فريسه للماضي

الفصــل السادس
فريسـة للماضـي
ــــــــــــــــــظلت مستلقية علي الفراش رغم إفاقتها من نومها ، أستندت سلمي برأسها علي صدره مبديه تقاعسها عن النهوض ، وبدأت تستنشق رائحة ما وهي تحرك رأسها يمينًا ويسارًا باحثة عن مصدرها ، شعر بها معتز وهي تتنمل برأسها ، فتح عينيه وتأمل ما تفعله ، عبس بوجهه وظن انها تتَنَشَّق رائحته ، فضيق عينيه نحوها وحدثها بغتةً :
– ريحتي وحشه ولا أيه .
فزعت سلمي وخبطته بقوه علي صدره وعنفته قائله :
– اخص عليك يا معتز فزعتني .
معتز بضحك وهو يضمها اليه :
– أسف يا حبيبتي ، اصلك عماله تشميني اعمل ايه .
قالت سلمي بامتعاض : ومين قالك اني بشمك أنت .
سال معتز بعدم فهم : اومال كنتي بتشمي ايه ؟.
زمت شفتيها للجانب وتنهدت بقوة ، وادارت رأسها قليلاً للناحية الاخري قائله بخجل زائف :
– نفسي في بطيخ .
انتصب معتز في نومته ونظر لها بلهفة وشغف بائن ورد :
– بجد يا حبيبتي ، يعني انتي بتتوحمي علي بطيخ .
ردت سلمي باستنكار : مالك ملهوف كده ليه ، انا اول مره أتوحم .
معتز بفرحة عارمة : بس دا بطيخ يا حبيبتي مش أي حاجه .
سلمي بتعجب : ليه ! ، تفرق بطيخ ولا غيره .
معتز موضحًا : انا ماما كانت بتقول انها اتوحمت علي بطيخ لما كانت حامل فيا .
سلمي بعدم فهم : برضه ايه دخل دا بده .
رد معتز غامزًا بعينه :
۔ يعني هتجيبي ولد يا روحي ..وهيكون نسخه مني ان شاء الله .
نظرت له شزرًا ، وتعجب منها فاستأنف باستنكار :
– انتي مش فرحانة ولا ايه .
ردت بغيظ :
– علشان اقولك انك بتفرق بين الولد والبنت بتقولي لأ .
معتز بنفي : لا يا حبيبتي والله ، انا بس عايز يبقي عندنا من الإتنين .
اشاحت بوجهها بعدم إقتناع ، فاستأنف وهو يدير رأسها نحوه ويداعب انفها بيده :
– زعلتي مني ، وحياتك عندي انا مش بفرق بينهم ، وهبقي مبسوط قوي لو جات بنت .
مطت شفتيها للأمام متقبلة اعتذاره ، فابتسم هو لها بحب ، واردفت هي بابتسامة محببة :
– يلا علشان تفطر وتروح شغلك .
قال معتز بحب : انا لو عليا افضل طول عمري جمبك…………
______________________

ترجلوا من السيارة ووقفت هي معه امام الشركة ضاممة ذراعيها حول صدرها ونظرت له بتجهم وهتفت بضيق :
– ممكن أعرف ايه اللي مضايق سيادتك اني جيت النهاردة الشركة ، ما انا مكتبي هنا ، ولما كنت حامل كنت بشتغل عادى ، ايه اللي أتغير عايزه أعرف .
تأفف حسام بقوة ورد بامتعاض :
– انا عارف لازمته ايه الشغل ده ، وانك لازم تيجي النهاردة بالذات يعني .
هتفت مريم باستغراب :
۔ يعني ايه النهارده بالذات ، هو فيه حاجة النهاردة في الشركة .
رد حسام بتذمر :
۔ ما فيش ، تابع في نفسه بغيظ :
– في الزفت ماجد النهاردة ، يارب تروح عليه نومه .
اشارت له بيدها قائله :
– يلا ندخل ، هنقف برة كده .
زفر بقوه وشرع في الدخول ولكنه انتبه لسياره زين قادمه فهتف :
– زين وصل .
استدارت مريم لتراه ، وتفاجأت بنور هي الاخري معه ، فابتسمت عفويًا وتقدمت منهم وحدثتهم بفرحة جلية :
– وانا اقول الشركة منوره النهاردة كده ليه .
ابتسمت لها نور وهي تترجل من السيارة ،وتوجهت لها مريم واحتضنتها وتابعت :
– وحشتيني يا نانو ، ليه مش بتيجي عندي .
حسام وهو ينظر لزين بخبث :
– انت مالك حلو النهارده كده ليه .
هتف زين بانزعاج : أمشي من قدامي أحسنلك .
هتفت مريم بضيق :
۔ يا تري بتقوله ايه يا بني آدم انت ؟
رد حسام وهو يشيح بيده :
۔ دايمًا كده جايه عليه ..انا داخل وسايبكم
ثم ولج للداخل ونظرت له مريم بتأفف ثم ادارت رأسها وحدثت زين بعتاب :
– كده يا زين ، دي برضه خدامة تجبها .
رد زين باستنكار :
۔ معقول مش عجباكي ، دا حلوه قوي ، دا انا مختارها بنفسي .
قالت نور وهي تحدجه بغيظ : ويا تري عجبتك بقي .
رد زين بتلعثم :
۔ لا..يا.يا حبيبتي ..مش قصدي ، تابع موجهًا حديثه لأخته :
– شكلي كده هخش في مشاكل من وراكوا .
قالت مريم بانزعاج :
۔ كده يا زين ، طيب شوفلي واحدة تانية.
تأفف زين وسحب نور خلفه وولج بها داخل الشركة ، وسارت مريم خلفهم وهي ما زالت تستجديه………
_____________________

نظرت ساره لحديقة الفيلا وسكونها الحزين كالتي تكون مهجورة ، فقط تمنحها الأزهار بريق لامع وحيوية بعض الشيء ، ثم تأملت الفيلا من الخارج ، فهي عصرية في تصميمها ،وحدجتها متحسرة علي حاله أصحابها ، فبدت خلاءًا مفتقرة لمن يطل عليها ، تقدمت من الدرج الرخامي صاعدة عليه ومدت يدها لتقرع الجرس ، ولكن صوته احال دون ذلك حيث حدثها بانزعاج :
– انتي مين يا ست انتي ، وجايه هنا ليه .
استدارت تجاهه ونظرت له بعبوس وردت بتردد :
– انا جايه لمالك بيه ، انا ساره مهندسة الديكور .
البواب وهو يتقدم منها متفرسًا هيئتها :
– انتي المهندسة ، شكلك لسه صغيرة .
ردت ساره بتوتر :
۔ انا اللي المهندس بعتني ، تابعت بنفاذ صبر :
– ممكن بقي تناديلي مالك بيه ، علشان اشوف شغلي .
رد البواب بتهكم داخلي :
۔ حاضر ، تابع في نفسه بعدم إقتناع :
– مهندسة ديكور برضه ، عليا انا الكلام ده .
ولج بها للداخل ، ثم استدار لها قائلاً وهو يشير بيده علي احد الجوانب :
– اقفي هنا علي ما ابلغ البيه .
ثم تركها وصعد للأعلي ، حدجته ساره بغيظ جم وودت كسر راسه علي معاملته الدونيه لها ، ضمت شفتيها وتنهدت بضيق ، ثم جابت المكان ببصرها ، وتفاجأت بردهه الفيلا خاويه من اي أثاث ، ونظرت حولها بعدم فهم وتسائلت عما حدث لها ثم تأملت الفيلا بإعجاب ، فرغم خلوها إلا إنها مازالت تحتفظ برونقها ، زمت ساره شفتيها واستدارت بجسدها فوجدته خلفها ، فارتعدت وتراجعت خطوه للخلف ، نظر لها مالك بملامح صلبه ، ومرر بصره عليها متعجبا من قدومها ، وتشدق بنبرة ضجرة :
– جايه ليه انتي كمان ، ولا أكون صعبت عليكي .
تنفست بهدوء ، وسيطرت علي حدة الفزع التي سببها لها دخوله المباغت ، واقتربت منه بثقه وردت وهي تحدجه بنظرات قوية :
– فينك مش باين ، ولا يكون في حاجه ضايقتك مخلياك محبوس كده .
انزعج مالك وفطن مقصدها ثم نظر لها بسخريه وابتعد عنها ليجلس علي المقعد الموضوع بالردهه ووضع ساقًا فوق الاخري كعادته المتعجرفً التي بات يجيدها عند التحدث مع أحدهم ، وتحولت نظراته لاخري ماكرة وهو يمرر بصره علي جسدها ، قطبت ساره تقاسيمها وهي تحاول معرفه ما يدور في ذهنه ، تنهد هو بعمق محاولاً أسترابه أعصابها وتحدث بمغزي :
– انتي اللي باين في حاجه مضايقاكي ، وشكلك بيغيِر منها ، باين عليكي قوي .
اسبلت عينيها عده مرات وأظلمتها مدركة معرفته بحبها له ، توترت داخليًا وحاولت بث القوه امامه ، وردت محاولة استفزازه:
– هغِير منها ليه ، هيا بتحبك علشان أغيير ، انت اللي بتحبها ، وهي مش سأله فيك .
نهض من مقعده وهو يحدجها بنظرات قاتمة واقترب منها بملامح منزعجه ، وتوجست ساره من رده فعله تجاهها ولكنها تصلبت مكانها وهي تطالعه بنظرات مهزوزه ، وقف مالك أمامها قائلاً بنبرة مستهزئة :
– متخافيش مش هعملك حاجه .
ردت سريعًا بصوت متردد : مش خايفه منك .
ضحك مالك عليها ودنا منها قليلاً وهمس بثقة :
– انا بحبها يا ساره ، وبكره هتلاقيها معايا أنا .
حدجته ساره بنظرات غاضبه ودفعته بقوه فتراجع للخلف ، ومازالت ضحكته التي أستفزتها مرسومة علي وجهه ، لم يتماسك مالك وظل يضحك بهيستيرية، بينما هتفت هي في وجهه بانزعاج :
– انت مجنون ، واللي بتعمله ده هيخسرك كتير يا مالك ،ونور عمرها ما هتحبك ، انا أكتر واحدة عارفه هي بتحب زين قد ايه ، عمرها ما فكرت فيك حتي علشان تبقي معاك ، فوق لأنك بتحلم.
قالت جملتها وهي تسارع أنفاسها ، وتوقف مالك عن ضحكه وحدق فيها بنظرات زائغة ، بينما طالعته هي بنظرات قويه ، وابتسم هو بسخريه ورد بجمود :
– وانا كمان عمري ما فكرت فيكي ، مفكره هتقوليلي كده هبعد عنها وأجيلك ، تبقي بتحلمي .
ساره بتوتر : ومين قالك اني بحبك أصلاً .
رد مالك بضحكة ساخرة:
۔ نسيتي لما جيتي اوضتي ومامتك شافتك وانتي خارجه .
زمت شفتيها وتجهمت تعابيرها ، فاستطرد هو بنفاذ صبر :
– يلا امشي ، ماليش نفس اتكلم معاكي .
نظرت له بغل وردت :
– هتشوفني كتير يا مالك ، انا مهندسة الديكور .
رد مالك بضحك شديد :
۔ انتي بقيتي امتي مهندسه ديكور .
نظرت له بغيظ ، ثم دلفت للخارج بتعابير متجهمه لعدم تطاوله في السخرية منها ، بينما لم يتخلي هو عن ضحكاته المستهزئة ..
_________________________

توجهت الخادمة لفتح الباب عندما سمعت قرع شخص ما للجرس ، نظرت من العين السحرية قبل الشرع في فتحه كما اوصاها رب عملها ، وجدت سيدة ما تقف امام الباب ، عبست بوجهها بينما هتفت سلمي من الداخل :
– مين يا هناء؟ .
ردت هناء بجهل :
– فيه واحدة بره يا ست سلمي ، بس مش عارفه مين هي .
هتفت سلمي بتأفف : اسأليها وشوفيها مين .
هناء بطاعه : حاضر .
ثم فتحت الباب قليلاً ومدت راسها قائله :
– أيوه ….مين حضرتك .
ردت السيدة بابتسامة زائفة :
– انا رودي ، جاره مدام سلمي ، قوليلها رودي وهي هتفتكرني
أومأت هناء برأسها ثم اغلقت الباب مرة اخري فشهقت رودي وتمتمت بصوت خفيض :
– خدامة قليلة ذوق .

ولجت هناء ثم وقفت امام سلمي وحدثتها :
– واحده اسمها رودي يا مدام ،بتقول جارتنا هنا .
سلمي زاممة شفتيها بتفکیر:
۔ مين رودي دي ، صمتت لوهلة وتابعت بتذكر :
– آه .آه رودي ، ودي عايزه ايه دي؟
هناء رافعه كتفيها بعدم معرفه : مقلتش يا مدام .
سلمي لاويه ثغرها بتأفف :
– طيب دخليها ، اما نشوفها عايزه ايه دي كمان .
هناء بطاعه : حاضر يا هانم .
تقدمت هناء لتفتح لها مرة أخري وفتحته قائله :
– اتفضلي يا هانم ، مدام سلمي مستنية حضرتك .
ابتسمت رودي بتصنع ، ثم ولجت للداخل ، جابت المكان ببصرها متفحصة هيئته الكلاسيكية والمنمقة ، ثم اقتربت منها سلمي وحدثتها :
– عجبك .
رودي بانتباه وهي تتقدم منها :
– أهلا مدام سلمي
ثم اقتربت أكثر واحتضنتها بحرارة، تعجبت سلمي منها ولوت ثغرها للجانب ، فابتعدت رودي عنها وتحدثت بابتسامه بلهاء :
– انا مبسوطه قوي انك قبلتي زيارتي لبيتك الجميل ده .
قالت سلمي بابتسامة زائفة:
۔ انتي تشرفيني في اي وقت ، ثم باعت مشيره بيدها :
– اتفضلي اقعدي .
جلست رودي علي الفور وعلي وجهها ابتسامة بلهاء ، وجلست سلمي هي الأخري متعجبه من توددها الزائد ، ثم حدثتها بتساؤل :
– تشربي ايه يا مدام رودي؟ .
ردت رودي بابتسامة سخيفة : اي حاجه .
سلمي محدثه هناء : روحي يا هناء هاتيلنا اتنين برتقان .
توجهت هناء للمطبخ فتشدقت رودي مستفهمة:
– ألا انا مش بشوفك بتخرجي كتير ، انتي مش بتشتغلي
ردت سلمي بنفي :
۔ للأسف لأ ، نفسي اشتغل بس مجتش لسه الظروف اللي تسمح بده .
قالت رودي بضيق زائف :
۔ ظروف ايه اللي تخليكي قاعدة كده وميكونش عندك شغلك ، ويبقالك كيانك الخاص .
ردت سلمي باقتناع : عندك حق ، وانا بفكر في كده .
قالت رودي بثقة :
۔ عندك انا ، عندي سنتر للألعاب الرياضية ومكتوب بإسمي ، وانا اللي بديره لواحدي .
سألت سلمي باهتمام : عندك سنتر بتاعك لوحدك؟ .
رودي بتأكيد : ايوه طبعًا ، تابعت بحزن زائف :
– بس بقالي فتره بنشغل عنه وكنت بدور علي حد يشاركني فيه ، اصل خايفه يتقفل والناس تبطل تيجي ويقف حاله .
هتفت سلمي بنبرة حماسية :
۔ انا ممكن اشاركك فيه ، انا خريجه تربية رياضية وعندي سنتر في القاهرة ، ممكن لو انتي سمحتي ابقي شريكتك .
ردت رودي بعتاب زائف :
۔ دا برضه كلام ، اعتبري نفسك شريكتي من دلوقتي ، دا انتي من اول مرة شوفتك فيها وانا حساكي زي اختي الكبيرة بالظبط .
قطبت سلمي بين حاجبيها غير راضية لما تفوهت به ، فهي بعمر والدتها ، ولكنها افلتت الموضوع وردت بعشم زائف :
– ميرسي قوي ليكي……………
________________________

في غرفة الإجتماعات ، جلس الجميع حولها ، بما في ذلك نور التي أصر زين علي جلوسها بجانبه ، وظلت هي تتطلع عليه باعجاب وفرحة لائحة علي تقاسيمها ، ابتسم زين فرحًا لوجودها بجانبه ، وحدجهم حسام بنظرات غامضة وضيق عينيه حاسدًا إياهم علي ذلك الحب المتبادل وتنهد هو بحرارة ، تأملته مريم وفطنت نظراته نحوهم ، فقامت بلكزه بقوة في كتفه ، تشنجت تعابيره وتألم قائلاً بصوت منزعج :
– ايه فيه ايه ، كل شويه تخبطيني وأيدك ناشفه ، متجوز واحد صاحبي انا ..
شهقت مريم من حديثه الفج في الحديث خاصةً امام الموظفين وبعض رجال الأعمال، بينما كتمت نور ضحكتها ، وغمز لها زين بأن تصمت ، فأومأت براسها وتحدث هو بجديه :
– أستاذ ماجد لسه موصلش ، معقول التأخير ده .
همست له نور بفرحة جلية : قمر يا زينو ،ايوه كده خليك حمش .
ضحك زين بخفوت وهمس لها :
– نور اسكتي بقي احنا في مكان شغل .
اومأت رأسها بطاعه وحدثته بهمس :
– عايزه أشتغل معاكوا ، انا مش ليا في الشركه برضه .
تسمع حسام عليها وهتف :
– ايوه ليكي ، ونصيبك زين هو اللي بيشغله ، خديه منه
قالت مريم بانزعاج من بين اسنانها :
– زودتها قوي ، لاحظ ان احنا مش لوحدينا .
رد حسام بتأفف ووجه عابس : طيب ، هسكت خالص .
بينما حدثها زين بجدية :
۔ حاضر يا حبيبتي ، هبقي افهمك كل حاجه ، بس مش هينفع تتصرفي في اي حاجه ، لأني بقيت وصي عليكي بعد ما اتجوزنا .
نور بتفهم : حاضر يا حبيبي .
ولج ماجد الغرفه ممسكًا بيد هانا ناظرًا علي الجالسين وتجمدت انظاره عليها حين رآها ، وتقدم منهم وهو يحدجها بنظرات غير مفهومه ، نظر له حسام وأحد النظر اليه بغضب راجع عندما وجده يحملق فيها دون خجل او ان يضع في اعتباره وجوده بجانبها ، جلس الإثنان علي الطاولة فتشدق زين بنبرة جادة عملية :
– بما ان كلنا هنا ، يبقي لازم كلنا نعرف ان ميزانية المشروع ده مش شوية ، واي حد من حضراتكم لازم يبقي جاهز للدفع في اي وقت ، والتأخير مش مسموح بيه ، تابع بتساؤل :
– في حد معترض علي كلامي ؟ .
لم يتحدث أحدًا ، فأستطرد زين بمعني :
– تمام قوي ، يبقي نبتدي بإذن الله اول ما الوفد الأجنبي يوصل .
قال ماجد متدخلاً بعملية :
۔ انا عايزك تطمن خالص ، الوفد كويس جدًا ، ومش هتندم انك أشتغلت معاهم .
زين بتفهم : يارب ، اتمني نخلص منه زي اللي قبله .
وجه ماجد بصره اليها وادارت رأسها عفويًا وتلاقت اعينهم سويا ، لم تبدي مريم رد فعل لذلك الموقف ، بينما نظر لها ماجد بنظرات لا يفهمها سوي الرجل ، وهذا ما خمنه حسام حين انزعج من جرأته الوقحه في استباحته للنظر لزوجته دون مراعاة وجوده او وجود الاخرين من حوله ، لم يستحمل حسام ذلك الموقف حتي هب واقفًا من مقعده وحدثها بنبرة جدية جامدة :
– يلا يا مريم .
قال زين باستغراب : مستعجل علي ايه يا حسام .
رد حسام بمعني : مش خلاص الإجتماع ، اصل احنا عندنا شغل .
رد زين بتفهم : اوكيه يا حسام .
نهضت مريم في صمت مدركة ضيقه من وجود ماجد معهم في مكان واحد ، ثم دلفا سويًا للخارج وسط نظرات ماجد الثاقبة لهما ، لم تشيح هانا بصرها من عليه محاولة فهم إرتباطه بها ، بعدما أثار اسمها حفيظتها ، خاصةً بعد ذكره له امس ..
تحدث زين بعملية :
۔ خلاص كده يا حضرات ، تقدروا تتفضلوا .
هم الجميع بترك المكان ، ولم يظل سوی زين ونور ، نظر لها زين وجدها غافيه ، حدجها باستغراب لنومها الكثير ، اقترب بمقعده المتحرك منها ، وملس علي شعرها بهدوء ونادها هامسًا :
– نور ……….اصحي يا حبيبتي وابقي نامي لما نروح .
رفعت رأسها ونظرت له بأعين ناعسه ، فإبتسم زين لها واضطر للذهاب ، واستأنف بنبرة حنونة :
– يلا نقوم نروح بدل ما انتي تعبانه كده .
زمت شفتيها ونهضت معه ، ولا إراديًا تستندت عليه ، فضمها من كتفها اليه وربت عليها بحنان ، ثم هدجوا سويًا للخارج ..
لم تعد نور قادر علي السير ، فقد تمالك منها دوار شديد لا تعرف سببه ، تحاملت علي نفسها واستندت عليه ولم تشعره بما تمر به ، استقلت السيارة بمساعدته ، اغلق هو الباب ثم دار حولها ليجلس خلف عجلة القيادة ..
وجه بصره نحوها وابتسم قائلاً :
– ايه رأيك في الشغل هنا ، لما تتخرجي هتشتغلي معايا .
نور متنهده بضيق: امتي بس ، انا لسه في سنة تانية .
رد زين بابتسامة :
۔ متخافيش هاخدك معايا علي طول ، وهعلمك كل حاجة ، علشان تبقي جاهزه للشغل .
قالت نور بتمني :
۔ يا ريت ، انا عايزة أفضل علي طول معاك .
نظر لها بفرحه لحبها له ورد :
– وانا عايز افضل علي طول معاكي ، وتبقي ام ولادي……..
________________________

في إحدي مستشفيات الأمراض العقلية ، تسللت الممرضه لغرفتها بحذر ، وتقدمت للداخل ، نهضت هايدي من الفراش ناظرة لها بلهفه لتخبرها عما انجزته ، اقتربت الممرضة منها وهي تتلوی بشفتيها مبديه ضيقها من أمر ما ، توجست هايدي من هيئتها وكلحت ملامحها وهي تنتظر ان تبشرها بخبر سار .
تلوت الممرضة للجانب بجسدها وحدثتها متذمرة :
– البيه اللي أديتيني عنوانه مش موجود في بيته ، طلع في شرم الشيخ .
ردت هايدي متنهدة بضيق :
طيب متعرفيش هيرجع أمتی؟ .
ردت الممرضة بتهكم :
وهعرف منين ، البواب قالي مش موجود وميعرفش اكتر من كده .
نكست رأسها بحزن ،فنظرت لها الممرضة واستطردت بضيق:
– منبنيش غير المشوار ، ومصاريف رايح جاي .
قالت هايدي ناظرة إليها :
۔ إهدي بس ، هو لما يرجع هديكي اللي انتي عوزاه ، بس اوعديني انك تبقي تروحي تسألي عليه تاني
قالت الممرضه بتأفف بائن :
۔ مضطره اروح ، اومال بعد ما روحت وصرفت هضيعه علي الفاضي .
قالت هايدي بتهكم داخلي :
۔ كتر خيرك ، انا هديكي اللي تطلبيه .
قالت الممرضة وهي تدلف للخارج :
۔ اما أشوف .
تعقبتها هايدي بضيق ، وما ان دلفت حتي بصقت بانزعاج جلي وحدثت نفسها بحقد :
– مضطرة أحتاج لأمثالك علشان أطلع من هنا ، صمتت قليلاً وتابعت بحيرة :
– يا تري انت فين يا سامي …………….
________________________

تمطی بذراعيه وجلس علي الأريكه عاري الصدر ، والتقط سجائره وقداحته ليشعل واحدة ، اقتربت منه بفستانها الشفاف العاري ، وبجراءه جلست علي قدميه ، حاوطها بذراعيه وهو يحملق في جسدها بوقاحه ، طوقت هي الاخري عنقه وغمزت له قائله بخبث :
– ايه رأيك فيا بقي ، وقعتهالك في اول الطريق ، والباقي بعد كده سهل .
نظر امامه بمكر فتاك ورد :
– هو ده الشغل المظبوط ، وابقي خلي مرات حضرة الظابط اللي ماسك الليلة دي كلها تشيلها مراته لوحدها ، ويوريني هيعمل ايه بقي .
ضحكت بمياعة وقحة واردفت بخبث :
– كله بفضلي انا ، انا رودي والأجر علي الله .
غمز بعينيه واردف بمغزي :
۔ امين برضه كان شيطان ، يعمل الصفقة من هنا ويخلع ولا حد يعرف عنه حاجه ، الله يرحم ايامك يا امين .
قالت رودي بحزن :
۔ الله يرحمه ، كان علي طول بيحب يقضي الوقت معايا .
زم شفتيه بضيق ، ثم نظر لها وتحسس جسدها بوقاحه قائلاً برغبة :
– متقومي تحضريلنا كاسين نظبط بيهم المسائل .
تلوت بين يديه ونهضت قائله بمياعة:
– امرك يا سماسيمو ، انت تؤمر .
سامي وهو يحك صدره بكف يده :
– متتأخريش يا روحي لأحسن انا علي اخري .
تتبعها وهي تخرج مسلطًا بصره علي منحنيات جسدها ، وتنهد بحرارة قائلاً :
– الله يرحمك يا أمين ….مت وسبتلي المزه………….
______________________

وصل لفيلا أخيها بعدما أخذ قراره بعودتها معه ، صدم حين اخبرته الخادمة بخروجها لإحدي الملاهي الليلية كما اخبرتها ، تشنجت تقاسيمه واحتقن وجهه بغضب جارف لتماديها فيما تفعله وخروجها دون إذن غير مبالية به ، قاد أمير سيارته بسرعة جنونية متجهًا لذلك الملهي المتواجدة فيه ..
بعد قليل وقف امير بسيارته امامه ، وترجل منها متجهًا للداخل وملامحه مقتطبة غاضبة منها .
تقدم من المدخل ووقف أمامه متأففًا من حقارته ، فهو بالمستوی الدوني ، ونظر لهؤلاء البشر مستنكرًا وجود زوجته في مكان كهذا ، تفحص المكان بعناية للبحث عنها ، وباشر بالتقدم نحو الداخل ليتمكن من رؤيتها جيدًا ، ادار رأسه باتجاه البار عفويًا ، وجدها جالسه عليه ومرتديه لا شيء ، ويجلس بجانبها شخص ما يطالعها بنظرات وقحة وخيمة ، فحدجها امير بنظرات نارية وبدأ في الإقتراب منها ..
وقف خلفها حادقًا فيها بنظرات فتاكه ، ثم اقترب منها وأمسكها من عضدها ، فتألمت بشدة وهتفت باهتياج :
– بتعمل ايه يا حيوان انت .
ثم ادارت رأسها وصدمت حين رأت زوجها هو من يمسك يدها.
ازدردت ريقها بتوتر جلي طاغي علي تعابير وجهها واردفت بخوف :
– أمير …
حدق فيها بجمود وتعابير متصلبة ، ثم مرر بصره علي ما ترتديه ، انكمشت ديما وضمت عفويًا يديها حول صدرها الذي يظهر قليلاً أسفل فستانها ، ابتسم هو بسخريه ورفع يده وهوی علی وجهها بصفعة قوية وكادت ان تسقط هي ، ولم يتوانی في جرها خلفه ، وخشيت هي من تغيره المفاجئ معها ، فبدا امامها شخص آخر بشخصية أخري ، وقف بها امام سيارته ، وحدجها بغضب وهوی بيده مرةً أخري علی وجهها بعده صفعات متتالية ، وهتف خلالها بانفعال :
– واضح انك متعرفنيش كويس ، لما تعصي امري وتلبسي المسخرة دي ، ورايحه مكان و*** زي ده .
ارتجفت ديما ووضعت يديها علي وجهها لحمايته ، جذبها امير من شعرها ودفعها بقوة داخل السيارة ، ثم ادارها متجهًا إلی أخيها ..
بعد قليل وصل بها ، وقام بجرها مرةً اخری من ذراعها وهي تنتحب بشدة خلفه ، ولج بها للفيلا وصدح مناديًا علی أخيها ، الذي هرع هو وزوجته نحوهم ، تقدم ماجد منهما ووجه بصره تجاه أخته الواقفة خلفه مصدومًا من هيئتها ، وتفهم هو علي الفور ما حدث ، بينما دفعها امير لترتمي عليه قائلاً بجمود :
– أختك طالق .
قالها أمير وتوجه للخارج بتعابير قاسية جافة لما حدث ..
وجه ماجد بصره لأخته وحدجها بعدم رضی ، ثم حدث زوجته بعصبية :
– خديها يا هانا فوق ، علي ما اتصرف في الموضوع ده .
قالت ديما ببكاء شديد :
۔ امير طلقني يا ماجد ، اعمل حاجة
رد ماجد بسخرية :
۔ دلوقتي عايزاني اعمل ، مسمعتيش كلام جوزك ليه ، انا مش فهمتك قبل كده .
لم تقدر ديما السيطرة علي أعضاءها التي تخور منها وزاغت عيناها وهي تنظر اليه ثم ترنحت في وقفتها ، وسقطت مغشيًا عليها ، صدح ماجد بفزعٍ:
– ديمـــــا……………..……………
________________
_____________
_________

 

error: