رواية خلقت لأجلك

الحلقة 31 من خلقت لأجلك
بقلم ايمان عبد الحفيظ


التفت ذلك الطبيب صاحب الوجه البشوش ليغادر .. قائلا بمجامله ( عن اذنك يا مدام .. ) .. فرح بسرعه ( لو سمحت يا دكتور .. ) .. جاسر بهدوء ( ايووه.. ) .. فرح بترجى ( ينفع اشوفوه شويه .. عاوزه ادخله .. ) .. جاسر بأسف ( لا مش هينفع .. ) .. تلألأت الدموع فى عيونها العسليه .. فشعر بالحزن عليها .. ااااه هو يقدر ٱلمها الان .. طالما ابدع نجوم السينما فى العالم لتمثيله .. لكن الالم الحقيقى لا يشعر به سوى الذى عانى منه .. هو دائما ضعيف امام قصص الحب .. و خصوصا القصص التى تفرض نفسها .. مثل زين النجارى و فرح عز الدين .. اؤمأ رأسه بابتسامه خفيفة ( تمام .. بس ٥ دقايق مش اكتر علشان صحته .. ) .. هزت رأسها بفرحه شديده.. كأنها طالب اخذ نتيجه تعبه او طفل يأخذ المال للاجل العيد .. قالت و هى تمسح دموعها برقه ( متشكره جدا .. جدا يا دكتور .. ) .. نادى هو بصوت عالى نسبيا ( هنااااء.. ) .. اتت الممرضه بزيها الوردى اللون .. هناء بانصات ( نعم يا دكتور .. ) .. جاسر بثبات ( خدى المدام .. و جهزيها تدخل للمريض اللى جوه .. بس ٥ دقايق مش اكتر. . ) .. اؤمات برأسها بتفهم .. اخذت فرح لتجعلها ترتدى تلك بعض الملابس المناسبه لدخولها العناية .. وضعت كمامه للأنف على انفها .. دخلت العنايه بصحبه هناء الممرضة .. انقبض قلبها لرؤيته على تلك الحاله .. لمستها مشاعر متعدده .. خوف . قلق . حنين . حب . رغبه . ٱلم .. تساقطت دمعه من عيناها. فمسحتها مسرعه بطرف اصبعها .. هناء بهدوء ( ٥ دقايق بس لو سمحتى .. ) .. اؤمات فرح برأسها بدموع .. خرجت لتتركها و هى ترتجف مثل الورقه الخضراء التى تواجه رياح فصل الربيع .. اقتربت بخطوات مرتعشه من فراشه.. شهقت بقوه و هى ترى تلك الجروح التى تغطى انحاء جسده .. و صدره المحاط بالقطن و الشاش .. جسده الموصل بالاجهزه .. و صوت دقات قلبه الذى يؤلم قلبها .. وضعت يدها على فمها لتكتم شهقاتها .. امسكت يده .. انحنت بجسدها قليلا حتى تطبع قبله رقيقه على يده.. قالت بابتسامه متٱلمه ( انا عارفاه انك سامعنى .. و عارفه انك عملت كل ده فيا علشان تحمينى .. بس كنت بتقل عليك .. اقسملك بالله انا كنت ناويه اقولك نعيش سوا .. بس انت سبتنى و جيت هنا .. زين بالله عليك متسبنيش.. انا مليش حد غيرك .. ماما و يزيد حاجه و انت حاجه تانى .. انت اللى عشت عمرى كله و انا بحبك .. عشت عمرى كله و انا بدعى نتجمع انا و انت تحت سقف واحد و تكون جوزى و حبيبى .. و النبى يا زين متسبنيش .. و انا اوعدك عمرى ما هعمل حاجه تضايقك و لا هتصرف اى تصرف غبي بس و النبى ارجعلى .. ) .. ثم اجهشت بالبكاء لألم قلبها الذى يتضاعف و هى لاؤل مره تحادثه و لا تجد اجابه .. اى كان ما فعله بها هى تسامحه .. فمن يحب يسامح .. رفعت جسدها قليلا لتقبل جبهته .. همست بدموع ( انا بحبك يا نصى التانى .. يا بابا اللى بتحمينى .. اوعى تبعد عنى .. ) .. سقطت دمعه من عيونها على عيونه لتلاحظ ارتجاف جفن عيونه .. فحدقت به بدهشه .. فشعرت بأصابع يده تضغط بوهن على كف يده .. قالت بعدم تصديق ( زين .. انت .. انت .. سامعنى . ) .. لم تجد اجابه .. بل زاد ضغط اصابعه على كفها قليلا .. فقالت بفرحه ممزوجه بدموع ( زيييين .. ) .. ثم صرخت بأعلى صوتها بفرح و دموع ( يا دكتور .. زييين فاق .. يا ناس زييين فاق .. ) .. عادت اليه و هى تلمس جبينه و شعره الاسود الكثيف بأصابع كفها الرقيق .. قالت بدموع ( كل حاجه هتكون كويسه .. و هنرجع نعيش مع بعض يا حبيبى .. ) .. شعرت به يهمهم .. او يتحدث .. فاقتربت .. لتجده يقول بصوت خافت جدا ( بحبك يا فرح .. ) .. فرح بدموع ( و انا بحبك .. ) .. تجمعت الحشود حول غرفه العنايه نتيجه صراخ فرح .. جاسر باستفسار ( فى ايييه يا مدام .. ) .. فرح بهستيريا ( فاق .. فاق يا دكتور .. ) .. شعر بأنها ليس فى كامل وعيها .. او فقدت عقلها .. فقال بهدوء ( طب اتفضلى بره .. علشان افحصه .. ) .. خرجت فرح و هى تأمل ان يكون استعاد وعيه .. لكنه بعد دقائق خرج الطبيب جاسر .. قال بهدوء ( هو لسه فى الغيبوبه ) .. فرح بزهول ( ايووه .. بس هو اتكلم و مسك ايدى .. ) .. جاسر بابتسامه هادئه ( يبقى كده هو اتجاوب معاكى مش اكتر .. لكن هو لسه فى الغيبوبه .. ).. حنان بحزن ( يعنى هو فاق و لا لا ؟!.. ) .. جاسر بابتسامه ( دى علامه خير انه فاق و اتكلم .. بس الله اعلم هيفوق امتى بس المريض احيانا و هو فى الغيبوبه بيحس و بيسمع كل حاجه حواليه. . ) .. هو شعر بها رغم مرضه .. اعترف بحبها حتى و هو مريض . حارب الٱلم ليستفق من غيبوبته.. ليخبرها بحبه ..


كان يجلس فى الحانه .. يشرب الخمر ببذخ .. كأنه فى احتفال سعيد للغايه .. كأنه فاز بمنصب رئيس .. كانت تجلس على قدمه فتاه ترتدى فستان نارى احمر قصير .. ذو فتحه صدر واسعه تبرز مفاتنها .. كانت تضحك بخلاعه تثير اشمئزاز البعض .. لكنه كان يقهقه مع كل ضحكه تضحكها تلك العاهره .. قالت الفتاه بخلاعه ( بيبى .. بلييييز قوم نرقص .. ) .. عامر بثقل رأسه ( هههههه .. قومى انتى شويه .. و انا هاجى وراكى .. ) .. قامت الفتاه و هى تتعمد المشى ببطء حنى تثير غرائزه بلا اى خجل او حياه .. رجعت اليه لتضع يدها على وجنته .. و تطبع قبله خفيفه على شفتيه .. همست بنظرات ذات معنى ( انت تؤمر يا باشا .. ) .. ثم توجهت الفتاه الى الدى جى .. طلبت منه اغنيه لتحرك جسدها عليها .. اخلت ساحه الرقص من اجلها .. القت بحذاءها ذو الكعب العالى بعيدا .. صعدت حافيه القدمين .. تتمايل بجسدها امام الجميع لتجعلهم معشوقين لها لا ليس لها بل لجسدها .. اما هو كان يود قضاء ليلته احتفالا بنصره على زين .. لكنه وجد والده يقتحم المكان .. مصطفى بعصبيه ( انت قاعد هنا نايم على روحك .. و الدنيا بره مقلوبه .. ).. عامر ببرود ( ليييه اللى حصل .. ) .. مصطفى بعصبيه ( حاولوا يقتلوا زين .. ) .. عامر بهدوء ( ما فى ستين داهيه .. ) .. مصطفى بعصبيه ( نعم يا خويا .. مينفعش يموت .. لانه لو مات كل حاجه هتخرب .. انت ناسى انه هو اللى ممشى كل الشغل و الناس بتتعاقد معانا لانه داهيه فى شغله .. ده لو مات بيوتنا تتخرب .. ) .. عامر بسخرية ( و هو انت معاك حاجه علشان تضيع .. انسى .. و بعدين انا اللى موته .. فى داهيه .. ) .. مصطفى بزهول ( انت اللى بعت ناس يموتوه .. ) .. عامر بسكر ( ايووه .. علشان خد كل حاجه .. خد فرح و خد الفلوس و الشركه .. ) .. مصطفى بعصبيه ( مكنش فى داعى تقتله .. ) .. عامر بسخرية ( محسسنى انك عمرك ما قتلت .. ده انت موت اخوك .. ) .. سيطرت ملامح الدهشه و الزهول عليه .. لانه لم يكن على علم بمعرفه والده بما فعله منذ السنين .. مصطفى بزهول ( انت كنت عارف .. ) .. عامر بضحك ( من زماااان .. ده انت ابليس ينحنى ليك .. تقتل اخوك .. ) .. حاليا تسرب له الشعور بالذنب و ولده يتهمه بأبليس .. ولده يضيع بسبب الحقد الذى زرعه فيه من صغره .. سوف يفقد كل شيئ اذا لم يتصرف بسرعه ….


صرخت بزهول ( طلقتها .. ازاااى و امتى .. ليييه و فين ؟؟..) .. حمدى بهدوء ( بعد لما مشيتى على طول .. ) .. نادين بسخرية ( لييه بقى .. ما هى كانت بتسلى وحدتك .. كرستين هانم .. ) .. حمدى بحزن ( يا بنتى .. انا عمرى ما كنت قاسى عليكى .. انا يمكن كنت مهمل فيكى .. لكن عمرى ما هسمح لحد يجيى على كرامتك اى كان ميين هو .. ده انتى بنتى.. و حياه هاله يا نادين سامحينى .. ).. هو محق لم يكن يوما قاسى عليها .. بل هو دائما عطوف و حنون .. من الممكن ان يكون مهمل بها لكنه يحبها . ربما السبب كرستين التى اقحمت نفسها فى المنتصف بينهم .. نادين بتوتر ( طيب انا عاوزه افكر .. ) .. ابتسم زياد بهدوء .. لانه مدرك انها سامحته لكنها تريد ان تعلم والدها معنى الابوه.. حمدى بزهول ( انتى بتفكرى فى ايييه ؟؟.. بتفكرى تسامحى ابوكى و لا لا ؟!.. ) .. نادين بهدوء ( و الله ده .. افرض سافرت و سبتنى تانى .. افرض اهملتنى تانى .. ) .. حمدى بغيظ ( طيب يا نادين .. فكرى .. فكرى ) .. قالها و هو يتوجه ناحيه بابا الغرفه .. فلحقه زياد مسرعا .. قال بصوت منخفض ( نادين سامحتك .. بس عاوزك تتعذب شويه .. ) .. ابتسم له حمدى بهدوء .. بينما ارتسمت ملامح الغضب على وجه زياد .. بسبب معامله نادين الفظه مع والدها .. رجع الى الغرفه بعد رحيل والدها .. زياد بعصبيه ( كم مره يا نادين .. نقول اسلوبك ده غيريه .. ) .. نادين بعصبيه ( و الله ده اسلوبى و انا حره فيه .. و محدش ليه دعوه اغيريه و لالا .. ).. زياد بغيظ ( يا بت انتى. هبله و لا ايييه نظامك .. انا جوزك يعنى اهدى شويه .. و اتكلمى بهدوء .. علشان مش عاوز اعدل رقبتك بطريقتى .. ) .. نادين بسخرية ( هاهاهاها .. يعنى هتعمل اييه مثلا .. ها .. ما تر… ) .. لم تكمل جملتها .. بسبب جذب زياد لها من ذراعها .. زياد بهمس ( عرفتى .. هعمل ايييه .. ) .. ازداد احمرار وجنتيها .. و عقد لسانها لم تعرف بما تجبه .. فقالت بتلثعم ( ٱٱه .. ٱااا .. اوعى يا ز.. ززياد .. ) .. زياد بابتسامه ( لا يا بت .. لا و كمان قلبتى بنوته و بتتكسفى لا لا .. ) .. نادين بسخرية ( ليييه كنت راجل .. ) .. زياد بضحك ( لا يا حبيبتى .. كنتى عاوزه تتعلمى الادب .. ) .. نادين بغيظ ( ده اللى هو ازاى ؟؟.. ) .. اقترب منها اكثر .. ليطبع قبله على وجنتها .. لتشهق هى بخجل .. فابعدته بعصبيه ( انت قليل الادب .. ) .. زياد بضحك ( لا قله الادب بعدين .. ) .. ثم استطرد قائلا بخبث ( لا و بمزاجك كمان .. ) … ركضت من امامه .. و الخجل يكسو ملامحها .. لكنها مع ذلك سعيده بحبه لها …


اقترب الغروب .. بأشعه الشمس البرتقاليه.. و هى ما زالت واقفه على اقدامها .. تنظر له بشغف من خلف زجاج غرفه العنايه المركزه .. تنظر له بأعين دامعه .. تشتهى وقوفه من الفراش .. تشتهى سخريته عليها .. تشتهى تحكمه بها .. تشتهى ان يقبلها مثلما فعل البارحه .. تشتهى ان تدفن نفسها بحضنه .. لم تلحظ هى الضابط الذى كان جالس يأخذ اقوال يزيد و حنان .. حتى جاء دورها .. الضابط بهدوء ( مدام فرح .. ) .. فرح و هى تمسح دموعها ( نعم .. ) .. الضابط بهدوء ( انا الرائد حسام .. من قسم شرطه المعادى .. تسمحيلى اخد اقولك فى اللى. حصل .. ) .. اؤمات برأسها بدموع .. قال بترقب ( الاستاذ زين طلع امتى من البيت .. ) .. فرح ( مش فاكره ..فى حدود 8 و نص .. ) .. حسام بترقب ( طيب .. اخر مكالمه كانت متسجله على موبايل زين بيه .. كانت ليكى انتى .. ) .. فرح بدموع ( مضبوط .. و اعتقد ان وقت الحادثه هو نفس وقت لما الخط قفل .. ) .. حسام بهدوء ( مضبوط يا فندم .. بس سؤال زين بيه كان ليه اعداء فى الشغل .. ) .. فرح بنفى ( لا معتقدش .. بس الموضوع ده يفيدك فيه يزيد مش انا .. ) .. حسام بترقب ( طيب بتتهمى حد بمحاوله قتله .. ) .. فرج بحقد ( بتهم عامر مصطفى عز الدين .. ) .. حسام بزهول ( ميييييين ؟؟.. مش ده ابن عم حضرتك ..) .. فرح بهدوء ( ايووه .. و حاول يقتل جوزى اييه المشكله .. ) .. اؤما حسام برأسه من دون فهم اى شيئ .. ربما هناك مشكله بين افراد العائله .. لكن ما بيده الان القاء القبض على عامر …


بقلم ايمان عبد الحفيظ

error: