فريسه للماضي

الفصــل الحادي عشر
فريســة للماضــي
ــــــــــــــــــــــجاب جميع الأماكن بداخل المستشفی بحثًا عنه ولم يجد له أثرًا ، ايقن زين هروبه منه ، ولكنه توعد بالإنتقام منه وبما فعله مع زوجته ، نظر زين أمامه مهتاجًا وبأعين حاده يلمع بهـا بريق الإنتقام ، ضغط بقوة علي قبضه يده لعدم رؤيته له رغم انه كان امامه قبل قليل ، حرك زين رأسه حزنًا علي ما حدث لها وأنتابه شعور متأجج في تمنيه طفله منها ، وعكس القدر أمانيه في إختطافه دون حتي معرفته به ، ثم استدار عائدًا اليها ، وجد حسام يتقدم منه ويهتف بأنفاس متسارعة :
– انت روحت فين يا زين ، اوعي تعملوا حاجه .
رد زين بنبرة قاسية :
– هرب ، بس هيروح مني فين ، موته علي إيدي ، وهدفعه تمن انه حتي يفكر يقرب من مراتي بالشكل ده
حسام محاولاً إقناعه ، نظرا لحالته السيئة التي توحي بفعله لكارثة سوف تنقلب نتائجها الوبلة علي الجميع ، وحتمًا ستؤذي من حوله :
– روق كده يا زين ، نور الحمد لله كويسه ، وهو مقربش منها و….
قاطعه زين باحتجاج ضروس :
– ايه اللي بتقوله دا يا حسام ، دا كان عاوز يغتصبها ، ويا عالم هي قومته ازاي علشان يحصلها دا كله ، استأنف زين بنبرة حزينة :
– وضيعلي ابني قبل ما أشوفه او حتي أعرف بيه ، كان نفسي في ولد وهي تجبهولي ، كل دا وعايزني افضل ساكت ، والحيوان دا كان بيتكلم معانا عادي ، وفكرته عقل وهو بيفكر ازاي يقرب من مراتي ، حتي مش عامل حساب للقرابه اللي بينا .
صمت زين وترك دموعه التي زرفت علي وجهه تتحدث عن مدی حزنه العميق لحياتهم التي تنقلب دون سابق إنظار لتهدئه الأوضاع او التهيٶ لها .
نظر له حسام بوجه حزين ، مدركًا معاناته بفقده لطفله وايضًا ما حدث لزوجته المريضة ، خاصةً من فعل ذلك اقرب ما لهم ، ثم وضع كلتا يديه علي كتفيه وربت عليهم وحدثه بهدوء ظاهري :
– تعالی يا زين نطمن عليها ، وانت أكيد لما هتشوفها هتهدي ، الدكتور طمّنا الحمد لله ، تابع بتعقل :
– والمرة دي البيبي راح ، فيكوا تجيبوا غيره ان شاء الله ، هي مش اول واحدة تجهض يا زين .
نظر له زين بأعين محتقنة قاتمة ، ثم هم بالتوجه معه متمنيًا رؤيتها لتهون عليه قليلاً ، ورغم بؤسه حمد الله علي وجودها أمامه ……….
_______________________

جلس في الظالم يبكي بحرقة لإنقلاب الأمور إلی العكس ، جزع مالك تفاقم إصابتها كونه ترك أو بالأحری هرب من المستشفي دون إطمئنانه عليها ، انتحب بشدة قلقًا عليها وفزع من رؤيه دماءها التي ما زالت تكسو يديه وأصبغت ملابسه ، لم يفسر لنفسه هروبه حتي الآن ، هل جزع انتقامه منه ، او لم يرد ان تري امامها من كان سببًا في إجهاض طفلها ، بل خشي نظراتها المحتكرة له ، أطبق علي صدره كومة من النار حامله لبعض المصائب القادمة ، وأضحي مبغوضًا في نظر الجميع وخاصةً من أحبها ، أرتاع مالك داخليًا مجرد رؤيه الآخرين من حوله وهو يتطلعون عليه بنظرات دونية بعد ما كان ينتويه من سفاهة وبذائه معها .
ظلت دموعه منهمرة لا تتوقف متذكرًا لما حدث ، نظر أمامه بارتجاف جسدي وأجفلت عيناه غير قادرًا علي تأمل ما حوله ، شعر بأنه يريد ترك العالم قليلاً ، وتمني ان يكون حلمًا ، لذلك استسلم لتخيلاته وأغمض عينيه رويدًا منهمكًا من كثرة التفكير .
_______________________

ولجوا جميعا لداخل المشفی متوجهين لغرفتها التي أستعلموا عنها بالأسفل ، أشارت مريم بيدها للغرفة وهموا ثلاثتهم بالدخول ، بالداخل وجدوا كل من زين وحسام وهم يتطلعون عليها ، أدار حسام رأسه ناظرًا إليهم وتشدق بنبرة هادئة :
– أهلا يا جماعه ، تعالوا .
دنا فاضل منهم ووجه بصره اليها وطالعها بقلق ونظرات حزينة ، ثم ضم شفتيه لكثرة المصائب التي تهتاف عليها كأنها سترويها من افراحها التي لم تكتمل ، ثم وجه بصره لابنه المحملق بها بنظرات جامدة ، أقترب منه وربت علي كتفه بهدوء وحدثه :
– زين
نظر له زين وتابع فاضل بمعني :
– تعالي يا ابني بره عايز اتكلم معاك شويه .
اومأ رأسه بموافقة ، ونهض بعدما ألقی نظره أخيرة عليها ، هدج بصحبه والده وحسام أيضًا …
وقفت فاطمه تنظر لها بشفقة واردفت بحسرة :
– صعبانه عليا قوي ، صغيرة وحصلها كده ، الله يكون في عونها .
ردت مريم زاممة شفتيها بحزن :
– نور كانت حامل ، زين كان بيقول تعبانة شوية ، ومكنتش تعرف حاجه او كانت بتحس بأيه .
قالت فاطمه بامتعاض ونبرة خفيضة :
– كل من الزفت اللي أسمه مالك ده ، يا تري عملها ايه علشان توصل لانها تجهض ابنها ، اكيد كان عاوز منها……
قطمت فاطمه جملتها محروجة من سرد الباقي ، وادركت مريم ما تلمح له وردت بضيق وغيظ جم :
– منك لله يا مالك ، شوفت وصلتها لأيه ووصلت نفسك لأيه…
______________________

جلسوا في الخارج ولم يتفوه احدًا بكلمة ، فقد متجمدين من جرأه مالك في فعلته الشنعاء في إثبات حبه وتملكها عنوة لها رغم ارتباطها بغيره ، لم يتخيل فاضل ان حديث أخته وخوفها الزائد من تلك المسألة كان محقًا في التنبؤ بذلك ، ولم يدري بأن حبه يصل لتفكيره الاهوج غير مبالي فيمن حوله ، خاصةً علاقتهم المقربة من بعضهما ، تنهد فاضل بضيق وتأمل ابنه الجالس بشرود وفطن ما يمر به ، دار في رأسه بعض الكلمات ورتبها بهدوء ليهدئه بها خيفةً من إرتكابه لشئ سيئ وحدثه :
– زين …….اللي عمله مالك دا طيش شباب ، واحد بيحب واحدة ومفكر انه بالطريقة دي هتبقي بتاعته ، وكلنا كنا عارفين بحب مالك ليها ، بس محدش كان مدي للامر أهميه ، خصوصًا انها كانت مراتك .
صمت قليلاً وهو يتطلع لتعبيرات وجه ابنه التي تتغير للانزعاج ، فإبتلع ريقه واستطرد بتروي :
– لازم تفكر كويس يا زين قبل ما تاخد اي رده فعل للموضوع ، وانت عاقل وكبير ، وتقدر تتحكم في نفسك ، مهما كان مالك عيل ، وقد مراتك ، وهو بيحبها ، تابع بحيرة :
– انا مش عارف ايه حبه الغريب ليها ده ، عاوزها معاه بأي طريقة ، يمكن علشان حاسس بالوحدة ومحدش جمبه ، ولا ايه ، انا مش عارف اقول ايه في تفكيره اللي يوصله لكده.
ظل زين هادئًا مما اجج ريبه فاضل من تفكيره الغامض في الأمر ، بينما تدخل حسام قائلاً بضيق :
– اللي عمله مالك غلط ، ولازم حضرتك يا عمي اللي تتصرف معاه ، وزين يكون بعيد ، لان رده فعله مش هتكون كويسة .
فاضل بجديه ناظرًا الي زين :
– زين انا مش عايزك تعمل حاجه ، انا هتصرف معاه وأفهمه غلطه ، مالك بيحاول يقلدك في اللي كنت بتعمله ، وفاهم ان هو ده الصح ، وانه بكده هيعيش مع اللي بيحبها وهي كمان هتحبه ، حتي لو هو بشخصيته دي .
رد زين باستنكار ساخرًا :
– ودا يبررله اللي كان عايز يعمله مع مراتي ، مرات ابن خاله يا بابا ، وهي تبقي بنت خاله برضه ، انا مش عارف لحد دلوقتي قالها ايه علشان تجري كده وتروحله ، اكيد قالها حاجه تخصني ، وتخليها تتصل بيا كل ده .
هدر فاضل بنفاذ صبر ونبرة حادة :
– اللي قولته يتسمع يا زين ، ونور كويسه الحمدلله ، ومحصلهاش حاجة ، ومالك انا هتصرف معاه ، واكيد قعاده لوحده مخليه بقي بيفكر بالشكل ده .
اغتاظ زين من حديث والده ، ثم نهض وهو منفعل وهتف بضيق :
– انا رايح لمراتي ، ام ابني اللي موتهولي ، روح قوله برافو يا مالك ، هي تعبانه وابنها مات وبرر اللي عمله في مراتي بشوية كلام بتضحك عليا بيه ، بس انا مش هسكت يا بابا مهما حاولت معايا ، ومالك ده حسابه معايا انا .
ثم بادر زين بالتوجه لغرفتها وهو مهتاجًا من عدم مبالاتهم بالأمر واخذ موقف جدي فيه …….
_______________________
في الصباح……

علقت حقيبه يدها في ذراعها ، وتهيأت للخروج ثم هبطت الدرج وجدت زوجه أخيها علي طاولة الطعام تتناول إفطارها ، سارت ديما بخطوات حذره وهي تتقدم منها ، وطالعتها بابتسامة فرحة وهي واضعه يدها علي بطنها وجلست علي المقعد المقابل لها ، وحدثتها :
– صباح الخير يا هنون .
ردت هانا بابتسامة باهتة :
– صباح النور ، ثم وجهت بصرها لحقيبتها وملابسها وتسائلت :
– رايحه فين كده ؟ ، انتي نسيتي انك حامل .
ردت ديما بلا مبالاة :
۔ انا مش تعبانه علشان افضل قاعده كده .
هانا بتساؤل : هتروحي فين بقي ؟ .
ردت ديما بمغزي :
۔ رايحه الشركة ، انا مش ليا فيها ولا ايه .
قالت هانا مظلمة عينيها بخبث :
– ايوه طبعًا ليكي ، زي امير مثلاً .
قالت ديما مدعية عدم الإهتمام :
– ايه ده ، انتي فكراني ريحاله ولا ايه .
هانا بعدم اقتناع : طيب ، براحتك .
ديما محاولة تغير الموضوع سألتها :
– اومال فين ماجد ، لسه نايم .
هانا مومأه برأسها بتأكيد :
– ايوه نايم ، قولت أسيبه لما يصحي لواحده
قالت ديما باستنكار :
۔ يصحي لوحده ، من امتي الكلام ده .
ردت هانا بضيق داخلي متذكره ما حدث :
– من النهارده ، هو قال بمزاجه يعمل اي حاجه ، وانا ماليش دخل بحياته .
قالت ديما بملامح مقتطبة :
– اسمه ايه الكلام ده ، علي اساس هتتجوزوا قريب .
ردت هانا بنبرة ساخرة :
– مش باين ، هيتجوزني ليه ، ما انا معاه اهو ، واحسن من الجواز كمان ، أقلها بيعاملني اكني مش موجوده ، وعايش براحته .
هتفت ديما بعدم تصديق :
۔ مش معقول الكلام ده يا هانا د…
قاطعتها هانا قائله بجدية :
– سيبك انتي من الموضوع ده ، اللي عايزه أقولهولك ياديما ، ان أمير بيحبك ، متخسريهوش علشان اي حاجه ، وعلشان متندميش بعد كده .
ردت ديما بضيق :
– هو اللي سابني ، حتي مفكرش يسأل عني ، ولما كلمته قالي انه مش فرحان بالبيبي .
قالت هانا بنبرة ذات معني :
– اكيد بيقولك كده علشان تسمعي كلامه بعد كده .
قالت ديما بمكر :
۔ اهو انا بقي ريحاله الشركه وهوريه……..
______________________

ظل طوال الليل ملازمًا لفراشها ، وجلس علي المقعد المجاور لها ومحدقًا فيها وشاردًا في وجهها المريض ولم يعرف زين كم من الوقت مضي وهو بتلك الحالة ، غلبه نعاسه فأنكب علي وجهه عدة مرات ، ثم أسند رأسه علي طرف الفراش وغفی عليه، فات بعض الوقت وهو بوضعيته الغير مريحة ، إنجلي النهار عليه وهو نائم مرابطًا لها ، تنملت الأخيرة في نومتها دليل علي إفاقتها كما أخبرهم الطبيب ، اسبلت نور عينيها عدة مرات بوهن شديد محاولة الرؤيه لما حولها ، وبعد عده محاولات مضنية فتحتها ناظرة لتلك الغرفة بيضاء اللون ، ومن هيئتها أستنبطت انها بمشفی ما ، حركت بصرها ناظرة حولها ، ووقعت عيناها عليه وهو بجانبها ، اثنت ثغرها بابتسامة عذبة وهي تتأمله بحب ، ثم حركت اصابع يدها المغروس فيها الإبرة ومدتها تدريجيًا لتضعها علي شعره ، ثم مررتها ببطء لتغوص في ثناياه ، لم يشعر زين بها لشعوره المتأجج للنوم ، نظرت له نور بحنان وسعدت لوجوده معها ، وايقنت معرفته بما فعله مالك من حقاره معها ، وحمدت الله لعدم لمسه لها ، ولم تستوعب هي حتي الآن كم الألم الذي تملك منها حينها ، وشعورها بخروج الدماء أثار ريبتها ، ومدی الوهن الذي غز أعضاءها ، ورغم تعبها تنهدت بارتياح كونها تخلصت من براثنه ، واضحت لعبته مكشوفة امام الجميع .
حدقت فيه نور مرةً أخري وهمست له بصوت خفيض متعب :
– زين ……………زين حبيبي .
آنس زين لصوتها المألوف يهتف بإسمه ، فتح عينيه وبادر في تدوير رأسه تجاهها ، حدق فيها وانتفض من مقعده وهتف بلهفة جلية:
– نور….انتي كويسه يا حبيبتي ؟ .
حركت رأسها بإماءة خفيفة وردت بصوت مجهد :
– كويسه ، متخفش عليا .
زين بنظرة حزينة وهو يتأمل وجهها المتيم به :
– الحمد لله يا حبيبتي ، شدي حيلك علشان نرجع سوا .
نكست بصرها قليلاً وحدثته بحذر جم خوفًا من إنفعاله :
– انت عرفت ؟! .
فطن مقصدها ورد بتوعد :
– متخافيش يا حبيبتي ، انا هاخدلك حقك وحق ابننا منه .
نور بتعجب : ابننا ! .
زين بضيق ممزوج بالحزن :
– انتي كنتي حامل يا نور ، لما كنتي تعبانه كان من الحمل .
حدقت فيه مصدومة ، وبحركة دون عمد مدت يدها تتحسس بطنها ، وادركت نزفها للدماء وقت مقاومتها الشرسة له ، سلط زين بصره عليها متابعًا حركات وجهها التي تتغير الي الحزن والغضب والإنفعال ، ولكنه ملس علي شعرها واستطرد بجدية زائفة :
– الحمد لله علي كل حاجة ، المهم انتي تقومي بالسلامة ، استأنف مازحًا رغم إهتياجه :
– علشان نجيب غيره .
لم تبدي تعبيرًا لمزحته سوی دموعها التي ملأت جفنيها وهي محدقة به بحزن لَحَّف طلعتها الواهنه ، وبدأت في بكاءها ونزول عبراتها الساخنة التي حرقت قلب زين وهو ينظر لها بأسي ، ضمها زين اليه وقبل جبهتها واردف بصوت متحشرج :
– آسف اني قولتلك دلوقتي ، بس سامحيني ، انا كنت عاوز منك ولد ، ومقهور قوي من اللي عمله فيكي الـ **** ده.
قالت نور ببكاء :
– انا كان هيبقي عندي بيبي يا زين ، هو ضيعه مني ، دا كان عاوز مني…..
جذت باقي جملتها المعيبة في حقها ، ودفنت وجهها في صدره ، ربت زين عليها بلطف قائلاً بهدوء حزين :
– خلاص يا عمري متعيطيش ، المهم عندي انتي ، انتي اغلي حاجه عندي ، انتي مراتي وحبيبتي ، ولو كان علي الولد انا مش زعلان ، انا كنت بتمناه ، وهستني تاني لما ربنا يكرمنا بيه .
ثم ابتعد قليلاً ونظر لوجهها ، وقام بمسح دموعها بكف يده واستأنف بحدة خفيفة :
– مش عايز اشوف دموعك دي طول ما انا موجود ، لأنها بتجرحني قوي ، وبتخليني عايز اخلص من اي حد يزعلك
قالت نور بصوت باكي :
۔ بحبك قوي يا زين .
رد زين بنبرة هادئة :
۔ وانا أكتر يا حياتي………..

في الخارج…
ظلوا في المشفی طوال الليل ، رغم محاولات مريم في إقناع والدها بالذهاب ولكنه أصر الإطمئنان عليها أولاً ، وقفت مريم بصحبة زوجها بعيدًا قليلا وهي تتطلع بشفقة علي والدها الذي لم يذق طعم النوم ، ثم تشدقت :
– يا حبيبي يا بابا ، طول عمره تعبان علشانا .
قال حسام بتنهيدة :
– الله يكون في عون زين ، لما يعرف ان مراته حصلها كده ومن أقرب واحد ليهم .
هدرت مريم بنبرة مغتاظة :
– انا عايزه آكل مالك ده بسناني ، أزاي الحيوان يفكر يعمل دا معاها ، ناسي انها بنت خاله المتخلف ده .
هتف حسام بضيق :
– انا خايف من تصرف زين ، خايف يعمله حاجه و…..
قاطعته مريم بانفعال :
– ما يعمله ، ان شاالله يقتله حتي ، هو اللي عمله شويه
قال حسام بتعجب :
– ايه يا مريم الكلام ده! ، احنا عايزين نلم الموضوع ، ومتنسيش ان مالك لسه عيل وطايش ، أستطرد بتهكم :
– لا والمصيبة بعد عمتك ما تعرف باللي حصل .
مريم بمغزي : ما عرفت خلاص .
حسام متسائلاً باستغراب :
۔ عرفت منين؟…..
______________________

أخرجت صرخة باكية عندما أخبرتها مريم بما فعله ابنها ، ظلت ثريا تصدر عويلاً مصحوب ببكاءها الحارق خيفةً علي ابنها ، لم يستمع أحدًا لنداءاتها المستغيثة بنية ابنها في أمتلاكه لها ، وأضحت النتيجة واضحة وهي خسارته للأبد ، تقدم منها فايز وجلس بجانبها ، ثم ربت علي ظهرها قائلاً بمفهوم :
– مش كده يا ثريا ، اللي بتعمليه دا مش هيغير حاجة ، لازم نفكر شوية هنعمل ايه ، قبل ما يكبر الموضوع ويحصل مشاكل كبيرة بسبب اللي حصل ده .
ردت ثريا من بين بكاءها الشديد :
– ابني خلاص راح مني ، مفكر زين هيسكت علي اللي كان عاوز يعمله ، ولا ابنه اللي راح كمان ، انا حاسة ان فيه مصيبة هتحصل ، ومش بعيد نخسر بعض كلنا .
هتف فايز بتعقل :
– تعالي نروح ونطمن عليه ، لازم نقف معاه ونفهمه غلطه ، ونمنع أي حد يأذيه ، هو أكيد لوحده دلوقتي وخايف .
قالت ثريا بنبرة قوية وملامح متشنجة :
– انا مش هخلي حد يقرب من ابني ، ابني صغير ومش عارف هو بيعمل ايه ، وانا قولت لفاضل ومخبتش عليه انه لسه بيحبها ، دا ابني الوحيد ومش هخلي حد يعمله حاجة طول ما انا عايشه .
قال فايز مهدئًا إياها :
– طيب اهدي أنتي ، وخلينا نفكر هنعمل ايه ، ولازم يعتذر علي اللي عمله ده ، ويعترف بغلطه ، علي الأقل علشان زين وفاضل ، ويا عالم زين بيفكر في ايه دلوقتي
سألت ثريا بنبرة زائغة :
۔ هو ممكن يأذي ابني؟ .
رد فايز بجهل :
– مش عارف يا ثريا ، بس اللي عمله مايتسكتش عليه ، اكيد بيفكر في حاجة .
نهضت ثريا قائله بلهفة قلقة :
– يلا يا فايز ، انا هروح لأبني دلوقتي ، انا مش هستني لما يحصله حاجه………
_____________________

تهللت اساريرها عندما ابلغها بتنفيذه لطلبها اليوم ، وتنفست بارتياح كونها ستتخلص ممن زعزع حياتها وكان السبب في موت أخيها ، نظرت هايدي امامها بحقد وهي تتخيل رؤيه دماءهم مبعثرة حولها ، وتمنّت رؤيه الموقف بنفسها وتحدجهم بتشفي جلي في نظراتها القاسية الحاقدة ، ابتسم لها الجالس بجانبها وهو يتأمل وجهها وفرحتها قائلاً :
– مبسوطة مني يا حبيبتي ، كمان شويه هتسمعي خبرهم .
ردت هايدي بنبرة حالمة :
– أخيرًا هخلص منهم ، متعرفش انا كنت بتعذب قد ايه علشان اخرج وأنتقم منهم ، مش لازم يعيشوا مبسوطين ابدًا، استطردت بتهكم :
– لا ورايحين يتجوزوا بعض ، والست ثريا اللي سابني علشانها راحت تتجوز وتعيش حياتها ، ومن مين ، من اعز أصحاب جوزها ….فايز…… فايز اللي كان بيساعده ازاي يتخلص مني ، تابعت بحقد :
– وانا كمان هتخلص منه ومنها هي كمان ، انا قتلته وهي راحت تعيش حياتها وسعيدة، وانا اللي أتبهدل كده
سامي موضحًا :
– متزعليش نفسك ، انا عملت الازم في الموضوع ، بحيث محدش يشك انه بفعل فاعل ، ويبان قضاء وقدر .
هتفت هايدي بغيظ :
– كان نفسي اشوفهم بنفسي ، متعرفش انا بكرههم قد ايه واتعذبت بسببهم ، وعملت نفسي خارصة المدة دي كلها علشان محدش يكتشف كدبي .
سامي بخبث وهو يحملق فيها :
– خلاص يا هيدو يا حبيبتي ، قومي نشربلنا كاسين يروقونا كده ، دا انا لسه مشبعتش منك .
قالت هايدي بابتسامة ذات مغزي :
– أوكيه يا حبيبي ، طول ما بتبسطني ، هبسطك……..
_______________________

لم يصدق رؤيتها أمامه ، فالبرغم من تركه لها إلا انه مازال يغِير مجرد خروجها دون علمه ، تأمل امير مشيتها المبالغ فيها، وحدق فيها قاطبًا بين حاجبيه وغير متفهم هيئتها ، كانت ديما تسير واضعة يدها خلف ظهرها والأخري علي بطنها ومدعية الألم بعض الشئ ، لم يقدر أمير كتم ضحكته حتي أخرجها مكركرًا بشدة ، أغتاظت منه ديما وحدجته بضيق ، وأزمعت إثارة حنقه عندما تشدقت محدثة شخص ما بنبرة شبه عالية ليتسني له سماعها وتثير استفزازه :
– جهزتلي مكتبي في الشركة ، انت عارف ان ليا فيها ، ومن هنا ورايح هبقي هنا ، وزي زي اي حد هنا ، ويمكن أكتر كمان .
نجحت ديما في مهمتها عندما وجدته يتقدم منها بملامح منزعجة ومتشنجة وهتف :
– ايه الكلام ده ، من امتي وانتي ليكي في الشغل ، وانتي مفكره هسمحلك بده .
ردت ديما باستهزاء :
– وتطلع مين علشان تسمحلي ، انت مش طلقتني خلاص
هدر امير بامتعاض :
– متنسيش انك حامل في ابني ، ولو عوزت هردك دلوقتي لو حبيت ، وهمنعك حتي تخرجي من غير إذني كده .
ردت ديما بتجهم :
– مش دا ابنك اللي انت مش فرحان بيه ، دلوقتي بتقول ابني ومش عارف ايه .
نظر حوله وجد الموظفين يتطلعون عليهم ، فاردف من بين أسنانه :
– ماشي يا ديما ، مش انتي بتعانديني ، وانا جاهز لعاندك ده وهتشوفي انا هعمل ايه ……….
______________________

تفحصها الدكتور جيدًا ، ودون بعض الملحوظات في المدونة الموصولة بفراشها والخاصة بحالتها ، ثم تحدث بنبرة إعجاب :
– مدام نور ما شاء الله بتتحسن ، احنا كنا فين وبقينا فين
قال زين بعدم اقتناع :
– بس شكلها تعبان قوي .
رد الطبيب بعملية يجيدها :
– دا طبيعي ، هي دلوقتي مش محتاجة غير انها تتغذي كويس ، وترتاح راحه تامة علشان تقدر تواظب علي حياتها ، وتستجمع قواها مرة تانية، وانا هكتبلها بعض الأدوية اللي هتساعدها تقوم بسرعة ، وبعض الاكلات والمشروبات اللازمة علشان تنظيف الرحم .
قالت نور بضيق :
انا هفضل كتير تعبانة؟
رد الطبيب بجدية :
– معلش أستحملي ، هي فترة وهتعدي ، بس لازم متعمليش مجهود شديد ، لأن الإجهاض زي النفاس بالظبط
قال زين بابتسامة مصطنعة :
– متشكرين قوي يا دكتور ، وانا ههتم بيها بنفسي .
قال الطبيب وهو يضع لوحه الملحوظات :
– انا هستأذن انا ، وهبقي أكتبلها علي إذن بالخروج .
هدج الطبيب للخارج ، ودنا منها فاضل وملس علي رأسها قائلاً :
– عامله ايه دلوقتي يا حبيبتي .
ردت نور بنبرة حزينة :
– شوفت يا أنكل مالك عمل ايه ، ضيع ابني مني ، انا كنت هجيب بيبي يا انكل .
قال فاضل مرفقًا بحالتها:
– انا هعاقبه علي اللي عمله ده ، وان كان علي البيبي ، الحمد لله ، يمكن ربنا شايلكم حاجه أحسن ، واحمدوا ربنا انكم متعلقتوش بيه ، وإلا كان هيبقي الحزن أكتر.
هتف زين بضيق :
– مش وقته الكلام ده يا بابا ، المهم عندي نور تخف وتبقي كويسة .
قالت مريم بابتسامة محببة :
– وان شاء نانو تجيب للعيله اكتر من وريث ، ما هي مرات الكبير بقي .
نور محدثه زين بعبوس :
– انا عايز امشي بقي من هنا ، انا مش بحب المستشفي
قال فاضل بجدية :
۔ هتمشي يا حبيبتي ، وهتيجي عندي و….
قاطعه زين بعدم رضي :
– لأ طبعًا ، مراتي هتبقي معايا ، وانا بنفسي اللي هعملها كل حاجة .
قال حسام باستنكار :
– ايه يا زين ، هتقعد جمبها وتسيب شغلك .
زين مؤكدًا بجدية :
– في ستين داهية شغلي ، ما هو ده السبب في إني مسمعش إتصالاتها ، صمت متذكرًا وحدثها بعدم فهم :
– صحيح يا نور…..انتي كنتي بتتصلي بيا ليه………
__________________
______________
__________

 

error: