رواية عشقتها فغلبت قسوتى بقلم إسراء علي

الفصلالتاسعوالعشرون

متمردة أنتي عزيزتي..

أغلقت الباب بحده في وجهه..كل ذلك وجاسر واقف بمكانه وكأنه شُل..وجهه شحب جراء الصدمة..قال جاسر بدهشه مسيطره على جميع خلايا جسده

جاسر:الحاجه اللى إترمت دي حاجتى صح..رفع جاسر من نبره صوته وقال

جاسر:روجيدا..إنتى بترمى حاجتى كدا..ماشي

قام جاسر بركل جميع ملابسه وقال بعنف

جاسر:طب أهو..يلا…صحيح كيد نسا

كانت روجيدا تقف خلف الباب وتستمع له ضحكت بخفه وقالت بتوعد

روجيدا:هو أنت لسه شوفت حاجه

تنهد الأثنين ليقولا بالوقت ذاته وبنبره خفيضه

“إن كيدهن عظيم”…………..

بأحد الفنادق بالقاهره

كانت نيره تجلس على الفراش وشبح إبتسامه تشكل على وجهها إثر تذكرها ماحدث أمس

فلاش باك

دلفت نيره المشفى الخاص بقدم مرتجفه..وجه شاحب..وأعين زائغه تبحث عن من ينقذها..لكن لا من مجيب..جلست نيره على مقعد منتظره دورها..تطلعت على النساء جوراها تنهدت بحزن ثم أغلقت عينيها…بعد لحظات نادت الممرضه عليها فقامت نيره وقلبها يكاد يخرج من محجره…دلفت إلى غرفه الطبيب..

كان شاب فى الثلاثينات من عمره ذا شعر أسود قصير وعيون بنيه وبشره سمراء…قابلها الشاب بـ إبتسامه عذبه وقال بروتينيه

الطبيب:أنا الدكتور أكرم أتفضلى يا مدام
جلست نيره ولاحظ هو إرتجاف أطرافها فقال لها مطمأناً

الطبيب:متقلقيش يا مدام هى عمليه بسيطه ومش هتحسي بحاجه

نزلت الدموع على وجنتها وقالت بصوت خافت

نيره:بس أنا مش عاوزة أنزل البيبي
عقد الطبيب مابين حاجبيه وقال بتعجب:مش فاهم
نيره بصوت متحشرج:جوزي غصبني إنى أنزله
فهم الطبيب مغزاها وقال:يعني إنتى مش عاوزة تنزلي البيبي
هزت رأسها نافيه فقال هو وقد شابك أصابع يديه وقال

الطبيب:أنا ممكن أساعدك
لمعت عيني نيره وقالت:بجد؟ إزاى!!
إبتسم الطبيب وقال:أنا هعملك تقرير مزيف إنك أجهضتى الطفل وبكدا أنتي هتحتفظي بيه
نيره بنبره سعيده:بجد..يعني..يعني تقدر تعمل كدا
الطبيب مؤكداً:طبعاً..
نيره بسعاده:الحمد لله أنا متشكرة أوى

نهض الطبيب عن مقعده وصافح يدها وقال

الطبيب:العفو ع إيه..أنتى أم..
نيره:متشكره جداً..أقدر أخد الورقه إمتى
الطبيب:حالاً هبعتلك الورقه مع الممرضه
نيره بـ إمتنان:مش عارفه أقول لحضرتك إيه
الطبيب بـ إبتسامه:دا واجبي
نيره وهى تدلف للخارج:شكراً مره تانيه مع السلامة
الطبيب:مع السلامة

خرجت نيره بينما هو ظل يتابعها حتى أختفت تنهد أكرم ثم وضع يديه فى جيب بنطاله وقال

أكرم:أنا هعمل أى حاجه تسعدك يا نيره…

أنتهى الفلاش

أبتسامتها اخذت فى الإتساع وهى تتحسس بطنها الصغير..ظلت تتذكر ذاك الوسيم الذي ساعدها بسهوله وقالت وهي تضع يدها على رأسها

