فريسه للماضي
الفصل الثانـي
فريسـة للمـاضي
ــــــــــــــــ
أعلن عن اجتمـاع هام والتموا جميعًا لمناقشـة انشاء فرع ثاني حديــث كليًا كالآخر ، ومن بين الحضور بالتأكيـد ماجد ، الذي يرمقه حسام بين الحين والآخر بانزعــاج ، غير راغبًا في شراكة أخري تجمعهم سويًا ، خاصةً عمل زوجته بالشركة وحتمًا مقابلته لها في ظروف مـا ، وانتبه لحديث زين وهو يقترح بعض الأفكار لضمان مشروع سليم و شراكة أجنبية تعينه علي التطور فيما بعد .ثم تشدق ماجد بنبرة دارسة متفهمة :
– انا اعرف شركة أجنبية اتعاملت معاها قبل كدة ..وبيتهيألي هينفعونا كتير في مشروعنا ..خصوصًا انه عايز خبرة أجنبيــة فاهمة شغلهـا كويس .
نظر له زين مبديًا اعجابه بفـكرته ووافقه :
– عندك حق ..ياريت تكلمها وبسرعة ، علشان مشروعنا
رد ماجد بعملية : إطمن وسيبلي الموضوع ده .
اوما زين برأسه وهتف بجدية محدثًا الموظفين :
– تقدروا تمشوا ، الإجتماع إنتهي .
نهض الجميع ودلفوا للخارج ، ولم يتبق سوا ماجد وحسام ، فنظر حسام لماجد ، ويقتله فضوله لمعرفة علاقته بتلك الفتاة التي ادعي فيما سبق انها خطيبته وحدثه بتردد :
– مقولتش يا ماجد ، هتجوز إمتي ان شاء الله .
نظر له ماجد باستغراب ورد بلا مبالاة :
– عادي ، ممكن اتجوز في أي وقت ، انا اللي مش حابب دلوقتي
حسام بانزعاج : وليه مش حابب ، متتجوز
حدق ماجد فيه بتعجب ، وانتبه حسام لنبرته ، وتنحنح قائلاً بهدوء زائف :
– انا قصدي يعني ليه متأخر كده ، دا حتي الجواز حلو قوي ، ثم تابع محدثا زين :
– مش كدة يا زين ، مش الجواز حلو .
زين باستنكار : دا انت من شوية كنت بتلعن في الجواز .
حدجه حسام بغيظ ، بينما كتم ماجد ضحكته ،فتحدث حسام بتوتر وهو يبرر موقفه :
– دا بس علشان بدور علي خدامة ، متعرفش خدامة يا ماجد….
_______________________
جلست علي الأرضية تلاعب ابنتها الصغيرة التي لم تستطيع الجلوس بمفردها بعد ، وحولها العابها الصغيرة التي تناسب عمرها ، تقدم منها زوجها ودنا منهما قائلاً بابتسامة محببة :
– حبايبي بيعملوا ايه .
لم تجب سلمي بينما هللت ابنته فرحه بوجوده ، وابتسم لها وقام بحملها في احضانه مقبلاً جبينها وحدثها وهو يداعب أنفها بأنفه :
– نور الصغيرة حبيبة بابا عامله ايه .
ضحكت له الطفلة وقبل هو وجنتها بحنان أبوي ، ثم وجه بصره لزوجته العابسة واستأنف بنبرة هادئة معارضًا ضيقها من التخلص من ابنهما :
– لسه زعلانة يا سلمي ، انتي بجد عايزة تنزليه .
حركت رأسها بنفي ونظرت له قائلة بهيئة كالحة :
– انا مش هنزله ، ابتسم معتز بارتياح ، فاستأنفت حديثها بجدية ذات معني :
– بس انا عاوزة أشتغل يا معتز ، انا مش متعودة علي قعدتي دي من غير فايدة ، انا كان ليا مكتبي والسنتر بتاعي .
ضم شفتاه وتجهمت تعابيره ، وسألها بحذر :
– هتشتغلي فين يا سلمي .
سلمي باستنكار: يعني ايه فين ، انت تجبلي سنتر خاص بيا.
حدق فيها معتز مضطربًا لما تفوهت به ، فرغم عيشته الراقية التي يوفرها لها ، لا يملك ما تطلبه منه ، سلطت سلمي بصرها عليه منتظرة رده ، وعندما تأخر استطردت ناظرة إليه :
– ايه يا معتز ، قولت ايه .
ازدرد ريقه ورد بتأني :
– طيب يا حبيبتي ، أعتلت السعادة وجهها ، وتابع هو بتروي :
– شدي حيلك في الحمل واللي انتي عوزاه هعمله .
اقتربت منه مُقبلة شفتيه بحب ، ورغم سعادته لذلك ، ظل ذلك الأمر هو الغصة التي غارت بداخله لتهيج اعضاءه مضطربًا مما سيحدث ان لم يوفر لها مطلبها……….
______________________
توجهت السيدة فايزة لفتح الباب ، عندما سمعت قرع الجرس ، شرعت في فتحه وتفاجئت بابنها الأصغر أمامها ، فهتفت بفرحة جلية :
– أمير ، ابني حبيبي .
ارتمي امير في أحضانها وربت علي ظهرها قائلاً بحب :
– وحشتيني قوي يا ست الكل
فايزة بنبرة حنونة : انت اللي وحشتني يا ابني .
ثم ابتعد عنها وحدث زوجته الواقفة خلفه :
– تعالي يا ديما سلمي علي ماما
اقتربت ديما بتقاعس في مشيتها وسلمت ببرود قائلة وهي تمد يدها :
– هاي يا طنط .
فايزة بابتسامة متعجبة من طريقتها :
– هاي يا بنتي ورحمة الله وبركاته .
امير متنحنحًا : ايه يا ست الكل ، هنفضل واقفين علي الباب كدة ولا إيه .
فايزة لاوية شفتيها من زوجته : لا يا حبيبي ، دا بيتك
ثم تقدموا ثلاثتهم نحو الداخل ، وكانت ترمقها فايزة بسخط من ملابسها التي لا تستر سوي القليل منها ، ثم اقترب أمير من والده الجالس وقبل يده قائلاً :
– عامل ايه يا بابا .
ممدوح وهو يربت علي كتفه : حمدالله علي سلامتك يا ابني .
ثم اعتدل أمير ، وتقدمت زوجته هي الأخري وفعلت بالمثل معه قائلة بجمود :
– هاي يا انكل .
ممدوح وهو يحدق فيما ترتديه :
– هاي يا بنتي ، عامله ايه .
ردت بابتسامة مُصطنعة : Fine
زم امير شفتيه مُدركًا الموقف وهتف بمرح زائف :
– انا جعان قوي يا ماما ، يا تري عملالنا ايه ……..
_______________________
تدللت في حديثها معه عبر الهاتف كعادتها حينما يود الاطمئنان عليها لوجودها بمفرها وهمس لها بحب :
– وحشتيني ، انا بفكر نسكن في الشركة علشان تبقي جمبي وأشوفك قدام عيني .
ضحكت نور عاليًا وردت بدلال زائف :
– قد كده بتحبني .
زين متنهدًا بحرارة : انتي عمري كله ، انتي وبس في قلبي.
نور بدلال : دا انا كنت مجنناك وانا مش واخدة بالي .
زين بحب : انا مكنتش بعرف انام من غيرك .
نور بمعني : انت معندكش شغل ولا ايه
زين بتأفف : لازم تخرجيني من المود ، تابع بخبث :
– انا هجيب اكل وانا جاي ، هيعجبك قوي .
نور بفضول : هتجيب ايه .
زين بعبث : مش هقول ، مفاجئة يا روحي .
كادت ان ترد ولكنها انتبهت لصوت الحارس من الخارج يصدح باسمها ، فاردفت لزين :
– حبيبي ، الحارس بيناديني ، هروح اشوفه عاوز ايه .
زين غامزًا : روحي ياجميل .
انهت مكالمتها ونهضت لفتح الباب لذلك الرجل ..
فتحت الباب واجابته : عايز ايه يا شوقي .
شوقي ناكسًا رأسه : فيه واحد عايز يشوف سيادتك يا ست هانم ، بيقول قريب حضرتك .
نور قاطبه بين حاجبيها : قريبي مين ده .
– انا يا نور .
قالها مالك وهو يتقدم امام الباب لتظهر هويته امامها……..
_____________________
كانت تتحدث مع أختها عبر الهاتف لمعرفة أخبارها كونها تمكث في مدينة أخري ، ولم يتسني لها رؤيتها سوي مرات قلائل ، وحدثتها محمسة إياها علي خطوتها تلك :
– برافو عليكي يا سلمي ، انا افتكرت انك خلاص ، نسيتي كيانك وحبك لشغلك .
سلمي محتجة : انسي ايه ، شغلي دا حياتي ، وبعدين معتز وافق انه يشوفلي سنتر .
مريم بتساؤل : هتشتغلي عند حد يعني .
سلمي بنفي : لا طبعًا ، معتز هيشتريلي واحد .
مريم باستنكار : هو معتز فيه يشتريلك سنتر ، تابعت بجدية :
– اوعي يا سلمي تكوني بتهدديه ، هو هيجيب سنتر منين ، دا غالي جدًا .
زاغت سلمي في تفكيرها ، وادركت عدم مقدرة زوجها لتنفيذ طلبها ولعنت غبائها وردت متأففه بضيق :
– طيب يا مريم ، هبقي اكلمك بعدين ، أصل الحمل تاعبني قوي
مريم بتفهم : طيب يا حبيبتي ، خلي بالك من نفسك ،
ثم اغلقت الهاتف ووجدت زوجها محملقًا فيها ، فنظرت له بضيق قائلة بملامح عابسة :
– بتبصلي كده ليه .
حسام بانزعاج : عماله تديها في نصايح ، طب انصحي نفسك الأول ، واهتمي بجوزك الغلبان دهون .
نظرت له بتقزز وردت بسخط : وناقصك ايه ان شاء الله .
حسام بضيق : ناقصني…….
قطع جملته شخصًا ما علي الباب يقرع الجرس ، فتأففت قائلة :
– ومين ده اللي هيجلنا .
نهض حسام قائلاً : هروح أشوف مين .
توجه حسام للباب وفتحه ،ثم تجمد مكانه فجأة محدقًا بتلك الفتاة الواقفة امامه ، ثم مرر بصره متفحصًا اياها كليًا ، وازدرد ريقه من هيئتها الجريئة ..
لاحظت مريم غيابه ونهضت لتري من الطارق ، ثم وجدته مسلطًا بصره علي أحد ما ، فتقدمت من خلفه وامالت رأسها للجانب لتري من ، وصدمت من رؤيه فتاة ما شبه عارية تقف امامه ، فتجهمت ملامحها ، ثم نظرت لزوجها الواقف امامها وحدجته بضيق ، واقتربت منه مغلولة من نظراته نحوها ، وقامت بلكزه بقوة من ظهره ، وتلقائيًا تقدم للأمام بضع خطوات حتي سقط في احضان الفتاة ، فقفز قلبه من مكانه وهتف بفرحة عارمة وهي متشبثًا بها :
– احسن حاجة يا مريم عملتيها من ساعة ما اتجوزنا………
_____________________
جلس مالك علي الأريكه واضعًا ساقًا فوق الأخري وهو يرمقها بنظراته الغير مفهومة ، ثم جاب ببصره المكان متفحصًا إياه ، وابتسم ساخرًا من رغبتها في العيش في مكان كهذا ، نظرت نور إليه منتظرة ان يعلن عن سبب زيارته الغير متوقعة والتي ربما ينزعج زوجها منها ، فنظر لها مالك قائلاً بمكر :
– هو ده المكان اللي كان بيجيب فيه البنات .
اشتعلت نور غيظًا مدركة انه يثير استفزازها لتفضيله عليه ، وردت بجدية :
– جاي ليه يا مالك ، وعاوز ايه ؟ .
مالك وهو يخرج علبه سجائره وقداحته ، ليشعل واحدة :
– انتي معندكيش خدامين هنا .
نور بتأفف : لا معنديش .
اشعل سيجارته ونفث الدخان عاليًا واردف بسخرية :
– بتغِيري عليه .
هتفت نور بنفاذ صبر :
– قول يا مالك عاوز ايه قبل زين ما يجي ، انا مش عاوزة مشاكل .
اثني ثغره بتهكم ورد بحقد فتاك ، جاهد علي عدم اظهاره ونبرة ماكرة تثير الريبة :
– متأكدة انه بيحبك ،وانه نسي البنات اللي كان يعرفهم .
ازدردت ريقها ونظرت له بأعين زائغة ، وتفهمت غِيرته ورغبته في ابعادها عنه ، ولكن ما تفوه به لم تجد ردًا عليه ، نظر هو له بنظرات قوية واثقة قادرة علي هلك تلك العلاقة وعازمة علي بذل اقصي جهوده في انهاءها ، حدقت فيه نور ورسمت ثقة زائفة قائلة :
– زين بيحبني ، وبيعمل علشاني اي حاجة ، تابعت بمعني :
– وعمره ما هيعرف البنات دي تاني ، لأن انا معاه ، وأحسن من اي بنت كان يعرفها .
انفجر مالك ضاحكًا محاولاً زعزعة فكرها وتوتر مفهومها ، ونجح في ذلك في تعبيرات وجهها التي تحولت للانزعاج ، واردف بخبث :
– انتي مصدقة كلامك ده .
لم تتمالك نفسها حتي نهضت وهتفت بصوت حاد :
– أتفضل من غير مطرود ، انا جوزي زمانه جاي ، ومبحبش اعمل حاجة تزعله .
اشتعل الغيظ بداخله ، ولكنه ظل محتفظًا بقناع الثقة أمامها ، ونهض هو الآخر قائلاً بنبرة معاتبة :
– انا مش عارف انتي بتعامليني كدة ليه ، واتغيرتي معايا ، ومتنسيش يا نور أني أبقا ابن عمتك ، وعيب لما تطرديني من بيتك ، بس انا مش زعلان منك ، ثم اقترب منها قليلاً واستأنف وهو يطالعها بنظرات عاشق :
– وكل ده علشان بحبك ، وانتي وبس اللي في قلبي .
نظرت له نور غير قادرة علي إيجاد ردًا لتطاوله معها ، وتنهدت بارتياح حين رأته يخرج امامها ، وتتبعته بشرود جلي ، فقد بث سمه في اعماق في فكرها ، واقنعت نفسها بحب زوجها الذي دائمًا ما يظهره في قربه منها ، وحدثت نفسها بغيظ :
– مهما عملت ، هو بيحبني وانا بحبه ..
______________________
لاحظ صديقه شروده التام في الإجتماع الذي انتهي قبل قليل ، وود معرفه ضيقه الذي طرأ عليه ، لذلك نهض كرم من مقعده ليجلس بجانبه ، وتنحنح قائلاً :
– خير يا معتز ، فيك حاجة .
نظر له معتز ورد بتردد : لأ مافيش .
كرم بعدم اقتناع :
– أزاي؟..انت طول الإجتماع وانت مش معانا وسرحان كدة ، زي مايكون فيه حاجة مزعلاك ، ربت علي ظهره وتابع بنبره هادئة جدية :
– قولي يا معتز فيه ايه ، مش يمكن أقدر أساعدك .
تنهد معتز بعمق ورد بقلة حيلة :
– مراتي عوزاني أشتريلها سنتر للألعاب الرياضية ، وانت عارف حالتي ، متسمحليش بده .
تفهم كرم ضيقه وزم شفتيه بتفكير ، ورد بتعقل :
– طيب ما تقولها ، وأكيد هتعرف ظروفك وتقدرها ، انت يعني هتجبلها منين .
حرك معتز رأسه متحيرًا في أمرها وتحدث بمعني :
– انا عارف هي كانت عايشة ازاي ، بس انا مش هقدر اوصلها للمرحله دي ، ومش ذنبي اني حبيت واحدة بالمستوي بتاعها.
كرم بتفهم شاعرًا بمدي معاناته :
– هدي نفسك انت يا معتز ، وان شاء الله هتتحل من عنده .
نظر له معتز بملامح حزينة ، فاستأنف كرم بنبرة جادة عملية :
– لازم تصحصح كدة علشان تفوق لشغلك ، وللمهمة الجديدة اللي داخلنها دي ، دول تجار مخدرات علي مستوي عالي وعايزين تخطيط مدروس علشان نخلص منهم .
معتز بنبرة عملية : انا مصحصح ..وان شاء الله العصابة دي هتقع في اقرب وقت………..
______________________
لم تعطي ميرا الأمر أهمية ، بزيارات صديقتها المتواصلة لها ، ولم تشعر بمدي المكر المُضمر بداخلها ، ورغبتها في الإقتراب من زوجها ، تجرأت نهله وولجت غرفة نومها وأدعت رغبتها في حمل الصبي لحبها الزائف له ، وفرحت ميرا وتحدثت بجدية :
– انا هنزل اجيب الببرونة بتاعته ، زمانه جعان .
نهله بابتسامة مُصطنعة : اتفضلي يا حبيبتي .
دلفت ميرا للخارج ، بينما تمشت نهله في الغرفة حاملة إياد ، وتوجهت صوب خزانة الملابس وفتحتها بكل جراءة متفحصة ملابسه الموضوعة بداخلها ، وبوقاحة مدت يدها وألتقطت كنزته ووضعتها علي أنفها مستنشقة رائحته الرجوليه فيها ، وأغمضت عينيها راغبة في الاقتراب منه ، وبدون سابق إنذار ولج وليد غرفته ورآها بحالتها تلك ، فنظر لها بخبث مضيقًا عينيه ، وشعرت هي بوجوده وادارت رأسها نحوه ، فأضطربت ووضعت ملابسه سريعًا ، بينما اقترب منها متفهمًا حالتها ، وأقتربت هي الأخري ، ثم وقفت أمامه وأدعي هو الامبالاة مما رآه قائلاً :
– هاتي اياد أما أشيله ، وحشني قوي .
اقتربت منه لتعطيه الصبي ولكنها اقتربت هي متشوقه لقربه منها ، ووضعت يدها علي صدره بحركة مغرية لحسه علي نيتها في الاقتراب منه ، واقتربت متمنية لتقبيله وشعرت بارتجافة غير قادرة علي السيطره علي مشاعرها أمامه ، استشعر وليد مدي رغبتها فيه وحاول الصمود أمامها ، ولكنها باغتته باقترابها الشديد لينهار امامها ، ولكن دخول ميرا عليهم احال تلك اللحظه ، ونظرت لهم بعدم فهم من ذلك الإقتراب ، وكانوا هم الأسرع في الإنتباه لها ، واضطربت نهلة ومثلت أنها تعطيه الولد وحدثته بتوتر :
– اتفضل الولد أهو ..
تناوله وليد منها محاولاً السيطرة علي انفعالاته ، واقتربت ميرا منهم ، واستطردت نهلة حديثها بتلعثم وهي تلتقط حقيبتها :
– انا ..همشي بقي ..يا ميرا .
ميرا باستغراب : انتي مقعدتيش حاجة .
نهله بابتسامة زائفة : اصلي افتكرت اني عندي مشوار مهم ..استأذن انا .
ثم هدجت للخارج عاجلاً ، ثم وجهت ميرا بصرها لوليد الذي حدثها:
– خدي الولد ، أنا هدخل اغير هدومي .
أخذت منه الولد وزمت شفتيها بلا مبالاة ثم ذهبت لترضع صغيرها ….
____________________
التموا حول مائدة الطعام المليئة بجميع الأصناف الشهية والمعروفة في مصر ، نظر لها أمير بحماس قائلاً :
– تسلم إيدك يا ست الكل ، انا حاسس اني النهاردة هاكل اكل بجد .
نظرت له ديما عابسة الهيئه ومستنكرة حديثه في تناول مثل تلك الأطعمة المشبعة بالزيوت والدهون والكربوهيدرات العالية ، بينما ردت عليه والدته بفرحة :
– بالهنا والشفا يا حبيبي ، انا لو كنت اعرف انك جاي النهاردة كنت عملت اكتر من كدة .
تناول امير الطعام بشهية مفتوحة وبدأ في التهامه وهو يتلذذ في طعمه ، ونظرت له ديما بوجه كالح متقززة من حبه الجارف لذلك الطعام ، وانتبهت لها فايزة وحدثتها لاوية شفتيها :
– مبتكليش ليه يا حبيبتي ، الأكل مش عاجبك .
ديما بابتسامة مصطنعة : اصلي ما ليش في الأكل ده .
فايزه بتهكم : اومال ليكي في ايه .
رد امير وهو يلوك الطعام بشراهة :
– اصلا بتحافظ علي رشاقتها يا ماما
فايزة بنبرة مستهزئة :
– رشاقة ايه يا بنتي ، دا انتي معصعصة ، شوية عضم علي لحم .
ضحك امير عاليًا قائلاً بتأكيد : عندك حق يا ماما .
حدجته ديما بنظرات مغتاظة ، فغمز لها بأنه يمزح فقط ، بينما تابعت فايزة في نفسها بنبرة ساخطة :
– الله يكون في عونك يا بني ،دي معضمة قوي ، انا عارفه انت بتعمل……….، اقول ايه بس يا دي الوكسة .
بعد قليل انتهي امير من تناول الطعام وتحدث بصوت رخيم :
– الحمد لله ، انا اكلت كتير قوي .
فايزة بحنان أمومي : بالهنا والشفا يا ابني ، مطرح ما يسري يمري .
ثم نهض من مقعده وتمطي بذراعيه ، ونهضت ديما هي الاخري قائلة :
– انا هروح ارتاح شوية ، اصلي جاية من سفر ، عن إذنكم .
تتبعتها فايزة لاوية شفتيها للجانبين ، بينما تنحنح امير قائلاً :
– انا كمان يا ماما هخش أرتاح شوية .
ممدوح بتساؤل : مش هتلعب معايا طاولة .
امير واضعًا يده علي بطنه : معلش يا بابا ، الأصل الأكل كابس علي معدتي ، وهخش اريح شوية .
فايزة بابتسامة محببة : روح يا ابني ارتاح براحتك .
ثم توجه للغرفة ، وولج للداخل ناظرًا لزوجته المستلقيه علي الفراش ، وتقدم منها بابتسامة فرحة وهتف بمغازلة :
– الجميل قاعد كدة ليه .
نظرت له بالامبالاة ، ودنا هو من الفراش وجلس عليه واستند بكوعه مقتربًا منها ، ثم مرر يده الأخري علي عنقها ، وأستطرد بنظرات خبيثة متشوقة :
– انا النهاردة واكل اكل كله فيتامينات ومخليني واحد تاني ، وعايز ……
زمت شفتيها وتأففت ، بينما اقترب منها راغبًا في تقبيلها ، وهمس لها : انتي دمك تقيل ليه ، مش واحشك انا .
كادت ان ترد ولكنه انحني برأسه آخذًا قبلة عميقو متلهفة من شفتيها ، وسرعان ما تجاوبت معه متناسية ضيقها من ذلك الوضع الجديد عليها ، وأجلت الحديث معه لوقت آخر……..
____________________
حاولت جاهدة إزالة أي اثر لوجوده قبل ان يأتي زوجها ، فهي تعلم مدي ضيقه اذا علم بقدومه ، تنهدت نور بارتياح ونظرت حولها متفحصة المكان بنظرة أخيرة ، وانتبهت لدخول زوجها وركضت نحوه وطوقت عنقه قائلة :
– حمد الله علي السلامة يا حبيبي .
قبل جبهتها ورد :
– الله يسلمك يا حياتي ، ثم ابعدها قليلاً ورفع شيئًا ما بيده قائلاً بمرح :
– يا تري انا جبت ايه ؟ .
نور وهي تفكر : بيتزا ..
حرك رأسه نفيًا واردف بخبث :
– جبت جمبري ..انا عارف انك بتحبيه .
نظرت له مضيقة عينيها وردت بنبرة مغتاظة :
– طبعًا علشان مصلحتك جايب جمبري .
زين مدعي البلاهة :
– أخص عليكي يا حبيبتي ، انتي مخك راح فين .
لوت شفتيها بتهكم واشاحت بوجهها ، فابتسم لها وضمها اليه قائلاً بحب :
– اسف يا حبيبتي ، تابع غامزًا :
– علشانا احنا الأتنين .
ابتسمت بخجل ، وقطع حديثهم طرقات علي الباب ، فتوجست نور من عودته مرة اخري ، بينما ذهب زين لفتح الباب وجده الحارس ، فقال بتساؤل :
– ايوه يا شوقي .
شوقي ماددًا يده بعلبه سجائر :
– البيه اللي كان هنا كان بعتني اجبله سجاير .
صُدم زين من قدوم أحدًا هنا وشرد لوهله بعقله ، واستدار بجسده كليًا ناحيتها وسألها بتعجب :
– مين اللي كان هنا يا نور؟ …..
وقف مالك بسيارته بعيدًا متطلعًا علي العوامة بنظراته الثاقبة ، وابتسم بخبث لإتمام مخططه ، ثم ادار سيارته وهو يدندن ببعض الأغاني معلنًا سعادته في تنغيص حياتهم ……………………..
_______________
___________
_______