فريسه للماضي
فريســة للمـاضـــي
ــــــــــــــــــــ
دلف من المرحاض بعدما أغتسل لاففًا خصره بالمنشفة وواضعًا الأخري حول عنقه ، تطلع عليها وجدها ما زالت عابسة ومنزعجة مما حدث بينهم ليلة أمس ، وضع زين كلتا يديه علي خصره مستنكرًا ضيقها مما حدث وظل يتأملها بحيرة ، ظلت نور علي الفراش منكمشة في نفسها ولاففة تلك الملائة عليها باحكام وعلامات العبوس بادية علي تعابيرها ، أقترب زين منها وهو ينظر إليها بحيرة ، هتف باستنكار وهو يجلس بجانبها :
– هتفضلي كدة علي طول ، معقول زعلانة علشان كنا مع بعض ، أيه ..مكنتيش عوزاني .
انتظر زين ردها وهو يحدق في وجهها ، دنا منها واضعًا يده علي جبهتها وكاد ان يكمل حديثه ولكنها نفضت يده من عليها بعنف وادارت رأسها نحوه وهتف بعصبية :
– متحطش أيدك دي عليا .
دُهش زين من ردة فعلها الغير متوقعة والتي فاجئته بها ، فاعتدل قائلاً بغضب :
– قصدك ايه يا نور ، انتي ناسية اني جوزك ، واللي عملته ده حقي ، تابع بخبث :
– اللي يشوفك كدة يقول انك مكنتيش مبسوطة معايا ، اظلم عينيه واستأنف بمكر :
– ومبعتنيش ليه بقي لما أنتي مش عوزاني كدة ، سيبتيني ليه وممنعتنيش اقربلك .
اعتدلت هي الأخري وهي تلف الملائة عليها وهتف بضيق وهي مغتاظة مما تفوه به :
– انت ازاي تعمل معايا كدة ، هو دا بس اللي انت عايزة مني ، هو دا اللي بيخليك تخوني لما كنت بعيدة عنك .
فغر زين فاهه في صدمة وهتف بعدم تصديق :
– ايه الكلام اللي بتقوليه دا يا نور ، كل اللي قولتيه دا مش صح ، انتي مراتي وبحبك ، وكنتي بعيدة عني ووحشتيني ، افتكر اللي حصل بينا عادي ، انتي ليه مكبره الموضوع ، استأنف بتردد وقلبه يؤلمه مما سيتفوه به :
– انتي مبقتيش بتحبيني ، وخلاص مش عوزاني أقربلك .
اشاحت بوجهها بعيدًا عنه ولم تجب عليه ، ولم يبعد زين نظراته المدهوشة من عليها ، اغمض عينيه قليلاً وعاود النظر إليها قائلاً بقلة حيلة :
– زي ما انتي عاوزة يا نور ، لو انتي عوزاني ابعد خالص هبعد ، ولو عايزة نتطـ……
قاطعته بقوة لتفهمها ما يريده :
– لا مش عاوزة ، سيبني براحتي وخلاص .
اومأ رأسه بتفهم والتفت متجهًا لخزانة ملابسه ليرتدي ملابسه وسط نظراتها المسلطة عليه ، لم ترغب نور في انقلاب الأمور بينهم سوا انها تريد أعطاءه درسًا حتي لا ينساق فيما كان يفعله في الماضي معها ، وسيطرت علي قلبها المتألم اللذي يري لمحة الحزن في عينية ، انهي زين ارتداء ملابسه ودلف للخارج دون مطالعتها بنظرة واحدة ، شعرت نور بالحزن وسيطرت علي البكاء اللذي ستبدأ فيه ، قالت نور بحزن :
– سامحني يا زين ، غصب عني ، انا مش ضعيفة ، انا عايزة تبقي ليا علي طول ، ومتشوفش غيري مهما بعدت عنك….
______________________
وقف منتصبًا يراقب جميع السيارات المارة بأعين كالصقر مدققًا النظر في جميع الأشخاص بداخلهم ، زفر معتز بقوة خوفًا من هروبهم وقد فات الأوان في القبض عليهم ، تقدم كرم منه ووقف بجانبه غير راضيًا بالمرة علي هيئته المنزعجة لهذا الحد ، حيث تشدق كرم لائمًا إياه :
– مش كدة يا معتز أهدي ، حاول تتماسك كدة وان شاء الله هيتمسكوا .
معتر بامتعاض ونظرات غاضبة :
– انا خايف يكون خلاص هربوا برة البلد ، وقتها انا مش عارف هقول ايه لمراتي ولا حتي اهلها ، ساعتها هيقولوا اني مش قد المسؤلية ومهمل .
كرم بتفهم وهو يضع كف يده علي كتفه :
– انا فاهم يا معتز انت حاسس بأيه ، وهما هيقدروا مجهودك ، انت برضو مكنتش ساكت وبتبحث ورا الموضوع .
معتز متنهدًا بضيق ، هتف بتمني :
– مش هرتاح غير لما أقبض عليهم …
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
بنفس الكمين الواقف فيه معتز ، كانت سيارة أجرة “تاكسي” مصطفة خلف بعض السيارات لحين دورها في التفتيش ، وبالطبع كان بداخلها كل من هايدي وسامي الذي تملك الرعب قلوبهم ما ان رأوا ذلك الكمين اللذي يتفحص جميع المارين بدقة متناهية ، توجس سامي من الأمر بأكمله خيفةً من كشف أمرهم وبالتأكيد القبض عليهم ، نكزته هايدي بكوع يدها وهمست برهبة جلية :
– انا خايفة يا سامي ، دول بيفتشوا كل حاجة ، حتي شنط إيديهم .
نظر لها ومسح علي كفها قائلاً بهدوء زائف لطمأنتها :
– ان شاء الله هنعدي ، احنا مش معانا ممنوعات ، استطرد بمعني :
– أحنا نتصرف عادي ، وهما أكيد مش هيشكوا فينا ، وورقنا معانا ومش هيقدروا يكتشفوا انه مزور ، انا ياما عملت ورق ومشي حاله وكان كله طبيعي .
همست له بتمني وهي ترتجف من الخوف :
– يا رب تعدي الليلة دي علي خير ، انا مش هطمن غير لما نعدي من الكمين ده .
بدأت السيارات الواحدة تلو الأخري في التقدم للأمام لخضوعها للتفتيش الدقيق ،وعندما تقل عدد السيارات أمامهم تزداد تلقائيًا الرهبة بداخلهم ، ظلت هايدي تفرك كلتا يديها متوجسة مما سيحدث بعد قليل ، نظر لها سامي وربت علي فخذها مهونًا عليها كي تهدأ ، وأقتربت السيارة وحاول كلاهما الثبات ، سلط معتز أنظاره عليها وهي تتحرك لتقف امامه ، ثم دنا من السيارة وحدث السائق بنبرة خشنة قوية :
– هات رخصك .
كان السائق قد جهزها مُسبقًا في يده حيث أعطاها له علي الفور ، بدأ معتز في تفحصها بعناية ، لوي شفتيه للجانب قليلاً ، ورفع بصره تجاههم وشرع في التحرك صوبهم ، دنا معتز منهم وانحني قليلاً بجسده وهو يتأملهم ، هتف معتز آمرًا إياهم :
– بطايقكم.
ابتسم له سامي بتوتر وبدأ في اخراج بعض الأوراق الخاصة بهم والمزيفة ، وهم باعطاءه إياها بأيد مرتعشة ، سحبها معتز من يده بقوة وتطلع عليها بتفحص دقيق ، بعدما طالع الاوراق نظر لهم بطرف عينيه بنظرات غامضة البكتهم وجعلت هايدي تنتفض رعبًا حتي بدا ظاهرًا علي وجهها الذي تغير لونه للإصفرار، رفع معتز حاجبيه وهو يحدق فيهم بنظرات ماكرة ، وعن سامي فقد طالعه بنظرات مهزوزة ، بينما سأله معتز بحدة :
– أسمك أيه ؟ ..
رد سامي عليه متلعثمًا :
– مو…موجود ..عندك .يا سعادة البيه .
هتف معتز بانفعال وهو يصرخ فيه :
– قولت اسمك ايه ؟ .
ارتجف سامي وبدا عليه الزعز ورد بخوف :
– ر..ر..رأفت يا سعادة البيه .
زم معتز شفتيه ولم يبين ما سينتويه ، بل وجه بصره للجالسة بجانبه وسألها وهو يرمقها باستهجان :
– وانتي ، أسمك أيه ؟..
ابتلعت ريقها من حلقها الذي جف وردت بأعين مجفلة :
– نادين .
اماء معتز رأسه ثم ابتسم ساخرًا وهتف بتهكم :
– طب أنزلولي بقي .
وقف كرم يتابع ما يحدث وحدثه من خلفه مستفهمًا :
– فيه ايه يا معتز ، هما مالهم كدة ؟.
ادار معتز رأسه نحوه ، ورد باقتضاب وهي يثني ثغره بابتسامة ساخرة :
– هما .
تقدم كرم في خطواته وهتف وهو يحدق فيهم :
– انت متأكد يا معتز .
معتز بنظرات حانقة :
– ايوه متأكد ، تابع صارخًا وهو يحدثهم :
– يلا يا أخويا انت وهي ، فاكرين هتضحكوا عليا انا ، استأنف وهو يوضح سبب اكتشافه لشخصهم :
– فكراني مش هعرفك ، انا اول حاجة عملتها اني جبت صورك من المستشفي ، ثم وجه بصره اليه وتابع بسخط :
– وانت ، الست رودي كانت متوصيه بالصور معاك يا بأف .
لم يعد في اعصابهم قوة لتحملهم المزيد ، شعرت هايدي بدوار عنيف مدركة عودتها كما السابق لحياتها الضائعة ، لا بالتأكيد ستكون أسوأ فهي الآن قاتلة ، اولها عمدًا والأخري مشتركة معه فيها ، ترجل الإثنان خلف بعضهم للذهاب لنهايتهم التي رسموها بشرهم الدائم ، قاموا أفراد الأمن بوصد أيديهم بتلك القيود الحديدية ودفعوهم بقوة داخل إحدي سيارات الشرطة ، راقبهم معتز مبتسمًا بانتصار وتنهد بحبور لانتهاء تلك المسألة كما يريد ، هتف بانتشاء ونظرات واثقة :
– مش معتز اللي حد يضحك علي مراته وميجبش حقها…
___________________
دلف شركته ولم يتواني عقله في التفكير فيما حدث طوال الطريق ، سار زين متجهًا لمكتبه وهو مكفهر التعابير، أستوقفته سكرتيرة مكتبه حينما رأته وهتفت وهي تنهض متجهه إليه :
– زين بيه.
التفت زين لها ورد متسائلاً :
– خير يا سمر ، فيه اية ؟ .
ردت محاولة السيطرة علي ضيقها :
– يا فندم فيه واحد من بدري وهو بيسأل عليك ، ولما قولتله ان حضرتك لسه موصلتش ، فتح المكتب بتاع حضرتك ودخل يستناك جوه .
زين بملامح منزعجة :
– ودا مين دا اللي يتجرأ ويدخل بالشكل دا مكتبي .
ردت رافعة كتفيها للأعلي بجهل:
– معرفش يا فندم ،بس شكله أجنبي
قطب زين بين حاجبيه وزاده فضوله في معرفة مََنْ ذلك الرجل الذي دخل مكتبه بتلك الطريقة الوقحة ، فتح زين الباب ليري من، ولج للداخل وجد ذلك الرجل الأجنبي جالس ويبدو من هيئته الإنزعاج ، رآه مايكل فهب من مكانه مكيلاً لزين العديد من اللكمات الشرسة التي جعلت زين يتلقاها وهو متعجب مما يفعله دون سبب ، وبادر زين بصد بعضها لحين يتفهم الأمر وهتف بامتعاض :
– أنت أتجننت ايه اللي بتعمله ده .
استمر مايكل في الشجار معه ،وهتف بضيق وهو يكاله اللكمات:
– كيف لك ان تتقرب من صديقتي
اصاب زين هياج كلي مما تفوه به هذا الرجل حتي بدأ في صده وهو يضربه هو الآخر بعنف ،تراجع مايكل للخلف اثر تلك اللكمة العنيفة التي تلقاها منه ، واضحت المعركة ضروسة بينهم وتبادل الإثنان اللكمات لبعضهما ،رأتهم السكرتيرة ووضعت يدها علي خديها وهي تندب ، وهتفت مستنجدة:
– حد يلحقنا بسرعة ، زين بيه الراجل بيضربه .
ظلت في صريخها المستنجد بمن حولها حتي تجمهر عدد من الموظفين امام المكتب مندهشين مما يحدث ، هرع حسام اثر تلك الهتافات العالية لرؤية ما يحدث بالخارج ، وساقته قدماه نحو هذا التجمع الغفير من الموظفين ، فهرول تجاههم وحاول تخطيهم لفهم ما يجري ؛ صُدم حسام من الشجار المتبادل بين الطرفين ، ولا إراديًا تدخل لفض تلك المعركة المهلكة بينهم ، احال حسام بينهم بإعجوبة وهتف وهو يتوسطهم ومتلقيًا لبعض اللكمات العابرة :
– ايه اللي بيحصل دا يا جماعة ، اهدوا كدة وعرفوني حصل إيه.
لم يستمع الإثنان له واستمروا في ضرب بعضهما ، فاهتاج حسام مما يفعلونه ودفع ذلك الرجل الأجنبي للخلف بعنف لكي يكف عن ضرب صديقه المقرب ، هتف حسام وهو يرمقه بغضب :
– انت اتجننت ، انت فاكر نفسك أيه .
تقدم مايكل مرة أخري معلنًا عدم تركه للأمر يمر هكذا ، حدجه زين بنظرات فتاكة وبدأوا مرة اخري الشجار وحسام يحاول ابعادهم ، ولج ماجد هو الآخر المكتب مضطربًا ومدهوشًا مما يري ، وبادر ايضًا بفض ذلك الأشتباك العنيف ، رآه حسام ولم يتحمل رؤيته موجود في المكان ، لم يدري بنفسه سوا الإشتباك معه وبدأ حسام في ضربه بغيظ مفرغًا غضبه منه لوقاحته..
تعالت الهتافات بين الموظفين ، منهم المتحير في التدخل ومنهم الذي يصرخ مستنجدًا ، فأضحت الحرب بينهم اكثر عنفًا ، ومن جاؤا لفضها تناوبوا علي ضرب بعضهما .
وصل الأمن الخاص بالشركة واللذي بدأ بالتدخل علي الفور محاولين ابعاد جميع الأطراف المتشابكة عن بعضها ، وتمكنوا من ذلك واقصوا كل من ماجد ومايكل لخارج المكتب وسط هتافات مايكل المنزعجة ، وظل زين هو الآخر ، يهتف باهتياج جلي :
– طلعوا الحيوان دا برة ، مش عايزو في شركتي ، استأنف صارخًا في الموظفين المرابطين أمام مكتبه بغضب مدروس :
– كل واحد علي شغله ، بتتفرجوا علي ايه .
هرولوا لأعمالهم وسط تعنيف زين لهم ، ثم بدأ في التقاط انفاسه التي تتسارع وصدره اللذي يعلو ويهبط ، حاول زين استيعاب ما حدث قبل قليل ، ثم وجه بصره لحسام الذي يبتسم بشدة وكاد ان ينفجر ضحكًا ، فتعجب زين منه وهتف بعدم فهم :
– انت مبسوط ولا ايه ، شوفت الحيوان دا وهو جاي يتهجم عليا .
قهقه حسام عاليًا فرحًا بتأديب ذلك السمج وتنهد بحبور شديد وشعر بالأنتشاء وهو ينظر امامه بتشفي ، ظل زين يتأمله بتعجب شديد وهو يجوب ببصره هيئته الفرحة ، وجه حسام بصره اليه وتسائل حينما تذكر ذلك الرجل الأجنبي :
– مقولتليش يا زين ، الراجل دا كان بيتخانق معاك ليه .
رد وهو يرمقه بنظرات حانقة :
– انت لسه فاكر ، ايه اللي بيضحكك في الموضوع؟ .
حسام بتردد وهو يرد موضحًا :
– بصراحة يا زين مقدرتش اشوف الراجل اللي اسمه ماجد دا ومربيهوش ، كان عايزلو علقة زي دي من زمان ، تابع بارتياح شديد :
– كدة بقي انا مبسوط قوي ، حسيت اني شفيت غليلي منه .
استند زين بذقنه علي قبضة يده منصتًا لحديثه الذي اثار حنقه ، فاردف حسام بتساؤل :
– ايه يا زين بتبصيلي كدة ليه؟ ، قولي الراجل دا كان عاوز منك أيه ؟.
تأفف زين بقوة وهتف وهو يصر اسنانه بغضب :
– كمان الزفت دا جاي يتخانق معايا ويقولي ببص لصحبته ، دا انا اللي المفروض اربيه علي انه بيبص لمراتي ،استأنف بحيرة :
– بس اللي مش فاهمو لحد دلوقتي جاب الكلام دا منين.
حسام مستفهمًا بجدية قال بمعني:
– انا حاسس بسبب اللي حصل دا ممكن المشروع يتلغي من الأساس ،انت ايه رأيك يا زين ، تفتكر الموضوع دا …
قاطعه زين بحدة وهو يحدجه بقتامة :
– مايروح في ستين داهية ،هو اللي اتهجم عليا ، تابع متوعدًا :
– وانا هدفعه تمن اللي عمله دا ، ومش هسيب الموضوع دا يعدي كدا….
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وقف مايكل امام الشركة يهندم ملابسه بعدما دفعه رجال الأمن خارجًا ، ظل يسب ويلعن من بين شفتيه بأقذع الألفاظ ، ولاه ماجد وهانا التي تجري خلفه بعدما علمت بما حدث ، تقدم ماجد من مايكل واستفهم بملامح غاضبة ونبرة ممتعضة:
– هو حصل ايه مستر مايكل علشان تتخانق معاه .
رد مايكل باقتضاب دليل علي عدم رغبته في التحدث في الأمر:
– انها مسألة بيني وبينه ، استأذنك.
ثم تحرك ليستقل تلك السيارة التي حضر بها وهو ما زال يتوعد لكريستين هي الأخري واعتزم الذهاب إليها لرؤيتها علها أتت ، فهي متخفية منذ الأمس..
زفر ماجد بقوة متذكرًا ضرب حسام له ، تجهمت ملامحه وبدأ يهتاج من الداخل ، وضع ماجد يده اسفل ذقنه مخففًا من حدة الألم نتيجة لكماته العنيفة علي وجهه ، وادرك انها فرصته لفعل ذلك ، توعد ماجد في سره :
– ماشي يا حسام الـ ****، انا تمد ايدك عليا بالشكل ده ، بس اما وريتك .
لاحظت هانا الواقفة بجواره تشنجات تعابيره الغاضبة ، ورغم حبها له إلا أنها فرحت داخليًا من ألقان الاخير له ذلك الدرس الذي يجعله يبعد انتقامه من زوجته ، وربما يعود لرشده وتضحي علاقتها به كما تتمني ، نظر لها ماجد وهتف بغضب :
– بتبصيلي كدة ليه ، شكلك فرحانة في اللي حصلي .
اضطربت هانا ونفت سريعًا مُدعية الحزن لما حدث :
– ابدًا يا حبيبي ، كسر ايده اللي اتمدت عليك .
رد باهتياج جلي وهو يضغط علي قبضة يده متوعدًا :
– وانا مش هعديهاله كدة ، استأنف بامتعاض :
– يلا تعالي ، انا قربت اتشائم من الشركة دي ……..
________________________
– يعني خالو عايزك تقعد هناك.
هتفت بها ميرا بفرحة لمالك الذي أخبرها بنية خاله في العودة للإستقرار معهم كما كان من قبل .
أكد لها مالك ما سرده قبل قليل ، وهتف بنبرة ذات معني :
– انا وافقت ، بس بعد ما نور وزين يرجعوا العوامة بتاعتهم تاني ، وقتها هرجع وهقعد معاهم .
ميرا وهي تحدجه بنظرات راضية ، هتفت بثناء :
– عين العقل يا مالك ،ربنا يسعدك علي طول يا حبيبي ، وتلاقي البت اللي تحبك وانت تحبها ، انت قلبك طيب علي طول وربنا بيحبك وهيعوضك ان شاء الله .
مالك بتردد ، تنحنح قائلاً بخجل طفيف :
– انا بفكر أتقدم لسارة يا ميرا .
ابتسمت ميرا ولم تعطي تفاجئها بما تفوه به ، كأنها كانت تستشعر شيئًا ما بينهم منذ رأتها المرة الماضية بالفيلا ، ردت وهي تمسح علي ظهره بحب :
– سارة بنت رقيقة وجميلة يا مالك ، واتمني انك تبقي مبسوط معاها .
رد مؤكدًا :
– حاسس اني هعيش سعيد معاها ، لأنها بتحبني قوي يا ميرا ، وعمرها ما هتفكر تبعد عني ، او تزعلني في اي حاجة .
ضمته ميرا علي الفور لأحضانها مُدركة ما كان يمر به من وحدة قست عليه وجعلته كالمعتوه في نظرهم ، هتفت ميرا بحزن طفيف :
– ان شاء الله حياتك هتبقي سعيدة يا مالك ، قلبي بيقولي انك هتعيش مبسوط مع سارة .
تنحنح مالك وابعدها عنه قائلاً بتردد لمغايرة الموضوع :
– سيبك مني دلوقتي ، انتي ووليد عاملين ايه .
ردت بمغزي وهي تزم شفتيها :
– حلوين ، انت اللي صبرتني علي خيانته ليا ، لو مكنتش قولتلي قبل ما يواجهني هو كان زماني سيباه .
مالك بجدية :
– وعلشان كدة قررت اتكلم معاكي قبل ما هو يواجهك ، وعلشان عارف انك عصبية وممكن متسمحيهوش علي طول ، استأنف بتعقل :
– دا كان درس ليكي يا ميرا ، ولازم تتعلمي منه ، ووليد ضعف في لحظة بُعْدك عنه ، هو بيحبك ، ولو كان فعلاً خاين مكنش حكالي علي تهديدها وخيانتها ليكي ، تابع بسخط :
– مش دي برضو اعز أصحابك .
ميرا وهي تصر أسنانها بغيظ :
– وانا كنت بدخلها بيتي ، وتدخل اوضة نومي ، وبسبلها ابني ، وحتي مفكرتش في زيارتها الكتير ليا ، وقولت دي صحبتي وأكيد بتحبني ، طلعت خاينة ، ماما كان عندها حق لما حذرتني منها المجرمة دي .
هتف محذرًا بمعني :
– ومن هنا ورايح يا ميرا تخلي بالك من جوزك ، بيتك اهم حاجة عندك ، واوعي اي حاجة تشغلك عنه.
ميرا مؤكدة بجدية :
– متخفش يا مالك ، دا درس ومش هيتكرر تاني…….
_________________________
وصل زين العوامة وتفاجئ بتركها لها ،صرخ مغتاظًا من تفكيرها الأهوج في معاملتها السيئة معه ، فهو لم يبخل في اظهار حبه لها ، ودائمًا ما تقابله بعنادها وتفكيرها المدروس مما جعل حياتهم مشتتة هكذا ، حاول ضبط انفعالاته لائمًا نفسه من البداية ، فهو من أوصلها لتلك المرحلة التي تجعله موضع شك امامها ، دار في رأسه اتهام ذلك الرجل له وربط مجيئها بالأمس بذلك الموضوع ، تفهم زين الأمر سريعًا ، فحتي هذا الرجل لم يتحمل ما حدث حتي أتي إليه ، فزادت حيرته أكثر من معرفتهم سويًا بوجود علاقة ما تجمعه بتلك المرأة ، وفطن ان بالأمر شيئًا مجهول ، تنهد زين بعمق ناظرًا حوله لإنقلاب حياتهم علي حين غرة وتركها له ، وتسائل في نفسه الي متي سيظل الحال بينهم هكذا ، نظر لهاتفه الموضوع أمامه علي الطاولة الصغيرة ومد يده عازمًا علي مهاتفتها ، فقد مل من ذلك الوضع الغير مرضي.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وصلت نور بسيارتها إلي الفيلا بعدما تعمدت ترك العوامة والعودة مرة اخري ، ترجلت متوجهه للداخل ، ثم لاحظت رنين هاتفها بيدها الممسكة به ، نظرت لهوية المتصل وزمت شفتيها للجانب عندما وجدته هو ، وظنت أنه يريد مفاتحتها فيما حدث ، تنهدت بهدوء وقررت الإيجاب وردت مُدعية الضيق :
– عاوز ايه ؟.
زين بتهكم وهو يبتسم بسخرية :
– دلوقتي عرفت سبب انك تيجي انبارح بالشكل ده ، انتي ازاي تفكري اني ممكن ابص للست دي ، شوفتي بيني وبينها حاجة علشان اجبها هنا ، تابع بعصبية :
– قد كدة شيفاني خاين ، وإن ممكن اجيب حد غيرك في العوامة اللي غيرتها مخصوص علشانك ، دا أنا مفكرتش اعملها لما بعدتي سنة عني ، هفكر اعملها وأنتي معايا .
أدمعت عيناها من حديثه الصادق معها والدائم في اغداقها به ، شعرت نور بضربات قلبها التي آلمتها بشدة من قسوتها معه ، ولكن تلك الفكرة اللعينة المستعمرة لكافة أحاسيسها جعلت حياتها مستحيلة شائبة ، نكست رأسها للأسفل بحزن يكسو وجهها الصغير ، وردت بتحجر مُصطنع :
– مع السلامة يا زين ، انا عايزة ابقي لوحدي .
ثم اغلقت الهاتف لا تريد سماع المزيد من أحاديثه التي تفطر قلبها ، ظلت ضربات قلبها مع تصارع انفاسها تسيطر عليها حتي انجلي الحزن في تعابيرها ، ولجت داخل الفيلا وهي تلوم نفسها طارة وتمدحها طارة اخري ، توجهت نور لغرفتها وولجت للداخل بوجه حزين لا يريد سماع المزيد من اوجاع تفتك بها .
ولكن ما ارادته لم يحدث وزاد وضعها سوءًا عندما…
ولجت سارة خلفها وأوصد الباب وهي تحد إليها النظر بجمود ، استدارت لها نور وكادت أن تشكي همها كما كانت تفعل معها دائمًا ، ولكن جملة سارة لها جعلتها تتسمر موضعها وأذابت الكلمات من علي لسانها ، حيث هتفت بنبرة صدمتها :
– انتي ايه اللي جابك هنا تاني ، انا افتكرتك مش هترجعي .
بصعوبة شديدة أقنعت نور نفسها بأنها تريد عودتها لزوجها ، ولكن قلبها خدعها حين استكملت بقسوة لم تعهدها منها :
– مالك هيرجع يعيش هنا ، وأنا وهو اتفقنا علي الجواز ، ووجودك هنا مش كويس .
ظلت نور بدهشتها من حديث صديقة عمرها التي تغيرت معها بفضل حبها لمن كان يحبها ، وادركت غِيرتها منها ، وتسائلت في نفسها هل لهذا الحب ان ينسيها صداقة استمرت لسنوات ، خانتها عبراتها في التسارع علي تغريق وجهها وارتعش جسدها وذابت اوصالها التي باتت مُدمرة بفضل تلك المصائب التي تهتاف عليها ، نظرت لها نور بصلابة زائفة وهتفت بنبرة جعلت ساره تشعر بوخزة غائرة في قلبها وتشعر بالندم لما قالته لرفيقه عمرها :
– سيبيني لوحدي يا سارة ، وانا هلم هدومي وهمشي ، ومش هخليكي تشوفيني تاني………………….
_________________
_____________
__________