نيره:بس شكله مش غريب..ياترى شوفته فين…………

مر إسبوعان ونصف..كانا أسوء أسبوعان على جاسر ذاق فيه المر بجميع أنواعه…كانت روجيدا تعامله بجفاء رهيب..برود قاتل…تجاهل مرعب…حقاً قد علمته معنى الغضب الهادئ..برودها فى التعامل معه يقتله بل يقطعه إرباً…لا يستطيع التفوه بحرفاً واحد فهو يستحق بل يستحق “ألعن”من ذلك..كلما حاول التقرب منها صدته بصراخ وحده…بكاء بهستيريه..كلما تقرب منها لاحظ نظره الخوف والكره بعينيها…لم تتقبله..لم ولن تسامحه…تسبب بجرح غائر وعليه مداواته..كلما حاول الكلام معها تجاهلته بشده..نظراتها التحقيريه له…لا تتكلم ولكن كفى بعينيها..

جاسر عزيزى ألم تسمع بـ إنتقام أنثُى..ف إبليس نفسه يصمت في حضره إنتقام حواء..بل ويُثني عليها..

حتى حينما مرض جاسر بسبب دخول فصل الشتاء عاملته روجيدا ببرود وحينما شكرها وقال لها”مكنتش أعرف إنى غالى عندك أوى كدا”

ردت عليه بسخريه لاذعه أحرقت رجولته”متخلطش بين خوفي عليك وإنسانيتي..أنا عملت كدا بدافع إنساني مش أكتر..حتى لو كلب مكانك كنت هعمل أكتر من كدا”وشددت على سبه”كلب” لتِشعره بدونيته….ظلت تلك المعامله الفاتره..التى جعلته ييأس من أقتحام أسوارها العاليه..تمر الأيام بملل وجو فاتر…بينهما بُنيت أسوار…وقلاع محصنة…

وفي أحد الأيام شعرت روجيدا بوعكه…لم تكن المره الأولى..شكت روجيدا بشئ وأرادت التأكد منه…لذلك أرسلت ناديه لكى تشترى لها جهاز “لأختبار الحمل”..أخذته روجيدا منها سريعا ودلفت للمرحاض وبعد دقائق ظهرت نتيجه الأختبار لطمت روجيدا على وجهها وقالت بفزع

روجيدا:يا نهار أسود..حامل

بكت روجيدا بشده وقالت بنحيب

روجيدا:يعنى يوم م أحب يبقى عندى بيبي..يجيلي بالطريقه دى..

كفكفت دموعها وقالت بحزم:جاسر مش هيعرف

خرجت روجيدا ووجدت ناديه تنتظرها بتلهف وقالت بحماس

ناديه:ها ياست روجيدا
روجيدا بنبره فاتره:طلعت حامل

قامت ناديه بفتح فاها وأخرجت “زغروته” وقالت بنبره سعيده وصوت عالى

ناديه:يا ألف نهار أبيض يا ألف نهـ….

قامت روجيدا بتكميم فمها وقالت بحذر

روجيدا:بس..يخربيتك..مش عاوزة حد يعرف

أبعدت ناديه يدها وقالت بعتاب:ليه بس ياست روجيدا دا حتى جاسر بيه هيفرح أوى
روجيدا:أهو دا بالذات مش عاوزاه يعرف
ناديه وقد عقدت مابين حاجبيها:إزاى يعنى ودى تيجى أنا هقوله طبعاً
أمسكتها روجيدا من رسغها وقالت بتحذير:إياك جاسر يعرف وإلا هقوله مين اللى ساعدنى إنى أهرب ها تحبى أقوله

أضطربت الفتاه المسكينه وقالت بنبره مرتجفه

ناديه:هاااا..لأ بلاش خلاص أنا هسكت ومش هنطق بحرف
ربتت على وجنته بخفه وقالت:شطورة يلا روحى حضرى الغدا..وأعملي حسابي معاه
ناديه بطاعه:حاضر يا ست روجيدا

خرجت ناديه من غرفه روجيدا…بينما حدثت الأخيره نفسها وقالت

روجيدا:ربنا يستر فـ اللى جاى..تحسست بطنها وقالت..مش عاوزاك تدخل فـ اللى جاى ربنا يقدرني وأحميك…

رجع جاسر إلى المنزل يشعر بملل رهيب فمنذ معامله روجيدا له بهذا الجفاء وهو يكره أن إلى ذلك المنزل…رمى مفتاحه وهاتفه على طاوله بجانب الباب ثم دلف إلى الداخل وقال بصوت عالى

جاسر:ناديه حضريلى الغدا

دلف جاسر إلى الداخل فوجد روجيدا تجلس وتتناول غذائها..حملق جاسر بها ثم فرك عينيه جيدا عساه يتخيل وجودها فهى منذ عودتها وهى تأكل بغرفتها ولا تلقى له بالاً…نظرت له روجيدا وقالت بتهكم

روجيدا:إيه شوفت عفريت
جاسر بدهشه:مش قصدى..بس يعني غريبه
روجيدا:هو إيه اللى غربيه؟
جاسر وهو يضع يده خلف عنقه:إنك هتاكلى معايا
روجيدا مصححه:أنت اللى هتاكل معايا أنا مبكلش مع حد

كور جاسر قبضه يده بشده منعاً لنوبه غضب..فها هى تستفزه ببرودها..ولكن وجودها بجانبه وقت الغذاء أبهجه قليلاً حتى وإن كان رغماً عنها..لذلك وبدون تردد جلس أمامها على السفره وتناول الغذاء بصمت وهو يراقبها..يا الله كم إشتاق إليها..كم ود فى هذه اللحظه أن يطعمها كما تعود أن يفعل من قبل…قطع ذلك السكون المميت وتشدق قائلاً

جاسر:إعملي حسابك هنسافر تركيا كام يوم
نظرت له من طرف عينيها وقالت بملل:مش رايحه معاك فـ حته
جاسر ببرود:مش باخد رأيك
روجيدا بحده:جاسر إلزم حدودك معايا
جاسر بنفس النبره:والله براحتى إنتى مراتي وزى م قولت قبل كدا المكان اللى هكون فيه إنتى هتكونى فيه
روجيدا بغضب ونبره حاده:متنساش إنت أتجوزتني غصب
جاسر وهو يضع الطعام بفمه:مش ناسي
روجيدا:أوووووف…ربنا بلاني بيك
جاسر بـ إبتسامه مستفزة:أحلى بلاء

نفخت روجيدا ولم ترد أمسكت كأس العصير وقربته من فمها لترتشف منه…نظر لها جاسر وقال مشاكساً

جاسر:يارتني كنت الكاس دا

نظرت له بحده ولم تعقب..بينما أكمل جاسر وقال

جاسر:خلى ناديه تحضر الشنط
روجيدا بعناد:مش رايحه فـ حته
جاسر بغرور:لإ هتروحي وبعدين عملت بأصلي وقولتلك مش بدل م أخطفك وأخدك بدون علمك لكني عملتلك حساب وآآ….

لم يكمل جاسر حديثه حيث أمسكت روجيدا كأس العصير الذي بيدها وسكبته في وجهه وقالت بحده

روجيدا:متنساش أنا مين يا جاسر..ومش أنا اللى تكلمني بالنبره دى..

تركته وغادرت بينما هو كان فى قمم الغضب والدهشه ولكنه هدأ نفسه…فهو لا يريد أن يخسرها فذلك تقدم ملحوظ حيث تعمد إستفزازها لترد عليه بغضب عقب موجه من البرود الذى قتله فـ أكثر ما يكرهه جاسر هو التجاهل والبرود…وها هى علمت نقاط ضعفه وأستغلتها ضده…فحقاً صدقت مقوله “إحذر من غضب حواء”…أبتسم جاسر وأخذ منشفه يمسح بها وجهه وقال وهو يعض على شفتيه

جاسر:ااااه…شرسة…بس بحبك…………….

error: