فريسه للماضي

الفصـــل الحادي والثلاثــون(قبل الأخير الجزء الأول)..
فريســة للمـاضـــي
ـــــــــــــــــــــــــــــ

أستند بظهره علي مقعده داخل مكتبه وأغمض عينيه قليلاً ليتنهد بهدوء وهو يتذكر تلك العنيدة التي جعلت قلبه ينبض مجرد أن يراها أمامه ، تخللت لأنفه رائحتها وابتسم عفويًا لشعوره بها ، ادرك زين أنها معه وتنظر إليه رغم أنه مُغمض العينين ، هتف بمكر :
– هتبصيلي كدة كتير .
ضحكت بخفوت وهي تحرك رأسها بسخرية من نفسها لشعوره بوجودها ، ردت وهي تجلس مقابله ثم نظرت لوجهه :
– أصلك وحشتيني وجيت أشوفك .
فتح عينيه لينظر لها ثم تنهد بقوة وهو يردد بمعني لا فائدة :
– هتجيبي أجلي ، موتي علي إيدك .
ضحكت نور عاليًا ولم تستطع السيطرة علي ضحكتها ، وردت وهي ما زالت تضحك :
– انا هسميك مجنون نور من هنا ورايح .
ابتسم هو الآخر بسخرية وهتف مؤكدًا بنفاذ صبر :
– عايز أعرف انتي عملالي إيه علشان اوصل لمرحلة الجنان دي .
كفت عن الضحك وتنفست بهدوء قبل ان ترد ببراءة مُخادعة :
– عملت إيه يعني ، أصلي حلوة وأتحب الصراحة .
اخرج تنهيدة قوية وأستند علي مكتبه بساعديه ليقترب منها ، نظر لها زين مطولاً وقال بعدها بنظرات غامضة :
– أنا مش هستحمل انك تسيبيني كدة ، ولو هضطر أخطفك وأحبسك غصب عنك ومش هخليكي تشوفي النور يا نور .
أدعت نور الخوف وأنكمشت في نفسها ، رمشت بعينيها برقة وهتفت برجاء زائف :
– لا يا زينو متخطفنيش ، انا بخاف من الضلمة .
ضيق عينيه وهو ينظر لها بغيظ ، رد من بين اسنانه :
– انا مش عارف ايه اللي مصبرني عليكي .
ردت بمياعة وهي تضغط علي شفتيها السفلية بإغراء :
– الحب يا بيبي يعمل أكتر من كدة .
ابتلع ريقه وهو يحدق فيها برغبة بائنة ونهض علي الفور مُتجهًا ناحيتها ، فجحظت عيناها مُدركة ما سيزمع له ، فهتفت نور بتوتر وهي تشير بيدها لتُوقفه عما ينتويه :
– انت نسيت ولا إيه ، انا عندي ظروف ومينفعش تقربلي.
تذكر ما قالته بالأمس حين حاول الإقتراب منها ، زفر بقوة منزعجًا ، ثم نظر لها شزرا وهو يصر أسنانه ببعضهما وجلس مرة أخري ، ابتسمت له باستفزاز جعله يتأفف بوضوح فقد أخذت قرارها بعدم إخباره الآن وتأنت في ذلك لوجود فرصة تسمح بذلك ، ارسلت له قبلة في الهواء وقالت بدلال :
– أحبك وأنت مكشر كدة ، بتبقي حلو قوي يا زينو …..
____________________________

لم تستطع الذهاب للعمل اليوم حيث شعرت بألم اسفل ظهرها ، استلقت سلمي علي الفراش لترتاح بعدما طمأنتها الطبيبة الخاصة بعلاجها بأنه من الطبيعي خاصةً بأنها حاملاً بذكر وكثير من النساء يحدث لهن ذلك ، أطمأنت بعض الشىء لأن ذلك لم يحدث لها حين كانت حامل في ابنتها ، أغمضت عينيها لترتاح بمفردها بعدما اصرت والدة زوجها بأن تجلس برفقة ابنتها لكي ترتاح هي ، شعرت سلمي في تلك الفترة بمدي الألفة بينها وبين والدي زوجها والزمت نفسها بالمكوث عندهم حُبًّا في زوجها وايضًا للطافتهم معها ؛ أحست بيد شخص ما تتمرر علي رأسها بلطف وأنفاس ساخنة تلفح وجهها ، رمشت بعينيها وهي مغمضة إياهم شاعرة برائحة ألبت حواسها كليًا ، انتفضت وهي تفتح عينيها حينما وجدت من يُلامس شفتيها ، شهقت سلمي حين رأته امامها ويبتسم لها بحب ، أستكمل معتز قبلته لها وابتعد بعدها وهو يردد بشوق :
– وحشتيني قوي يا حبيبتي .
جابت ببصرها ملامحه التي اشتاقت لها وردت بعدم تصديق :
– معقول انت قدامي ! .
رد بقبلة خاطفة :
– قدامك وملك إيديكي ، خطف قبلة أخري واضاف بشوق :
– موحشتكيش ولا إيه .
ابتسمت بعدم تصديق وهي تردد بتمني :
– بحبك ووحشتيني وكل حاجة ممكن تتخيليها .
اتسعت ابتسامته الجذابة ، وهتف بخبث :
– وعلشان كدة جيتلك انا ، مقدرش علي بُعْدك عني ، انا بحبك قوي يا سلمي .
ردت بابتسامة فرحة وهي تحاوط وجهه بكفيها :
– أنا أكتر يا حبيبي ، انا بندم علي كل لحظة بعدت فيها عنك .
قبل جبهتها وهو يقول بتأكيد :
– عارف أنك بتحبيني وعلشان كدة عملت المستحيل علشان ابقي قريب منك .
سلمي بعدم فهم :
– مستحيل ليه ، هما مكنوش عاوزينك تاخد أجازة ولا إيه .
ابتسم لها ورد هامسًا بمكر :
– انا نقلت اسكندرية علشان ابقي جمبك يا قمر انتي .
شهقت سلمي وهتفت بسعادة :
– بجد يا معتز ، يعني هنعيش هنا .
اومأ برأسه وأكد وهو يضع قبلة صغيرة علي ثغرها :
– شوفتي عملت إيه علشان بحبك ، تابع بمعني :
– انا هعملك كل اللي أنتي عوزاه ، والسنتر…..
وضعت يدها علي فمه لتمنعه من التكملة وردت نافية بشدة :
– أنا مش عاوزة أي حاجة ، عوزاك أنت وبس ، في ستين داهية اي شغل يبعدي عنك او يخلينا نزعل من بعض .
معتز بابتسامة هادئة :
– ليه يا حبيبتي ، انا مستعد وجاهز…
قاطعته مرة أخري وهي علي نفس قرارها :
– خلاص يا معتز مش عايزة أتكلم في الموضوع دا تاني ، انا خلاص مش هفكر في حاجة تانية غير بيتي وولادي ، تابعت بمعني :
– ولو حبيت أشتغل السنتر بتاعي موجود وهو بإسمي .
كاد ان يرد بنفي فأستكملت بجدية :
– خلاص يا معتز لو بتحبني ، انا مش شايفة في الموضوع حاجة تخليك تضايق قوي كدة ، السنتر ملكي وحقي وبابا كتبوا بإسمي .
تنهد بنفاذ صبر ورد بابتسامة خفيفة :
– خلاص يا حبيبتي اللي أنتي عوزاه ، تابع بحزن زائف :
– هنفضل نتكلم كدة ، انا جعان قوي .
ردت بلهفة وهي تنظر إليه :
– يا حبيبي ، ثواني وأعملك تاكل .
تجول ببصره عليها برغبة جلية وهتف بأنفاس ثقيلة :
– وتعملي ليه ، ما الأكل جاهز اهو .
ثم قبل وجهها ليبعث مدي اشتياقه وتمنيه لها ……
__________________________
فـي يــوم خطــبـة مالــك وســارة ….
في غرفتها بداخل الفندق ، ارتدت نور ذلك الثوب الأحمر الطويل ذو الأكمام التي تصل لمعصمي يديها والمحدد بطريقة أنيقة علي جسدها ، وفتحة الصدر الدائرية التي أظهرت جمال عنقها والذي زينه أيضًا ذلك العقد الألماسي الذي هداها زين إياه ويتدلي منه قلب صغير يتم فتحه ومطبوع عليه من الداخل أسمها هي وهو “زين&نور” ، ابتسمت نور حين أرتدته وأقسمت بداخلها ألا تشلحه من عنقها تعبيرًا لحبها العظيم له .
انتهت نور من وضع بعض اللمسات الأخيرة ونظرت لإنعكاس صورتها في المرآة باطراء ، التقطت ذلك التاج الصغير ووضعته علي رأسها مما جعلها أكثر أناقة وجمال ، ابتسمت برضي ثم وجهت بصرها لبطنها المُسطح ووضعت يدها عليه وتنهدت براحة كونها نالت ما تتوقت إليه في يوم وهو أن تحمل بداخلها طفله ليوثق الرابط بينهم .
انتبهت لهاتفها الذي يرن خلفها واستدارت تجاهه وهي تعلم أنه ينتظرها بالأسفل ، لم تجب وأكتفت بحمل حقيبتها الصغيرة ودلفت للخارج ذاهبة إليه ليذهبا سويًا..
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وقف زين بالأسفل أمام الفندق مستندًا علي سيارته وهو ينتظر قدومها ، وتجمدت أنظاره فجاةً عليها حين رآها تتقدم منه بهيئتها التي سلبت عقله وجعلته هائمًا فيها ، ابتسمت له نور وهي تقترب منه مُدركة نظراته نحوها ولكنها استمرت في التقدم نحوه بهدوء بعكس التوتر بداخلها ، وقفت امامه ناظرة لعينيه وتنحنحت قائلة بتردد :
– ايه يا زين انا فيا حاجة علشان تبصلي كدة .
مرر بصره عليها ورد بصوت هائم تكاد تسمعه :
– أنتي مراتي ؟ .
ابتسمت بهدوء وودت ان ترد عليه وتقول بأنها زوجته وأم ابنه القادم ولكنها فضلت الصمت للحظة المناسبة ، أمسك زين يديها وهو يقربها منه وأستأنف بابتسامة هادئة وهو يلثم كفي يدها بقبلة طويلة حارة :
– انتي حلوة قوي يا نور ، انا خلاص مش قادر تبعدي عني أكتر من كدة ، ارجعيلي بقي .
ارتجف قلبها بنبضة مُوجعة وهي تستمع إليه ، ابتلعت ريقها وردت بموافقة :
– حاضر يا حبيبي .
زين بابتسامة واسعة :
– يعني هترجعي معايا النهاردة .
ابتسمت له بمغزي واعتزمت بداخلها اللعب معه قليلاً حيث ردت بتسلية :
– سيبني افكر شوية .
رد بعبوس حانق :
– تفكري إيه ، أنتي مش قولتي موافقة ترجعي معايا .
تلعثمت في الرد عليه وهتفت بتردد وهي تنظر حولها :
– أحنا هنقف نتكلم كدة ، خلينا الأول نشوف الحفلة وبعدين نتكلم في الموضوع ده .
تنهد بضيق ورد وهو يفتح لها باب السيارة علي مضض :
– طيب يا نور أركبي اما أشوف أخرتها معاكي إيه ….
_________________________

ارتدت سارة فستانها الذهبي القصير الذي يصل لركبتيها ومُحدد من المنتصف بشريطة عريضة من اللون الأزرق الحريري وبدت رائعة تخطف الأنظار من شدة جمالها الهادىء والناعم ، ورفعت شعرها بكعكة مُنمقة زادت مظهرها جمالاً ، نظرت لنفسها بعدم تصديق حتي الآن بأنها ستنال مُرادها اليوم وستصبح زوجته بعدما أتفق علي عقد قرانهم اليوم بدلاً من خطبتهم الشكلية ، والزواج الفعلي بعدما تنتهي من دراستها هذا العام .
حدقت فيها مريم وهي تتطلع علي منظرها الرائع ، هتفت باطراء بائن :
– جميلة قوي يا سارة ، ربنا يسعدك يا حبيبتي .
ابتسمت لها سارة وعلي وجهها سعادة ملئته ، ردت بقلب يدق :
– ميرسي قوي يا مريم ، ربنا يخليكي ليا ، وميرسي علي وقفتك معايا ، انتي مرات اخ تجنن .
ابتسمت لها مريم وهي تربت علي ذراعها ، بينما اقتربت منهم ميرا وهي تدنو من سارة لإحتضانها ، هتفت وهي تبارك لها :
– مبروك يا سارة ، عقبال يوم جوازكم يا رب .
ضمتها سارة هي الأخري وردت بهدوء :
– ميرسي يا ميرا ، الله يبارك فيكي .
ابتعدت ميرا عنها لتقول بنبرة جادة ذات معني :
– حاسة ان مالك هيبقي سعيد معاكي يا سارة ، لأن أنتي بنت كويسة وعمري ما هلاقي لمالك واحدة تحبه قدك ، تابعت بنظرات ترجي :
– خلي بالك منه يا سارة ، مالك طيب قوي وهو أخويا وأنا عرفاه من زمان ، وأوعي في يوم تفكريه بحاجة قديمة عملها ، هو دلوقتي ملوش غيرك هيبقي جمبه ويحس بيه ، هو أمانة في ايديكي ، فهماني يا سارة .
ابتسم لها سارة بود وقالت ناكسة رأسها بخجل :
– متخافيش يا ميرا ، انا عمري ما هعمل كدة ، ومالك أغلي حاجة عندي وأنا بحبه قوي ، وهعمل المستحيل علشان أشوفه مبسوط ، وان شاء الله هنبقي كويسين .
ضمتها ميرا إليها بحب شديد وهي تقول :
– يا حبيبتي يا سارة ، ربنا يسعدكم وأشوفكم أحسن أتنين .
تدخلت مريم بينهم وهتفت بمعني :
– هنتكلم كتير ، يلا زمان المأذون والمعازيم وصلوا ……
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
بالأسفل في داخل احدي القاعات الكبري بمدينة الأسكندرية ، وصلت سلمي برفقة زوجها معتز واللذان ما أن رأهم أمير وديما حتي توجهوا صوبهم ، هتف أمير بابتسامة واسعة وهو يفتح ذراعيه لإستقبال أخيه :
– معتز ، وحشتيني يا راجل .
ضحك معتز واحتضنه وهو يردد باشتياق كبير :
– وحشتيني يا أمير ، عامل ايه ياض انا مشفتكش من زمان .
ابتعد عنه أمير وهتف بعبوس زائف :
– ياض ايه بس ، انا كمان شوية وهبقي أب ، ولا أنت عايز تشمت فيا الأعداء .
كان يقصد بحديثه زوجته ديما التي ما ان سمعته حتي ابتعدت عن سلمي التي كانت تحتضنها مرحبة بها ، هتفت ديما بتبرم وهي تحدق فيه بشراسة :
– كدة يا أمير ، انا دلوقتي بقيت أعداء .
رد لاويًا ثغره باستهزاء :
– وانتي بقي خدتي الكلام علي نفسك علشان انتي فعلاً عارفة أنك عدوتي .
اغتاظت من حديثه وهتفت وهي تصر اسنانها بقوة :
– ماشي يا أمير انا النهاردة هنيمك في الصالة وهتشوف .
أحتد الشجار بينهم وكان معتز وسلمي يحدقون بهم ببلاهة ، حرك معتز رأسه بنفاذ صبر ووجه بصره لسلمي التي تنظر إليهم ، حدثها وهو يسحبها لتذهب معه :
– يلا يا حبيبتي ، دول مجانين وانا دماغي وجعاني .
كتمت سلمي ضحكتها عليهم وذهبت معه …
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
في نفس القاعة حضر ماجد بصحبة هانا زوجته رغم عدم توجيه دعوة له ، فهو أصر الحضور لنيته في الإعتذار من حسام بعدما حدد موعد سفره بعد غد لألمانيا لرغبته في الاستقرار هناك وبداية حياة جديدة مع زوجته وطفلته القادمة ، اراد ماجد فقط بأن يترك سيرة حسنة له قبل الرحيل ، ولم يتأن في التوجه صوب حسام الواقف وسار ليقف قبالته ، هتف ماجد بابتسامة هادئة وهو يمد يده ليصافحة :
– مساء الخير يا حسام ، الف مبروك .
نظر حسام عفويًا ليده الممدودة وتردد للحظات في مصافحته ، وأخذ قراره حين صافحه قائلاً بعدم إكتراث :
– متشكر .
ابتسم ماجد بحزن وتنهد قائلاً بمعني :
– أنا جيت أعتذرلك يا حسام علي قلة أدبي ، أنا زودتها قوي معاكوا ، انا بجد أسف ويا ريت تقبل اعتذاري ، هبقي شاكر ليك قوي .
رد حسام بحنق :
– يعني عرفت دلوقتي ان سيادتك كنت قليل الأدب ، وان بسبب اللي أنت عملته دا مراتي بعدت عني شهر بحاله وحياتنا بقت مفككة .
نكس ماجد رأسه بأسف وهو يردد أعتذاره :
– عندك حق يا حسام ، وأنا عرفت غلطي وبعتذرلك انت ومريم ، انا مفكرتش غير اني انتقم بس ، انما مريم مش أكتر من زميله وانا مافيش من ناحيتي أي حاجة تجاهها .
زم حسام شفتيه لعدم أخراج كلمات لاذعة ويعكر صفو تلك الأجواء ، رد عليه لينهي تلك المسألة وللأبد :
– انا أتقبلت أعتذارك ، بس يا ريت ما فيش حاجة تجمعنا سوا .
رد ماجد وهو يؤكد بجدية :
– اطمن خالص ، انا اتنازلت عن نصيبي في المشروع لزين ، وهو وافق يشتريه مني ، وأنا دلوقتي مسافر انا ومراتي .
هتف حسام بابتسامة واسعة :
– هو انت اتجوزت ؟ .
رد بابتسامة زائفة :
– ايوة أتجوزت ومسافرين من البلد كلها .
تنهد حسام بارتياح وهو يقول :
– خلاص يا ماجد انا مسامحك ، تابع في نفسه بتمني :
– ألهي تروح ما ترجع يا رب……………
___________________________

 

error: