رواية غزلًا يوقده الرجال

الخاتمة
على متن الطائرة الحالقة نحو الغرام..
تسللت ايقونة عذاب الى اوتار فؤاد يعزف بإلهام..
لأتلبث مطرحي اتقصى دون حركة كالأصنام..
وافشي فوق الغيوم بعشق لم تكتمه الأيام..
وفي المطار اغرّد كالطيور بتمتمة بدت كالأوهام..
وهنا لائحة.. وهناك لائحة.. وكأنني اسير في الظلام..
وفي وطن مُحارب كأنني لا استحق العيش بسلام..
فأي راية ارفعها لأقول انني في أسرك لا اعرف الحرام..

———————-
منذ ان طلب رواد الزواج من ابنتها ليليان وحياة تكاد تجن من شدة فرحتها.. فهي لطالما تمنت أن تتزوج إحدى ابنتيها من اولاد آسر ورين.. ولم تقدر ابنتها الكبرى على تحقيق غايتها فجاءت ابنتها الصغرى لتسعد قلبها بإيقاع ابن آسر ورين في حبها حتى يصر على الارتباط بها قبل أن يسافر ليضمنها له.. وهي ليست مجنونة أبدًا حتى ترفض واستخدمت ذكائها ومكرها على زوجها لجعله يقتنع ويوافق..

على النقيض تمامًا كانت ليليان مصدومة.. لقد توقعت كل شيء منه إلا هذا الشيء.. لا تدري هل تحزن ام تفرح فهي تشعر أن غاية رواد من هذا الارتباط هي فقط ليضمنها له وحده وان يتمكن من التحكم بها كما يشاء.. تشعر بأنانيته الشديدة فطلبه هذا نتيجة غضبه منها وعدم قدرته على الانفراد بها كما يجب حتى يعاقبها كما يود.. وهو… هو الحقير سيسافر ليتعرف على الفتيات كما يحلو له في الخارج وهي ستتمزق هنا من شدة غيرتها وثقتها بأنه سيلهو بذيله ولكنها لن تقدر على فعل أي شيء.. تشعر أنها تكاد تفقد عقلها.. هي تريده لها وحدها.. تريده قريبًا منها.. في الخارج لا بد أن الفتيات سيحاولن التودد إليه والتقرب منه ومهما حاول الرفض في البداية إلا أنه سيقع فريسة سهلة لكل هذه الاغراءات وهي التي ستكون فقط المتألمة والمتحسرة الوحيدة..

احست بالنيران تحرق قلبها دون هوادة.. تريد أن تصرخ به.. أن تضربه.. تريد وتريد.. لقد عقدت قرآنها عليه فالجميع موافق وهي مهما حاولت الكذب تريده لها وحدها.. تريده بحق فحبها له يسري في دمائها كالأوكسجين..
وقفت أمامه بعد أن انفردت به في شقة اخذها إليها ولا تدري لمن هي تماما.. ولم تبالي.. بل وقفت شامخة برأسها كالطاووس.. وملامحها الجميلة ترسم العنفوان والغرور..

ابتسم رواد بطريقة قاسية لم تبث أبدًا بقلبها الرعب.. فهي متوقعة ان لا يصمت ابدا بعد كل التصرفات الهوجاء التي قامت بها لتستفزه.. الان هو زوجها.. سيعاقبها كما يشاء وكيفما يشاء.. وردة فعله الان ستراها وتحصل عليها لا سيما على كل أفعالها الشائنة..

دار حولها بهدوء وبنفس الابتسامة المخيفة اللئيمة اخذ يقول بصوت منخفض اثار توجسها:
– لنبدأ بالعد.. ملابس بنات هوى، زينة مبالغ بها تلفت انتباه كل رجل، الضحك بصوت عالٍ وكأنك فتاة ليل مع الدلع على الرجال الذين كادوا أن يأكلوك بعينيهم، عدم سماعك لأوامري وبالإضافة إلى لسانك الطويل.

امتدت يد بخفة الى ذراعها يتحسسها والأخرى الى وجهها بينما يتابع:
– ما رأيك؟ كيف تحبين أن اعاقبك؟

– انا لم أخطأ بأي شيء!
ردت بقوة بينما لأول مرة تشعر بخوف حقيقي منه.. وفاجئها رده العنيف وهو يشد لها شعرها بينما يقترب بوجهه من وجهها ويصرخ بصوت ارعبها:
– لا تكذبي ايتها الفاسقة وتنكري! هل تظنين انني سأدعك تلهين بذيلك بغيابي.. ذيلك الطويل سأقطعه لك بنفسي قبل أن أغادر.. ويجب أن تعرفي ان حتى على النظرة التي ليست بمكانها ستعاقبين.

– انا لست عبدة لديك.. لن اسمح ابدا بهذا الذل!
صاحت ليليان بعصبية فشد على شعرها بقوة أكبر وزمجر:
– انت لم تري بعد اي شيء من ذلك الذل يا ليليان!

حاولت انت تحرر شعرها من قسوة قبضته وهي تهتف به:
– رواد انت تؤلمني.. دعني.. اترك شعري.

اريد ان اريك فقط كيف بدوت بنظري وبنظر كل رجل كان موجودًا في الحفل وقد جاءت عينه عليك.
قال رواد بفحيح ويده تترك شعرها لتسير على منحنيات جسدها بطريقة وقحة اقشعر لها جسمها كله..
تعالت خفقات قلبها حتى كادت أن تصم أذنيها وهو يدنو بشفتيه من شفتيها.. عيناها اتسعت للوهلة الأولى وهي تستشعر مذاق شفتيه.. رغم كل غضبها منه وقسوة شفتيه كانت تذوب.. تنصهر..

لم تبادله شغفه الواضح والشرس بل بقيت صامتة جامدة.. حتى أنها لم تحاول دفع يده الوقحة التي تقص عليها مدى جوعه ورغبته بها..
شعرت به يتعمق بقبلته ويده بدأت بالتحرك بوقاحة على خريطة جسدها فسريعًا حاولت دفعه إلا أنه كان مسيطرًا بالكامل على كل جسدها..
اخذت ليليان تتلوى بين ذراعيه عسى أن يتركها على الأقل أن تتنفس ولكنه كان كالحلم المستحيل..
ارتعبت من فكرة أن يجعلها زوجته فعلًا قبل أن يسافر وقبل إتمام زفافهما فقضمت له شفته السفلى بعنف ليحررها..

ابتعد رواد عنها متأوهًا بألم لتزمجر ليليان بشراسة:
– اذا لمستني مرة أخرى بهذه الطريقة الحقيرة لن ارحمك! ابتعد عني وسافر دون أن تسبب لي المتاعب.

قهقه رواد بسخرية مثيرة الاستفزاز وهو يمسح الدماء التي تسببت بها هذه الفاسقة الصغيرة عن شفتيه:
– لا تتسارعي يا ليليان.. عقابك لم ينتهي بعد.. سترين بهدوء وبطء والأهم قلة حيلة كيف سألف قيدي جيدًا حول عنقك حتى كلما تتجرأين وتفكرين أن تعصيني سيقوم بخنقكِ!

******************
تطلعت قدر الى انعكاسها في المرآة بوجنتين مشتعلتين.. ترتدي قميصًا احمر اللون يظهر اكثر مما يخفي قد اختاره لها ريس.. فمنذ الليلة الأولى وريس الذي يختار ماذا يريد ان ترتدي له..
وضعت قدر احمر الشفاه الذي يثير جنونه كما يقول وعطره المفضل ثم تنهدت بعشق نخر عظامها..
لم تعد تظن أن بمقدورها أن تعشق اكثر! فعشقها لريس فاقم عنان السماء ويكاد أن يتسع للعالم أجمع.. رباه ما اجمل الحب حينما يكون الشعور متبادل.. لقد عانت لفترة طويلة طويلة من لعنة الحب من طرف واحد.. ثم أخيرًا افرجها الله عليها ليبادلها معشوقها شغف الحب والعشق بقدر لم تحلم أن تناله يومًا..

حرر ثغرها تنهيدة مغرمة عندما شعرت بأنفاسه الثقيلة على عنقها ويديه الخشنتين حول خصرها.. بادلته النظر عبر المرآة بخجل لا ارادي ليبتسم ويلثم عنقها بحب قبل أن يديرها إليه ويغمغم بينما يتأملها بإعجاب تحكيه عيناه المفتونة بها وبجمالها وبرقتها:
– ماذا فعلت خيرًا في حياتي ليكافئني الله بكل هذا الجمال والحب والرقة؟

ابتسمت قدر بحب ليرفع ريس يدها ويقبلها بحب شديد:
– احبك والله العظيم احبك.

ضحكت قدر وهي تدنو منه لتغلغل جسدها في ثنايا صدره.. ضغط ريس على جسدها بقوة حينما سمعها تهمس:
– وانا اعشقك ريسي.. وانت تدري فلا داعي حتى لأقول كم احبك.

أبعدها ريس عنه وقال بمكر:
– بالتأكيد لا داعي للقول فانت ستثبتين لي بعد قليل من خلال الدروس التي علمتك إياها بالافعال.. اليس كذلك يا قدر القلب؟

استشرت حمرة الخجل حتى وصلت عنقها واعلى صدرها المكشوف لعينيه وبغيظ واحراج لكمته على صدره:
– تأدب يا ريس وكفاك وقاحة.. والله صرت اخجل من نفسي بسببك وبسبب كلامك الوقح.

انطلقت ضحكات ريس صاخبة عالية ليرقص قلبها طربًا وهيامًا برنين ضحكته الرجولية الجذابة..
انتبه ريس الى نظراتها ليبتسم ثم يميل على وجهها بشفتيه ليمتلك شفتيها اشد امتلاك.. وللمرة المليون ينتفض جسدها وقلبها وهي بين ذراعيه..
بادلته قدر القبلة التي تعرف مسارها ونهايتها وتجاوبت معه بكل احساس موجود في جسدها..
ابتعد ريس قليلًا عنها ليلتقط أنفاسه ثم غمغم بعاطفة عنيفة:
– انا مجنون بك لا محالة! ماذا فعلتِ بريس الجايد يا قدر؟

ابتسمت قدر وردت بتباهي:
– كسرت غروره وجعلته هائمًا بي مثلما افعل مع انني اشك انه يقدر.

رمقها ريس بنظرة خبيثة وقحة قبل أن تشعر بجسدها يحلق عاليا وريس يرفعها بطريقة صدمتها.. وكأنه يحمل الأثقال الحديدية!
بنظرات مرتعبة مصدومة طالعته قدر قبل أن تصرخ:
– ريس انزلني.. سأقع يا مجنون.

ضحك ريس بعبث ثم ليخيفها مثّل انها ستقع وقبل اللحظة الحاسمة أعادها الى حضنه بقوة وتملك شديد لتلهث قدر صارخة بخوف ورعب..
همس ريس بأذنها مستمتعًا بأنفاسها التي تلفح رقبته وبيديها التي تحيط بعنقه بقوة:
– سأخبرك الان وحالًا بقدرتي الفريدة على الحب.. وخاصةً إثبات احب!

سار بها نحو السرير وبحركة سريعة كانت قدر على السرير يتبعها ريس الذي تساءل بخبثٍ:
– ها قدري الجميل.. جاهزة ام لا لأثبت لك؟

بعد جولة طويلة من مبادلة الغرام كانت قدر تتوسد صدره بينما يده تملس على شعرها برقة شديدة..
بتردد همست قدر:
– ريسي اريد ان أسألك عن شيء كان يشغل تفكيري لفترة لا بأس بها.

– اسألي حبيبتي.
– عندما سافرت قبل عدة سنوات وبقيت في الخارج لعامين كاملين.. لماذا عدتَ وكأنك تريد ذلي، كأني دمية تريد أن تلهو فقط بها؟
ترقرقت الدموع بمقلتيها رغمًا عنها وهي تتذكر ريس القديم.. كل ما تريد ان تعرفه لماذا.. لماذا كان يعاملها بطريقة قاسية منهكة لوجدانها ولشخصيتها؟!
بلمح البصر كان ريس يرفع وجهها إليه ليقبل عينيها ويرد بأسف:
– اعتذر قدري عن كل ما فعلته.. انا في الخارج سافرت وتعاملت مع ناس صعبة المنال وتعلمت كثيرًا الاستفزاز.. حتى أن شخصيتي صارت عنيفة بعض الشيء وجارحة.

زفر ريس قبل أن يسترسل:
– انا سافرت لأساعد عمي ليث في إدارة شؤونه السرية.. عمي ليث كان يعمل بأعمال خيرية ولكن بنفس الوقت خطيرة.. وكنت تقريبًا يده اليمنى في الخارج.. وكل ذلك غيّر من شخصيتي.. أصبحت تقريبًا انسانًا انانيًا لا يأبه بغيره.. اعترف.. لقد تعرفت على الكثير من النساء دون أن يعرف اي احد.. حتى عمي ليث لم يكن يدري والا كان سيعيدني بلا شك!

اغمض ريس عينيه لوهلة وتابع:
– ثم عدت لاتفاجأ بك ما زلتِ كالملاك البريء الذي يشع طهارة تعشقينني.. لم اكن غافلًا.. كنت ادري انك تحبينني.. انت مختلفة عن جميع النساء اللواتي عرفتهن.. بجمالك.. بطيبة قلبك.. برقتك.. بنقائكِ.. كل ما بك كان يأسرني ويشغل حواسي.. يشتتني ويبعثرني ويثير بي مشاعر كنت اكرهها حقًا في ذلك الوقت.. كنت ألجأ إلى جرحك بكونك اكبر مني بأربعة أشهر لعينة لا احد يأبه بها.. فنظرة عينيك وحدها كانت كفيلة بجعلي اشعر انك طفلة في السابعة من عمرك.. خاصةً نظرتك البريئة التي كانت تفتت قلبي حينما اجرحك انا اللعين… اسف قدري.. سامحيني.

اطلقت قدر سراح تنهيدة حارة من شفتيها قبل أن ترد على كلماته التي نزلت كالماء البارد على حريق فؤادها المكلوم بقبلة لأول مرة تتجرأ أن تبادر بها..
استجاب ريس بكل خلية نابضة في عروقه لقبلتها الخجول والمرتجفة واستلم برحب الصدر دور القائد بدلًا عنها..

حالما ابتعد عنها همست قدر بحب:
– يكفيني انك تحبني ولم يعد يهمني الماضي ولا يعنيني.
ثم بتحذير وتهديد هتفت:
– ولكن أن فكرت وتجرأت أن تلهو بذيلك وتنظر إلى اي امرأة اعدك أن اقتلكما معًا.

ضحك ريس وهز رأسه موافقًا بخضوع مرح:
– تكرم حبيبتي وطلباتها واوامرها كلها تُنفذ.

تطلعت إليه قدر بدلع ليهز رأسه بيأس ويهتف ببربرية:
– ليس هناك فائدة.. لا اقدر أن اشبع منك.
وقبل أن تعارض كانت تحلق معه مرة أخرى إلى عالم لا يضم غيرهما.. فقط هي وهو وغزلهما الذي كلما يضطرم اكثر وأكثر بلهيب العشق الذي ليس له حد..

******************
ابتسمت جهاد وهي تتأمل اجمل المناظر في اجمل جزر هاواي.. لقد حقق لها طلبها واحضرها سندها الغالي الى هذه الجنة الموجودة على الأرض..
اغمضت عينيها باستمتاع شديد وهي تستنشق بقوة رائحة البحر الذي يسلب الأنفاس من شدة جماله..
كانت هذه الأيام من اجمل ايام حياتها.. معاملة سند لها كأنها طفلته المدللة واغداقه لها دون ملل أو كلل بكلمات الحب والغزل.. نظراته الحانية.. ولمساته الدافئة..
سند هو ملاذها الحقيقي والوحيد في هذه الدنيا..

لا تزال تذكر بهجته وتأثره الذي جعل دموعها تنساب بكثافة على وجنتيها في عيد ميلاده بعد أن قامت بتحضير مفاجآة له عملت عليها بجهد وتعب..
مفاجأة أمام كل عائلتهما وأصدقائهما.. حفلة عيد ميلاد كبيرة وراقية جدا ثم هديتها له في غرفة نومهما..
سلسلة صوره منذ أن كان طفلًا إلى أن كبر وصار رجلًا ينتمي لها وحدها.. صور تخبره انه قد كبر ليكون لها.. ملكها بعاطفته ووسامته..

الغرفة كان كلها مليئة بصوره وصورهما معًا أيضًا بطرق مختلفة.. بالإضافة إلى كعكة عيد ميلاده التي اعدتها بنفسها لأجله والشموع والورود التي كانت تملأ الغرفة.. وأخيرًا غزلها به، ساحقة خجلها لتمنحه ليلة رومانسية ستبقى خالدة في كيانهما الى الابد.. ليلة سُجلت في كتاب تاريخ قلبهما بقلم ليس له ممحاة!..

فتحت جهاد عينيها فجأة حالما شعرت بيد تجذبها خلفها فضحكت معترضة حينما وجدته سند الذي يقوم بجذبها نحو البحر..
– سند ارجوك لا.. ليس مرة أخرى.

ولكن سرعان ما كانت تصمت عندما حملها وركض بها نحو البحر ليلقيها داخله..
شهقت جهاد ثم بغيظ رشقته بالمياه، قائلة بغيظ:
– يجب أن تغرق لتتوقف عن هذه التصرفات الصبيانية.. هيا إغرق.

ضحك سند بخبث وهو يدنو منها، غير مكترثًا بالمياه التي ترشقه بها لتبتعد جهاد عنه بحذر ثم تحاول الفرار منه.. ولكنها لا تجيد السباحة مثله بمهارة فبلمح البصر كان جسدها اسير جسده وشفتيها أسيرة شفتيه..
بعد لحظات طويلة ابتعد عنها سند وغمغم بمشاعر جيّاشة:
– انني غارق حتى اليأس بك يا ابنة الجايد.. دعيني احاول انقاذ نفسي من هذا الغرق الذي يبعثر اوصالي.

ابتسمت جهاد وهي ترمي جسدها على صدره الصلب لتضمه بقوة وتقول بصدق:
– احبك يا سندي الوحيد في هذه الدنيا.. اذا انت غارق بي فإني أكاد لا اجد بقاياي بسبب حبي لك الذي يسري كالسرطان في دمي.. ولكنه اجمل سرطان أقسم لك!

******************
تعرفت مها ببهجة لم تستطيع طمسها على بقية أقارب هيرمان وأصدقاء عائلته.. كان يتمسك بها ويعرّفها على كل الحضور بفخر..
كان هذا حفل زفافهما الثاني كما وعدها.. فواحد كما اتفقا في بلدها وواحد في بلده.. ولم يحضر حفل هذا الزفاف عدا والديها وشقيقتها ليليان..

ابتسمت مها بهيام حالما مال هيرمان على اذنها هامسًا باللغة العربية:
– احبك.. اعشقك.

طيلة حفل الزفاف وهو يميل عليها كل مرة ليغدق قلبها المكتوب بأسمه بهاتين الكلمتين.. كانت هي من بدأت تعلمه العربية وهو أكثر كلمات اهتم ليحفظها هي كلمات الحب والغزل..
شعرت ببعض نظرات الغيرة التي تطالعها من كل صوب من النساء الألمانيات.. فهيرمان شديد الوسامة وهي ليست إلا فتاة عربية محجبة..
تشبثت مها بذراعه بتملك وتحدي سافر لأي أنثى تفكر بالاقتراب من حبيبها وزوجها.. ليست مستعدة ابدا على الإفراط به بعد كل هذه المعاناة التي قاستها حتى تتزوج عشق حياتها الوحيد..

بعد ساعات قليلة غادرا هيرمان ومها حفل الزفاف وتوجها إلى فندق فخم ليقضيا به ليلة زفافهما قبل أن يسافرا في اليوم التالي ليقضيا شهر عسلهما..
احتد ضجيج فؤادها حالما اغلق هيرمان الباب ونظر لها بحنو متفهمًا توترها.. فبهدوء دنى منها منها ثم برقة شديدة عملت يده على حل حجابها وطرحتها الطويلة..
همس هيرمان بابتسامة:
– لقد اشتقت الى جنون شعرك وتمرده.. اشتقت أن أراه منسدلًا بحرية على ظهرك وتتمايلين به امامي.. وطال شغفي اكثر مما يجب حبيبتي وانا اتمنى فقط لمسه وتنشق رائحته الساحرة.

كالظمآن اخذ هيرمان يتنفس عطرها قبل أن ينحني ويلتقط شفتيها بقبلة طويلة المدى وكأنها لن تنتهي.. وبذات اللهفة تجاوبت مها معه..
كانت وكأنها تطفو فوق سحابة عالية جدًا..
بعد أن فصل هيرمان القبلة لحاجتهما العارمة للأوكسجين غمغم بينما ينحني ليحملها ويسير بها نحو سريرهما:
– دعي اميرتي قلبي أخيرًا يرتاح.. دعيني اجعله يطمئن بقربك مني.. اريد ان اشعر بك اقرب إلى عظمي من جلدي.. اريد حبك وشغفك مها منذ الآن والى الابد.

تخضبت وجنتاها بخجل وهي تومئ موافقة بتشتت.. مسحورة ومأخوذة بكل حرف ينطقه.. حينما عاد ليقبلها مرة أخرى كانت هي من تفصل القبلة لتهمس بصعوبة:
– اريد ان اغير الفستان.. هناك قميصًا للنوم تعهدت أن أرتديه لك وحدك حينما نتزوج وفي ليلة زفافنا.

هز هيرمان رأسه موافقًا وهو بالكاد يتحكمه بلهفته ورغبته بهذه المرأة التي صارت تمثل الكون بالنسبة له.. دخل الى الحمام الآخر هو أيضًا ليأخذ حمامًا ينعش حواسه ريثما تخرج حبيبته..
وحينما خرجت بقميص نوم ابيض خطف أنفاسه تلاشى اي صبر وتعقل كان يحاول أن يتحلى به وهو يجذبها إليه ليأخذها بعيدًا عن هذا العالم كله.. ليمتلكها قلبًا وقالبًا.. عشقه الوحيد والأخير وهو رجلها وعشقها الوحيد والنهائي..

******************
احس عمر بشيء قاسي بارد يعرقل حركة يده بينما هو نائم.. حاول شد يده الا أن حركته كانت تؤلمه ففتح عمر عينيه ليتفاجأ بزوجته المجنونة لونا ممسكة بمسدسه وتصوبه نحوه بينما يده مقيدة بأصفاد حديدية أوصلتها بالسرير..
إتسعت عينا عمر بغضب بينما يهتف بها:
– لونا ما هذا الجنون في عز الصباح؟

حكّت لونها رأسها بمسدسه قبل أن تقول ببرود:
– صباح الخير حضرة الضابط.. عساكَ نمتَ جيدًا.

شتم عمر بصوت عالٍ قبل أن يأمرها بغضب صباحي:
– كفي عن جنونك وتعالي وقومي بفك الأصفاد قبل أن أفعل الويل بك.

– تؤ تؤ حبيبي.. اهدأ.. العصبية مؤذية لك ولصحة جسدك.
همست لونا بنبرة مستفزة ليحاول عمر فك الأصفاد وهو يتوعدها بعقاب قاسي حقًا حتى تكف عن شقاوتها التي باتت تثير غضبه في الكثير من الأحيان..
زلفت لونا من السرير وبحركة سريعة وضعت المسدس على رأسه بينما تسأله بوحشية:
– من هذه الحقيرة التي كنت تتحدث معها البارحة مساءًا بينما أنا نائمة؟

رشقها عمر بنظرات مستنكرة وهتف:
– اي حقيرة يا مجنونة؟

امسكته لونا من أذنه لتشدها له بينما تزأر كلبؤة غيرتها تكاد أن تعميها:
– لا تكذب ايها الضابط الخائن.. كنت تتحدث معها وتخبرها انك ستلتقي بها اليوم في تمام الساعة واحدة ظهرًا.. اجبني حالًا قبل أن اقتلك دون أي رحمة.

– لا والله يومكِ اسود يا لونا.. انا تشدين لي اذني!!
زمجر عمر بغضب اشوس قبل أن يحمل جسدها بيده الحرة ويرميها على السرير لتصبح تحته.. حاولت لونا مقاومته إلا أنه بعنف مؤلم قيّد حركتها..
– من اين تعرفين انتي سأقابل امرأة لتتصرفين بهذا الجنون والغباء؟

حاولت لونا عضه لتتحرر الا أنها لم تقدر وهو يشلّ حركتها تقريبًا بثقل جسده.. فصاحت بقهر:
– من جهاز التنصت!.. انا اراقب كل تحركاتك وانت بغباء كشفتَ نفسك البارحة.. من هذه الحقيرة التي تخونني معها؟ هيّا اعترف.

أمسك عمر شعرها بعصبية وسألها بحدة اخافتها:
– هل تتجرأين يا لونا وتراقبينني وتستخدمين ادوات التنصت؟!

– أجل!
ردت بتحدي قبل أن تصيح بألم ويده تعبث بعنف مؤلم بثيابها في محاولة إيجاد مفتاح الأصفاد الحديدية حتى يقوم بتربيتها..
– يومك حقًا اسود يا لونا وعقابك هذه المرة شديد.

– خائن ويعاقب.. تجرأ وافعل لي شيئًا وسأقتلك!
صرخت لونا بجنون ليبتعد عنها عمر حالما وجد المفتاح.. ثم قام بفك الأصفاد الحديدية قبل أن يرفعها بعنف عن السرير ويهدر بحدة:
– اين جهاز التنصت؟ اخرجيه.

بعناد ردت رغم خوفها من غضبه:
– لا.. لن افعل! وسأفضحك أمام الجميع.

استغفر عمر الله اكثر من مرة بينه وبين نفسه عسى أن يخمد براكين غضبه.. ولكن دون أن يدري كانت يده تستولي على شعرها بشراسة..
سالت دموع لونا وانتفض جسدها ببكاء وخوف وقهر بينما تهتف به:
– تخونني وتضربني بسببها؟! الهذه الدرجة هي اهم مني؟ اختفى حبك الي وما عدت انا الفتاة التي تخلق البهجة في قلبك وتنير لك عالمك كما كنت تخبرني دائمًا؟!

تعالى صوت نشيجها بينما تستأنف:
– اعدني الى منزل اهلي وإمرح كما تشاء معها.. لن اتبعك بعد الان وسأختفي من حياتك التي انا ازعجها بجنوني وطفوليتي المثيرة للاشمئزاز.

رغمًا عنه اختفت اي ذرة غضب في جسده وهو يرى انهيارها وبكائها.. وبحركة سريعة كان يضمها الى صدره ويقبل رأسها بينما يهتف بأسفه:
– أسف.. والله اسف.. انا لم اخونك ولا اتجرأ أن افعل.. انت فهمتِ بشكل خاطئ حبيبتي لونا.. انت الوحيدة التي اعشق والتي اتمنى قربها.. تلك الحقيرة كما تقولين ليست إلا مساعدة ستفيدني في قضيتي الحالية التي أعمل عليها.. والقضية هذه اساسًا تثير اعصابي فلا اتحمل حتى اي كلمة.

رفعت وجهها إليه ليقبل طرف شفتيها ويسترسل:
– لونا حبيبتي انت الوحيدة والله التي في قلبي.. مستحيل أن أفكر بغيرك.. اساسًا جنونك هو سر حبي لك.. رد فعلي العنيف سببه غضبي من القضية العصبية هذه.. ثم هل يفعل أحد هذا الجنون بضابط وايضًا حين استيقاظه من النوم؟

بحنق وبكاء غمغمت:
– لقد ألمتني.. لماذا لم تتفهم قهري وغيرتي؟ كان بإمكانك أن تشرح لي بدلًا أن تقوم بإرعابي منك بهذه الطريقة.

– اسف يا قلب عمر.
همس عمر بينما يقبلها مرة أخرى لتدس جسدها في حضنه وتقول بغيرة:
– سأرافقك لمقابلة تلك الحقيرة.

ضحك عمر وهو يهز رأسه موافقًا:
– حاضر.. ستأتين وتحللين معي أيضًا في هذه القضية بشرط أن لا تقومي بفضحي للاعلام.
لثم عنقها بحب وشغف وهمس:
– هل فهمت ايتها الصحفية الجميلة؟

اومأت لونا برضى وغمغمت:
– لا زلتُ اريد ان اعاقبك.. لأول مرة اخاف منك هكذا! ادري انك ضابط.. ولكن لا تكن ضابطًا مرعبًا.. ارجوك حبيبي كن رقيقًا ولطيفًا!

هز عمر رأسه بسخرية وتمتم باستهزاء:
– هذا ما ينقص! أن أكون رقيقًا مع المجرمين!

******************
جلست قمر والارهاق تقصه حدقتاها بوجع مرير.. لقد مرت أشهر طويلة كالجحيم إليها.. منهكة ومستنزفة حد النخاع.. فالكوابيس به خاصةً لا تنفك أن ترحمها.. رعبها منه ومن الكوابيس بات يقتلها.. يدمرها.. رويدًا رويدًا.. والدتها لاحظت عليها منذ فترة وتحدثت معها لتفهم ما خطبها ولكنها لم تستطيع الا أن تكذب وتقول انها تشعر بقلق فقط وتنتابها احيانًا الكوابيس فتخشى أن تنام.. لم تتجرأ وتخبرها أن كابوسها المرعب في نومها وفي صحوتها هو حمزة..

هي نفسها لا تفهم سبب هذه الكوابيس ولا تفهم رعبها منه.. مما هي خائفة؟ هي ابنة عائلة قوية.. عائلة قوية ومخيفة وذات نفوذ حاد وحمزة لا شيء أمام عائلتها بقوته.. إذًا لماذا كل هذا الخوف!
انهمرت دموعها رغمًا عنها وهي ترجو الله أن يخرج حمزة نهائيًا من حياتها.. لا تريده.. لا تريد اي ذكرى تجمعهما معًا في عقلها..

لا زال ظهوره المفاجئ يبث الرعب في أوصالها لتتبعثر قواها على الأرض تحتها ويسحقها هو باقترابه منها.. تحاول أن تبدو قوية امامه الا أنها تخشى ابتسامته الماكرة ونظراته الغريبة الغير مقروءة..
جهاد تخلصت منه نهائيًا.. هي تدري.. فحمزة قد قالها لها بصريح العبارة.. جهاد لم تعد تهمه.. ما يهمه الان فقط هي.. وهي لا تريد.. لا تريد أن تكون ضحية لرجل كهذا.. اين المفر منه؟ اين؟!!..

شعرت بأحد يجلس بجوارها فشهقت، خشيةً أن يكون هو.. لم تتجرأ أن تنظر لتعرف هوية الشخص فتراه.. وسرعان ما كان رعبها يخمد وينطفئ وهي تسمع صوت زميلتها تسألها بقلق:
– قمر حبيبتي هل انت بخير؟

اومأت قمر بهدوء قبل أن تنهض وتقول:
– الحمدلله انا بخير.. فقط مرهقة.. سأغادر الجامعة الان.

– أتى رجل وسأل عنك قبل قليل.
أوقفتها زميلتها بقولها لينقبض قلبها وهي تستدير إليها بثبات جاهدت على التحلي به:
– هل تعرفين ما هو اسمه؟

– أعتقد حمزة.
اغمضت قمر عينيها بيأس وهي مصرة أن تتخطى خوفها منه.. لا شيء يدعوها للخوف.. لا يقدر أن يمسها بضرر.. اذا حاول مجرد محاولة ستخبر ابيها ولن تتردد..
توجهت قمر الى موقف السيارات التابع للجامعة لتجده ينتظرها بجانب سيارتها كما توقعت..
اخذت شهيقًا عميقًا مرتجفًا ثم زفرت أنفاسها الحارقة ودنت بخطوات متمهلة منه وخفقات فؤادها الصاخبة تكاد أن تصم أذنيها..
وقفت امامه ورسمت قناع البرود والجمود على وجهها بينما تهتف بصوت جاد حاد:
– ماذا تفعل هنا؟

استدار حمزة ليطالعها بعينين بارقتين كذئب ماكر ثم اجابها بابتسامة:
– لقد اشتقت اليك فأتيت لأطمئن عليك بما انك لا تزالين عنيدة وترفضين الرد على رسائلي واتصالاتي.

بعصبية شديدة سببها خوفها وقلقها صاحت به قمر:
– الا يعني ذلك انني لا اريدك في حياتي؟! لماذا لا تفهم وتدعني وشأني؟! الا تمل؟ انا ابغضك.. لا اطيقك.. لا اريدك ان تقترب مني.. اذا تجرأت واتيت مرة أخرى إلى الجامعة في محاولة للبحث عني سأقتلك! اتركني لوحدي!

شهقت قمر أنفاسها بفزع حالما صار جسدها اسير جسده بلحظة غير مرئية بينما ظهرها يرتطم بباب سيارتها.. ارتعبت.. حقًا ارتعبت وهي ترى نظراته البربرية ترشقها بقسوة فريدة من نوعها..
شحب وجهها وكأن الروح تُسلب منها حينما همس بأذنها بينما انفاسه المتقدة العنيفة تصفع بشرتها بكل قسوة:
– لستِ انت من تقررين اذا ابتعد عنك ام لا.. اخبرتكِ مرارًا وتكرارًا انني اريد التعرف عليك عن قرب.. وعلى ما يبدو انت لا تعرفين ما هو قصدي بقربٍ.

رفع وجهها المخطوف لونه ليتحسس خدّها بنعومة لا تخلو من الخشونة ويسترسل:
– انت كلما تتغلغلين في عقلي اكثر لتشغلي أفكاري كلها وكياني.. ما عاد ينفع أبدًا اخراجك من رأسي.. اقترفتِ جريمة لا تُغتفر بحق نفسك حالما اتيت الى مقر عملي لأُعجب بك وبطيبتك وبشراستك هذه أيضًا.

ابتسم حمزة بهدوء واضاف:
– رفضك لي كالمغناطيس لا يجذبني الا اليك فتصبح فرصة ابتعادي عنك كالحلم المستحيل.. حلم بعيد المنال يا قمر!

– ارجوك!
غمغمت باختناق ورجاء ودموعها تكاد تتصبب على وجنتيها من الجنون الذي تفوه به..
حينما لم تتلقى منه إلا الصمت استأنفت بنبرة واهية مرتعبة:
– انا وانت مستحيل أن نكون لبعضنا البعض.. نحن لا نلائم بعضنا البعض.. عالمك لا يشبه عالمي.. ارجوك اتركني.. دع عقلك يطلق سراحي.. ارجوك!

وضع حمزة إصبعه على فمها ليسكتها وقال:
– دعي حكايتنا تبدأ يا قمر فبالنسبة الي قد بدأت.. انا وانت لن نكون الا لبعض.. مصيرك فقط معي.. مهما حاولتِ الهروب والتخلص مني مصيرك انا.. فقط انا!

بغضب شديد حاولت قمر دفعه والتخلص من ذراعيه بينما تصيح بهستيريا:
– مستحيل يا ايها المجنون.. مستحيل.. لو كنت الرجل الوحيد على هذه الأرض.. مستحيل.. انا ابغضك.. لا اطيق اسمك.. دعني.. دعني.

كم تمنت ان يأتي أحد فجأة إلى موقف السيارات ليخلصها منه.. ولكن من سيقدر وسيجرؤ بعد كلامها الذي جعله يستشيط غضبًا اسودًا سيحرقها ويدمرها بسواده!
اطلقت قمر صرخة مفزوعة وهو يسحق عظامها سحقًا بعناق قاسي متوحش مؤلم بطريقة مجنونة بينما يهمس بنبرة شيطانية بأذنها:
– وانا الرجل الوحيد الذي ستكونين له.. فقط انا.. ابغضيني واكرهيني اكثر واكثر فهذا الشي لا يزيد الا من تمسكي بك لأخضعك لي انت وتمردك وشراستك التي لا تناسبك.

سالت دموعها وهي تحاول التخلص منه.. كانت قمر تحارب كوابيسها.. لا تراه الا كما في كوابسيها.. شيطان مخيف.. ذئب ماكر.. تخافه وترتعب منه.. كرهها له ونفورها وحدتها نسبتهم الكبيرة هي بسبب كوابيسها به ومن ثم تصرفاته.. ولكن قمر لم تكن تعي ذلك.. كانت تحقق كوابيسها بيدها دون أن تشعر أو تدرك.. فمحال أن تنفد بريشها من بين براثن حمزة ال بعد كل ما فعلته هذه الفترة..

راقبت جسده الضخم يغادر بينما هي كلها ترتجف.. كورقة واهنة في مهب عاصفة قاتلة.. متحسرة منذ الآن على نفسها..
رباه كم تخشى القادم وخاصةً هذا الحكاية الذي قال إنها ستبدأ بينهما.. لا تريد اي حكاية تجمعهما معًا.. لا تريد..

******************
توسدت قدر صدر جدها أوس بينما تسمع شباب العائلة يباركون لريس بمناسبة حملها.. وكأنه هو الحامل وليس هي!
طمست قدر ضحكتها بصعوبة وهي تسمع رد ريس المغرور والمثير للاستفزاز على مباركتهم له وكأنه اول رجل زوجته تحمل في الوجود!

هتف ريس الجد بسخرية:
– إعقل يا رجل ورد بأدب.. لا تنفخ ريشك هكذا فأنا زوجتي حملت اساسًا من اول ليلة جمعتنا معًا وليس مثلك بعد الاسبوع الاول او الاسبوع الثاني ربما!

شهقت لين باحراج وهي تضربه على صدره بخفة بينما ضحك ريس الحفيد، قائًلا بوقاحة وهو يقترب ليجلس جوار جدته:
– أخبرينا لينو هل يكذب جدي ام لا؟ لا تخجلي واخبرينا كم كان جدي فاشلًا ليجعل حملك يتأخر لعدة أشهر.. من الذي ذو كفاءة اكبر يا لينو انا ام زوجك؟

تمنت قدر أن تنشق الارض وتبتلعها حينما تعالت الضحكات المستمتعة بسبب وقاحة ريس التي ليس لها حدود..
– هذا الرجل ولد فقط لافتعال الفضائح!
همس غيث لناي المستمتعة بوقاحة ابنها لتضحك اكثر..

رشق ريس الجد لين بنظرات حادة وهدر:
– هل بقي سرًا يخص العائلة لم تخبري هذا الأرعن عنه؟

والرد كان من نصيب ريس الحفيد بدلًا عن جدته الضاحكة:
– لا جدي.. تفاصيل ماضيك الاسود كلها بحوذتي.. فإجلس بهدوء كي لا افضحك.. اعتقد انك تعرف جيدًا لسان حفيدك.

– ايها الابله هل نسيت انك تتحدث مع والدي؟ ابا ليث!
هتف ليث بتحذير مرح ليبتسم ريس بخبث ويقول:
– خالتي سيلا هناك اخبار شيقة عن زوجك أيضًا.. اخبريني فقط اذا تحبين أن اطلعك عنها الان.. ولكن اعدك انك ستقتلينه هنا وامامنا.

– لم ارى طيلة حياتي رجلًا كله حقارة ونذالة مثلك!
تمتم ليث بغيظ ليضحك غيث ويقول:
– والله لا ادري لمن هذا الولد هكذا؟ حقارة ونذالة وفسق!

رد آسر على غيث مستمتعًا بتصرفات ريس اكثر مما يجب!:
– لمن غير عمه ليث؟.. سبحان الله نسخة طبق الأصل!

قهقهت سيلا بمرح:
– أجل والله.. نفس قرف عمه!

– اتاك الموت يا تارك الصلاة!
همست جهاد مدركة جيدًا عقاب والدها لوالدتها على الكلام التي تفوهت به.. فلقد حفظت الدرس..
رد ليث بهمس بربري في أذن سيلا:
– انتظر أن أغلق فقط باب الغرفة علينا لأرد عليك.

ابعد أوس قدر قليلًا عن حضنه لينهض ويجلس بجانب ريس ويهمس بصوت لم يسمعه غيره:
– لقد خطب سامر وتم التخلص نهائيًا منه.. فبعد أن تحدثت مع والده وأخبرته أن ابنه قد يورط نفسه في مشاكل لن يخرج منها لان العائلة تعمل في الشرطة أصر على جعله يتزوج.

بنبرة عنيفة منخفضة رد ريس على جده أوس:
– والله كان يجب أن اكسر عظامه يا جدي ولكن لأجلك فقط ولأجل قدري لن افعل.

تطلع أوس إليه بجدية وقال بتحذير:
– واياك أن تفكر يا ريس.. الان زوجتك حامل وانت رجل متزوج.. يجب أن تكون مسؤولًا اكثر وواعيًا.

اومأ ريس موافقًا قبل أن ينهض ويقول:
– هيا قدر لنغادر نحن.

– ماذا وراءكما يا ريس؟ اجلسا قليلًا بعد.
غمغمت رين بخبث ليبتسم ريس متفهمًا الوقاحة التي تسري بدم رجال ونساء هذه العائلة:
– عمتي حبيبتي.. يجب أن أخذ زوجتي لأعمل على طفل آخر.. ربما يصبحان توأم بقدرة خارقة!

لم يتمالك أحدهم نفسه لينفجروا ضاحكين فسارع ادهم بضم طفلته الى صدره التي اشتعل وجهها بحمرة قانية من الخجل والاحراج..
كادت قدر حقًا تود أن تبكي بسبب هذا الرجل الذي أُبتليت به.. وبرجاء طلبت من والدها بصوت منخفض:
– ابي ارجوك دع هذا المفضوح يطلقني!

ضحكت سيلين بحنان امومي على خجل طفلتها ثم رأفة بها زجرت ريس:
– ريس هذا يكفي وخذ زوجتك وغادر.

نهضت قدر بخجل شديد لينهض ريس الجد هو الآخر ويجذب لين خلفه ويهتف:
– انا أيضًا هناك مهمة يجب أن أقوم بها.. اراكما غدًا.. هيا يا امرأة لنغادر.

————————
تمت بحمد الله..

مع كامل حبي وشكري:
الكاتبة اسيل الباش

 

error: