها كما يقول ام أن كل ذلك كان مجرد كلام!
تنهدت قدر قبل ان تلقي نظرة أخيرة على نفسها عبر المرآة الطويلة التي تزين الممر الذي يفصل بين غرفة الضيوف والباب الرئيسي وتستدير لتواجه والدتها وجهاد ومها..
كانت متوترة بعض الشيء.. مع أن هذه ليست المرة الأولى التي تخطب بها.. لقد خطبت قبل ريس الكثير ولكنها لم تكن بهذا الحال.. ربما لأنه ريس الجايد.. الفارس الذي حلمت به ليلًا ونهارًا..

سمعت اطراء والدتها على فستانها وزينتها فإبتسمت بحب ثم عانقتها وهي تغمغم بتنهيدة مرحة:
– هل ابدو بذلك الجمال الخارق يا ام سند؟

ضحكت سيلين بشقاوة:
– جميلة ولكن لست بأجمل من كنتي جهاد!

إتسعت عينا قدر بطريقة درامية قبل أن ترفع كتفيها وتنزلهما دون اهتمام:
– لا يهم يا أم سند.. جهاد جميلة وانا اعرف.

ابتسمت جهاد:
– مبارك لك حبيبتي.. يكفي انك اجمل مخلوق في عيني زوجك قريبًا وشقيقك.

بعد دقائق كانت قدر تقف وسط عائلتها في ساحة منزلها.. فقد تغير كل شيء بسبب إصرار ريس على إتمام عقد قرآنهما مع حفل الخطوبة وبعد ذلك بيومين سيتم حفل الزفاف!
كانت متوترة.. تنتظر مجيئه برفقة عائلته على احر من الجمر.. اليوم ستصبح زوجته.. لا مفر من ريس ولعنته المحببة بعد الان.. وهي لا تريد أن تفعل.. تود أن تبقى ملعونة الى الابد بأجمل لعنة.. ولكن بالمقابل تود أن تسحره بعشقها..

لحظات معدودة وصدح صوت التهاليل والزغاريد فأدركت أنه وصل.. اصوات اغاني النساء وترتها فكوّرت يديها بجانبها وهي تدعو الله أن لا تقترف اي حماقة دون قصد..
ابتسمت قدر بخجل حينما دلفوا وتوالت المباركات عليها من قبل أفراد عائلته بينما هو يرقص مع النساء اللواتي قاموا بجذبه حتى قبل أن يُسلّم على عروسه!

الأغاني الشعبية والزغاريد كادت أن تصم أذنيها بينما هذا الغبي لا زال حتى الآن لم يلقي نظرة واحدة عليها.. كيف سينظر إليها بحق الله وهو محاط بكل هؤلاء النساء وكأنه فريستهن!! بالكاد يسمحن له أن يلتقط أنفاسه.. ولكن ها هو الفرج اقترب وحان دوره.. حان دوره أن يروي شغفه وعطشه منها..
اقترب بابتسامة مغرورة منها.. بابتسامة لا تمت الا لريس الجايد.. ساحرة.. قوية.. خبيثة.. وتحمل من الوعود الكثير.. اكثر مما يقدر عقلها أن يفكر..
فستان بنفسجي دون أكمام.. زينة وجه ناعمة تليق بها.. وحجاب رقيق فضي اللون يزينه تاج بسيط..
“آه الصبر يا الله.. الصبر!”
تمتم ريس بصوت خافت.. ودون أن يأبه أن الى الان لم يتم عقد القرآن كان يجذبها الى صدره أمام ترقب النساء لطريقة سلامه عليها ومعرفة معظمهن أن سلامه على العروس لن يعجبهن فهذا ريس؟!.. وقد تمّ.. أمام الجميع جذبها الى صدره ثم قبّل خدّيها وطرف أنفها يليه جبينها.. ولم يعد ينقص إلا أن يسرق القبلة الثانية لها امام الجميع وهنا!!

– اهلًا وسهلًا بالنفسجي وبالذي يرتدي البنفسجي.
همس ريس لها لتتخضب وجنتيها بينما تحاول دفعه بخجل وارتباك.. وقبل اي تهور اخر من قبله خاصةً وهو يرى توهج وجهها بسببه ولآجله كان يولج سند قائلًا:
– ها قد آتى المأذون.. عقد القرآن ثم ارتداء الخواتم.

ابتسم ريس بعبث ثم همس لها بصوت لم يسمعه غيرها وسط لهفة النساء واستمرارهن بالغناء:
– ثم يا قلبي بعض الدروس قبل ليلة الزفاف.. فأنا اريدك جاهزة ليلة زفافنا.

تجهم وجه قدر وحاولت جاهدة أن لا ترفع يدها وتصفعه على صفحة وجهه الجميلة.. اي دروس يقصد هذا الغبي؟! في أحلامه اذا ظن انها ستدعه يلمسها.. حسنٌ لا بأس اذا قبّلها.. ولكن اكثر مستحيل..
تجاهلت قدر الرد عليه وقامت بتأجيل الرد لوقت لاحق فالان هناك اول خطوة ستقوم بتنفيذها لتصبح امرأة ريس الجايد قولًا فقط..

بعد ساعة تقريبًا الساعة كان كل شيء جنونيًا فقد تم عقد قرآنهما بسرعة لا تُصدق وتحمل ريس التقاط صورتين فقط لهما قبل أن ينطلق بها بكل جنون وسط غضب سند ووالده غيث الى سيارته قائلًا بنبرة وقحة لا تحمل أي نوع من الخجل لوالده ووالدها “انها الان حلاله وامرأته ولو اعترض العالم كله لن يعود بها قبل الفجر”
ثم أكمل جنونه وهو يضيف دون أن يراعي خجلها “ولا تقلقا لن اتجاوز حدودي قبل إتمام الزفاف.. فقط بعض المهدئات الليلة”

ألقت قدر نظرة ساخطة على ريس قبل أن تهتف وكأنها على وشك البكاء من شدة خجلها مما حدث.. وخاصةّ الطريقة التي اخرجها بها من الحفل بينما الحضور يرمقونهما بإستنكار لخروجهما بهذه الطريقة وكأنهما… وكأنهما ذاهبان للقيام بخطيئة ما:
– ريس ما هذا الجنون؟ كيف لم تراعي وجود الضيوف والعائلة؟ الجميع كان ينظر الينا وكأن…

ابتسم ريس بسماجة واكمل بدلًا عنها:
– وكأن اخذتك لأطبّق زواجنا فعلًا.

احمرّ وجهها بينما اضاف بعبث وهو يلقي عليها نظرة عميقة.. سوداء.. لا قرار لها:
– ومن قال انني لن أفعل؟! انت امرأتي.. امرأة ريس الجايد.

توترت قدر خشيةّ أن ينفذ كلامه قبل اتمام زفافهما وسألته:
– الى اين نحن ذاهبان؟

– الى منزلنا.
أجاب بهدوء لتعقد حاجبيها:
– هل سنخرج من المدينة؟

– لا.
اكتفى بهذا الرد فكادت أن تسأل مرة اخرى ولكنها صمتت حالما ركن السيارة بجانب الطريق ونزل من السيارة..
التفتت تحاول أن ترى ماذا يفعل بصندوق السيارة الخلفي قبل أن تقرر النزول من السيارة..
إزدردت قدر ريقها بفضول وتوجس حينما رأته يعبث بالكثير من الأكياس الورقية الموجودة في الصندوق.. ثم أخيرًا اخرج علبة كبيرة ضخمة بلون الذهب وناولها إياها قائلًا:
– ابقيها بحضنك إلى أن نصل لأنني لا اريد ان افتح صندوق السيارة مرة أخرى قبل حفل زفافنا فأنا لا أضمن نفسي!

لم تفهم قدر اي شيء من كلامه وحاولت الاستفسار إلا أنه سرعان ما كان يجذبها ببعض القسوة الغريبة ويدخلها الى السيارة ثم ينطلق بسرعة جنونية فاقمت من حدة توترها وارتباكها..
بعد ما يقارب الربع ساعة كانت السيارة تقف في الحي الذي يقطن به منزل والده فهي تعرف هذا الحي جيدًا.. ولكن منزل غيث كان بعيدًا قليلًا عن المكان الذي ركن سيارته به..

نزلت قدر خلفه ليأخذ منها العلبة ويحملها بيد واحدة ثم بيده الحرة امسك يدها وسار بها من الحديقة الداخلية للمنزل ثم إلى الباب الرئيسي للمنزل وتوقف هناك.. كل شيء كان جميلًا.. الحديقة مرتبة بعناية، بها أرجوحة مصنوعة من القش بلون الأبيض على شكل قلب وقد كانت تحتوي على وسادتين وعلى ما يبدو أن هذه الارجوعة تتسع لشخصين.. وبجانب الأرجوحة هناك طاولة زجاجية صغيرة دائرية الشكل يرافقها مقعدان.. وعلى الارض كان هناك فراش ناعم جدًا ويبدو حميمي لدرجة جعلت قلبها يخفق بجنون.. فراش يتفاوت بين الأبيض والأحمر.. الوسادات بيضاء اللون والدثار احمر اللون.. وحول الفراش كان هناك اوراقًا بيضاء وحمراء ملقية بطريقة جميلة وناعمة..

انتفض جسدها حينما سمعت صوت اغلاق البوابة التابعة للحديقة لتدرك أن ريس قد حرّر يدها بينما هي مأخوذة بما تراه عيناها..
وضع ريس يده على فمها حينما همت بالتكلم وهمس بصوت اجش:
– لا تتكلمي الان.

ونفذت أمره وتركته يجرها الى داخل المنزل الذي يبدو جميلًا جدًا.. يكفيها أنه المنزل الذي سيجمعها بحبيبها.. ولو كان اقبح ما يكون ستراه جنةً..
– اريد ان اراك دون هذا الحجاب.. اخلعيه.

اعترضت بتوتر:
– لا.. يوم الزفاف.

ابتسم ريس بوحشية اخافتها حقًا واقترب منها فتراجعت عدة خطوات إلى الوراء:
– ريس.. اريد ان اعود.

شهقت عندما شعرت بيده على خصرها تجذبها بخشونة ليرتطم صدرها بصدره بينما يهجم بشفتيه على ثغره كغريق لا يستطيع التنفس الا عبر شفتيها.. ارتجف جسدها وهو يقبلها بكل هذا الشغف.. بكل هذا العنف.. بكل هذه المشاعر الساحرة.. ورغمًا عنها كانت تذوب وقدميها تخذلانها وتكاد تلقيها ارضًا تحت قدميه لولا تمسكه البدائي بها..

“يا الله الصبر فقط ليومين”
فكر ريس بحنق وهو يحقق ما اراد فعله دومًا بشفتيها.. لم تكن مجرد قبلة كانت حربًا طاحنة تجعله أعمى لا يفكر الا بوجودها بين ذراعيه وبأنها أخيرًا ملكه.. تلك التي تعشقه منذ نعومة اظافيره صارت ملكه رغم محاولتها الابتعاد عنه ورغم محاولة العديد والعديد سرقها منه.. إلا أن قدر الناصر ملكه وحده.. لا لأحد سواه.. ملكه بكل ما بها..

ابتعد عنها يلهث أنفاسه ووضع جبينه على جبينها بينما يهمس بثقل:
– نارٌ انتِ.. جمرة لا تشتعل الا بالعشق.. كلما اقترب منك اكثر كلما احس بدمي حريق لا يخمد الا بامتلاكك قلبًا وقالبًا.

فتحت عينيها التي تومض بطريقة ساحرة سرقت قلبه وروحه.. فبنعومة حرّر حجابها وغمغم بينما يتناثر شعرها كشلال من الحرير على طول ظهرها:
– يليق بك هذا اللون كثيرًا ولكنني اريدك ان ترتدي الان ما يوجد بهذه العلبة وأقسم لك انني لن اتجاوز حدودي وسأصبر حتى ليلة زفافنا.

– ريس…
اعترضت بشحوب ليضمها الى صدره بعنف كاد أن يحطم عظامها بينما يقول باصرار:
– اصعدي وستجدين غرفة نومنا امامك.. وانا سأنتظرك في الخارج.

ودون أن يسمع المزيد من اعتراضاتها كان يخرج من المنزل الذي لم ترى حتى الآن منه سوى المدخل ولم تود أن ترى الان.. سوف تستكشف منزلهما لاحقًا.. الان تريد أن تذهب إليه فقط وتتمرغ على صدره كهريرة صغيرة..
بخطوات ثقيلة صعدت قدر الى الطابق العلوي ليقابلها ثلاثة أبواب..
تنهدت وفتحت الباب الذي يقابلها ثم أغلقته باحكام وفتحت العلبة الضخمة التي بيدها لتفغر فاهها بخجل وذهول وهي ترفع قميص النوم الأسود القصير.. هل فقد عقله هذا المجنون؟! لقد وعدها أنه لن يتجاوز حدوده فكيف سيفعل بحق الرحمن اذا كانت شبه عارية؟! ثم ماذا كان يقصد بالأكياس الورقية التي في صندوق سيارته.. هل كلها تحتوي على مثل هذا الشيء الذي في يدها!!
رباه تشعر انها تشتعل.. ترتجف.. يداها ترتجفان وخفقات قلبها تدوي صاخبة من فرط الأحاسيس التي هاجمتها وهي تتخيل نفسها بين ذراعيه بقميص كهذا لا يستر الا القليل فقط..

ارتدت قدر قميص النوم ونظرت لنفسها عبر المرآة بعينين واسعتين لامعتين.. كان قصيرًا للغاية يصل إلى منتصف فخذيها، بحمالتين رافعتين وفتحة صدر واسعة.. بينما نصف الظهر كان عاريًا..
لم تجد مأزره.. لا بد أنه أخذه.. حقير ووقح.. زفرت عدة مرات بإرتباك قبل أن تتوجه للأسفل.. الى المجنون الذي صار رسميًا زوجها..

إتسعت عيناها حينما وجدته عاري الصدر وحافي القدمين وبسرعة وبغباء تطلعت الى قدميها لتدرك انها هي الأخرى حافية القدمين.. دنت منه بخطوات بطيئة ثقيلة ليرمي السيجارة التي كان يشربها على الأرض ويستدير إليها بنظرات هادئة سرعان ما التهبت بأحاسيس منفعلة.. وقبل حتى أن تهمس بحرف كان يجذبها برعونة الى صدره ويقبّلها بجنون أفقدها كيانها لتبادله جنونه على استحياء..

ابتعد عنها لاهثًا أنفاسه وغمغم بصوت ثقيل قبل أن يعود ويفرّق قبلاته على وجهها وعنقها، محاولًا أن يخمد القليل من رغبته بها إلا أنه دون أن يدري كان يغرق ويغرق بدوامة لا فرار منها:
– جميلة حد الهلاك.. امرأتي وقدري الذي كلي رضى به.. حبيبتي وغزلي الناري.

*******************
كتمت جهاد ضحكتها وهي تتأمل تعابير وجه زوجها بعد أن آخذ ريس شقيقته وتسبب لهما بفضيحة ككل مرة!.. كان يبدو حانقًا غاضبًا وبطريقة ما تشتعل تعابيره بغيرة شرسة على شقيقته التي يعتبرها اكثر بكثير من مجرد شقيقة..
وضعت يدها على كتفه بنعومة وهمست بغيرة أسرت روحه:
– لا تقلب وجهك هكذا وكأن قد تم سرقة زوجتك منك لا شقيقتك!

ضحك سند ملئ شدقيه بذهول:
– هل تغارين يا ام ادهم؟

هزت جهاد كتفيها بلا مبالاة وهي ترد بصراحة ودلال:
– انا اغار على كل ما هو ملكي حبيبي.

همهم سند بخشونة اجفلتها قبل أن تشعر بذراعه تحيط بظهرها بقوة ليقرّبها منه.. ورغمًا عنها كانت تنصهر بكلماته ذات المغزى الحميمي التي تغلغلت مباشرة إلى اذنها عبر حجابها الناعم:
– ذكّريني في غرفتنا بكلامك هذا لأدعك تتعرفين على املاكك بطريقة شاعرية اكثر.

– سند…
علقت جهاد بإعتراض مغري ليزفر ويقول بصوت اجش غليظ:
– الا يكفي أن اللعين ريس يغيظني بشقيقتي لتأتي انت وتغيظنني حد اللعنة في مكان كهذا لا أقدر أن افعل ما اشاء به!

انفجرت جهاد ضاحكة لينظر إليهما ريس ويقول لسند:
– لعين انت.. كخالك تمامًا! كل الجميلات يحببنك.
ثم اقترب بخفة وجذب جهاد من معصمها واردف:
– هات حفيدتي واذهب لتأخذ شقيقتك من الأبله الآخر الذي قد يتهور مع المسكينة قدر ولا ينتظر حتى الزفاف.

احمرّ وجه سند حنقًا وغضبًا لتتدخل جهاد بمكر:
– جدي.. زوجتك جالسة بين الرجال.

رفع ريس كتفيه بلا مبالاة وهو يتمتم:
– لتجلس أينما تشاء.. هذه المرأة صارت رجلًا تقريبًا.. تتحدث مع الرجال اكثر من النساء.

رفعت جهاد حاجبيها بذهول:
– اين غيرتك عليها؟

تنهد ريس وهو يرد بحسرة مصطنعة حينما انتبه لاقتراب لين منه:
– غادرت منذ فترة.. فمن سيغار على عجوز لا تفعل اي شيء سوى أنها تتكلم كثيرًا ولا ترى أحدًا أمامها غير احفادها؟!

هزت لين رأسها بوعيد وهي ترمقه بنظرات شيطانية بعد أن وقفت قبالته وهتفت:
– من العجوز يا جدي؟ انا عجوز وانت ماذا؟ ولا تظن يا سيد ريس أن العمر هو كل شيء.. انا ابدو اصغر من نساء اولادك.. والحمدلله انك لم تعد تغار.. فقد كنت اتية لأخبركم انني اريد الطلاق من هذا المهووس!

– لا بأس سأتزوج غيرك واجمل منك.
قال ريس بشقاوة ليقهرها فضحكت باستفزاز وردت:
– وانا أيضًا.. الرجال تنتظر إشارة مني ليتقدموا ويطلبوا يدي للزواج.

تجهم وجه ريس وهتف بسخط:
– امشي امامي.. يجب أن تُعاد تربيتك من جديد.

ضحكت لين باستخفاف:
– اذهب يا عجوز من امامي.. اتظنني تلك الصغيرة البلهاء التي كانت تخاف منك؟!

لم يتمالكا سند وجهاد نفسهما فإنفجرا ضاحكان ليمسك ريس يد لين بخشونة ويسحبها خلفه وهو يتمتم بكلمات غاضبة ساخطة..
تساءلت جهاد بعد أن هدأت ضحكاتها:
– هل سنصبح هكذا يومًا ما؟

– الله واعلم ولكن انا محال أن أقول لك أريد الزواج بغيرك حتى لو عن مزاح وكذلك لن اسمح لك مجرد تفكير بالخلاص مني.
رد سند بجدية فابتسمت جهاد بحب وهمست برقة:
– احبك يا كل الحب.

******************
رغم معرفتها أنه يكره ان ترتدي القصير فعلت.. ارتدت اقصر ما لديها.. فستان بالكاد يصل إلى ركبتيها ودون أكمام أيضًا.. الجميع علّق على ثيابها بكونها فاضحة اكثر مما يجب.. ولكنها لم تأبه.. فكل ما ارادت فعله هو اغاظة رواد.. أرادت ان تدوس على مشاعرها تجاهه وتفعل عكس كل ما يقوله.. وقد نالت على ما ارادت وهي ترى عينيه تضطرمان بنار الغضب.. غضب اسود يوازي سواد فستانها..

ابتسمت ليليان بثقة ودلع وهي تلقي التحية على سيف الذي كان يقف بجانب رواد ثم مالت عليه وهمست له:
– يليق بك الأسود.. بإمكاننا أن نُشكل ثنائي رائع.

ابتسم سيف لها بتوتر فهو يدري بعلاقة رواد بها ثم نظر إلى رواد بإستفهام ليجد تعابيره غامضة الا أنها شرسة وخاصة حينما اقتربت ليليان منه والقت التحية عليه ببرود ثم استرسلت بسلامها على الشباب الموجودين.. وابتسامتها كلما تتسع وهي تسمع الاطراءات من الشباب على جمالها بينما هو يراقب بجمود غريب..

لم يكن رواد المراقب الغاضب الوحيد لها بل كانت مها أيضًا مغتاظة وبجنون من تصرفات اختها.. وقد زجرتها على فستانها وحذرتها من التصرف بحماقة ولكن ليليان لا تأبه الا بالانتقام من رواد لأنه سيسافر ويتركها.. تأففت مها وهي تقترب منها وبغيظ جذبتها من يدها الى خارج القاعة وهدرت بعنفوان:
– لا تتصرفي كفتاة رخيصة فقط لتقهريه!

ثارت حدقتا ليليان وهي تزمجر دون تفكير:
– انا لست رخيصة.. ولا اهتم له.. انا فقط اريد ان اجد شخصًا اخر حقًا يحبني وعلى ما يبدو انني قد وجدت!

– مها دعينا لوحدنا لو سمحتِ.
انتفض قلبها وهي تسمع صوته البارد وبرفض حاد هدرت وهي تخطو للأمام:
– لا مها.. ستغادر معا فأنا لا أريد أن اسمع صوته.

أوقفتها قبضته الخشنة ونظر لمها وقال بهدوء:
– دعينا مها لوحدنا.. ارجوك!

تنهدت مها قبل أن تنفذ ما قاله رواد فكادت ليليان أن تصرخ حتى تمنعها عن المغادرة لو انها لم تشعر بيده تكتم انفاسها بعنف..
جذبها رواد إلى زاوية جانبية ويده تضغط بقوة مؤلمة على ذراعها والأخرى تضغط على فمها..
لحظات معدودة وابعد يده عن فمها وقال بقسوة:
– اذا استمريت بالتصرف بهذه الحقارة وكأنك فتاة دون شرف أقسم بربي العظيم لأضربك!.. ثم هذا الفستان اذا رأيته مرة أخرى على جسدك سأتسبب لك بفضيحة كبيرة.

– لا يحق لك أن تتدخل بي.
صاحت ليليان بغضب والم ليقبض رواد على شعرها بعصبية ويهتف بحدة:
– ليليان لا تدعيني أفقد اعصابي عليك وأقوم بصفعك.. غادري الى منزلك حالًا وغيّري ثيابك.

– لا اريد واترك شعري.
هتفت ليليان بوجع ليشد شعرها بقوة أكبر ويقول من بين اسنان تصطك ببعضها غضبًا وصورة دلعها مع الشباب بفستانها اللعين الذي يكشف كل مفاتنها تزيده غضبًا وخاصةً جملتها الاخيرة لمها عن كونها وجدت شخصًا اخر يحبها:
– ليليان أقسم بربي بالكاد اتمالك اعصابي.. انت تبدين الان حقًا كفاسقة صغيرة يجب أن يُعاد تربيتها من جديد.

– انظر الى نفسك يا لعوب.. انت الفاسق.. انا اكرهك حقًا!
هتفت ليليان بهتسيريا ليدفعها ياسين بحدة:
– غادري الان ونفذي ما امرتك به.. وانا سأنتظرك هنا.

تلألأت الدموع بعينيها ووتوجهت فعلًا نحو منزلها الذي عليها فقط أن تعبر الشارع لتصل إليه.. لم تنفذ ما قاله خوفًا منه ولكن لأن الجميع فقط انتقدها على فستانها.. فقط بسبب ذلك..

******************
لقد اضطرت أن تلجأ لتغيير رقم هاتفها لتوقف إصرار حمزة اللعين على مقابلة جهاد.. كيف بحق الله ستخبر امرأة متزوجة بالكاد تخلصت من العديد من المشاكل في علاقتها الزوجية أن السبب الرئيسي لكل المشاكل التي حصلت معها يود أن يلتقي بها؟ اين المنطق والعقل من كل هذا؟
كانت حقًا خائفة أن يظهر لها كما المرة السابقة في مكان ما.. خاصة وهي لا تأبه بتهديداته وطلباته.. على اي حال لا بد انها ستلتقي به في حفل زفاف مها من الرجل الألماني..

لقد مر فعلا اكثر من اسبوعين بعد لقائهما الاخير في موقف سيارات الجامعة ومنذ ذلك الوقت وهي تتجاهله فقط.. وقد غيرت رقم هاتفها فقط بسببه.. ولكن للاسف لم تستطيع التخلص منه على مواقع التواصل الإجتماعي..
تنهدت قمر وهي تولج إلى مكتبة الجامعة الكبيرة.. تطلعت حولها ثم جلست على إحدى الطاولات تنتظر زميلتها أن تأتي لتدرسا معًا..
بعد ما يقارب النصف ساعة كانت خلالها قمر تلهو بهاتفها سمعت صوت زميلتها التي تُدعى هناء فأدارت وجهها إليها لتتلقى الصاعقة الكبرى.. حمزة برفقة زميلتها وكأن تجمعهما علاقة ما!
توترت ملامحها وخفق قلبها برعب.. خاصةً وهي ترى عينيه الغامضتين تتأملانها دون أي خجل أو اهتمام لوجود زميلتها..
عضت قمر شفتها السفلى قبل أن تقول بنبرة قوية:
– اجلسي يا هناء.
ثم تطلعت الى حمزة وسألته بحاجبين مرفوعين:
– ماذا تفعل هنا؟

لم يبالي حمزة بالرد عليها وهو يجلس بجانب رفيقتها بينما عاودت قمر الجلوس أمامه بتوجس ولم تغفل عن ابتسامته الساخرة..
– حمزة يكون ابن عمي يا قمر.. وانا دعوته لأنه أخبرني انكما تعرفان بعضكما البعض.
أجابت هناء على سؤال قمر قبل أن تقف وتستطرد:
– انا سأذهب إلى الحمام.. بإمكانكما أن تتحدثا إلى أن أعود.

إتسعت ابتسامة حمزة التي تجعله يبدو كالشيطان عينه بنظر قمر.. مخيف.. مريب.. كل ما به يثير توترها..
إزدرمت قمر ريقها بينما تراه يميل عليها، مسندًا كفيه على الطاولة التي هي فقط ما تفصل بينهما:
– لماذا اتيت وما الذي تريده مني؟ بشكل واضح وصريح قد وضحت لك انني لا اريد اي علاقة تجمعك بي او بأي فرد من أفراد عائلتي.

تراجعت إلى الوراء بسرعة حينما وقف ليقترب منها اكثر بجسده وانكمشت على مقعدها بينما تسمعه يهمس بصوت اجش:
– قمر لا تلعبي معي فأقسم على اخفاء نورك مدى الحياة.
اخشوشن صوته وهو يسترسل بنبرة خطيرة:
– لا تظني أن بإمكانك الهروب مني بحظري على جميع مواقع التواصل الاجتماعي أو بتغيير رقم هاتفك.. لو انني حقًا اريد الوصول اليك سآتي الى منزلك اذا لزم الامر، وليس انا من اخاف أحدًا.

بتحدي وعنفوان ردت قمر:
– بإمكانك أن تفعل ما تشاء.. ولكن ان اساعدك على لقاء امرأة متزوجة انت السبب بمعظم المشاكل التي واجهتها مع زوجها فهو مستحيل.. ولو قطعت لي رأسي لن أفعل.. اذا كان لديك هذا السر الكبير الذي تود منها أن تعرفه فبامكانك أن تكتب رسالة لها وسأقوم انا بايصالها لها وأقسم انني لن افتحها أو اقرأ محتواها.

ومضت عينا حمزة بشكل غريب مثير بينما يرد:
– موافق ولكن بشرط؟!

– قل ما لديك.
تمتمت قمر بنفاذ صبر تواري به قلقها من الشرط الذي سيقوله..
– اولًا أن لا تتجاهلي اي من رسائلي أو اتصالاتي منذ الان.. بالإضافة إلى انني اريد ان اعرف كل شيء عنك.. كل شيء يا قمر!

طريقة اقترابه المميت منها وهو ينطق بشروطه المجنونة ارعبتها.. وكأنه يقبّلها لا يتحدث فقط معها! من يراهما بهذه الوضعية من بعيد سيقول أنه يقبلها.. يا الله أبعده عنها.. لو احد من أفراد عائلتها رآهما بهذه الوضعية ستموت لا محالة..
ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيه وهو يرى رعبها من القادم يومض في عينيها بطريقة ساحرة.. لا تدري هي ما ينتظرها معه ولن تدري فهي ستسير على تيار مياهه هو..

رفع يده ليتحسس خدها الأحمر لا يعرف اذا كان من الخجل أو من الخوف.. فانتفضت بسرعة مبتعدة عنه وهي تتمتم من بين اسنان تصطك ببعضها غيظًا وخوفًا:
– لا تلمسني! ولا يوجد اي شي أخبرك به عني.

ابتعد حمزة عنها واستقام بظهره أمامها بينما يعقد ذراعيه على صدره.. وبنبرة قاسية متوعدة نطق:
– بل هناك الكثير يا قمر غيث الجايد.. ولكن موعدنا ليس الان.. بل بعد انتهاء الاعراس التي تُقام في عائلتك.. اعدك أن كل شيء سيتغير.

لم تنبس قمر ببنت شفة فلا احد يقدر على استنباط ما يدور في خلد هذا الماكر.. وهي لا تريد أن تتوغل في داخل رمال عميقة مع هذا الذي بدلًا ان تخلص فتاة من عائلتها بل فتاتين وقعت هي في شباكه..
انتظرت بضيق واضح عودة هناء من الحمام لتغادر ولم تكن بغافلة أبدًا عن نظراته القوية التي تغزو كل ما بها دون أي رحمة.. ولكن ليفعل ما يشاء الان فهي بكل تأكيد ستجد له حلًا يبعده عنها وعن كل أفراد عائلتها.. ببطئ وهدوء فقط سيحدث كل ذلك.. عليها أن تتحكم بأعصابها ولا تدعه يعبث بها كدمية يلعب بخيوطها فقط لتتحرك كما يشاء..

error: