رواية عشقتها فغلبت قسوتى بقلم إسراء علي

الفصل_الثلاثون

سيدتي… ولولا الهوى ما ذل عاشقاً في الأرض…ولكن عزيز العاشقين ذليل….

لا وجود لـ أنا….دون وجود أنتِ…..مغادرتكِ تعني موتي…فقد غرقتُ…في بحور عشقكِ…فليس لي منقذ سوى قلبُكِ الدافي…عيناكِ الفيروزتين ملاذي…ومأوى هارباً قد أسماه الزمان عاشقاً….فمن أنا دون أنتِ……

ظل جاسر جالساً في مكانه لم يتحرك قيد إنملة…فكر كثيراً في حال مجنونته….أخرجه من تفكيره صديقه صابر…ذاك الصابر الدائم لنزع ملذته…وهادم لأفكاره….

صابر بمرح:أنت يابني
جاسر بشرود:ها…صابر أنت جيت أمتى!!
صابر بمزاح:من بدري
جاسر:طب أقعد
صابر وهو يسحب مقعد:أديني قعدت

دقق صابر كثيراً وقال بـ إستغراب

صابر:إيه دا
جاسر بتعجب:إيه

أشار صابر على قميص جاسر الملطخ بماء العصير الذي سكبته روجيدا…تطلع جاسر مكان إشارة صديقه ثم عاد نظره إلى صابر وقال بمزاح

جاسر:لا أبداً روجيدا كبت العصير فـ وشي

فتح صابر عيناه على وسعهما وقال بزهول:نععععم!!!
جاسر بلا مبالاه:زى ما سمعت
صابر بـ إستفسار:طب ليه يعني
جاسر بضيق:متشغلش بالك…المهم عملت اللى قولتلك عليه
صابر وهو يومئ برأسه:حصل…بس كنت عاوز أسألك ع حاجة كدا
جاسر:أسأل
صابر بتردد:طب مش هتتعصب
جاسر بنفاذ صبر:أخلص يا صابر مش ناقص

أخذ صابر نفس وحبسه فى صدره ثم زفره على مهل…تطلع إلى جاسر ثم أردف بثبات

صابر:إيه اللى حصل
جاسر وهو يعقد ما بين حاجبيه:مش فاهم
نظر صابر بقوة لصديقه وقال:جاسر أنت فاهمني كويس
جاسر:بتسأل ليه
صابر بجديه:عشان عارفك من زمان ومش أنت جاسر اللى أعرفه

أستند جاسر بمرفقيه على الطاوله ووضع ذقنه أعلى كفيه وقال

جاسر:مفيش حاجه يا صابر متقلقش
صابر وهو يربت على فخذ صديقه:قولي يا جاسر يمكن أساعدك

نتهد جاسر بحراره وقال بصدق

جاسر:تعبان يا صابر ومش عارف أتكلم مع حد
صابر:وأنا جمبك…إحنا عشِرة عمر
نظر له جاسر وقال:عارف يا صابر عشان كدا هحكيلك يمكن نلاقي حل سوا

قص عليه جاسر كل ما حدث منذ زيارة مصطفى إلى أختفاء روجيدا ثم عثوره عليها…وكذلك علاقة روجيدا بمصطفى وماذا فعل مصطفى معها…ولكنه أستثنى حادثه الإعتداء عليها…وأيضاً أعمال مصطفى المشبوهه…وأكتشاف روجيدا له ومطاردته لها…

كان صابر يستمع لما يحدث بزهول ودهشه…تنتقل ملامحه من الدهشه…إلى الإشمئزاز…إلى الغضب…ثم إلى الحقد…

أنتهى جاسر من السرد وتابع صابر الذي صمت ولم يتحدث..تأفأف جاسر من صمت صديقه فقال بضيق

جاسر:هو أنا حكتلك عشان تسمعني سكاتك
نظر له صابر نظرة غامضه وقال:عاوزني أقولك إيه
جاسر:قول أي حاجه
صابر بجديه:مبدئياً أنت عاوز الحقيقة ولا بنت عمها
جاسر بسخريه: لأ بنت عمها..
صابر بضيق:جاسر أنا مبهزرش
جاسر:ولا أنا…طبعاً الحقيقه
صابر بجديه:يبقى تسمعني للآخر

جاسر:سامعك

وضع صابر يده على الطاولة وشابك أصابعه ثم أردف بحزم

صابر:جاسر أنت غلطت جامد فحق روجيدا…البنت كانت واضحة وأنت ظلمتها وآآآ…

قاطعه جاسر بسرعه وقال

جاسر:كنت غبي وقتها…وغيرت ومفرقتش إذا كان هو خطيبها ولا لأ…كل اللى فكرت فيه إن مراتي تعرف حد من صحابي واللي أعرفه إن مصطفى كان عايش فـ تركيا..وشكله كان مختلف عما إحنا نعرفه
صابر بجديه:أنت عينت نفسك القاضي والجلاد ونفذت الحكم من غير ما تسمعها حتى…مراتك مكدبتش عليك بالعكس كانت واضحه من الأول…واضحة جداً كمان.
جاسر بندم:عارف والله…عارف إني إتسرعت…بس والله ندمان
صابر:بس بعد فوات الأوان…ليها الحق تعمل أكتر من كدا
جاسر وهو ينظر بترجي لصديقه:طب أعمل إيه!!
ضحك صابر على صديقه وقال:جاسر بيه بيطلب نصحتي عشان مراته…فعلاً الحب بهدلة

وضع جاسر يده خلف رقبته وقال بحب

جاسر:هى الوحيده اللى حبيتها
صابر بـ إستفزاز:طب واللى قبلها

تغيرت ملامح جاسر سريعاً للغضب وقال بصوت هادئ ولكنه حاد

جاسر:بلاش السيره دى يا صابر
صابر:خلاص…خلاص..المهم أنت مسافر تركيا ليه

هدئت ملامح جاسر نوعاً ما ولكنه قال بنبرة غامضة ونظرات شارده

جاسر:أختفاء مصطفى بالشكل دا مخوفني جداً…فهبعد روجيدا من هنا عما أعرف هو بيفكر فـ إيه
صابر بعدم فهم:طب إزاى هتروح تركيا وهو ليه بيت هناك
جاسر بثقه:مش هيروح هناك
صابر:ليه

أراج جاسر ظهره للخلف وقال بنبره ماكرة

جاسر:متقلقش عامل حساب كل حاجه
صابر بـ إستسلام:طيب
جاسر:طب هعمل إيه مع روجيدا

أخذ صابر يفكر حتى لمعت عينيه ببريق حماسي وقال بحماسة شديدة

صابر:بس لاقيتها
جاسر:إيه يا ناصح
صابر بجديه:بص يا سيدي……

بالولايات المتحده الأمريكية

كان مصطفى يجلس في أحد المطاعم الفخمة الخاصة بالطبقة المخمليه…يبدو من توتره أنه ينتظر شخصاً ما…دلف مارتن..أقترب من مصطفى وحياه ثم قال بجديه

مارتن:ماذا حدث مصطفى
مصطفى وهو يرتشف من قهوته السوداء:لا شئ مهم لقد عالجت الأمور
مارتن بعدم فهم:ماذا تعني

أراح مصطفى جسده ثم أخرج من جيب بنطاله إسطوانة صغيرة ووضعها أمام مارتن…فتسائل الأخير

مارتن:ما هذا!!
مصطفى بخبث:ما يريده سيدك

أخذ مارتن الإسطوانه ووضعها في جيب سترته وتابع

مارتن:من فعل بمنزلك هكذا!!
مصطفى وقد ضيق عينيه:أعرفه جيداً وسألقنه درساً لن ينساه
مارتن بلا مبالاه:لا يهم…المهم الآن الفتاه

غضب مصطفى كثيراً ثم كور قبضته حتى إبيضت وبرزت عروقه وقال من بين أسنانه

مصطفى:لا تقلق…ما أن أنتهي من المهمه الجديدة حتى سأتفرغ لذلك الأمر
مارتن بجديه:حسناً
مصطفى بتساؤل:ولم سيدك يُصر على تلك الفتاه تحديداً
مارتن بتحذير:ليس من شأنك
مصطفى بغضب مكتوم:حسناً..ولكن أين هو لقد قال أنه سيقابلني شخصياً

قهقه مارتن بشده…بينما نظر له مصطفى مستعجباً…فقال مارتن

مارتن:سيدي ليس ليديه وقت ليضيعه مع أمثالك
غضب مصطفى ولكنه حافظ على هدوئه وقال:لا يهم
ثم تابع بصوت خافت:مسيري أعرفه…وساعتها قتله قبل ما يخدها….

عوده للقاهره مره أخرى

في المساء …توجه جاسر إلى غرفه روجيدا ثم طرق عليها بخفوت…نادى عليها بصوت ضاجر

جاسر:روجيدا…حبيبتي يلا إتأخرنا

بعد لحظات خرجت روجيدا بهيئها كادت تفقده عقله…

حيث كانت ترتدي فستان قصير أعلى ركبتها من اللون الأحمر الناري..وحمالات رفعيه بشده..ضيق من الصدر إلى الخصر ثم ينسدل بـ إتساع…وجهها خالي من مستحضرات التجميل عدا شفتيها الورديه المكتنزه…الملطخه بحمره مثيره…شعرها البندقي تركته سائراً حراً،يعابثه نسمات الهواء البارده قليلا…

تفرس جاسر النظر لها من رأسها حتى أمخص قدميها…رائحه عطرها الجذاب…قد جذبته ناحيتها…فتحرك تجاهها بخطوات بطيئه متمهله ونظراته متعلقه بها…ظلت روجيدا ترجع للخلف حتى إصطدم جسدها بحائط خلفها…حاصرها جاسر بيديه منعاً لهروبها…أما هى فكانت أنفاسها عالية…وضربات قلبها قد إزداد بشده…تدفق الإدرنالين بسرعه حتى ملأ كل إنش في خلايا جسدها

أبعد جاسر يده المستنده على الحائط ثم حركها في إتجاه وجهها..وملس عليه برقه بالغة..ثم تشدق بصوت مبحوح إثر طلتها المبهره والخاطفة لأنفاسه

جاسر:حلوة…حلوة أوي ياحبيبتي
روجيدا بصوت متوتر:آآآ… أبعد مينفعش كدا
جاسر وهو ينظر لعينيها:هو إيه اللى مينفعش
روجيدا بخوف:قربك دا

لاحظ جاسر خوفها وإرتعاشه جسدها بين يديه…ولكنه كان منجذب بشده نحوها…ظل يتحسس بـ إبهامه وجنتها المتورده بحمره خجل مثيره…إلى أن وصل إلى شفتيها…سارت قشعريرة في جسدها إثر لمساته ولكنها كانت مغيبه أيضاً…ثم أردف جاسر بعبوس

جاسر:مش بحب مراتي تحط ميك أب…متحطيش روچ تاني

حاولت روجيدا التملص منه ولكنه كان يحيط بها ثم تشدقت بخوف بائن ما أن لاحظت نظراته المعلقه على شفتيها

روجيدا:خـ..خلاص..آآآ…أنا همسحه
نظر لها جاسر وقال بمكر:تؤ أنا اللى همسحه

نظرت له روجيدا بحيره…ولكنه قطع نظراتها..حيث أقترب من شفتيها برأسه ومال عليهم يقبلهم برقة…ولطف غير معتاد…ظل يقبلها حتى تأكد تماماً من مسح أحمر شفاها أبتعد جاسر وقال بـ إبتسامه عذبه

جاسر:فراولة
روجيدا بشرود:هاا
جاسر وهو يسمح على شفتيها بـ أنامله:طعمهم فراولة

فهمت روجيدا مقصده…ثم أبعدت يده بحده وسارت متعجلة من أمامه…لعنت نفسها بداخلها على إستسلامها الغير طبيعي له…وبالرغم من خوفها ونفورها منه إلا أنها شعرت بالأمان وسط لمساته…نفضت من رأسها هذه الأفكار ونهرت نفسها..ثم قالت لنفسها

روجيدا:غبيه…متنسيش جاسر عمل إيه..مش تسامحيه بسهولة

بينما جاسر ظل واقفاً يحدق في طيفها…ثم ظهرت إبتسامه عريضه على وجهه عندما تذكر إستسلامها له…تجدد الأمل فيه بعد تلك اللحظة الرائعه التى نعم بها معها…فقد أحس أنه لمس النجوم بمجرد لمسها…

أه منكِ أيتها اللعينة…طلتكِ تلك أفقدتني صوابي…متى…متى يرق قلبكِ على مذنب مثلي…جئتك عاصي فقابليني بغفرانك مولاتي…

تبعها جاسر وهو يبتسم بل كادت إبتسامته تشِق وجهه من سعادته…ظل يدندن حتى وصل إلى سيارته…وجدها جالسه وتضع قدمها فوق الأخرى تجلس كأميرة فرنسية…تنهد بهيام ثم صعد وأغلق حارسه باب السياره

إنتطلقت سيارة جاسر ثم تبعته سيارات الحراسه

كان جاسر يختلس النظرات لها من وقت لأخر حتى قطع سكون صوتها وهى تسأل بجمود

روجيدا:هنقعد كام يوم
جاسر وهو ينظر أمامه:ع حسب ما الشغل يخلص

سكتت روجيدا ثم عاودت الكلام بلهجه محذرة

روجيدا:واللى حصل فوق ميتكررش تانى عشان مش هعديه زى المره دى

نظر لها جاسر بمكر ثم قال بنبره مرحه

جاسر:وهو أنا عملت إيه
روجيدا بحده خفيفه:فيها إنك بوستني
جاسر وهو بنظر لها بـ إبتسامه ثم قال بمرح:هو أنا بوست حد غريب…انا بوست مراتى

نظرت روجيدا له بغضب ثم أشاحت بوجهها بعيداً بينما تابع هو وقال

جاسر:بصيلي كدا
روجيدا بحزم:لا

أبتسم جاسر بخبث ثم مال على منكبها العاري وقبله…نظرت له بحده وقالت

روجيدا:إيه اللى عملته دا
جاسر ببراءه مصطنعه:معملتش حاجه قولتلك بصيلي وأنتى موافقتيش
أكملت روجيدا بحده:أه…فقولت تعمل كدا عشان تخليها تبصلي
جاسر بغمزه:بس بذمتك مش حركة حلوة

أحمرت وجنتي روجيدا ثم ظهر شبح إبتسامه على وجهها فأدارته حتى لا يراها جاسر…بينما لاحظ الأخير إبتسامتها فـ إبتسم هو الأخر…فزادت حماسته بشده…فطريقه بات سهلاً…

بعد نصف ساعه وصلت السياره إلى المطار…نزلا كليهما وتبعهما السائق بالحقائب…وكذلك الحرس الخاص بجاسر…دلفا إلى طائرة جاسر الخاصه…دُهشت روجيدا فقد ظنت أنها ستستقل طائرة عاديه…ولكن جاسر لايمكن التنبؤ بتصرفاته…لاحظ جاسر إندهاشها فـ إبتسم وقال

جاسر:منا مش هسيب حد يتفرج ع مراتى وهى حلوة كدا
روجيدا:أفندم!!
جاسر وهو يجلس على أحد المقاعد:اللى سمعتيه ثم تابع محذراً…اللبس دا ميتلبسش تانى..أنا راجل دمي حامى

أشاحت روجيدا بيدها في وجهه وقالت بعناد

روجيدا:أنا حره
نظر لها جاسر بحده وقال بهدوء مخيف:لأ مش حره إنتى مرات جاسر الصياد
روجيدا وهى تتوسط خصرها:وإيه يعني
نظر لها جاسر بنظره قاتله ثم تابع ببرود:طب أقعدي يا روجيدا عشان الطياره هتطلع دلوقتى وعدي بقى الوقت اللى جاى ع خير

أطاعته روجيدا…فقد زرعت نظراته بداخلها الرعب…بعد قليل أقلعت الطائرة ومن ثم حضرت المضيفه…كانت فتاه صغيره جميله ممشوقه القوام مثلها مثل جميع المضيفات…لاحظت روجيدا أن تلك الفتاه تتدلل لجاسر كثيراً وتميل بجسدها عليه…فنفخت روجيدا بضيق وغضب وبداخلها نيران الغيره تأكلها كما تأكل النا الأخشاب….

لاحظها جاسر وأبتسم لغيرتها…فقد تأكد أنها لا تزال تحبه فقرر مشاكستها قليلا عن طريق تجاوبه مع الفتاه ولكن لم يتعدى حدود الأدب…لاحظت روجيدا تجاوبه مع الفتاه فجحظت عيناها من أفعاله…هى تعلم أنه يشاكسها ويثير غيرتها لا أكثر…وبالفعل نجح بذلك وعن جداره فقد أشتعل رأسها غيظا وظلت تقضم أظافرها قهراً منه…

أنتهت المضيفه من مهمتها معهما فقررت روجيدا تلقين تلك الفتاه درساً…أنتظرتها وهى تمر من أمامها وهى تحمل مشروبات عده…ثم بحركه خفيفه عرقلت المسكينه لتسقط على الأرضيه وتتناثر المشروبات معها…اصطنعت روجيدا الدهشه والأسف ثم تابعت بمكر أنثوي

روجيدا:أوووبس…سورى مش قصدى

نهضت الفتاه ونفضت ملابسها ثم تابعت بـ إبتسامه صفراء وبلهجه روتينيه

المضيف:ولا يهمك يا فندم حصل خير

أنصرفت بعد كلامتها تلك…بينما جاسر كان يتابع الموقف بلذه ثم قال بلؤم
جاسر:مش تحاسبي
ألتفتت روجيدا له بحده وقالت:إيه خايف ع السنيوره
إبتسم جاسر وقال بمكر:أه طبعا
نفخت روجيدا وتابعت بهمس:صحيح ما هى كانت بدلعك من شويه

أستفسر جاسر عما تقوله فقد أستصعب عليه فهم ما قالته فتسائل

جاسر:بتقولي حاجه
أبتسمت إبتسامه صفراء وقالت:مبقولش

إبتسم جاسر وقال في نفسه:كدا إبتدى الشغل…بركاتك يا صابر

حسناً عزيزى لقد رحبت هذه الجولة فالأنثى تربح أى تحدً….ولكن أمام الغيرة…فهى تكشف عن براثنها وينكشف عشقها…وتفشل في المبارزة…مباركً لك آدم….فقد ربحت وبجدارة

error: