فريسه للماضي

الفصــل الثاني والعشـرون
فريســة للماضــي
ــــــــــــــــــــــــــــ

قاموا باقتحام السنتر وسط ذهول العاملين الذين يتقدمون للداخل لمباشرة عملهم ، كان معتز في المقدمة وجاب السنتر ببصره متفحصًا إياه بتجهم شديد ، ثم اقترب من الداخل وهتف في العاملين :
– فين المسؤل هنا .
احد العاملين بتلعثم وهو يرتجف :
– مش..مش عارفين يا حضرة الظابط ، احنا لسه داخلين علشان . نشتغل .
معتز وهو ينظر حوله بغضب هتف في العساكر القادمة معه :
– يلا بسرعه فتشوا السنتر كله، تابع وهو يرمق احد الموظفين:
– فين مكتب رودي صاحبة الزفت ده .
اجابه العامل بزعر وهو يؤشر بيده علي احدي الغرف :
– أهو يا سعاده البيه ..ا.اتفضل .
بادر معتز بالتوجه لتلك الغرفة وولج لداخلها بعدما دفع الباب بقدمه بعنف شديد ، صُدم من رؤيتها غارقه في دماءها ومسجية علي الأرضية ، تنفس بصعوبة من ضياع من تثبت براءة زوجته ، لوهله زاغ معتز بفكره في تأزم موقف زوجته ولكنه سرعان ما عاد لواقعه ليقترب منها سريعًا ، جثي علي إحدي ركبتيه ومد يده عند عنقها بتوتر ليستشعر نبضها ، انتبه معتز لنبضها الذي يخفق تحت انامله وتنهد بارتياح وهتف بلهفة :
– كلموا الاسعاف بسرعة …دي لسه عايشة .
أخرجت رودي أنين ضعيف وشعر بها معتز وحدثها بقلق ملحوظ:
– متخافيش …الاسعاف هتيجي وهتبقي كويسه .
رودي بنبرة خفيضة من بين تألمها :
– سـ ..سامي هو…اللي ..آه …
معتز منصتًا لها باهتمام :
– اهدي انتي بس واتكلمي براحة …مين سامي ده .
ردت رودي بعزيمة عجيبة رغم أوجاعها :
– سامي …وهايدي …هما اللي ..قتلوا ..واحدة اسمها ثريا .. انا عرفت عنها حاجات كتير ..لما جبها ..عندي ..وهي هربانة من .. مؤبد …
صمتت لتلتقط انفاسها بصعوبة ، فقال لها معتز بخوف خشية إصابتها بمكروه ما ، غير انه لم ينتبه لذلك الاسم التي لفظته :
– اسكتي احسن حالتك تدهور ..الاسعاف جايه وهتبقي كويسه …وابقي قولي علي كل حاجه .
رودي بنبرة متقطعة متألمة :
– مـ ..مراتك بريئة …انا معايا تـ ..تسجيل بصوتهم ..يثبت بـ .. برائتها .
معتز بلهفة بائنة ونبرة متأملة :
– فين التسجيل ده …قولي بسرعة .
ردت رودي بصوت بدأ ان يخور تدريجـيًا :
– عند…سكرتيرتي ..معا….
لم تكمل جملتها حتي خارت قواها وأغشي عليها ، فحدجها معتز بزعر وهتف بعصبية في من معه :
– الاسعاف فين ….مش لازم تموت……..
_______________________

رد علي هاتفه الذي يعلن من فترة علي اتصالات متكررة منها ، وأخيرًا أضطر للايجاب عليها متأهبًا لمقابلتة معها وقتما تريد ، أجاب وليد بصوت رخيم :
– خير يا نهلة .
ردت نهلة بنبرة منزعجة عالية :
– استنيت كتير يا وليد ، قولتلك عوزاك وانت مش في دماغك ، فين لهفتك عليا ووعدك ليا بأننا نتقابل ، وكل يوم تطلعلي بموضوع شكل .
رد وليد محاولاً كتم ضيقه منها حيث رد بصعوبة رغمًا عنه :
– حاضر يا حبيبتي ، الليلة هنتقابل .
فرحت نهلة وردت بعدم تصديق :
– بجد يا وليد ، يعني الليلة هتجيلي .
وليد نافيًا ما تفوهت به ، رد بمعني وبمكر داخلي :
– انتي اللي هتجيلي ، انا خلاص مبقتش أثق فيكي .
نهلة بضيق وهي تضرب علي فخذها :
– طيب يا حبيبي ، أي مكان ، المهم نكون مع بعض .
تأفف وليد للجانب ورد عليها مدعي فرحته :
– وانا كمان يا حبيبتي ، هموت وأكون معاكي .
نهلة بسعادة مطلقة لم تمر عليها بعد :
– متعرفش قد ايه هبقي مبسوطة وانا معاك ، وقد ايه بتمناك يا وليد ، تابعت بحزن زائف :
– انا مش عارفه ليه ميرا تهملك بالشكل دا ، المفروض تحس بيك وتحطك جوا عنيها .
ابتسم وليد بتهكم قبل ان يرد بخبث :
– وانا هبقي معاكي يا حبيبتي علشان تعوضيني عن كل حاجه محروم منها .
ردت نهلة بنبرة شغوفة فرحة :
– انا هعملك كل اللي انت عايزو ، بس قولي أجيلك فين ..
وليد بخبث جم :
– تعاليلي شقتي ، العنوان (……)…….
______________________

تم عقد هذا الإجتماع لتحديد ميعاد البدأ في انشاء ذلك المنتجع الضخم ذو السيولة المرتفعة وانهاء بعض الأوراق اللازمة التي تخص المشروع ، جلس زين يتطلع علي الأوراق التي امامه بتمعن وهو يدقق النظر فيها جيدًا ، وبجانبه نور التي تعمدت القدوم معه رغم انزعاجه من الأمر ، هتف زين بعملية :
– اول الأسبوع هنبتدي في المشروع ، افتكر دا ميعاد مناسب قوي .
ردت عليه كريستين متعمدة التدلل في نبرة صوتها لإغاظة مايكل الناظر لها بانزعاج :
– حديثك جيد مستر زين ، يعجبني طريقة تفكيرك العملية ، أنت فعلاً تستحق ما اسمعه عنك وقتما وصلت .
التفتت إليها نور ونظرت لها بضيق داخلي ولكنه طغي بعض الشيئ علي تعابيرها التي عبست فجأةً ، وعن زين فكان متوترًا من حديث تلك المرأة ، وتسائل في نفسه لما تفعل ذلك ، فهو بالأصح لم يجمعهما شيئًا حتي تتدلل عليه بتلك الطريقة الوخيمة والمستفزة ، ثم وجه بصره لزوجته التي تشتعل غضبًا بداخلها رغم عدم ظهوره ، ولكنه فطن ما بها ؛ لوت كريستين ثغرها بابتسامة ذات مغزي وهي تنظر لمايكل المتحكم في غضبه امام الجميع ، ولكنه توعد لها فيما بعد ، وحاولت كريستين استنباط ما يفكر فيه وفشلت ، واعتزمت استمرارها فيما تفعله لرغبتها الجامحة في اعادة كرامتها التي استهان بها ، وادركت انها ستفوز في تلك الحرب خاصةً للنساء تأثير جارف في تلك الأمور ؛ تنهد زين بقوة واضطر لمسايرة الأمور والبدأ في الحديث بجدية وعدم اعطاء الأمر أهمية اكثر من ذلك :
– انا همضي علي الورق ، علشان نبدأ الشغل ، وبكده ميبقاش فيه تأخير .
بدأ زين في التوقيع علي الأوراق الثانوية والخاصة به كونه المسؤل الأول عن المشروع والمشارك بنسبة عالية ، نظرت نور له وهو يوقع علي تلك الأوراق ، ولا تعرف ما هو ذلك الشعور الذي طرأ عليها كونها ترغب في مشاركته العمل ، مدت يدها بعد انتهاءه قائلة بنبرة جديدة عليه :
– هات اما امضي انا كمان .
دُهش زين منها وحدق فيها مستغربًا حديثها الذي بات جديًا ، وتعقل في الرد عليها لعلمه المسبق بعنادها ، رد زين عليها بهدوء زائف :
– مش هينفع يا نور .
نظرت له بتعابير مقتطبة ، فأستطرد سريعًا حديثه وهو يوضح :
– انتي مينفعش تمضي ، علشان موصلتيش السن القانوني ، وانا هنا مسؤل عن نصيبك ، وبمضي بأسمك .
تسائلت باقتضاب وملامح منزعجة :
– وأنا لزمتي ايه ؟ .
رد بتأني عليها لتهدئة اهتياجها الذي يشعر به :
– انتي كل حاجة يا حبيبتي ، وأنا جوزك ، انتي مش واثقه فيا اني أشغل نصيبك .
كلحت تعابيرها وردت متنهدة بضيق :
– واثقه ، تابعت بجدية :
– بس تاخد رأيي في كل حاجة ، انا شايفه انك مش بتسألني .
رد باستنكار :
– هو انا علشان مش بسألك تبقي ولا حاجة يا حبيبتي ، استطرد موضحًا :
– انا بعمل شغل وفاهمو كويس ، ومينفعش اسألك وانتي لسه متعرفيش حاجة عن شغلنا ، لما تبتدي تتعلمي وتشتغلي معانا هتفهمي طبيعة الشغل ، ووقتها اعملي اللي انتي عوزاه .
كان ذلك النقاش الحاد نوعًا ما والذي حمل بداخله الطابع الشخصي امام الموظفين والمشاركين في المشروع ، والذين تسمعوا لحديثهم تلقائيًا ، وعن مريم الجالسة لم تخفي ابتسامتها من عناد نور وغِيرتها علي زوجها ، ولم تعي بماجد الناظر لها ومعجبًا بتلك الابتسامة علي محياها ، والتي جعلت حسام يصل لقمته حيث هتف في وجهه غير مباليًا بمن حوله :
– مش هنخلص بقي ، متخلي عندك دم .
نظر له ماجد بتعابير متصلبة ، وارتابت مريم من إِضْطِرام الأمر بينهم خاصةً امام العملاء الأجانب ، وانتبه زين لحسام المنفعل وطريقة حديثه مع ماجد ، وايقن ان في الأمر شيئًا ما ، قال زين متسائلاً بضيق :
– فيه يا حسام ؟ ، احنا في اجتماع ، ايه الطريقة اللي بتتكلم بيها دي .
نكس حسام رأسه وحاول التنفيس عن غضبه ، ورد بمعني وصوت هادئ :
– انا حاسس اني مش كويس ، ومش هقدر أكمل الإجتماع ده .
رد زين عليه بتفهم :
– طيب يا حسام ، روح ارتاح انت .
نهض حسام وهو مازال يحدجه بغضب ودلف للخارج مسيطرًا علي حدة اهتياجه بصعوبة ، ولم تتواني مريم في النهوض هي الأخري مستأذنة :
– انا كمان بعتذر يا زين ، مضطرة استأذن .
زين بقلة حيلة ممزوجه بعدم فهم ما يحدث :
– طيب يا مريم ، اتفضلي .
دلفت للخارج سريعًا دون النظر لأي شخص من المتعجبين لما يحدث بداخل ذلك الاجتماع الهام ، وتتبع ماجد خروجها وامتعض من خوفها عليه وذهابها خلفه ، وعن هانا لم تصدر ردة فعل والتزمت الصمت مدركه لحالته التي عرفتها مؤخرًا ، بينما تنهد زين بعمق قبل ان يتفوه بــ :
– خلاص الاجتماع كدة ، وياريت نبتدي فيه وبسرعة……..
_____________________

تناول الطعام الذي أعدته له بهنم شديد ، بينما تأملته سارة بسعادة كست معالم وجهها ، خاصةً تلك الابتسامة الحالمة التي ارتسمت علي طلعتها الجميلة ، توقف مالك عن تناول طعامه وحدق فيها متعجبًا ، حدثها مالك متسائلاً :
– هتفضلي تبصيلي كده كتير .
انتبهت سارة له وتنحنحت بخجل قبل ان ترد بتلعثم :
– لا ..انا بس أ….
زمت شفتيها غير قادرة علي البوح بما تكمنه بداخلها ، وشعرت بالإحراج مجرد إخباره بمدي عشقها المكنون له ، طالعها مالك بابتسامة متسلية مفسرًا حبها العميق له والذي استهتر به لرغبته المباحة في حب ابنه خاله المتزوجة ، فتفهم خجلها واردف هو محاولاً جذب الحديث معها بطريقة أخري مراوغة :
– هو فيه مهندس بيحط مكتبه في مكان الشغل وكدة ، انا اول مرة اعرف منك ، طول عمري عارف انهم بيصمموا في مكتبهم ، استطرد بخبث شديد :
– بس انتي بتصممي هنا في الفيلا ، ليه يا سارة انتي مش زي المهندسين التانين .
أبتلعت ريقها وتلعثمت في الرد عليه ، فهو محق كونها تعمل بداخل فيلته علي غير المعتاد ، ولكنها بررت بتوضيح زائف عله يقتنع به :
– أصلي ساعات بنسي حاجات وكدة ، فقولت اعمل مكتب هنا علشان ابقي قريبة من الشغل .
أظلم عينيه نحوها بعدم اقتناع ، ومازالت ابتسامته المرسومة والغير مفهومة علي محياه توترها ، ثم رد بعبث :
– وانا بقي الشغل ده .
ردت بتوتر جم وهي تحدق به :
– أيه!..
مالك غامزًا بعينيه :
– بتحبيني قوي كدة ، نكست رأسها بخجل ولم ترد ، فاستأنف وهو يتأمل وجهها الهادئ :
– وانا كمان يا سارة ، رفعت رأسها ناظرة إليه غير مستوعبة ما تفوه به للتو ، ولكنه اكمل موضحًا الأمر عليها حتي لا تنساق وراء اعطاءها حب شديد منه :
– انا كمان يا سارة متعود علي وجودك معايا ، انا مش هضحك عليكي وقول اني بالسرعة دي احب بجد ، بس انتي بقيتي مهمة قوي عندي ، وحاسس اني هبقي مبسوط معاكي ، علشان انتي بتحبيني ، وعمرك ما هتفكري تبعدي عني وتسيبني .
انصتت ساره لحديثه وتفهمت علي الفور صدق نواياه تجاهها وردت عليه بتفهم :
– وانا عمري ما هسيبك يا مالك ، تابعت بابتسامة ساحرة :
– مش هسيبك غير لما تحبني بجد زي ما بحبك .
مالك وهو يتأملها رد بحبور ونبرة ماكرة :
– شكلي بدأت أحب……….
______________________

وقفت مريم خلفه مسلطة انظارها عليه غير راضية بما فعله قبل قليل ، فرغم تحذيراتها الكثيرة له إلا انه مازال يشغل فكره بذلك الأمر الذي يعكر صفو حياتهم سويًا ، وربما بُعْدهما عن بعضهما ، وهي لن تتحمل كل ذلك ، فهي لم تقترف ما يجعله يختلق المشاكل ، فمسبقًا حذرته من عدم الإنشغال بما يفعله ماجد ، فهو يحاول اختلاق مشاكل بينهم ، والظروف وضعتها امامه ليعاود الإنتقام منها عن تخليها عنه في السابق علي حد علمها ، ومعرفتها بتملكه الشديد لإحداهن ، وغروروه الزائد في التباهي بشخصه وبعائلته .
ظل حسام بهيئته المتجهمة منفعلاً بما يفعله ذلك الوقح محاولاً استفزازه الذي ينجح في اظهاره عليه بقوة ، ضرب المكتب بعنف ليخرج ذلك الغضب فيما حوله ، وكاد ان يقلب المكتب بيديه ، ولكن مريم بادرت بمسكه من يده لتحيل دون فعله لهذا ، هتفت مريم بامتعاض :
– اهدي يا حسام ، هو دا اللي اتفقنا عليه ، انا تعبت من الكلام معاك ، قولتلك هو بيحاول يعمل مشاكل بينا .
حسام وهو ينفض يدها رد باهتياج :
– اسكت علي ايه بالظبط ، انا مش عارف دا طلعلي من انهي داهية ، ناقصو انا ده والو***** اللي بيعملها دي ، دا انا عرفت عنه انه عايش مع اللي معاه دي في السر من غير جواز ، علشان كده كنت مستغرب سكوتها ، اتاريها ولا حاجة .
مريم متأففة بنفاذ صبر رغم توضيحها لشخصه قبل ذلك :
– انا عارفه ماجد كويس ، وعمري ما فكرت ارتبط بيه ، طول عمره عايش بمزاجه ، ودا اللي انا مش بحبه ابدًا ، انت لو مشغلتش بالك بيه هو بنفسه هيعرف انه فشل يوقع بينا ، بس انت مستسلم لكل اللي بيعمله ، وهو طبعًا هيبقي مبسوط انه شايفك كدة .
دنت منه ووضعت يديها علي ذراعيه واكملت بهدوء ليهدأ هو الآخر معها :
– حسام يا حبيبي ، انا مش عايزة اشوفك كدة ، عايزة نفضل مبسوطين مع بعض وما فيش حاجة ايًا كان هي تأثر في علاقتنا ، ومش كل واحدة راجل يبصلها جوزها يروح يضربه ، اكيد في ستات كتير بيحصلهم كدة ، ودا بسبب وقاحه بعض الناس ، اهدي يا حبيبي كده وروق .
تنهد حسام بقوة ورد بهدوء زائف :
– حاضر يا مريم …هحاول .
مريم بابتسامة ناعمة :
– شاطر يا حبيبي ، وانا عايزاك كدة علي طول ……..
______________________

أخذها وتوجه لمكتبه ، كتم هو ابتسامته رغمًا عنه وهو يختلس لها النظرات بين الحين والآخر ، استشعر زين ضيقها مما حدث اثتاء الإجتماع وخاصةً تودد تلك المرأة اثناء الحديث معه ، ولم يتفهم حتي الآن إلي متي سيظل هذا الشك مستوطنًا في رأسها ، فقد مل من ذلك الوضع الذي يزعجه منها ومن نفسه اولاً كونه من افتعل كل ذلك رغم نيته الطيبة حينها ، وعن نور جلست بجانبه علي تلك الأريكة الموضوعة في احدي زوايا مكتبه ناظرة أمامها بشرود وتقاسيم محتقنة غضبًا ، اولها تلك السمجة وثانيها امر نصيبها في التحكم فيما تمتلكه ، شعرت وقتها بأن قيمتها الي الآن منعدمة في أخذ قرار خاص بها يعطيها مركزًا لفرض سيطرتها علي من يعمل بها ، وجهت بصرها لزين وزفرت بضجر مما يحدث لها ، قالت نور بغيظ :
– هي الست دي عايزه منك ايه ، انا مش مستريحلها ، طريقتها وهي بتكلمك مش عجباني .
زين بتفهم رد عليها :
– وانا اعملها ايه يا حبيبتي ، انتي شوفتي مني حاجه ، انا ماليش دعوة بيها ، وقولتلك قبل كده تفكيرهم بيبقي غيرنا ، ممكن تقرب من اي حد عادي ، شيئ طبيعي عندهم .
نور بنظرات قاتمة :
– وانت ممكن تقرب منها لو هي عاوزة كدة .
رد بجدية ونبرة قوية :
– لأ…..ومش عايزك أنتي كمان تفكري في الموضوع دا تاني ، علشان منزعلش من بعض ، تابع بمكر :
– مش كفاية منعتيني عنك إنبارح .
ردت بعناد :
– وهفضل كدة ، ولما يجيلي مزاجي هخليك تقربلي .
زم زين ثغره للجانب مُدعي التفكير ، ورمقها بنظرات غامضة لم تدركها بعد ، ثم مد يده ببطء ومررها علي عنقها ومتوغلاً بأصابعه في شعرها ، رفعت يدها لتبعده ولكنه كان الأسرع في تقريبها إليه مُقبلاً إياها بقوة مُتملكة ، ضربت نور صدره عدة مرات ليبتعد عنها ، ولكنه تملك من كلتا يديها ووضعهما خلف ظهرها مما جعلها غير قادرة علي التحرك كليًا ، ابتعد عنها قليلاً وهمس وهو يلتقط أنفاسه التي تلفح وجهها :
– انا مستعد اكمل ، وعايز اشوف هتمنعيني أزاي .
ردت من بين انفاسها :
– غصب عني يعني .
رد بضحكة خفيفة وبنبرة ذات معني :
– انا جوزك ، وانتي بتحبيني ، ومش هتمانعي لو قربتلك .
حاولت نور الإفلات من قبضته التي فاقت قواها وفشلت ، قالت بامتعاض :
– سيبني ، انا مش بهزر ، مش هتقربلي غير بمزاجي .
زين وهو يفلت يده القابضة علي كفيها ، رد بغيظ :
– ماشي يا نور براحتك ، بس افتكري انك اللي بتبعديني عنك .
ثم ابتعد عنها وهتفت وهي تفرك كلتا يدها :
– عايزة اشوف هتعمل ايه لو بعدت عنك .
لم يتفهم زين مقصدها ، وفهمه بمعني مغاير كونها غاضبه منه وتمنعه منها ، ولكن ما رمت إليه نابعًا من رغبتها في معرفة ما سيزمع له عند ابتعادها عنه مُتعمدة ذلك ، تريد ازاحة شكوكها تجاهها وفتحت الطريق امامه ، فإذا كان بُعْدها سيجعله ينظر لغيرها ام سيعود لها ، وستدرك حينها حبه لها وستقصي حتمًا تلك الشكوك التي تثاورها……
________________________

استمرت في تدليك كتفيه بنعومة لتحسه علي التهدئه قليلاً ، فطنت هانا ضيقه اثناء الإجتماع بعد خروجها وراء زوجها ، ثم لفت يدها حول عنقه ودنت منه هامسة بنبرة رقيقة :
– أيه يا حبيبي ، هتفضل متضايق كدة .
صمتت قليلاً وتابعت بمغزي تريد كسب ثقته :
– ولا تستاهل تزعل نفسك علشانها ، هي غبية ومعرفتش قيمتك ، زي ما انا كدة عارفاها وهموت علشان افضل جمبك علي طول،
ثم وضعت قبلة علي عنقه ناعمة هيجت حواسه تجاهها ، فاستطردت هي بنبرتها الناعمة :
– نفسي تحبني زي ما بحبك ، انا بحبك قوي يا ماجد ، عايزة نكون سوا ومبسوطين يا حبيبي ، وعايزاك تنسي مريم دي خالص و…
قاطعها حين ضغط علي رسغها بقوة ، فتألمت مجبرة نفسها علي الصمت ، هتف ماجد وهو يصر اسنانه بغضب :
– انتي مفكراني عيل صغير هتضحكي عليا ، ولا مفكراني مجنون وبتلعبي بيا ، تابع بعصبية وهو يعنفها غير مكترث بوجهها المتألم وهو يلوي ذراعها :
– انا مش مجنون يا حبيبتي ، دي واحدة سبتني ولازم ابوظ حياتها ، استأنف بغل:
– مريم دي كانت السبب في اني انطرد من الجامعة ، وعملت نفسها ملهاش دعوة بده ، وكل دا علشان بعتلها رسالة اني بحبها ، راحت بلغت عني ادارة الجامعة ، ووقتها مافيش بنت كانت بتقولي لأ ، كلهم كانوا عارفين انا مين وأبقي إيه ، بس هي علشان عيلتها معروفة اتكبرت عليا ، وعلشان كده عاوزها تبقي تحت رحمتي زي غيرها ، وزيك انتي كمان ، تابع بغيظ :
– بس هي اتجوزت ، ومش هعرف اخليها تبقي معايا ، بس انا هبوظ حياتها ، وهتشوفي .
ثم دفعها بعنف فتراجعت للخلف وهي تبكي في صمت ، ورغم حديثه الفج إلا انها اشفقت عليه ، وادركت ان ما فعلته مريم سببًا في حاله التملك التي اضحي عليها ، رمقها ماجد بحقد حين نهض من مكانه وتابع بهياجه الجلي :
– يلا انا عايز أمشي من هنا .
توجهت صوبه علي الفور وهي ترتعد من الداخل ، فقربها منه وقام بتسوية شعرها المبعثر قليلاً بيديه وقال بهدوء فاجأها به :
– عايزك علي طول حلوة ، واحبك لما تسمعي الكلام ، مد ذراعه لتتأبط به وتابع :
– يلا بقي يا روح قلبي……
_____________________

ضمها من كتفها اليه بهدوء ليهدأ من روعها بعدما أخذها معه الي مغفر الشرطة ، طمأنها معتز ببعض الكلمات حتي لا يتأثر حملها بما تمر به ، فهو ليس بالهين ان تقع في ذلك الموقف الذي لا تحسد عليه ، شعرت سلمي بالطمأنينة قليلاً بعد توصية زوجها من حوله لعدم المساس بها ، ومدافعته الحازمة عنها ، نظرت له بأعين حزينة ، فابتسم معتز لها وقال مهونًا عليها :
– متخافيش يا حبيبتي طول ما انتي معايا ، مافيش حاجة هتحصلك ، ولا اي حد هيعملك حاجة ، وكل اللي ورطك انا مش هسيبه ، وبنفسي همسك الموضوع ده .
ردت سلمي بابتسامة حزينة :
– بحمد ربنا انك معايا ، انا مش عارفة ازاي فيه ناس كدة ، انا مش مصدقه اللي انا فيه ده .
معتز وهو يمسح علي ظهرها بهدوء ، رد بمعني :
– فيه ناس كتير كدة ، والحمد لله ان الست لسة عايشة ، وهتخرجي منها ان شاء الله .
سلمي محذرة إياه بجدية :
– أوعي يا معتز تقول لبابا ، دا تعبان وممكن يقلق عليا .
معتز مؤكدًا :
– لا يا حبيبتي مش هخلي حد يعرف ، انا هنا معاكي وان شاء الله ما فيش حاجة .
وضعت رأسها علي صدرها ، وقالت بحزن :
– متخلهمش يحبسوني يا معتز ، قولهم اني حامل في ابنك علشان يسبوني .
معتز ضاحكًا رغمًا عنه :
– حاضر يا حبيبتي ، شوية اجراءات بسيطة وهخليكي تروحي ان شاء الله ……..
_______________________

سلط بصره علي ذلك الجهاز متمعنًا النظر فيه، فهو جهاز خاص بكشف صوره الجنين في رحم أمه (سونار) ، لمح بحسه الأبوي طفله الذي لم يكتمل حتي الآن ، فرح امير كونه سيصبح أبًا ، ثم وجه بصره لزوجته المستلقية علي ظهرها وغمز لها بعينه ، قال لها هامسًا :
– شوفتي ابننا يا حبيبتي .
الطبيبة متدخلة :
– لسه بدري علي ما تعرفوا ولد ولا بنت .
نظر لها أمير بغيظ ، فقد كان يهمس لزوجته ، ولكنه رد عليها بابتسامة زائفة :
– عادي يا دكتورة ، اللي ربنا يجيبه .
ديما كاتمة ضحكتها ، حدثت الطبيبة :
– والجنين كويس يا دكتوره .
الطبيبة مؤكدة :
– ما شاء الله كويس ، بس لازم برضو تنتبهي علي نفسك وتهتمي بصحتك كويس .
امير وهو ينظر لديما بحب :
– متخافيش يا دكتوره ، انا مش هخليها تعمل اي حاجة ابدًا .
ابتسمت له ديما ونظرت له بحب ، فأسبل عينيه نحوها بهيام ، بينما حدقت فيهما الطبيبة لاوية شفتيها ، وكسرت تلك اللحظات الرومانسيه بنبرة منزعجة :
– اتفضلوا الروشته اهي .
انتبه لها امير ورد مغتاظًا من تدخلها الدائم :
– متشكرين لحضرتك…….
______________________

صفت سيارتها امام المبني الذي املي عليها عنوانه ، ترجلت نهلة منها ورفعت بصرها مدققه النظر في ذلك المبني ، سارت نحو الداخل متأهبه لمقابلته اليوم ، فقد طال إنتظارها كثيرًا ، فرغم انها من ستذهب إليه وبذلك لم تحظي بفرصة توقيعه مرة أخري ليستمر في القدوم إليها إلا انها لم تعطي الأمر أهمية لأنها ستبقي معه اليوم ، وحتمًا مقابلات أخري ستجمعهم .
وقفت امام باب الشقة وأعدلت من ملابسها وقامت بتسوية شعرها ، ثم شرعت في قرع الجرس ؛ فتح لها الأخير علي الفور كأنه يستشعر قدومها ، نظر لها وليد بابتسامة ودنت هي منه وأحتضنته بحرارة متمنية ان يغدقها بأكثر ، سحبها وليد نحو الداخل وأوصد الباب من خلفها ، قال بحب :
– النهاردة انا مبسوط قوي ، أخيرًا هنبقي مع بعض .
نهلة بغضب طفولي مُخادع :
– علي اساس مين اللي كان بيتحايل علي التاني .
وليد وهو يرفعها عن الارضية ، قال بتمني جارف :
– احنا هنقضيها كلام ولا ايه ، يلا علشان عاوزك .
رقص قلبها فرحًا وهتفت بشوق جلي :
– مش اكتر مني يا حبيبي .
ولج وليد بها الغرفة ثم انزلها بهدوء ، طوقت هي عنقه بدلال منتظرة ان ينهال عليها بالقبلات الحارة متمنيًا منها المزيد ، ولكن ما رأته خلفه صدمها وجعلها تتجمد موضعها ، هتفت نهلة بصدمة :
– ميــرا ……………………..……………………..………
_________________
______________
___________

 

error: