فريسه للماضي
فريســة للمـاضــي
ــــــــــــــــــــــــفي صباح اليوم التالي في سيارة زيــن …..
ادارت رأسها بين الحين والأخير متمعنه النظر في ملامحه الغير مفهومة ، واستنبطت بحسها ربما ضيقه بسبب نومها ليله أمس وتركه بمفرده ، فكرت قليلاً في مصالحته ، ونظرت اليه قائله :
– كل دا علشان سيبتك أمبارح ، اعمل ايه ، انا كنت عاوزه انام .
صمتت لتتابع مؤشرات وجهه الغامضه إلي الآن واستطردت بتعجب :
– زين حبيبي ،انا بكلمك علي فكره ،مش معقول تكون زعلان مني علشان نمت وسيبتك أمبارح ، فيه ايه يا زين ؟!!..
رد زين متنهدًا بقوة لعدم فهم ما يزعجه حتي الآن ورد باقتضاب:
– مافيش يا نور ، انا بس متضايق من حاجة كدة .
نور متسائلة بفضول :
– حاجه ايه ؟ ، لازم تقولي إيه اللي مزعلك ..
زين بنبرة هادئة رغم ضيقه الداخلي :
– ما فيش يا نور ، دا بس المشروع واخد تفكيري ومشغول بيه .
نور باستنكار :
– بس كده ، دا حتي المشروع كويس ، والوفد الأجنبي باين عليه بيفهم في الشغل دا كويس .
زين بامتعاض لم يستطع إخفاءه :
– وعرفتي بقي منين انهم كويسين ، ليكون من مايكل اللي أتعرفتي عليه .
حدقت فيه نور متتبعه تشنج تعبيراته التي توحي بغِيره قادمة ، وابتسمت تلقائيًا لتفهمها سبب تغيره من امر لم يعني لها شيئًا من الأساس ، واردات تَدْلِيسه وأردفت بمكر :
– وانت بقي غيران علشان هو كلمني ، هو دا بقي اللي مضايقك .
زين بثبات زائف :
– مبقاش غير دا وأغِير منه ، كنت شوفته علشان أغِير ، انا راجل ومحبش مراتي تتكلم مع اي واحد .
نور ببراءة مصطنعة :
– بس انا ماليش دعوة ، هو اللي شافني واقفه وجه كلمني وقال ان انا حلوة .
اوقف زين سيارته بحركة متعصبة ، وشهقت نور من تغيره علي حين غرة ، بينما هتف باهتياج :
– نور متجننيش ، ازاي تقولي قدامي انه معجب بيكي ، وازاي تسمحيلوا أصلاً انه يكلمك كده .
نور بتوتر ونبرة حزينة :
– اسفه يا زين ، انا فاكره الموضوع عادي و…
قاطعها بنفاذ صبر مشيرًا بيده :
– لا يا نور مش عادي ، ومن هنا ورايح مش عايزك تتكلمي مع اي حد ، وخصوصًا اجانب ، لان تفكيرهم مش زينا .
نور مومأة رأسها بطاعة :
– حاضر يا زين ، بس متزعلش مني ، انا مقصدش اضايقك .
تنهد بقوة وهو يقول بجدية :
– خلاص يا نور ، الموضوع دا مش هتكلم فيه تاني .
اومأت برأسها ، ثم ادار هو سيارته مستكملاً طريقه ……..
_______________________
افاق من نومه وهبط الدرج وهو يفرك رأسه محاولاً الإفاقه قليلاً ، استمر مالك في هبوط الدرج ناظرًا لردهه الفيلا التي لم تنتهي حتي الآن ، رمق بعض الأدوات المسنوده بجانب الحائط وتأفف وهو يمرر بصره عليها ، امتعض وجهه متذكرًا ما حدث بينهما ورغبتها بعدم المجئ مرة ثانية ، أثني ثغره متذمرًا مما فعله معها دون إرادة منه ، فربما إفتقاده لدفء والدته دفعه للإقتراب منها وفهمها للأمر بمعني آخر ، تنهد مالك بقوة وهو يتقدم نحو شرفة الحديقة الخلفية ، ولكن طرقات الباب أستوقفته ، فاستدار بجسده ناظرا للباب الذي ولج منه البواب ومعه شاب ما ، حدق فيهم بعدم فهم بينما هتف البواب :
– صباح الخير يا مالك بيه ، استانف وهو يشير للشاب :
– الأستاذ ده بيسأل علي حضرتك وبيقول انه المهندس الجديد .
تجمدت انظار مالك عليه وحاول كتم غيظه فقد نفذت ما رغبت به دون الرجوع إليه في مسألة تخصه ، فاقترب الشاب منه قائلاً بابتسامة مصطنعة :
– صباح الخير يا فندم ، انا كريم مهندس الديكور اللي مستر باهر بعتني .
مالك وهو يرمقه بضيق ممزوج بالعبوس من رأسه لأخمص قدميه، هتف بجمود :
– امشي أطلع بره .
كريم محدقًا فيه بصدمة : نعم !..
مالك بنبرة منفعلة :
– مسمعتش ، بقولك أمشي اطلع بره ، وبلغ اللي مشغلك اني هاجيله بنفسي .
كريم مومئًا رأسه بامتثال : حاضر يا فندم .
ثم دلف للخارج وهو يزفز بضيق ، فتأفف مالك وأمر البواب بعصبية :
– وانت كمان ، روح امسحلي عربيتي علشان خارج .
البواب بانصياع وهو يهز رأسه عدة مرات :
– امرك يا مالك بيه ..
اسرع البواب للخارج ، فصر مالك علي أسنانه وهتف بتوعد :
– اوكيه يا ست ساره ، هنشوف مين الي هيمشي كلامه علي التاني ، وابقي اتصرفي علي مزاجك…….
_____________________
فتح باب غرفتها بهدوء وتقدم نحو الداخل وهو يحدجها بنظرات حنونة متعاطفة مع حالتها ، تدرج امير اكثر متجهًا للفراش المستلقية عليه ودنا بحذر منها وجلس بجانبها وهو يتطلع علي وجهها الذي تلهف له ، ثم مرر بصره علي جسدها متشوقا أكثر لقربها الذي اشتاق اليه ، دنا امير اكثر منها وهو يتَنَشَّق عطرها الذي اذاب ضيقه منها ، ولم يدري بيديه التي وضعت لا إراديًا علي جسدها ، تنمّلت الأخيرة في نومتها وهي تأن تعبيرًا عن إفاقتها من نومها ، فتراجع امير للخلف وحاول الثبات في وقفته ورسم الضيق بصعوبة علي تعابيره وهو يحدق فيها ، فتحت عينيها وجدته امامها ، ونظرت له بعدم فهم ، ولكن نظراته ازعجتها وفطنت نيته في تعكير صفو يومها بطلباته المستحيلة بالنسبة لها ، وحدثته بضيق :
– يا تري هتنكد عليا بإيه النهاردة .
رد بتوتر داخلي آمرا إياها :
– يلا قومي ، هتفضلي نايمة كده كتير ، انا جعان وعايز أفطر .
ديما باحتجاج :
– انا حامل وتعبانه ، فطار ايه اللي عاوزني اعمله ، انا مش بعرف اعمل اي حاجه .
ضعف لوهله مشفقًا عليها ولكنه رد بثبات زائف :
– ماليش دعوة ، انا جوزك وبقولك عاوز أفطر .
نهضت ديما وهي تتذمر والقت الغطاء علي الأرضية وهتفت بامتعاض :
– طيب ، هروح اعمل زفت………
_____________________
جلست امامه وعلي وجهها انزعاج جم ، فتنهد وليد ببرود شديد وهو ينظر إليها ، فابتسمت نهله باستهزاء وأردفت بامتعاض :
– أفهم من كده ايه بقي ، وليه مجتش انبارح عندي ، انت عارف اني كنت مستنياك .
وليد وهو يستند بظهره علي مقعده ويحدجها باستهجان تعجبت منه :
– خلاص يا نهله ، انا بطلت .
نهله بنبرة مغتاظة :
– يعني إيه بطلت يا وليد .
وليد بسخرية :
– اللي سمعتيه ، انا راجل بحب مراتي وعمري ما هخونها .
ضحكت نهله بصوت عالي أثار حفيظته وردت ساخرة :
– من امتي يا وليد ، انت نسيت لما كنت هتتجنن عليا ، ولا نسيت اول مرة جيت فيها هنا كنت عامل إزاي قدامي .
وليد بامتعاض ونفاذ صبر :
– اتفضلي من غير مطرود ، وياريت متجيش هنا تاني .
ابتسمت نهله بتهكم وهي تحد اليه النظر بغضب واردفت بمكر :
– انت مفكر اني ممكن أقبل بخروجي كدة .
وليد بعدم فهم وهو يستند بمعصميه علي المكتب :
– تقصدي ايه بكلامك ده .
صمتت للحظات متعمده المماطله في الرد عليه لتأليب الأفكار في رأسه وإشعال الريبة بداخله ، وعندما نجحت في ذلك ردت بثقه :
– انت مفكر اني هخليك تبعد عني كده ، انا لازم أضمن انك هتبقي معايا وهتفضل بعد كدة معايا .
حدق فيها وليد غير مدركًا لما تفوهت به ، فاستطردت وهي تخرج هاتفها النقال من حقيبة يدها :
– انا مسجله مقابلتي ليك هنا ، وعليها وعدك ليا انك هتقابلني وحتي لما قربت منك وبوستني ، كله عليه .
ثم بدأت في تشغيل الفيديو الذي يثبت حديثها ، وادارت الهاتف تجاهه ليتسني له رؤيه ما سجلته دون ان يدري ، فحملق فيه وليد بصدمة جارفة وأعين مهزوزة ، ثم وجه بصره لها وابتسمت له هي بتشفي ، واغلقت الهاتف وحدثته بتهديد صريح :
– هتجيلي ولا أوري المدام الفيديو ، هو مش متصور كويس بس كل حاجه فيه واضحه .
وليد مومئًا رأسه بتوتر ، هتف بقلة حيلة :
– طيب ، زي ما انتي عاوزه ..
نهضت من مقعدها ونظرت له بتعالي قائله :
– وانا مستنياك يا حبيبي .
ثم دلفت للخارج وعلي وجهها انتصار بائن ، ثم فتحت الباب وجدت شخص ما قبالتها واصطدمت به ونظرت له وتعرفت عليه علي الفور ، وتوارت بوجهها للأسفل ، وحدثته بتوتر :
– أسفه .
مالك بابتسامة زائفة :
– لا عادي ، أتفضلي ..
ابتسمت له بتصنع واكملت سيرها سريعًا ، فولج مالك ونهض وليد وحدثه بتوتر :
– تعالي يا مالك .
تقدم مالك منه قائلاً :
– معلش يا وليد اني جيتلك من غير ميعاد .
وليد بعتاب : متقولش كدة ، انت تيجي في أي وقت .
جلس الإثنان وتشدق مالك بمعني :
– انا كنت عايز منك طلب مهم قوي .
وليد بجدية : قول علي طول يا مالك .
رد مالك بمغزي :
– هقول ، بس مين المزة الحلوة دي اللي كانت عندك……..
______________________
وقفت مريم وسط الجروب تتناقش بسلاسة في طبيعة العمل نظرًا لإجادتها التحدث بالإنجليزية ، وقف ماجد هو الآخر ولم يزيح نظراته من عليها متتبعًا حركات يدها وضحكاتها ، ويعلم جيدًا في قرارة نفسه وحسة الشيطاني الذي اجاده نظرات زوجها الثاقبة له ليمتع نفسه بنشوب معارك بينهم يتمني لو وصلت للفصل بينهم ، فهذا ما أراده ماجد في بادئ الأمر ليستطيع ابعادهم وتنغيص حياتهم .
أستشاط حسام غضبًا من تماديه في وقاحته واستباحة النظر لزوجته دون حياء او مراعاة وجوده معها ، وتجهمت تقاسيم وجهه ، ثم توجه لزوجته الواقفة وحدثها وهو يبعدها قليلاً :
– مريم ، تعالي عاوزك ..
امتثلت مريم لطلبه فور رؤيتها لتعابيره العابسة وتقدمت منه دون اعتراض ؛ وقف حسام امامها متطلعًا عليها مبديًا اهتياج داخلي لا يرغب في إظهاره امام ذلك الجمع وقال بصوت هامس غاضب :
– انا مش هقدر أستحمل الراجل دا ، زودها قوي يا مريم ، من وقت ما بيشوفك وهو مبيشلش عينه من عليكي .
أوعزت متفهمة وحدقت فيه بنظرات وصلت لقمتها من كثرة ذكره لموضوع لم يشغلها يومًا ، وردت عليه مدعية صلابتها :
– انا مش عايزه أتكلم في الموضوع دا تاني يا حسام ، قولتلك قبل كده الكلام دا هزود المشاكل بينا ، ويخلي حياتنا مش حلوة ، استأنفت بنبرة مقلقة :
– ولو استمريت في دا يا حسام انا بنفسي اللي هسيبك ، مش بس تفكيرك اللي هيصورلك ده ، تابعت بحدة وهي تحد النظر لعينيه المتعجبة من حديثها :
– الكلام في الموضوع دا تنساه ، خلاص يا حسام !..
انهت جملتها واستدارت عائدة لمباشرة اعمالها ، وتعقبها حسام بذهول لعدم استشعارها لضيقه من مسألة تهيجه كرجل شرقي يِحْتَرَس علي زوجته من أعين ما يشبه ذلك الرجل الوقح .
دقق ماجد من بُعْد النظر علي هيئته التي تحولت بفضل كلماتها التي أستنبط انها بدايه للإنهيار الحتمي الذي يسعي إليه ، وارتسمت ابتسامة متشفية علي تقاسيمه وهو يتطلع بثقه عليه.
وقفت هانا بجانبه متتبعه لما يحدث بتأني حذر وبأعين راجحة ، ثم أستدارت كليًا تاركته بمفرده وشعرت بالنفور من وجودها بجانبها وسارت للترفية عن نفسها وقامت بالتدخل في مناقشة ذلك المشروع مع احدهم…
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وصل زين الي الشركة واستقل المصعد برفقه نور القاطبة بين حاجبيها ، امسك يدها وشبك يده بقوة بها وهو يقربها منه وهمس بحب :
– لسه زعلانة مني ، انا أسف ، انا بس بغِير .
نظرت له بطرف عينيها وعلي وجهها عبوس رسمته ، فحدق فيها مدهوشًا وشهقت عندما إِلْتَفَّ ذراعه حول خصرها وقربها منه بغتةً وهمس :
– انا ممكن ألغي الإجتماع دلوقتي ونرجع الفيلا أصالحك .
نكست بصرها بخجل صريح مدركة نيته في استخدامه لعاطفته في تصليح غِيرته الغير مبررة وردت هامسة بتوتر :
– خلاص مش زعلانه ، بس متعملش كده تاني ، تصلبت انظارها علي عينيه واستأنفت بنبرة ذات مغزي :
– علشان انا كمان بغِير قوي قوي ، خصوصًا لو انت متعمد تخليني أغِير .
ابتسم لها بهدوء وانحني ليضع قبله علي ثغرها ، ولكن لم ينتبه اي منهم الي المصعد الذي أَرْفَد واصدر طنين الوصول وفتح بابيه علي مصراعيه ، وانظار بعض الموظفين المتجمدة علي ذلك المنظر الرومانسي الحالم التي جعلتهم زائغي الأعين ، انهي زين قبلته وابتعد وهو يديرها معه ليدلفا سويًا خارج المصعد ، وتصلب الإثنان من نظرات الموظفين التي أخترقت خصوصيتهم ، ولكن اغلاق المصعد ابوابه إلكترونيًا جعلهم يتنفسون بارتياح ،ثم وجه زين بصره إليها وضحكا معًا بشدة علي إحراجهم الغير مقصود ، ومد يده وضغط بإصبعه علي الزر الخاص بفتحه ، وتقدم الإثنان للخارج وهو ممسكًا بيدها ومدعي الثبات ، وعلي النقيض نور الناكسة لرأسها بخجل من نظراتهم وهمهماتهم حول لرؤيتهم لهم …
وصل بها إلي مقر الإجتماع الذي سينعقد بعد لحظات وتدرج بها نحوهم قائلاً بابتسامة مشرقة :
– Good morning ..(صباح الخير)..
رد الجميع عليه الصباح وبدأ الجميع في الهمهمه كعادتهم واختلط زين ونور بالحديث أيضًا ، لم تشعر نور بمن يخترق تفاصيلها كليًا بنظرات حانقة ماكرة تريد معرفة المزيد عنها ، فقد كانت كريستين ، الفتاه التي أنزعجت من تودد صديقها المقرب لها منها ، أشتعلت الغِيرة بداخلها وهي ترمقها بحقد متأملة جمالها وصغر سنها ، ولكن لفت أنتباهها ذلك الرجل الممسك بيدها وملتصقًا بها ، زمت شفتيها بتفكير تريد كشف هويته ، فربما تنتفع من خلاله في تنفيذ إنتقامها ، قطع تفكيرها الصامت خبطات خفيفه علي إحدي كتفيها ، ادارت رأسها تجاهه فوجدتها صديقتها المقربه ، فخاطبتها كريستين وهي تتنهد بعمق :
– What do you want ,Bella ?
(ماذا تريدين يا بيلا ؟ )..
وقفت بيلا بجانبها وقالت وهي تتعجب من نظراتها المسلطة علي تلك الفتاة :
– Why look at her that way ?..
(لماذا تنظرين لها هكذا ؟)..
زفرت كريستين بقوة ، ثم استدارت ناظره إليها وأعينها مليئة ببريق الحزن والضيق معًا وردت متوعدة :
– Necessary, take my right and i avenge him..
(لازم أخد حقي ..وأنتقم منه )..
حركت بيلا رأسها بتفهم وقطع حديثهم مريم وهي تحدثهم
بابتسامة مجاملة :
– اتفضلوا ، الإجتماع هيبدأ دلوقتي .
نظرت لها كريستين متصنعة الابتسام ، وبطرف عينيها رمقت هذا الرجل الواقف مع من يتودد لها صديقها ، ولوت ثغرها بابتسامه ماكره ونظرت لمريم متسائله بخبث داخلي وهي تؤشر عليه بوجهها :
– من هذا الرجل الذي يقف هناك ؟ .
مريم وهي تدير ظهرها تجاهه :
– قصدك اللي واقف هناك ولابس بدله سودا .
كريستين باقتضاب : نعم هو …
مريم وهي تشير بيدها قليلاً:
– دا أخويا ، زين السمري ، وصاحب الشركة والمسؤل عن المشروع .
مطت كريستين شفتيها باعجاب وهي تدقق فيه النظر ، ولكن تلك النور الواقفه بجانبه أثارت حفيظتها في معرفه علاقتها به ، وتنحنحت مستكملة تساؤلاتها بحذر جم :
– ومن تلك الفتاه التي تقف بجانبه ؟ .
مريم بابتسامة خفيفة :
– نور تبقي المدام ، وشريكته في الشركة .
رفعت حاجبيها مندهشة ، ونظرت لهم بأعين لامعة ببريق خبيث ، فهي مرتبطة بأحدهم ، أماءت كريستين برأسها قليلاً متفهمة للموقف كليًا وعليها وضع خطه حذرة لتلقين صديقها درسًا ، ثم انتبهت لمريم الواقفة وهي تشير لها :
– يلا إتفضلوا علي غرفة الإجتماعات .
أمتثلوا لحديثها وتوجهوا لغرفة الإجتماعات ، جلس كل منهم علي مقعده وتأهبوا للبدء به ، وترأسه زين وعلي يمينه زوجته نور ، وعلي الناحية الأخري اخته وزوجها ، اوشك زين علي الحديث ولكن دخول مايكل وهو يبتسم لهم بخجل قطعه وهو يخاطبهم بتأسف :
– انا أعتذر لكم عن تأخيري .
نظر له زين بلا مبالاة ولكن نطق أخته لإسمه وهي تحدثه جعله يحملق فيه أكثر بملامح مقتطبة :
– أتفضل مستر مايكل ، احنا لسه مبدأناش .
ابتسم بخجل وهو يتحرك للجلوس هو الآخر علي أحد المقاعد ، وانظار زين تتجول علي هيئته ، نظرت له نور مدركه ما يفكر به ، وتنحنحت بخفوت لتحسه علي الإنتباه لها ، وبالفعل ادار رأسه تجاهها ونظرت له بمغزي تفهمه وشرع في حديثه عن الإجتماع راسما ابتسامة زائفة :
– اولا أنا برحب بالوفد الأجنبي ، وان شاء الله المشروع يبقي أحسن من اللي قبله .
بادرت كريستين في الرد عليه محاولة لفت إنتباهه إليها :
– اكيد مستر زين ، يسعدنا التعامل معكم ، وأتمني ان تتكرر .
ابتسم لها زين بتصنع ، ثم ادار رأسه ليكمل حديثه فزمت كريستين شفتيها وتنهدت بهدوء محاولة التروي في بدأ حيلتها ، ثم وجهت بصرها لمايكل الذي يرمقها بلا مبالاة متعمدًا التقليل من شأنها ، ولكنها تهادت في توترها ورمقته بابتسامة ذات مغزي لتثير ريبته فيما ستنتويه ، وأستطرد زين حديثه بعملية :
– طبعا انتوا عارفين ان إحنا الشركة بتاعتنا واجهة لأعمال سياحية كتير ، وبحب علي طول ان انشئ منتجعات كبيرة وحديثة ، ولأول مرة هنعمله هنا في أسكندرية .
ثم اطلق زين لهم العنان في الافصاح عن خبرتهم وتحدث الجميع حول الموضوع بحرفية أعجب بيها زين ، وتفهم تمرسهم في تلك المسألة ، ثم هتف مايكل بصفته أحد المسؤلين عن إداره الوفد :
– أنا اشكر سيادتكم علي إختياركم لنا ، وسوف تنبهرون بما سنقدمه .
ابتسم له زين بتصنع وهو يتأفف داخليًا ، ثم انتهي الإجتماع بعد ساعات قلائل جعلت نور تتذمر من وجودها ، فهي لم تتعود علي مثل تلك الأعمال والرسميات في الحديث ، شعر بها زين وطالعها مبتسمًا بعذوبة ، ولم تخلو ايضا تلك الجلسة المغلقة من التحدث عن العمل فقط ، بل هناك جوانب صامتة تتحدث بداخلها وتتمثل في ماجد الذي يستلب الأنظار لمريم ، وكذلك حسام الذي ينتبه لحركات الوقحة رغم تحدثهم بجدية في الإجتماع ، وهناك أيضًا كريستين التي تحاول بشتي الطرق لفت زين لها وهي تبرع في الحديث المجدي بشأن الموضوع وسط تبرم مايكل من تعمدها الحديث معه فقط دون إعطاءه اهمية كونه المسؤل عن ما يخص الشراكة الأجنبية ، ولم تبالي كريستين بمدي انزعاجه لرغبتها في استفزازه فقط …
وهتف زين وهو يحدثهم بعملية :
– أتمني تتبسطوا معانا في أسكندريه ، ومدام مريم هي المسؤلة عن البروجرام بتاعكوا لو حبيتوا تروحوا اي مكان .
مريم بمعني وهي تحدثه :
– نور كمان معايا ، انت نسيت ولا ايه يا زين .
حدجها زين بتهكم دفين ولم يرد عليها بل وجه بصره لنور وجدها ترمقه بابتسامه ماكره وهي تغمز له بعينيها ، فابتسم لها بنفاذ صبر ولم يعلق …….
______________________
أرفد لذلك المكتب الموجود بداخل أحد العمارات الراقية وتقدم للداخل وهو يتفحص تلك المكاتب الصغيرة المتراصة بحرفية ومحازية لبعضها ، وهؤلاء الشباب أيضا الجالسين عليهم ومنهمكون في تخطيط ما بيدهم ، تجول مالك في المكان ببصره باحثًا عن ضالته التي أتي من أجلها وهو يتحرك بخطواته متباطئًا فيها ، واستوقفه شاب ما وهو يقف أمامه ويحدثه بجدية :
– اي طلب يا فندم .
مالك وهو يمرر بصره علي هيئته ، حيث وجده شابًا بنفس عمره تقريبًا ، ثم رد عليه بجمود :
– ساره ، عاوز المهندسة ساره .
الشاب مومئًا رأسه وهو يشير بيده علي إحدي الغرف :
– هي في الأوضه دي و..
لم ينصت له مالك كثيرًا حيث تركه علي الفور متجهاً لغرفتها ، بينما تذمر الشاب وتوجه لمواظبة اعماله المكلف بها ..
ولج مالك الغرفه وعفويًا سقطت أنظاره عليها كونها تجلس في مقابله الباب ، ابتسم بمكر وهي يسير نحوها بهدوء ، وقف قبالة مكتبها الصغير وخبط بأطراف اصابعه علي مكتبها لتنتبه له ، رفعت ساره بصرها نحوه وقالت وهي مصدومة ومندهشة من وجوده :
– مـــالك !.
نظر لها ببرود زائف ، ثم جلس علي المقعد المقابل لها، وقطبت تعابيره وهو يقول بتبرم زائف :
– ايه المكتب الصغير ده ، انا مش عارف أقعد عليه .
ظلت ساره مدهوشة من وجوده امامها ، تراقصت دقات قلبها مع نظرات عينيها وهي تحدجه غير مستوعبة رؤيتها له ويحدثها ، حملق فيها مالك وبحركة من اصابع يده وهو يلفت إنتباهها له أستطرد بتساؤل :
– ايه ! ، روحتي فين ؟.
ساره منتبهه بشرود : نعم !.
مالك مستهزئًا:
– نعم الله عليكي ، انا هفضل قاعد كده ، مش هتشوفي انا عاوز ايه .
ابتلعت ريقها وألتزمت عمليتها في مقر عملها وردت بتوتر :
– خير يا أستاذ ، عاوز ايه ؟..
مالك رافعًا حاجبيه في إندهاش ونبرة وترتها أكثر :
– هو إحنا هنفضل نتعامل سوا كدة ، انا مش حابب الطريقة دي.
ساره متسائلة بتردد :
– جاي ليه يا مالك .
مالك راضيًا بعض الشئ :
– جاي علشان تكملي شغلك ، ومش هقبل بحد غيرك يعمله .
رغم فرحتها الداخلية إلا إنها تذكرت وقاحته معها وردت بامتعاض:
– وانا اعتذرت عن ده ، والمهندس وافق وبعت غيري .
مالك بضيق وهو ينظر اليها مباشرةً:
– قولتلك انتي اللي هتكملي ،استأنف وهو يهددها صراحةً :
– ولو مكملتيش شغلك ده هضطر اعمل تصرف مش هيعجبك
ساره بسخط وابتسامة ساخرة :
– ويا تري هتعمل ايه ان شاء الله ؟..
مالك وهو يرمقها بثقه اقلقتها :
– هقول انك سرقتيني ، وسيبتي الشغل بعدها ، وانا جيت هنا علشان أشتكيكي .
لم يكترث لصدمتها التي كست وجهها حيث استطرد هو بمغزي :
– ووقتها هتبقي سمعتك وحشة ، واكيد محدش هيشغلك عنده .
اسبلت عينيها لإستعاب ما تفوه به ، ولكنها رسمت القوه والثبات رغم إرتعاد قلبها وردت :
– انت مفكر حد هنا هيصدقك ، استأنفت موضحة بسخرية :
– المهندس باهر يعرف ان احنا بقينا قرايب ، وخالك متجوز ماما ، وأكيد هيشك في كلامك .
مالك ماططًا شفتيه بتفكير مريب :
– خلاص ، انا أقول أحسن انك كنتي بتحاولي معايا ، وانا رفضت ، علشان كده انتي سيبتي الشغل .
ساره بصدمة جلية :
– اتجننت ، ايه اللي بتقوله ده ، انت فاهم معناه ايه .
نهض مالك ورد بجدية صارمة :
– معناه انك هتيجي تكملي شغلك ، ولو رفضتي انتي حره في رده فعلي اللي مش هتعجبك .
ساره بغيظ : مش هاجي .
مالك بثقة ونبرة ازعجتها :
– هتيجي يا ساره ، وانا مستنيكي…
___________________
وقفت تتلوي منهكه من كثره مكوثها الغير مريح في ذلك المطبخ القذر كما تراه ، محاولة صنع طعام ما لا تعرف كيف تبدأ به ، وضعت ديما يدها علي ظهرها وهي تأن بتألم ووجه متعب مجهد ، ثم استندت علي تلك الطاولة الرخامية غير قادرة علي الوقف الكثير الذي أرهقها ، وقف امير عند الباب وهو يلوم نفسه علي ما يفعله معها ، بادر في الإقتراب منها ، وحاوطها من خصرها وهتف بلهفة بائنة :
– مالك يا حبيبتي .
نظرت له بأعين مرهقة وردت بصوت مجهد :
– تعبانه ، تعبانه قوي .
لم يتحمل امير رؤيتها هكذا حيث هم بحملها بين ذراعيها ودلف خارج المطبخ متجهًا لغرفتهم ، وضعها أمير بتأني علي الفراش ومسد علي وجهها بحب قائلاً :
– ايه يا حبيبتي ، حاسه بأيه ؟
ردت براحة بعض الشئ :
– كويسة ، متشغلش بالك انت .
امير بنبرة لائمة :
– يعني ايه مشغلش بالي ، انتي مراتي وحبيبتي ، وإن مهتمتش بيكي ، ههتم بمين .
ديما بابتسامة ساخرة حزينة :
– ما هو باين ، ناقص ايه تاني تعملوا معايا .
امير بحب وهو يقترب منها :
– بحبك ، انا اسف يا حبيبتي ، مكنش قصدي اتعبك صدقيني ، انا كنت عاوزك تسمعي كلامي وبس .
ديما بحزن :
– لو كنت طلبت مني بالراحة كنت سمعت كلامك ، بس انت كنت بتتحكم فيا ، ودا اللي ضايقني ، تابعت بجدية وهي تنظر إليه :
– انا بحبك يا امير ، ومش ممكن أعمل حاجه تزعلك مني ، بس طريقتك معايا خوفتني منك .
أمير بنظرات حنونة :
– وانا كمان بحبك ، واسف لو كنت زعلتك .
ابتسمت ديما بخجل ، وفاجئها هو بقبله أظهر فيها حبه ، وابتعد بعدها قائلاً بمرح :
– يلا بقي نمشي من هنا ، أحسن انا قرفت قوي .
ضحكت ديما بشده فأستطرد وهو يهتف بخبث :
– يلا بقي نمشي لاحسن الجو دا مش مديني طاقه……..
______________________
تجمدت انظار ماجد عليها عندما لمحها تتحدث مع هذا الرجل مرة ثانية ، تجهمت تعابيره وهو يحدجها بغضب وأخذ يتقرب منهم بوجه ممتعض ، دنا منهم وحدثها بضيق مكتوم :
– تعالي عاوزك ..
هانا بتردد :
– شوية كدة .
حدجها ماجد بنظرات غاضبة ستهلكها حتمًا ، وهتف باهتياج غير مبالي بمن حوله :
– قولتلك تعالي معايا .
صدمت هانا من رده فعله العنيفة خاصةً بعدما سحبها بعنف خلفه وهو يعتصر يديها بقبضته القوية ، لم يبالي ماجد بنظرات بعض الموظفين المسلطة نحوهم ولا بهيئتها كليًا ، فهو منفعل مما فعلته ، ولج بها المصعد وهو يسحبها دافعًا اياها بداخله ، انغلق المصعد وحدثها بنبره غاضبة وأعين متوهجة شر :
– أزاي أقولك تعالي متجيش .
نظرت له وهي ترتعد من الداخل وتوجست تطاوله بالأيدي معها ، فهي تعلمه جيدًا ، ولم تتجرأ علي الرد عليه خيفةً من تفاقم الأمر للأسوأ ، بينما هو لم يتخلي عن نظراته الضروسة عندما استكمل حديثه الغاضب :
– ايه اللي موقفك مع الراجل ده ، بقي انا تسيبني وتروحي تقفي معاه ، لا وكررتيها مرة تانية ، ولا حاسه بنظراته الو**** ليكي ، شوفتيه بيبصلك ازاي .
ظلت هانا تتلعثم في الرد عليه وهي ترتجف امامه ،وكان وصول المصعد للطابق الأرضي كالنجدة لها عندما تحررت من تساؤلاته الغاضبة لتمهلها الفرصة في الرد عليه ، أو ربما تهدئة غضبه الهائج تجاهها ..
دلف بها بعدما امسك كف يدها بيده القاسية ويجرها خلفه وهو يغزو في خطواته متجهًا لسيارته ويهتف متوعدًا لها بصوت تسمعه وهي ترتاع منه :
– انا هعرفك يا هانا ازاي تتصرفي كده تاني ….
~~~~~~~~~~
اصطحب زوجته معه بعد انتهاء يومهم بالشركة ليذهبا سويًا ، امسك زين يدها وهو يتأملها بحبه السافر وتوجه ليستقل المصعد ، وكان هناك من يتربص بهم ومنتظرًا للقاءه ، كانت كريستين تلك الفتاه الأجنبية الناعمة في طريقتها ، ورغم جمالها كانت نور الأروع بالتأكيد ، وقفت كريستين عند المصعد مدعيه انها ستستقله ، وعندما رآتهم مثلت دهشتها وحدثتهم :
– اهلا بكم ، لقد تشرفت بمقابلتكم مرة أخري .
زين بابتسامة مجاملة :
– الشرف لينا ، تابع بانبهار :
– والعربي عندك كويس قوي ..
كريستين متعمدة التقرب منه :
– انا اتحدث منذ فترة طويلة ، اقتربت أكثر منه واستأنفت وهي تلعب بحافة حلته :
– وتشرفت بمعرفتك بالأخص مستر زين…You are agraceful man..
(انت رجل وسيم )..
أبتلع زين ريقه بخجل وتوتر معًا ، بينما حدجتها نور بانزعاج من ملاطفتها لزوجها وإقترابها المثير منه ، ولم تتحمل ذلك حيث ابعدت يدها الممسكة بأطراف حلته ونفضتها قائله بوجه عابس :
– ميرسي قوي .
نكس زين بصره مستشعرًا غِيره زوجته ، ووصل المصعد وسحبته وهو مدهوشًا منها ثم استقلته معه ولم تمهلها نور الفرصة للولوج معهم ، وابتسمت لها كريستين بوجه مغتر ، وعن نور فحدجتها بشراسة قبل ان ينغلق الباب عليهم ، ثم وجهت بصرها نحوه وعندما بدأ في الحديث أشارت بيدها قائله :
– أسكت انت خالص ، انا العفاريت بتلعب قدام وشي ……….
_____________
__________
_______