فريسه للماضي

الفصـــل الخامس عشـر
فريســه للماضــي
ـــــــــــــــــــــــــفي إحدي الفنادق الكبري بمدينـة الأسكندرية ، وقفت كل من مريم ونـور لإستقبال الوفد الأجنبي ، وصلت الحافلة الخاصة بهم وتقدمت مريم للأمام لتكون في إستقبالهم ، بدأ الجميع في الهبوط تدريجيًا ، وكان وسطهم ذلك الرجل العابس الذي ترجل وهو يتأفف ،ثم وجه بصره للسيدة القادمة بصحبته ورمقها بغيظ ، تجاهلته الفتاة واكملت طريقها نحو مريم التي تبتسم لهم وهي ترحب بهم بحرارة :
– Welcom (أهلا وسهلا) .
ظلت مريم في ترحيبها بهم وبابتسامتها الرقيقة المرسومة علي محياها ، وعلي النقيض نور الواقفة والتي لم تعرف ما هو دورها في وقفتها الغير مجدية في الموضوع ولكنها حافظت علي هدوءها ، وأشارت مريم لهم بيدها نحو الداخل قائلة :
– Come in , please . (اتفضلوا)..
توجه الجميع للداخل وتطلع ذلك الرجل علي نور الواقفه وبدأ في الإقتراب منها وحدثها بابتسامة عذبة :
– Nice to meet you ,aa….a..
(تشرفت بمقابلتك يا..أ.أ….)
ردت نور بابتسامة مصطنعة : Nour..
الرجل مثنيًا ثغره بابتسامة ذات معني وهو يرمقها بانبهار :
– Nice to meet you , Nour , you have enchanting beauty.
(تشرفت بمقابلتك يا نور، انتي تمتلكين جمال ساحر )..
نور بضجر دفين : Thanks..
الرجل بمغزي : أنا اتحدث ايضا العربيه .
نور وهي تنظر اليه باعجاب :
– واووو! ، كويس قوي ..
وقفت الفتاة التي اتت بصحبته تحدجه بانزعاج جلي وهو يتغازل في جمال تلك الفتاة الحسناء ، وأتت صديقتها من خلفها وخبطت علي ذراعها بخفة قائلة :
– Come , christine .
(تعالي يا كريستين ) ..
كريستين بغصب وهي ما زالت تنظر اليه :
– Do you see ..what’s he doing ?..
(هل تري ماذا يفعل )..
ردت وهي تنظر اليه بلا مبالاة :
– Let it be …Will return to you..
(دعيه وشأنه ، سيعود لكي ) .
حركت رأسها بعدم إقتناع وردت عليها :
– This time our problems increased ..
(هذه المره زادت مشاكلنا )..
رفيقتها وهي تربت علي ظهرها :
– Don’t worry…will be resolved soon..
(لا تقلقي ، ستحل قرييًا ) .
قطع حديثهم مريم متسائلة :
– Is there any problem ?..
(هل هناك اي مشكلة ؟).
كريستين وهي تتفحصها بعينيها : لا يوجد !..
مريم متسائلة بتعجب :
– Do you speake arabic ?!.
(هل تتحدثين العربية ؟ ).
كريستين بايجاز : نعم .
مريم بمعني :
– طيب اتفضلوا ، الغرف بتاعتكوا جاهزه .
نظرت له كريستين مرة أخري بحقد ثم ولجت للداخل وهي ممتعضة التعابير ، بينما توجهت مريم الي نور قائلة :
– تعالي يلا يا نانو .
الرجل محدثًا مريم : أهلا بكي ، انا مايكل .
مريم بتساؤل : هو حضرتك مع الوفد؟ .
مايكل مؤكدًا :
– انا من المنظمين للوفد ، ولدي بعض السلطات .
مريم مرحبة : اهلا وسهلا ، العربي بتاعك كويس جدا .
مايكل بابتسامة عذبة :
– انا اتحدث العربيه منذ زمن ، تابع وهو ينظر لنور :
– سعيد جداً اني تعرفت علي السيدة نور .
نور بابتسامة زائفة : ميرسي قوي .
مريم مشيرة بيدها للداخل :
– اتفضل ، الغرفة بتاعة سيادتك زمانها جاهزة .
مايكل وهو ينظر لنور : استأذنك سيدة نور .
ابتسمت نور بتصنع ولم ترد ، فردت مريم :
– أتفضل .
ذهب مايكل وحدثتها مريم مستفهمة بفضول وهي تتبع دخوله :
– ماله ده ؟، مشلش عينه من عليكي .
نور بتأفف : أعمله ايه يعني ، تابعت بتعالي :
– اصلي حلوه ومعجبيني كتير .
مريم محذرة بمغزي :
– مش قدام زين الكلام ده ، زين مجنون ، دا أخويا وانا عرفاه ، خصوصًا لو الموضوع يخصك إنتي .
نور بلامبالاة زائفة ونظرات مغترة :
– وانا مالي ، هو اللي معجب بيا .
مريم بنفاذ صبر :
– انا قولت اللي عندي وانتي حرة ، تابعت بجدية :
– ويلا بقي علشان أتأخرنا…..
_____________________

جلست ساره علي مكتبها الصغير شاردة فيما دار بينهما بالأمس ، متذكره رده فعله الوخيمة لقربه منها ..
فلاش بــاگـــ…….

ساره ناظره إليه بعتاب :
– أسف ليه ، انا بحبك يا مالك ، بحبك قوي .
أبعدها عنه ونهض قائلاً :
– مش معني إني بوستك يبقي تقوليلي كده ، او تنتظري مني أقولك وانا كمان .
تسائلت ساره وهي تتجهه إليه :
– اومال اللي حصل دا ايه ، وليه بوستني .
مالك بتأفف وهو ينظر إليها موضحًا :
– يعني البنات اللي بيجوا معايا هنا وببوسهم ، ابقي بحبهم .
ساره بامتعاض جم ونظرات غاضبة :
– انت اتجننت ، انت بتشبهني بالبنات دي .
مالك بنفاذ صبر وهو يوليها ظهره :
– سيبيني لوحدي ، انا مش جاهز ادخل مع حد في علاقة ، او اني اتكلم مع حد ، استأنف بوقاحة وهو يعاود النظر إليها :
– بس معنديش مانع نبقي مع بعض ، اهو نتسلي .
حدجته ساره بغضب لحف وجهها وتشنجت تعابيرها وهتفت وهي تسَبُه :
– انت وقح وقليل الأدب ، انا بندم اني بحب واحد زيك ، وآخر مرة هتشوف وشي .
استدارت متجهه ناحية الباب وهدجت للخارج مسرعة في خطواتها وهي تلعنه مئات المرات ..
بـــاگـــ……

مسحت بكفي يديها وجههـا محاولة تهدئة أنفعالها ، ثم نهضت من علي مكتبها ذاهبه للمهندس باهـر في مكتبه الخاص ..
طرقت مكتبه بهدوء ثم ولجت بعد السماح لها ، وقفت ساره امامه بخجل طفيف ، وهم باهر متسائلاً :
– خير يا ساره .
تهيأت ساره لعرض قرارها جيدًا ولذلك ردت بثبات :
– انا كنت عايزه اسند المهمة اللي حضرتك كلفتيني بيها لأحد الزملاء .
باهر بهدوء :
– قصدك فيلا مدام ثريا ، تابع متسائلاً بعدم فهم :
– طب ليه يا ساره ، دا حتي لما توفت المفروض تتمسكي بالمهمة .
ساره بتردد وقد اوجدت سببًا :
– ما هو علشان توفت انا مش قادره اكمل ، اصل موتها مأثر فيا قوي ، ومش قادره أكمل هناك .
باهر موافقًا بعد تفكير :
– خلاص يا ساره براحتك ، ممكن تسلمي مهمتك لأي حد من الزملاء .
ساره متنهدة بارتياح :
– ان شاء الله يا فندم ، استأذن انا…
______________________

توترت رودي وهي تعرض عليها بعض الأوراق الخاصة بإدارة السنتر الرياضي وتلعثمت في ردها عليها وأردفت مدعيه عدم معرفتها بما تتحدث عنه ببراءة مصطنعة :
– انا مش عارف بصراحه أديره يا سلمي ، ممكن انتي يا حبيبتي تشغليه علي ذوقك ، انا واثقه فيكي .
سلمي بعدم فهم :
– ازاي مش عارفه تشغليه ، دا باين شغال كويس ، بس فيه بعض الأوراق هنا بطبيعة الشغل مختلفة شوية ، وانا بقالي شهر تقريبًا بحاول افهمها مش عارفه .
رودي بتوتر داخلي :
– دا ورق عادي ، اصلي كنت بحاول اغير شوية حاجات كده في السنتر من فترة .
سلمي زاممة شفتاها بتفكير :
– بس انا لازم افهم الورق ده ، علشان امضي عليه وانا فهماه .
رودي بجدية زائفة :
– كل حاجه مظبوطة في السنتر ، انتي بس امضي علي الأوراق وكل حاجه هتكون عادي.
سلمي مستفهمة :
– فيه حاجات هتدخل السنتر هنا وهتيجي قريب ، معدات جديدة تقريبًا ، ليه تمنها غالي قوي كده .
ردت رودي بتوتر وهي تجد ردًا م مُجدي :
– حاجات نضيفة ، وغالية جدًا ، ايه الغريب في الموضوع .
ملت سلمي من كثرة النقاش في ردود غير مفيدة اجهدتها وردت بنفاذ صبر :
– طيب خلاص ، انا هعمل المطلوب مني .
رودي بابتسامة زائفة :
– كويس قوي ، وريني همتك بقي……
_____________________

كركر عاليًا وقام برفعها عن الأرضية قائلاً بفرحة :
– أخيرًا البومة دي سابتنا لوحدنا ، انا بقالي شهر ماسك نفسي بالعافية .
هايدي بدلال :
– وحشتك ! ..
سامي بنبرة متلهفة :
– إلا وحشتيني ، دا انا كنت بموت وانا مش عارف نقرب من بعض .
تنهدت بضيق زائف وعبست قائلة بعتاب :
– امتي بقي هنخلص من الموضوع ده ، انا بقالي كتير هنا ولا بخرج ولا بعمل حاجه ، عايزين نسافر بقي .
سامي بخبث :
– هانت يا قلبي ، بكرة مرات الظابط تمضي علي استلام البضاعة ونخلص من الكل ونطير انا وانتي علي بره .
هايدي بتأفف :
– كل اما أعرف ان ساكن جمبنا ظابط أموت من الخوف ، ولا مراته لما جت هنا مرة ، كنت خايفه منها ودخلت اوضتي ، والحمد لله انها مشفتنيش .
سامي بضيق زائف وأيده تتمرر علي جسدها بوقاحة :
– يلا بسرعه قبل ما تيجي ، انتي وحشتيني قوي .
هايدي بمياعة وهي تتلوي بين ذراعيه :
– وانتي كمان وحشتيني قوي…
سامي بنبرة تواقة : يبقي يلا …….
______________________
جلس امامه عابس الوجه ولم يتفوه بكلمة منذ ولج عليه مكتبه ، رمقه زين بعدم فهم من هيئته الغامضة ، ثم اسند زين خده علي قبضه يده وهو يحاول تخمين مابه حتي فشل في النهاية واضطر لسؤاله :
– هنفضل كده كتير ، كل مره هتجيلي بيبقي فيه حاجه مضايقاك ، قول وخلصني ايه اللي حصل ؟! ..
تنهد حسام بعمق ورفع بصره تجاه ومازالت علامات العبوس مكتسحة طلعته ورد بعتاب :
– وافقت ليه يا زين ، ازاي تخلي مريم تروح تقابل الجروب وتلزمها بالمهمة دي .
رفع زين حاجبيه متعجبًا من عتابه الغير مبرر ورد مستفهمًا :
– ليه يا حسام ؟!..
حسام بامتعاض ونبرة منزعجة :
– علشان الزفت اللي اسمه ماجد ، انت عارف انه كان عايز يتجوز مريم ، ومافيش مره يشوفها إلا وهو بيحاول يقرب منها ، وبالمهمة الجديدة دي هتخليه يشوفها علي طول ويحاول بقلة ادبه اللي بيعملها حتي قدامي انه يتمادي في اللي بيعمله ده من ورايا .
تفهم زين مقصده ، وتريث في إقناعه بإهتياجه الزائد ورد عليه متسائلاً باقتضاب :
– انت بتثق في مريم ولا لأ ؟..
رد حسام مؤكدًا بقوة :
– طبعا بثق فيها ، مريم مش ممكن تعمل حاجة وحشة ..
زين بابتسامه ذات معني :
– انت رديت علي عصبيتك وزعلك اللي ملهوش لازمه ده ، طول ما انت متأكد من حب مراتك ليك يبقي ليه تفكر كده ، تابع للتخفيف من عصبيتة :
– ونور مراتي معاها ، مع انها هتنشغل بده ، إلا اني عاوزها تنسي اللي حصلها آخر مرة ، وكمان الأجازة اللي خلصت ومروحناش في أي مكان ، والمشروع اللي بدل ما يتأجل علشان نتفسح ، اتأجل علشان تعبانة .
ثم اظلم زين عينيه نحوه ورمقه محاولاً كتم هياجه :
– وكله من عينك دي ، دايمًا حاسدني في حياتي .
نظر له حسام شزرا ورد بضيق :
– حاسد ايه وزفت ايه ، سيبني باللي انا فيه .
زين بنفاذ صبر وهو يهم بترك المكتب :
– انا هروح اجيب مراتي حبيبتي ، وخليك انت قاعد كده ……
______________________

ترجل من سيارته ودلف بخطوات رزينه داخل تلك الشركة وهو يتامل بعينيه محتوياتها ونظام العمل بداخلها ، تدرج مالك في خطواته ليستقل ذلك المصعد ودلف داخله صاعدًا لمكتب زوج أخته..
وصل مالك وقام باقصاء نظارته الشمسية واضعًا إياها علي راسه وتحدث مع السكرتيرة متسائلاً بجدية :
– وليد بيه موجود ؟.
انتبهت له السكرتيرة وردت بعملية :
– ايوه يا فندم ، أقوله مين ؟! ..
مالك باقتضاب : مالك ..
نهضت السكرتيرة وهتفت باكتهاء وهي تشير بيدها تجاه الباب :
– اتفضل يا فندم ، وليد بيه في أنتظار حضرتك ..
وبادرت هي بالسير تجاه الباب وطرقته بخفه ثم فتحته مستأنفة إحترامها في محادثته :
– اتفضل يا فندم .
ولج مالك وقابل وليد بابتسامة واسعة ونهض مرحبًا :
– اهلا بأخو مراتي الغالية .
ابتسم له مالك وتقدم منه ، بينما دار وليد حول مكتبه مكملاً ترحيبة وهو يحتضنه :
– اخيرًا خرجت من الجو الكئيب ده .
مالك متنهدًا بضيق :
– يعني انت مستريح واللي قتلوا ماما وعمي لسه متمسكوش .
وليد بانزعاج شديد :
– هموت واعرف مين عمل كده ، انا هتجنن ومش قادر اخمن مين كان عدو لبابا .
مالك بنبرة غاضبة :
– امسكه بإيدي اللي عمل كده ، وانا هخلي كل حته منه في ناحيه ، كفاية مشيلني ذنب موتهم .
امسك وليد يده ليجلسا سويًا علي الأريكة ورد بنبرة متروية :
– ان شاء الله هيتمسكوا ر مافيش حد بيفلت من العقاب .
مالك بجدية :
– خلينا نتكلم في الشغل ، قولي كنت عايز ايه مني .
وليد بعملية بعض الشيئ :
– إيه رأيك بدل ما تمسك شركتك لوحدك وانا هنا شغال لوحدي نبقي شراكة واحدة ، ومنها افهمك الشغل .
مالك بمفهوم :
– اومال ايه الشراكة اللي بينا ر ماما كانت بتقول فيه شغل بينا وكدة .
وليد مؤكدًا بتوضيح :
– فعلاً فيه ، بس دا في بعض الأعمال ، انما انا بقترح عليك ضم الشركتين ونبقي سوا .
مالك بموافقة :
– فكرة حلوة ، وحتي تبقي تمسكها عني وقت دراستي ، انت عارف انها هتبدا قريب .
وليد بنبرة ذات معني :
– متقلقش ، طول ما احنا سوا ، الشغل هيبقي كويس…..
______________________

ضمها إليه بحب واشتياق رغم عدم غيابها عنه سوا ساعات قليلة ، وبادلته حبه باحتضانة هي الأخري ودفنت وجهها في صدره متنهده بحبور ومخرجة أنين طفيف يوحي بسكونها بين يديه ، ابتسم زين عفويًا لحركاتها التي تبدو كالأطفال كعادتها معه وحدثها بحب :
– هتكبري امتي بقي ، طول عمري شايفك صغيرة .
نور مغمضة عيناها ومستكينة في أحضانه :
– اعمل ايه ، ببقي مطمنة وانا في حضنك .
زين مبتسمًا بحب وهو يملس علي ظهرها :
– وحشتيني قوي ، بقالنا كتير بعيد عن بعض .
رفعت رأسها ناظرة لعينيه وردت بدلال :
– انت كمان وحشتني ، بس اعمل ايه ، الدكتور هو اللي بيقول ، مع اني حاسة ان انا كويسة .
زين مظلمًا عيناه وهو ينظر لشفتيها التي دائما ما تغريه لإلتهامها :
– بس ما فيش مانع اني ….
قاطعته هي بجراءتها معه بقبلة أسكتته وتركت المجال لمشاعره هي التي تتكلم عنه ، وبعد لحظات من حبهم ابتعدا الإثنان وتنهد قائلاً :
– عملتي ايه النهاردة ، كنتي مبسوطة .
ردت بلامبالاة : يعني ..
زين بعدم فهم :
– يعني ايه ، انتي مش كنتي هتتجنني وتشوفي اجانب وتتكلمي معاهم .
نور وهي تزم ثغرها للجانب :
– اه هما كويسين ، بس انا معرفتش اعمل ايه ، كنت واقفه كده وخلاص .
زين موضحًا لخبرته في تلك المسألة :
– شوية وهتتعودي ، وهبقي أقول لمريم تمسكك شغل .
هتفت نور بشغف يعكس حماسها :
– يعني ممكن اشتغل عادي ، ويعرفوا اني مهمة وكدة ، واخد راحتي و….
قاطعها زين بتعجب :
– ليه كل ده ! ، اشتغلي عادي ، استأنف بجدية :
– ومش الشغل يا حبيبتي اللي هيخليكي مهمة ، انتي مراتي وشريكتي في كل حاجة ، يعني مهمة حتي لو مش بتعملي حاجه .
نور بفرحة :
– انا مبسوطه قوي ، لأني هشتغل معاك ، وهنبقي سوا علي طول .
زين بنفاذ صبر :
– هنقف نتكلم في الشغل كتير ، يلا علشان نروح لبابا .
نور بحزن :
– صعبان عليا قوي ، وهو لسه زعلان علي طنط ثريا .
زين مؤكدا :
– أيوه لسه ، وعلشان كده بنروح عنده كل يوم بعد الشغل ، لإنه علي طول قاعد لواحدو.
نور بجدية :
– احسن حاجه عملتها يا زين .
زين متاففًا :
– طب يلا بقي ، كده هنتأخر…..
_____________________

في إحدي الدوريات المنظمة لعمل تفتيش اضطراري لجميع السيارات المارة ، جلس معتز ورفيقه كرم يتناقشان سويًا حول تلك المهمة التي طالت دون معرفة ما الذي ينتويه هؤلاء التجار في تبديل بضاعتهم ، وبدا التشويش علي أفكارهم خاصةً بعد عدد من الإعلامات المغلوطة بشأنها .
فتشدق معتز بنبرة متأففة :
– احنا بقالنا شهر قاعدين القاعدة السوده دي ، ولا شوفنا حد ولا فيه بضاعة جت .
كرم بضجر :
– انا مليت قوي من القاعدة دي ، ومراتي وعيالي وحشوني ، عايز اشوفهم .
معتز بضيق وشرود :
– ومين سمعك ، انا مبلحقش أقعد معاهم زي الناس .
كرم بمعني :
– بس بتشوفهم ، إنما انا أعمل ايه ، تابع بحماس :
– انا بفكر أجيبهم هنا ، علي الأقل يبقوا قدام عيني .
معتز مشجعًا تلك الفكرة :
– هاتهم يا كرم ، وبالمرة تبقي مع المدام ، هما يعرفوا بعض كويس .
كرم بجدية :
– اول ما المهمة دي تخلص وتنتهي هجيبهم علي طوول……..
______________________

دنا من أبيه مقبلاً يده باحترام ، فربت فاضل علي رأسه بلطف وقبلها قائلاً بنبرة حنونة :
– ربنا ما يحرمني منك يا ابني .
زين وهو يجلس بجانبه :
– ولا منك يا بابا ، ربنا يطولنا في عمرك .
نور وهي تتقدم منه ،هتفت بابتسامة لطيفة :
– وحشتيني يا أنكل ، عامل ايه .
دنت هي الأخري وأحتضنته وضمها فاضل اليه بحنان أبوي ورد :
– كويس يا بنتي ، انتي صحتك عامله ايه دلوقتي ..
نور مبتسمه برضا :
– الحمد لله يا أنكل ، صحتي حلوه قوي .
فاضل وهو يمرر يده علي شعرها :
– الحمد لله ، عايزك علي طول فرحانة كده ، انتي لسه صغيرة وبكره يبقي عندك ولاد كتير ان شاء الله ، صمت لوهله وأستأنف بحذر :
– وخلاص محدش هيعملك حاجه بعد كدة ، ومالك عرف غلطه وجاني هنا وأعتذر ، سامحيه زي ما زين سامحه
تطلعت نور لزين الذي ارتبك قليلاً وسألته :
– صحيح يا زين انت سامحت مالك .
زين بتوتر :
– خلاص يا نور ، هو كان هنا وأعتذرلي ، وكان ندمان قوي .
نور ملاحظه إرتباكه :
– علي فكره انا مش زعلانة ، انا كمان سامحته علشان خاطر طنط ثريا .
فاضل متنهدًا بهدوء : الله يرحمها..
ولجت سارة الفيلا وجدتهم مجتمعون كعادتهم في الفترة الماضية وهمت مرحبة بهدوء جلي :
– مساء الخير يا جماعه .
نهضت نور إليها وأحتضنتها بحرارة وهتفت :
– عامله ايه ساره ، تابعت وهي تسحب يدها لتأتي معها :
– تعالي عايزة أتكلم معاكي شوية ..
ساره بابتسامة زائفة : طيب يلا تعالي نتكلم .
فاطمه بتذمر :
– طيب والأكل ، مش المفروض تاكلوا وبعدين تتكلموا .
نور بتحايل : مش هنغيب ، كلمتين بس .
فاطمه بقلة حيلة : طيب روحوا .
فاضل بهدوء : سيبيهم يا فاطمه ، دول اصحاب من زمان وبيحبوا بعض .
فاطمه بتمني ممزوج بالقلق :
– يارب يفضلوا يحبوا بعض كده علي طول ….

صعدن الفتيات لغرفه نور القديمة ، ولجت نور للداخل متطلعه عليها باشتياق ودارت حول نفسها وهي تتفحصها بعينين مملؤه بالشرود فيما مضي ، ابتسمت لها ساره وحدثتها :
– وحشتك ، مش كده .
نور بتوق كبير وهي تجلس علي طرف الفراش :
– آه وحشتني ، مسحت علي السرير بيدها وتابعت :
– هنا كنت بنام انا وزين .
ساره وهي تجلس بجانبها :
– انا سمعت زين بيقول انه ممكن يرجع يعيش هنا ، علشان انكل فاضل وكدة .
نور مؤكده :
– أيوه قالي علي الموضوع ده ، بس انا ….
بترت نور جملتها تخشي البوح بما يسكن أعماق قلبها من ظنون قديمة لم تختفي حتي الآن رغم حبه الجارف الذي يوهبه لها ، تجمدت انظار ساره عليها منتظرة تكمله حديثها ، فأستطردت نور موضحة :
– انا بحب ابقي معاه يا ساره ، خايفه اسيب العوامة ونرجع زي الأول .
اومأت ساره براسها مدركة معاناتها الماضية التي مرت بها ، واردفت بنبرة متفهمة :
– بس انتوا علاقتكم يا نور مش زي الأول ، انتوا دلوقتي سوا وعايشين حياتكم عادي ، غير ما كنتوا الأول .
نور بعبوس طفيف :
– خايفه ، خصوصًا ان زين عاوزنا نيجي هنا .
لم ترغب ساره في قدومهم هنا حتي لا تبقي فرصة امام مالك لرؤيتها خاصةً بعد مجيئه هنا لرؤية خاله بين حين وآخر ، واردفت لتحفيزها علي فكرتها :
– عندك حق يا نور ، خليكي معاه ، متديلوش فرصه انه يفكر في حد غيرك .
نور شاردة امامها بحيرة :
– مش عارفه اعمل ايه ، بس زين أكيد هيخلينا نقعد هنا….
_______________________

وقفت امامه ناكسة رأسها بتقاسيم جامدة ، نظر ماجد لها متفهمًا لضيقها من تلك المشادة التي نبتت مؤخرًا بينهما وادت إلي تأزم العلاقة ، رفع رأسها بأنامله لتنظر اليه ، وحدق فيها متأملاً عبوسها الدائم وتحدث مستفهمًا :
– ممكن أعرف هتفضلي كده لحد أمتي ، مبقتيش مبسوطه لما بقرب منك ، مع انك كنت غير كده معايا..
التزمت صمتها إجباريًا لا تريد مشاجرة أخري تنشب بينهم وذلك لأن الأمر يتعلق بتلك التي لا تعرف حتي الآن علاقته بها ، فزم ماجد شفتيه مستنبطًا تفكيرها بمهاره واستطرد حديثه مبررًا :
– انا مش زي ما انتي فاكره يا هانا ، انا مبحبش حد يسيبني أيًا كان مين ، ولو حد عمل كده عقابه هيبقي شديد قوي معايا ، خصوصًا لما يعمل معايا حاجة تضايقني منه .
نظرت له هانا واردفت مستهزئة :
– ومريم سابتك ، وعلشان كده بتقرب منها و…
هتف ماجد بنبرة منزعجة :
– هانا ، قولتلك قبل كده الزمي حدودك وأنتي بتتكلمي معايا ، وملكيش دعوة انا بفكر في إيه ، أستأنف بجدية :
– خليكي في علاقتك معايا ، وفكري إزاي تبسطيني احسن ، وقتها هتلاقيتي معاكي ومش شايف غيرك ، ومتعمليش حاجة تزعلني منك ، لأن هتلاقي عقابي ليكي هيبقي شديد قوي ، فهمتيني يا حبيبتي .
كادت ان ترد عليه حيث قطع ردها صوت صراخ بالأسفل ، فهتف ماجد قاطبًا بين حاجبيه :
– دي ديما ، يا تري فيه إيه ..
اسرعوا بالركض للخارج لمعرفة ما حدث ، هبطوا الدرج وجدوا ديما تصرخ وهي تحدثه :
– ألحقني يا ماجد ، تعالي شوف المصيبة دي……………..
________________
___________
_______

 

error: