رواية خلقت لأجلك
الحلقة 30 من خلقت لأجلك
بقلم ايمان عبد الحفيظ
Flash back …
خرج مسرعا من الشقة .. الغضب يظهر جليا على ملامحه .. بسبب افعالها التى تجعل الاخرس ينطق .. لماذا فجأه تقترب و فجأه تصبح بعيده للغايه عنه .. ركب سيارته صافعا الباب خلفه.. انطلق بسرعه كبيره للغايه .. صدع صوت رنين هاتفه .. نظر للهاتف فوجدها عمته .. زين بهدوء ( صباح الخير يا عمتى .. ) .. حنان بقلق ( انت كويس يا ابنى .. ) .. زين بابتسامه ( كويس .. ) .. حنان بقلق ( انت فين دلوقتى ؟؟؟. ) .. زين باستغراب ( رايح الشركه .. ليه فى حاجه ؟؟.. ) .. حنان بتوتر ( ٱٱه .. لا .. لا .. ٱٱٱه ..) .. اثار دهشه زين توتر و قلق عمته .. زين بترقب ( مالك يا عمتى ؟؟.. فى حاجه مضايقاكى .. ) .. حنان باندفاع ( زيين .. بلاش تروح الشركه النهارده .. ) .. زاد قلقه بل انقباض قلبه .. لانه حاول الوقوف بالسياره .. و لم تفف .. ضغط على الفرامل بكل ما اوتى بقوه .. لكن لا حياه لمن تنادى .. لن تتوقف السياره .. جاهد ليخرج صوته واثقا ( عمتى .. معلش مضطر اقفل .. ) .. اغلق الخط دون انتظار اى رد منها .. كل ما استحوذ على تفكيره .. هو اعترافه لها بأنه فعل بها ذلك لحمايتها .. ان يعترف لها انه يعشقها .. يعترف انه يتنفسها بل هى تتدفق داخل عروقه .. هو يعشقها منذ نعومه اظافره .. امسك هاتفه ليطلب رقمها .. لم يكد يسمع صوتها .. حتى اندفع قائلا ( فرح .. اوعى تنسى فى يوم انى عملت كده علشانك .. علشان احميكى .. علشان انا بحبك .. ) .. شعر بأن قلبها يتدمر من الخوف عليه .. لم يصدق اذنه .. حين قالت و صوتها دامع ( و انا كمان بحبك يا زين .. ) .. ثم نظر امامه ليجد شاحنه نقل امامه .. لم يكد ينطق شاهدته ..كان يأمل ان يضغط على زر الاغلاق لكنه لم يستطع.. ارتطمت سيارته بالشاحنه بطريقه عنيفه .. ادت على انقلاب السياره داخل الشاحنه و هو بداخلها .. كانت رأسه مصتدمه باللوح الزجاج الامامى للسياره .. رأسه تنزف دما كثيرا .. و لسوء الحظ فتح جرح صدره و بدأ بالنزيف .. غاب هو عن الوعى .. و الحشود تجمعت حول سيارته لانقاذ ذلك الرجل الذى بين الحياه و الموت …
Back …
صرخت بقهر ( زييييييين .. ) .. لن يبتعد و يتركها .. لا لا .. من المستحيل ان يموت .. بالتأكيد انها مزحه .. لا لا لا .. صرخت بهستريا ( زيييييييين .. لا لا بلاش استهبال .. رد عليييييا . يا زيييين .. متسبنيييش .. ) .. لم تعد لديها قدره للتحمل .. سمعت اصوات كثيره .. و صوت شيئ يكسر .. حاولت تدقيق السمع لكن كلها همهمات غير مفهومه .. سمعت صوت قطع اى امل بداخلها للنجاه .. هو صوت الرجل مار يصرخ لكى يساعده الناس لأخراج الشاب الذى ينزف دمآ بالسياره .. الرجل بصراخ ( ساعدونى .. ده بينزف من صدره و رأسه اتفتحت فى الازاز .. يا ناس .. ) .. وقع الهاتف من يدها .. ظلت تنظر للامام بفراغ .. ثم شعرت بسيل من مشاعر البغض و الكراهيه يتدفق داخلها .. تجاه الرجل الذى يود حرمانها من الشاب الذى دق قلبها له .. تحولت ملامح الذعر و الخوف .. الى غضب و كراهيه .. تجاه الذى قتل والدها و ابنه .. احيانا مع الموقف تموت شخصيتنا لتخلق شخصيه جديده بكره و حقد للانتقام …
انقبض قلب حنان من اغلاق زين الخط بوجهها .. لاحظت انه من الثانيه للاخرى تغير صوته .. اصبح مهزوز .. بل غير طبيعى .. التفت الى يزيد الذى ادرك ان اخاه التؤام فى مصبيه .. قالت بفزع ( فى حاجه مش طبيعيه يا يزيد .. زين صوته مش طبيعى .. ) .. حاول الهدوء و التفكير قليلا .. لكنه لم يستطع .. لم يستطع التركيز على شيئ واحد .. اكثر من شيئ يدور فى باله .. فرح و اين هى ؟؟.. زين و ماذا حدث معه ؟؟؟.. اغمض عيونه ليحدد اولياته .. الاولى الان فرح فربما زين لم يخرج من المنزل .. يزيد بسرعه ( يلا يا ماما على بيتهم .. ) .. حنان بخوف ( يلا .. ) .. خرج كلاهما بأقصى سرعه ممكنه .. تم الوصول الى شقه زين .. شكر يزيد ربه انه يحمل نسخه من مفتاح الشقه . قد اعطاه له زين احتياطيآ .. حنان بزهول ( انت جبت المفتاح ده منين يا يزيد .. ) .. يزيد مسرعا ( اخدته من زين .. هو قالى خليه معاك علشان لو فى ورق او اى حاجه ضرورى .. ) .. فتح يزيد الباب .. فخرجت شهقه من حنان .. حين رأت ابنتها فى نفس الوضعيه .. جالسه تنظر للفراغ .. دموعها تسقط بهدوء على وجنتيها دون الشعور بأى شخص من حولها .. حنان بفزع ( فررررح .. بنتى مالك يا حبيبتى ؟؟.. ) .. لم تجبها بل لم تشعر بوجودها مطلقا .. يزيد بصراخ ( فررررح .. ردى علينا .. انتى كويسه .. و فين زيين ؟؟.. ) .. لم ترد مجددا .. خبط يزيد على وجنتها برفق عسى ان تكف عن التحديق بالفراغ .. لكن لا لم تفعل .. وقف و اتجه الى المطبخ ليحضر زجاجه مياه مثلجه .. لحسن الحظ بالنسبه له وجد زجاجه مياه مثلجه للغايه .. اخذها و توجه مسرعا الى فرح .. فتح الغطاء و سكب جميع محتوايات الزجاجه على رأسها .. شهقت هى بغيظ .. قال هو بعصبيه ( علشان تصحصحى معايا .. فين جوزك .. ) .. رجعت ملامحها للذعر مره اخرى .. قالت بفزع ( زييين .. زيييين ) ..
كان الجميع يتحرك مثل خليه النحل .. فها هو ذلك الشاب بين الحياه الموت .. كان جسده موضوع على الترولى .. تركض بها الممرضات الى غرفه العمليات لانقاذ حياته .. و من لا يعرفه و هو من ضمن احدى العائلات المهمه فى البلد .. الممرضه ١ ( بسرعه يا بت .. ده لو مات عيلته هيودونا فى داهيه .. ) .. الممرضه ٢ ( ياختى على مهلك ما هو كده كده هيموت .. انتى مش شايفه نزف كتييير ازاى .. ) .. الممرضه ١ ( و لو ده مش شغلك يعيش و لا يموت .. انجزى يلا .. يخربيت برودك .. قال ملاك الرحمه قال .. ) .. فتح عيونه بصعوبه .. يحاول رؤيه ما يحدث حوله .. لم يرى غير ضباب ضؤء المشفى المزعج بالنسبه له .. اغمض عينه محاولا فتحها مجددا .. لكنه لم يقدر .. دار فى عقله كل الذكريات .. طفوله فرح .. اصرارها بأنها تعشق عامر .. مرحه مع يزيد طوال دراستهم .. مون مهاب .. حنان عمته .. سفر فرح و بعدها عنه .. تغيره لاجلها .. عشقه لها .. ما فعله من خده حتى تصبح زوجته .. و اخيرا اخر ما فعله معها احتضانه لها قبل الخروج للعمل .. و ووقت الحادثه التى لم يجد مكابح السياره لم يجد ما يفكر به سواه هى .. فأخذ منها اعترافها بأنها تحبه .. فى هذه اللحظه توقف قلبه عن الخفقان فى جهاز التنفس الذى اصدر ذلك الصوت المزعج الذى يعلن فقدان المريض .. الطبيب جاسر ( يا نهار اسوووود .. بسرعه يا هناء هاتى الجهاز علشان اعمله صدمه كهرباء .. ) .. مزق الطبيب قميصه الملطخ بالدم .. و بدأ فى عمل الصدمات الكهربائيه له .. عسى ان يرجع للحياه حتى لا يفقد جميع من بالمشفى عملهم فهو زين احمد يونس النجارى .. ظل ذاك الطبيب الشاب يقوم بعمله .. حتى اخيرا عادت نبض القلب على الجهاز .. تنفس الصعداء بفرحه .. شعر به يهمهم كلام غير مفهوم ..فاقترب برأسه ليستمع الى ما يقوله .. جاسر باستغراب ( بيقول ايييه ؟؟.. ) .. سمعه يقول بٱلم ( ف..فرح ) .. ارتسمت ابتسامه هادئه على ملامحه .. لانه يهذى بأسم معشوقته فى اللا وعى …
فى تلك اللحظه كان يزيد و فرح و حنان .. فى السياره جميعهم فى الطريق الذى يؤدى للشركه .. الطريق الذى يسلكه زين يوميا للذهاب الى مقر الشركه .. لم تفهم كلا من حنان او فرح ما يفعله يزيد .. لذلك قالت فرح بقلق ( يزيد .. انت ماشى فى طريق الشركه ليييه ؟؟.. احنا بندور على زين ) .. يزيد محاولا الهدوء ( فرح زين بيمشى كل يوم من الطريق ده .. يعنى لو حصلت حادثه زى ما انتى بتقولى .. يبقى لازم تكون حصلت على الطريق ده .. و من سؤء حظ جوزك انه يعشق الطرق الهاديه .. و يبقى كويس لو لحقه .. ) .. انقبض قلب فرح بقوه .. خوفا عليه .. ظلت تدعى بقوه ان يحميه الله لها .. تساقطت دموعها و هى تتضرع الى الله .. قالت ببكاء ( يت رب احميه ليا .. يا رب و انا عمرى ما هزعله ابدا .. با رب رجعه ليا .. يا رب انا حبيته .. ) .. خرجت من دعاءها على صوت بوق السياره الخاصه بيزيد .. نظرت امامها فوجدت اناس كثر متجمون حول شيئ ما .. لم تنتظر بل ركضت خارج السياره .. ازاحت جميع الناس الذين يعترضون طريقها حتى وصلت للنهايه .. السياره الخاصه به .. حولها ذلك الشريط الاصفر الذى يمنع اى شخص من التحرك لموقع الحادث .. نظرت ببكاء الى السياره .. وجدتها هى سيارته بلوحه الارقام .. اختنقت انفاسها .. شعرت بأنه لا احد بالمكان سواها .. لم تعد ترى شيئ سوى السياره التى اصبحت مثل قطعه الصلصال حين تعبث بها .. حاولت ان تقترب لكن الجميع يمعنها من ضباط و عساكر .. اجهشت بالبكاء حين وقع نظرها على تلك الدائره البيضاء التى تحيط بهديتها .. ذلك القلم التى اهدته اياه وجدته محاط بالدائره البيضاء .. انحنت بجسدها لتأخذه و تضمه لقلبها .. بكت بحرقه عليه و على ما وصلت اليه حالتهم .. بكت حين تذكرت قبلته لها يوم تم عقد قرانهم .. حتى اتى يزيد و حملها للسياره و هى ممسكه بالقلم كإنه اخر امب تبقى لها .. ثم ركب يزيد ليتوجه الى عنوان المشفى الذى اخذه من الضباط …
ظهرت علامات الدهشه على وجهه و هو يطالع حماه حمدى .. امام باب غرفته .. حرك بصره بين الداخل و نادين التى تلعب على مشاعره و والدها الذى امامه .. حمدى بحرج ( عاوز اتكلم معاك .. ممكن ادخل .. ) .. هز زياد رأسه .. قال بابتسامة خفيفة ( اااه .. طبعا اتفضل .. ) .. دخل حمدى على استيحاء شديد .. اتسعت حدقتى الطرفين .. نادين و والدها .. والدها حين وجدها تجلس بثياب زياد .. فعلن ان كلام جوليا صحيح بل ربما تكون نادين نسيت تربيتها .. ماذا تفعل فى غرفه شاب اعزب .. و ترتدى قميصه فقط .. كاد ان يتوجه اليها ليصفعها و يعلمها الادب من البدايه .. لكن وضع زياد يده على كتفه .. قال بهدوء و نظرات تحذره من تجاوز الحدود ( انا اتجوزت نادين .. يعنى اللى بتفكير فيه ده غلط .. ) .. ابتلع حمدى ريقه بخجل مره اخرى .. كيف يهمل ابنه الى تلك الدرجه .. لدرجه ان تتزوج دون ان تخبره .. لعن الله تلك الغشاوه التى كانت تضعهت زوجته الحرباء .. تجاهلت نادين مشاعر الفرحه بداخلها .. لانه اتى و يسأل عنها .. قالت ببرود مصتنع ( خييير .. جاى تأخد حق مراتك منى .. و لا جاى تتهمنى انى سافله و مش متربيه .. و لا جاى تقولى ابعدى عننا و عن حياتنا .. ) .. زياد بتحذير ( نادين .. احترمى نفسك و لمى لسانك ده برضوه ابوكى .. ) .. نادين بسخرية ( طبعا ما انت لازم تقف فى صفه .. علشان الرجاله بتحامى لبعضها .. ) .. زياد مهددٱ ( ناااادين .. ) .. صمتت هى على مضض خوفا من ان يتهور عليها امام والدها .. فتوجهت الى الغرفه و اغلقت الباب خلفها بعنف .. زفر زياد بضيق .. ثم قال بهدوء ( اتفضل يا حمدى بيه .. ) .. جلس حمدى و نظرات الندم تأكله .. قال بحزن ( انا اسف على اللى حصل بسببى ليها و بسبب كرستين .. ) .. زياد بغيظ ( و الله اللى حصل ده بينك و بينها انا مليش دعوه .. ) .. حمدى بخجل ( انا عاوزك تساعدنى علشان تسامحنى .. ) .. زياد بخفوت ( مش لما تسامحنى انا الاول ..) .. حمدى بعدم فهم ( بتقووول اييييه ؟؟ ) .. زياد بابتسامه ( لا و لا حاجه .. اتفضل كمل .. ) .. حمدى بهدوء ( انا جاى علشان ارجع بنتى لحضنى بعد ما اخدت حقها من كرستين .. ) .. زياد بعدم فهم ( مش فاهم .. ازاى ؟؟.. ) .. حمدى بهدوء ( انا طلقت كرستين.. ) .. سمعت نادين هذه الجمله .. فصرخت بزهول ( ايييييه !!!…)
جاءت اللحظه الحاسمه .. تقدمت بخطوات متلهفه للوصول الى غرفه العنايه المركزه .. ترقرقت الدموع مره اخرى .. وضعت يدها على الزجاج الذى يفصل بينهم بحيث اصابع يدها فوق رأسه .. شعرت كأنه تتحس ملامح وجهه لاول مره .. تساقطت الدموع و هى لا تشعر بها .. قلبها يحترق .. ينكوى بنار جهنم .. اللعنه على الم الحب الذى يحرقها و يسلخها بناره و عذابه .. اصعب شعور ان ترى من دق قلبك له فى وضع حرج بل يقترب من الموت و انت تقف مكتوف الايدى .. تشعر بأنك عاجز تماما .. هكذا كانت تشعر .. لقد اكتشفت اليوم مقدار عشقها له .. فليرجع هو فقط و الباقى عليها .. فليعود ليضئ حياتها .. فليبقى ليكملا حياتهما سويا .. لكن هل من الممكن .. منظره و الاسلاك متصله بكافه انحاء جسده .. و الكسور .. و جرح صدره .. و رأسه المضمده .. تأوهت بألم و تمنت بداخلها ان تكن هى مكانه الان .. بل تمنت ان تعود ليله البارحه لتخبره كم هى تعشقه .. اخرجها من كل ذلك صوت باب العنايع يفتح و يخرج منه الطبيب جاسر .. يزيد بتلهف ( خييير يا دكتور .. اييييه اللى عنده .. ) .. حنان ببكاء ( هو كويس .. هيعيش يا دكتور .. ) .. جاسر بابتسامه بشوشه ( بالراحه يا جماعه .. هو هيبقى كويس ان شاء الله ..) .. ثم استطرد يشرح بأسف ( هو بس عنده شويه كسور و كدمات فى جسمه كله .. غير الجرح اللى كان فى صدره بس ده مع الاسف كان بسيط و حالته اتدهورت بس مقدور عليه .. و بالنسبه للنزيف اللى كان فى المخ .. الحمد لله وقفناه .. بس هو حاليا فى غيبوبه .. ) .. حنان و يزيد بصدمه ( غيبوبه .. ) .. جاسر بهدوء ( يا جدعان احمدوا ربنا .. واحد غيره كان زمانه اتكل على الله من زمن .. ) .. ابتسم يزيد بهدوء لانه يعلم ام الطبيب يحاول التخفيف من قلقهم و خوفهم .. لفت نظر جاسر تلك الفتاه ذات الشعر النحاسى .. التى تقف و تنظر بدموه الى جسد الشاب الذى بالداخل .. استنتج ان تلك هى فرح .. توجه اليها .. قال بابتسامه هادئه ( بيحبك على فكره .. ) .. فرح بدموع ( يا ريتى قولته لما كان معايا .. يا ريت .. ).. قالتها و هى تقبض على القلم الذى اهدته اياه .. قال بابتسامه بشوشه ( هيجى وقت و تقولى يا مدام .. بس صدقنى هو بيحبك فعلا لان اول اسم قاله اسم فرح .. ) .. نظرت اه بدهشه ممزوجه بفرحه ممزوجه بأمل .. ضحكت و دموعها تسقط .. هى يحبها .. قالت بدموع ممزوجه بالضحك ( يا رب رجعه ليا … ) .. جاسر بابتسامه بشوشه ( هيرجع .. ان شاء الله هيرجع .. ) ..
ايمان عبد الحفيظ