رواية غزلًا يوقده الرجال
الفصل الثالث وعشرون (الجزء الثاني)
دعيني أقبلك في كل مكان..
بين الأشجار.. وسط الأمواج..
تحت الأمطار.. وعلى بر الخطر والأمان..
دعيني اتأملك وأشرب من خمرك
الى أن أثمل وتقررين أن أنام..
دعيني أحبك وأعلمك معنى
الحب وانسي كل ما فات..
دعيني كالشهيد الموعود بأجمل
الوعود أطوف في محراب ثغرك..
دعيني يا فارسة الجروح ودعيني..
ولكن بربك العظيم لا تدعيني..
———————
اتسعت عينا قدر بفزع وهي تشاهد شرارات الغضب العنيف تنطلق كالأسهم من عيني ريس.. ابتلعت ريقها بصعوبة حينما اقترب ريس من سامر بابتسامة شيطانية وهمس بخطورة وهو يشير إلى نفسه:
– انا نذل وسرقت خطيبتك التي هي ملكي من الاساس.. أليس كذلك؟
رفع سامر حاجبه الأيمن بحركة استفزت ريس اكثر ثم همّ أن يرد ولكن قبضة ريس هوت على وجهه بعنف جعله يشتم بصوت عالٍ بينما يجهر ريس وهو يمسكه من تلابيب قميصه:
– اسمع يا ولد.. اياك والعبث معي او بما هو ملكي.. اعرف جيدًا من هو ريس الجايد قبل أن تفكر بنعته بمجرد كلمة بذيئة أو الدنو مما ينتمي له.
دفع سامر ريس بعنف وود أن يرد اللكمة لريس ولكن ريس تفاداها بسرعة وامسكه مرة أخرى ليضرب رأسه بعنف برأس سامر الذي أطلق تأوهًا نتيجة قسوة الضربة..
انهمرت دموع قدر برعب بينما تدخل حارس المدرسة ليفك بينهما ويبعدهما عن بعضهما البعض..
– ريس ارجوك هذا يكفي.
صاحت قدر ببكاء فهدر ريس بعصبية:
– اذهبي واجلسي في السيارة فعلى ما يبدو أن هناك ابله لا زال لم يعرف أن ممنوع التفكير حتى بك.
– قسمًا بالله انك لا تستحق قدر.. كانت يجب أن تكون لي لو انك لم تتصرف بنذالة وتوقعها بشباكك حتى تنفصل عني.. كنت نذلًا وستبقى كذلك!
هتف سامر بقهر فكاد ريس أن يقضي عليه حقًا لولا حارس المدرسة الذي يمسك به بقوة ليردعه..
تابع سامر بنبرة استفزازية:
– ستبقى طيلة عمرك همجيًا.. بلطجيًا.. وان شاء الله قريبًا غرورك سيجعلك تقع في أعمق المصائب التي نهايتها السجن أو الموت وسأفرح كثيرًا عندما ارى قدر تتركك.
مسح سامر الدماء التي سالت من انفه قبل أن يستدير ليغادر فيردعه صوت قدر:
– لن اتركه يا سامر ابدًا.. فرجاءًا غادر أو عد الى المدرسة دون المزيد من المشاكل.
اقتربت قدر من ريس فابتعد حارس المدرسة عنه لتمسك قدر يده تمنعه من اي محاولة أخرى لضرب سامر:
– ريس حبيبي لنغادر الان.
ابتسم ريس بهدوء وحشي بينما يرفع يده اليسرى ليحيط بها خصر قدر.. سار ريس تجاه سامر ليلكمه بيده اليمنى بعنف على معدته بينما يقول بشراسة:
– الان انا حقًا همجي وبلطجي.. لحسن حظك فقط أن قدر موجودة معي الان ولكن سنتقابل لاحقًا.. اعدك.
شهقت قدر بتفاجؤ بينما تدخل حارس المدرسة، قائلًا بحنق:
– كفى سيد ريس.. لا تجبروني على الاتصال بالشرطة.
– نحن سنغادر حالًا.. لا داعي للاتصال بالشرطة.
غمغمت قدر بخوف ليبتسم سامر ببرود ظاهري وهو يضغط على بطنه بيده ثم استدار ودخل الى المدرسة دون أي كلمة أخرى.. ولكن قدر كانت متأكدة أن وراء سكوت سامر على كل ما فعله ريس عاصفة قاتلة.. وهي تخشى أن تؤذي هذه العاصفة ريس أو أحد من عائلتها..
همست قدر لريس الذي لا زال يبدو غاضبًا ومغتاظًا مما حدث:
– ريس ارجوك انسى كل ما حدث قبل قليل.. لا اريد ان اكون بداخل علاقة متوترة مليئة بالمشاكل.. فيكفي فعلا كل ما مررت به سابقًا.
تجاهل ريس ما قالته وهو يفتح لها باب السيارة:
– ادخلي الان الى السيارة.. وسنتحدث لاحقا.
– لا اريد.. اصعد انت فأنا هي التي ستقود الان.. انت غاضب وانا لا اضمن قيادتك حاليًا.
هتفت قدر بحزم بينما تبتعد عن ريس فتمتم ريس باستنكار:
– هل جنت يا قدر؟ انا فقط من سيقود.
بضيق اعترضت قدر:
– لا.. انا هي التي ستقود سيارتك.. دعني افعل لانني ايضا ارغب بقيادتها.
زفر ريس قبل أن يستجيب لطلبها برضوخ:
– افعلي ما تريدين.. ربما غدًا سنصل بما انك من ستقودين.
رمقته قدر بحنق من بين نظرات عينيها الدامعتين:
– لا تستفزني يا ريس.. انا اساسًا غاضبة منك.
– ادخلي الى السيارة واغلقي على هذا الموضوع نهائيًا.. فهو حقًا يفقدني صوابي وخاصةً عليك.
قال ريس بتجهم فنفذت قدر ما قاله على مضض وهي تنطلق بسيارته على اقل من مهلها!..
***************
ابتسمت لونا وهي تتذكر اجمل لحظات حفل خطوبتها بعمر… خاصةً حينما دخلا الى المنزل.. تخضبت وجنتاها ووضعت يدها على فمها وهي تتذكر مذاق شفتيه التي قبلتها للمرة الأولى بحب وشغف.. تتذكر همساته لها التي كانت تتغزل بها بهيام.. وتتذكر كلماته التي كان يقولها ليغيظها..
تنهدت لونا بضيق وهي تفكر متى سيعيشان في منزل واحد.. الخطبة قد تمت وكذلك عقد القرآن.. كل ما بقي هو حفل زفافهما لتنتقل الى منزله وتلتصق به ليلًا ونهارًا وتنعم بحبه وعزله كما تود وكما تشاء..
رسالة الى هاتفها وصلتها جعلتها تنهض سريعًا عن سريرها وتلتقط الهاتف عن سطح طاولة المكتب الصغير الذي في غرفتها وتقرأها بعينين وامضتين عشقًا..
“حضرة المتهمة لونا عمر الجايد.. انت متهمة بسرقة قلب الضابط عمر الجايد ولذلك يجب أن تأتي إلى مخفر الشرطة ليتم القبض على يديك بأصفاد روحي التي ستعانقك”
ضحكت لونا ملئ شدقيها وهي تعيد قراءة الرسالة اكثر من مرة.. ثم بابتسامة عابثة ضغطت غلى زر الاتصال ليوافيها رده بعد ثوان معدودة..
– نعم يا ايتها السارقة.. الأصفاد تنتظرك.
همهمت لونا باستمتاع:
– حسنٌ.. دعني فقط اقوم بتبديل ثيابي يا حضرة الضابط قبل أن اتي بقدماي إلى حكم الاعدام.
– انا انتظر.. لا تتأخري والا سأكون عنيفًا باستجوابك عكس بقية المتهمين المساكين.
قال عمر بصرامة مزيفة فغمغمت لونها بمرح:
– اذا سوف اتأخر عمدًا.. هيا الى اللقاء عمورتي.
ابتسمت لونا بمكر وهي تفكر بالذهاب إلى صالون التجميل لتغير لون شعرها.. ولكن اية لون…؟ لا زالت لا تدري.. تخشى اذا غيرت لون شعرها أن يتضايق عمر فهو يحب لون شعرها هذا رغم سخريته منه دائمًا.. على اي حال ستذهب اليه الان وسترى رأيه حول هذا الموضوع فربما يرافقها إلى صالون التجميل ويدفع هو بدلًا عنها.. أليس هو زوجها الان؟ اذًا ليدللها..
بعد ما يقارب الساعة كانت لونا تدخل الى مقر عمله وكأنها هي الضابط فهي أصبحت معروفة الان.. زوجة الضابط عمر الجايد.. الجميع يجب أن يحترمها ويقدّرها.. حينما لم تجد عمر في مكتبه سألت أحد الجنود:
– اين الضابط عمر؟
– مشغول بقضية جديدة.. أعتقد أنه سيخرج بعد قليل.
رد الجندي عليها فاومأت لونا بموافقتها قبل أن تدخل الى مكتبه وتجلس مكانه.. بابتسامة فضولية بدأت لونا بفتح الأدراج لترى ما يوجد بداخلها.. واحدًا تلو الآخر.. وعندما لم تجد شيئًا يثير اهتمامها نهضت من مكانها لتنتبه الى الأصفاد الحديدية الموضوعة على رف خشبي قريب..
التقطت لونا الأصفاد وهي تتذكر كلام عمر.. كانت تدري انه لا يقصد الأصفاد هذه حقًا بل يقصد حضنه ولكنها برغبة شقية وضعت الأصفاد حول يديها واغلقتها في ذات اللحظة التي دخل عمر بها إلى مكتبه..
توترت لونا قليلًا وهي تبرر وهي تتطلع اليه بوجه احمر طفولي:
– أردت تجربة هذه الأصفاد فقط.. فقم بفكها الان.
اقترب منها عمر بخبث بينما يقول:
– لماذا تعبثين يا لونا بأغراضي.. كيف سنقوم بفك هذه الأصفاد الان؟
– بالمفتاح يا عمر.. لا تهذي كثيرًا.
ردت لونا بحنق فجذبها عمر الى صدره وهمس بجانب اذنها:
– لا ينفع.. لقد ضاعت مفاتيح هذه الأصفاد.. الحل الوحيد هو قطع يديك!
– ماذا؟
صاحت لونا برعب وهي ترتد عدة خطوات الى الوراء فكتم عمر ابتسامته وزجرها بسخط:
– لماذا تعبثين بهذا الغباء يا لونا بأغراض الغير؟ لا اريد حقًا ان نقطع يديك.. كيف ستطهين وتنظفين بعد أن تدخلي الى منزلي؟!
نظرت لونا الى يديها بذعر قبل أن تصرخ ببكاء:
– لا اريد.. عمر جد حلًا والا سأضربك!
ضحك عمر ثم ضمها الى صدره واردف:
– لا تقلقي يا روحي.. هناك ايدي اصطناعية.. بإمكاننا أن نُركّب لك منهم.
– عمر!
زمجرت لونا بضيق فقال عمر بلطفٍ بينما يضع يده على خدها يتحسسه بنعومة:
– اهدأي حبيبتي ولا تخافي.. لن تشعري بأي الم.
حدجته لونا بعينين دامعتين قبل أن تستهل عيناها بذرف الدموع على وجنتيها الناعمتين وتشهق بضيق كالاطفال تمامًا:
– عمر لا تمزح معي بهذه الطريقة.. قم بفك هذه الأصفاد حالًا والا سأغادر ولن ترى وجهي!
ابتسم عمر بحنو وهو يجذبها الى صدره رغمًا عنها ليقبل جبينها:
– سأقوم بفكهم ولو بأسناني ولكن لا تبكي بهذه الطريقة.. لا اريد ان يقولون عن الضابط عمر أنه متزوج من طفلة مجنونة!
رفعت لونا رأسها وتطلعت إليه بوجنتين متخضبتين اثر بكائها بينما تقول بسخط:
– انت محظوظ بزواجك من هذه الطفلة التي لا تعجبك سيد عمر.
رفع عمر ذقنها اكثر إليه بينما مال بوجهه ليلثم ثغرها بقبلات عديدة قبل أن يهمس بصوت اجش:
– والله اني ادري.. وهذه الطفلة الحمقاء تعجبني بكل حالاتها.
غمغمت لونا بضحكة حانقة:
– أتتغزل بي أم تقوم بشتمي؟
بابتسامة عابثة رد عمر:
– هذا وهذا.. الاثنان معًا.
– حسنٌ.. حسنٌ.. هيا قم بفك هذه الأصفاد والا سأطالب ببتر لسانك ايها الضابط.
تمتمت لونها بصرامة محببة فضحك عمر وهو يجفف لها دموعها بأنامله:
– حاضر يا زوجة الضابط.
ووسط ذهولها اخرج عمر المفتاح من جيبه وقام بفتح الأصفاد بينما ابتسامة لعوب تزين شفتيه بطريقة تسلب حقًا الأنفاس فكيف إذا كان انفاس لونا؟
تمتمت لونا بغيظ:
– يا ربي!! لن يكون اسمي لونا يا سيد عمر اذا لم ادعك تندم على تخويفك لي.. قم بتجهيز مليون يورو لتنفق عليّ حالًا.
ضحك عمر باستمتاع:
– انت لا تفكرين الا بالعملات الغالية.. يورو ودولار.. ماذا ايضًا؟
– دينار كويتي!
ردت لونا ضاحكة فقبلها عمر مرة أخرى بقوة وسط تغنجها المتمنع..
*****************
لم ينبس سند قط بكلمة لوم أو عتب منذ أن عادا من المستشفى.. تدري جهاد انه يحس بالضيق منها.. ولكنه لا يود أن يلومها فيزعجها.. كان قاسيًا بحقه أن تعامله بطريقة جافة بعد أن اخبرها أنه يثق بشرفها ولن يفكر يومًا بتدنيس سمعته.. وربما كلام الطبيبة و اسلوبها معه كان اهانة في حقه.. فكانت هذه المرة الأولى التي يتعرض سند بها إلى معاملة كهذه.. وكأنه جاهل متخلف وتم تزويجه من ممرضة مثقفة!
زمت جهاد شفتيها وهي تفكر بالحال الذي كلما تؤول إليه علاقتهما.. وكأنهما في بئر كلما تود سد مياهه تزداد اكثر..
تطلعت برضى إلى انعكاسها في المرآة الطويلة المعلقة على الجدار بجانب باب غرفتهما.. كانت ترتدي فستانًا قصيرًا بلون النبيذ.. دون اكمام وعاري الظهر.. بينما شعرها الأسود تركته منسدلًا كغمامة سوداء حالكة على طول ظهرها.. وبيد خبيرة وضعت بعض المستحضرات التجميلية على وجهها.. جميلة وناعمة.. لا يمكن الإنكار أبدًا.. وقد ازدادت جمالًا بعد أن فقدت الكثير من وزنها قبل الحادث وبعده لتقرر هذه المرة بجمال وجهها الساحر إخضاع اي مقاومة من سند لترميه بين زوبعة عشقه المتلهف لها..
كانت قد بدأت صحة جهاد تتحسن فصارت قادرة نوعًا ما أن تقف لفترة زمنية لا بأس بها دون أن تتعب أو تتألم.. وألم صدرها اختفى نوعا مًا.. اما كتفها فقد تحسن كثيرًا عما كان عليه قبلًا..
ابتسامة ناعمة زخرفت ثغر جهاد وهي تلتقط الصندل الأسود ذو الكعب العالي لتنتعله.. وما أن انتهت القت مرة أخرى نظرة أخيرة على نفسها في المرآة قبل أن تتوجه بخطوات اخف من الريش إلى الصالة التي يحتلها سند بمشاهدته الى مباراة كرة القدم.. تدري انها ربما ستزعجه فهو كان ينتظر هذه المباراة بلهفة ومنذ عدة أيام أيضًا..
إتسعت ابتسامتها وهي تأخذ نفسًا عميقًا بعد أن رأت طريقة جلوسه التي تدل على تركيزه التام في هذه المباراة اللعينة.. استرسلت بخطواتها التي أصدرت رنينًا جذب أنظاره رغمًا عنه.. ولأول وهلة تفرست حدقتاه جمالها دون أن يرمش على الأقل ثم بعد ذلك دنت منه بثقة استمدت مصدرها من تأثيرها الذي بان على ملامح وجهه.. وسرعان ما كانت جهاد تطلق شهقة مصطنعة حالما جذبها سند لتقع في حضنه..
– هل افهم أن هذه عملية اغراء؟
تساءل سند بهدوء بينما يلتقط جهاز التحكم ليغلق التلفاز.. فتبًّا لهذه المباراة التي ستلهيه عما هو أهم في الوقت الحالي.. لا شيء اهم من السحر القائم في حضنه اطلاقًا..
أسبلت جهاد أهدابها بخجلٌ لا إرادي بينما تغمغم بصوت مغري:
– حاشا الله.. انا لا اعرف كيف اغري!
رفع سند حاجبه الأيسر وهو يجترع من خمر جمالها بعينيه دون أن يشبع.. وربما لن يفعل ابدًا..
– أرى ذلك بوضوح.. انت لا تعرفين كيف تقومين بإغراء زوجك بل تعرفين فقط كيف تسرقينه عما حوله ليتعبد في محراب جمالك يا ام ادهم.. أليس كذلك؟
ببطء مُنهك رفعت جهاد وجهها وأسندت جبينها على جبينه فإختلطت انفاسهما الحارة المحتدمة اثر خفقات وجدانهما الصاخبة..
همست جهاد برقة بينما بيدها اليمنى تحيط وجنته لينسى اي شيء عداها:
– انت محق.. هذا ما اريده من زوجي الحبيب.. الحب ثم العشق ثم الهيام.. انا اعشقك سند وادري يا روحي انك مقهور من تصرفاتي فسامحني يا قلبي كما سامحتك قبلًا ورضيت لأبقى قربك انعم من دفئك وارتوي من ابريق عشقك.
أجابها سند بهدوء بالكاد تمسك به بسبب قربها المميت لحواسه كلها:
– انا لا احمل اي ضغينة ضدك.. على العكس تمامًا.. سامحتك لأنني أود قربك.. أود أن تغفري لي وان تنسي.. لا أنكر أنني شعرت بالضيق بسبب تفكير الطبيبة عني.. ولكن لا بأس اذا كان هذه سيطمئن روحك وقلبك.. سلامك النفسي هو جل ما اريده يا جهاد.. لا غير!
– اذًا لنسافر!
قالت جهاد بمرح فضحك سند باستمتاع وتساءل:
– الى اين تريدين السفر لنقضي شهر عسلنا؟
بابتسامة تشي عن مكر تفكيرها ردت جهاد:
– هاواي.. ولكن بعد أن يتم زفاف ريس وقدر وعمر ولونا لأضمن أن لا شيء سيسرقك مني.
همهم سند بتقدير واجاب:
– اختيار جميل.. سنذهب إن شاء الله بعد كل ذلك.. ولمدة شهر كامل.
– فقط!
تمتمت جهاد بحنق جعله يرغب بتذوق شهد شفتيها في التو.. وليست من عادات سند الناصر أن يرغب بتناول شيئًا ما ولا يفعل.. فبشغف واضح انحنى سند ليروي القليل فقط من ظمئه قبل أن يهمس بخشونة لا إرادية:
– فقط؟! هل تريدين اكثر من شهر؟
بأنفاس لاهثة ردت جهاد:
– أجل.. ثلاث اشهر أعتقد أنها ستكون كافية!
*****************
منذ الحدث الأخير والشجار الذي دار بين ريس وسامر وهي تتجاهل اي جدال قد يحوم مع ريس.. خطوبتهما ستكون عائلية وفقًا لما تقرر.. لن تكون كبيرة كالعادة وعقد القرآن سيكون قبل حفل الزفاف بيوم فقط.. وبسبب إصرار ريس حفل زفافهما سيتم بعد اسبوعين ولم يعترض اي احد فريس جاهز من كل النواحي..
كان ريس يلتصق بها بطريقة استفزازية على الرغم من نظرات أوس التحذيرية.. ولكن منذ متى ريس يبالي بنظرات وكلمات الغير حينما يتعلق الموضوع بقدر..
نهضت قدر لتساعد عدن في إعداد القهوة فقال ريس بجدية:
– جدتي اجلسي انت.. قدر هي التي ستعد القهوة.
– ضعي له فلفل حار في فنجانه.. هذا المشاكس لن يهدأ!
تمتم أوس بحنق فضحكت قدر بينما نهض ريس هو الآخر من مكانه قائلًا بمكر:
– اذا كانت ستحدث جريمة فمن الأفضل أن أخذ حذري وأرافق خطيبتي الى المطبخ لأمنعها من تنفيذ هذه الجريمة التي قد تتسبب بدخولها السجن.
رفع أوس حاجبيه بسخرية بينما غمغمت عدن ضاحكة:
– قُل انك تود الالتصاق بخطيبتك فقط.. هذه الدهاليز لا تمر علي.. فقد كان جدك يفعلها يومًا ما.
علّقت قدر بحب وهي تتطلع إلى خالها المبتسم:
– خالي كان محترمًا بعشقه لك.
– هل افضح؟
هتف ريس وهو يرمق جده بنظرات خبيثة فتشدق أوس:
– إفضح يا قليل الأدب.. طيلة عمري وانا محترم وخاصةً بحبي.
– جدتي اخبرينا عن تلك المرة التي قمتِ بها بشد شعر جدي لأنه ارغمك على ركوب سيارته.. وعن مضايقاته لك في الجامعة.. اخبرينا كم كان هذا المُحاضر المحترم يلاحق طالبته.. اعترفي هيا يا حبيبتي.
قال ريس بمكر فإنطلقت ضحكات عدن وقدر صاخبة بينما تجهم وجه أوس وتمتم:
– لا بد ان جدتك لين هي التي اخبرتك.
قالت عدن وهي تضحك بشقاوة:
– هل هذا فقط كل ما اخبرتك إياه جدتك؟ هناك المزيد والمزيد.. هذا يا حبيبي جدك ليلًا ونهارًا كنت أراه في وجهي.. رفضته عدة مرات كما رفضتك قدر ولكنه لم يمل حتى شفقت عليه ووافقت.
– لم ترفضني قدر.. هل تعتقدين أن ريس الجايد كأوس الهيب؟!
تمتم ريس بحنق فردت قدر بخبث:
– لا تكذب.. رفضتك عدة مرات ولا زلتَ تركض خلفي.
رشق أوس ريس بتشفي فزم ريس شفتيه بغيظ وهدر:
– انهضي يا قليلة الادب.. على ما يبدو انك نسيت.. يجب أن تقومين بإعداد القهوة حالًا.
– هي واقفة يا بني!
قالها أوس بطريقة درامية جعلت كلتا من قدر وعدن تنفجران بالضحك..
تأفف ريس بسخط ثم بعنف خفيف جذب قدر من مرفقها نحو المطبخ تتبعهما ضحكات أوس وعدن المرحة..
أوصد ريس باب المطبخ ثم سحب المفتاح منه ووضعه في جيبه بينما يدنو بخطواته من قدر التي تراجعت بحذر وغمغمت:
– ريس كنا فقط نمزح.. لا تستغل ذلك الشيء لصالحك.
– اذا لمن سأستغله؟
هتف ريس وهو يتقدم نحوها بينما ترجع هي الى الوراء إلى أن ارتطمت بباب الثلاجة لتصدر محتوياتها صوتًا يدل على اهتزازها..
وضع ريس يده اليمنى على خصرها بينما وضع يده اليسرى على باب الثلاجة بجانب رأسها تمامًا.. وبعبث مال بوجهه نحو وجهها لتتقابل نظراتهما ويحتد تأثيرها على كلاهما..
– هل ترفضينني يا ابنة ادهم الناصر؟
رسّخت قدر سحر عينيها بعينيه العابثتين الشقيتين وهمست بنعومة خدّرت حواسه الخمس:
– وهل يهون عليّ أن ارفضك؟
فقط ليسمحوا له أن يقبلها مرة أخرى! يا الله ليسمحوا له أن يتذكر طعم الحياة من بين شفتيها.. لم يقبلها الا مرة واحدة ولم تكن راضية حينها.. والان هل سترضى مع انه لم يتزوجها بعد! لن ترضى.. يدري جيدًا ولكن كيف سيطمس رغبته المجنونة هذه بالغوص في نعيم ثغرها مرة واحدة على الأقل إلى أن يحين يوم زفافهما وينفذ طقوس العشق بجسدها الذي يملكه لوحده..
ربما ستغضب لأيام ولكن لتفعل.. لتفعل إذ كان هناك ما سيجعله يصبر الى يوم زفافهما.. لن يلومه أحد فهو يعشقها وفي درب العشق الخاص بريس لا يوجد الا قوانين المدرب ريس..
ارتسمت على شفتيه ابتسامة جذابة عسى أن تلقيها في دوامة سحره كالسابق فلا تقاوم الجنون الذي سيرتكبه.. ثم بنعومة اسند خده على خدها فتعالى صوت أنفاسها المضطربة وبصعوبة منعت تأوهها أن يبجس خارج حنجرتها اثر خشونة شعيرات ذقنه..
إزدردت قدر ريقها وهمست قبل أن يكتم ريس بقية كلماتها بشفتيه الشغوفتين:
– ريس ابتعد قليلًا.. هذا لا ينفع.. انا وانت…
إتسعت عيناها بذهول بينما ريس يضمها الى صدره بقوة وكأنه سيحفرها تحت جلده ويقبلها كامبراطور يتحكم بعرش إمبراطوريته الذي هو شفتيها.. للحظات لم يظهر أي رد فعل منها.. فقط عينيها متستعتين! ولكن بعد أن كادت تنجرف معه مع تيار الجنون هذا وعت على نفسها.. فحاولت أن تتملص من حضنه دون أي نتيجة تُذكر فقد كانت ذراعاه تعتصرها عصرًا اما شفتيه تلتهم شفتيها دون اي رحمة..
لم يود ريس أن يعتق جسدها.. يريد فقط قضاء حياته كلها هكذا.. وهي في حضنه بينما يتنفس من ثغرها.. يرتوي ويرتوي دون ملل أو كلل.. يرتوي دون أن يشبع..
ولكنه اضطر أن يفعل بعد أن شعر بحاجتها العارمة الى الأوكسجين فأطلق سراح شفتيها فقط بينما لا زال يعانقها.. لهاث أنفاسها جذبه كما حدث قبل قليل فما أن همت بزجره كان يردع خروج كلماتها الغاضبة مرة أخرى بشفتيه.. يا رب الرحمة!
لم تستطيع قدر أن تقاومه.. فكيف تفعل وهي هشة بين ذراعيه؟ رغمًا عنها كانت تغمض عينيها وهي تتوعد له بعقلها بعد أن يبتعد عنها هذا المجنون ويتركها.. كانت عاشقة حد اليأس والان عاشقة حد النخاع.. لم تتجاوب معه في قبلته قسرًا.. لا تود أن تبادله فيعتاد.. لا يربط بينهما اي شيء عدا عن خطوبة تافهة دارت بينهما فقط..
ابتعد ريس عنها أخيرًا وهمس بصوت اجش:
– الان افعلي كل ما تريدين بي يا قلبي.. اغضبي الى يوم حفل الزفاف اذا كنتِ تريدين.. فعلى الأقل الان رديت بعض الروح إلى جسدي.
وقبل أن تنبس قدر ببنت شفة كان ريس يفتح باب المطبخ ويخرج وسط نيران غضبها ولهاثها المجنون بسبب قبلته القاتلة دون ضمير!
– لا.. هذا الرجل مجنون.. قليل ادب ووقح!
غمغمت قدر بذهول فابتسم ريس الذي لا زال لم يبتعد بعد وقال:
– اذا كنتِ تودين أن تضعي الفلفل الحار والملح في فنجاني لا بأس فسأشرب القهوة التي تعدّينها ولو كانت سمًّا بعد هذه القبلة الساحرة لروحي!
عاد ريس أدراجه ليجد أوس وعدن يتشاجران بطفولة بسبب ما دار قبل قليل من فضائح.. فبخبث هتف ريس:
– من على جدتي لأقتله؟
ابتسمت عدن بشقاوة وقالت بحزن مصطنع:
– تعال يا روح جدتك وانظر الى ما يقوله جدك.. يهددني أن يتركني! سأتصل بجدك ريس على ما يبدو ليأخذني إليه.
– مع السلامة.. لا ينقصني الا ريس وريس وعدن!
هتف أوس بغيظ فهدر ريس بعصبية مزيفة:
– انهضي يا أم أوس.. انهضي ووضبي اغراضك.. فيبدو لي أن جدي لا يعرف أن وراءك ظهر يحرسك من الوحوش!
– انا وحش يا ابن ابنه للوحش!
هدر أوس بحنق فزجرته عدن:
– لا تشتم شقيقي.. اذهب لتنام في منزل ابنك آسر وأخرج من منزلي.
– لا لا جدتي.. كيف تطردين زوجك من بيته؟ عيب! هذا تأثير التكنولوجيا على نساء اليوم.. انا الوحيد الذي زوجتي ستكون مختلفة عن كل النساء.. الريس فقط يعرف كيف يختار!
هتف ريس بمكر فقال أوس وعدن معًا:
– اخرج من المنزل!
ضحك ريس ملئ شدقيه قبل أن يلتقط هاتفه وهاتف قدر عن الطاولة لينتبه الى رسالة من رقم غريب تضيء شاشة هاتفها ففتح هاتفها ليقرأ الرسالة بهدوء مرح سرعان ما تحول إلى غضب شرس..
“مرحبا قدر.. اخبري خطيبك أن يأخذ حذره.. لن ارد على عنفه الا في الوقت اللازم.. اخبريه أن لكل كلب يومه.. وهو يومه قريب جدًا.. لو انك تسمعينني فقط يا قدر وتتركينه.. لا احد يستحقك غيري.. ولكن لا بأس.. لن اعترض على رغبتك هذه ولكنني لن اسكت عن حقي.. فإذا كان خطيبك يضرب بقبضته ويتباهى انا اضرب بما هو اقسى ولكن الفرق انني لا اتباهى!”