فريسه للماضي

الفصـل التاسع عشر
فريسـة للماضـي
ــــــــــــــــــأستلقت علي الفراش ناظرة للأعلي بشرود تام ، وابتسمت متذكرة ما حدث بينهم وتمنيه لقربها منه ، تنهدت ساره بحرارة كبيرة مستشعرة ذلك الحب الذي تسلل لأعماق قلبها رغمًا عنها ، هدأت من أنفاسها المضطربة نتيجة تراقص دقات قلبها الفرحة التي الهبت حواسها كليًا ، ثم مر أمامها طيفها كلحظات خاطفة أشعرتها بالريبة من وجودها معها في مكان واحد ، فهي ‘نور’ التي تخشي عدم نسيانه لها ، بل وبالتأكيد ليس الحب ليُنسي بتلك السهولة ، تغيرت تعابيرها للاقتطاب عندما عاود بذاكرتها ما كان يفعله من أجلها ، ثم أخرجت أنين منزعج وزفرت بقوة ، وسيطر عليها فكرة ربما إحتياجه لمن يبقي معه جعله يلجأ إليها ، زمت شفتيها بضيق وأخرجها من جموحها والدتها التي ولجت عليها الغرفة وتحدق فيها بتعجب وعدم فهم سويًا ، ولكنها بحسها الامومي فطنت ما بها ، وباشرت بالإقتراب منها وهي مازالت ترمقها كليًا متحيرة في أمرها ..
أنتبهت لها ساره وادارت رأسها بهدوء حزين علي قسمات وجهها الصغير والطفولي ، دنت فاطمة منها وبدون مقدمات ملست علي شعرها وقالت بنبرة هادئة :
– احكيلي يا سارة مالك ، انا ماما وتهمني مصلحتك يا حبيبتي .
عبست سارة وهي ترد عليها لتوحي لها مدي خوفها مما يشغل تفكيرها :
– انا بحبه يا ماما ، وهو قالي انه مش عايزني ابعد عنه .
ضمت فاطمه شفتيها مبدية تفهمها لما تفوهت به ، وبرجاحة عقلها وتفهمها للحياة ردت بتعقل شديد في نبرة صوتها لتحسها علي الإنصات جيدًا :
– الحب مش وحش يا بنتي ، بس يكون في حدود ، يعني مينفعش البنت والولد يقعدوا يحبوا في بعض ويقربوا من بعض بأي شكل ، لأن أولاً دا حرام .
اعتدلت سارة معلنة الاهتمام بما تقوله ، فاستكملت فاطمة حديثها المتعقل :
– وهو لو بيحبك بجد هيطلب إيدك قدام الكل ، انما لو عايز يقرب وخلاص دا مش بيحب يا بنتي ، دا بيتسلي ، ومالك ولد طايش وصغير لسه ، استطردت بتهكم :
– وازاي يقولك خليكي جمبي ، دا كان انبارح بيحب نور ، واكيد لسه بيحبها لحد دلوقتي و….
ساره وهي تقاطعها بنبرة ذات معني موضحة لها :
– لا يا ماما ، مالك علشان كان قاعد لوحده عايز اي حد يكون معاه ، وهو علشان كدة كان بيقرب من نور ، انا فهمت من كلامه معايا انه كان مضايق ان الكل سابه ، حتي طنط ثريا الله يرحمها ، قالي انه زعلان منها علشان سابته ، بس هو ندمان انها ماتت وهو كان وحش معاها .
انصتت فاطمة لها وردت بجدية ممزوجة بقله حيلتها :
– انا مش عارفه اقولك ايه ، بس اوعي تخليه يا ساره يقرب منك بأي شكل ، انتي شوفتي بعينك كان عاوز ايه من نور ومهموش حد ، وهو لو عايزك بجد هيجي يطلب ايدك مننا ، حتي لو هتتجوزوا بعد ما تخلصوا دراستكم .
هتفت سارة بفرحة جلية وهي تمسك يدها :
– يعني لو مالك أتقدملي هتوافقي يا ماما .
فاطمة بتحذيز قبل ان تبدي قرارها :
– بس أوعديني انك متعمليش غلط معاه .
ساره مؤكدة بحماس :
– اوعدك يا ماما ، انا متربية ومش ممكن اعمل حاجة وحشة .
فاطمه وهي ترمقها بعدم اقتناع :
– اما أشوف يا سارة……..
_________________________

ظل لحظات مستيقظًا علي الفراش ، ثم وجه بصره نحوها وتفحص هيئتها التي تغيرت من كلمات أثرت في علاقتها معه ، وعادت للماضي تثاورها الشكوك تجاهه ، كانت نور تشعر بنظراته نحوها ، علي الرغم انها كانت توليه ظهرها ، وضع زين يده بهدوء ليمررها حول خصرها وهو يدنو منها ، ثم دفن وجهه في عنقها حتي أقشعر جسدها من حركته التي حركت مشاعرها وأججتها معًا ،ورغم حبها له وتمنيه دائماً معها إلا ان تلك المسألة باتت تزعجها ولم تستطع نسيانها بسهولة ، وضع زين قبلة علي عنقها وهمس :
– انا عارف أنك صاحية ، معقول لسه زعلانة من حاجة عمرها ما هتحصل ، خلاص مبقتيش بتثقي فيا .
ادارها إليه ليتمكن من رؤيه وجهها ولتنظر هي إليه ثم أستطرد وهو يرجع شعرها المنسدل علي وجهها قليلا ًللخلف :
– مش بتردي ليه ؟ ،عاوز اسمعك ،عاوز أعرف بتفكري في إيه .
أخفضت بصرها قليلاً وردت عليه بصوت مبحوح متزعزع:
– خايفة ! ، خايفة ترجع زي الأول ، رفعت بصرها نحوه واردفت بنبرة تحمل في طياتها الكثير :
– أنا ممكن اتجنن واعمل اي حاجه لو فكرت تبقي مع غيري ، انا بحبك وانت عارف دا كويس ، ولما كنت بتروح لغيري انت مكنتش حاسس انا بحس بإيه ، انا كنت بموت لما أفكر انك بتبقي مع واحدة ، وبتقرب منها و….
قاطعها واضعًا سبابته علي شفتيها غير متهيأ لسماع المزيد منها ، ولكنه أدرك ما يدور في ذهنها وما يرعد علاقتهما من تلك المسألة التي اضحي بمفرده المُلام عليها ، وسببت انفصالهم مرات جمة بدلاً من إقترابهم كما كان يتَكَهُّن ..
تأمل زين تقاسيم وجهها التي تحمله الذنب كليًا ، والمكنونة في نظراتها نحوه ، ولكنه أعتزم إزاحه تلك الظنون من رأسها حينما رد عليها :
– نور انا مش ممكن افكر أخونك وانتي معايا ، انا قبل كده كنت بعمل كده علشان نقرب صدقيني ، انا بحبك قوي ، ولما سافرتي ما فكرتش غير في إنك ترجعيلي ، او حتي نطلق ، انا مبعدتش عنك ولا فكرت اسيبك علشان عاوزك علي طول معايا.
دنا أكثر متأملاً ملامحها التي تتطلع عليه بخوف قرأه في عينيها من ذلك الأمر ، فأسند رأسه علي مقدمة رأسها واستأنف حديثه بحيرة :
– انا مش عارف اعمل ايه علشان متفكريش في كده تاني ، انا تقريبًا مش بفكر غير فيكي ، انتي وبس يا نور حبيبتي .
صمت زين ليري رده فعلها الغير مفهومة في ملامحها وأعينها المسلطة عليه ، فهمت نور من حديثه ان بَعُدها عنه ربما يعطيه الفرصة في التقرب لاحداهن ، اضطربت من مجرد التفكير في ذلك ، نفت ذلك بداخل عقلها المتذبذب ونظرت له بقوة وقامت بتطويق عنقه وفاجئته بقبلة قوية أثبتت تملكها له فيها وهي تجذبه إليها لتخبره بأنها ليست كما السابق ، وعن زين لم ينكر هو حبها له وذلك الفكر الذي يغزو رأسها حتي تعمق معها فيما تريده …..
_______________________

تتحدث مع ديما عبر الهاتف وهي مستلقية علي الفراش بغرفة أخري استوطنت فيها بعيدًا عن تطاوله عليها ولم تدري بأن حركتها تلك أشعلت بداخله غضب مختزن منذ زمن رغم تحذيره الدائم من عدم تركها له ، ولج ماجد عليها تلك الغرفة وهو مكفهر التعابير ، أنتبهت هانا له وأغلقت الهاتف بعدما انهت مكالمتها ثم نظرت إليه ، تقدم ماجد وهو مسلط بصره عليها واردف بضيق مكتوم :
– انا مش قولت متبعديش عني ، قاعده هنا ليه ؟..
نهضت بهدوء زائف ولم تنكر حده التوتر المستحوذ عليها في الرد عليه بطريقة تتناسب مع حالته التي وضحت لها ؛ وقفت هانا أمامه محاولة امتصاص غضبه حيث طوقت عنقه بذراعيها وتدللت عليها وهي ترد بنبرة صوت دَمُثه :
– انا قولت اسيبك علي ما تهدي يا حبيبي ، انا عمري ما هسيبك يا ماجد ، علشان انت حبيبي ، وانا مبحبش غيرك .
نظر لها ماجد كالمغيب امامها حيث نجحت في تخفيف صراعه الداخلي ببعض الكلمات مع شَطْر من دلالها الأنثوي في السيطرة عليه ، وأكملتها بتلك القبلة الهادئة علي ثغره وأستطردت هامسه بحب :
– لسه زعلان مني ، انا اسفه ، سامحني بقي .
لامست وجهها بوجهه مع كل كلمه تهتف بها حتي تهيج بداخله مشاعر الحب بدلاً من ذلك الغضب النفسي الطاغي علي اوصاله الداخلية ، لم يلبث ماجد حتي هدأ من روعه بفضل كلماتها عليه وتحرك بشفتيها علي وجهها قائلاً بصوت مضطرب :
– انتي حلوه قوي يا هانا ، وانا مش عايزك تسيبيني .
هانا بابتسامة هادئة مغرية همست :
– وانا مش هبعد ابدًا ، تابعت بهمس اغراه للتقرب منها :
– موحشتكش !..
ماجد وهو يقربها منه بتلهف ملحوظ علي تعابير وجهه المشدوهه :
– طبعا عاوزك يا حبيبتي .
طرحها علي الفراش متطلعًا عليها بلهفة ، دنا منها وغرق معها في ظل الحب الذي تخرجه امامه ، وسعدت هانا بنجاح تفكيرها في إمتصاص غصبه……
_______________________

وقفت أمام السنتر بعدما أثار حفيظتها معرفه ما يدور بالخارج ، خاصه بعدما علمت صدفه بوصول شحنة من المعدات الحديثة ، رمقتها سلمي بتفحص شديد وهي ضاممه حاجبيها بجهل ، فما تعرفه ان الأجهزه لم تكن مغطاه بتلك الطريقة ، فسبق لها واستلمت شحنة حديثه ولم تكن بتلك الهيئة المجهولة ، أنتبهت لمن يضع يده علي كتفها ، فشهقت وهي تستدير خلفها ووجدتها رودي ، ابتسمت لها سلمي بتصنع بينما طالعتها رودي بوجه بشوش فرح ، هتفت رودي بسعادة :
– صباح الخير يا سلمي .
ردت سلمي بتردد وهي متعجبه من هيئتها :
– صباح الخير ، يا تري ايه اللي مفرحك قوي كده ! ..
رودي بانتشاء جم وهي تنظر لهؤلاء العمال الحاملين للأجهزة كما تدعي :
– الأجهزه الجديدة طبعًا ، دا كنز ودخل السنتر عندنا .
قلبت سلمي شفتها السفلية غير مقتنعة بفرحتها ولا بتلك الأجهزة المتوارية عن الأنظار ، ثم حدثتها مستفهمه :
– هو انتوا مغطينها كدة ليه ، وبدخلوها المخزن ، مش المفروض تتركب بقي ، او حتي اننا نجربها ونشوفها ، دا الطبيعي قبل شراء أي جهاز .
رودي بتوتر :
– هما هيحطوها دلوقتي ولما نفضي مكان ليها هنركبها علي طول ، وكمان هما جربوها عندهم ، أصل الأماكن بتختلف عن بعض لما بنستورد الأجهزة ، ناس فاهمة شغلها .
سلمي ماططة شفتاها باقتناع بعض الشئ :
– يمكن ، تابعت متسائلة :
– وهي هتتركب أمتي ، مش المفروض احنا عارفين انها هتوصل ونركبها علي طول ؟ .
رودي بتردد مدعيه الثبات :
– عادي هنركبها بعدين ، استأنفت محاولة تغيير الموضوع :
– تعالي احسن نروح نطمن علي الزباين لو محتاجين حاجة…..
______________________

فتح المصعد بابيه وظهرت منه كريستين وهي تخرج منه ناظرة حولها بخُيَلاء وما ان رأته واقف عند الإستقبال ويبدو انه يتسائل عن شئ ما حتي تقدمت صوبه بأعين ثاقبة وهي تتبختر في مشيتها ، وقفت خلفه وقامت بخبط ظهره بظهر كف يدها ليستدير نحوها ، وبالفعل إستدار مايكل وعندما رآها اثني ثغره بابتسامة ساخرة وهو يدقق النظر فيما ترتديه ” كانت ترتدي كريستين كنزه شبه عارية وكاشفة عن أغلب جسدها ، غير ذلك الهوت شورت القصير الذي يبرز كامل ساقيها بإغراء جذاب تلهث له الأنفاس وتهتاف له المشاعر “..
وقفت امامه بصلابة وبنظرات قوية لتعلن امامه دخولها حربه الذي بدأها بحركاته الهوجاء عندما تودد لتلك الفتاة الصغيرة ، والتي ترتبط بغيره ، ثم ابتسمت ساخرة لاستفزازه وزعزعت فكره ، بينما حدق فيها مايكل متجهم الهيئة وهو يتجول ببصره علي جسدها ككل ، ثم تأفف قائلا بامتعاض :
– What do you want ?..
(ماذا تريدين؟..)..
حدجته بنظرة مغترة وهي تدنو أكثر منه وردت بمياعة جلية :
– I want to come to me ..
( اريد ان تأتي إليي)..
قهقه عاليًا قبل ان يرد عليها ساخرًا بــ :
– You are dreaming …you are the one who will come to me.
(انتي تحلمين …انتي من سيأتي إليي)..
كتمت كريستين غضبها وغيظها لنبرته القوية لما تفوه به ، ثم قالت بتحدي سافر :
– We’ll see , Michael ..Which who will win..
(سنري مايكل ..من الذي سيربح )..
حملق في عينيها مباشرةً وقال بنبرة ذات مغزي :
– You jealous , christine..
(انتي تغييرين يا كريستين)..
كريستين بعصبية متناسية تحديها قبل قليل :
– You get closer to a married girl and her husband will not allow this ..
(انت تتقرب من فتاة متزوجة ..وزوجها لن يسمح بذلك )..
هتف مايكل بصدمة :
– Is she married ?!..
(هل هي متزوجه ؟!)..
ردت كريستين باقتضاب : Yes..(نعم )..
اخفض مايكل بصره قليلا ًلم يعرف بما يجيبها ، فقد بات مهزومًا بمعرفته انها ترتبط بآخر ، وسوف تربح هي بالتحديد وعليه ايجاد طريقًا آخر للمنافسة مرة أخري معها ، وعن كريستين فقد شعرت بانتشاء في فوزها الاوليي ، وعليها التريث ليأتي اليها بنفسه عندما تخبره لما تنتوي له ، وقالت بجدية :
– I will get close to her husband..
(سوف أتقرب من زوجها ) ، أستأنفت لإشعال الغيرة بداخله :
– The man does not mind approaching..
( الرجل لا يمانع الإقتراب )…
لم يشعر مايكل بنفسه حتي امسكها من عضدها ضاغطًا عليه بقوة بعدما حدجها بغضب جلي ، ثم قال باهتياج اظهر غِيرته التي برعت بحذاقتها اظهارها :
– I will not allow you , christine..
(لن اسمح لكي يا كريستين )..
نفضت كريستين يده بعنف من عليها وهتفت بنظرات غاضبة ونبرة متشنجة :
– Who you to allow to me ?..
(من أنت لتسمح لي؟ )..
مايكل وهو يرمقها بغضب سافر وتعابير متجهمه :
– You will regret , christine..
(ستندمين يا كريستين )..
كريستين بابتسامة ساخرة :
– Will see michael..
(سنري يا مايكل ……….
_______________________

لم يقصي نظراته نحوه منذ ولج مكتبه عليه وجلس امامه ، تعجب حسام من قدومه خاصةً انها نادرًا ما تحدث ، فعادته هو ما يتوجه إليه ليُنفس عن ضيقه ، غلبه فضوله لمعرفه سبب حزن تقاسيمه ، حدثه حسام مستفهمًا باهتمام :
– ايه يا زين …مقولتش انت جاي ليه ؟..
تنفس زين بعمق واخرج الهواء زفيرًا قويًا ، ورد بقلة حيلة :
– نور لسه بتشك فيا بسبب اللي عملته قبل كده ، مش قادرة تنسي الموضوع ده لما بتشوفني واقف مع واحدة ، وانا تعبت معاها ، وعلي طول أقولها بحبك ، وهي زي ما هيه ، قولي اعمل ايه يا حسام ..
اماء حسام رأسه مدركًا ما يحدث بينهم ، رد بمعني :
– كان تفكيرك غلط وقتها يا زين ، وآدي نتايجه ، شوف هتوصل حياتكم لأية ، استأنف بتعقل ليهدئه قليلاً ويحسه علي المثابرة :
– لازم تفهم انها برضه صغيرة انها تتصرف زي الستات العاقلين اللي ممكن يمشوا حياتهم لو حد من اجوازهم بص كدة او كدة ، هي أكيد بتفكر في غِيرتها عليك وبس ، عايزاك ليها ، ودا اللي لازم تحسسهولها من هنا ورايح ، ومتزهقش ابدًا لو فكرت هي في الموضوع ده ، انت في إيدك تخليها تنساه ..
أنصت إليه زين باهتمام ، فقد أثارت كلماته شيئًا ما في فكره ، تنهد زين قائلا بامتعاض وهو يتذكر تلك الفتاة الأجنبية :
– كله من الزفتة الاجنبية اللي معانا في المشروع .
حسام متسائلاً وهو ينصت له بفضول ممزوج بالاهتمام :
– مين دي يا زين ؟، وعملت ايه ؟..
زين بتأفف وضيق ملحوظ وهو يضرب بيده سطح المكتب :
– واحدة معانا في المشروع ، ومش فاكر حتي اسمها ايه ، كانت بتقرب مني بطريقة مش حلوة قدام نور ، وهي السبب في ان نور تفكر كدة .
حسام متفهمًا ،هتف بلا مبالاة :
– هما الأجانب كدة ، كل حاجة عندهم عادي ، أستطرد بجدية ونبرة محفزة :
– المهم أنت يا زين تحاول تخليها تمسح الكلام دا من دماغها ، نور بتحبك قوي ، وهي بتبص للموضوع من ناحية تانية ، وانت لازم تصبر معاها وتقدر تفكيرها .
زين مومئًا رأسه بموافقة :
– حاضر ، انا أصلا بحاول في كده ، وان شاء الله مافيش حاجة…
______________________

طرقت باب غرفتها بهدوء فهي تود الجلوس مع رفيقتها المقربة ، ولجت نور غرفتها بهدوء وتأملت ماذا تفعل ويعلو وجهها ابتسامة ناعمة ، نظرت لها ساره مبتسمة للجانب قليلاً ، تدرجت نور في خطواتها ثم جلست بجانبها ودققت النظر فيما تفعله أمامها ، قالت نور مشيرة للوحات الرسم :
– شكل شغل الهندسة دا صعب ، علي طول بترسمي حاجات ، تلاقي إيدك بتوجعك .
ساره بلا مبالاة وهي تكمل ما بيدها :
– عادي ..أتعودت.
نظرت لها نور بتردد ثم تحدثت لتخرج ما يجثو علي صدرها من هموم :
– انا متضايقه قوي يا ساره .
رفعت ساره رأسها لتنظر لها باهتمام ، فأكملت نور موضحة :
– خايفه زين يرجع يخوني ، او انه يفكر في حد غيري ، مش قادرة انسي اللي كان بيعمله قبل كدة .
زمت ساره شفتيها وحدقت فيها قاطبة بين حاجبيها قبل ان ترد عليها وهي تلومها علي فكرها هذا :
– نور انتي لما سافرتي زين كان كويس جدًا ، وانا كنت واخدة بالي من تصرفاته ، أتغير خالص ومبقاش يعمل حاجة مش كويسة ، أستكملت موضحة بسخرية :
– ولو هو لسه كدة ، كان عمل اللي هو عايزه لما سبتيه وسافرتي ، مش لما اتجوزتوا وبقيتوا مع بعض دلوقتي هيفكر هو يخونك ، أعقلي يا نور ، ومتخليش حاجه تأثر عليكي ، وزين بيحبك والكل عارف قد ايه هو اتعذب وانتي بعيدة عنه .
نور باقتضاب بعدما انصتت لحديثها المجدي لها :
– انتي شايفة كدة ؟.
ساره مؤكدة :
– ولازم انتي كمان تشوفي كدة ، احسن ما حياتك تبوظ ، وتندمي بعدين لو كنتي ظلماه .
نور متنهدة بقوة :
– خلاص ..أنا هحاول ، صمتت قليلاً وتابعت بمعني :
– عرفتي ان أنكل فاضل عازم مالك علي الغدا النهاردة .
ساره بتوتر وهي تبتلع ريقها :
– آه عرفت .
نور مثنية ثغرها للجانب بتذمر داخلي :
– ربنا يسهل………
________________________

وقف في الشرفة يتحدث معها علي الهاتف بعدما أزدادت اتصالاتها التي كان يتعمد أن يتجاهلها ، واجبر نفسه علي الرد وابدي تأففه من حديثها الذي يحمل تهديدًا صريحًا :
– ايه يا وليد ، انا هفضل كده مستنية ، انت مش قولت هتيجي ، ولا انت عاوزني بقي اروح للمدام واوريها جوزها كان عاوز ايه .
وليد علي مضض وهو يرد بقلة حيلة :
– خلاص يا نهلة ، انا قولت هقابلك يبقي خلاص ، استني مني الوقت والمكان اللي هنتقابل فيه .
نهلة مستنكرة ما تفوه به :
– يعني ايه مكان تقابلني فيه ، تعالي عندي ، انا قاعدة لوحدي ، وبابا وماما مش هنا ومسافرين ، يعني المكان موجود .
قطب جبينه بتردد ورد بمعني توصل إليه بمكر :
– لا طبعًا…انا عايز نتقابل في مكان انا اللي أحدده ، افرض انتي كنتي بتسجليلي وعايزة توقعيني ، انا مضمنكيش بصراحة بعد اللي عملتيه معايا .
لامت نهلة نفسها بتعنيف داخلي وقالت بنفاذ صبر :
– خلاص زي ما انت عاوز ، المهم انا عاوزاك ، وقريب يا وليد ، انا مش قادرة استني اكتر من كدة .
وليد مؤكدًا بتأفف :
– قريب يا حبيبتي هتلاقيني…..
بتر جملته لسماع صوت زوجته تصدح بإسمه ، فتوتر واضطر ان ينهي مكالمته ، همس وليد لها بضيق:
– ميرا بتنادي عليا ، هشوف وابقي أكلمك …مع السلامة .
أغلق هاتفه علي الفور وولج داخل الغرفة ليرد علي ميرا قائلاً :
– ايوه يا حبيبتي ، بتناديلي ليه .
ميرا بتعجب وهي تقترب منه :
– بلاش اناديلك ولا إيه ، تابعت مستفهمة بضيق :
– ومين اللي انت بتكلمه علي طول دا ودايمًا تخرج برة مخصوص وتفضل تتكلم معاه .
رد وليد بتوتر مبررًا بعدما اختلق سبب ما :
– دا شغل مهم قوي يا حبيبتي بعمله انا ومالك ، مش انتي عايزة اشتغل انا ومالك ، أهو انا بعمل شغل معاه .
ميرا بفرحة لم تخفيها :
– يا حبيبي يا وليد ، ربنا ما يحرمني منك .
وليد وهو يتَجَوَّل ببصره علي جسدها الذي برع ذلك الثوب في اظهار منحنيات جسدها بإغراء الهبه:
– طب كان فين دا كله وانتي علي طول سيباني ونسياني .
ميرا بدلال وهي تملس علي ذقنه بنعومة :
– كنت غلطانة ، اصلي قريت كتاب ماما الله يرحمها جبتهولي ، وعلمني إزاي اهتم بجوزي .
وليد بنظرات خبيثه تأكل مفاتنها :
– الله يرحمك يا حماتي ، احسن حاجه عملتها ، انا هدعيلها ليل ونهار .
ميرا بمياعة كبيرة وهي تتلوي امامه :
– هنفضل نتكلم كده كتير .
وليد محركًا رأسه بشرود فيما تفعله :
– لا يا حبيبتي ، مش هنتكلم خـــالص…
______________________

لم تبعد فاطمه أنظارها عن مالك منذ اتي ، ارتبك مالك في جلسته من نظراتها التي البكته وتواري بأنظاره بعيدًا ، فهو كما يعرف انها علي علم بما تضمره ابنتها من حب له ، بينما انزعجت ساره من مدي ضيقها منه ، وأستنبطت ذلك بحنكتها انه بالأكيد ما فعله مؤخرًا مع ابنه خاله جعلها تخشاه ، والزمت نفسها بمحو تلك الصفة الدنيئة من رأسها عندما يأتي مالك للزواج منها ، جلس الجميع في ردهه الفيلا مجتمعين سويًا كما طلب فاضل لــلم شملهم من جديد وخلق جو أسري لمالك كما كانت اخته الصغري تتمني ، وعن زين جلس بهدوء ظاهري ولم تتواني نظراته في التطلع علي زوجته وتفرس تقاسيمها سواء فرحة او منزعجة ،خاصةً انه يسعي لعدم نشوب مشاكل بينهم ، وتغيرت تلك النظرات للحب رغمًا عنه لقلبه الذي يتلهف لها، استشعرتها نور بقلبها الذي الهبته تلك النظرات رغم عدم رؤيته لها ، وانتفض بدقات متتالية اجبرتها علي محو ما يدور في ذهنها من افكار تثير ريبتها ، اخرجهم من صمتهم القليل في نفسهم صوت فاطمه التي تشدقت بـ :
– الغدا جاهز ، يلا يا جمـاعة .
نهض الجميـع سويًا في صمت وجلسوا حول مائده الطعام ، ثم شرعوا في تناوله ؛ جلست نور بجانب زين ولأول مره تشعر بذلك التوتر منذ صارت معه ، وبالمثل زين الذي خفق قلبه بضربات سريعة كأنه يخشي بَعُدها عنه ، ولم يجد السبيل سوا بنظرة تريحه قليلاً ، وبالفعل ادار رأسه تجاهها وتطلعت عليه هي الأخري ، ابتسم لها زين وبادلته تلك الابتسامة كون ان لم يكن هناك ما رأته ليعكر صفو حياتهم ، هتف فاضل متنهدًا بحبور وهو يجوب ببصره إياهم :
– عايزين نتجمع كده علي طول ، ومش عايز اي حاجة تفرقنا او تزعلنا من بعض ، لان دي اكتر حاجه بتزعلني ..
زين مؤكدًا حديث والده والذي تفهمه :
– احنا علي طول جمبك يا بابا ، احنا حتي سبنا العوامة وجينا هنا علشانك انت .
فاضل بنبرة ممتنة ودودة :
– ربنا ما يحرمني منك يا ابني .
فاطمه بنبرة ذات مغزي مقصودة :
– ياريت نفضل نحب بعض ومحدش يضايق التاني او لسه شايل منه .
أبتلع مالك الطعام بصعوبة مدركًا انها تقصده بحديثها ، واخفض بصره لا يريد التطلع عليها واكتفي بالنظر لطعامه ، وعن ساره رمقت والدتها بانزعاج داخلي متمنيه في نفسها ان تتناسي ما حدث ، وفطنت انها ستجد صعوبة في إقناعها به ………………
_________________
_____________
________

 

error: