رواية غزلًا يوقده الرجال
سأخذكِ برحلة الى
جزيرة قلبي..
جزيرة لا يدخلها
الا انتِ..
سأدعك ترين كل
المحيطات وكل البحار..
ستمرحين وتغرقين بين
العواصف والأمواج..
وسأكون انا دومًا
درعك الوحيد..
سواءًا من النار او
من صقيع الثلج..———————-
لم يذق طعم الراحة منذ ان رأى رسالة قدر لسامر.. ولا يبدو انه سيرتاح ابدًا ما دام ريس على قيد الحياة.. ولذلك عليه التخلص منه وابعاد شقيقته عنه بشكل تام وبأسرع وقت.. نيازك الغضب النارية كلما تهتاج في صدره مع مرور الوقت.. وهو مضغوط ومشتت.. كيانه كلّه مبعثر…
قضى الليل يبحث عنها في الأماكن التي قد يذهب اليها ريس ولكنه كان يعود في كل مرة خالي اليدين.. سيفقد عقله تمامًا بسبب رسالة قدر المشكوك بها وبسبب ريس الذي ربما يقتله فور ان يراه.. ناهيك عن جهاد زوجته التي لا تزال راقدة على سرير المشفى وكأن الروح قد غابتها..
إنّ كلمات سامر ترن في اذنيه كلما يغمض عينيه.. وهو لا يلومه فأي رجل سيتقبل ان تصله رسالة من خطيبته تخبره بها انها تحب غيره؟.. يتخيل ان تصله رسالة من جهاد كرسالة قدر.. لربما سيقضي عليها وعلى الرجل الذي تحبه.. ولكن يوجد فرق كبير فهو ليس خطيب جهاد وانما زوجها بينما قدر وسامر لم يمر على خطوبتهما الا عدة اسابيع قليلة..
“انا لستُ أضحوكة لأبنتكم التي لم تحسنوا تربيتها.. كان يجب ان اعرف انها تريده منذ ان دمّر ريس حفل الخطوبة ولكنها ربما كانت خائفة منكم ففضلت ان تتسلى بي.. عمومًا انا لا يشرّفني الزواج بفتاة مثلها ولذلك انا قررت ان أفسخ خطوبتنا”
كانت هذه كلمات سامر لهم.. كلمات أعجزته عن فعل اي شيء الا الصراخ بوجهه ليخرس ولا يتكلم عنها بسوء.. ولكنه يدري انه لا يحق له لومه فقدر اهانت كرامة سامر كما جرحتهم جميعًا بما فعلته..
***************
ادارت قدر وجهها بضيق شديد فور ان فتحت باب الغرفة التي قضت الليل بها وشاهدت وجه ريس الذي يقف امام باب الغرفة والذي على ما يبدو انه كان سيطرقه..
تنحنح ريس وقال بابتسامة كسول:
– صباح القدر.
– ابتعد.
ردت قدر بجفاء فابتعد ريس قليلًا.. بقدر انشات صغيرة فخرجت بصعوبة محاولة ان لا تدع جسدها يلامسه ولو دون قصد..
– ابتعد اكثر.
تمتمت قدر بعصبية فضحك ريس بمكر وهمس:
– لا استطيع.. قدمي تؤلمني اذا حرّكتها اكثر مما يجب.
اغمضت قدر عينيها بنفاذ صبر وغمغمت بعد ان تمكنت من الخروج دون الاحتكاك به:
– متى سنعود يا ريس؟
– بعد ان نفطر.
اجابها ريس بهدوء فتطلعت قدر بسخرية الى الطاولة الفارغة التي في المطبخ..
– وماذا سنفطر ان شاء الله؟
– لا اعرف.. ها هو المطبخ امامك فاستخدميه وأعدّي لي الفطور.
قال ريس بغلاظة فعقدت قدر حاجبيها وهتفت بحدة:
– يجب ان تعرف انك لن تأكل معي.
اومأ ريس لها ببرود ثم بفظاظة جذب مقعد الطاولة وقعد عليه واشار لها بيده ان تبدأ.. فجاهدت قدر ان لا ينجلي التوتر على وجهها بسبب نظراته التي تخترق روحها وتتعقب كل حركة تصدر عنها..
وقف ريس فجأة فنظرت اليه بتوجس ليقول بجدية وهو يتقرب منها:
– لا تحلمي ان تعودي الى سامر ابدًا.
– لا تقلق.. لن يرضى بي بعد الرسالة التي بعثتها له.. الآن انا فتاة غير محترمة بنظره.. والفضل لك يا ريس.
ردت قدر بنبرة شجية متألمة فهمس ريس بحزم وهو يزيح شعرها بيده ليضعه على كتفها الايمن:
– ليفكر ما يشاء.. يكفي انني اعرفك جيدًا.
تشدقت قدر بتهكم مرير:
– صحيح تعرفني جيدًا لدرجة انك اتهتمتني عدة مرات باشياء لا تمت لي بصلة.
– كان هذا من الماضي.
قال ريس ببرود فدفعت قدر يده عن شعرها بغضب وصاحت بغيظ شديد:
– ابتعد عني يا ريس.
– لا استطيع.. لا اقدر.
غمغم ريس بنبرة عميقة حد الزلزلة فانتفضت قدر كما انتفضت خفقاتها العاشقة وزمجرت:
– بل ستبتعد.. لا تسبب لي المزيد من المشاكل.
كاد ريس ان يتمادى ولكنه سكت فقط لأجل الدموع التي برقت في مقلتيها بيأس وشجن واكتفى بايماءة بسيطة من رأسه وعاد الى مكانه ينتظرها الى ان تنتهي..
بعد ساعتين..
ركن ريس سيارته بجانب منزل جده أوس وهو يحسّ بتأنيب ضمير فالخوف البادي على وجه قدر أوجعه حقًا..
همّت قدر ان تنزل من السيارة ولكن ريس منعها سريعًا وهو يمسك يدها بنعومة بينما يهمس بأسمها.. فحاولت قدر جذب يدها بغضب من قبضته ليغمغم بعد ان تنهد:
– انا اسف على كل ما فعلته.
– لا يفيدني اسفك ولا يهمني.
هتفت قدر بعصبية ثم أضافت بعذاب وهي تضع يدها على رأسها:
– هل تعرف كم انا خائفة الآن؟ خائفة من الجميع.. خائفة لأنني ادرك اننا فور دخولنا سأنهار فعلًا وسيتدمر كل شيء.. كل شيء سيتدمر.. بسببك يا ريس!
– انا وعدتك ان أحميك.. وسأفعل.
قال ريس بجدية فابتسمت قدر بمرارة:
– ارجوك يا ريس احميني منك أولًا.. فأنا غدوتُ اخاف على نفسي منك!
– انا لن اؤذيك!
هتف ريس بصدمة فهزت قدر رأسها بمينًا ويسارًا ببؤس:
– انت اكثر شخص يسبّب لي الاذى في الكون كله.
أفلت ريس يدها وقال بينما يتأمل ملامحها الحزينة:
– انا لا أفعل يا قدر.. انا.. انا..
– انت ماذا؟ اناني.. متهور.
صرخت قدر بانفعال وهي تضربه على صدره ليزمجر ريس بشراسة اذهلتهما معًا:
– انا أحبك يا الله!
لم تستوعب قدر للحظات هذه الكلمة التي كانت تحلم ان تسمعها من ثغره ليلًا ونهارًا.. هزت رأسها يمينًا ويسارًا وجدران فؤادها تكاد تخرّ محطمة على الأرض بينما رعشة أشبه بطوفان مشاعر اكتنف كيانها..
سكتت وكأن لسانها عُقد بمشابك اعترافه الأشبه بحلم سرمدي ولكنه مستحيل فبضياع يثير الشفقة رفعت قدر يدها لتفتح الباب ولكنه منعها مرة أخرى وهو يمسك يدها برفق ليثبتها مكانها:
– ألم تنتظري هذه الكلمة مني طويلًا فلماذا انتِ صامتة؟
هزت قدر رأسها مرة اخرى، آبية ان تستوعب كل ما قيل:
– لا.. لا.. لا ينفع!
– ما الذي لا ينفع؟
تساءل ريس متجهمًا فأجابت قدر بارهاق واضح:
– انا وانت.. لا احد.. لا احد سيوافق!
ثم بسرعة نزلت من السيارة دون ان تمنحه الفرصة ليعترض فتبعها ريس وأوقفها بجدية:
– انتظري ودعيني أدخل قبلك.
– لا.. لندخل معًا.
غمغمت قدر بحزم فتنهد ريس ثم طرق الباب المفتوح ودخلا لتتوجه كل الأنظار اليهما..
وقف ريس بجمود وصلابة بينما قدر كانت على وشك ان تنهار من شدة الرعب خاصةً لأن أغلبية افراد العائلة متجمهرون هنا..
– صباح الخير.
قال ريس ببرود استفزهم جميعًا وخاصةً سند الذي وثب عن مكانه بحركة سريعة وهرول تجاهه ليرفع يده ويصفعه صفعة قوية باغتته.. وقبل ان يحاول ريس رفع وجهه كان سند يركله ببطنه ويهجم عليه بينما يصرخ به بثوران وغصب جهنمي:
– ايها الحقير النذل.. كيف تتجرأ وتحاول تلويث سمعة قدر؟ كيف تتجرأ وتبعدها عنا لتقضي ليلة معها؟ سأقتلك يا حقير!
لم يحاول اي احد ابعاد سند عن ريس الا ياسين وشقيقه رواد فبكت قدر بجزع وخوف على ريس لأنه لا يدافع عن نفسه.. بل ترك سند يضربه وهو مستسلم له ببرود تام..
تطلعت الى والده غيث فلم ترى على وجهه الا الهدوء والبرود وحال خالها لم يكن يختلف كثيرًا عنه.. وكادت ان تنظر الى والدها ولم تقدر.. فهي خائفة منه بجنون لأنها تعرف ايّ حال وصل اليه في غيابها..
ببطء شديد دنت قدر من خالها الذي يقف بجوار والدها وكأنها تجر نفسها الى حبل المشنقة.. وقبل ان تنبس ببنت شفة كانت تغمض عينيها بألم بسبب صفعة قاسية تلقتها من والدها انتفضت على اثرها النساء..
– على ما يبدو انني حقًا لم أحسن تربيتك.
همست قدر بنشيج:
– ابي انا…
– اصمتي.. لا تتكلمي.
قاطعها ادهم بانفعال فهزت رأسها ببكاء لتجذبها سيلين الى صدرها وتهدر ببكاء:
– لا تضربها يا ادهم دون ان تفهم منها ما حصل بالضبط.
– اخرجي وانتظريني برفقتها بداخل السيارة.
قال ادهم بعصبية فهدأ سند قليلًا ورمق قدر بعتبٍ لتطئطئ بخجل وتغمغم بنبرة مخنوقة:
– انا اسفة.
ثم نظرت الى ريس البارد الذي يمسكه رواد واستأنفت بشجاعة واهية:
– الذنب يقع عليّ ايضًا وليس فقط على ريس!
– لا تكذبي.. انا اخذتك رغمًا عنك.
صاح ريس بعصبية فاقترب غيث منه بهدوء شديد واشار لرواد ان يتركه فانصاع لأمره وابتعد عن ريس الذي وقف امام والده بينما جميعهم ينتظرون رد فعله.. حتى أدهم الغاضب وقف ينتظر رد غيث على ما فعله ابنه.. فاستغلت رين سريعًا صمت شقيقها ودفعت زوجها آسر السبب الأساسي بما فعله ريس لينهض ويتدخل فحدجها آسر بنظرة مغتاظة قبل ان يدير وجهه وينصدم بغيث يرفع يده ويصفع ريس بينما يهدر بعصبية لم يراها احد عليه مسبقًا:
– اخرج من هنا.. لا اريد ان ارى وجهك بعد الان.
شهقت ناي بذعر كما فعلت معظم النساء وهمّت ان تتدخل فرفع غيث يده لتصمت وقال:
– ولا كلمة يا ناي.. ولا كلمة.. واسمعوني.. منزلي محرّم عليه ومن سيدخله منزله انا لستُ مسؤولًا عمّا سيحدث.
وتابع موجهًا حديثه لأدهم:
– حقك علينا يا ابا سند.. ابنتك شرفك ولا احد سوف يلومك على اي شيء قد تفعله بابني.
رفع ادهم رأسه قليلًا وهتف بنبرة غليظة:
– ليبقى بعيدًا فقط عن قدر وانا سأعمل على ابعادها كليًا عنه.
وبخشونة جذب قدر التي تبكي بحضن والدتها واخرجها الى السيارة يتبعه ابنه ومن ثم زوجته سيلين..
***************
دقائق قليلة فقط قبل انتهاء كل هذا الجنون.. خلال دقائق قصيرة ضُرِب هو وقدر وكم ألّمه رؤيتها تُصفع.. لماذا مشاعره دومًا تتضح له متأخرًا.. بعد فوات الاوان؟ كيف لم يفكر قبل ان يرتكب هذه الجريمة بحق قدر ويجبرها بقضاء ليلة في منزله.. لا وبل يبعث برسالة اليهم تحمل كل انانيته بها..
أغمض ريس عينيه للحظات وهو يسير شاردًا تائهًا في شوارع المدينة.. وجهه صار مكدومًا بسبب ضربات سند له ومع ذلك لا يشعر بأي شيء سوى القلق والخوف عليها.. على قدر.. ولم يخرجه من جنونه الا رنين هاتفه فأجاب بجمود وهو ميقن ان المتصل ليس الا رغد..
– لنلتقي.
اسند ريس ظهره على باب سيارته منتظرًا وصول رغد بأي لحظة بينما كل خلية في جسده متأهبة لمعرفة اي خبر عن قدر من ياسين الذي وعده انه سيخبره بأي شيء قد يحدث لها ومعها..
رأى ضوء سيارة رغد يسطع من بعيد فإستقام وتحفزت حواسه استعدادًا للقاء الفتاة التي تريده اكثر من اي شيء اخر في حياتها ربما..
زفر ريس بضيق حينما ركضت رغد اليه لترتمي في صدره بينما تغمغم بدلع:
– ريس حبيبي.. اشتقت اليك بجنون.
ابعدها ريس عنه ببرود:
– رغد سأخبرك شيئًا.
تطلعت اليه رغد بحيرة ثم هزت رأسها موافقة فأخذ ريس نفسًا عميقًا وقال بهدوء:
– رغد انتِ تستحقين رجلًا يحبك ويسعدك.. وانا لست هذا الرجل.. انا احب…
– قدر!
تابعت رغد بدلًا عنه فاومأ ريس بجمود:
– اجل، انا احب قدر.. احبها جدًا ولذلك قررت ان ابتعد عنك ولا اظلمك اكثر.
– اذهب!
قالت رغد بهدوء عجيب فهز ريس رأسه متعجبًا مستفهمًا لتبتسم بسخرية:
– انا اعرف.. وصلتنا فضيحة حفل خطوبتها وعرفنا عنك.. و… وعائلتي تعرف وهم لا يريدونك.. ولذلك يا ريس انا قريبًا سأخطب من رجل يعشقني.
ابتسم ريس وهمس:
– مبارك لكِ اذًا.. ووداعًا يا رغد!
****************
بعد يومين..
قررت لونا الرد اخيرًا على رسائل عمر الذي يرسلها اليها منذ البارحة.. فبعثت له برسالة باردة للغاية تشي عن مدى غضبها وضيقها بسبب انفعاله الذي قد بالغ به بعض الشيء..
“انا بخير فلا ترسل المزيد من الرسائل وتصدع لي رأسي”
هي تعرف انها تبالغ برد فعلها دائمًا وبدلًا ان تساعد من تحب تزيده همومًا ومصاعب.. ولكن هذه هي لونا.. مجنونة منطلقة لا تعرف معنى التصرف بحدود.. ولكنها طيبة القلب وبسيطة للغاية حد السذاجة..
قرأت اسمه الذي يضيء شاشة هاتفها بتريث يثير العصبية ثم ردت على اتصاله:
– قل ما لديك.
للحظات بسيطة فقط ران الصمت قبل ان تفزع بسبب صراخه الغاضب الحانق..
– هل تودين ان تفقديني عقلي؟ لماذا لا تردين على اتصالاتي ورسائلي يا لونا؟ هل تعلمين كم خفت عليك يا ايتها المجنونة؟
اغلقت لونا المكالمة دون ان ترد عليه وهي تستشيط غيظًا وغضبًا وقبل ان تلقي هاتفها على السرير بعصبية توالت الرسائل على هاتفها..
“كيف تجرؤين وتغلقين المكالمة دون ان انهي حديثي معك؟”
“عقلك الفارغ يحتاج الى بعض التصليحات”
“ردي عليّ يا مجنونة”
“معك عشر دقائق فقط حتى تنزلين الى الأسفل والا سأدخل بنفسي الى منزلك لأحضرك من شعرك”
“ها قد بدأ العد التنازلي”
“عشرة، تسعة…”
رمت لونا الهاتف بعصبية على سريرها ثم بخطوات واسعة نزلت الى الأسفل.. دون ان تأبه بخصلات شعرها المشعثة او بالثياب التي ترتديها والتي كانت عبارة عن سروال اخضر واسع بشكل مضحك وقميص اصفر يكاد يصل الى ركبتيها..
وما ان همت بفتح الباب اوقفها سؤال والدتها التي تجلس في صالة المنزل:
– الى اين ستذهبين يا لونا في هذا الوقت؟
– سأحضر شيئًا من نيران (جارتها) واعود.
ردت لونا بصوت مرتفع ثم فتحت الباب وخرجت وقبل ان تغلقه حتى كانت يد عمر تمتد لتقبض على مرفقها وتجذبها وراءه..
كتمت لونا صراخها المفزوع وبغضب عنيف حاولت ان تحرر ذراعها.. تضربه.. تلكمه.. بينما هو يسير بها الى سيارته ببرود يثير الاستفزاز..
هتفت لونا:
– اتركني يا مجنون.. يا اشقر اتركني.. اتركني.
لم تشي ملامحه الجامدة بشكل غريب بأي شيء فقد فتح باب السيارة واجلسها عنوةً داخلها دون ان ينبس ببنت شفة.. ثم سريعًا كان يحتل مقعد السائق ويغادر بينما لونا تصرخ بكلمات سريعة غير مفهومة من شدة غصبها وغيظها..
واخيرًا قال عمر بغضب مكبوت دون ان ينظر اليها:
– الا ترين نفسك حمقاء يا لونا؟ انا الذي من المفترض ان اغضب لا انت.. لا يحق لك لومي بعد ان كدتِ تتسببين بفقدان عقلي وانت تتصلين بي باكية في اكثر اوقاتي ضيقًا وصعوبةً.. تخيّلي فقط.. اختي بين الحياة والموت وانت تتصلين بي باكية بشكل مرعب لأهرع عليك بجنون واعرف ان والديك سيجبرانك على الزواج من جارك ثم تضحكين ويكون كل ما حدث مجرد كذبة!
قضمت لونا شفتها السفلى باحراج باغتها وهمست:
– لم أقصد.. انا لم اعرف انك ستغضب.
– انت تتصرفين بتهور.. بسذاجة.. بغباء.. بطيبة ولكن اكثر مما يجب.
قال عمر بنبرة يائسة جعلتها تزم شفتيها بضيق وتعقد ذراعيها حول صدرها..
– انا لست ساذجة وغبية يا عمر.
– بل انتِ كذلك.. من يفعل هذه الافعال فهو لا سيما انه غبي.
هتف عمر بامتعاض فهزت لونا برأسها للحظات غاضبة ثم قالت:
– انتَ محق.. لذلك لو سمحت أعدني الى بيتي او انزلني هنا.. بجانب الطريق.
ابتسم عمر بسخرية:
– لن افعل.. هذا بالضبط ما أخبرتك عنه.. التهور!
– عمر اوقف السيارة حالًا!!
صرخت لونا بصوت عال جدًا أفزع عمر وجعله يوقف السيارة بسرعة بجانب الطريق..
صاح عمر بعصبية:
– هل انتِ مجنونة يا لونا؟ لا انتِ بالتأكيد مجنونة.
فتحت لونا الباب بقهر ثم وثبت عن مقعدها ليلحق بها عمر بغضب ويقبض على ذراعها بينما يزمجر بنفاذ صبر:
– قسمًا بربي العظيم اذا لم تكفي عن هذا الجنون يا لونا وتعودين الى السيارة سأنهي اي علاقة قد تجمعنا يومًا وأبعدك عن حياتي نهائيًا.
حدقت به لونا مذبهلة مصدومة قبل ان تتمتم:
– هكذا اذًا؟
هتف عمر بقسوة وهو يضغط على ذراعها بقوة:
– اجل، هكذا.
تبرمت لونا لثوانٍ وهي تفكر انها قد تخسره اذا لم تفعل ما يريد.. وهي لا تريد خسارته ابدًا.. كيف تفعل وهل تحبه الى حد الجنون؟
همست فجأة بصوت يثير الشفقة:
– آسفة عمر.. لا تغضب مني ارجوك!
– لا بأس.. وهيّا عودي الى السيارة.
قال عمر بغرور لتركض لونا الى السيارة وكأنها حقًا طفلة بعدّة عقول!..
****************
فكرت قدر وهي تنظر الى الرقم الغريب الذي يضيء شاشة هاتفها انه ربما يكون ريس من يتصل بها بعد ان قررت تجاهله لذلك لم ترد رغم عدة المكالمات التي صدرت من هذا الرقم.. ولكن سرعان ما عرفت ان تفكيرها خاطئ حالما وصلتها رسالة باللغة الانجليزية عرفت من محتواها ان هيرمان هو من يتصل بها.. فدون تفكير اتصلت به ليوافيها صوته المرهق والذي أثار قلقها:
– مرحبا قدر.. هل بإمكاننا ان نلتقي؟
لم تعرف بما ترد عليه فهي ستغادر هذا المساء المدينة وستنتقل للعيش في بلدة اخرى وفقًا لأمر والدها.. تنهدت قدر بشجن وهمست:
– بالتأكيد.. سأحاول ان أحضر مها معي.
– لا.. انا اريد ان التقي بك فقط.
رد هيرمان برفض قاطع فقالت بإقتضاب:
– كما تشاء.. اذًا سنلتقي بعد ساعة حيث كنتَ تلتقي بمها.
بعد ساعة كانت قدر ترتكز على باب سيارتها منتظرة وصول هيرمان.. لا تدري كيف تمكنت من الخروج بعد ردودها على اسئلة والدها الكثيرة.. والدها كان يستجوبها والشك يبرق بعينيه مزلزلًا روحها دون هوادة.. لأول مرة تعاني الى هذا الحد بسبب غضب والدها.. لا.. ما عانته قبل يومين بعد ان عادا من منزل خالها كان أقسى بكثير.. لم يصفعها كما فعل أمام العائلة جميعها بل غرس مسننات كلماته الحادة بروحها.. لقد أخبرها بصريح العبارة القاتلة انه لم يعد يثق بها ولذلك سيبعدها عنه.. كان يزمجر بشراسة لأنها شوّهت سمعتها وسمعته بقضاءها ليلة كاملة مع ريس على الرغم من كونه ميقن ان اي شيء لما يحدث بينهما.. ولكن… ولكن سامر قد يفضحها ولذلك اختار البعد لها ولوالدتها التي هاجت كالمجنونة غير مصدّقة ما يتفوه به..
زفرت قدر بوهن شديد فريس على ما يبدو ليس لعنة فقط على قلبها بل على كل شيء قد يمت لها بصلة.. رباه كم تود ان تراه وتضربه ثم تجهش باكية.. هي حتى لا تستوعب كيف ستبتعد عن الجميع ودون ان يعرف اي شخص الا بعد ان يتأكد والدها من مغادرتها هي ووالدتها..
لدقائق ربما بقيت شاردة تتأمل أمواج البحر التي ترتطم بالصخور وتختفي لتأتي موجة أخرى واخرى.. كتأثير وجود ريس بحياتها تمامًا.. يفجّر القنابل بقلبها وبروحها ومن حولها ثم يختفي الأثر ويزول ليتجدد واحد آخر..
لم يعرقل استمرار هذه الدوامة التي غاصت بها قدر صوى صوت هيرمان التي لا تدري متى آتى:
– مرحبا قدر.. شكرًا لتلبيتك دعوتي.
ابتسمت قدر بلطفٍ وهي تنظر اليه:
– اهلًا هيرمان.. لندخل في صلب الموضوع لأنني سأسافر الليلة ولا أملك الكثير من الوقت.
تنهد هيرمان وهو يمرر يده بين خصلات شعره الناعمة ثم قال:
– في الواقع انا اريد معرفة بعض المعلومات منك.. فكلما اريد الذهاب الى منزل مها لأتكلم مع عائلتها تحدث مشكلة ما.. ففكرت ان اتحدث مع شخص قريب منهم ذو عقلية متفهمة ولم اعرف الى من الجأ.. كما وان مها لا تساعدني البتّة.
همهمت قدر للحظات بتفكير حزين على حال مها وهيرمان ثم همست بخفوت يدل على عمق تفكيرها:
– اعتقد ان عليك الحديث مع امرأة وليس رجلًا.
– من؟
سألها هيرمان بتركيز فأجابت قدر دون تردد:
– لين الجايد زوجة اخ جد مها.
– وكيف سأصل اليها؟
سألها هيرمان بحيرة فردت قدر بهدوء:
– سأبعث لك برقمها.. هي ستتفهمك وستساعدك كما وان زوجها سيفعل اي شيء تطلبه منه.. وبالتالي جد مها سينفذ ما يقوله شقيقه.. هذه المرأة ستساعدك حتمًا.
ابتسم هيرمان بأمل فسألته قدر بفضول:
– وهيرمان ماذا عن والديك؟ هل سيوافقان على ارتباطك بفتاة عربية مسلمة ومتحجبة؟
كسى وجه هيرمان الجمود وهو يجيب:
– لن اهتم بمعارضتهما اذ وقد حدثت فهذه حياتي انا وعدم موافقتهما على مها زوجة لي لأنها مسلمة او عربية ليس له اي قيمة.. فنحن في النهاية بشر ومها احسن البشر واجملهن في نظري.
ابتسمت قدر بعطف شجي وغمغمت:
– ستكونان لبعضكما ان شاء الله.
نفضت رأسها من تأثير كلامه عليها الذي يجعلها تفكر بريس واضطرارها على الابتعاد عنه واردفت:
– انا يجب ان أغادر الآن.. تحدث معي دائمًا لأعرف ماذا سيحدث بعلاقتكما.. واتمنى من كل قلبي ان يسعدكما الله.
– شكرًا لكِ.. اتأمل ذلك.
قال هيرمان بمشاعر أجشة فودعته قدر وغادرت..
****************
اختناق لا يطاق.. الام واوجاع رهيبة.. عظامها وكأنها تتهشم بلا رحمة.. انفاسها ثقيلة موجعة وكأنها تحتضر.. انفجارات تدوي في رأسها.. وحروق تنفثها عيناها المغلقتان..
فتحت جهاد عينيها ودموعها تسيل على خديها من وطأة الالام الحارّة التي تحسّ بها.. حاولت ان تتكلم فلم تقدر من شدة اختناقها.. جرّبت ان ترفع يدها فكانت ثقيلة وكأنها ترفع بناية ضخمة.. احساسها بالعجز كان قاتلًا.. تود البكاء بصوت عالٍ ولكن انفاسها التي تخرج من جسدها تؤلمها وتكاد تسبب بفقدانها الوعي..
مرت دقائق طويلة وهي تبكي دون صوت.. تبكي لوحدها دون ان يكون معها اي احد يواسي وحدتها وشعورها بهذا الألم الفظيع..
كادت ان تفقد عقلها من هذه الالام فأخذت تتخبط محاولة النهوض دون فائدة.. اين هم؟ لماذا هي لوحدها داخل هذه الغرفة المظلمة التي لا ترى منها الا القمر الذي ينير السماء الحالكة من خلال النافذة الزجاجية التي بجانب سريرها؟
تأوهت جهاد لدقائق وكل خلية في جسدها تكاد ان تجن من هول ما تقاسيه.. واخذت تضرب بأصابعها فراش السرير بثوران.. والأجهزة الموصولة بفمها وانفها كانت تهيجها اكثر فصارت تزمجر باختناق ويأس عسى ان يسمعها احد ما.. ولم تتأخر كثيرًا معاناتها هذه فقد رحمها الله ودخلت احدى الممرضات لتتفاجأ بها تتخبط وتبكي..
اسرعت الممرضة لتهدئتها وعلى الفور ضغطت على زر استدعاء الممرضات.. وخلال لحظات كان الطبيب المسؤول عنها يدخل الغرفة، ترافقه ممرضتان فلم يزد ذلك الا من هيجان جهاد التي احتقن وجهها بحمرة شديدة دلالة على اختناقها وانفعالها فاضطر الطبيب على اعطاءها مهدئًا مُدركًا حجم الالام التي تشعر بها فخمدت حركة جهاد تدريجًا وعادت الى رقادها..
قال الطبيب لأحدى الممرضات:
– اتصلي بزوجها واخبريه ان المريضة استيقظت.
– لقد غادر مع عائلتها قبل اقل من ساعة المستشفى.
غمغمت الممرضة فهز رأسه بتفهم:
– لا يهم.. يجب ان يعرفوا بأي تغيير يحصل لها.
*****************
تطلعت قدر بألم الى والدها جامد الملامح والى سند العابس رغم الحزن البادي على ملامحه المرهقة.. ثم بابتسامة شجية دنت من سند الذي اكتفى بما فعله والده بها واختار تجاهلها وكأنه لا يراها.. ولن تلوم احدًا فهي اختارت الدفاع عن ريس وقالت انه ليس ذنبه فقط اي انها كانت موافقة على اختفاءهما لليلة كاملة..
رفعت قدر يدها عسى ان يضمها سند قبل ان تغادر المدينة هي ووالدتها فرقّ قلبه رغمًا عنه وهو يبصر التوسل بعينيها الرقراقتين لينسى ما حدث ويعانقها للمرة الأخيرة..
خضع سند لرجاء مقلتيها ليغدقها بدفء صدره الذي يسندها دائمًا وابدًا ويهمس:
– لا تنسي الاعتناء بوالدتي ايضًا وتأكدي انني سأزورك فور تحسّن جهاد ان شاء الله.
اومأت قدر بانصياع تواري وجعها بتأييد سند بشدة لقرار والدها القاسي مع انها تعرف السبب جيدًا.. ثم ابتعدت واقتربت من والدها وعانقته بتوتر رغم جفاءه الواضح..
– آسفة أبي.
استدارت قدر لتنظر الى والدتها التي تحدق بوالدها بنظرات عجزت عن فهمها وقالت:
– هيّا أمي لنغادر.. فالطريق طويل.
– انتبهي الى الطريق يا قدر.. وفور وصولكما الى منزل عمتي اتصلي بي.
هتف والدها بهدوء فغمغمت سيلين بسخرية:
– ليس هناك اي حاجة لقلقك يا أدهم.. انا وابنتي نستطيع الاعتناء ببعضنا.
لم يرد ادهم على كلام زوجته الغاضبة منه بل اردف وهو يتمعن النظر بوجه ابنته القلق:
– وانتبهي الى أمك يا قدر.. وخلال ايام سيبحث ابن عمتي لكما على منزل مريح لتستقرا به.. اتمنى ان لا تخذليني هذه المرة.
ابتلعت قدر ريقها بآسى وهمست:
– حاضر أبي.
ثم أمسكت يد والدتها وغمغمت:
– هيّا أمي سلّمي على ابي وسند لنغادر.
عانقت سيلين ابنها ثم خرجت من المنزل دون ان تلقي نظرة واحدة على أدهم المتجهم لينقبض قلب قدر بوجع رهيب بسبب الوضع السيء الذي آلت اليه علاقة والديها وبسببها.. ومع ذلك ابتسمت قدر ببؤس حاولت طمسه في ثناياها ولم تفلح وقالت:
– سأتصل بكما فور وصولي.. السلام عليكم.
كان الطريق طويلًا ومظلمًا.. والدتها حزينة صامتة وهي صامدة بأعجوبة فهي محتارة على ماذا وماذا ستحزن؟ همومها كثيرة وعديدة وأشقاها مغادرتها بلدتها التي ترعرعت بها وامامها الشخص الذي تحب.. لا تدري كم ستطول فترة غيابها ولكن على ما يبدو انها اكثر من سنة ولذلك قرر والدها ان تستقر هي ووالدتها في منزل لوحدهما بالاضافة الى انها ستبدأ العمل في مدرسة ابتدائية بعد يومين من وصولها وقد وجد لها هذه الوظيفة والدها عن طريق صديقه الذي يكون مدير المدرسة..
نظرت الى هاتفها مستغربة استسلام ريس السريع فقد توقف عن الاتصال بها بعد ان كان يتصل كل نصف ساعة على الأقل.. لا تدري اذ كانت ستقدر على نسيانه والاستئناف في حياة جديدة لا تتمحور حول ريس.. رباه كم ستشتاقه على الرغم من كونه السبب في بعدها عنه.. هي حتى لم تودعه!
“انا احبك يا الله!”
لا يزال اعترافه بحبه لها يشغل قلبها وعقلها.. تريد ان ترد عليه وتخبره انها ايضًا تحبه بجنون.. ولكن كل ما بينهما قد انتهى قبل ان يبدأ حتى.. فلا احد سيوافق على علاقتهما ولا هي ستقدر ان تعود دون موافقة والدها..
– هل اعترف بحبه لك؟
سألت سيلين فجأة فرمقتها قدر بتفاجؤ ثم همست بخجل:
– اجل اعترف أمي.
واسترسلت مبتسمة باختناق:
– ولكن بعد فوات الآوان.
همهمت سيلين بهدوء:
– لا احد يعرف اذ كان الآوان قد فات حقًا.. انتِ لم تغيّري بعد شريحة هاتفك كما طلب والدك.. اليس كذلك؟
– سأغيّرها غدًا لأمحو الماضي من حياتي وابدأ حياة جديدة بعيدًا عن كل ما حدث.
****************
قعد سند ينتظر شروق الشمس بفارغ الصبر لتستيقظ كما اخبره الطبيب.. عرف بالنوبة الهستيرية التي اصابتها فور استيقاظها من الطبيب ولم يحبذ الاتصال بوالدها ويبغله بما حدث قبل استيقاظها من المهدئ الذي اعطاها اياه الطبيب كل لا تحضر عائلتها عبثًا عبثًا..
رباه كم يتألم لآجلها وكم يتمنى ان يكون هو مكانها.. ضميره يؤنبه وقلبه مخنوق وكأنه مقيّد بسلاسل حديدية ضخمة..
مرت الساعات الطويلة وهو يتأمل ملامحها دون ملل او كلل.. أمسك يدها يقبّل أصابعها واحدًا واحدًا وكل خلية في جسده تصرّخ شوقًا لرؤية عينيها السوداوين الا انه يحسّ بالخوف والقلق.. يخشى رد فعلها بعد استيقاظها الا انه لن يتخلى عنها ابدًا اذ وقد تحققت أفكاره..
رفرفة رموشها جعلته يعرف انها تستيقظ فزأر فؤاده بجوعٍ ليراها واعية.. مدركة لما حوله.. لحظات وهي تتطلع اليه تحاول ان تستوعب اين هي وبرفقة من.. وعرفت فتضاعفت اوجاعها أضعافًا لتتخبط وتنتابها نوبة الالام من جديد..
هوى قلب سند وجعًا وتوترًا على حالها فضغط على زر استدعاء الممرضات بعصبية لتأتي بعض الممرضات وتحاول تهدئتها.. فوقف سند بعيدًا يرمقها بحزن وأسف بينما تشع نظراتها بالغضب والألم..
دخل الطبيب وقال بجدية لجهاد التي تتخبط بين أيدي الممرضات:
– سيدة جهاد يجب ان تهدأي.. سنزيل هذه الأجهزة عنك فساعدينا كي ترتاحين.
تنفس سند بارتياح بعد ان هدأت حركة جهاد كليًا بعد ان ازال الطبيب الأجهزة عنها ثم اتصل بليث ليخبره بما حدث لأبنته.. اقترب سند منها بعد ان غادر الطبيب والممرضات فهمست جهاد بصعوبة:
– ماذا تفعل هنا؟
– انا آسف حبيبتي على كل ما حدث.
قال سند وهو يمسك يدها فحاولت ابعاد يدها عنه الا ان قوتها الجسدية لم تساعدها.. فغمغمت جهاد بخشونة ضعيفة:
– انا.. لن أسامحك..ابدًا.. ما بيننا.. قد انتهى.. انا اريد.. الطلاق!
– لن أفعل.
هتف سند بقوة لتضغط على نفسها متحاملة على اوجاعها وتقول بحقد:
– س.. ستطلقني وقدمك فوق رأسك.. انا.. انا سأخبر والدي بأنني.. لم أعد أريدك.
انفاسها تؤلمها بخروجها.. ولا تعرف ما بجسدها سليم وما غير سليم.. وتحديها وجدالها معه لا يزيدان الا من وجعها..
اضافت جهاد بقوة الامها:
– انا اكرهك! غادر.. حالًا.
*****************
بعد قضاءه اسبوعين في منزله الذي اخذ قدر اليه قرّر ريس العودة ليتفاهم مع أدهم ويعرف اين اختفت قدر.. فقد عرف من جده انها غادرت المدينة بسببه وغيّرت شريحة هاتفها.. الجميع يلومه ووالده يأبى دخوله المنزل او حتى الرد على اتصالاته..
تنهد ريس وهو يفكر بالأماكن التي قد تكون قدر ذهبت اليها.. والمشكلة ان لا احد يعرف غير ادهم وسند المشغول بمشكلته مع زوجته.. وهو سيفقد عقله حرفيًا..
عرف ان ابنة عمه جهاد تريد الطلاق من سند دون ان يفهم احد السبب الذي جعلها تفكر بالطلاق بهذا العزم والاصرار..
وصول رسالة الى هاتفه جعته يلتقط هاتفه عن الطاولة ويقرأها بلهفة عسى ان تكون قدر.. الا انها لم تكن فقد كان المُرسِل ياسين..
“لا أنصحك ان تعود الآن.. فحاليًا الحرب قائمة ومشتعلة بسبب مشكلة سند وجهاد”
تأفف ريس بضيق ثم اتصل بياسين الذي ردّ سريعًا..
– ريس.. هل تذكر حمزة الذي تشاجر معه عمر يوم اخذتَ قدر وغادرت المستشفى؟
– اجل.. ما خطبه؟
هتف ريس باستغراب فقال ياسين بتهكم وقلق من رد فعل ريس:
– بعث الجدة ريما لمنزلك لتطلب شقيقتك قمر للزواج.. الآن سمعت أمي تُخبر أبي.
———————
يتبع..